المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه


عبدالله الهُذلي
02-07-24, 11:22 PM
صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه
خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام (الجزء الأول)


كثيرًا ما كان يتردد على مسامعي كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فَقُهُوا )؛ رواه البخاري ومسلم، كنت في سن صغيرة وكنت أتساءل عن معنى هذا الحديث وأتعجب منه! كيف يكون من الأخيار في الجاهلية ويكون هو نفسه من الأخيار في الإسلام؟



حتى فهمت معناها يوم قرأت في سيرة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأنَّ أكرم الناس من حيث النسب والمعادن والأصول، هم الخيار في الجاهلية، لكن بشرط أن يفقهوا في دين الله، وأن يتعلموا أحكامه، فإن لم يحصل لهم الفقه في الدين، فإنَّ شَرَف النَّسب لا يشفع لصاحبه، حتى وإن عَلا نسبُه وكان من خيار العرب نسبًا ومعدنًا؛ فاستشعرت حلاوة الإسلام الذي يجعل المسلم يحتفظ بتلك الخيرية بعد إسلامه، ولكنها خيرية ممزوجة بحلاوة الإسلام، فعمر بن الخطاب انقلب حاله ما بين ليلة وضحاها لم يأخذ وقتًا في التفكير، فما إن سمع القرآن حتى تلألأ نور الإيمان في قلبه، إنه الإسلام الذي إن وقر في القلب تبدلت القلوب في أقل من طرفة عين، وما ذلك على الله بعزيز.



إنه الإسلام الذي يستطيع أن يعيد برمجة تلك القلوب المعادية له، فبالأمس كان عمر بن الخطاب من أشدِّ الناس عداوة للإسلام والمسلمين، فما إن أصابته سهام دعوات الرسول صلى الله عليه وسلم حتى امتلأ قلبه بنور الإسلام، فشتان بين عمر في الجاهلية وبين عمر بعد الإسلام، نسبه وصفاته كما هي ولكنه أعاد توظيفها لخدمة الإسلام والمسلمين، فالإسلام لا يلغي الطبائع وإنما يُهذِّبها، ولا يهدم الصفات إنما يعيد استخدامها من جديد؛ فأصبحت قوة عمر وحزم عمر ورقة عمر ولين عمر وعدل عمر وحكمة عمر، كلها تحيا وتزداد لخدمة الإسلام والمسلمين منذ لحظة إعلانه للشهادة، فكأن عمر بن الخطاب شخص ولد من جديد، وبطل ليت الأمة الإسلامية لو أنجبت منه الكثير، هكذا كان عمر من خيارهم في الجاهلية وخيارهم في الإسلام.



فهيا نتعرف على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وإن كانت الكلمات حقًّا لا تصفه ولا تعطيه قدره.



اسمه: عُمر بن الخطَّاب بن نُفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبدالله بن قُرط بن رَزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العَدويّ.



وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عمرو بن مخزوم.



يَجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي بن غالب.



كنيته: أبو حفص، وهي كُنية، وليس له ولد بهذا الاسم.



لقبه: الفاروق، ولُقِّب به؛ لأنه أظهر الإسلام بمكَّة، ففرَّق الله به بين الحق والباطل.



مولده: وُلِد عمر رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة.



حياته قبل الإسلام:

تعَلَّم القراءة والكتابة في الجاهلية، فقد كان من القلة القلائل الذين يقرأون ويكتبون في مكة، وتحَمَّل المسؤولية صغيرًا، ونشأ نشأة بها غلظة وشدة، فلم يعرف حياة الترف يومًا، فلقد دفعه أبوه الخطاب إلى المراعي ليرعى له إبله، ثم اشتغل بالتجارة حتى أصبح من أغنياء مكة، وكانت له مكانة بارزة في مكة بين رؤسائها؛ قال ابن الجوزي: "كانت إليه السفارة في الجاهلية، وذلك إذا وقعت بين قريش وغيرهم حرب بعثوه سفيرًا، أو إن نَافَرَهم حيٌّ المفاخرة بعثوه مُفاخِرًا، ورَضُوا به".



فماذا عن عمر ومعتقداته؟

إن لكل إنسان منا حياةً أخرى قبل الالتزام وبدء التوبة، حياة قد تكون مليئة بالكبائر والصغائر من الذنوب، مليئة باللهو وحب الدنيا، فإذا بالناظر ييأس من هداية هؤلاء الأشخاص، ولكن هيهات هيهات فها هو سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شتان بين حياته قبل الإسلام وبعده، شتان بين حياة الكفر واللهو، وحياة الإسلام.



اعتنق عمر بن الخطاب الوثنية سبعًا وعشرين سنة قبل الإسلام، وحتى بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أظهر عمر العداء للإسلام، فكان شديد العداوة للرسول صلى الله عليه وسلم، وقام باضطهاد المسلمين بكل ما أوتي من قوة، بل امتدَّ إيذاؤه إلى أقرب الناس له رحمًا، وكان شاربًا للخمر، فقد روي عنه أنه قال: "وإني كنت لأشْرَبَ الناسِ لها في الجاهلية"؛ رواه البيهقي في السنن الكبرى.



هكذا كان عمر في الجاهلية، فلشدة انغماسه في بعض رذائل الجاهلية يخيل إلى الكثيرين أنه من المستحيل أن يتغيَّر حاله، ولكن هذه رسالة من الله -عز وجل- يقول لنا فيها إنه لا يعجزه هداية أحد، يقول لنا مهما بلغت من الذنوب مبلغك فلك فرصة أن تعود إلى الله بقلب جديد، ولنا في قصة الفاروق وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم ما يطمئن القلوب الحائرة، عندما تحدث نفسها، هل لي من توبة، أيقبلني الله بعد كل شذراتي؟



نعم يقبل ويغفر ويمحي ما مضى، ويعطي على ما هو آتٍ من بعد التوبة، فإن شككت ولو للحظة واحدة في قرع الباب فتذكَّر كيف كان عمر بالأمس واليوم.



فإن كان لك نصيب من التوبة والعودة بقلب جديد مثل عمر بن الخطاب فلتهرول باغتنام ما بقي من عمرك ما دمت حيًّا تُرزَق.



هذه قطفة يسيرة من سيرة الفاروق قبل إسلامه.

عبدالله الهُذلي
02-08-24, 09:22 AM
صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه




وأسْلَمَ عُمَرُ (2)



كم مرةٍ دثَّرتنا دعواتُ مَن نُحبُّ فكانت سببًا في بداية حياة جديدة لنا، بدايةٍ لم نكن نحلُم أن نرتقي لها، فكيف إذا كان من يدعو لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهنيئًا لمن خصَّه النبي بدعائه.



لقد كانت بداية إسلام عمرَ دعوةً صادقة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين دعا ربه أن يُعِزَّ الإسلام بعمر بن الخطاب؛ فعـن عبـدالله بن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللـهـم أعِزَّ الإسلام بأحبِّ هذين الرجلين إليك: بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب، قال: وكان أحبها إليه عمرُ )؛ [رواه الترمذي وصححه الألباني].



وكان هـذا في أول الأمر، ثم خُصَّ عُمرُ بالدعاء؛ فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اللهم أعزَّ الإسلام بعمرَ بن الخطاب خاصة )؛ [رواه ابن حبان، وصححه الحاكم والذهبي].



وكان أول مرة يسمع فيها عمر بن الخطاب عن دعوة النبي له قبل يوم من إسلامه من عبدالله بن مسعود؛ إذ ضرب أبو جهل عبدَالله بن مسعود وطرحه أرضًا، فرقَّ له قلب عمر بن الخطاب، ومدَّ إليه يده ليساعده على النهوض، فقال له: "والله إنك خير الرجلين، ما أظن دعاء الرسول يُخطئك".



وها هي دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحققت، وأسلم عمر بن الخطاب، مع أن كثيرًا من الناس كان يائسًا من إسلام عمرَ، فيروي لنا عبدالله بن عامر بن ربيعة، عن أمه ليلى، قالت: "كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا، فلما تهيأنا للخروج إلى أرض الحبشة، فأتى عمر بن الخطاب وأنا على بعيري وأنا أريد أن أتوجَّه، فقال: أين يا أم عبدِالله؟ فقلت: آذيتمونا في ديننا، فنذهب في أرض الله لا نُؤذَى في عبادة الله، فقال: صحِبكم الله.



ثم ذهب فجاء زوجي عامر بن ربيعة، فأخبرته بما رأيت من رقة عمر، فقال: تَرْجِين أن يُسلِم؟! فقلت: نعم، فقال: والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب"؛ [رواه الطبراني].



هكذا طمع بعض المسلمين في إسلام عمر بن الخطاب، فلله في خلقه تدابيرُ خفِيَّة إن أراد بهم خيرًا اختصهم، فكانوا ممن صدق فيهم قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القصص: 56].



قال أهل السير: وكان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له يوم الأربعاء، فأسلم يوم الخميس، فقد كان إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتحًا عظيمًا أعزَّ الله به الإسلام والمسلمين، وكان إسلامه في ذي الحجة سنة ستٍّ من النبوة، بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة رضي الله عنه.



كان هذا الدعاء من أجمل وأنفع الدعوات التي دعاها رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى ربه في علاه، واستجاب له ربه ورزقه بإسلام "الفاروق"، اللقب الذي أطلقه عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله فرَّق به بين الحق والباطل.



وقيل: إنه أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثةٌ وثلاثون رجلًا وستُّ نسوةٍ، ثمَّ أسلم عمر رضي الله عنه؛ فنزلت هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 64]، والمعنى: يكفيك الله، ويكفي من اتَّبعك من المؤمنين.



لقد أضاف إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمسلمين قوةً ونصرًا، لقد أعزَّنا الله بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكم تمنيت مع كل حدثٍ مؤلم يُصيب المسلمين أن يكون عمر بن الخطاب بيننا!

وقت مضى
02-08-24, 11:16 AM
رضي الله عن فاروق الامه عمر ابن الخطاب

متابعين معك اخي عبدالله
سلسلة سيرة الفاروق
وكل الامتنان على الجهد والانتقاء

عطاء دائم
02-09-24, 07:28 AM
رضي الله عنه وأرضاه
جزاك الله خيرا اخي
يختم ل3 ايام مع التقييم

قنصل دبلوماسي
02-11-24, 11:12 PM
عمر ابن الخطاب
رضي الله عنه

لم يدخر شعور ولا عمل ولا وصاية
لعزة الاسلام والمسلمين

كان شديد الغيرة على ألحق
وعلى حدود الله

لين القلب
ومنتصر لصدق
مهما كان

اللهم اجمعنا بهم بالجنة

ألحان
02-11-24, 11:28 PM
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقه في الدنيا والاخرة
رضي الله عنه وارضاه وجمعنا به في جنات النعيم
ألف شكر استاذ عبدالله جزاك الله خير و جعلها في ميزان حسناتك

جرااح
04-06-24, 08:41 AM
يسلموو ع النقل
الطيب دمت بخير
لاخلا ولاعدم


SEO by vBSEO 3.6.1