المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعجاز في ...


لبلبوني
11-23-23, 03:15 AM
حبستْ أنفاسي غوريلا صغيرة تبوس سائحًا بحركة بطيئة أنهكته بالتبويس تدور حوله وتبوس أخطأ المكان لربما أو ربما جلس قاصداً ضِفَّةَ محميَّتِها وما أدرك نتيجة جهل العبور من ضفة لأخرى وكأنما انطبق عليه المثل المصري حتروحي فين ياشمس من قفا الفلاح أقصد من خد السائح المدلَّى كشحمة أو كإلية هكذا اعتاد السُّيَّاحُ هذه المشاهد فاغتنموها فرصةً للتربُّحِ من وراء مشاهدتها وأعني الساحر صاحب العدسة الساحرة كلاهما سحرة فجرة أقَّتَا زمن التصوير بالساعة البيولوجية للبشرية ودرَّبَاهم عليه كرجل آليٍّ يسير بتوجيه مُخِّهِ وعينِهِ أعني المصوِّر وسيشهد عليه جمهوره كما سيشهد الرُّسُلُ على أُمَمِهِم ( وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ) ولطالما رعى الأبوان أبنائهم بالفول والجبن والأرز والدجاج وبقية المأكولات كل ذلك أعني غذاء الجسد لسد الجوع لا أكثر وغفلا عن غذاء المخ ونماء تلافيفه وتقويتها وتغذيتها وأوّل إشارة إلى مكمنه أحادي الكربون أي عنصر الـ ( c ) يكون مستقلاً لا مُتَّحِدًا مع مثيله وجدوه في العنب الفاكهة السهلة اللعاق الحلوة المذاق بعضهم يسفُّه كحبيبات حلوى وبعضهم يَرْكُمُهُ في قبضته بعد أن حوَّلَهُ إلى كُتْلَةٍ مُتَمَاسِكَةٍ ويلتهمه وكل طريقة لها ذُوَّاقُها مثل ما أن لكل مسكن سُكَّان فإنه لكل فرج ناكٍ وأعني ذائقة الآكل وطعم حبة العنب فالذي يعتاد أكله مساءً سيعتاده صباحًا وسيلذ له لأن المخ بلغ من الجوع ما بلغ وقلت مرة في البلغ أقصد بلاغة الشعر :
آهٍ من الآلام حين غزاتها *** روحي وأنفاسي ولدغة من لدغْ
قلبي يئن ويشتكي مما بِهِ *** الضَّربُ جاء على الوجيعة لا الرَّسغْ
لهفي عليه إذا العِداةُ تآَمَرُوا *** والكُرْهُ عُمِّرَ بالذَّخيرة واندبغْ
صاروا كمن بلغوا النهاية فانتهوْا *** ما فيهُمُوا أبدًا ذَكِـيُّ إذا بلغْ
إلا الخليّ من الجهالة فاهتدى *** حيث البغاة شِبَاهُ إلَّا مَنْ نبغْ
عجبًا شِبَاهُ وفي الفروق كما *** يتزقزقُ العصفور زقزقةَ الوزغْ
فهذا الذي أسميناه السَّاحر المخ دَرَّبَ سُيَّاحَهُ المشاهدين كمن يدرِّب أسَدَ السِّرْكِ مُصَوِّبًا نَظَرَاتِهِ نَاحِيَةَ مُدَرِّبِهِ استعدادا لمشاهدة صيد سمكة ضاع جرَّائها وقتٌ طويل يجرُّها كجر جرّار شجرة ليقلعها من جذورها مع احتمالية انفلاتها أي السمكة فتنفلت معها مشاعر متجاذبة إلى أن يتكشف جسدها اللذيذ المُزركش بالألوان فتستضيء الوجوه كالمصابيح مستهلة بها فتخرج فجأة هامورةً وزنها كوزن شاةٍ من ذوات الظِّلْفِ أي الحافر المشقوق مضى على عمرها زمن طويل ثُمَّ يسرِّحها بلا مبررات أي السَّمكة ما هذا العبث البشري في البحث عن لقمة عيشه وإلا فمن يفوِّتْ لُقْمَةً أعني قَضْمَةً تُشْبِعُ قبيلةً ثم يتصدَّق بها كلها لا ببقيتها على قِرْشٍ شَرِسٍ جريءٍ في قتال مَنْ مَدَّتْ له يَدٌ لُقْمَةً بلا سِنَّارةٍ لكنها الإثارة تزيد عدد المشاهدات فتزداد الحالة الرقمية في صفحته المستمرة في البث ثم تزداد المقاطع المسجلة ثم يزداد افتراسه هو لأعين المشاهدين فلا تنفكُّ عين الكاميرا ولا العدسة تنفكُّ من تصنُّمها أمام أيِّ واقعة من وقائع الحياة وكلِّ غرائبها لِتُجَمْهِرَ المتابعين والمحبون يرغبون الجديد وقيل لكل جديد لذة وكل لذة تبلى ولا تبقى فهي إذن يا سادة عدسة الكاميرا التي غلبت كل قوي وجديد في التقنية عدا إعجاز اكتشفته وحدي يوم أصبت بنتوءات داخل جفن ناحية الجنب كل ما أطبقت حاولت أصوِّرَها ما استطعت حاولت ألف عدستي بحركات سريعة حتى تظهر أمامها محاولا تطبيق قاعدة نظرية من نظريات السرعة لأنشتاين أو الدوران السريع كسرعة الصاروخ للعجلة ليظهر سيرها معكوسا لأتلَذَّذَ بمشاهدة الكدمة السوداء المظلمة داخله كذبابةٍ عَجَزَتْ محاولاتي كلَّها وسيعجز كل ساحر أقصد مصوِّرٍ تصويرها أو على أقل تقدير مشاهدتها .


محمد الشعلان

عطاء دائم
11-23-23, 07:58 AM
مقالة رائعة
يعطيك العافية اخي
يختم ل3 ايام مع التقييم

الْياسَمِينْ
11-23-23, 11:17 AM
مقالة رائعة تمنحنا الفرصة لتصور
ما وراء عتمته وغموضه ...
بعض وقائع النص تبدو واقعية
ولكن عناصر صياغتها تحيلنا إلى الوقوف قليلًا
عند مساحات واحتمالات ورؤى تكرّر على امتداد النّص
أحببت جدّا هذا النّص وراق لي كثيرا:81:

Loner
11-24-23, 02:10 PM
يعطيك العافية لبلبوني :رحيق:


SEO by vBSEO 3.6.1