المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السؤال الخامس


عدي بلال
12-20-23, 06:32 PM
السؤال الخامس
( قصة قصيرة )

جلس أمام التلفاز ِ في ملل ٍ، وأشعل سيجارته، ووضعها على طاولةٍ خشبية، استقرت على حصيرةٍ بالية، وشرع يقلب في قنواته تارةً، وفي رسائل هاتفه النقال تارةً أخرى.
استقرت عيناه على رسالةٍ قديمة من صديقه ( عاصم )

(سامحك الله، ألم نتفق على الهجرة سوياً؟! انتظرتك في المطار كثيراً، يبدو بأن ترددك قد انتصر للمرة الألف، سأراسلك حين أصل، الأمر لله )
فابتسم في مرارةٍ وندم .

كانت إشارة الإرسال في جهازه تشير إلى المنتصف، وهو يعلم بأنها ستختفي - كأحلامه - إذا ما تحرك من مقعده هذا .

قنوات التلفاز ِ تصدح بالغناء تارةً، وتنذر بحرب ٍ وشيكة تارةً أخرى، مع كل حركة من حركات أصابعه على جهاز التحكم الذي بيده .

لطالما كان يسخر من قنوات المسابقات التي تصرخ بأرقامها على الشاشة ، ولطالما آمن بأن الحظ لن يطرق بابه أبداً، بيد أنه كان متأكداً بأن الحاج ( متولي ) سيطرق بابه بعد ثلاثة أيام ٍ لينتزع أحد الأمرين، إيجارالبيت أو روحه.

ثم إنه قرر ذات غفلةٍ من تردده أن يجرب حظه ، وضغط أرقاماً عشرة ، كانت تظهر أمامه على الشاشة ، وفوقها جملة ( جائزة المائة ألف دينار)
تلتها رنةٌ طويلةٌ ، وصوتٌ يخبره بأنه تجاوز مرحلة التردد ، وأن لا سبيل للتراجع الآن .

فكر للحظةٍ أن يغلق الخط ، ويكتفي بالندم على فعلته هذه ، وبأنه قد دفع ثمن شجاعته النادرة من رصيده ، وبأنه تعلم الدرس جيداً ، لكنه سمع ذلك الصوت يخبره بالضغط على الرقم واحد لسماع الأسئلة الخمسة ، ففعل .

السؤال الأول: من هو القائد الذي انتصر ... ؟

علمته الحياة بأن الانتصار مسألةٌ نسبيةٌ، تختلف بين ميدان وآخر، وآخر انتصاراته التي يذكرها، هي تلك الشهادة المعلقة على الحائط منذ عشر سنوات، والتي تخبره بأنه قد أصبح مهندساً مع مرتبة الشرف. . كان سعيداً وهو يضغط على الزر الصحيح بكل ثقة .

السؤال الثاني: من هو الروائي الذي كتب ... ؟

العزلة - التي عبرت عنها حياته في هذه الحارة الشعبية - جعلته يعتكف على قراءة الروايات والقصص هروباً من الواقع، الذي ما انفك يحاصره بكل قسوةٍ، ويغتال أحلامه الواحد تلو الآخر، وتقمص الشخصيات التي بداخله كان يساعده على التنفس لمدة ٍ أطول.. ازدادت ابتسامته اتساعاً وهو يضغط على الزر الصحيح للمرة الثانية .

السؤال الثالث: كم من الوقت يحتاج الرجل للصعود إلى ... ؟

تجاهُل ِمشاعره نحو بنت ( أم علاء ) - جارته في الدور الثالث - لم يكن رغبة ً، بقدر ما كان ضرورةً ملحة، فرضتها ظروف فقره، والذي كان يجبره على الصمتِ كلما رنا منها صاعداً إلى شقته في الطابق الأخير . شعر بارتباكٍ قبل أن يضغط على الزرالصحيح هذه المرة..

السؤال الرابع: ما الذي يصدر ضجيجاً أكبر الـــ .... ؟

صياح البائعين في هذه الحارة، أصبح عادةً وطقساً تعود عليه كل صباح، وكلما زادت درجة الحرارة، ازدادت الرغبة في الصياح اكثر، وجبينه يتفصد عرقاً الآن، فتتساقط حبات العرق على عينيه، إلى يديه، وكادت يده تنزلق لوهلةٍ، لكنه ضغط على الزر الصحيح هذه المرة وبشدة .

السؤال الخامس: من هو المناضل الذي ضحى بحياته من أجل ... ؟

كان الطرق على بابه يزداد ضراوةً، وصراخ ( أم علاء ) و الحاج ( متولي ) خلف الباب يعلو أكثر فأكثر، أن افتح الباب إن البيت يحترق .
بيد أنه كاد يغشى عليه وهو يستمع إلى المجيب الآلي( بقي لديك دقيقة واحدة في رصيدك ) فضغط على الزر الصحيح بسرعة ٍ .


(مبروك .. لقد فزت بالجائزة وكل ما عليك فعله هو تسجيل اسمك الثلاثي الآن)

أصابته نوبة ضحكٍ هستيري، وعبراته تقاطعت مع حبات العرق، وانكب على وجهه يكتب في انهماكٍ اسمه، الذي كاد ينساه للحظة، ويداه تتدحرجان على الأزرار، فيعيد كتابة الإسم من جديد، وطرقات الباب تزداد - كما النار - سعيراً .

.
.

قالت ( أم علاء ): حاولنا إنقاذه، لكنه كان ممسكاً بالكرسي وبجهازه النقــال بشدة .. !

نجمة
12-20-23, 09:56 PM
ي مرحبا بالأخ عدي مجددا
اسجل حضورا هنا واحجز مكانا ^^

الْياسَمِينْ
12-20-23, 11:24 PM
الفكرة قوية وغايتها إنسانية..نبيلة الرسالة
حتى أنها مسبوكة بريشة فنان يعلم ما يريد
كنت بارعا ومتمكنًا أ. عدي بلال
في التقاط صور المشهد المتقن بفكرته ورسالته
ومن المؤكد أنكم تمتلكون أدوات القص الناجح.

بوركتم وبوركت روحكم المحلقة:81:

نارا
12-21-23, 03:05 AM
قلم مبدع
يعطيك العافية ع الطرح

عدي بلال
12-21-23, 08:06 PM
ي مرحبا بالأخ عدي مجددا
اسجل حضورا هنا واحجز مكانا ^^

أهلاً وسهلاً يا نجمة

ابتسمت حين رأيت معرفكِ..
دعائي أن تكوني بأحسن حال

ومرحباً بعودتكِ دائماً وأبداً
كل التحية

نجمة
12-21-23, 10:15 PM
يتفرد قلمك الساخر مجددا
فيخرج بهذه التحفة الادبية
كم من الوقت تحتاج ام علاء ومتولي للصعود
وكم علت اصوات النداء او كما اسماهم البائعين
كم من نداءات تحاول انقاذنا لكننا نمضي لما نريد
قلة فقط من يتمكن من التمهل وانقاذ نفسه قبل فوات الأوان
والله انا الأسعد بتواجدك مجددا
لا يجب ان تخلوا المنتديات من هكذا أقلام وهكذا روح ^^
كل الاحترام لك كاتبنا الفذ ^^

ألحان
12-22-23, 05:22 AM
قصة جميلة جدا بأسلوب مشوق بارع
رحمه الله في حياته تردد كثير في انتهاز الفرص ولما حانت له الفرصة الأخيرة وتشجع لاقتناصها لم يعرف كيف ومتى ينتهزها .. المتعوس متعوس
ألف شكر على القصة الجميلة جدا وبانتظار المزيد بكل شوق ألف تحية

عدي بلال
12-25-23, 10:55 AM
الفكرة قوية وغايتها إنسانية..نبيلة الرسالة
حتى أنها مسبوكة بريشة فنان يعلم ما يريد
كنت بارعا ومتمكنًا أ. عدي بلال
في التقاط صور المشهد المتقن بفكرته ورسالته
ومن المؤكد أنكم تمتلكون أدوات القص الناجح.

بوركتم وبوركت روحكم المحلقة:81:

أ. الياسمين

سرني استحسانكِ للقصة، ورأيكِ في تفاصيلها ..
ممتنٌ لكلماتكِ الطيبة

كل التحية

عدي بلال
12-25-23, 10:56 AM
قلم مبدع
يعطيك العافية ع الطرح

أ. نارا

عافاكِ الله ..
ممتنٌ لتواجدكِ وكلماتكِ الطيبة

كل التحية

عدي بلال
12-25-23, 10:58 AM
يتفرد قلمك الساخر مجددا
فيخرج بهذه التحفة الادبية
كم من الوقت تحتاج ام علاء ومتولي للصعود
وكم علت اصوات النداء او كما اسماهم البائعين
كم من نداءات تحاول انقاذنا لكننا نمضي لما نريد
قلة فقط من يتمكن من التمهل وانقاذ نفسه قبل فوات الأوان
والله انا الأسعد بتواجدك مجددا
لا يجب ان تخلوا المنتديات من هكذا أقلام وهكذا روح ^^
كل الاحترام لك كاتبنا الفذ ^^

أ. نجمة

أحببت هذه القراءة للقصة من لدنكِ
أحببت أيضاً الغوص في تفاصيلها ودلالاتها
وممتنٌ لنبل أخلاقكِ وكلماتكِ الطيبة

لا حرمكِ الله البهاء
كل التحية

عدي بلال
12-25-23, 11:12 AM
قصة جميلة جدا بأسلوب مشوق بارع
رحمه الله في حياته تردد كثير في انتهاز الفرص ولما حانت له الفرصة الأخيرة وتشجع لاقتناصها لم يعرف كيف ومتى ينتهزها .. المتعوس متعوس
ألف شكر على القصة الجميلة جدا وبانتظار المزيد بكل شوق ألف تحية

أ. ألحان

قراءة جميلة جداً، وتفاعل مع الاحداث والشخصية مبهر
أحببت هذه القراءة وتواجدكِ الرائع

لكِ من الود وافره
كل التحية


SEO by vBSEO 3.6.1