المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوميات أنثى ..


أنثى الضوء
04-14-24, 07:26 PM
لا أعرف لماذا قررت اليوم أن أبدأ يومياتي؟!..
كنت دائماً ضد هذه الفكرة، أن أكتب ،يعني أن أعلن ما في رأسي من أفكار ؛؛
أن أكتب ، يعني أن أفضح نفسي وأنا أحب كتم الأسرار، ماذا لو وقعت يومياتي في يد أحد؟!
ستكون مصيبة ، سأخفيها بين كتبي وكراساتي التي تملأ الأدراج، لن يعلم بأمرها سواي، ستحتوي هذه الأوراق على أهم ما حصل في حياتي وبعد سنوات سأقرؤها وأبتسم بعد أن أكون حققت كل أمنياتي. أعترف لك يا مذكراتي العزيزة بأني لا أملك صديقة حقيقية ؛
كلهن تافهات والأمور التي تشغلهن لا تستهويني أبداً، أشعر دوما بأني مختلفة، منذ الصغر وأنا أحمل ذنب أمي التي لم تنجب صبيا لأبي ، أتخيل خيبة الأمل على وجه أبي يوم أن بُشّر بالفتاة الثالثة وهي أنا، أحاول أن أكون الذكر بين أختيّ .

الْياسَمِينْ
04-14-24, 10:59 PM
( بوعلوه) هو الاسم الذي يحب أبي أن يطلقه علي وأرد عليه ( سم يبه) وأنا أبتسم له، لم يكن هناك نقص في أنوثتي لكني أقل جمالا من أختيّ ، أدّعي كرهي للفساتين ولكني أعشقها، لو أنّ لي جسدا كجسد ميونه ( دلع أختي ميّ) أربط شعري بإهمال وأتمنى في قلبي لو أنّ ضفيرتي تشبه ضفيرة زيونة ( دلع أختي زينه) ، يناديني أبي فأسرع لمساعدته في إصلاح السيارات، الميكانيكا هواية والدي وهو يعتقد أني ورثتها عنه، يبدأ يومنا في الكراج ، أحفظ أسماء كل العدة التي يستعملها أبي، وأستخدمها بمهارة، ننتهي بعد ساعات فيطلب مني مساعدته في إصلاح الأجهزة الكهربائية المعطوبة في المنزل، أساعده دون أن أتذمر أو أحتج.
كنت أصلح كل شيء، ونسيت إصلاح نفسي، ملمس يدي،خشن، وملابسي بالية،
غدا سنزور بيت جدي، ولا أعرف ماذا سأرتدي ؟!
أكره الزيارات العائلية.

أنثى الضوء
04-15-24, 11:09 AM
‏في الزيارات العائلية هناك هواية سخيفة تمارسها النساء ألا وهي المقارنة بين الشقيقات في هذه الحياة ، هناك أشياء استطعت التفوق فيها وأشياء أخرى عجزت أن أكون الأفضل بها، لست حاقدة أو ناقمة، فأنا أؤمن بالقضاء والقدر ولكن كلام الناس أحيانا يكون سهامًا لا ترحم .
بدأت عمتي لولوة بترنيمتها المعهودة لأمي : منيرة بنتج أنفال ما تشابهج ولا تشابه أبوها، وغير عن خواتها!!
زينه مزيونة ومي ملح الدنيا.. بس أنفال غير..!
‏يلاحظ الجميع ‏الاختلاف الكبير بيني وبين أختيّ غير أن الجميع عدا عمتي لولوة يحتفظون بملاحظاتهم لأنفسهم ،لكن عمتي من الناس الذين يفكرون بصوت عالي دون اهتمام بوقع كلماتها على الآخرين، تنظر إليّ أمي بقلق وتحاول الدفاع عني، وكاني فرخ بط صغير لا يجيد السباحة ترد بسرعة أنفال تشبه أمي الله يرحمها وخاصة إذا لبست الحجاب .
أبتسم لأُمّي وعيناي تشكرانها بصمت ، تنظر إليّ عمتي مجددا وكأنها تتفحص كائنًا غريبًا على المجموعة، تسألني عن سبب ارتدائي للحجاب رغم صغر سنّي!..
أستجمع شجاعتي وأُردد الكلام الذي حفظته من مدرّسة التربية الإسلامية وأقول لها:
تحجبت لأن الحجاب فرض في الإسلام..
تضحك عمتي بصوت مجلجل، تجعل الجميع يلتفت ويستمع إلى الحوار الدائر بيننا.
تمسح دموعها التي سالت من الضحك وتقول:
الحجاب فرض عشان الحُرمة تخش زينتها، إنتي يا حياتي إشبتخشين؟!

الْياسَمِينْ
04-15-24, 11:34 AM
لمست العديد من الأقارب ممن يحاولون كتم ضحكاتهم، كم أكره عمتي لولوة وأكرههم، تهم أمي منيرة للدفاع عني مجددا، تذكر للجميع تفوقي وحصولي على المركز الأول في أولمبياد الرياضيات،وأنّ بابا جابر أهداني مبلغ (500 دينار)،و تذكر الجوائز التي حصلت عليها في مسابقة الكيمياء والفيزياء والقصة القصيرة ، تبدو أمي فخورة وعمتي تأبى الهزيمة..
تمرر يدها في شعر أختي زيونة وتثني على نعومته..
تسأل أختي مي عن سر رشاقتها وأناقتها، تتحسر على عمريهما الصغيرين وتتمنى لو كانتا أكبر قليلًا لزوجتهما من أولادها .
أُشغل نفسي بتنظيف السفرة وصب الشاي والقهوة..
بقي القليل وتنتهي الزيارة،
لا أعرف لماذا تجبرني أمي على المجيء؟!
تقول صلة رحم، وأنا أعتبرها جلسات تعذيب..
أضغ فنجان القهوة أمام عمتي فتقول: أنفال صديقتي تمدح الدكتور أحمد مال الرجيم!
ما تبين أحجز لج موعد؟!
يومًا ما سأُجرم بعمتي وأقتلها .

أنثى الضوء
04-16-24, 07:47 AM
هذه السنة بطيئة جدا، كل دفيقة فيها تساوي سنة، وكل ساعة فيها تساوي يوما، لا أعرف لماذا؟!
ربما لأنها آخر سنة في الثانوية!.. ربما لأنني أتوق إلى التخرج والتحليق في سماء الجامعة، سماء الحرية..
كم أتشوق وأنا أرى زينة ومي تضعان المكياج وترتديان ملابسهما الملونة للجامعة ،تبدوان زاهيتين كحديقة في فصل الربيع، بينما أنظر أنا بقرف إلى فستاني الرمادي، من يقارن بيننا يشعر بأنه ينظر إلى تلفاز ملون وآخر أبيض وأسود.
أسمع تفاصيل مغامراتهما كل يوم، تتحدثان بهمس في الوقت الذي أدّعي فيه بأنني مشغولة بقراءة كتاب ما، أنسى تقليب الصفحات وأنصت بشدة إلى ما تقولانه، متى يحين دوري؟!
متى أتحرر من سجن المدرسات والواجبات وطابور الصباح وزعيق أبلة نبوية..
أبلة نبوية شخصية غريبة لو اجتمع أطباء علم النفس في العالم كله ، لما استطاعوا حل عقدها أو تحليل تصرفاتها، لم تسلم منها طالبة ولا مدرّسة ولا حتى عاملات النظافة .

الْياسَمِينْ
04-16-24, 12:50 PM
‏تنسج الفتيات الكثير من الحكايات حولها منهن من يقلن أن زوجها طلقها وتزوج خادمتها، ومنهن من يقلن أنّ زوجها سرق أموالها وهرب خارج الكويت ،ومنهن من يقلن أن أولادها تركوها وعاشوا مع أبيهم أيّا يكن السبب فآثار الجنون بادية على محياها، في حصة العربي اقتربت مني ممسكة بكُرّاسي نظرت إليّ نظرة مخيفة ثم صرخت :قفي وقفت مذهولة وقدماي ترتعشان رغم أنني لم أقترف ذنبًا.. سألتني ولعابها يتطاير في كل مكان: من كتب لك واجب التعبير؟!
أجبت بصوت خافت: أنا، صرخت مجددا من أين سرقتيه؟ من أي كتاب؟ من أي مجلة؟!
رفعت عيني قليلًا أحاول أن أبدو بمظهر الواثقة وأخبرتها بأنني أمتلك موهبة الكتابة، مزّقت أوراقي واقتربت مني أكثر وقالت: اجمعي الأوراق من الأرض وارميها في الزبالة واكتبي شيئًا يليق بمستواك!
كان موضوع التعبير عن الخيانة وأثرها على الحياة الاجتماعية..
جمعت الأوراق المتناثرة على الأرض والتفتُ على أبلة نبوية ثم قلت لها:
أبلة أكتب تعبير عن وحدة خانها زوجها وتزوج عليها خادمتها بعد أن سرق مالها وهرب خارج الكويت؟!
صرخت بأعلى صوتها وطردتني من الفصل، خرجت وعلى وجهي ابتسامة رضا رانتصار .

أنثى الضوء
04-17-24, 01:01 PM
تبدو الثانوية مختلفة اليوم، ورود حمراء ورسائل غرام في كل مكان.
عيد الحب قالوا فأهز كتفي بلا مبالاة، الحب ما أجملها من كلمة، يعتقد الجميع أنهم يفهمونها، يقولونها بسهولة دون أن يدركوا ماذا تحوي في قرارها من معان جميلة، أن تحب تعني أن تحتاج إلى الشخص الذي تحبه، تشعر بالأمان معه، تحس أن وجوده يكفي لو حرمت من نعم الدنيا، أن تسير معه لمسافات طويلة دون أن تشعر بالتعب، أن تنام على كتفه وأنت مطمئن،،أن تجلس معه على كرسي خشبي وتتحدث معه لساعات دون أن تشعر بالملل.
ماذا يعرفون هم عن الحب؟!
هدايا وتهاني في يوم محدد فقط!.
مشيت وحيدة بين زحام بنات الثانوية، وأنا أشم رائحة عطور ثقيلة، يبدو أن أكثر الهدايا كانت عطورا، يا لها من هدايا تافهة، أعترف لك يا مذكرتي العزيز بأني شعرت بالغيرة!
إلى متى سأظل أخبئ حبي له؟
إلى متى سيظل حبي حبيس أوراق، وتظل مشاعري دفينة؟!

الْياسَمِينْ
04-18-24, 12:23 PM
‏قريبي الذي أحببته منذ سنوات كتبت له خطابات كتبت فيها شعرا ونثرًا وقصصا،ولم أبعث يوما برسائلي له عاتبتني نفسي، بالأمس كيف سيعلم بأنك تحبينه أجبتها لابد أن يرىاللهفة في سلامي عندما نلتقي مصادفة، ويرى اهتمامي عندما يتحدث وأنا منصتة، له لابد أن يشعر يوما بالشوق في عيني عندما اسأله عن أخباره، وكيف هي أحواله، سيعلم دون أن أقول شيئا يوما ما سيعلم.
‏وصلت البيت متعبة أفكر فيك، لمَ لا أملك الجرأة لمصارحته؟ ماذا لو رفضتني ورفضت مشاعري؟ أصبتُ بالحيرة والارتباك، في مجتمعنا العربي عار أن تبدأ الفتاة أولا، يجب أن تسكت وتنتظر، إلى متى؟ الله أعلم، فكرت في أن أبين لأختك عن إعجابي بك، لا لا، تبدو فكرة سيئة ماذا لو كتبت لك خطابا وعبرتُ فيه عن مشاعري ووضعته قرب نافذة سيارتك؟ لا، قد يقع الخطاب في يد شخص آخر وتصبح قصتي فضيحة، أُهاتفك، اخبرك عن كل شيء؟ ستقول عني جريئة، لابد أن تكون هناك طريقة ما فيها أصل إليك بهدوء، بروية، حتى تقبلني في حياتك ونألف أنا وأنت حكاية حب جميلة .
‏كنت في غرفتي وأُغير ملابسي عندما دخلت أمي وأخبرتني بأنك خطبت، وبأنّ موعد عرسك قريب، أصبت بالصدمة ،لا يمكن أن يكون ذلك حقيقيا، أعطتني أمي بطاقة الدعوة وهي سعيدة وقالت:
ترى أنتِ معزومة عندك بدلة؟!
لازم أشتري بدلة عرس…

أنثى الضوء
04-18-24, 05:06 PM
موسيقى صاخبة، فساتين لامعة، مجوهرات ثقيلة وبخور يملأ المكان، تتراقص الفتيات ويتمايلن، وعيون النساء تتفحصهن، منهن من تبحث عن عروس لابنها أو لقريبها، ومنهن من تتحسر على شبابها، تتنافس الفتيات بارتداء ملابس قصيرة تكشف أكثر مما تخبئ، شعرت أنني في سوق الكل يعرض بضاعته، الكل يقول عندي الأجمل، عندي الأفضل، هيا اختاروني، تُرى من ستخطب الليلة؟!
ومن سترد خائبة مثل كل ليلة؟!!
اجتهدتُ كثيرا لهذه الحفلة، اشتريت فستانا يفوق ميزانية أمي المسكينة التي لم تتردد يوم رأته علي وقالت: حتى لو غالي سأشتريه لك، لايق على جسمك، تحملت حرارة السشوار والفير وشكوى الكوافيرة من شعري الأجعد، وضعت لي أختي زيونة الكثير من مساحيق التجميل، أكاد لا أعرف نفسي!
تُرى هل ستلاحظ وجودي اليوم؟

الْياسَمِينْ
04-18-24, 11:45 PM
سارت زوجتك بين المدعوين بزهو، تبتسم بثقة أتمنى لو أُحظى يومًا بنصفها، جلست على الكوشة وهي تترقب وصولك، بلهفة، يابختها، قلتها والحسرة تملأ قلبي، الكل يثني على جمالها وفخامة ثوبها.
كل شيء بدى حولي مملًا، أنتظر وصولك، أنتظر لحظة دخولك، وأتيت متأخرا ، كم تبدو رائعًا بالبشت ‏، كفارس بدرعٍ لامع على فرس أبيض ، لم أكن الوحيدة التي تنظر إلبك بغيرة، تأملت الكثير من العيون، كلها تحمل مشاعر غيرة وحسد وخوف من العمر الذي يجري، أيام، أرقام محسوبة علينا، والخوف كل الخوف إذا أتى الرقم 30 ولم نتزوج بعد، تقاليد غريبة!!
وعادات مجنونة تحكم المجتمع .
رأيتك يا قريبي وعيناك تلتهمان عروسك، تبتسم لها، تمسك يدها، تهمس بأذنها، أتراك تعلم بأمري؟! أتدري بالزلازل ، بالعواصف، بالبراكين داخل صدري؟!
هل تعلم كن أحببتك؟! كم ليلة سهرت أفكر فيك؟!وأتخيل نفسي عروسك؟!

اقتربت من الكوشة لأسلم وأبارك، لم تلتفت، لم تعرف أي اهتمام، تبدو وكأنك لم تعرفني!
هل ذلك بسبب المساحيق الكثيرة على وجهي؟!
أنا هنا وأنت لا تراني، ولم تعلم يوما بغرامي..
أنا من اخترعت هذا الحب وعشت في وهمه
لذا ، لن ألومك يا قريبي على شيء..

أنثى الضوء
04-19-24, 10:23 AM
في يوم التخرج، نظمت لنا إدارة المدرسة حفلا مملا، تلت فيه ناظرة المدرسة خطابا طويلا جدا قالت فيه: العلم نور، وأنتم أمل المستقبل وإشراقة الغد وصناع المجد، وإنّ الأمم ما بنيت إلا بسواعد العلماء وكافحوا من أجل الوطن… إلى آخره ، وكلام فاضي شبعنا منه.
بعد أن انتهى الحفل الممل اجتمعنا نحن خريجات الدفعة لنتفق على تنظيم حفل آخر، حفل خاص بنا لا تحضره المدرسات ولا أولياء الأمور ، وليس فيه خطابات سخيفة.
في الساعة السادسة التقينا في منزل دانه، موسيقى مادونا ومايكل جاكسون تملأ المكان، وعلى طاولة البوفيه كل أنواع الطعام غير الصحي،أنواع من المشروبات الغازية والبيرجر بأحجامه المختلفة، أما الحلويات فقائمة طويلة تبدأ بالدونات وتنتهي بالآيس كريم وأشكال كثيرة من كعك الشوكولاته، وضعت دانه في وسط الصالة كرة من الإضاءة تشبه إضاءة الديسكو وأغلقت بقية الإنارة، وسط هذا الجو الجنوني احتفلنا طريقتنا الخاصة، رقصنا كثيرا وضحكنا بهستيرية.
بعد ذلك جلسنا جميعا على الأرض على شكل حلقة، تشاركنا همومنا وخوفنا من المستقبل، بحنا لبعضنا بأحلامنا وطموحاتنا، البعض منا كانت أحلامه صغيرة، والبعض كانت أحلامه مستحيلة.

الْياسَمِينْ
04-20-24, 11:07 AM
‏لم أشارك الفتيات بكل ما يدور برأسي قررت أن أحتفظ بالمهم لنفسي، ولكن كان هناك حلم مشترك بين جميع الفتيات، جميعهن يحلمن بفارس الأحلام برجل يعشقهن للأبد، بيت سعيد وأطفال ظرفاء، بوظيفة مرموقة وسيارة فارهة، كم هي سهلة الأماني ولا أحد منا يعلم حقيقة كيف ستكون حياته؟ سعيدة أم شقية ؟! العلم عندك يا رب .
‏كان يوما مختلفا، تشاركنا فيه فرحة التخرج، تشابكت أيدينا تعاهدنا بأن نظل على اتصال حتى لو كنا في كليات مختلفة، تعانقنا ونحن نودع بعضنا، تبادلنا أرقام الهواتف والعناوين،الكل ذهب للبيت الكل يبدأ حياة جديدة.
‏في تلك الليلة حلمت بأنني أرى نفسي وسط قفص حديدي، شاهدت يدا تفتحه لي، خرجت من القفص وأنا أطير، كان لي جناحان يشبهان أجنحة طيور النورس، نظرت تحتي ورأيت بحرًا صافيا أكاد أرى ما في داخله من أسماك وطحالب، كنت أغطس قليلا ثم ثم أعود للطيران مجددا.
أقسم ‏إنني شعرت بهذا الماء على وجهي استيقظت وجدت زيونة تبلل وجهي بالماء وهي تقول: قومي إشخيرج وصل للصالة…
وداعا يا الثانوية للأبد ..

أنثى الضوء
04-21-24, 12:29 PM
‏هناك الكثير من الطقوس والاستعدادات التي تسبق الدخول إلى الجامعة، استعدادات ليس لها علاقة بالكتب أو التخصص أو حتى جدول الدراسة، بدأت لأول مرة في حياتي بعمل رجيم، تركت الشوكولاتة التي أعشقها، وابتعدت عن الفطائر التي أدمنها، في الماضي كنت أقفز عندما أرى علبة الفطائر بيد أمي، والآن أشيح بوجهي وأقول: مو مشتهية، الكل كان مستغربا من تصرفاتي وشخصيتي الجديدة . بدأت أقلد زيونة وميونة في مشيتهما، وأحاول أن أجعل من نبرة صوتي مشابهة لصوتيهما،أنظر بشغف إلى أختي الكبيرة ميونة وهي تضع الكحل في عينيها، واشتري ملابس تشبه ملابس أختي زيونة في ألوانها، أقف أمام المرآة لساعات طويلة ممسكة ببعض الكتب وأتخيل نفسي وسط ساحات الجامعة أتحدث مع الطالبات والطلبة كم أتوق لحياة الجامعة .
‏وقعت ورقة من كتاب أسيل ذات مرة، وعندما قرأتها ضحكت وقالت أنها رسالة من معجب في الكلية، لم تبد اهتماما ورمتها، قالت أنها تتلقى منها الكثير، ترى هل سيجد رسالة في كتابي ذات يوم؟!
Why Not؟!
سأشتري حذاء بكعب عال وأتدرب على السير به..

الْياسَمِينْ
04-21-24, 04:32 PM
أجلس في زاوية الكافتيريا ممسكة بكوب القهوة، أقرأ كتابي الذي حفظت صفحاته عن ظهر قلب، وأختلس النظر إلى عادل، تحلق الفتيات حول عادل كالفراشات حول الورد،كطيور مهاجرة تبحث عن مسكنها ، أراه يبتسم لهذه وتلك، ويمشي بخيلاء وسط الطريق، عندما يرمش بعينه أشعر بأشياء تتساقط مني، عقلي وكرامتي، وحتى قلبي .
تجمعني بعادل محاضرة واحدة، تمر دقائقها سريعة، حقيقة لا أسمع ما يقوله الأستاذ، أرى فقط فمه يتحرك ، عقلي مشغول بأشياء أخرى غير الدرس، أذني غارقة في موسيقى حالمة، أسمع عزفًا على البيانو وأرى نجومًا وقمرًا وكواكب، أرى سماءً أنت ضياؤها، أرى حقولًا أنت زهرها..
وكزتني صديقتي دانة وقالت: جاوبي عن سؤال الأستاذ!
وقفت، تلعثمت، وقلت: أستاذ ممكن تعيد السؤال مرة ثانية؟!
أعاد الأستاذ السؤال بغضب ، وأجبت كمن تحفظ قرآنا أو قصيدة.
ضحك الأستاذ وضحك البقية، رأيت ابتسامة عادل بأسنانه الهوليوودية، يا إلهي لا تجعلني في نظره غبية، سألني الأستاذ سؤالا آخر وأنا أجيب وأجيب دون توقف ، ابتسم الأستاذ وقال: أنتِ كومبيوتر؟!
من يومها وكل الفصل يطلق علي لقب كومبيوتر الكلية.
يحب عادل ارتداء اللون البيج والأزرق السماوي ..

أنثى الضوء
04-22-24, 08:55 AM
امتلأت خزانتي بفساتين وقمصان وبنطلونات لونها بيج وسماوي،أدمنت هذين اللونين، ولم أعد أشتري ملابس بألوان غيرهما، أصحو مبكرا جدا، قبل موعد المحاضرة بساعات، أقضي وقتا طويلا في رسم الكحل محاولة جعل عيني أجمل مما تبدوان بكثير، أبخر ملابسي بأجود أنواع البخور وأضع عطرا فواحا مثيرًا ، بانتظار أن أثير اهتمامك أو أن ألفت نظرك.
وأتى اليوم الذي اقتربت فيه مني، ابتسمت من بعيد وأنا أشعر بالطبول تفرغ في رأسي، أبادلك الابتسام لحظة، ثم أتصنع الجد لحظة أخرى، أنظر إليك ثم أشيح بنظري بعيدا.
حقيقة كان واضحا الارتباك على شكلي، بدوت كفتاة صغيرة تاهت عن أمها في السوق ولا تعرف ماذا تفعل!
وعندما وصلت كان عطرك يملأ أنفاسي ويسكر عقلي، حاولت أن أبدو طبيعية ولكن لا يخفى عليك تأثيرك على الفتيات.
ساحر أنت يلقي بسحره في كل مكان، تسحر العيون، وتشتت الأذهان، عندما تلتقي عيناي بعينيك، أردد في سري الرقية وأتلو القرآن….

الْياسَمِينْ
04-22-24, 08:07 PM
نظرت إليّ لثوان مرت علي كالدهر لتقول لي: ممكن أستعير مذكرتچ؟!، أُطبق الصمت علي، كالأصنام، كالتماثيل،، كالجماد، حاولت أن أسترجع صوتي ولم أقدر،فتكلمت مجددا وقلت: ناقصتني محاضرة، ممكن أصوّ مذكرتج وأرجعها باجر؟!
هززت برأسي موافقة وأعطيتك كراسي، مشيت أمامي مبتعدا، وأنا أراقب خطواتك بصمت، ألا تريد أن تقول لي شيئًا آخر؟! ألا تعجبك عيناي؟! ماذا عن لون فستاني !! أليس لونك المفضل؟!
اقتربت مني فاطمة وهي ترمقني بعينين شامتتين، اقتربت بقامتها الطويلة وخصرها النحيف، رفعت شعرها الحريري المنسدل على عينيها وقالت بنبرة ساخرة: ترى عادل بس يبي مذكرتج ، لايروح فكرج ابعيد. ابتعدتُ بخطوات سريعة ومئات الأسئلة تتزاحم في عقلي، من أنا حتى ينظر إليّ عادل؟! من أنا لأتجرّأ وأحلم بشاب مثله؟! يا لأحلامي الوردية!!
أحلامي الوردية تتراقثص داخل مخيلتي بانتظار ميعاد ميلادها..
هل أدفن مشاعري؟! أسحقها؟! أم أُ عطيها الفرصة لترى النور ولو امرة؟!
من السهل أن تبحث عن الحب ولكن من الصعب أن تجد من يبادلك الحب..

أنثى الضوء
04-23-24, 12:41 PM
‏لم استمع لنصيحة فاطمة، لا أعرف لماذا؟ استمعت صوت في داخلي يقول لي، افتحي قلبك، افتحي عقلك، ومشيت خلف هذا الصوت كالكفيفة، كان عادل يقول لي كلاما غامضا أجهل معناه، أعيده في رأسي مرات ومرات دون أن اتمكن من فهمه .
أصبحت عادة يومية أن أراك في مكتبة الجامعة تجلس أمامي ونذاكر معا دروس المحاضرة التي تجمعنا ،أعطيك أوراقي تقرأها تثني على خطى وعلى رسوماتي اسفل الصفحة وذات مرة اثنيت على فستاني وقلت إن لونه مناسب لون بشرتى، قلت أيضا إنك معجب بذكائي وإنني في نظرك مختلفة عن بنات الجامعة .
جلسنا ذات مرة في الكافتيريا أصررت على أن تشتري لي القهوة، نسيت أن أخبرك بأني أحبها محلاة بالكثير من السكر ولكنني شربتها رغم مرارتها شاكرة لك كرمك،أنظر إليك وأنت تتحدث عن نفسك وعن هواياتك وعن خططك في المستقبل، أبتسم وأهز برأسي معجبة بكل ما تقوله وأدعو بصدري أن أكون جزءا من مستقبلك، كنت أدعو بصمت اللهم إن كان بعيدا فقربه وإن كان قريبا فيسره اللهم تقبل دعائي سبحانك لا إله إلا أنت.
وانتهى الفصل الدراسي وانتهى معه كل شيء نجحت بتفوق، وكذلك أنت ،اقتربت منك وقلت لك: مبروك .. فأجبت: الله يبارك فيج ، وابتعدت، كانت هذه آخر جملة سمعتها منك.

أنثى الضوء
04-25-24, 10:37 AM
أخبرتني إحدى صديقاتي بما يقال عني، يقولون أنك قمت باستغلالي وإن هدفك كان النجاح في تلك المادة، يقولون أيضا أنني صدقتك وإنني اعتقدت أنك تحبني، قلت أيضا عني : أنني ساذجة ومسكينة من السهل الكذب عليها.
شكرا عادل، بفضلك صرت أضحوكة في الجامعة، نعم أنا صدقت كلامك المعسول الذي كان يغلف نواياك السيئة، كنت تواقة لهذا الحب، لتلك المشاعر السامية، أكتب الآن وعينتي مثقلتان بالدموع، لماذا لم أستمع لنصيحة فاطمة؟!
" وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم "

أنثى الضوء
04-27-24, 11:46 AM
الحياة تجارب، هكذا قرأت في الكتب وهكذا علمتني الحياة، لن أتسول الحب من أي رجل، لن أخضع ولن أضعف، يكفي ما حصل لكرامتي، ويكفي ما جاءني مع عادل، في السابق اجتهدت كثيرا لكي أغير من شكلي، حتى أكون أجمل وأحلى الآن أنا أجتهد أكثر لأغير من الداخل لستُ أنفال الخجولة، لست ساذجة، أنا فتاة بحلة جديدة، بشخصية مختلفة.
تعلمت لفت الأنظار بطريقة أخرى، تعلمت أن أكون مميزة بأسلوب ثاني، استخدمت ذكائي وقوة ذاكرتي وكل وقتي في الذاكرة( أنفالو المعقدة) هكذا أهلي ينادونني، لم أكن أضيع دقيقة واحدة، أقرأ بنهم وأدرس بشغف، نلت احترام جميع الطلبة وتقدير كل الأساتذة، لم يعد أحد يضحك علي في الجامعة، الكل يطلب مساعدتي، ولكني لم أعد بتلك الطيبة، شيء ما تغير بداخلي، أصبحت أنانية بعض الشيء ولم أعد أساعد أبي في تصليح السيارات والأجهزة الكهربائية، لم أعد أستمع لشكوى أمي من مشاكل الخدم وانشغال أبي عنها، حتى أختاي ميونة وزيونة لم تعودان تطلبان مني الخروج معهما لعلمهما برفضي المسبق، وكأني أعيش في عالم آخر ، كوكب خاص بي.


SEO by vBSEO 3.6.1