المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حق الاختلاف


الْياسَمِينْ
11-23-23, 02:57 PM
لكل زمان أوهامه التي يبتدعها أناس وصلوا إلى حافة اليأس، بعد نضال مرير لا جدوى منه، أو أناس ارتاحوا إلى الكسل، وآثروا أن يعلقوا أخطاءهم على مشاجب الآخرين، أو أرادوا أن يحملوا أوزارهم إلى من يتوهمون أنه يخلصهم من الآثام التي اقترفوها…
بداية لابد من القول كما ذكرت في مكان ما ، أن الاختلاف حق مشروع، وهو مبدأ الحياة وأساسها، فلولا الاختلاف لما كان هناك تطور للحياة، بل لما كان لها استمرار
فاختلاف الجبل - مثلا- في ارتفاعه عن الأرض المنبسطة وعن الوديان، يساعد على تحريك الرياح، ودفعها وتغيير درجات الحرارة، وتدفق السيول، وجريان الأنهار، وما يتبع ذلك كله من سلسلة من أشكال الاختلاف والتغير، ومثل ذلك اختلاف الليل والنهار، والصيف والشتاء، واليابسة والبحار، والذكر والأنثى في الكائنات كلها من حيوان ونبات وإنسان، وقد أكّد ذلك كله الكثير من الآيات القرآنية الكريمة …
ولولا الاختلاف لما تطورت العلوم والنظريات ولظل كل شيء ساكنًا على ما هو عليه، ولفسدت الحياة، ومن ذلك مثلا اختلاف أرسطو عن أستاذه أفلاطون، فقد كان الأستاذ صاحب فلسفة مثالية، تقول بأن المعرفة تنبع من الذات في تأملها، كما تقول بأن الفنون والآداب هي محاكاة للواقع الذي هو محاكاة للمثال، وقد خالفه التلميذ فقال: بأن المعرفة تنبع من الواقع من خلال البحث فيه والتجريب، وبأن الفنون هي محاكاة لواقع، دون النظر إلى المثال، أو التفكير فيه، ومثلهما في الاختلاف ( هيغل) وماركس، فقد كان هيغل فيلسوفًا مثاليًا قال بتأثير الفكر للواقع، واختلف عنه ماركس فقلب المقولة، وجعل الواقع المادي هو الأول وقال بتأثيره في الفكر …
وفي عالم الآداب والفنون كانت الكلاسيكية في القرن السابع عشر هي المسيطرة على الآداب ولا سيما في فرنسا، وهي تقول بسيطرة العقل والبعد عن العاطفة والخيال، وتؤكد ضرورة وحدة النوع الأدبي، فلا يجوز مزج المأساوي بالملهاوي، وتدعو إلى التأنق في الأسلوب وكان من أبرز أعلامها في المسرح ( كورني) وراسين ، وجاءت من بعدها الرومانتيكية لتختلف عنها الاختلاف كله، فتنادى بالخيال المجنح، وجموح العاطفة، والانطلاق في رحاب الطبيعة الجميلة، بدلا من تقليد الآداب والفنون القديمة على نحو ما نادت الكلاسيكية…
ومن ذلك أيضا اختلاف يونغ عن أستاذه فرويد ، فقد قال فرويد باللاشعور الفردي، وجعل الليبيدو مقتصرًا على الدافع الجنسي وبه فسر التاريخ والعبقريات، وخالفه يونغ فقال بالاشعور الجمعي ووسع من مفهوم الليبيدو وجعله شاملا لأشكال مختلفة من اللذة، الجنس أحدها …
والأمثلة بعد ذلك على الاختلاف في العلوم والآداب والتاريخ والفلسفة كثيرة لا حصر لها ، هي التي تشكل في الواقع تاريخ تطور الفكر الإنساني…

ولكن ما طبيعة الاختلاف؟ وما دوافعه ؟ وكيف يكون ؟ وما أنواعه؟ وهل هو بنّاء دائمًا ؟
ومن الأسئلة التي طُرحت عليّ من قبل إحداهن …

إن لدى الذات الفردية دائمًا دافعين مختلفين، الأول دافع الاتفاق مع الآخر، والثاني دافع الاختلاف معه، وكلا الدافعان موجودان، وهما في حالة من الصراع الدائم، فالفرد يميل أحيانا إلى الاتفاق مع الآخر، كي يشعر بالانسجام مع الواقع الذي حوله والاتفاق معه، وهو شعور يمنحه الإحساس بالطمأنينة والراحة ، ويدرك أنه ليس وحده، وأنه قوىٌّ بالآخرين…

والفرد هو نفسه يميل أحيانًا إلى الاختلاف مع الآخر، كي يشعر بذاته، ويحس أن لديه وجوده الخاص به، وأنه مستقل عن الآخرين، وأنه ذو كيان متكامل، وهو إحساس يمنحه الشعور بالفخر والعزة والزهو، ومن هناا يأتي الفرد بأفعال ترضي الآخرين، كي يمنحوه حس الانتماء إليهم، والارتباط بهم، ويشعر نحوهم بالولاء، فيطمئن ويرتاح، وهو نفسه يأتي بأفعال تثير غضب الآخرين، ونقمتهم، كي يشعر بالتميز عنهم والاختلاف وهو شعور يثير لديه الإحساس بالعظمة والعبقرية …

ولربما طغى أحد الدافعين على الآخر، وبرز أكثر منه في بعض الأفراد، كطغيان دافع الاختلاف عند شخصيات الأدباء والشعراء والفنانين والعباقرة المبدعين…
مثال على ذلك طرفة بن العبد في العصر الجاهلي، فقد ثار على قبيلته، ورفض عاداتها، وكان له تفرده، وكان يسره ذلك التفرد، ويفخر به، ومن ذلك قوله :

ومازال تشرابي الخمور ولذتي
وبيعي وإنفاقي غطريفي ومتلدي
إلى أن تحامتني العشيرة كلها
وأفردت إفراد البعير المعبد

ومن ذلك أيضا المتنبي الذي كان يبحث عما هو غريب ونادر في لهجات القبائل العربية، فيبني عليها شعره، حتى يشغل به الناس،. هو يعي ذلك، ويفخر به فيقول :

أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جرَّاها ويختصمُ


بقلم الياسمين

ابووعبدالله
11-23-23, 08:39 PM
الدكتوره الرائعه ..
ياسمين الحمود...
ابداع والله من البدايه للنهايه...
وجبة ادبيه ثقافيه فلسفيه رائعه...
الاختلاف " حق" وواقع" وسنة من سنن الله الكونيه تسري علي الكل منذ فجر البشريه وحتي يومنا هذا...
اغلب الناس تميل لرأي الاكثريه والقله تميل للأقل لان ثلاث ارباع الناس متوسطة الذكاء و" دلوخ" والباقي بين عباقره واصحاب ذكاء عالي يميزون العبقري العظيم من الذكي والبسيط..!!
ايضا لدي علماء الاجتماع مصطلح يطلق عليه العقل الاجتماعي بمعني ان الناس الذكي والعبقري و" الدلخ" تتفق لاتختلف بأن هدفها بعد الموت هو النجاة من النار والفوز بالجنه فالهدف واضح ولايحتاج لتفكير..!
اما في كثير من الامور فهناك مايطلق عليه "سلوك القطيع" وهنا يظهر الاختلاف جليا بين الاصناف التي ذكرتها لك
فالناس لاوقت لديها للتأمل والتدبر والتفكر واكبر مثال علي ذلك " نسبة" متابعي مشاهير الفلس فهم اكبر مثال حي " لسلوك القطيع" يستغلهم المشهور " الفارغ" والتاجر " الذكي"..!
عموما..ومع مرور السنين ...والتقدم لنهاية العالم..
تزداد الفجوه ويقل الاختلاف ليس لأنهم علي صواب بل لأن الناس يزداد جهلها اكثر ف اكثر..!
الحديث بشكل عام عن " الاختلاف" بمعناه الشمولي السلبي والايجابي.!

حاس اني ثرثرت واجد وان شاء الله علي " سنع":icon10:
كل ماتقدم بلاتنقيح من الصدر.. للسطر..

وعذرا ان شرررقت وغررربت لكن الموضوع وصاحبه يستحقون الحضور ..

ودي وعظيم امتناني لك ياسمينتا العزيزه

رومانس

الْياسَمِينْ
11-23-23, 09:01 PM
الدكتوره الرائعه ..
ياسمين الحمود...
ابداع والله من البدايه للنهايه...
وجبة ادبيه ثقافيه فلسفيه رائعه...
الاختلاف " حق" وواقع" وسنة من سنن الله الكونيه تسري علي الكل منذ فجر البشريه وحتي يومنا هذا...
اغلب الناس تميل لرأي الاكثريه والقله تميل للأقل لان ثلاث ارباع الناس متوسطة الذكاء و" دلوخ" والباقي بين عباقره واصحاب ذكاء عالي يميزون العبقري العظيم من الذكي والبسيط..!!
ايضا لدي علماء الاجتماع مصطلح يطلق عليه العقل الاجتماعي بمعني ان الناس الذكي والعبقري و" الدلخ" تتفق لاتختلف بأن هدفها بعد الموت هو النجاة من النار والفوز بالجنه فالهدف واضح ولايحتاج لتفكير..!
اما في كثير من الامور فهناك مايطلق عليه "سلوك القطيع" وهنا يظهر الاختلاف جليا بين الاصناف التي ذكرتها لك
فالناس لاوقت لديها للتأمل والتدبر والتفكر واكبر مثال علي ذلك " نسبة" متابعي مشاهير الفلس فهم اكبر مثال حي " لسلوك القطيع" يستغلهم المشهور " الفارغ" والتاجر " الذكي"..!
عموما..ومع مرور السنين ...والتقدم لنهاية العالم..
تزداد الفجوه ويقل الاختلاف ليس لأنهم علي صواب بل لأن الناس يزداد جهلها اكثر ف اكثر..!
الحديث بشكل عام عن " الاختلاف" بمعناه الشمولي السلبي والايجابي.!

حاس اني ثرثرت واجد وان شاء الله علي " سنع":icon10:
كل ماتقدم بلاتنقيح من الصدر.. للسطر..

وعذرا ان شرررقت وغررربت لكن الموضوع وصاحبه يستحقون الحضور ..

ودي وعظيم امتناني لك ياسمينتا العزيزه

رومانس

الراقي ابووعبدالله :: مساؤك شهد وليلتك طيبة
شكرا لمرورك المميز ولرأيك المهم ,, ولمشاركتنا الراي
وانحناءة طويلة أمام هذا الرد القيم الذي لونت أهم النقاط
ثرثرتك تجيب العافية

لك تقديري واحترامي :ah11:

همس المشاعر
11-24-23, 04:04 AM
حق الاختلاف هو حق كل إنسان في أن يكون مختلفًا عن الآخرين في الأفكار، والسلوك، والقيم، والصفات، والخصائص. يشمل هذا الحق اختلافات الفرد في الدين، والعرق، واللون، والجنس، والجنسية، والتوجه الجنسي، والقدرات الجسدية والعقلية، والميول الشخصية، وغيرها.

يستند حق الاختلاف إلى مبدأ المساواة بين جميع البشر، بغض النظر عن اختلافاتهم. فكل إنسان له الحق في الاحترام والكرامة، بغض النظر عن آرائه أو معتقداته أو سلوكه.

يلعب حق الاختلاف دورًا مهمًا في بناء مجتمعات أكثر تنوعًا وازدهارًا. فالتنوع الثقافي والمجتمعي يساهم في إثراء الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ويعزز الابتكار والتقدم.

هناك العديد من الأمثلة على حق الاختلاف في حياتنا اليومية. فنحن نرى الناس يختلفون في معتقداتهم الدينية، وعاداتهم والتقاليد، ولغاتهم، وثقافاتهم، وأشكالهم الجسدية، وقدراتهم العقلية، وتوجهاتهم الجنسية، وغيرها.

يمكن أن يؤدي الاحترام لحق الاختلاف إلى العديد من الفوائد، مثل:

* تعزيز التسامح والقبول بين الناس.
* تقليل الصراعات والتمييز.
* إثراء الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
* تعزيز الابتكار والتقدم.

من المهم أن نتذكر أن حق الاختلاف هو حق أساسي لجميع البشر، وأن علينا احترامه في جميع الأوقات.

عطاء دائم
11-24-23, 07:50 AM
مقالة رائعة
اختي الغالية الياسمين
شكراُ على مشاركتنا هذا الإبداع
يختم ل3 ايام مع التقييم

أعد النجوم
11-24-23, 08:39 AM
فلسفه جميله ورائعه دكتوره ياسمين

ابدعتي جدا جدا ايه بالله

مقال لا يفهمه الا المثقفين امثالك

شكرا على هذا الابداع


SEO by vBSEO 3.6.1