المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسوعة السنن النبوية


الصفحات : [1] 2

شموخ المجد
12-11-14, 01:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موسوعة السنن النبوية موضوع متجدد

سوف يتم فيه بإذن الله جمع ما أمكن من السنن النبوية بحيث يكون مرجع يسهل العودة اليه والإستفادة من محتواه..

والله الموفق لكل خير ..

شموخ المجد
12-12-14, 09:42 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فيما يلي عشرون سنَّة متروكة ومهجورة، كلُّها صحَّت عن نبيِّنا الكريم عليه الصَّلاة والسَّلام:

1- لعـق الأصابع قبل مسحها أو غسلها:
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (إذا أكل أحدكم؛ فلا يمسح يده؛ حتَّى يَلعقها أو يُـلعقها)متفق عليه.

2- إماطة الأذى عن اللُّقمة السَّاقطة ثمَّ أكلها:
عن جابر رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ بِلَعْقِ الأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ، وَقَالَ: (إِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ)رواه مسلم. وفي لفظ : (إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها، فليمط ما كان بها من الأذى، وليأكلها، ولا يدعها للشَّيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتَّى يلعق أصابعه، فإنَّه لا يدري في أيِّ طعامه البركة)رواه مسلم.

3- لعق القصعة والإناء ونحوها:
دليل هذه السُّنَّة حديث جابر المتقدِّم في المـسألـة السَّابقة، وحديث أنس رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: وأمرنا أن نسلت القصعة قال: (فإنَّكم لا تدرون في أيِّ طعامكم البركة)رواه مسلم.

4- استحباب السُّحور بالتَّمر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (نعم سحور المؤمن التَّمر)رواه أبو داود، وصحَّحه الألباني. قال ابن القيم في زاد المعاد عن التَّمر: (وهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وشراب، وحلوى).

5- التَّنفس عند الشُّرب خارج الإناء ثلاثاً:
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يتنفَّس في الشَّراب ثلاثاً ويقول: (إنَّه أروى، وأبرأ، وأمْرأ)متفق عليه.

6- مزْج اللَّبن بالماء:
عن أنس رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أُتْيَ بلبنٍ قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابيٌ، وعن يساره أبو بكر، فشرب ثمَّ أعطى الأعرابي وقال: (الأيمنُ فالأيمنُ)متفق عليه.

7- الدُّعاء عقب شرب اللَّبن:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخلت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنا وخالد بن الوليد على ميمونة، فجاءتنا بإناءٍ من لبنٍ، فشرب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنا عن يمينه، وخالد عن شماله، فقال لي: (الشُّربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً) فقلت: ما كنت أوثر على سؤرك أحداً، ثمَّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (من أطعمه الله الطَّعام فليقل: اللهمَّ بارك لنا فيه، وأطعمنا خيراً منه. ومن سقاه الله لبناً فليقل: اللهمَّ بارك لنا فيه وزدنا منه). وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: (ليس شيء يجزئ مكان الطَّعام والشَّراب غير اللَّبن)رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني لكثرة شواهده وطرقه.

يتبع ...

شموخ المجد
12-12-14, 09:45 AM
8- استحباب المضمضة بعد شرب اللَّبن ونحوه:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شرب لبنًا فمضمض وقال: (إنَّ لـه دسمًا)متفق عليه. قال ابن حجر في الفتح: (فيه بيان العلَّة للمضمضة من اللَّبن، فيدلُّ على استحبابها من كلِّ شيء دسم).

9- كثرة الاستغفار في المجلس:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (إن كنَّا نعد لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، في المجلس الواحد مائة مرة: رب اغفر لي، وتب عليَّ، إنَّك أنت التَّواب الرَّحيم) رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.

10- العدول عن الأمر المحلوف عليه للمصلحة مع الكفارة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (من حلف على يمين؛ فرأى غيرها خيراً منها؛ فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه)متفق عليه.

11- السُّجود للشُّكر عند حصول ما يسر، واندفاع ما يكره:
قال البغويُّ في شرح السُّنَّة: (سجود الشُّكر سنَّة عند حدوث نعمة طالما كان ينتظرها، أو اندفاع بليَّة ينتظر انكشافها). وقال ابن القيم في زاد المعاد: (وكان من هديه صلَّى الله عليه وسلَّم وهدي أصحابه، سجود الشُّكر عند تجدُّد نعمة تسر، أو اندفاع نقمة).

12- تهنئة من تجدَّدت لـه نعمة دينيَّة أو دنيويَّة:
أخرج البخاري ومسلم، في قصَّة توبة كعب بن مالك رضي الله عنه قولـه: (فقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يُهرول؛ حتَّى صافحني وهنَّأني). قال ابن القيم في الزَّاد: (وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجدَّدت لـه نعمة دينيَّة، والقيام إليه إذا أقبل ومصافحته، فهذه سنَّة مستحبَّة).

والآن بعض النَّاس يرى أخاه اشترى ثوباً جديداً، أو قطعة أثاث جديدة، ويظلُّ ساكتاً، بإمكانه يقول: ما شاء الله تبارك الله، أسأل الله أن يبارك لك.

13- صلاة ركعتين عند التَّوبة من الذَّنب:
عن أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ما من رجلٍ يذنب ذنباً، ثمَّ يقوم فيتطهر، ثمَّ يصلِّي - وفي رواية: ركعتين - ثمَّ يستغفر الله؛ إلا غفر الله له)رواه أبو داود والترمذي، وصحَّحه الألباني.

14- التَّصدُّق عند التَّوبة:
أخرج البخاري ومسلم، في قصَّة كعب رضي الله عنه قوله: (قلت: يا رسول الله!! إنَّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله: أمسك عليك بعض مالك، فهو خيرٌ لك). قال ابن القيم في الزَّاد: (وقول كعب يا رسول الله!! إنَّ من توبتي أن أنخلع من مالي، دليلٌ على استحباب الصَّدقة عند التَّوبة بما قدر عليه من المال).


يتبع ...

شموخ المجد
12-12-14, 09:49 AM
15- التَّكبير والتَّسبيح عند التَّعجب أو الاستنكار:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنَّه لقيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بعض طرق المدينة، وهو جنب فانسلَّ، فذهب فاغتسل، فتفقده النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فلمَّا جاء قال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله!! لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتَّى أغتسل، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (سبحان الله! إنَّ المسلم لا ينجس)متفق عليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إنِّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنَّة فكبَّرنا، ثمَّ قال: ثلث أهل الجنَّة فكبَّرنا، ثمَّ قال: شطر أهل الجنَّة فكبَّرنا)متفق عليه.

16- استحباب كتابة الوصيَّة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت فيه ليلتين) وفي رواية: (ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة عنده)متفق عليه. قال نافع سمعت عبد الله بن عمر يقول: ما مرَّت عليَّ ليلة منذ سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول ذلك؛ إلا وعندي وصيتي مكتوبة.

17- ردُّ المقترض بأكثر ممَّا اقترضه كمَّاً وكيفاً من غير اشتراط سابق:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رجلاً أتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يتقاضاه؛ فأغلظ له، فهمَّ به أصحابه؛ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (دعوه، فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالاً)، ثمَّ قال: (أعطوه سناً مثل سنِّه). قالوا: يا رسول الله!! لا نجد إلا أمثل من سنِّه. قال: (أعطوه، فإنَّ خيركم أحسنكم قضاءً)متفق عليه.

18- عدم نزع اليد عند المصافحة حتَّى ينزعها الآخـر:
عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا صافح رجلاً لم يترك يده؛ حتَّى يكون المصافح هو التَّارك ليد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. صحَّحه الألباني


19- كفُّ الصِّبيان عن الخروج من المنزل عند أول قدوم اللَّيل، وتغطية الإناء في اللَّيل:
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إذا كان جنح الليل أو أمسيتم، فكفُّوا صبيانكم؛ فإنَّ الشَّيطان ينتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل، فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإنَّ الشَّيطان لا يفتح باباً مغلقاً، وأوكوا قربكم، واذكروا اسم الله، وخمِّروا آنيتكم، واذكروا اسم الله، ولو أنَّ تعرضوا عليه شيئاً، وأطفئوا مصابيحكم)متفق عليه.

20- تعريض الجسم للمطر عند نزوله:
عن أنس رضي الله عنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مطرٌ. قال: فحسر " أي: كشف" رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثوبه حتَّى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله!! لم صنعت هذا؟. قال: (لأنَّه حديث عهد بربِّه)رواه مسلم. قال النَّووي في شرحه: (وفي الحديث دليل لقول أصحابنا: إنَّه يستحبُّ عند أول المطر أن يكشف غير عورته يناله المطر واستدلوا بهذا، وفي أنَّ المفضول إذا رأى من الفاضل شيئاً لا يعرفه، أن يسأله عنه، ليعلمه، فيعمل به، ويعلِّمه غيره).


المصدر : موقع المسلم

شموخ المجد
12-17-14, 10:13 AM
فيما يلي مجموعة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم

بقلم د: راغب السرجاني

***********************************

1- سُنَّة نفض الفراش قبل النوم

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتمُّ بأمن وأمان المسلم، وقد وردت سُنن كثيرة عنه في هذا المجال؛ منها هذه السُّنَّة التي بين أيدينا، وهي سُنَّة نفض الفِراش قبل النوم؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ".
فالعلَّة هنا في نفض الفِراش هي إزالة ما قد يكون عليه من عقرب، أو حشرات، أو غير ذلك من مخاطر، فيأمن المسلم عند نومه منها، كما يخلو ذهنُه للأذكار الكثيرة التي اعتاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولها قبل نومه، التي كان أحدها ما ورد في الرواية نفسها كما مرَّ بنا، فلا يُلهيه الشيطان باحتمال وجود حشرة في فراشه.


وهناك رواية أخرى عند مسلم ذكر فيها بعض التفاصيل الأخرى لعملية استعداده صلى الله عليه وسلم للنوم؛ فعَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ، وَلْيُسَمِّ اللهَ، فَإِنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ رَبِّي بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي، فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ".
فبذلك رأينا ترتيب بعض أعماله صلى الله عليه وسلم قبل النوم، فكان يبدأ بنفض الفِراش، ثم التسمية، ثم الاضطجاع على الجانب الأيمن، ثم قول الدعاء المذكور في الرواية، بالإضافة إلى سنن أخرى وردت في أحاديث مختلفة.


ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى أننا ينبغي أن نقوم بسُنَّة نفض الفِراش مع أننا لا نسكن في مثل البيئة الصحراوية التي كان يسكن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد لا يُشْتَهَر عندنا وجود مثل هذه المخاطر في فِراشنا، والغرض من أداء هذه السُّنَّة هو اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والفوز بأجر العمل، كما أننا لا ندري فلعلَّ أداء هذه السُّنَّة يكشف لنا يومًا عن خطر كان يُهَدِّدنا.


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-17-14, 10:16 AM
2- سُنَّة سيد الاستغفار

منتهى أحلام المؤمن أن يدخل الجنة؛ ولكن قد تَحُول الذنوب بين العبد وبين مراده؛ فالذنوب لا تتوقَّف، والملائكة تُحْصِي بدقَّة، وحُلم دخول الجنة يتعرَّض للخطر! والرسول الرحيم صلى الله عليه وسلم يحبُّ لنا الخير والنجاح، وقد عَلَّمَنا قولاً نقوله كلَّ صباح ومساء يجعلنا بإذن الله تعالى من أهل الجنة، وهو سيد الاستغفار؛ فقد روى البخاري عن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ"، قَالَ: "وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ".


وقد سُمِّي هذا الدعاء بسيد الاستغفار لأنه لا يذكر الاستغفار مباشرة، إنما يُقَدِّم له بتوحيد ربِّ العالمين، وباعتراف العبد بذنوبه، وكذلك اعترافه بنعمة الله عليه؛ مما يجعله في حالة ابتهال وخشوع يُحَقِّق له مغفرة الله عز وجل؛ لهذا اشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء أن يقول المسلم هذه الكلمات وهو موقن بها، حتى تتحقَّق المغفرة؛ ومن ثَمَّ يُصبح القائل من أهل الجنة؛ لأن مَنْ غُفِرَ له دخل الجنة، والسُّنَّة أن يُقال الدعاء مرَّة واحدة صباحًا، وأخرى مساءً.


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-17-14, 10:24 AM
3- سُنَّة شكر الناس


من أروع فنون العلاقات الإنسانية أن تُقَدِّم الشكر لمن أسدى إليك معروفًا، فالذي يساعد الناس يبذل جهدًا لذلك، وقد يفعل هذا الجهد في مرَّة، ويفتر عنه في مرَّات أخرى، وتقديم الشكر له يساعده على استمرار بذل الجهد في هذا المجال، وليس في انتظاره للشكر شيء؛ لأن الفطرة الإنسانية مجبولة على ذلك، وقد علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشكر الناس عندما يفعلون خيرًا لنا، فقد روى الترمذي -وقال الألباني : صحيح- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُرُ اللهَ".


بل وعلَّمنا كيفية هذا الشكر وطريقته، فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا. فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ". فلنحرص على شكر الناس، ولنحفظ هذا الدعاء النبوي الجميل: "جزاك الله خيرًا".


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-17-14, 10:26 AM
4- سُنَّة التبسم

ما أجمل أن تنتشر البسمة في المجتمع المسلم، وهي تُخَفِّف كثيرًا من الآلام التي يعيشها الناس في كل لحظة، وليس بالضرورة أن تكون خاليًا من الأزمات والمشاكل حتى تبتسم؛ بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم دومًا مع كون الأحزان كانت تلاحقه من موقف لآخر، وقد روى الترمذي وصحَّحه الألباني عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ رضي الله عنه، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم».

وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البسمة عملاً جليلاً تُؤجَر عليه، فقال -كما روى الترمذي وصحَّحه الألباني-: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ»،


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-17-14, 10:30 AM
5- سُنَّةالإستعاذة من شر الخلق


ما أكثر الشرور التي يمكن للإنسان أن يتعرَّض لها كل ليلة؛ سواء من الإنس أو الجنِّ، أو سائر الوحوش والحشرات والهوام!
ويُعَلِّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السبيل الأمثل للوقاية من هذه الشرور، وهو الاستعاذة بالله عز وجل، فهو الذي خَلَقَ الخَلْق، وهو القادر على دفع شرورهم؛ فيروي مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ. قَالَ: "أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. لَمْ تَضُرَّكَ".
وفي رواية الترمذي -وقال الألباني (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1): صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%A8%D9%8A_%D8%A3% D8%A8%D9%88_%D9%87%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D8%A9) رضي الله عنه أنه يُكَرِّر هذا الذِّكْر ثلاث مرَّات؛ حيث قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. لَمْ يَضُرَّهُ حُمَةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ". وكلمات الله التامات هي القرآن في قول بعض العلماء، أو غير ذلك من كلمات، والله أعلم، والحمة هي سمُّ العقرب، أو ما شابهه.
وهذا الدعاء يُقال في المساء فقط، ويمكن أن يُقال أيضًا عند النزول في مكان لا تعلمه، كاستراحات السفر، أو الأماكن المفتوحة؛ وذلك لما رواه مسلم عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ رضي الله عنها، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ".


فلْنحفظ هذا الدعاء، ولْنطمئن إلى وقاية الله لنا، وقد ذَكَرَ الترمذي (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84% D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B0%D9%8A) أن سهيل بن أبي صالح -وهو أحد رواة الحديث- كان يقول: "فَكَانَ أَهْلُنَا تَعَلَّمُوهَا فَكَانُوا يَقُولُونَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ فَلُدِغَتْ جَارِيَةٌ مِنْهُمْ فَلَمْ تَجِدْ لَهَا وَجَعًا".


ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-17-14, 03:00 PM
6 - السنن الخمس للأذان

الأذان عبادة عظيمة ليست مقصورة على المؤذِّنين؛ بل إنَّ هناك أعمالاً خمسة يقوم بها كلُّ مسلم إذا استمع للأذان:

وأول هذه الأعمال ترديد الأذان؛ فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ". إلاَّ عند ذِكْر حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح فإننا نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وذلك لما رواه البخاري من أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما "لما سمع حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْنَا نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ".

وثانيًا: بعد انتهاء الأذان نُصَلِّي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: ".. ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".

وثالثًا: نسأل منزلة الوسيلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال: ".. ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ"..

ورابعًا: ننطق بشهادة التوحيد، ونُعلن رضانا بالله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ودين الإسلام، فقد روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا. غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ"..

وخامسًا: ندعو الله بما نشاء، وهو دعاء مُجاب بإذن الله، لما رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الألباني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قُلْ كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ"..

شموخ المجد
12-17-14, 03:04 PM
7- سُنَّة التسبيح والحمد والتكبير دبر الصلاة

يقف المؤمن في صلاته في حضرة ربِّ العالمين، وليس من المناسب بعد انتهاء الصلاة أن يخرج المؤمن مباشرة بعد هذا اللقاء الإيماني الكبير إلى معترك الحياة فينسى ما كان فيه منذ لحظات قليلة، ولهذا شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ فترة انتقالية وجيزة قبل الانطلاق إلى أعمالنا، وأخبرنا بعظم الجزاء على صبرنا في مصلانا بعد انتهاء الصلاة؛ فقد روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ".

إن هذه الكلمات لن تأخذ على وجه التحديد أكثر من دقيقة ونصف! فلا نحرم أنفسنا من هذا الخير.

شموخ المجد
12-17-14, 03:05 PM
8- سُنَّة أكل الحلوى


لعلَّ الكثير من الناس لا يعرفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحبُّ أكل الحلويات! فقد روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَلَ".

والحلوى بشكل عامٍّ تُدْخِل البهجة على النفوس، والدراسات العلمية تُشير إلى أنها ترفع من الحالة المزاجية، وتقلِّل من الاكتئاب، ومن الجميل أن نستشعر حين نأكل الحلوى أننا نتَّبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ينبغي أن نستمتع بهذا الشعور ونحن نهدي الحلوى إلى الناس في زياراتنا المختلفة، وما أروع أن ننتمي إلى دين يتوافق مع الفطرة إلى هذه الدرجة، حتى إن أحدنا ليُؤْجَر على فعلٍ يحبُّه ويهواه -كأكل الحلوى والعسل- لأنه يُقَلِّد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم!

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-17-14, 03:08 PM
9- سُنَّة التسبيح في الصباح

في أغلب الأحوال الذي يعمل أكثر يأخذ أجرًا أعلى، وهذا مؤكَّد بشكل أكبر في مجال الأذكار؛ لأن الله عز وجل أمرنا أن نُكثر من الذكر؛ قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}[الأحزاب: 41]؛ ومع ذلك فالرسول الرحيم صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمنا في هذا الموقف كلمات قليلة سريعة تعدل وقتًا طويلاً في العبادة؛ فقد روى مسلم عَنْ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها -أم المؤمنين- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: "مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟" قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ".

فكم من الوقت ستأخذ منا هذه الكلمات القليلة؟! فلنحرص عليها ثلاث مرات كل صباح.

شموخ المجد
12-17-14, 03:09 PM
10- سُنَّة صلاة الضحى

نِعَمُ الله لا تُحْصى أبدًا؛ فقد قال تعالى في كتابه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [النحل:18]، وعلى المؤمن أن يشكر اللهَ كل يوم على هذه النعم الكثيرة، ولمـَّا كان هذا صعبًا؛ بل مستحيلاً، لكثرة النعم وتعدُّدها، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل لنا سُنَّة جميلة تكفينا شكر هذه النعم؛ وهي سُنَّة صلاة الضحى؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى".

فما أيسر ذلك من عمل!

ولهذه الأهمية القصوى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوصي أصحابه بالحفاظ على هذه الصلاة؛ فهذا أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه يقول -فيما رواه مسلم-: أَوْصَانِي حَبِيبِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ، لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: "بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لاَ أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ".

وهذا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يقول -فيما رواه مسلم أيضًا-: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ: "بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ".

فهي وصية متكرِّرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن نُصَلِّيَ صلاة الضحى من بعد الشروق بعشر دقائق إلى قبل الظهر بعشر دقائق؛ وهي ركعتان، أو أربعة، أو ستة، أو ثمانية، ولا تأخذ إلا دقائق معدودات.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

شموخ المجد
12-17-14, 03:15 PM
11- سُنَّة الصلاة بعد الوضوء

عجيب أن يعرف إنسان أنه يقينًا من أهل الجنة وهو ما زال يمشي على الأرض؛ ولكن الأعجب من ذلك هي الصيغة التي بَشَّر بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بلالَ بنَ رباح رضي الله عنه بدخوله الجنة! فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِبِلاَلٍ رضي الله عنه عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ: "يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ». قَالَ: "مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ". فرسول الله صلى الله عليه وسلم يُخبر بلالاً أنه بالفعل يمشي في الجنة! بل إنه في رواية للترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: "يَا بِلاَلُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ؟ مَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلاَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، دَخَلْتُ البَارِحَةَ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنَ العَرَبِ. فَقُلْتُ: أَنَا عَرَبِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَقُلْتُ: أَنَا قُرَشِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدٌ لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ". فَقَالَ بِلاَلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلاَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلاَّ تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بِهِمَا".

فهنا يُعَلِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم بلوغ بلال رضي الله عنه لهذا الشرف بهاتين الركعتين اللتين يُصَلِّيهما بعد الوضوء، وقد بَشَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي يفعل ذلك يُغْفَر له ما تقدَّم من ذنبه؛ فقد روى البخاري ومسلم عن حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ، فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلاَثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

فلنحرص على هذه السُّنَّة الجميلة عسى أن نكون أهلاً لمغفرة الله لنا ودخول الجنة.

شموخ المجد
12-17-14, 03:16 PM
12- سُنَّة دعاء السوق

هناك بعض السنن النبوية تبدو بسيطة وسهلة في أدائها، ومع ذلك فأجرها هائل، وقد يحتار الكثيرون عندما ينظرون إلى ثواب العمل، غير أن هناك دومًا أسبابًا لهذا الأجر العظيم؛ ولعلَّ من أعظم الأجور التي رأيناها في السُّنَّة النبوية أجر دعاء السوق! فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن- عن عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ دَخَلَ السُّوقَ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ"!
إن تحصيل مليون حسنة، ومحو مليون سيئة، لأمر يحتاج إلى وقفة! إن الأسواق تُعتبر من أكثر الأماكن التي يخسر فيها الناس دينهم؛ فهي في الغالب تُلْهي عن الصلاة وفعل الخيرات، كما أنها تؤثِّر سلبًا على العلاقات بين المسلمين! وذلك لأن التنافس بين الناس يكون على تحقيق أكبر قدر من الربح في المال، والمال -كما هو معروف- حبيب إلى النفس؛ قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]، فمن أجله يخسر الناس إخوانهم، بالإضافة إلى الكذب والخداع والغشِّ وغير ذلك من الآفات المنتشرة عند البيع والشراء؛ ولذلك كله كانت الأسواق هي شرَّ الأماكن في الدنيا؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا".
لهذا فإن مَنْ يتذكَّر هذا الدعاء العظيم في مثل هذه الأجواء، ومَنْ ينطق بشهادة التوحيد في مثل هذا المكان المـُلْهِي عن ذكر الله، فإن الله يُكافئه بهذا العطاء الهائل؛ فلنحرص على هذه السُّنَّة الجليلة! ولْنحرص كذلك على تقليل أوقاتنا في هذه الأسواق.

شموخ المجد
12-17-14, 03:20 PM
13- سُنَّة التَيَمُّن في لبس النعل

كان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يبدأ باليمين في كل أحواله، ولم يكن يبدأ بالشمال إلا في أحوال خاصة محدودة؛ فقد روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ".

وفي رواية النسائي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها -وقال الألباني: صحيح- ذَكَرَتْ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَنَعْلِهِ وَتَرَجُّلِهِ".

وهكذا كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم في لبس النعل أن يبدأ باليمين؛ ولكنه كان ينزع الشمال أولاً؛ وذلك لما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِاليَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، لِيَكُنِ اليُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ".

فلْنحرص على هذه السُّنَّة النبوية الجميلة، وليكن اليمين مُقَدَّمًا في حياتنا كلها.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-17-14, 03:24 PM
14- سُنَّة إفشاء السلام

تحتاج مجتمعاتنا إلى روح التحاب والمودَّة، ومن أسرع الطرق إلى ذلك إلقاء السلام على الناس، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».

وليس هذا مقصورًا على مَنْ تعرفه من الناس إنما مِن السُّنَّة أن تفعل ذلك مع كل الناس، سواء تعرفهم أو لا تعرفهم، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ عبدِ الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».

وكلما زِدْتَ في السلام زاد اللهُ لك في الأجر، فقد روى الترمذي وغيره -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عمران بنِ حصين، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عِشْرُونَ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثُونَ».

ويمكن تحقيق هذه السُّنَّة الجميلة بإلقاء السلام على أهل البيت عند الدخول، وعلى أصحاب العمل، وعلى المحال التجارية عند الشراء، وعلى أهل الشارع الذي تسكن فيه، وكذلك على الراكبين معك في وسائل المواصلات، وغير ذلك من تجمُّعات، وستجد أثرًا عظيمًا لهذه السُّنَّة في تعاملاتك مع الناس، بالإضافة إلى الأجر الجزيل من الله.

شموخ المجد
12-17-14, 03:27 PM
15- سُنَّة إعطاء حق الطريق

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع دومًا عن إيذاء الناس، ومن ذلك أنه كان ينهى أصحابه عن الجلوس في الطرقات والشوارع؛ لأن هذا قد يُسبِّب ضِيقًا للمارِّين بصورة من الصور، ومع ذلك فعندما وجد أن هذا الجلوس اضطراري في بعض الأحيان، ولا يمكن للناس أن تستغني عنه، وضع له شروطًا واضحة تجعل الضرر الواقع على الناس في أضيق الحدود؛ فكان هذا الموقف الذي ورد في السُّنَّة، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ!" فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ: "فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا". قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: "غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ".

فالأصل في السُّنَّة أن يمتنع المسلمون من الجلوس في طريق الناس؛ سواء في المنتديات العامة، أو على أبواب المحلات والمتاجر، أو في غير ذلك من الطرقات؛ ولكن إن حدث هذا الجلوس فليكن بالشروط النبوية الواضحة في الحديث؛ وهي شروط تضمن سلامة المجتمع وأمنه، وفي الوقت نفسه تُحقِّق للجميع الأجر والمثوبة من الله، وهذا هو جمال السُّنَّة النبوية.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-18-14, 08:02 AM
16- سُنَّة إعفاء اللحية

كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل جانب من جوانب الحياة سُنَّة، وكان يهتمُّ كثيرًا بتشجيع المسلمين على اتباع هذه السنن بشتَّى أنواعها، وكانت له سنن في العبادات، وأخرى في السلوكيات، وثالثة في المظهر، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتمُّ بواحدة على حساب الأخرى؛ بل كان يأمر بها جميعًا، وبعضُ الناس يظنُّ أنه ما دام يتَّبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عباداته وسلوكياته فلا ضير إنْ ترك سُنن الشكل والمظهر، وهذا خطأ كبير؛ لأن السُّنَّة كلها خير، وأجرها كلها عظيم، ولها من الفوائد ما لا يخطر على أذهان الناس، ومن هذه السنن سُنَّة إعفاء اللحية، بمعنى عدم حلقها، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أمرًا مباشرًا؛ فقد روى مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ: "أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ، وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ".

وذكر أنها من سنن الفطرة؛ فقد روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ..". وذكر أمورًا غير ذلك، وكان من الفوائد التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر مخالفة غير المسلمين من المشركين والمجوس، ويبدو أن الوضع في زمانه كان كما هو في زماننا، فإن معظم الناس يتجمَّلون بحلق اللحى، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلم أن يكون مختلفًا عن هؤلاء، وقد روى مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى".

وروى مسلم كذلك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ".

فصارت مخالفة المشركين والمجوس هدفًا واضحًا في هذه السُّنَّة، ولم يكن الأمر كما يدَّعِي بعضهم عادةً يفعلها الجميع في زمانه صلى الله عليه وسلم؛ بل كان حلق اللحية شائعًا في المشركين والمجوس إلى الدرجة التي جعلت إعفاء اللحية مخالفةً لهم، فثَبَتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد منَّا ذلك في كل زمان، فلنحرص على سُنَّته صلى الله عليه وسلم، ولنعلم أننا مأجورون على ذلك أجرًا عظيمًا؛ خاصةً أن حلق اللحى صار هو الأمر الشائع في معظم بلاد الدنيا، بما فيها بلاد المسلمين!

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

المصدر : موقع نصرة محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

شموخ المجد
12-19-14, 10:45 AM
17- سُنَّة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة

أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأداء الكثير من السنن النبوية في يوم الجمعة؛ ومن هذه السنن المهمَّة سُنَّة كثرة الصلاة عليه في هذا اليوم؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ". قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ -يَقُولُونَ: بَلِيتَ- فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ".

ويوم الجمعة يبدأ من بعد مغرب يوم الخميس وإلى مغرب يوم الجمعة؛ فهذا يعني أن ليلة الجمعة داخلة في الوقت المحدَّد، وقد روى البيهقي -وقال السيوطي: حسن- عَنْ أنس رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلاَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا، أوَ شَافِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

ويمكن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي صيغة، وأفضلها الصيغة الإبراهيمية، وهي التي نقولها في النصف الثاني من تشهُّد الصلاة، ويمكن الاكتفاء بترديد: اللهمَّ صلِّ على محمد، أو اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على محمد، أو اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-20-14, 06:54 AM
18- سُنَّة الإكثار من الحوقلة

في كل لحظة من لحظات الحياة يشعر الإنسان أنه في حاجة إلى عونٍ ومدد، ويُعَلِّمنا الله عز وجل في كتابه أن نجعل توكُّلنا واعتمادنا عليه سبحانه؛ فقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا على زرع هذا المعنى في نفوسنا، فأوصانا أن نُكثر من ترديد قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وهي ما تُعْرَف بالحوقلة؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَإِنَّهَا مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ".

وروى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنهما، أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَخْدُمُهُ، قَالَ: فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَلَّيْتُ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ -أي للتنبيه- وَقَالَ: "أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ؟" قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ".

وقال النووي رحمه الله في وصف معنى الكلمة: "هِيَ كَلِمَةُ اسْتِسْلاَمٍ وَتَفْوِيضٍ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلاَ قُوَّةٌ فِي جَلْبِ خَيْرٍ إِلاَّ بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى".

فما أجمل أن نُعلن كثيرًا هذا الاعتماد الكامل على الله،! ولْنُكْثِر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

شموخ المجد
12-20-14, 06:58 AM
19- سنة كفارة المجلس

كثيرًا ما ترتكب ألسنتُنا المعاصيَ في مجالسنا! فهذه غيبة، وهذه نميمة، وقد يكون هناك فحش في القول، أو سخرية واستهزاء، أو رجم بالغيب، وقد نكذب ولو مازحين، أو نغضب فنخرج عن شعورنا بما لا يليق، وهكذا!

إن ألسنتنا توردنا المهالك، وما أبلغ ما ردَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل رضي الله عنه حين سأله -كما روى الترمذي وقال: حسن صحيح-: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».

فماذا نفعل حيال هذه المشكلة الكبرى؟
إن أسلم الطرق لا شك أن نحترس من كل آفات اللسان، فلا نتكلم إلا بما يُرْضِي الله، ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن نفوسنا ضعيفة، وأننا سنقع لا شك في معاصي اللسان مهما اجتهدنا؛ لذلك جعل لنا هذه السُّنَّة النبوية الجميلة التي تمسح ذنوبنا أولاً بأول، وهي سُنَّة كفارة المجلس! روى الترمذي -وقال الألباني صحيح- عَنْ أبِي هريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ".

فلْنحفظْ هذا الدعاء، ولْنقله في نهاية كل مجالسنا، ونسأل الله أن يغفر لنا كل ذنوبنا.

شموخ المجد
12-20-14, 07:01 AM
20- سُنَّة التزاور

في زمنٍ صارت المصالح المادية هي التي تحكم العلاقات بين معظم الناس تُصبح زيارة الأهل والأصدقاء دون مصلحةٍ ما أمرًا رائعًا حقًّا! ولكون الناس منشغلين بأمور حياتهم ومعاشهم فإن الله شجَّعهم على التزاور بتعظيم الأجر؛ فجعل ثواب ذلك هو تَحَقُّق محبَّة الله عز وجل للمتزاورين! فقد روى أحمد -بسند صحيح- عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ".

وإنه لأمر عظيم حقًّا أن تنال محبَّة الله سبحانه بهذا العمل البسيط، ويُؤَكِّد هذا المعنى القصة اللطيفة التي حكاها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل زار صديقًا له فتحقَّقت له محبَّة الله عز وجل، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، "أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ".

فلتكن هذه السُّنَّة الرائعة عادة من عاداتنا، ولنُكثر منها في الأعياد والمناسبات خاصَّة.

شموخ المجد
12-20-14, 07:03 AM
21- سُنَّة الحمد والصلاة على الرسول قبل الدعاء

من أعظم العبادات عبادة الدعاء، لدرجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد أحاديثه جعل العبادة والدعاء أمرًا واحدًا، فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] قَالَ: "الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ".

وَقَرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] إِلَى قَوْلِهِ: {دَاخِرِينَ} [غافر: 60].

ولهذا الدعاء آداب وفنون ينبغي أن نتعلَّمها، ومنها ما علَّمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف الجميل، فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَجِلْتَ أَيُّهَا المُصَلِّي، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدِ اللهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ عَلَيَّ ثُمَّ ادْعُهُ". قَالَ: ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّهَا المُصَلِّي ادْعُ تُجَبْ".

فهذه السُّنَّة تقتضي أن نُفَرِّغ وقتًا -ولو بسيطًا- قبل الدعاء لحمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، وعندها ستكون الإجابة أرجى إن شاء الله.

شموخ المجد
12-20-14, 07:06 AM
22- سُنَّة السواك

من أروع صفات الشريعة الإسلامية أنها شريعة تُحافظ على سلامة المجتمع ونظافته، وتستخدم في ذلك قواعد كثيرة جميلة؛ منها أن الشريعة تسعى للحفاظ على نظافة وصحَّة الفم لكل المؤمنين! إن هذا شيء باهر حقًّا! فالإسلام لا يهتمُّ فقط بالصلاة والصيام والجهاد والدولة، إنما يحرص كذلك على النظافة الفردية للناس، ويُعطي اللهُ عز وجل على هذه النظافة أجرًا كبيرًا؛ لذا كان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم استعمال السواك كثيرًا، وقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ".

وفي رواية للبخاري: "عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ". وقد علَّل رغبته صلى الله عليه وسلم في كثرة الاستعمال بقوله في حديث البخاري عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ". فما أرقاها من سُنَّة! ولا تُغني فرشة الأسنان -فيما أرى- عن هذه السُنَّة الجميلة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ بذكر الغرض، وهو تطهير الفم وإرضاء الرب، إنما حدَّد الوسيلة، وهي السواك، وهو بفضل الله متوفِّر في كل مكان، وسهل الحمل، فلا نحرم أنفسنا من رضا الله علينا.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-23-14, 07:53 AM
23- سُنَّة التسبيح والحمد والتكبير عند النوم

كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعمال كثيرة قبل النوم، وكأنه يسعى إلى تحصيل أكبر عدد من الحسنات قبل أن ينتهي اليوم، ومن هذه الأعمال التسبيح والحمد والتكبير، وقد عرفنا هذه السُّنَّة من خلال قصة لطيفة حدثت مع فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري عن عَلِيٍّ رضي الله عنه، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهِا السَّلاَمُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عائشة رضي الله عنها، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ: "عَلَى مَكَانِكُمَا". فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: "أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا -أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا- فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ".

ووجه الخيرية هنا قد يكون في أن الله عز وجل سيُيَسِّر على الذاكرين والذاكرات أمورهم حتى يصير التعامل معها أسهل من وجود خادم، أو يُعطيهم قوَّة تُمَكِّنهم من القيام بالأعمال دون مشقَّة، وقد يكون وجه الخيرية في أن الخادم ينفع في دار الدنيا بينما الذِّكْر ينفع في دار الآخرة، وهي خيرٌ وأبقى، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم لمـَّا رأى رغبة فاطمة وعلي رضي الله عنهما في تحسين معاشهما في الدنيا بالخادم أراد أن يلفت أنظارهما إلى تحسين معاشهما في الآخرة بالذِّكْر، وهذا خير لهما.

وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أن هذه الأذكار تُحَقِّق لك ألف حسنة قبل أن تنام! فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ".. وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ تُسَبِّحُهُ وَتُكَبِّرُهُ وَتَحْمَدُهُ مِائَةً، فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي المِيزَانِ..".

ويُحتمل -وهذا ما أُرَجِّحه- أن المقصود هو الأمران معًا؛ أي أن الذِّكْر يُعطي قوَّة على العمل في الدنيا، وفي الوقت نفسه يُحَقِّق لك الأجر في الآخرة، فما أعظمها من سُنَّة! وهي لا تأخذ في أدائها أكثر من دقيقة واحدة.

شموخ المجد
12-23-14, 07:54 AM
24-سُنَّة إعلان الرضا بالله والإسلام والرسول

بعد رحلة طويلة في الحياة سيدخل كل واحد منَّا لا محالة إلى قبره، وفي القبر سيأتيه الملكان ليسألانه ثلاث أسئلة فقط، وهي الأسئلة التي تُلَخِّص مسيرة حياته بكاملها؛ وذلك كما روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذكر أمر الملكين فقال: "حِينَ يُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟"

إنها أسئلة تبدو سهلة؛ لكنها في الواقع ليست كذلك! إنما هي يسيرة على مَنْ يسَّرها الله عليه، وهو العبد الذي كان في حياته منشغلاً بهذه القضايا الثلاث، وقد علَّمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نُذَكِّر أنفسنا بهذه القضايا كل يوم في الصباح والمساء، فقال -كما روى الطبراني عن المنيذر رضي الله عنه، وقال الألباني: صحيح-: "مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَأَنَا الزَّعِيمُ لآخُذَنَّ بِيَدِهِ حَتَّى أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ".

وروى الترمذي -وحسَّنه- عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ حِينَ يُمْسِي: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْضِيَهُ".

فما أسهلها من سُنَّةٍ تُثَبِّتنا في قبورنا، وتُدخلنا الجنة، وتجعل لنا عند الله حقًّا أن يُرضينا!

شموخ المجد
12-23-14, 07:56 AM
25- سُنَّة كظم الغيظ

يحرص الشيطان على دفع الإنسان إلى إبراز غضبه وحنقه عند المنازعات والخصومات؛ فهذا يُسَهِّل عليه السيطرة على الإنسان، وبذلك يدفعه إلى شرورٍ ما كان يتوقَّعها، وكان إبليس يعرف ذلك عن آدم عليه السلام وأولاده منذ بداية الخليقة؛ فقد روى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَمَّا صَوَّرَ اللهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ، يَنْظُرُ مَا هُوَ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لاَ يَتَمَالَكُ".

وكلمة "لا يتمالك" تحتمل معانيَ كثيرة؛ منها عدم القدرة على أن يتمالك نفسه عند الغضب، ومن هنا كان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمنع كيد الشيطان بكظم الغيظ وعدم إنفاذه؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ".

ولقد عظَّم الله كثيرًا من أجر الكاظمين الغيظ؛ فقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133، 134].
وروى أبو داود -وقال الألباني: حسن- عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ".
فما أجملها مِنْ سُنَّة، تنفعنا في الدنيا بهدوء الحال، وتنفعنا في الآخرة بطيب المآل!

شموخ المجد
12-23-14, 07:57 AM
26- سُنَّة الدعاء قبل النوم

هناك تشابه كبير بين النوم والموت، وقد ذكر الله عز وجل في كتابه أن الإنسان في نومه يمرُّ بما يمكن أن يُسَمَّى موتًا مؤقتًا؛ فقال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 42]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا على إيصال هذا المعنى إلى المسلم؛ لأنه لو استشعر قُرْب أجله فإن هذا يقوده إلى التوبة من الذنوب وإصلاح العمل، فكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يدعو قبل نومه دعاءً يُذَكِّر قائله أنه مُقْبِلٌ على الموت؛ فقد روى البخاري عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ". قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ. قَالَ: «لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ». وفي رواية للبخاري -أيضًا- عَنِ البراء بن عازب رضي الله عنه، خَتَم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدعاء بقوله: "فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ فِي لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ أَجْرًا".

ولعلَّنا لاحظنا مدى حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يُرَدِّد الصحابي كلمات الدعاء بالنصِّ النبوي دون تبديل، فلم يقبل منه كلمة "رسولك" بدلاً من "نبيك" مع أن المعنى متحقِّق من اللفظين؛ ولكن هذا حرص على اتباع السُّنَّة بدقَّة، فلنحفظ هذا الدعاء حفظًا جيدًا، ولْيكن آخر كلامنا عند نومنا، عسى أن نُصيب الأجر الموعود، أو نلقى اللهَ على الفطرة.

شموخ المجد
12-23-14, 07:58 AM
27- سُنَّة البكور

كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبدأ يومه مبكِّرًا جدًّا؛ فاليومُ عنده يبدأ من قبل الفجر؛ حيث قيام الليل، ثم صلاة الصبح، ثم الذِّكْر والعبادة، فالعمل والإنتاج، وهذا هو البرنامج الذي أراد الله عز وجل من عباده أن يفعلوه، فأضاء لهم الدنيا في الصباح ليعملوا فيه، وأظلم الدنيا في المساء لينام الناس ويسكنوا؛ قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 10-11].

وحفَّزنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أداء هذه السُّنَّة بتوضيح أن البركة تزيد عندما نعمل مُبَكِّرين؛ فقد روى الترمذي ابن ماجه -وقال الألباني: صحيح- عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا». قَالَ: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً، أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ.

وفي تطبيق عملي لهذه السُّنَّة نجد راوي الحديث صخرًا رضي الله عنه يمارس تجارته في الصباح فيكرمه الله عز وجل بالبركة في المال؛ فقد جاء في الترمذي وابن ماجه: وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلاً تَاجِرًا، فَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ. فلنحرص على هذه السُّنَّة الفطرية، ولنجعل برنامج حياتنا متوافقًا مع ما أراده الله عز وجل منا.

شموخ المجد
12-23-14, 08:00 AM
28- سُنَّة الاستنثار عند الاستيقاظ

الحرب بين الإنسان والشيطان لا تقف أبدًا، وقد أقسم الشيطان أن يُهلك الإنسان قدر استطاعته؛ قال تعالى واصفًا قول الشيطان: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 62]؛ ولذلك فعند نوم الإنسان يقترب الشيطان جدًّا منه؛ لكي يستمرَّ في حربه معه حتى في لحظات نومه، ولو بالأحلام المزعجة! ولذلك علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عدَّة أمور تعصمنا من الشيطان حال نومنا، ومنها هذه السُّنَّة التي نُذَكِّر بها الآن، وهي سُنَّة الاستنثار عند الاستيقاظ من النوم، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ".

والاستنثار هو دفع الماء الحاصل فى الأنف بالاستنشاق، والخياشيم هي الأنف؛ أي على المسلم إذا استيقظ في وسط الليل أن يستنشق الماء ثم ينثره ثلاث مرات قبل أن يُعاود النوم، تمامًا كما يفعل في الوضوء؛ فإن ذلك يعصمه من الشيطان بقية نومه، ويكون الاستنشاق باليد اليمنى، والاستنثار باليسرى كما في الوضوء.

شموخ المجد
12-23-14, 08:01 AM
29- سُنَّة دعاء الخروج من المنزل

يخرج المسلم كلَّ يوم من بيته وفي ذهنه أعمال كثيرة لا بُدَّ أن تُقْضَى؛ فهذه أعمال خاصة بالمعاش والكسب، وهذه أخرى خاصة بحاجات البيت ومتطلَّباته، وهذه ثالثة خاصة بواجبات ناحية الرحم والجيران والأصدقاء، وهذه رابعة خاصة بالمجتمع الذي يعيش فيه، فهو في كلِّ خروجٍ له من المنزل مُعَرَّضٌ للتعامل مع طوائف كثيرة من الناس؛ لهذا كان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقف مع نفسه وقفة قبل أن يخرج من بيته يسأل اللهَ فيها أن يُيَسِّر له هذه التعاملات، فلا يَضرُّ أحدًا، ولا يتعرَّض للضرر من أحدٍ، ولا يظلم أحدًا، ولا يتعرَّض للظلم من أحدٍ، وهكذا.

إنها وقفة جميلة تشرح الصدر قبل أن يُقْدِم المسلم على تعاملاته مع الناس، وهي سُنَّة كريمة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو داود -وقال الألباني صحيح- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْتِي قَطُّ إِلاَّ رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ، أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ، أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ".

فهذا جَزْمٌ من أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك هذا الدعاء قطُّ، وهذا يُبَيِّن لنا مدى أهميته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا فقط؛ بل إن هناك رواية أخرى عن أنس بن مالك رضي الله عنه تُضيف بعض الأذكار التي تُحَقِّق فائدة جديدة إلى المسلم عند خروجه من المنزل، وهي فائدة الوقاية من الشيطان! فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟".

فهكذا عرفنا هديه صلى الله عليه وسلم عند خروجه من منزله، وهكذا ينبغي لنا أن نفعل، فنحفظ أنفسَنا من شرور الإنس والجن، ونحفظ غيرَنا من شرورنا.

شموخ المجد
12-23-14, 08:02 AM
30- سُنَّة ترديد أحب الكلام إلى الله

ماذا يفعل المسلم عندما يعلم أن الله عز وجل يحبُّ كلامًا معيَّنًا أكثر من غيره؟ إن المسلم الصادق سيُكْثِر دون شكٍّ من ترديد هذا الكلام المحبوب إلى الله سبحانه، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام فقال -كما روى مسلم عَنْ سمرة بن جندب رضي الله عنه-: "أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ. لاَ يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ".

ولأن هذه الكلمات حبيبة إلى الله فقد عَظَّم جدًّا من أجرها، حتى جعلها بمنزلة نخيل وأشجار تُزْرَع في الجنة لنا، وقد عرَّفنا ذلك من الحوار الجميل الذي دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبراهيم عليه الصلاة والسلام في رحلة الإسراء والمعراج؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن- عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ".

وأرض الجنَّة قيعان؛ أي أنها أرض عديمة الشجر، وإن كانت طيبة التربة، وعذبة الماء؛ ونحن نَزْرَع ما نمتلكه من هذه الأرض الطيبة بالأعمال الصالحة، ونصيحة إبراهيم عليه الصلاة والسلام للأُمَّة الإسلامية أن تَزْرَع أرضَ الجنَّة بأذكار التسبيح والحمد والتهليل والتكبير، فلْنُكْثِر من ترديد أحبَّ الكلام إلى الله، عسى أن يَكْثُر غرسُنا في الجنة.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-23-14, 08:08 AM
31- سُنَّة المحافظة على الصف الأول

لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب لنا الخير فقط؛ إنما كان يحب لنا السبق فيه، ويتمنَّى لنا الترقِّي في درجات الجنة حتى نبلغ منتهاها؛ ومن هنا نجد بعض السنن في حياته تدفعنا دومًا إلى التنافس على الأفضل والأعلى، ومن هذه السنن سُنَّة المحافظة على الصفِّ الأول في صلاة الجماعة، فهو لا يكتفي هنا بتحميس المسلمين على الذهاب إلى المسجد وحضور صلاة الجماعة؛ إنما يُحَفِّزهم على أن يكونوا من الصفوة الأولى التي تصل إلى المسجد مبكرًا، فتُحَقِّق النجاح في الصلاة في أول الصفوف؛ فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".

والنداء هو الأذان، والتهجير إلى الصلاة يعني التبكير إليها، ولن يستطيع المسلم أن يجد مكانًا في الصف الأول إلا إذا ذهب مبكرًا عند الأذان أو قبله؛ خاصة في المساجد الكبيرة التي يؤمُّها عدد كبير من الناس.

وقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُبَيِّن لنا عظمة الصفِّ الأول فقال -فيما رواه ابن ماجه، وقال الألباني: صحيح، عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه: "إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ". وصلاة الله على المؤمنين رحمة بهم، ووَسَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة في رواية أخرى عند أبي داود -وقال الألباني: صحيح- فقال: "إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الأُوَلِ". فجعل صلاة الله على عدَّة صفوف وليس صفًّا واحدًا.

ولم يكتفِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك إنما حذَّر مَنْ يتعمد التأخير عن الصفِّ الأول فقال -فيما رواه مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه-: "تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لاَ يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ".

فلْنحرص على هذه السُّنَّة العظيمة، فإنها الطريق إلى صلاة الله والملائكة علينا.

شموخ المجد
12-23-14, 08:10 AM
32- سُنَّة الدعاء بعد عصر الجمعة

أفضل أيام الدنيا هو يوم الجمعة، وقد هدى اللهُ أُمَّة الإسلام إلى هذا اليوم العظيم؛ بينما ضَلَّت عنه الأمم الأخرى؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؛ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَاخْتَلَفُوا، فَهَدَانَا اللهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، هَدَانَا اللهُ لَهُ -قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ- فَالْيَوْمَ لَنَا، وَغَدًا لِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى".

ومع أن اليوم كله خير فإن الله فَضَّل بعض أوقاته على الأخرى؛ ومن هذه الأوقات الفاضلة الفترة من العصر إلى المغرب؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنْهَا، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي فَيَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ".

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ رضي الله عنه فَذَكَرْتُ لَهُ هَذَا الحَدِيثَ، فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِتِلْكَ السَّاعَةِ. فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِهَا وَلاَ تَضْنَنْ بِهَا عَلَيَّ. قَالَ: هِيَ بَعْدَ العَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ. قُلْتُ: فَكَيْفَ تَكُونُ بَعْدَ العَصْرِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي؟" وَتِلْكَ السَّاعَةُ لاَ يُصَلَّى فِيهَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ رضي الله عنه: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ فَهُوَ فِي صَلاَةٍ؟"، قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَهُوَ ذَاكَ.

فمع أن هناك اختلافًا بين العلماء في تحديد ساعة الإجابة يوم الجمعة فإن هذا الوقت هو أحد الاحتمالات المهمَّة؛ ومن هنا فإنه ينبغي علينا أن نُفَرِّغ جزءًا من هذا الوقت للدعاء عسى أن تكون ساعة الإجابة.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-23-14, 09:09 AM
33- سُنَّة لبس الثياب البيضاء

ثَبَت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس ألوانًا عدَّة في ثيابه، ومع ذلك لم يأمر بلبس لونٍ معين، اللهم الأبيض من الثياب؛ فقد حضَّ على لبسه حيًّا أو ميِّتًا! فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "البَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ".

وقد علَّل ذلك في رواية النسائي عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه بقوله: "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ".

فذكر أنها أطهر؛ لأن اللون الأبيض يُظْهِر أيَّ نجاسة تعلق بالثوب، فيسهل على المسلم تطهيره، وهي أطيب لأنها تُشِيع أجواء الهدوء والراحة، وهو أمر تكاد تُجمع عليه الشعوب المختلفة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه السُّنَّة أن يجعل شكل المسلم مألوفًا مقبولاً من الجميع، وعليه فإن لبس الأبيض -خاصة في التجمُّعات الكبرى، كصلاة الجمعة والأعياد- لأمر يدفع إلى السرور والراحة، وهو في النهاية تقليد لرسول الله صلى الله عليه وسلم نطمع أن يكون لنا فيه أجر.

شموخ المجد
12-23-14, 09:11 AM
34- سُنَّة الاستعاذة من شيطان الصلاة

الحرب بين الإنسان والشيطان حرب أبدية، ولن يترك الشيطان للإنسان فُسْحة من الوقت دون وسوسة وإضلال، ولن يترك ميدانًا يمكن أن يُهلكه فيه إلا واستغلَّه؛ قال تعالى واصفًا خطة الشيطان في حربه للإنسان: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف: 17]، ومن أعظم الميادين التي يسعى فيها الشيطان لإضلال الإنسان ميدان الصلاة؛ فالمسلم في الصلاة يقف بين يدي ربِّه، وفي أقرب حالاته منه، وفرصة التوبة من الذنوب كبيرة، وفرصة العفو من الله عظيمة؛ لهذا يسعى الشيطان بكل طاقته إلى أن يصرف المسلم عن صلاته أصلاً فلا يُصلِّيها، فإن فشل في ذلك سعى إلى إلهاء المسلم عن الخشوع في صلاته، ولقد بلغ من إبليس الحرص على تضييع صلاة المسلم أن خصَّص له أحد جنوده لا يفعل شيئًا معه إلا الإلهاء عن الصلاة، وهذا الجندي الشيطاني اسمه خنزب! وقد أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له سُنَّة نبوية جليلة في التخلُّص من وسوسته؛ فقد روى مسلم عن عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه، أَنَّه أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاَتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْهُ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثًا". قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنِّي.

والحالة التي وصفها عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو أنها حالة زائدة عن الحدِّ المعتاد في السهو في الصلاة، فلا يدري عندها معاني ما يقرأ، ولا قدر ما صلَّى، وهي الحالة التي يُسَنُّ فيها أن تستعيذ من الشيطان الرجيم ثم تتفل تفلاً خفيفًا على الكتف الأيسر؛ أما مجرَّد السهو العابر في الصلاة فلا يتطلَّب هذا؛ وذلك لكي لا ندخل في وسواس الانشغال بالشيطان والخوف منه.

شموخ المجد
12-23-14, 09:12 AM
35- سُنَّة البلاغ

كانت المهمَّة الأولى للأنبياء هي البلاغ؛ فقد قال تعالى: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} [النحل: 35]، وقال: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ} [المائدة: 99]، ومثال هذه الآيات كثير في القرآن، ولمـَّا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، وليس بعده رسول يقوم بمهمَّة البلاغ، أوكل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين الصادقين للقيام بهذه المهمَّة بعده، فصارت سُنَّة نبوية في غاية الأهمية؛ فقد روى البخاري عَنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».

وتتحقَّق هذه السُّنَّة بنقل معلومة واحدة من الدين إلى أي فرد؛ سواء من المسلمين أو من غير المسلمين، وسواء كان من الكبار أو الأطفال، شريطة الصدق وعدم تعمُّد الكذب، وقد كان واضحًا من سياق الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُشَجِّع المسلمين على الإقدام على البلاغ؛ لأن كثيرًا من الناس قد يتحرَّجون من أداء هذه المهمَّة؛ إما بسبب قلَّة علمهم، أو بسبب تهيُّبهم من الكلام في الدين؛ فشجَّعهم الرسول صلى الله عليه وسلم بتقليل المطلوب في عملية البلاغ، فقال: «وَلَوْ آيَةً». ثم ذكر أن المرفوض في عملية البلاغ هو الكذب "المتعمَّد"، أما حدوث خطأ في النقل لعدم دقَّة الحفظ، أو لعدم وضوح الفهم، فليس هو المقصود في الوعيد الذي جاء في النصِّ.

إن هذا الطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضع على أكتافنا مهمَّة جليلة، وهي مهمَّة الوصول بهذا الدين العظيم إلى العالمين؛ فلنبدأ بأولادنا، وجيراننا، وأرحامنا، وأصدقاء العمل والمسجد والنادي، ثم لننطلق إلى مَنْ نعرف ومَنْ لا نعرف من الناس.

شموخ المجد
12-23-14, 09:13 AM
36- سُنَّة الصلاة بعد الوضوء

عجيب أن يعرف إنسان أنه يقينًا من أهل الجنة وهو ما زال يمشي على الأرض؛ ولكن الأعجب من ذلك هي الصيغة التي بَشَّر بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بلالَ بنَ رباح رضي الله عنه بدخوله الجنة! فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِبِلاَلٍ رضي الله عنه عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ: "يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ». قَالَ: "مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ". فرسول الله صلى الله عليه وسلم يُخبر بلالاً أنه بالفعل يمشي في الجنة! بل إنه في رواية للترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: "يَا بِلاَلُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ؟ مَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلاَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، دَخَلْتُ البَارِحَةَ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِرَجُلٍ مِنَ العَرَبِ. فَقُلْتُ: أَنَا عَرَبِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَقُلْتُ: أَنَا قُرَشِيٌّ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدٌ لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ". فَقَالَ بِلاَلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلاَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلاَّ تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بِهِمَا".

فهنا يُعَلِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم بلوغ بلال رضي الله عنه لهذا الشرف بهاتين الركعتين اللتين يُصَلِّيهما بعد الوضوء، وقد بَشَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي يفعل ذلك يُغْفَر له ما تقدَّم من ذنبه؛ فقد روى البخاري ومسلم عن حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ، فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلاَثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

فلنحرص على هذه السُّنَّة الجميلة عسى أن نكون أهلاً لمغفرة الله لنا ودخول الجنة.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-23-14, 09:15 AM
37- سُنَّة التسمية لمنع الضُّرِّ

ليس على وجه الحقيقة أحدٌ يكشف السوء ويرفع الضُّرَّ إلا الله عز وجل، وقد ذكر ذلك في كتابه فقال: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، ونفى أن يكون كشفُ الضُّرِّ عند غيره، فقال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 67]، وعلى المسلم أن يعتقد ذلك اعتقادًا جازمًا، وصورة من صور هذا الاعتقاد أن يُعْلِن المسلم هذه القناعة يوميًّا في الصباح والمساء، وهي سُنَّة جليلة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن صحيح- عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ". وَكَانَ أَبَانُ، قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالِجٍ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبَانُ: "مَا تَنْظُرُ؟ أَمَا إِنَّ الحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ، وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ".

فالذي يُواظب على هذا الدعاء بهذه الكيفية لا يضرُّه شيء بإذن الله، وهو في الوقت نفسه يُعْلِن اعتقاده السليم في الله عز وجل، ويُرْجِع أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ رحمه الله إصابتَه بالفالج -أي الشلل- إلى نسيانه قول الدعاء في ذلك اليوم؛ فلْنحرص على هذه السُّنَّة العظيمة، التي نحفظ بها أبداننا ونفوسنا، ونُصَحِّح بها عقيدتنا وديننا.

شموخ المجد
12-23-14, 09:16 AM
38- سُنَّة قيام الليل

لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك هذه السُّنَّة قطُّ في حياته؛ لا في مرض، ولا في كسل، ولا في غيره، وهي سُنَّة قيام الليل؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني صحيح- عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، يَقُولُ: قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: "لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا".

وكان ينصح أصحابه بالحفاظ عليه، وعدم التذبذب في أدائه، فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرِو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ".

وتتحقَّق هذه السُّنَّة بصلاة ركعتين أو أربع، أو أكثر، في أي وقت من بعد صلاة العشاء، وإلى قبل صلاة الفجر، وقد أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم لجميع المسلمين أن يقوموا بأداء هذه السُّنَّة، فجعل الأمر سهلاً على الجميع، فلم يشترط طول القيام؛ إنما نصح أن نصلي قدر الاستطاعة؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ".

فلْيحرص كل مؤمن على هذه العبادة الجميلة، كلٌّ حسب طاقته.

شموخ المجد
12-23-14, 09:17 AM
39- سُنَّة صلاة الاستخارة

كم من المرَّات أثناء اليوم الواحد نشعر بالحيرة في أمرنا، ونتردَّد في أخذ قرار من القرارات؛ حيث تبدو لكل قرار بعض السلبيات إلى جوار بعض الإيجابيات؟! وهنا يُعَلِّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم سُنَّة جميلة تُريح بالنا، وتهدي طريقنا؛ وهي سُنَّة استخارة ربِّ العالمين؛ فقد روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ، يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي".

قَالَ: "وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ". ويتضح من هذا الوصف لجابر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُعَلِّم الصحابة الاستخارة في مواقف كثيرة، وليس -كما يظن بعضهم- عند الأحداث الكبرى فقط، وليس بالضرورة أن يرى المستخير رؤيا لكي توضِّح له الاختيار الذي يُريده الله عز وجل، بل يمضي المستخير فيما يستريح له من اختيار، فإن وجد تيسيرًا مضى وأكمل، وإن وجد غير ذلك توقَّف، ودعاء الاستخارة يكون قبل السلام من الصلاة أو بعده، ويجوز قوله دون صلاة إن تعذَّرت الصلاة كحالة المرأة الحائض، أو عدم وجود فرصة للصلاة لأي سبب، وما أروع أن تستشعر أن مُعِينك على الاختيار الأصوب هو الله العليم الخبير.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-23-14, 09:19 AM
40- سُنَّة صلاة الوتر

كانت لسُنَّة صلاة الوتر أهمية خاصة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لدرجة أنه كان يُوصي أصحابه بها على وجه الخصوص؛ فقد أوصى بها أبا هريرة رضي الله عنه مع بعض العبادات الأخرى؛ وذلك كما في رواية البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ: "صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ". وأوصى أبا الدرداء رضي الله عنه الوصية نفسها؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: أَوْصَانِي حَبِيبِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ، لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: "بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لاَ أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ".

وصلاة الوتر تكون بعد صلاة قيام الليل؛ وذلك لحديث البخاري ومسلم عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: إِنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَلاَةُ اللَّيْلِ؟ قَالَ: "مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ، فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ".

وروى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا".

وصلاة الوتر يمكن أن تكون قبل النوم، ويمكن أن تكون بعد الاستيقاظ من النوم؛ فقد روى الحاكم -وقال الذهبي: صحيح- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: "مَتَى تُوتِرُ؟" قَالَ: أُوتِرُ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. وَقَالَ لِعُمَرَ: "مَتَى تُوتِرُ؟" قَالَ: أَنَامُ ثُمَّ أُوتِرُ. فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: "أَخَذْتَ بِالْحَزْمِ" أَوْ بِالْوَثِيقَةِ. وَقَالَ لِعُمَرَ: "أَخَذْتَ بِالْقُوَّةِ".

ويُشْتَرط أن يكون الوتر قبل صلاة الصبح لحديث مسلم أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه أَخْبَرَ أَنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ: "أَوْتِرُوا قَبْلَ الصُّبْحِ".

وقد بلغ من حرص الصحابة على صلاة الوتر أن خاف عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن يظن الناس أن الوتر فريضة، فقال -كما روى الترمذي، وقال الألباني: صحيح-: الوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلاَتِكُمُ المَكْتُوبَةِ، وَلَكِنْ سَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ القُرْآنِ". فلنحرص على هذه السُّنَّة المهمَّة.

شموخ المجد
12-23-14, 09:45 AM
41- سُنَّة الجلوس في المصلى بعد الفجر

كان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبقى في المسجد بعد صلاة الفجر يذكر الله عز وجل حتى طلوع الشمس؛ فقد روى مسلم عن جابر بن سَمُرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا».

وطلوع الشمس حسنًا يعني ارتفاعها، وهي مدَّة ربع ساعة تقريبًا بعد الشروق، وهذه السُّنَّة تحتاج إلى إعداد، فمَنْ أراد أن يُطَبِّقها فعليه النوم مبكِّرًا، وعليه أن يجعل برنامج يومه يبدأ بعد الشروق؛ ومن ثَمَّ فسيحتاج غالبًا إلى النوم بعد الظهر لكونه بدأ يومه مبكِّرًا جدًّا، وهذا الترتيب ليس بالأمر السهل؛ لذلك جعل الله عز وجل أجر هذه السُّنَّة كبيرًا للغاية، فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن- عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ».

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ». فانظر كَمْ يصرف الناسُ من جهد ووقت ومال كي يقوموا بعبادة الحجِّ والعمرة، ثم ها هي الفرصة متاحة للمسلم أن يُحَصِّل ذات الأجر "تامًّا" وهو في بلده إذا أدَّى هذه السُّنَّة! ويمكن لمن يستصعب الأمر أن يبدأ بالتدرُّج، فيفعل ذلك يومًا أو يومين في الأسبوع، ثم بعدها سيُلْقِي اللهُ في قلبه حبَّ هذه العبادة فيحافظ عليها دومًا إن شاء الله.

شموخ المجد
12-23-14, 09:46 AM
42- سُنَّة المنيحة

يحضُّ دين الإسلام على أن يُساعد المسلم أخاه، ويفتح الباب على مصراعيه لكي يبتكر كلُّ واحد منَّا طرق المساعدة المناسبة، ويُقَدِّم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض هذه الوسائل في كلماته وأفعاله، ومنها سُنَّة المنيحة، وهي أن يمنح المسلم أخاه شيئًا للاستفادة منه، والعمل به، ثم يُعيده إلى صاحبه بعد فترة من الزمان يُتَّفَق عليها، وضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثلة لهذه المنيحة؛ منها ما رواه البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلاَهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الجَنَّةَ". ففي هذه السُّنَّة يمنح المسلم أخاه أنثى الماعز لكي يستفيد من لبنها فترة، ثم يُعيد الماعز إلى صاحبها.

ومثال آخر رواه الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةَ لَبَنٍ أَوْ وَرِقٍ، أَوْ هَدَى زُقَاقًا، كَانَ لَهُ مِثْلَ عِتْقِ رَقَبَةٍ".

والمنيحة المذكورة في هذا الحديث هي منيحة اللبن؛ أي الماعز أو البقر أو ما شابه، وكذلك منيحة الوَرِق؛ أي الفِضَّة، وذلك لكي يُتاجر فيها ثم يُعيد الأصل إلى صاحبه بعد مدَّة مُتَّفق عليها؛ أما هداية الزُّقاق فتعني هداية الأعمى.

وليست هذه الأمثلة فقط؛ بل ارتفع الرسول صلى الله عليه وسلم بمستوى المنيحة إلى درجة منح الأرض الزراعية! فقد روى البخاري عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ، فَقَالُوا: نُؤَاجِرُهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ، فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى، فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ".

وهذا الذي ذكرناه هو مجرَّد أمثلة للمنيحة، ويمكن لنا أن نمنح إخواننا شيئًا يُساعدهم أو يكتسبون منه دون أن تنتقل الملكية إليهم؛ كأن يمنح أحدُهم الآخرَ سيارته، أو آلات العمل، أو جهاز الكمبيوتر، أو أن تمنح المسلمة أختها جهازًا أو شيئًا يمكن أن يُساعد في البيت، أو تمنح عروسًا ملابسَ لزفافها، وكلُّ هذا على أن يُتَّفَق عند المنح على مدَّة معيَّنة تُعاد فيها المنيحة إلى صاحبها.

والمنيحة من أفضل طرق المساعدة؛ لأنها أسهل على النفوس من الهِبَة؛ فالمانح لا يتردَّد كثيرًا لأنه يعلم أن منيحته ستعود إليه، والممنوح لا يشعر بالحرج لأنه يُعْطَى بشكل مؤقَّت وليس في وضع المـُتَصَدَّق عليه، وسُنَّة المنيحة بذلك سُنَّة راقية جدًّا نحتاج أن ننشرها في مجتمعاتنا.

شموخ المجد
12-23-14, 09:47 AM
43 - سُنَّة التزاور

في زمنٍ صارت المصالح المادية هي التي تحكم العلاقات بين معظم الناس تُصبح زيارة الأهل والأصدقاء دون مصلحةٍ ما أمرًا رائعًا حقًّا! ولكون الناس منشغلين بأمور حياتهم ومعاشهم فإن الله شجَّعهم على التزاور بتعظيم الأجر؛ فجعل ثواب ذلك هو تَحَقُّق محبَّة الله عز وجل للمتزاورين! فقد روى أحمد -بسند صحيح- عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ".

وإنه لأمر عظيم حقًّا أن تنال محبَّة الله سبحانه بهذا العمل البسيط، ويُؤَكِّد هذا المعنى القصة اللطيفة التي حكاها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل زار صديقًا له فتحقَّقت له محبَّة الله عز وجل، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، "أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ".

فلتكن هذه السُّنَّة الرائعة عادة من عاداتنا، ولنُكثر منها في الأعياد والمناسبات خاصَّة.

شموخ المجد
12-23-14, 09:48 AM
44 - سُنَّة الذكر والدعاء في الصباح والمساء

كثيرة هي الأذكار والأدعية التي كان يحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها في كل يوم وليلة، ومن هذه الأذكار والأدعية هذا النصُّ الشامل الذي بدأه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاعتراف لله بالوحدانية والتفرُّد في حكم السموات والأرض، ثم أتبع ذلك بدعاء خاشع يهتزُّ له القلب؛ فقد روى مسلم عَنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا أَمْسَى قَالَ: "أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ" قَالَ: أُرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ: "لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَسُوءِ الْكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ". وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا: "أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ".

ولْنلحظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعاذ في هذا الدعاء من كل الشرور التي يمكن أن يتعرَّض لها العبد في مستقبله؛ فهو يستعيذ أولاً من شرور الدنيا، وثانيًا من شرور القبر، ثم أخيرًا يستعيذ من شرور الآخرة، فجمع بهذه الكلمات القليلة خيرًا كثيرًا، فما أجدر المسلم أن يحفظ هذه السُّنَّة الجميلة، وأن يُرَدِّدَها مرَّة واحدة -موقنًا بها- كل صباح ومساء!

شموخ المجد
12-23-14, 09:49 AM
45 - سُنَّة مجالس الذكر

من أعظم السنن التي هجرها كثير من المسلمين سُنَّة مجالس الذكر؛ فقد حضَّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حضًّا مباشرًا، ورَغَّب فيها ترغيبًا عظيمًا؛ فقد روى مسلم عن أبي هريرة وَأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لاَ يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ".

ورَغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل أكبر في مجالس الذكر وفصَّل فيها في رواية مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فقَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلاً يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ. قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لاَ، أَيْ رَبِّ. قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ. قَالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ. قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا. قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ. قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ".

فعرفنا من الحديث أن مجلس الذكر يعني اجتماع عدد من المسلمين في مسجد، أو بيت، أو غيرهما، يقومون بالتسبيح والتكبير والتهليل والحمد والاستغفار والدعاء، فكانت النتيجة أن غفر الله لهم، وأجارهم من النار؛ بل وغفر لمن شاركهم مجلسهم مع عدم انعقاد نيَّته للذكر! إنها سُنَّة جليلة أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على مَنْ فعلها من صحابته؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ معاوية رضي الله عنه عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ. قَالَ: آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ؟ قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "مَا أَجْلَسَكُمْ؟" قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلاَمِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ: "آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ؟" قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ: "أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي، أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ".

فلنحرص على مثل هذه المجالس، ولنحرص كذلك على أن تكون موافقة للسُّنَّة بأن نذكر فيها ما ورد في السُّنَّة من أذكار، ونبتعد عن البدع والمنكرات، ونلتزم فيها الهدوء والسكينة.

ولا ننسَ شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-23-14, 09:51 AM
46 - سُنَّة التعطر يوم الجمعة

ما أجمل أن يكون اجتماع المسلمين مبهجًا وسعيدًا! ولا شكَّ أن الروائح الطيبة تُشيع مثل هذه البهجة والسعادة؛ ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ هذه الروائح ويُشَجِّع المسلمين على حُبِّها، وقد روى النسائي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ".

وتزيد أهمية التعطُّر عند الاجتماعات الكبيرة، التي من أهمِّها صلاة الجمعة؛ ولذلك كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يتعطَّر على وجه الخصوص يوم الجمعة؛ فقد روى ابن ماجه -وقال الألباني: حسن- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ، جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ".

وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم التعطُّر في ذلك اليوم مهمًّا إلى الدرجة التي تدفع الرجل إلى استخدام عطر زوجته إن لم يكن لديه عطر! فقد روى أحمد -وقال الألباني: صحيح- عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَالسِّوَاكُ، وَأَنْ يَمَسَّ مِنَ الطِّيبِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلَوْ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ". فلنحرص على هذه السُّنَّة الراقية.

شموخ المجد
12-23-14, 09:52 AM
47 - سُنَّة الصلاة بالسجدة والإنسان فجر الجمعة

أحد أكبر مفاهيم العبادة هو الاتباع الدقيق للرسول صلى الله عليه وسلم في طريقته في الحياة دون تردُّد أو جدال؛ خاصة في الأمور التي يُسَمِّيها الفقهاء بالأمور التوقيفية؛ أي التي نتوقَّف فيها عند قول أو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس فيها مجال للاجتهاد؛ منها أمور الصلاة والصيام والذكر والحجِّ، ومنها كذلك أمور الاعتقاد والغيب والآخرة، ومن أمثلة السنن التوقيفية صلاته صلى الله عليه وسلم بسور معيَّنة في مواضع أو أوقات معيَّنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا أمرًا مباشرًا عامًّا أن نلتزم بشكل صلاته دون تحريف ولا تبديل، وهذا في رواية البخاري عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رضي الله عنه، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «.. وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي..».

وكان مِن سُنَّته صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الصبح يوم الجمعة بسورتي السجدة والإنسان؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ».

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورتين كاملتين، ولم يكن يختار آية السجدة وما حولها من آيات كما يفعل بعض الناس اليوم، ولا أدري ما الذي جعل الناس تعتقد أن المراد بقراءة سورة السجدة هي آية السجدة تحديدًا! إنما السُّنَّة أن نقرأ سورة السجدة كاملة في الركعة الأولى، ثم نقرأ سورة الإنسان كاملة في الركعة الثانية، ولا حُجَّة لمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُطَوِّل في صلاته بالناس. لأن التطويل أو التخفيف أمر نسبي، والمعيار الدقيق له هو سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي في فجر الجمعة تكون كما وضَّحنا.

أما لماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتين السورتين لفجر يوم الجمعة؟ فهذا لم تُصَرِّح به الأحاديث؛ ولعلَّه لأنه جاء في السورتين ذِكْرُ خَلْقِ الإنسان، وقيام الساعة، ودخول الجنة، وكلها أمور حدثت أو تحدث في يوم الجمعة؛ وذلك لما رواه مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ».

فلْنحرص على هذه السُّنَّة، وأن لا نلوم أو نعتب على مَنْ قرأ بالسورتين بدعوى أنه أطال؛ بل نُشَجِّعه وندعمه، ولْنتدبَّر في معانيهما؛ ففيهما من الخير الكثير.

شموخ المجد
12-23-14, 09:53 AM
48 - سُنَّة الدعاء بعد الطعام

من أعظم النعم التي يُنعم الله بها على عباده أنه يرزقهم الطعام، وقد ذكر الله عز وجل هذه النعمة على وجه الخصوص حين امتنَّ على قريش بنعمه، وحين أمرها بعبادته؛ قال تعالى: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ، إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 1-4]، فالإطعام من جوعٍ نعمة كبيرة تستحقُّ الحمد والشكر، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سُنَّة خاصة في هذا الشأن، فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن- عن مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ. غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

فانظر إلى عظيم فضل الله عز وجل الذي رزقنا الطعام، فلما حمدناه عليه زادنا فضلاً بأن غَفَرَ لنا ما تَقَدَّم من ذنوبنا، فلْنحفظ هذا الدعاء، ولْنحرص على ترديده بعد كل طعام، فإن فيه خيري الدنيا والآخرة.

شموخ المجد
12-23-14, 09:54 AM
49 - سُنَّة الاثنتي عشرة ركعة

إذا أردتَ بيتًا في الجنة فهاك السبيل! تُصَلِّي اثنتي عشرة ركعة نافلة غير الفريضة! روى مسلم عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها -زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ". قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ عَنْبَسَةُ: "فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ".

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ: "مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَنْبَسَةَ".

وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ: "مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ".

وهذه الصلوات النافلة محدَّدة وموزَّعة على اليوم والليلة، ووضحَّها حديث النسائي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ".

ووضح في الحديث الأخير أن المثابرة على أداء هذه السُّنَّة الجميلة هي التي ينال بها العبد هذه الهديَّة الربانية، فكُنْ مثل أم حبيبة رضي الله عنها، وعنبسة، وعمرو، والنعمان رحمهم الله -وهم رواة الحديث- الذين حافظوا على هذه السُّنَّة بمجرَّد سماعها، وقد قال عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ رحمه الله كلمة جميلة بشأن هذا الحديث فقَالَ: حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِحَدِيثٍ "يَتَسَارُّ إِلَيْهِ". ثم ذكر الحديث، وهو يعني أن الحديث يبعث السرور في النفس؛ لأنه سهل الأداء عظيم الأجر.

شموخ المجد
12-23-14, 09:56 AM
50 - سُنَّة دعاء ركوب الدابة

يُعَلِّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نذكر اللهَ في كل أحوالنا؛ ومن ذلك أنه كان يذكره عند ركوبه للدابَّة، وله في ذلك سُنَّة معلومة؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا، أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ، قَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ". ثَلاَثًا، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا، قَالَ: "الحَمْدُ لِلَّهِ". ثُمَّ قَالَ: "{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف:13-14]"، ثُمَّ قَالَ: "الحَمْدُ لِلَّهِ". ثَلاَثًا، "اللَّهُ أَكْبَرُ". ثَلاَثًا، "سُبْحَانَكَ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ". ثُمَّ ضَحِكَ. فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرُكَ".

فهذه سُنَّة جميلة نذكر فيها الله بأذكار كثيرة، كما ندعوه فيها دعاءً يعجب منه سبحانه! فما أسهل هذه السُّنَّة وأعظمها! وما أجمل أن نحافظ عليها عند ركوبنا للسيارات، أو الطائرات، أو المصاعد الكهربائية، أو الدواب، أو غير ذلك من وسائل الانتقال!

شموخ المجد
12-23-14, 09:57 AM
51 - سُنَّة التسبيح والحمد كل يوم


أحيانًا عندما ينظر المسلم إلى رقم مائة يشعر أنه رقم كبير، وأنَّ ذِكْر الله بنوع معين من الأذكار مائة مرَّة في اليوم سيستغرق زمنًا طويلاً؛ ومن ثَمَّ يكسل عن مثل هذه العبادات التي تحتاج إحصاءً لعددٍ كبير من الأذكار؛ ولكنَّ الواقع ليس كذلك؛ فالسُّنَّة النبوية في الحقيقة سهلة التطبيق جدًّا، ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم في كل يوم: "سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ". مائة مرَّة، وهذه تستغرق في المعتاد دقيقتين ونصف فقط!

ولعلَّ الذي يُشَجِّعنا على المداومة على ذلك أن نعرف أجر هذا العمل اليسير؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ". فهذه مغفرة شاملة لذنوب هائلة.

وإذا أردتَ الخير الأكبر فلتقُلْ هذا الذِّكْر مائة مرَّة في الصباح ومثلها في المساء؛ لتُحَقِّق النجاح الذي يفوق نجاح كل البشر! فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ: حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ. مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ".

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-23-14, 09:59 AM
52 - سُنَّة حمل الأطفال في الصلاة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ للمسلم أن يحرص على الصلاة في أوقاتها، ويحبُّ له صلاة الجماعة، ويحب له في الوقت ذاته أن يكون رحيمًا بالآخرين، خاصَّة الضعفاء منهم، وهذا كله كان يتحقَّق بتطبيق السُّنَّة التي بين أيدينا؛ وهي سُنَّة حمل الأطفال الصغار أثناء الصلاة، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلأَبِي العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا".

فهو بهذه السُّنَّة الكريمة يُحَقِّق أهدافًا عدَّة؛ فهو يُعَلِّم المسلمين ألاَّ يُؤَجِّلوا الصلاة بحجَّة رعاية الأطفال الصغار، وهو يُعَلِّمهم ألاَّ يتخلَّفُوا عن صلاة الجماعة بالحجة نفسها، وهو يُظْهِر في الوقت نفسه رحمة الإسلام في تشريعاته؛ حيث سمح للمُصلِّي أن يحمل الأطفال الصغار أثناء الصلاة؛ لكي لا يتسبب لهم في أذًى أو بكاءٍ أو خوفٍ، وهو يُظْهِر -أيضًا- رعاية الرسول صلى الله عليه وسلم لأولاده وأحفاده فلا يُلْقِي بعبء الرعاية كاملاً على كتف الأم؛ بل يُقَدِّم ما في وسعه لتحقيق الراحة للأسرة بكاملها.

ويمكن تطبيق هذه السُّنَّة باصطحاب الأطفال الصغار إلى المسجد، وحملهم إذا تطلَّب الأمر، كما يمكن للأمِّ في بيتها أن تحمل طفلها للصلاة به في أول الوقت، ولا تتعلَّل بانشغالها به فتؤخِّر وقت الصلاة لأجل ذلك.

شموخ المجد
12-23-14, 10:00 AM
53 - سنة التهليل

روى البخاري ومسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ".

هذه سُنَّةٌ جليلة، ولها من الأجر ما لا يمكن تخيله، ولقد نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل كلامه وكلام إخوانه من الأنبياء فوجد أن التهليل هو أفضل كلامهم مطلقًا، فقد روى الترمذي وحسَّنه الألباني عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".

وهذه السُّنَّة تأخذ منك يوميًّا حوالي عشر دقائق فقط، ويمكن أن تقولها وأنت في وسيلة المواصلات، أو في أثناء أداء بعض الأعمال التقليدية.

شموخ المجد
12-23-14, 10:02 AM
54 - سُنَّة التنفس في الشراب

كثير من الناس يضع إناء الشرب على فمه فلا يُنزله حتى يرتوي تمامًا؛ بل قد يشرب أكثر من احتياجه الحقيقي، وهذا قد يُسَبِّب بعض الأمراض نتيجة سرعة امتلاء المعدة بالماء، وعلى عكس ذلك كانت سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان يشرب على ثلاث مرات وليس مرَّة واحدة، بمعنى أنه يشرب مرَّة دون ارتواء، ثم يُبْعِد الإناء عن فمه، ثم يشرب مرَّة ثانية، ثم يُبعد الإناء، ثم يشرب مرَّة ثالثة وأخيرة، وهو في كل مرَّة يأخذ نَفَسًا بعيدًا عن إناء الماء؛ فقد روى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلاثًا، وَيَقُولُ: "إِنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ". قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: "فَأَنَا أَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلاثًا".

وأروى أي أكثر رِيًّا، وأبرأ أي أسلم من الأمراض، وأمرأ أي أجمل وأطعم، وبهذه الطريقة سيأخذ الجسم حاجته من الماء دون أن نفاجِيء المعدة بكمية كبيرة من الماء دون إنذار، وفوق ذلك سنأخذ أجر اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

شموخ المجد
12-23-14, 10:03 AM
55 - سُنَّة السلام على الأطفال

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرَبِّي الأطفال على أن يكونوا رجالاً أصحاب وزنٍ وقيمة في المجتمع؛ فيشعر الطفل بذاته؛ ومن ثَمَّ يتحمَّل المسئولية مبكِّرًا، كما أن أخلاقه تتهذَّب بشكل تلقائي؛ فينشأ على مكارم الأخلاق دون تكلُّف، وهذا ينفع المجتمع كله، وكان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحقيق ذلك أنه إذا مرَّ على أطفال لم يتجاهل وجودهم؛ إنما يُلْقِي عليهم السلام محتفيًا بهم؛ فقد روى مسلم عن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم «فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ». ولا شك أن الصبيان الصغار الذين سلَّم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شعروا بقيمتهم وأهميتهم؛ خاصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قائد الدولة بكاملها، فأثَّر ذلك في تكوينهم وتربيتهم، وهو أمر لفت نظر أنس رضي الله عنه فنقله إلينا، ولو كان حدثًا عاديًّا يفعله عامَّة الناس في زمانهم ما اهتمَّ أنس رضي الله عنه أن ينقله للناس بعد ذلك، فلْنحافظ على هذه السُّنَّة النبوية الراقية.

شموخ المجد
12-23-14, 10:04 AM
56 - سُنَّة التقليل من الكلام

يختلف الناس في تحديد معايير حسن الخلق، وأفضل المعايير هو ما جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ينطق إلا حقًّا، وقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: "المُتَكَبِّرُونَ". ففي هذا الحديث بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هناك ثلاث صفات ذميمة لا تكون في أصحاب الخلق الحسن، وكان أولها صفة الثرثرة؛ أي كثرة الكلام.

ولا شكَّ أن مَنْ يُكْثِر من الكلام يقع في الخطأ؛ لهذا يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "وَمَنْ كَثُرَ كَلامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ". ويقول الفضيل بن عياض: "الْمُؤْمِنُ قَلِيلُ الْكَلامِ كَثِيرُ الْعَمَلِ، وَالْمُنَافِقُ كَثِيرُ الْكَلامِ قَلِيلُ الْعَمَلِ". وقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". فلنحرص على هذه السُّنَّة العظيمة، التي صارت نادرة في زماننا.

شموخ المجد
12-23-14, 10:05 AM
57 - سُنَّة المصافحة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس أخلاقًا؛ وقد وَصَفَ اللهُ تعالى خُلُقَه بالعظمة فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان يتلطَّف في تعامله مع الناس؛ ومنها مصافحة الرجال إذا لقيهم، فصارت المصافحة بذلك سُنَّة عنه صلى الله عليه وسلم، وكانت له فيها طريقة جميلة نقلها ابْن سعد في طبقاته -وقال الألباني: حسن- عن أنس رضي الله عنه قال: "كانَ إِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَامَ مَعَهُ قامَ مَعَهُ فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ عَنْهُ، وَإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ يَدَهُ نَاوَلَهُ إِيَّاهَا فَلَمْ يَنْزِعْ يَدَهُ مِنْهُ حتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْهُ، وَإِذَا لَقِيَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ أُذُنَهُ نَاوَلَهُ إِيَّاهَا ثُمَّ لَمْ يَنْزِعْهَا حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُهَا عَنْهُ".

فهذه جملة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، ومنها -كما رأينا- أنه إذا صافح أحدًا لم ينزع يده من يد الرجل إلا إذا نزع الرجلُ يدَه، وفي هذا توقير واحترام للناس، وجدير بالذكر أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يُصافح إلا الرجال فقط، ولم يكن يُصافح النساء قطُّ؛ فقد روى مسلم عن عَائشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "وَلاَ وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلاَمِ". فهذه هي سُنَّته صلى الله عليه وسلم.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-23-14, 10:07 AM
58 - سُنَّة الاجتماع على الطعام

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضُّ الناس على الاجتماع وعدم الفرقة بوسائل كثيرة، ويستغلُّ مناسبات مختلفة لتحقيق الوحدة بين المسلمين؛ ومن هذه الوسائل الاجتماع على الطعام؛ فقد روى أبو داود وابن ماجه -وقال الألباني: حسن- عن وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ رضي الله عنه، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا نَأْكُلُ وَلا نَشْبَعُ. قَالَ: "فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟" قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ".

فهنا اشترط شرطين لتحقق البركة في الطعام؛ وهما: الاجتماع وتسمية الله قبل البدء فيه، وليست البركة فقط في الطعام وأثره في الجسم؛ إنما البركة كذلك في تحسُّن العلاقات الأسرية نتيجة تقابل الجميع على الطعام يوميًّا.

شموخ المجد
12-23-14, 10:08 AM
59 - سُنَّة صلة القاطع

يعتقد بعضنا أن وصل الرحم يعني التواصل مع القريبين إلى قلوبنا من أقربائنا؛ أما الذين أساءوا إلينا فمن حقِّنا أن نقاطعهم؛ خاصَّة إذا كانوا هم البادئين بالقطيعة! هذا في الواقع غير صحيح! فصلة الرحم الحقيقية تعني وصل القاطعين الذين قاطعونا عن عمد وقصد! روى البخاري عن عبد الله بن عَمْرٍو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا».

وفي تطبيق عملي لهذا المعنى روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ[1]، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ».

لذا فعلينا لتطبيق هذه السُّنَّة النبيلة أن نبحث عن أقاربنا الذين نعتقد أنهم أخطئوا في حقنا فنصلهم ونحسن إليهم، ولا تؤجِّل عمل اليوم إلى الغد، مع الأخذ في الاعتبار أن الحقَّ قد لا يكون معنا في حكمنا على أخطاء غيرنا، وقد نكون نحن المخطئين في حقهم ونحن لا نشعر، فلنأخذ بالأحوط، ولنكن البادئين بالخير .

شموخ المجد
12-23-14, 10:09 AM
60 - سُنَّة أذكار الإفطار

كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل موقف من مواقف حياته ذِكْرٌ خاصٌّ يذكر به ربَّه تعالى، ويشكره ويحمده، وكان له ذِكْرٌ جميل عند إفطاره -صلى الله عليه وسلم- في أيام الصيام، فقد روى أبو داود - وقال الألباني: حسن- عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ».

والذِّكْر وإن كان قصيرًا فإنه يُعَبِّر تمام التعبير عن فرحة الرسول صلى الله عليه وسلم لإتمامه صيام يومٍ من الأيام، وهو مصداق لما رواه البخاري ومسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ".

فكلمته: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ».

هي تعبير عن فرحته بفطره، وكلمة: «وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ».

هي تعبير عن فرحته بالأجر الذي سيُسعده عند لقاء ربِّه، فجاء الذكر النبوي مُعَبِّرًا تمامًا عن حالة الفرح التي ينبغي أن نكون عليها عند بلوغنا بنجاح لحظة الإفطار! إنها سُنَّة نبوية ممتعة، وليتنا نستشعر معانيها عند ذكرها.

شموخ المجد
12-23-14, 10:11 AM
61 - سُنَّة الاستغاثة بالله في الصباح والمساء

ما أكثر المصائب التي يمكن أن يتعرَّض لها الإنسان كل يوم وليلة! والله عز وجل يحفظنا من كثير من هذه المصائب برحمته؛ قال تعالى: {فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 64]، وقد كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغيث كل يوم وليلة برحمة الله من كل الشرور؛ فقد روى الحاكم -وقال الألباني: صحيح- عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ رضي الله عنها: "مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ بِهِ أَنْ تَقُولِي إِذَا أَصْبَحْتِ وَإِذَا أَمْسَيْتِ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرَفَةَ عَيْنٍ".

فهذه هي الاستغاثة الشاملة برحمة الله عز وجل، وقد أتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلب إصلاح الشأن في الأمور كلها، وكذلك طلب التوكُّل على الله في كل أوقات الحياة، حتى استعاذ من الاتكال على النفس ولو طرفة عين! إننا نحتاج حقيقةً أن نُرَدِّد هذه الاستغاثة مرَّة في الصباح، وأخرى في المساء، عسى أن تُدركنا رحمة الله تعالى.

شموخ المجد
12-23-14, 10:12 AM
62 - سُنَّة كثرة الاستعاذة من صور الضعف المختلفة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبُّ للمؤمن أن يكون ضعيفًا، وكان يقول كما روى مسلم عَنْ أبِي هريرةَ رضي الله عنه: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ".

ولهذا كان يُكْثِر صلى الله عليه وسلم من الاستعاذة من صور الضعف بأنواعها، وقد جمع بعضها في دعاء كان يُكْثِر من ترديده، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ".

فلْنحفظ هذا الدعاء، ولْنُكْثِر من ترديده، وليس له وقت معين يُفَضَّل أن يُقال فيه، وقد جاءت رواية تُحَدِّد قوله في الصباح والمساء ولكنها رواية ضعيفة.

شموخ المجد
12-23-14, 10:13 AM
63 - سُنَّة قراءة آخر آيتين في البقرة كل ليلة

مع أن القرآن كله من عند الله، ومع أنه كله معجز وعظيم، فإن الله عز وجل رفع قدر بعض الآيات على الأخرى، وجعل لقراءة هذه الآيات فضلاً لا يُدانيه فضل، ومن هذه الآيات الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة؛ وذلك من أول قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [البقرة: 285] إلى آخر السورة؛ فقد روى البخاري عَنْ أبي مسعود البدري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ".

والحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلمة "كَفَتَاهُ" تحتمل معانيَ كثيرة، فمِن العلماء مَنْ يقول: إنها تعني أن الآيتين تجزئان عن قيام الليل. وبعضهم يقول: تجزئان عن قراءة القرآن بشكل عامٍّ في هذه الليلة. وآخرون يقولون: إنهما تكفيان من كل سوء. وفريق يقول: إنهما تكفيان من الشيطان. وغيرهم يقول: إنهما تكفيان للدلالة على الاعتقاد السليم. وبعض العلماء يرى أنهما تكفيان من الثواب؛ بمعنى أنهما يُحَقِّقَان ما يكفي من الثواب لمعادلة سيئات اليوم؛ وبالتالي النجاة، ويُحْتَمل -وهذا ما أراه- أن الكلمة تعني ذلك كله وأكثر؛ فهي آيات خاصة جدًّا، وقد ورد في قصتهما أحاديث عجيبة؛ فمن ذلك ما رواه الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلاَ يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلاَثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ".

ومنه ما رواه النسائي وأحمد -وقال الألباني: صحيح- عن حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلاَثٍ: جُعِلَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، وَجُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ، وَأُوتِيتُ هَؤُلاَءِ الآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ قَبْلِي، وَلاَ يُعْطَى أَحَدٌ بَعْدِي".

فهل بعد كل هذا الفضل يزهد مسلمٌ في قراءة هاتين الآيتين في كل ليلة؟! علمًا بأن قراءتهما لا تأخذ أكثر من دقيقتين فقط!

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-24-14, 07:44 AM
64 - سُنَّة قضاء الدين

من أعظم الهموم التي يمكن أن تقابل الإنسان همُّ الدَّيْن! وقد استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم استعاذة مباشرة؛ فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ". وضلع الدَّيْن أي شِدَّته وثقله، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يستعيذ إلا من الأمور العظام، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم سداد الدَّيْن مخالفة شرعيَّة كبيرة إلى درجة أن الله لا يغفر ذلك للشهيد! فقد روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلاَّ الدَّيْنَ". ومن هنا كانت المساعدة في قضاء دَيْن المديونين سُنَّة نبوية عظيمة، ومن أعظم الأعمال عند الله؛ فقد روى الطبراني -وقال الألباني: حسن- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا..".

وقضاء الدَّيْن يكون بأكثر من طريق، فمنها -وهو أعلاها- أن تدفع عن المديون دون مقابل، ومنها أن تُقْرِضه إلى أجل، ومنها أن تجمع له قيمة الدين من الأصدقاء والمعارف، ومنها أن تتوسَّط له عند أحد الأغنياء ليدفع عنه، ومنها أن تتوسَّط له عند الدائن ليُسْقِط جزءًا من الدَّيْن أو كلَّه، أو يُؤَجِّل موعد السداد، أو بأي طريقة صالحة تُحَقِّق المطلوب، وما أكثر المديونين المتعسِّرين! وما أروع أن تكون ممن يُيَسِّرون على المعسرين! فقد روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ".. وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ..".

شموخ المجد
12-24-14, 07:46 AM
65 - سُنَّة عدم تمني الموت

مع كثرة الأزمات التي نُقابلها في الحياة يتمنَّى بعضُ الناس الموتَ باعتبار أنه خلاصٌ من المشكلة؛ ولكن الحقيقة أن هذا التمنِّي هو هروب من الواقع لا يحسم حلاًّ، ولا يُنقذ أحدًا؛ ومن ثَمَّ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الشعور السلبي، وقال -فيما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه-: "لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ المَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ".

فوجودنا في الحياة يمكن أن نجعله مفيدًا دومًا، فلو كنَّا من المحسنين ازددنا إحسانًا، ولو كنَّا من المسيئين كانت عندنا الفرصة للتوبة؛ ومع ذلك فقد فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم المجال لبعض الناس الذين يتعرَّضون لظروف قاسية أن يدعوا الله بالخلاص من الدنيا؛ وذلك على أن يكون الدعاء بالصيغة النبوية المشروعة في هذه الظروف؛ فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي".

ولا ننسَ أن هذا الدعاء ليس هو الأصل؛ بل الأصل ألاَّ نتمنَّى الموت أبدًا، كما لا ننسَ شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-24-14, 07:47 AM
66 - سُنَّة دعاء التهجد

يعجز العقل أن يتخيَّل عظمة هذه اللحظات الخالدة في عمق الليل، التي يتنزَّل فيها ربُّ السموات والأرض إلى السماء الدنيا يُخاطب عباده! فقد روى البخاري ومسلم -واللفظ لمسلم- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟". وفي هذه الأجواء الطاهرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب قدميه قائمًا لله عز وجل يُصَلِّي صلاة التهجد، وكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أنه يستفتح هذه الصلاة بدعاء خاشع يُناجي به ربَّه مناجاة العبد المحتاج، والذي يبحث عن الإجابة والعطاء والمغفرة؛ فقد روى البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أنه يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ".

فلنحرص على صلاة التهجد في هذا الوقت الشريف، ولنبدأ تهجُّدنا بهذه المناجاة الخاشعة.

شموخ المجد
12-24-14, 07:56 AM
67 - سُنَّة تعظيم الرب في الركوع

يهتمُّ كثير من المسلمين بالسجود لأنهم يطلبون فيه ما يُريدون من الله عز وجل؛ بينما يغفلون عن الخشوع في الركوع، ولعلَّ بعضهم لا يكاد يبقى في ركوعه ثواني معدودات! بينما كانت سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركوع أن يُعَظِّم الربَّ سبحانه، وكأنه يُمَهِّد للسجود الذي سيسأله فيه؛ فقد روى مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ".

ومن تعظيم الله عز وجل أن يستوي الظهر في الركوع ولا نبدو في هيئة المتعجِّل الذي يُريد الرفع سريعًا، ومنه الإكثار من التسبيح بصيغة: سبحان ربي العظيم، لما رواه مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه في وصفه لصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ". وهي تذكر صفة العظمة تحديدًا، ثم نذكر الله بصيغة أخرى وردت في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وفيها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ". والسبُّوح هو المبرَّأ من النقائص والشريك، والقدوس هو المطهَّر من كلِّ ما لا يليق بالخالق، والروح هو جبريل عليه السلام.

وورد كذلك في البخاري عَنْ عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي".

وروى مسلم عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أنه قال وهو يصف صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: "اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي".

فهذه كلها وسائل يُعَظِّم بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ربَّه تعالى في الركوع، وهي سُنَّة عظيمة ينبغي لنا أن نُطَبِّقَها.

شموخ المجد
12-24-14, 07:58 AM
68 - سُنَّة زيارة القبور

يُقْبِل العبد على كثير من الآثام والشرور إذا نسي الآخرة؛ فالذي يحفظ العبد على الطريق المستقيم أنه يذكر موته، وبعثه، ثم حسابه بين يدي ربِّ العالمين؛ قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:37-41]؛ لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا دومًا على تذكيرنا بالآخرة؛ لأن هذا هو الذي يحفظنا من الإغراق في الذنوب، أو تسويف التوبة، وكان له -صلى الله عليه وسلم- في ذلك طرق عدَّة، ومن هذه الطرق زيارة القبور؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً".

وروى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ".

فهذه سُنَّة مهمة للأحياء والأموات، فالحيُّ يتذكر الموت والآخرة، وهذا يُعيده إلى طريق الله عز وجل، والميت يصله دعاء الزائر له، ويُخَفَّف به عنه؛ لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِر من زيارة قبور البقيع، فيتذكَّر الآخرة، ويدعو للموتى، وفي هذا خير كثير.

شموخ المجد
12-24-14, 08:03 AM
69 - سُنَّة العطاء

جميل جدًّا أن يكون العطاء سُنَّة نبوية، فالعطاء شعور نبيل، والمجتمع الذي يتميَّز أفراده بالعطاء مجتمع سعيد، يشعر فيه الغني بالشفقة على الفقير، ويشعر فيه المحتاج بالأمان لوجود الكرماء حوله في مجتمعه، فيسود بذلك الحب والسلام، وتقل الجرائم والصراعات، وقد روى مسلم عن أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ. قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ".

وكان له صلى الله عليه وسلم تميُّز خاصٌّ في بعض الأوقات كرمضان؛ فقد روى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَلْقَاهُ، فِي كُلِّ سَنَةٍ، فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ».

وعلينا لتطبيق هذه السُّنَّة أن نُدَرِّب أنفسنا على "دوام" العطاء ولو بشيء بسيط، وأن نحاسب أنفسنا يوميًّا قبل أن ننام على عطائنا في هذا اليوم، وإذا مرَّ علينا يوم بلا عطاء فلْنبذل في اليوم التالي عطاءً مضاعَفًا، ولا نخشَ قلَّة المال؛ فإن الله يُعَوِّضنا ما أنفقناه؛ قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39].

شموخ المجد
12-24-14, 08:06 AM
70 - سُنَّة دعاء الكرب

طبيعة الحياة أن الإنسان يتقلَّب فيها بين مشكلات متتالية، وأنواع من الهمِّ متتابعة، وكلُّ ذلك يُوقعه في كرب شديد؛ قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، وقد يفزع الناس في حلِّ مشاكلهم إلى هذا أو ذاك؛ لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَّمنا في مثل هذه الظروف أن نفزع إلى الله عز وجل، فهو الذي بيده تفريج الكروب؛ قال تعالى: {قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} [الأنعام: 64].

وقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ العَلِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ".

ففي هذا الدعاء يُذَكِّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل هو المهيمن على كلِّ شيء، وهو ربُّ السموات والأرض، وهو الذي يعلم ويحْلُم ويتكرَّم، فلْنحفظ هذا الدعاء النبوي، ولْنُطَمْئِن به قلوبَـنا، ولْنُعلِن به لله عز وجل أننا به مؤمنون، وعليه متوكِّلون، وإليه راغبون.

شموخ المجد
12-24-14, 08:11 AM
71 - سُنَّة الحمد عند النوم

كثيرة هي نِعَم اللهِ علينا، ومع ذلك فمعظم الناس لا يشكر؛ لأنهم في الغالب ينظرون إلى ما فقدوا ولا ينظرون إلى ما كسبوا وحازوا؛ قال تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ} [النمل: 73]. وما أروع أن تذكر في كل يومٍ فضل الله عليك لتكون من القليل الشاكر؛ قال تعالى:{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سُنَّته الثابتة أنه يحمد الله قبل أن ينام، ليكون آخر عمله حمدًا؛ فقد روى مسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لا كَافِيَ لَهُ وَلا مُؤْوِيَ".

وإنه لمن السهل علينا أن نطوف بأذهاننا في أنحاء العالم لنتذكَّر الأعداد الهائلة من المسلمين وغير المسلمين الذين لا يجدون طعامًا ولا مأوًى، حتى نشعر بقيمة هذا الحمد قبل نومنا في كل ليلة.

شموخ المجد
12-24-14, 08:14 AM
72 - سُنَّة دعاء لبس الجديد

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ للمسلم أن يبدو جميلاً أنيقًا أمام الناس؛ لذلك كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يلبس الجديد من الثياب إذا قدر على ذلك، وكان يعتبر هذا من النعم الكبرى التي تستحقُّ الحمد من الله؛ لذا كان إذا لبس ثوبًا جديدًا لم ينسَ أن يحمد الله تعالى؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ، عِمَامَةً، أَوْ قَمِيصًا، أَوْ رِدَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ".

والرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء لا يكتفي بالحمد فقط؛ إنما يسأل الله أن يظلَّ طائعًا له سبحانه، فيفعل في هذا الثوب الخيرَ، ويبتعد به عن الشَّرِّ، وبهذا كان الثوب الجديد سببًا في تذكير العبد بعبودتيه لله عز وجل واحتياجه له، وهذا الخضوع لله سيكون سببًا في مغفرته عز وجل للعبد! فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ. غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

فما أكرم هذا الإله العظيم الذي يرزق الثوب، ثم يغفر لنا الذنب إذا ما حمدناه على رزقه!

شموخ المجد
12-24-14, 08:16 AM
73 - سُنَّة خفض الصوت في المسجد

المساجد بيوت الله في الأرض، وينبغي لمن دخل بيت الله أن يُحافظ على آدابه؛ ومن هذه الآداب خفض الصوت قدر المستطاع، فلا نرفع الأصوات، ولا نُحْدِث الجلبة، وقد روى البخاري عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا فِي المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ. فَجِئْتُهُ بِهِمَا، قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا -أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا؟- قَالاَ: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ. قَالَ: "لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحَذِّر المسلمين من رفع الصوت في المسجد حتى في أثناء ترتيب صفوفهم للصلاة؛ فقد روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلاَثًا، وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ".

و"هيشات الأسواق" ما يكون فيها من الجلبة وارتفاع الأصوات؛ وقد نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها لأن الصلاة حضور بين يدي الله عز وجل، فينبغي أن يكونوا فيها على السكوت وآداب العبودية، ولا يخفى على أحد أن خفض الصوت في المسجد يُشِيع روح الطمأنينة والسكينة؛ وهذا يؤدِّي إلى الخشوع في الصلاة، فلنحرص على هذه السُّنَّة الجليلة، ولْنُعَلِّمها أبناءنا وإخواننا.

شموخ المجد
12-24-14, 08:16 AM
74 - سُنَّة الاستعاذة من النفس والشيطان صباحًا ومساءً

اثنان يأمران الإنسان بفعل السوء: النفس والشيطان! قال تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53]، وقال: {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 168، 169]؛ لهذا علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ منهما جميعًا كل صباح ومساء؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ عَلِّمْنِي مَا أَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ. فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ". وزاد في رواية أخرى صحيحة للترمذي: "قُلْهَا إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ".

فهذه استعاذة من شرِّ النفس والشيطان، وقد عَلَّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه، وهو أفضل الصحابة، فنحن إلى ذلك أحوج، وكلمة "شِرْكِهِ" التي جاءت في الحديث تعني ما يمكن أن يقود إليه الشيطان من الشِّرْكِ بالله، وقد وردت في روايات أخرى بتشكيل مختلف؛ وهو "شَرَكُه"؛ أي بفتح الشين والراء، وهذا يعني حبائل الشيطان ومكائده، والمعنيان صحيحان، فلْنحفظ هذا الدعاء الجميل، ولْنردِّده في ثلاثة أوقات يوميًّا: مرة في الصباح، وأخرى في المساء، وثالثة عند النوم.

شموخ المجد
12-24-14, 08:20 AM
75 - سُنَّة إعلام الأخ بحبه

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ لروح الودِّ والتآخي أن تنتشر في المجتمع؛ لذلك كان كثيرًا ما يحضُّ المسلمين على التحابِّ في الله؛ ولقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ"، وذكر في هؤلاء السبعة: "وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ".

وزيادةً في نشر هذه الروح الجميلة في المجتمع كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يُخْبر مَنْ يحبُّه بهذا الحبِّ، ولا يتحرَّج من ذلك أو يمتنع لأي سبب؛ إنما قال لنا صراحة -كما روى الترمذي، وقال الألباني: صحيح، عَنْ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه-: "إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ".

وفي رواية أبي داود -وقال الألباني: صحيح-: "إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ".

ويروي أبو داود -وقال الألباني: حسن- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَعْلَمْتَهُ؟" قَالَ: لاَ. قَالَ: "أَعْلِمْهُ". قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ. فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ.

فصارت هذه سُنَّة نبوية جميلة ينبغي لنا جميعًا أن نحرص عليها، وأن نجعلها خالصة لله عز وجل؛ حتى يتحقَّق المعنى المقصود، وهو الحبُّ "في الله"؛ أي لإرضاء الله، وعلى شرع الله، ومنتظرًا الأجر من الله.

ولا ننسَ شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
12-24-14, 08:40 AM
76 - سُنَّة الأكل باليمين

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ للمسلم أن تكون له هُويَّة خاصة تُمَيِّزه عن غير المسلمين؛ ولذلك فقد أمرنا ببعض الأعمال التي تُعطي صفة خاصة للأُمَّة؛ سواء في المظهر أو الأفعال أو الكلمات، ومن هذه الأعمال سُنَّة الأكل باليد اليمنى؛ فالمسلم لا يأكل ولا يشرب بشماله أبدًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتمُّ بتعليم الأطفال هذه السُّنَّة منذ سنوات عمرهم الأولى؛ فقد روى مسلم عن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ».

وعلَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحرص على الأكل باليمين بأنه يفعل ذلك مخالفةً للشيطان؛ فقد روى مسلم عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ».

وبلغ من حرصه صلى الله عليه وسلم على هذا السُّنَّة أنه دعا على رجل أصَرَّ على الأكل باليسرى! فقد روى مسلم عن سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ». قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ. قَالَ: «لَا اسْتَطَعْتَ». مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.

فلْنحذر من مشابهة الشيطان في طريقة أكله، ولْنحذر كذلك من التعلُّل بكون اليد اليسرى عند بعض الناس أقوى من اليمنى، فإن هذا لا يُعطي رخصة للأكل بها، ولْنخالف العادات الغربية التي تجعل من قواعد الطعام أن يأكل الناس بالشمال، ولْنعلم أن الأمر ليس بسيطًا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لن يدعو على مسلم إلا لأمر جلل.

شموخ المجد
12-24-14, 08:41 AM
77 - سُنَّة أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

نَصَحَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نُكْثِر من الدعاء؛ لأننا مستفيدون في كل الأحوال، سواء رأينا الإجابة بأعيننا، أو أجَّلها اللهُ عز وجل لحكمة يراها؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ".

ومع أن كل أدعية البرِّ محمودة فإن هناك أدعية معيَّنة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِر منها، منها ما رواه البخاري عَنْ أنس رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".

وهو دعاء سهل الحفظ، عظيم المعاني، شامل الطلب؛ ولذلك كان أنس بن مالك رضي الله عنه -راوي الحديث- من أكثر الناس تطبيقًا له؛ فقد روى مسلم عن قتادة أنه قَالَ: "وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهِ".

وفي رواية أخرى لابن حبان -وقال الألباني: صحيح- عَنْ ثَابِتٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: ادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَقَالَ: "اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. قَالُوا: زِدْنَا. فَأَعَادَهَا؛ قَالُوا: زِدْنَا. فَأَعَادَهَا؛ فَقَالُوا: زِدْنَا. فَقَالَ: مَا تُرِيدُونَ؟ سَأَلْتُ لَكُمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ".

فلْنُكْثِر من هذا الدعاء الجامع، ونسأل اللهَ القبول.

شموخ المجد
12-24-14, 08:42 AM
78 - سُنَّة قراءة آية الكرسي قبل النوم

كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ آية الكرسي قبل نومه، وهي الآية الحافظة من الشيطان، وقد عرفنا هذا الحفظ من قصة جميلة حدثت لأبي هريرة رضي الله عنه؛ فقد روى البخاري عَنْه أنه قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ. قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالاً، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ".

فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ سَيَعُودُ. فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لاَ أَعُودُ. فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالاً، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ".

فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا. قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: "مَا هِيَ؟"، قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. -وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ- فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟". قَالَ: لاَ. قَالَ: "ذَاكَ شَيْطَانٌ".

فلْنحرص على قراءة آية الكرسي قبل نومنا يحفظنا بها ربنا من الشيطان.

شموخ المجد
12-24-14, 08:43 AM
79 - سُنَّة الإسراع في المشي

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَدِّر قيمة الوقت، ويحرص على المحافظة عليه، إلى الدرجة التي كان يحبُّ فيها الإسراع في المشي؛ وذلك حتى يحافظ على كل لحظة في حياته، وقد شرح لنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه طريقة مشيه صلى الله عليه وسلم، فقال -كما روى الترمذي، وقال الألباني: صحيح-: "إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ". والتكفِّي هو التمايل إلى الأمام، وينحطُّ أي يسقط، والصبب هو الموضع المنحدر من الأرض، فتُصبح طريقة مشية الرسول صلى الله عليه وسلم كأنه ينزل مسرعًا من جبل مثلاً، ولا يتنافى هذا مع الوقار أو السكينة؛ حيث إن هذا الإسراع إسراع نسبي يُحَقِّق الاختصار في الوقت دون الإرهاق في الحركة، وهو لا شكَّ أقلُّ من الجري أو الهرولة؛ لأن عليًّا رضي الله عنه كان يصف المشي تحديدًا بقوله: "إِذَا مَشَى". فلنحرص على هذه الجديَّة في المشي، ولْنحافظ على كل دقيقة من أعمارنا، فإن اللحظة التي تمرُّ لا تعود إلى يوم القيامة.

شموخ المجد
12-24-14, 08:46 AM
80 - سُنَّة قراءة الكهف يوم الجمعة

كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بفوائد عدَّة لهذه السُّنَّة المباركة؛ وهي فوائد تعود على العبد في الدنيا والآخرة، ويكفي أن نُراجع ما ورد من نصوص في هذا الشأن لنعرف أهمية هذه السُّنَّة في حياتنا؛ فقد روى الحاكم -وصحَّحه وكذلك قال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ".

وفي رواية للبيهقي والدارمي -بإسناد صحيح- قال: "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ".

وعند الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مَقَامِهِ إِلَى مَكَّةَ».

وللبيهقي في شعب الإيمان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَدْرَكَ الدَّجَّالَ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ، -أَوْ قَالَ: لَمْ يَضُرُّهُ».

وفي معنى الحديث الأخير قال الشَّافِعِيُّ: "وَبَلَغَنَا أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ وُقِيَ فِتْنَةَ الدَّجَّالِ". وقال الشَّافِعِيُّ أيضًا: "وَأُحِبُّ قِرَاءَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَهَا لِمَا جَاءَ فِيهَا".

فهذه كلها آثار تُشَجِّعنا على المحافظة على هذه السُّنَّة المهمَّة، وقد يُساعدنا بصورة أكبر على أداء هذه السُّنَّة أن نحفظ السورة؛ وهي من السور سهلة الحفظ؛ فعندئذٍ يمكن لنا تلاوتها في ذهابنا أو إيابنا، أو أثناء انتظارنا لصلاة الجمعة، أو في أي وقت آخر ابتداء من ليلة الجمعة، ومرورًا بكل يوم الجمعة إلى المغرب.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
01-03-15, 09:37 PM
81 - سُنَّة العمل

لا يعرف الإسلام ما يُسَمَّى بالبطالة، ولا يعرف أن يعتمد الرجل في رزقه على عطايا الناس ومِنحهم؛ بل يعرف الجد والعمل، ويعرف بذل الجهد والطاقة؛ لهذا كان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعمل، وأن يأمر الناس بالعمل؛ فقد روى البخاري عَنِ المِقْدَامِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ".

فأفضل الطعام -بناءً على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم- هو الطعام الذي اشتراه المرء من كسب يده، مع أن جودة الطعام المـُهْدَى أو المـُتَصَدَّق به قد تكون أعلى من ناحية النوع والطعم، ولكن خيرية الطعام من كسب اليد تعود إلى سعادة التعفُّف عن الناس التي تجعل الطعام أطيب، وذَكَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده؛ وسبب تخصيصه لداود عليه السلام أنه كان مَلِكًا، ومصادر رزقه كثيرة، ومع ذلك كان يحبُّ أن يأكل من كسب يده؛ بل جاء في رواية أخرى للبخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ لاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ". وهذه الرواية تُفيد الحصر؛ بمعنى أنه حتى مع توفُّر مصادر الطعام الأخرى فإن النبي الملك داود عليه السلام كان لا يأكل إلا من عمل يده دلالة على خيريته وأفضليته.

وكان من سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأمر الرجال بالعمل مهما كان العمل بسيطًا، وليس بالضرورة أن يكون في مجال التخصُّص، أو في الوضع الذي يروق للإنسان، ولكن المهم فقط أن يكون حلالاً، وقد روى البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ".

بل عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رعي الأغنام! فقد روى البخاري عَنْ أبو هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الغَنَمَ". فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ".

فهذا يفتح الباب أمام الجميع للعمل، ولا يتعلَّل أحدٌ بأنه ينتظر عملاً مناسبًا؛ فأسوأ الأمور أن يبقى المرء بلا عمل، ولا أفضل من اتباع سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شموخ المجد
01-03-15, 09:41 PM
82 - سُنَّة عدم لعن العصاة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنَّ كلَّ البشر يُذنبون، وأنَّ القضية التي ينبغي أن ننشغل بها هي قضية التوبة عندما يحدث الذنب؛ لهذا قال -فيما رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن، عَنْ أنس رضي الله عنه-: "كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ".

لهذا لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع المذنبين كأشرار يحتاجون المقاومة؛ إنما كمرضى يحتاجون العلاج؛ لهذا كان ينهى عن لعنهم أو إبعادهم عن دائرة المؤمنين؛ فقد روى البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ". وفي رواية لأبي يعلى الموصلي -بسند صحيح- قَالَ: "لاَ تَلْعَنُوهُ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ". فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعنه، وأخبر أن الرجل يحبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليس شربه للخمر مانعًا له من هذا الحبِّ؛ وهذا أمر يستغربه كثير من الناس؛ لأن شرب الخمر كبيرة خطيرة، وقد روى النسائي -وقال الألباني: صحيح- عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي فَيَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا".

ومع ذلك ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن لعن الرجل، ويُثْبِت له حبَّ اللهِ ورسوله، والواقع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُريد أن يُعِين الشيطانَ على المسلم ولو كان عاصيًا؛ وقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ. فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ".

فالرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان لا يُفَرِّط في إقامة الحدِّ على المخطئ؛ فإنه لا يُريد أن يُبْعِده عن دائرة المؤمنين؛ لأن لعنه وطرده سيبعث به إلى صحبة الأشقياء والمجرمين؛ أمَّا استيعابه في الصفِّ المسلم فسيكون سببًا في توبته وإنابته.

فلْنَكُفَّ ألسنتنا عن أعراض المذنبين؛ فلعلَّ قلوبهم تحبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولْنحرص على دعوتهم إلى الخير.

شموخ المجد
01-03-15, 09:42 PM
83 - سُنَّة مسح اللقمة


الحرب بين الشيطان والإنسان مستمرَّة، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطرق التي يتقوَّى بها الشيطان في حربه مع الإنسان، وعلينا أن نعرف هذه الطرق كي نتجنَّب إعطاء الفرص للشيطان، ومن هذه الطرق أن الشيطان يحاول أن يأكل من طعامنا؛ ليتقوَّى بذلك، ويمكن منعه بوسائل نبوية متعدِّدة، منها هذه السُّنَّة التي قد يستغربها كثير من الناس، وهي سُنَّة مسح الأذى عن اللقمة التي وقعت على الأرض ثم أكلها! لأننا لو تركناها فإن الشيطان يأكلها، ويتقوَّى بها؛ فقد روى مسلم عَنْ جابر رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا، وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ".

وروى مسلم كذلك عَنْ أنس رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاَثَ، قَالَ: وَقَالَ: "إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ".

فالأحاديث السابقة تُبَيِّن لنا هدفين من التقاط اللقمة التي وقعت على الأرض، فالأول هو عدم تركها للشيطان، والثاني هو احتمال وجود البركة فيها، واتباع هذه السُّنَّة تحديدًا دليلٌ على عمق الإيمان؛ لأننا لا نرى الشيطان، ولا نرى كذلك البركة، وقد تعاف نفوسنا أكل ما سقط على الأرض، ومع ذلك فنحن نفعل ذلك لإيماننا بالغيب الذي ذكره لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شموخ المجد
01-03-15, 09:44 PM
84 - سُنَّة إهداء الطعام للجيران


يحضُّ الإسلام أتباعه على التلاحم والترابط والشعور بالآخرين؛ لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوصي دومًا بالجيران، فهم أقرب الناس إلينا، ولو فقدنا الاهتمام بهم فهذه مُقَدِّمة لفقد الاهتمام بكلِّ المسلمين، وقد أكثر جبريل عليه السلام من وصاية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيران؛ فقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ".

ونتيجة هذه الوصاية شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عددًا من السنن نُعَبِّر بها عن اهتمامنا بجيراننا، فكان منها إهداء الطعام لهم، وليس المقصد في هذه السُّنَّة صناعة طعام خاصٍّ للجيران، ولكن فقط إهداؤهم من الطعام الذي تأكله الأسرة، ولا مانع من زيادة الكمية قليلاً حتى يمكن إهداء الجيران ولو شيئًا بسيطًا، ولقد وَجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيحة خاصَّة بهذا الشأن للمرأة المسلمة؛ فقد روى البخاري عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ". وفرسن الشاة هو ما دون الرسغ من يدها، وقيل هو عظم قليل اللحم؛ والمقصود المبالغة في الحثِّ على الإهداء، ثم وجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيحة أخرى للرجال؛ ففي رواية مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: إِنَّ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم أَوْصَانِي: "إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ".

فهكذا صارت النصيحة للأسرة كلها؛ فهذه سُنَّة جليلة تنشر المحبَّة والودَّ في أركان المجتمع، مع الحرص على عدم التكلُّف في الطعام بإرسال كمية كبيرة قد يعجز الجار عن المبادلة بمثلها فيحزن لذلك.

شموخ المجد
01-03-15, 09:45 PM
85 - سُنَّة عدم قول لو

كثيرًا ما يشعر الإنسان بالندم لفوات فرصة من فرص الحياة، أو يتمنَّى أن لو كان قد اختار اختيارًا آخر، وفي معظم الأحوال تكون فرصة تغيير الحال صعبة أو مستحيلة، فعجلة الزمان لا تعود إلى الوراء، وهذا قد يُورِث المرء همًّا وكمدًا؛ بل يمكن أن يُقْعِده عن العمل يأسًا وإحباطًا، والواقع أن هذه حالة سلبية لا يحبُّها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين؛ ومن ثَمَّ كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم ألا يتحسَّر على الماضي، وكان يأمر المسلم بألا ينظر إلى الوراء نادمًا؛ فهذه صورة من صور الضعف غير المقبول؛ فقد روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ. فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ".

فهذا نهيٌ مباشر عن قول: "لو"، فهي لا تُعِيد الماضي أبدًا؛ بل إنها تصرف الذهن عن "الممكن"؛ إنما الواجب على المسلم القوي أن يتعامل مع الحدث بواقعية، ولْيَقُمْ بما أَمَرَه به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

فقد أمره أولاً بالأخذ بالأسباب العمليَّة النافعة: "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ".

وأمره ثانيًا بأن يلجأ إلى الله ويستعين به: "وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ".

ثم أمره ثالثًا أن يُعْلِن إيمانه بقَدَرِ الله ومشيئته: "قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ".

ثم أمره رابعًا وأخيرًا ألا يقول: لو. أو يفترض افتراضات غير واقعية: "فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا".

فهذه هي سُنَّته صلى الله عليه وسلم عندما تحدث أمورٌ ليست على هوانا، وهي سُنَّة المؤمن القوي.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

شموخ المجد
01-03-15, 09:48 PM
86 - سُنَّة السماحة في البيع والشراء

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنَّ كلَّ البشر يُذنبون، وأنَّ القضية التي ينبغي أن ننشغل بها هي قضية التوبة عندما يحدث الذنب؛ لهذا قال -فيما رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن، عَنْ أنس رضي الله عنه-: "كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ".

كثيرًا ما يخسر الناس بعضهم البعض بسبب البيع والشراء؛ وذلك لأن كل طرف يُريد أن يحقِّق أكبر قدر من الربح؛ وحيث إن الكثير من البضائع ليس لها سعر محدَّد معروف يُصبح التفاوض حول الثمن أمرًا حتميًّا قد يقود إلى أزمات بين البائع والمشتري؛ ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى دومًا إلى سلامة العلاقات الإنسانية في مجتمعه فإنه وَجَّه الجميع إلى التعامل بروح السماحة في العمليات التجارية المختلفة؛ فقد روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى".

وهذه السماحة تقتضي أن يتنازل كلُّ طرف عمَّا يراه مناسبًا، ولو بدرجة نسبية؛ بحيث يلتقي البائع والمشتري في منتصف الطريق؛ وذلك دون أن تضيع روح المودَّة والأدب بين الطرفين.

والكلام نفسه يُقال عندما يجتمع خصمان للتقاضي في قضية ما، فإن روح السماحة ستدفع كل طرف إلى قبول التنازل عن شيء ما في سبيل الوصول إلى حلٍّ يُرضي الجميع، وهكذا -إذا اتَّبع الناس سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التجارة والتقاضي- فإن المجتمع سيَسلم من كثير من المشكلات التي يمكن أن تُقَوِّض أركانه.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
.

شموخ المجد
01-11-15, 07:34 AM
87 - سُنَّة سؤال الله المعافاة في البدن والسمع والبصر

يُقْعِد المرضُ الإنسانَ عن أداء الكثير من واجباته، ويُصيبه بالهمِّ والكمد وقلَّة الحيلة، وقد يدفعه إلى الحاجة والفاقة إن طال به؛ لهذا كله كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله كل يوم المعافاة في بدنه من الأمراض، وكان يَخصُّ في دعوته سمعه وبصره لأهميتهما في تحصيل الهداية، والتعرُّف على الله وخَلْقِه وشرعه؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: حسن- عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رحمه الله، أَنَّهُ قَالَ لأَبِيهِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه: يَا أَبَتِ؛ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ: "اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. تُعِيدُهَا ثَلاَثًا، حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلاَثًا حِينَ تُمْسِي". فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهِنَّ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ.

فلْنكن كأبي بكرة رضي الله عنه الذي تعلَّم سُنَّةً من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم فأحبَّ أن يستنَّ بها في كل يوم، وجهر بها حتى أسمعها أولاده فتعلموها منه، وحقَّقُوا جميعًا بذلك خيرَ اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وذلك إضافة إلى خير الذكر نفسه، وهو تحقُّق المعافاة في البدن والسمع والبصر، فلا تُضَيِّعوا هذا الفضل.

شموخ المجد
01-11-15, 07:36 AM
88 - سنة إطعام الطعام

روى البخاري ومسلم عَنْ عبد الله بنِ عمرٍو رضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».

ويمكن تطبيق هذه السُّنَّة بتجهيز طبقٍ زائدٍ عن احتياجات الأسرة، وإرساله إلى أحد المحتاجين حولك، سواء حارس البيت، أو عامل النظافة، أو غيرهما، وأيضًا تشمل السُّنَّة إطعام الطعام للأصدقاء والجيران وأصحاب العمل؛ فالحديث لم يشترط الفقراء، إنما يهدف إلى إشاعة روح المودَّة بين الناس، ولا تنسَ جيرانك من غير المسلمين، ولا تنسَ شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

شموخ المجد
01-11-15, 07:38 AM
89 - سُنَّة تعلُّم القرآن وتعليمه

القرآن كلام الله، وكتابه المعجز، وحجَّته البالغة على خلقه إلى يوم الدين، وهو الدليل على صدق نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 37]؛ لهذا كان أفضل الناس هم مَنْ يحرصون على تَعَلُّم هذا الكتاب العظيم، وهذا ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى البخاري عَنْ عثمان رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ".

وليس هذا فقط؛ إنما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن أهل القرآن هم أهل الله عز وجل! فقد روى ابن ماجه -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أنس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: "هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ".

فما أروع أن تكون من خير الناس، وأن تكون من أهل الله؛ وذلك بأن تتعلَّم القرآن وأن تُعَلِّمه لغيرك، ويكون ذلك بحضور دروس تحفيظ القرآن على يد مُعَلِّم قدير؛ سواء في مسجد، أو في دار لتحفيظ القرآن، أو في غيرهما، ولا تنسَ أن تقوم بالدور نفسه مع أولادك.

شموخ المجد
01-11-15, 07:39 AM
90 - سُنَّة الأكل باليمين

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ للمسلم أن تكون له هُويَّة خاصة تُمَيِّزه عن غير المسلمين؛ ولذلك فقد أمرنا ببعض الأعمال التي تُعطي صفة خاصة للأُمَّة؛ سواء في المظهر أو الأفعال أو الكلمات، ومن هذه الأعمال سُنَّة الأكل باليد اليمنى؛ فالمسلم لا يأكل ولا يشرب بشماله أبدًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتمُّ بتعليم الأطفال هذه السُّنَّة منذ سنوات عمرهم الأولى؛ فقد روى مسلم عن عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ».

وعلَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحرص على الأكل باليمين بأنه يفعل ذلك مخالفةً للشيطان؛ فقد روى مسلم عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ».

وبلغ من حرصه صلى الله عليه وسلم على هذا السُّنَّة أنه دعا على رجل أصَرَّ على الأكل باليسرى! فقد روى مسلم عن سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ». قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ. قَالَ: «لَا اسْتَطَعْتَ». مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.

فلْنحذر من مشابهة الشيطان في طريقة أكله، ولْنحذر كذلك من التعلُّل بكون اليد اليسرى عند بعض الناس أقوى من اليمنى، فإن هذا لا يُعطي رخصة للأكل بها، ولْنخالف العادات الغربية التي تجعل من قواعد الطعام أن يأكل الناس بالشمال، ولْنعلم أن الأمر ليس بسيطًا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لن يدعو على مسلم إلا لأمر جلل.

ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].

********************************

السنن ال 90 بقلم د: راغب السرجاني

المصدر : موقع نصرة محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم)

شموخ المجد
01-11-15, 07:43 AM
100 سنة ثابته

*********************


سنن النوم


1- النوم على وضوء: قـال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للبراء بن عازب رضي الله عنه : (( إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن... الحديث )) [ متفق عليه:6311-6882] .

2- قراءة سورة الإخلاص ، والمعوذتين قبل النوم: عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما ، فقرأ فيهما: (( قل هو الله أحد )) و (( قل أعوذ برب الفلق )) و (( قل أعوذ برب الناس )) ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات. [ رواه البخاري: 5017]

3- التكبير والتسبيح عند المنام : عن علي رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال حين طلبت منه فاطمة ـ رضي الله عنها ـ خادمًا: (( ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ إذا أويتما إلى فراشكما ، أو أخذتما مضاجعكما ، فكبرا أربعًا وثلاثين ، وسبحا ثلاثًا وثلاثين ، واحمدا ثلاثًا وثلاثين. فهذا خير لكما من خادم )) [متفق عليه: 6318 – 6915]

4- الدعاء حين الاستيقاظ أثناء النوم : عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا ، استُجيب له ، فإنْ توضأ وصلى قُبِلت صلاته )) [ رواه البخاري: 1154].

5- الدعاء عند الاستيقاظ من النوم بالدعاء الوارد : (( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا ، وإليه النشور )) [ رواه البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : 6312 ] .

شموخ المجد
01-11-15, 07:45 AM
سنن الوضوء والصلاة
6- المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة: عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تمضمض ، واستنشق من كف واحدة )) [ رواه مسلم: 555 ] .

7-الوضوء قبل الغُسل : عن عائشة رضي الله عنها ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : (( كان إذا اغتسل من الجنابة ، بدأ فغسل يديه ، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يُدخل أصابعه في الماء ، فيخلل بها أصول الشعر ، ثم يَصُب على رأسه ثلاث غُرف بيديه ، ثم يُفيض الماء على جلده كله )) [ رواه البخاري :248 ].

8-التشهد بعد الوضوء: عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أنَّ لا إله إلا الله ، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله إلاَّ فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء )) [ رواه مسلم: 553 ] .

9-الاقتصاد في الماء: عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ، ويتوضأ بالـمُد )) [ متفق عليه: 201- 737 ].

10- صلاة ركعتين بعد الوضوء: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّثُ فيهما نفسه ، غُفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه من حديث حُمران مولى عثمان رضي الله عنهما:159- 539 ] .

11-الترديد مع المؤذن ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، أنه سمـع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقــول: (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى عليَّ صلاة ، صلى الله عليه بها عشرًا ... الحديث)) [ رواه مسلم: 849 ].

ثم يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته ) رواه البخاري. من قال ذلك حلت له شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم .

12- الإكثار من السواك: عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( لولا أنْ أشق على أمتي ، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) [ متفق عليه:887 - 589 ] .
** كما أن من السنة، السواك عند الاستيقاظ من النوم ، وعند الوضوء ، وعند تغير رائحة الفم ، وعند قراءة القرآن ، وعند دخول المنزل.

13- التبكير إلى المسجد : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ... ولو يعلمون ما في التهجير ( التبكير ) لاستبقوا إليه ... الحديث )) [ متفق عليه: 615-981 ] .

14-الذهاب إلى المسجد ماشيا: عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات )) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (( إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط )) [ رواه مسلم: 587 ].

15- إتيان الصلاة بسكينة ووقار: عن أبي هـريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، وأتوها تمشون ، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا )) [ متفق عليه: 908 - 1359 ] .

16- الدعاء عند دخول المسجد ، و الخروج منه : عن أبي حُميد الساعدي ، أو عن أبي أُسيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك )) [ رواه مسلم: 1652 ].

17- الصلاة إلى سترة : عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليُصَلِّ ، ولا يبال مَنْ مر وراء ذلك)) [ رواه مسلم: 1111 ].

* السترة هي: ما يجعله المصلي أمامه حين الصلاة ، مثل: الجدار ، أو العمود ، أو غيره.
ومؤخرة الرحل: ارتفاع ثُلثي ذراع تقريبا.

18- الإقعاء بين السجدتين: عن أبي الزبير أنه سمع طاووسا يقول: قلنا لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في الإقعاء على القدمين ، فقال : (( هي السنة ))، فقلنا له: إنا لنراه جفاء بالرجل ، فقال ابن عباس: (( بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم )) [ رواه مسلم: 1198 ] .
* الإقعاء هو: نصب القدمين والجلوس على العقبين ، ويكون ذلك حين الجلوس بين السجدتين.

19- التورك في التشهد الثاني: عن أبي حميد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا جلس في الركعة الآخرة ، قدم رجله اليسرى ، ونصب الأخرى ، وقعد على مقعدته )) [ رواه البخاري: 828 ] .

20- الإكثار من الدعاء قبل التسليم: عن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (( كنا إذا كنا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ،إلى أن قال: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو ))
[ رواه البخاري: 835 ] .

21- أداء السنن الرواتب : عن أم حبيبة رضي الله عنها ، أنها سمعـت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول( ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة ، إلا بنى الله له بيتًا في الجنة )) [ رواه مسلم: 1696 ].

* السنن الرواتب: عددها اثنتا عشرة ركعة، في اليوم والليلة : أربع ركعات قبل الظهر ، وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، وركعتان قبل الفجر.

22- صلاة الضحى : عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (( يصبح على كل سلامى ( أي: مفصل) من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى )) [ رواه مسلم: 1671 ] .

* وأفضل وقتها حين ارتفاع النهار، واشتداد حرارة الشمس ، ويخرج وقتها بقيام قائم الظهيرة، وأقلها ركعتان ، ولا حدَّ لأكثرها.

23- قيام الليل : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُئل : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة، فقال: (( أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة ، الصلاة في جوف الليل )) [ رواه مسلم: 2756 ] .

24- صلاة الوتر: عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا )) [متفق عليه:998 - 1755].

شموخ المجد
01-11-15, 07:45 AM
سنن الوضوء والصلاة


6- المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة: عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تمضمض ، واستنشق من كف واحدة )) [ رواه مسلم: 555 ] .

7-الوضوء قبل الغُسل : عن عائشة رضي الله عنها ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : (( كان إذا اغتسل من الجنابة ، بدأ فغسل يديه ، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يُدخل أصابعه في الماء ، فيخلل بها أصول الشعر ، ثم يَصُب على رأسه ثلاث غُرف بيديه ، ثم يُفيض الماء على جلده كله )) [ رواه البخاري :248 ].

8-التشهد بعد الوضوء: عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول : أشهد أنَّ لا إله إلا الله ، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله إلاَّ فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء )) [ رواه مسلم: 553 ] .

9-الاقتصاد في الماء: عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ، ويتوضأ بالـمُد )) [ متفق عليه: 201- 737 ].

10- صلاة ركعتين بعد الوضوء: قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّثُ فيهما نفسه ، غُفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه من حديث حُمران مولى عثمان رضي الله عنهما:159- 539 ] .

11-الترديد مع المؤذن ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، أنه سمـع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقــول: (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى عليَّ صلاة ، صلى الله عليه بها عشرًا ... الحديث)) [ رواه مسلم: 849 ].

ثم يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته ) رواه البخاري. من قال ذلك حلت له شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم .

12- الإكثار من السواك: عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( لولا أنْ أشق على أمتي ، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) [ متفق عليه:887 - 589 ] .
** كما أن من السنة، السواك عند الاستيقاظ من النوم ، وعند الوضوء ، وعند تغير رائحة الفم ، وعند قراءة القرآن ، وعند دخول المنزل.

13- التبكير إلى المسجد : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ... ولو يعلمون ما في التهجير ( التبكير ) لاستبقوا إليه ... الحديث )) [ متفق عليه: 615-981 ] .

14-الذهاب إلى المسجد ماشيا: عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات )) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (( إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط )) [ رواه مسلم: 587 ].

15- إتيان الصلاة بسكينة ووقار: عن أبي هـريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، وأتوها تمشون ، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا )) [ متفق عليه: 908 - 1359 ] .

شموخ المجد
01-11-15, 07:46 AM
16- الدعاء عند دخول المسجد ، و الخروج منه : عن أبي حُميد الساعدي ، أو عن أبي أُسيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك )) [ رواه مسلم: 1652 ].

17- الصلاة إلى سترة : عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليُصَلِّ ، ولا يبال مَنْ مر وراء ذلك)) [ رواه مسلم: 1111 ].

* السترة هي: ما يجعله المصلي أمامه حين الصلاة ، مثل: الجدار ، أو العمود ، أو غيره.
ومؤخرة الرحل: ارتفاع ثُلثي ذراع تقريبا.

18- الإقعاء بين السجدتين: عن أبي الزبير أنه سمع طاووسا يقول: قلنا لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في الإقعاء على القدمين ، فقال : (( هي السنة ))، فقلنا له: إنا لنراه جفاء بالرجل ، فقال ابن عباس: (( بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم )) [ رواه مسلم: 1198 ] .
* الإقعاء هو: نصب القدمين والجلوس على العقبين ، ويكون ذلك حين الجلوس بين السجدتين.

19- التورك في التشهد الثاني: عن أبي حميد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا جلس في الركعة الآخرة ، قدم رجله اليسرى ، ونصب الأخرى ، وقعد على مقعدته )) [ رواه البخاري: 828 ] .

20- الإكثار من الدعاء قبل التسليم: عن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (( كنا إذا كنا مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ،إلى أن قال: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو ))
[ رواه البخاري: 835 ] .

21- أداء السنن الرواتب : عن أم حبيبة رضي الله عنها ، أنها سمعـت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول( ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة ، إلا بنى الله له بيتًا في الجنة )) [ رواه مسلم: 1696 ].

* السنن الرواتب: عددها اثنتا عشرة ركعة، في اليوم والليلة : أربع ركعات قبل الظهر ، وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، وركعتان قبل الفجر.

22- صلاة الضحى : عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (( يصبح على كل سلامى ( أي: مفصل) من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى )) [ رواه مسلم: 1671 ] .

* وأفضل وقتها حين ارتفاع النهار، واشتداد حرارة الشمس ، ويخرج وقتها بقيام قائم الظهيرة، وأقلها ركعتان ، ولا حدَّ لأكثرها.

23- قيام الليل : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُئل : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة، فقال: (( أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة ، الصلاة في جوف الليل )) [ رواه مسلم: 2756 ] .

24- صلاة الوتر: عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا )) [متفق عليه:998 - 1755].


25- الصلاة في النعلين إذا تحققت طهارتهما: سُئل أنس بن مالك رضي الله عنه : أكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي في نعليه؟ قال: (( نعم )) [ رواه البخاري: 386 ] .

26- الصـلاة في مسجد قباء: عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأتي قباء راكبًا وماشيًا )) زاد ابن نمير: حدثنا عبيدالله،عن نافع: (( فيصلي فيه ركعتين )) [متفق عليه: 1194 – 3390 ]

27- أداء صلاة النافلة في البيت : عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته ، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا )) [ رواه مسلم: 1822 ] .

28- صلاة الاستخارة: عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن )) [ رواه البخاري: 1162 ].

* وصفتها كما ورد في الحديث السابق: أن يصلي المرء ركعتين ، ثم يقول :
(( اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ، ومعاشي ، وعاقبة أمري ، فاقدره لي ، ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ، و معاشي ، وعاقبة أمري ، فاصرفه عني ، واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به )) .

29- الجلوس في المصلى بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس: عن جابر بن سمرة رضي الله عنه : ( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنا ) [ رواه مسلم: 1526] .

30- الاغتسال يوم الجمعة : عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل )) [ متفق عليه: 877 -1951 ] .

31- التبكير إلى صلاة الجمعة: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا كان يوم الجمعة ، وقفت الملائكة على باب المسجد ، يكتبون الأول فالأول ، ومثل المُهَجِّر ( أي:المبكر) كمثل الذي يهدي بدنة ، ثم كالذي يهدي بقرة ، ثم كبشاً ، ثم دجاجة، ثم بيضة ، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ، ويستمعون الذكر )) [ متفق عليه: 929 - 1964 ] .

32- تحري ساعة الإجابة يوم الجمعة: عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذَكَرَ يوم الجمعة فقال: (( فيه ساعة، لا يوافقها عبد مسلم ، وهو قائم يصلي ، يسأل الله تعالى شيئًا ، إلا أعطاه إياه )) وأشار بيده يقللها. [ متفق عليه: 935 - 1969 ].

33- الذهاب إلى مصلى العيد من طريق، والعودة من طريق آخر: عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان يوم عيد خالف الطريق )) [ رواه البخاري: 986 ].

34- الصلاة على الجنازة: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان )) قيل: وما القيراطان؟ قال: (( مثل الجبلين العظيمين )) [ رواه مسلم: 2189 ] .

35- زيارة المقابر: عن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ...الحديث)) [ رواه مسلم: 2260 ].

* ملحوظة: النساء محرم عليهن زيارة المقابر كما أفتى بذلك الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ وجمع من العلماء.

شموخ المجد
01-11-15, 07:47 AM
سنن الصيام


36- السحور: عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تسحروا ؛ فإن في السحور بركة )) [ متفق عليه: 1923 - 2549 ].

37- تعجيل الفطر ، وذلك إذا تحقق غروب الشمس : عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )) [ متفق عليه: 1957 - 2554 ].

38- قيام رمضان : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق عليه: 37-1779 ]

39- الاعتكاف في رمضان ، وخاصة في العشر الأواخر منه: عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: (( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعتكف العشر الآواخر من رمضان )) [ رواه البخاري: 2025 ] .

40- صوم ستة أيام من شوال: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( من صام رمضان ، ثم أتبعه ستًا من شوال ،كان كصيام الدهر )) [ رواه مسلم: 2758 ]

41- صوم ثلاثة أيام من كل شهر: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: (( أوصاني خليلي بثلاث ، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وصلاة الضحى ، ونوم على وتر )) [ متفق عليه: 1178-1672 ].

42- صوم يوم عرفة: عن أبي قتادة رضي الله عنه ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلة، والسنة التي بعده )) [ رواه مسلم: 3746 ] .

43- صوم يوم عاشوراء: عن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( صيام يوم عاشوراء ، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله )) [ رواه مسلم: 3746 ] .

شموخ المجد
01-11-15, 07:47 AM
سنن السفر


44- اختيار أمير في السفر: عن أبي سعيد ، وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم )) [ رواه أبو داود: 2608 ] .

45- التكبير عند الصعود والتسبيح عند النزول: عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا )) [ رواه البخاري: 2994 ] .

* يكون التكبير عند صعود المرتفعات ، والتسبيح عند النزول وانحدار الطريق.

46- الدعاء حين نزول منزل : عن خولة بنت حكيم ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء ، حتى يرتحل من منزله ذلك )) [ رواه مسلم: 6878 ] .

47- البدء بالمسجد إذا قدم من السفر: عن كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه )) [ متفق عليه: 443-1659 ] .


SEO by vBSEO 3.6.1