أسيره القلوب
12-29-12, 07:23 PM
اسعدالله صباكم ومسائكم
سانكتب كل يوم موضوع ان شاءالله حكمه من حكم البشر
عسي تفيدنا في حياتنا
وتزيل قليل من حياتنا الكأب والسوادالذى اصبح سائداكثيرافي حياه الناس
الحزن والأسى من منظور نفسي
الحزن والأسى على فراق عزيز قد يحدث تبديلاً في حياة الإنسان، وهي تجربة قاسية ومريرة تختلف عن باقي تجارب الحياة. والحزن إحساس إنساني طبيعي نشعر به عند فقد شخص عزيز، لكن يختلف الناس فيما بينهم في حدة مشاعرهم، وأساليب تعبيرهم عن آلامهم، وقدرتهم على التعايش مع أحزانهم، وتتوقف استجابة الفرد لوفاة أحد الأحباء بعد معاناة مع مرض خطير كالسرطان، مثلا، على عدة عوامل، أهمها سماته الشخصية، مدى علاقته بالفقيد، خبراته وتجاربه السابقة، طبيعة المرض وتتطور الحالة قبل الوفاة هذا بالإضافة إلى خلفيته الثقافية والدينية والاجتماعية.
الموت بعد صراع مع المرض (الحزن التوقعي):
في الغالب تحدث الوفاة بسبب السرطان بعد فترة طويلة من المعاناة والألم، يعاني المريض خلالها من تدهور حالته الصحية وفقده القدرة على التحكم في عقله وجسده وحياته بشكل عام. وهكذا، عادة ما يتسبب السرطان في إنهاك المريض وأفراد أسرته نفسيا وعاطفيا وجسديا. وفي مثل هذه الحالة، يكون الحزن على الفقيد مختلفا بعض الشئ عما إذا كانت الوفاة مفاجئة(كحادث سيارة مثلا)، فعادة ما يسيطر الحزن على الأهل في المراحل النهائية للمرض لأنهم يتوقعون أنهم سيفتقدونه عما قريب. وعلى الرغم من شدة الموقف وصعوبته عليهم، خاصة وأنهم يرونه يتألم أمامهم، إلا أن ذلك يعد بمثابة تمهيد للوفاة والحدث الصادم. كما يمنحهم فرصة لتوديع المريض والتعبير عن حبهم له. قد يظن البعض أن توقع الوفاة سوف يقلل من الشعور بالحزن والأسى، لكن بمجرد حدوث الفجيعة تظهر على الفرد نفس مشاعر الصدمة والحزن. كما أن شعور الجميع بأن المريض في أيامه الأخيرة يزيد من تعلقهم به وإحساسهم بالذنب وانعدام الحيلة فقد تراودهم أحاسيس بأنهم سوف يتخلون عنه. كما أن المريض نفسه قد يعاني من الأسى والحزن الشديد مما يدفعه إلى الانسحاب.
مراحل الحزن:
يعتقد كثير من الناس أن الحزن مرحلة واحدة تستمر لفترة قصيرة يعاني خلالها الفرد من الألم النفسي والأسى بسبب وفاة شخص عزيز، لكن في الحقيقة الحزن عملية انفعالية معقدة يحاول من خلالها الفرد أن يتعايش مع الحدث، وقد تستمر لفترة طويلة. وعلى الرغم من أنه شعور قاسي ومؤلم، إلا انه من الضروري جدا أن تسمح لنفسك بالتعبير عنه، ولا تتردد في طلب دعم الآخرين ومساعدتهم حتى تتمكن من تخطي تلك الأزمة واستئناف حياتك بشكل طبيعي. ربما تشعر بالارتياح لبعض الوقت وقد تجد أن الأمور بدأت تسير على ما يرام لمدة لكن فجأة ومن دون أي سابق إنذار يمكن أن تجتاحك عاصفة من الحزن.. هذا أمر طبيعي جدا لا تنزعج منه على الإطلاق.
المرحلة الأولى:
ربما كان رد الفعل الأول الذي يبديه غالبيتنا عند فقد شخص عزيز هو الشعور بالصدمة، والإنكار، وعدم التصديق والخواء وهي حالة قد تستمر مع الفرد من ساعات إلى أسابيع. وفي تلك الأثناء، قد يشعر المرء كما لو أنه منفصل عاطفيا عن العالم بأكمله، وفي بعض الأحيان قد تهاجمه نوبات من الأسى والحزن خاصة عندما يرى أي شئ يذكره بالفقيد فيشعر بالضعف والانهيار وينخرط في البكاء أو تسيطر عليه ذكرياته مع الفقيد، وربما حاول أن يصرف نفسه عن هذه الحالة بأي نشاط.
وفي هذه المرحلة، سوف ينشغل الفرد بالإعداد لإجراءات التغسيل والتكفين والدفن كما يتوافد علي الأهل والأصدقاء لتقديم واجب العزاء. وفي بعض الأحيان، قد يستمر معه شعور بفقد القدرة على التحكم في ما يجري حوله من طقوس وأحداث.
المرحلة الثانية:
وفي هذه المرحلة تبدأ المواجهة الحقيقية للمصيبة، إذ تتراجع مشاعر الذهول والانفصال لتحل محلها مشاعر الأسى والألم، فيدرك الفرد حينها حجم ما فقده ويبدأ في التأقلم مع التغييرات والأوضاع الجديدة.
وتختلف أعراض الحزن في هذه المرحلة من شخص لآخر، وان كانت تظهر في شكل نوبات من الأسى والألم، وقد يبدو المرء مشوش ومضطرب، وقد يجد صعوبة في التفكير أو التذكر أو القيام بأنشطته اليومية المعتادة. وبشكل عام، يمكن إيجاز تلك الأعراض كما يلي:
الميل للعزلة والانسحاب.
صعوبة التركيز والتفكير.
القلق والتوتر من وقت لآخر.
ضعف الشهية.
الحزن.
الشعور بالاكتئاب.
رؤية الفقيد سواء في الأحلام أو تخيله أثناء اليوم.
فقدان الوزن.
صعوبة النوم.
إحساس بالإرهاق أو الضعف.
الانشغال بالتفكير في الموت أو ما يتعلق به من أفكار.
البحث عن أسباب لتفسير ما حدث (قد يراها البعض أسباب غير منطقية).
التفكير في الأخطاء( سواء الحقيقية أو الخيالية) التي اقترفها في حق المتوفى.
الشعور بالذنب.
الإحساس بالانفصال عن الآخرين والوحدة.
التعبير عن الغضب أو الحقد على الآخرين ممن لم يفقدوا أحبائهم.
غالبا ما يحتاج الفرد في مثل هذه المرحلة إلى الدعم العاطفي والنفسي سواء من أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو جماعات الدعم أو حتى أخصائي نفسي حتى يساعدوه على تقبل ما حدث والتعايش معه.
المرحلة الثالثة:
التقبل هو السمة المميزة للمرحلة الثالثة للحزن، فعلى مدى الشهور التالية للوفاة يبدأ الفرد في تقبل الوضع تدريجيا والاعتراف بموت العزيز الفقيد فيعيد ترتيب حياته دون الفقيد، وان كان من المتوقع ألا يتمكن من التأقلم بشكل كامل مع التغيرات العاطفية والحياتية إلا بعد مرور عام أو أكثر. وعلى الرغم من أن حدة الألم تقل تدريجيا، إلا أن تعلق الفرد بالفقيد قد يستمر لسنوات عديدة بعد وفاته. وبمرور الوقت ينجح الفرد في استثمار طاقته العاطفية في علاقات جديدة.
التعايش مع الحزن في مراحله المختلفة:
إن مشاعرنا وأحزاننا ليس سببها الوفاة فقط، فنحن نتألم على خططنا وعلاقاتنا وترتيباتنا المستقبلية مع هذا الشخص..وقد يستمر افتقادنا له لسنوات طويلة. فإذا فقد الفرد أحد الوالدين، قد يتذكره في موقف أو مناسبة ما بعد سنوات مما يعيد إحياء الحزن والألم في قلبه.
نحن نحزن على انفصالنا عن الفقيد..وابتعاده عنا بعدما كان يحتل جزءا هاما من حياتنا..وتبدأ المشكلة بعد الوفاة مباشرة إذ يترك هذا الشخص فراغا كبيرا ونجد أن لدينا كما هائلا من المشاعر لا نعلم من سواه قد يستحقها..نبدأ نفكر ترى كيف ستكون حياتنا بعد ذلك؟؟ كيف ستكون علاقاتنا؟؟ باختصار نحن نحزن على أنفسنا وحياتنا بدونه.
الحل الوحيد لهذه المشكلة هو البدء في توجيه تلك الطاقة العاطفية التي كنا نفرغها مع هذا الشخص..يمكننا مثلا الاتجاه لتكوين علاقات جديدة أو الانخراط في أنشطة مفيدة. وعلينا كذلك أن نبدأ في إعادة ترتيب حياتنا بما يتفق مع الأوضاع الجديدة..ولا نعني بذلك أننا غير مخلصين للفقيد أو أننا نحاول أن ننساه لكن لابد أن نبحث عن مصدر جديد للإشباع العاطفي.
كيف تتغلب على الشعور بالأسى؟
عبر عن مشاعرك، وتحدث عما يجول بداخلك من أفكار. يمكنك اللجوء لأقاربك وأصدقائك فستجد منهم آذانا صاغية، ولا تخجل من دموعك فكل ذلك يساعدك على التخلص من المشاعر السلبية الكامنة داخلك بما فيها الغضب والشعور بعقدة الذنب والوحدة والإنهاك.
اصبر على نفسك وامنحها الفرصة للتغلب على مشاعر الحزن والأسى ولا تحاول أن تضغط على نفسك أو تقارن ردود فعلك بالآخرين. ولا تسمح لأي أحد أن يفرض عليك مشاعر أو تصرفات معينة أو يخبرك متى يجب أن تتوقف عن الحزن.
حافظ على نمط حياتك وروتينك اليومي العادي. تجنب القيام بتغييرات كبيرة أو اتخاذ قرارات هامة في العام الأول بعد الفجيعة (تغيير العمل أو المنزل، أو الانفصال والطلاق) لأن ذلك من شأنه أن يشعرك ببعض الاستقرار والأمان.
فرغ مشاعرك على الورق: اكتب رسائل إلى العزيز الفقيد وابعث إليه بأمور تريد قولها له ولكن إذا لم تسعفك الفرص للقيام بذلك، تحدث إليه وقل له كم أنت تفتقده وقد تجد في الأمر وسيلة لتخفيف الأسى في نفسك. وقد تجد في قراءة الكتب مسألة جيدة تساعدك خاصة إذا كانت تلك الكتب تحتوي على تجارب مماثلة لأشخاص قد نجحوا في التغلب على أجواء الأسى التي كانوا يعيشونها.
كن مبدعا: احتفظ بسجل يومياتك تكتب فيه مشاعرك وأفكارك، ارسم لوحة، ازرع الزهور أو الأشجار، أو شارك في الأنشطة التي كان يمارسها الفقيد.
اعتني بنفسك: يؤثر الأسى على تفكير الإنسان وعلى جسمه وروحه.
ومن هنا عليك فعل أي شيء كي تخفف عن نفسك. حاول في هذه المرحلة أن تتناول وجبات مناسبة. ولتخفيف التوتر يمكنك الخروج من البيت للنزهة أو القيام بتدريبات بدنية يوميا.
احذر المخدرات أو الكحول حتى لا تقع في مشكلات أنت في غنى عنها. كما أن الإدمان قد يؤذي جسدك ويؤثر سلبيا على قدرتك على التعافي واجتياز الأزمة.
لا تلوم نفسك، وسامحها على أي خطأ اقترفته. وحاول أن يمتد تسامحك ليشمل الآخرين فتغفر لكل من أخطأ في حقك.
مارس بعض الأنشطة المحببة لتُخرجك من جو الحزن والكآبة، والأمثلة كثيرة منها: قراءة كتاب، الاستماع إلى الموسيقى الهادئة، الخروج في نزهة، مشاهدة برنامجك المفضل، الخروج لتناول العشاء مع أحد الأصدقاء... الخ.
استعد جيدا للمناسبات الهامة والأجازات التي قد تذكرك بالفقيد. قرر مسبقا إذا كنت تود أن تُبقي على بعض الطقوس أو تُدخل بعض التعديلات. حدد جيدا كيف ستقضي وقتك في هذا اليوم ولا تنسى أن تخطط لشئ ما يحيي ذكرى الفقيد.
انضم إلى مجموعة دعم تشاطرك أحزانك وتساعدك على التخلص من معاناتك: تتيح لك مجموعات الدعم التحدث مع آخرين مروا بالتجربة ذاتها وهكذا، تشعر أنك لست وحيدا في هذه المحنة وأن هناك الكثيرين ممن مروا بمحن قد تكون أقسى من محنتك. ويمكنهم كذلك أن يشجعوك ويقترحوا عليك بعض النصائح التي تساعدك على التغلب على مشاعر الحزن والأسى.
كيف تواسي صديقك؟؟
إنه حقا موقف صعب عندما تقف أمام صديقك لتعزيه أو تواسيه على فقد شخص عزيز عليه، ولا تنزعج إذا شعرت بالارتباك أو لم تعلم كيف تتصرف، فقط تابع معنا النقاط التالية:
ماذا تقول؟
ابدأ بجملة افتتاحية بسيطة، مثل:" سمعت أن والدك توفى... البقاء لله... اصبر واحتسب يا أخي."
عبر عن اهتمامك وتأثرك بالموقف، ولا تحاول أن تخفي مشاعرك:" لا أعرف ماذا أقول...لقد أحزنني ذلك حقا..فوالدك كان أبا لنا جميعا.. لكن الموت حق.. أسأل الله أن يكتب له الرحمة والمغفرة وأن يجعله من أهل الجنة."
اعرض عليه المساعدة: "قل لي، أخي، كيف أستطيع مساعدتك؟"
اسأله عن مشاعره وأحاسيسه، ولا تفترض أنك تعرف كيف يشعر في أي وقت من الأوقات.
ماذا تفعل؟
كن بجواره دائما، فحتى لو لم تكن تعرف ماذا تفعل أو كيف تساعده، مجرد تواجدك بجواره يشعره بالارتياح والاطمئنان.
استمع له وشاركه في أحاسيسه وآلامه، لكن لا تضغط عليه أو تحاول أن تجبره على التحدث لو لم يكن يرغب في ذلك.
كن مستمعا جيدا. تقبل مشاعره مهما كانت سلبية ولا تحاول أن تخبره كيف يجب أن يشعر أو يتصرف.
دعمه وأخبره أنك تتفهم مشاعره، لكن لا تحاول أن تقلل من حجم الفجيعة.
اعرض عليه بعض المساعدات العملية كالذهاب للتسوق أو إعداد الطعام أو ترتيب المنزل، لكن لا تضغط عليه لو لم يكن يرغب في ذلك.
احذر من جمل مثل: "أنت أقوى من ذلك..يمكنك التغلب على هذا الأمر..تماسك من أجل أبنائك وزوجتك..." لأنها تضع عليه عبئا نفسيا إضافيا إذ قد يضغط على نفسه ويخفي مشاعره حتى يبدو متماسكا ومسيطرا على الأمور.
استمر في دعمه وعرض مساعدتك حتى بعد مرور الصدمة الأولى فعادة ما يأخذ الأمر وقتا طويلا حتى يتعافى ويتمكن من استئناف حياته الطبيعية.
حاول ألا تتركه في المناسبات والأحداث الهامة كأعياد الميلاد والذكرى السنوية لأنها قد تكون أوقات صعبة جدا عليه.
ساعده على إعادة ترتيب حياته واستئنافها بعد الفقيد وشجعه على اتخاذ القرار بنفسه.
ساعده على التغلب على ارتباطه العاطفي بالفقيد وشجعه على استثمار طاقاته الانفعالية والعاطفية في علاقات جديدة.
ساعده في حل ما قد يقابله من مشكلات ولا تبخل عليه بالنصائح والتوصيات التي قد تساعده.
في حال لاحظت على صديقك أي من الأعراض التالية، لا تتردد في طلب المساعدة الطبية:
تعاطي المخدرات أو المسكرات.
إهمال المظهر أو النظافة الشخصية.
بعض الاضطرابات والمشكلات الجسدية.
التحدث عن الانتحار.
هل يحتاج الحزن إلى مراجعة الطبيب النفسي؟؟؟
هناك مواقف يتطلب حلها اللجوء إلى أصحاب الاختصاص لمراجعة الحالة النفسية والبدنية، وأهمها:
الحزن المعقد Complicated Grief:
يحدث ذلك في حال استمر الحزن لفترات طويلة أو كان حاد الشدة وأدي إلى تدمير الحالة العاطفية الانفعالية، ومن أهم أعراضه:
عدم تقبل موت الشخص العزيز أو الحبيب.
الغرق في الذكريات واسترجاع الأحداث والأوقات التي قضاها الفرد مع الفقيد.
أعراض حادة: كالغضب، الحزن الشديد أو الاكتئاب.
التصرف كما لو كان الفقيد موجود بفعل وتخيله في كل مكان.
الاشتياق الدائم للفقيد والبحث عنه.
بعض التصرفات أو الأعراض الجسدية غير الطبيعية.
قطع كافة العلاقات الاجتماعية.
جدير بالذكر أن الأفراد المسئولين عن رعاية المريض والاهتمام بشئونه أكثر عرضة للإصابة بهذه الأعراض خاصة قبل وفاته.
الاكتئاب الحاد Major Depression:
يصاب واحد من خمسة ممن فقدوا أحد الأحباء بحالة الاكتئاب الحاد، أو ما يطلق عليه" الاكتئاب الإكلينيكي"، وهي حالة شائعة تتطلب التدخل الطبي ويمكن الشفاء منها بإذن الله. وترتفع مخاطرة الإصابة بالاكتئاب لمن سبق لهم الإصابة بالاكتئاب أو من يعانون من مشكلات وضغوط كبيرة في حياتهم أو من لديهم تاريخ سابق مع المخدرات أو الكحول. ومن أهم الأعراض التي تميز الاكتئاب الحاد عن الحزن العادي:
شعور دائم باليأس وانعدام القيمة.
تفكير دائم في الموت أو الانتحار.
عدم القدرة على القيام بالأعمال والأنشطة اليومية.
الشعور بالذنب على الأشياء التي حدثت أو التي لم تحدث عند الوفاة.
الهلاوس والأوهام والتخيلات.
ضعف الاستجابة.
فقدان الوزن بشكل ملحوظ.
استمرار مثل هذه الأعراض لأكثر من شهرين بعد الوفاة.
ارجوتنال اعجابكم تقيم +تثبيت
سانكتب كل يوم موضوع ان شاءالله حكمه من حكم البشر
عسي تفيدنا في حياتنا
وتزيل قليل من حياتنا الكأب والسوادالذى اصبح سائداكثيرافي حياه الناس
الحزن والأسى من منظور نفسي
الحزن والأسى على فراق عزيز قد يحدث تبديلاً في حياة الإنسان، وهي تجربة قاسية ومريرة تختلف عن باقي تجارب الحياة. والحزن إحساس إنساني طبيعي نشعر به عند فقد شخص عزيز، لكن يختلف الناس فيما بينهم في حدة مشاعرهم، وأساليب تعبيرهم عن آلامهم، وقدرتهم على التعايش مع أحزانهم، وتتوقف استجابة الفرد لوفاة أحد الأحباء بعد معاناة مع مرض خطير كالسرطان، مثلا، على عدة عوامل، أهمها سماته الشخصية، مدى علاقته بالفقيد، خبراته وتجاربه السابقة، طبيعة المرض وتتطور الحالة قبل الوفاة هذا بالإضافة إلى خلفيته الثقافية والدينية والاجتماعية.
الموت بعد صراع مع المرض (الحزن التوقعي):
في الغالب تحدث الوفاة بسبب السرطان بعد فترة طويلة من المعاناة والألم، يعاني المريض خلالها من تدهور حالته الصحية وفقده القدرة على التحكم في عقله وجسده وحياته بشكل عام. وهكذا، عادة ما يتسبب السرطان في إنهاك المريض وأفراد أسرته نفسيا وعاطفيا وجسديا. وفي مثل هذه الحالة، يكون الحزن على الفقيد مختلفا بعض الشئ عما إذا كانت الوفاة مفاجئة(كحادث سيارة مثلا)، فعادة ما يسيطر الحزن على الأهل في المراحل النهائية للمرض لأنهم يتوقعون أنهم سيفتقدونه عما قريب. وعلى الرغم من شدة الموقف وصعوبته عليهم، خاصة وأنهم يرونه يتألم أمامهم، إلا أن ذلك يعد بمثابة تمهيد للوفاة والحدث الصادم. كما يمنحهم فرصة لتوديع المريض والتعبير عن حبهم له. قد يظن البعض أن توقع الوفاة سوف يقلل من الشعور بالحزن والأسى، لكن بمجرد حدوث الفجيعة تظهر على الفرد نفس مشاعر الصدمة والحزن. كما أن شعور الجميع بأن المريض في أيامه الأخيرة يزيد من تعلقهم به وإحساسهم بالذنب وانعدام الحيلة فقد تراودهم أحاسيس بأنهم سوف يتخلون عنه. كما أن المريض نفسه قد يعاني من الأسى والحزن الشديد مما يدفعه إلى الانسحاب.
مراحل الحزن:
يعتقد كثير من الناس أن الحزن مرحلة واحدة تستمر لفترة قصيرة يعاني خلالها الفرد من الألم النفسي والأسى بسبب وفاة شخص عزيز، لكن في الحقيقة الحزن عملية انفعالية معقدة يحاول من خلالها الفرد أن يتعايش مع الحدث، وقد تستمر لفترة طويلة. وعلى الرغم من أنه شعور قاسي ومؤلم، إلا انه من الضروري جدا أن تسمح لنفسك بالتعبير عنه، ولا تتردد في طلب دعم الآخرين ومساعدتهم حتى تتمكن من تخطي تلك الأزمة واستئناف حياتك بشكل طبيعي. ربما تشعر بالارتياح لبعض الوقت وقد تجد أن الأمور بدأت تسير على ما يرام لمدة لكن فجأة ومن دون أي سابق إنذار يمكن أن تجتاحك عاصفة من الحزن.. هذا أمر طبيعي جدا لا تنزعج منه على الإطلاق.
المرحلة الأولى:
ربما كان رد الفعل الأول الذي يبديه غالبيتنا عند فقد شخص عزيز هو الشعور بالصدمة، والإنكار، وعدم التصديق والخواء وهي حالة قد تستمر مع الفرد من ساعات إلى أسابيع. وفي تلك الأثناء، قد يشعر المرء كما لو أنه منفصل عاطفيا عن العالم بأكمله، وفي بعض الأحيان قد تهاجمه نوبات من الأسى والحزن خاصة عندما يرى أي شئ يذكره بالفقيد فيشعر بالضعف والانهيار وينخرط في البكاء أو تسيطر عليه ذكرياته مع الفقيد، وربما حاول أن يصرف نفسه عن هذه الحالة بأي نشاط.
وفي هذه المرحلة، سوف ينشغل الفرد بالإعداد لإجراءات التغسيل والتكفين والدفن كما يتوافد علي الأهل والأصدقاء لتقديم واجب العزاء. وفي بعض الأحيان، قد يستمر معه شعور بفقد القدرة على التحكم في ما يجري حوله من طقوس وأحداث.
المرحلة الثانية:
وفي هذه المرحلة تبدأ المواجهة الحقيقية للمصيبة، إذ تتراجع مشاعر الذهول والانفصال لتحل محلها مشاعر الأسى والألم، فيدرك الفرد حينها حجم ما فقده ويبدأ في التأقلم مع التغييرات والأوضاع الجديدة.
وتختلف أعراض الحزن في هذه المرحلة من شخص لآخر، وان كانت تظهر في شكل نوبات من الأسى والألم، وقد يبدو المرء مشوش ومضطرب، وقد يجد صعوبة في التفكير أو التذكر أو القيام بأنشطته اليومية المعتادة. وبشكل عام، يمكن إيجاز تلك الأعراض كما يلي:
الميل للعزلة والانسحاب.
صعوبة التركيز والتفكير.
القلق والتوتر من وقت لآخر.
ضعف الشهية.
الحزن.
الشعور بالاكتئاب.
رؤية الفقيد سواء في الأحلام أو تخيله أثناء اليوم.
فقدان الوزن.
صعوبة النوم.
إحساس بالإرهاق أو الضعف.
الانشغال بالتفكير في الموت أو ما يتعلق به من أفكار.
البحث عن أسباب لتفسير ما حدث (قد يراها البعض أسباب غير منطقية).
التفكير في الأخطاء( سواء الحقيقية أو الخيالية) التي اقترفها في حق المتوفى.
الشعور بالذنب.
الإحساس بالانفصال عن الآخرين والوحدة.
التعبير عن الغضب أو الحقد على الآخرين ممن لم يفقدوا أحبائهم.
غالبا ما يحتاج الفرد في مثل هذه المرحلة إلى الدعم العاطفي والنفسي سواء من أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو جماعات الدعم أو حتى أخصائي نفسي حتى يساعدوه على تقبل ما حدث والتعايش معه.
المرحلة الثالثة:
التقبل هو السمة المميزة للمرحلة الثالثة للحزن، فعلى مدى الشهور التالية للوفاة يبدأ الفرد في تقبل الوضع تدريجيا والاعتراف بموت العزيز الفقيد فيعيد ترتيب حياته دون الفقيد، وان كان من المتوقع ألا يتمكن من التأقلم بشكل كامل مع التغيرات العاطفية والحياتية إلا بعد مرور عام أو أكثر. وعلى الرغم من أن حدة الألم تقل تدريجيا، إلا أن تعلق الفرد بالفقيد قد يستمر لسنوات عديدة بعد وفاته. وبمرور الوقت ينجح الفرد في استثمار طاقته العاطفية في علاقات جديدة.
التعايش مع الحزن في مراحله المختلفة:
إن مشاعرنا وأحزاننا ليس سببها الوفاة فقط، فنحن نتألم على خططنا وعلاقاتنا وترتيباتنا المستقبلية مع هذا الشخص..وقد يستمر افتقادنا له لسنوات طويلة. فإذا فقد الفرد أحد الوالدين، قد يتذكره في موقف أو مناسبة ما بعد سنوات مما يعيد إحياء الحزن والألم في قلبه.
نحن نحزن على انفصالنا عن الفقيد..وابتعاده عنا بعدما كان يحتل جزءا هاما من حياتنا..وتبدأ المشكلة بعد الوفاة مباشرة إذ يترك هذا الشخص فراغا كبيرا ونجد أن لدينا كما هائلا من المشاعر لا نعلم من سواه قد يستحقها..نبدأ نفكر ترى كيف ستكون حياتنا بعد ذلك؟؟ كيف ستكون علاقاتنا؟؟ باختصار نحن نحزن على أنفسنا وحياتنا بدونه.
الحل الوحيد لهذه المشكلة هو البدء في توجيه تلك الطاقة العاطفية التي كنا نفرغها مع هذا الشخص..يمكننا مثلا الاتجاه لتكوين علاقات جديدة أو الانخراط في أنشطة مفيدة. وعلينا كذلك أن نبدأ في إعادة ترتيب حياتنا بما يتفق مع الأوضاع الجديدة..ولا نعني بذلك أننا غير مخلصين للفقيد أو أننا نحاول أن ننساه لكن لابد أن نبحث عن مصدر جديد للإشباع العاطفي.
كيف تتغلب على الشعور بالأسى؟
عبر عن مشاعرك، وتحدث عما يجول بداخلك من أفكار. يمكنك اللجوء لأقاربك وأصدقائك فستجد منهم آذانا صاغية، ولا تخجل من دموعك فكل ذلك يساعدك على التخلص من المشاعر السلبية الكامنة داخلك بما فيها الغضب والشعور بعقدة الذنب والوحدة والإنهاك.
اصبر على نفسك وامنحها الفرصة للتغلب على مشاعر الحزن والأسى ولا تحاول أن تضغط على نفسك أو تقارن ردود فعلك بالآخرين. ولا تسمح لأي أحد أن يفرض عليك مشاعر أو تصرفات معينة أو يخبرك متى يجب أن تتوقف عن الحزن.
حافظ على نمط حياتك وروتينك اليومي العادي. تجنب القيام بتغييرات كبيرة أو اتخاذ قرارات هامة في العام الأول بعد الفجيعة (تغيير العمل أو المنزل، أو الانفصال والطلاق) لأن ذلك من شأنه أن يشعرك ببعض الاستقرار والأمان.
فرغ مشاعرك على الورق: اكتب رسائل إلى العزيز الفقيد وابعث إليه بأمور تريد قولها له ولكن إذا لم تسعفك الفرص للقيام بذلك، تحدث إليه وقل له كم أنت تفتقده وقد تجد في الأمر وسيلة لتخفيف الأسى في نفسك. وقد تجد في قراءة الكتب مسألة جيدة تساعدك خاصة إذا كانت تلك الكتب تحتوي على تجارب مماثلة لأشخاص قد نجحوا في التغلب على أجواء الأسى التي كانوا يعيشونها.
كن مبدعا: احتفظ بسجل يومياتك تكتب فيه مشاعرك وأفكارك، ارسم لوحة، ازرع الزهور أو الأشجار، أو شارك في الأنشطة التي كان يمارسها الفقيد.
اعتني بنفسك: يؤثر الأسى على تفكير الإنسان وعلى جسمه وروحه.
ومن هنا عليك فعل أي شيء كي تخفف عن نفسك. حاول في هذه المرحلة أن تتناول وجبات مناسبة. ولتخفيف التوتر يمكنك الخروج من البيت للنزهة أو القيام بتدريبات بدنية يوميا.
احذر المخدرات أو الكحول حتى لا تقع في مشكلات أنت في غنى عنها. كما أن الإدمان قد يؤذي جسدك ويؤثر سلبيا على قدرتك على التعافي واجتياز الأزمة.
لا تلوم نفسك، وسامحها على أي خطأ اقترفته. وحاول أن يمتد تسامحك ليشمل الآخرين فتغفر لكل من أخطأ في حقك.
مارس بعض الأنشطة المحببة لتُخرجك من جو الحزن والكآبة، والأمثلة كثيرة منها: قراءة كتاب، الاستماع إلى الموسيقى الهادئة، الخروج في نزهة، مشاهدة برنامجك المفضل، الخروج لتناول العشاء مع أحد الأصدقاء... الخ.
استعد جيدا للمناسبات الهامة والأجازات التي قد تذكرك بالفقيد. قرر مسبقا إذا كنت تود أن تُبقي على بعض الطقوس أو تُدخل بعض التعديلات. حدد جيدا كيف ستقضي وقتك في هذا اليوم ولا تنسى أن تخطط لشئ ما يحيي ذكرى الفقيد.
انضم إلى مجموعة دعم تشاطرك أحزانك وتساعدك على التخلص من معاناتك: تتيح لك مجموعات الدعم التحدث مع آخرين مروا بالتجربة ذاتها وهكذا، تشعر أنك لست وحيدا في هذه المحنة وأن هناك الكثيرين ممن مروا بمحن قد تكون أقسى من محنتك. ويمكنهم كذلك أن يشجعوك ويقترحوا عليك بعض النصائح التي تساعدك على التغلب على مشاعر الحزن والأسى.
كيف تواسي صديقك؟؟
إنه حقا موقف صعب عندما تقف أمام صديقك لتعزيه أو تواسيه على فقد شخص عزيز عليه، ولا تنزعج إذا شعرت بالارتباك أو لم تعلم كيف تتصرف، فقط تابع معنا النقاط التالية:
ماذا تقول؟
ابدأ بجملة افتتاحية بسيطة، مثل:" سمعت أن والدك توفى... البقاء لله... اصبر واحتسب يا أخي."
عبر عن اهتمامك وتأثرك بالموقف، ولا تحاول أن تخفي مشاعرك:" لا أعرف ماذا أقول...لقد أحزنني ذلك حقا..فوالدك كان أبا لنا جميعا.. لكن الموت حق.. أسأل الله أن يكتب له الرحمة والمغفرة وأن يجعله من أهل الجنة."
اعرض عليه المساعدة: "قل لي، أخي، كيف أستطيع مساعدتك؟"
اسأله عن مشاعره وأحاسيسه، ولا تفترض أنك تعرف كيف يشعر في أي وقت من الأوقات.
ماذا تفعل؟
كن بجواره دائما، فحتى لو لم تكن تعرف ماذا تفعل أو كيف تساعده، مجرد تواجدك بجواره يشعره بالارتياح والاطمئنان.
استمع له وشاركه في أحاسيسه وآلامه، لكن لا تضغط عليه أو تحاول أن تجبره على التحدث لو لم يكن يرغب في ذلك.
كن مستمعا جيدا. تقبل مشاعره مهما كانت سلبية ولا تحاول أن تخبره كيف يجب أن يشعر أو يتصرف.
دعمه وأخبره أنك تتفهم مشاعره، لكن لا تحاول أن تقلل من حجم الفجيعة.
اعرض عليه بعض المساعدات العملية كالذهاب للتسوق أو إعداد الطعام أو ترتيب المنزل، لكن لا تضغط عليه لو لم يكن يرغب في ذلك.
احذر من جمل مثل: "أنت أقوى من ذلك..يمكنك التغلب على هذا الأمر..تماسك من أجل أبنائك وزوجتك..." لأنها تضع عليه عبئا نفسيا إضافيا إذ قد يضغط على نفسه ويخفي مشاعره حتى يبدو متماسكا ومسيطرا على الأمور.
استمر في دعمه وعرض مساعدتك حتى بعد مرور الصدمة الأولى فعادة ما يأخذ الأمر وقتا طويلا حتى يتعافى ويتمكن من استئناف حياته الطبيعية.
حاول ألا تتركه في المناسبات والأحداث الهامة كأعياد الميلاد والذكرى السنوية لأنها قد تكون أوقات صعبة جدا عليه.
ساعده على إعادة ترتيب حياته واستئنافها بعد الفقيد وشجعه على اتخاذ القرار بنفسه.
ساعده على التغلب على ارتباطه العاطفي بالفقيد وشجعه على استثمار طاقاته الانفعالية والعاطفية في علاقات جديدة.
ساعده في حل ما قد يقابله من مشكلات ولا تبخل عليه بالنصائح والتوصيات التي قد تساعده.
في حال لاحظت على صديقك أي من الأعراض التالية، لا تتردد في طلب المساعدة الطبية:
تعاطي المخدرات أو المسكرات.
إهمال المظهر أو النظافة الشخصية.
بعض الاضطرابات والمشكلات الجسدية.
التحدث عن الانتحار.
هل يحتاج الحزن إلى مراجعة الطبيب النفسي؟؟؟
هناك مواقف يتطلب حلها اللجوء إلى أصحاب الاختصاص لمراجعة الحالة النفسية والبدنية، وأهمها:
الحزن المعقد Complicated Grief:
يحدث ذلك في حال استمر الحزن لفترات طويلة أو كان حاد الشدة وأدي إلى تدمير الحالة العاطفية الانفعالية، ومن أهم أعراضه:
عدم تقبل موت الشخص العزيز أو الحبيب.
الغرق في الذكريات واسترجاع الأحداث والأوقات التي قضاها الفرد مع الفقيد.
أعراض حادة: كالغضب، الحزن الشديد أو الاكتئاب.
التصرف كما لو كان الفقيد موجود بفعل وتخيله في كل مكان.
الاشتياق الدائم للفقيد والبحث عنه.
بعض التصرفات أو الأعراض الجسدية غير الطبيعية.
قطع كافة العلاقات الاجتماعية.
جدير بالذكر أن الأفراد المسئولين عن رعاية المريض والاهتمام بشئونه أكثر عرضة للإصابة بهذه الأعراض خاصة قبل وفاته.
الاكتئاب الحاد Major Depression:
يصاب واحد من خمسة ممن فقدوا أحد الأحباء بحالة الاكتئاب الحاد، أو ما يطلق عليه" الاكتئاب الإكلينيكي"، وهي حالة شائعة تتطلب التدخل الطبي ويمكن الشفاء منها بإذن الله. وترتفع مخاطرة الإصابة بالاكتئاب لمن سبق لهم الإصابة بالاكتئاب أو من يعانون من مشكلات وضغوط كبيرة في حياتهم أو من لديهم تاريخ سابق مع المخدرات أو الكحول. ومن أهم الأعراض التي تميز الاكتئاب الحاد عن الحزن العادي:
شعور دائم باليأس وانعدام القيمة.
تفكير دائم في الموت أو الانتحار.
عدم القدرة على القيام بالأعمال والأنشطة اليومية.
الشعور بالذنب على الأشياء التي حدثت أو التي لم تحدث عند الوفاة.
الهلاوس والأوهام والتخيلات.
ضعف الاستجابة.
فقدان الوزن بشكل ملحوظ.
استمرار مثل هذه الأعراض لأكثر من شهرين بعد الوفاة.
ارجوتنال اعجابكم تقيم +تثبيت