سالم عاشق الأحواز الليبي
01-15-15, 11:34 AM
إنه عمر المختار
"إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، إنا لله وإنا إليه راجعون".
***
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRAX9VZ61iC49QLhSu431NIMAts50Ghs-wa68s3oHyuMfLUIRuA_A
***
ينسب عمر المختار إلى قبيلة المنفه إحدى كبريات قبائل المرابطين ببرقة،
ولد عام 1862م في قرية جنزور بمنطقة دفنة في برقة
وبرقة هو إقليم شرق ليبيا وهو أكبر أقاليم ليبيـا الثلاثة
وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة
بصحبة زوجته عائشة بنت محارب وعاش يتيماً في بيئة رعوية قاسية.
جاهد وله من العمر 53 عاماً، وحارب المحتل لأكثر من 20 سنة،
في أكثر من 1000 معركة، وذاق الشهادة وعمره 73 عام
***
تلقى عمر المختار تعليمه الأول في زاوية جنزور،
من علوم اللغة والشريعة وبعض الفنون القتالية
ثم سافر إلى واحة الجغبوب
ليمكث فيها 8 أعوام للدراسة والتحصيل
ثم اصطحبه السيد المهدي الجغبوب إلى الكفرة سنة 1895م،
***
أظهر المختار من الصفات الخلقية السامية
ما جعله محبوباً من الجميع، منها الصدق والكرم والشجاعة
وحفظ وتعليم القرآن الكريم والدعوة للإسلام
والتأثير فيمن حوله والفصاحة والإقناع
وغيرها من صفات القائد
ما جعله مقربا من شيوخ القبائل
وسفيرها في النزاعات
***
شارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين
في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية
(السودان الغربي أو تشاد كما تسمى) وحول واداي.
واستقر المختار مدة من الزمن في قرو مناضلاً ومقاتلاً،
ثم عين شيخاً لزاوية عين كلك
ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام
في تلك الأصقاع النائية.
وبعد وفاة السيد محمد المهدي السنوسي عام 1902م
تم استدعاؤه حيث عين شيخاً لزاوية القصور.
***
عاش عمر المختار حرب التحرير والجهاد
منذ بدايتها يوماً بيوم،
فعندما أعلنت إيطاليا الحرب
على تركيا في 29 سبتمبر 1911م،
وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها
على مدن الساحل الليبي، درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس
كان عمر المختار في تلك الأثناء
مقيما في واحة جالو بعد عودته من واحة الكفرة
حيث قابل السيد أحمد الشريف،
وعندما علم بالغزو الإيطالي
سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين
حيث ساهم في تأسيس دور بنينا
(من ضواحي بنغازي الآن وفيها مطار بنينا الدولي)
وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة إلى أن وصل السيد أحمد الشريف قادماً من الكفرة.
***
وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك
من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي ومنها :
معركة الشط إحدى المعارك الخمس الكبرى التي خاضتها إيطاليا
..
معركة يوم الجمعة في درنة حيث قتل فيها للإيطاليين 10 ضباط و60 جنديا و400 فرد بين جريح ومفقود وانسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم.
..
معارك عين ماره والمدوَّر وبو مليانة والهاني وسيدي عبد الجليل وعين زاره والمرقب وجندوبة وجليانة والسلماني وقاريونس والصابري ومحروقة واشكده والمواطين والسبت الأول والسبت الثاني
..
معركة قصر بو هادي التي أعد لها السيد صفي الدين السنوسي حملة من مجاهدي الشرق والغرب والجنوب في 29 من أبريل 1915 مُني الإيطاليون فيها بهزيمة نكراء، أدت إلى حصارهم وتحرير الكثير من المدن. وغيرها الكثير
***
وحينما عين أميليو حاكماً لبرقة، رأى أن يعمل على ثلاث محاور،
الأول : قطع الإمدادات القادمة من مصر والتصدي للمجاهدين في منطقة مرمريكا،
والثاني : قتال المجاهدين في العرقوب وسلنطه والمخيلي،
والثالث : قتال المجاهدين في مسوس واجدابيا.
ولكن القائد الإيطالي وجد نار المجاهدين في انتظاره
في معارك أم شخنب وشليظيمة والزويتينة في فبراير 1914م،
ولتتواصل حركة الجهاد بعد ذلك حتى وصلت إلى مرحلة جديدة
بقدوم الحرب العالمية الأولى.
***
بعد الإنقلاب الفاشي في إيطالي في أكتوبر 1922،
وبعد الإنتصار الذي تحقق في تلك الحرب
إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا.
تغيرت الأوضاع داخل ليبيا
واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي،
واضطر إلى ترك البلاد عاهداً
بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار
في الوقت الذي قام أخاه الرضا مقامه
في الإشراف على الشئون الدينية.
***
وفي 1923 برز كقائد للجهاد ضد المحتل الإيطالي،
واتخذ من الجبل الأخضر معقلاً لجهاده،
قاد منه أعنف المعارك عبر التاريخ الحديث،
اختار الجبل الأخضر لطبيعته الوعرة وغاباته الكثيفة،
فكان ملائماً لعمر المختار ورفاقه،
وعتادهم القليل في حرب مع تحالفٍ جرار بقطع عسكرية جوية وبرية وبحرية
والدُور هو وحدة عسكرية وقبلية تجاهد في منطقة معينة
وتلتحم مع الدور الأخرى
***
سعت إيطاليا إلى احتلال الجغبوب لإضعاف المقاومة
ووجهت إليها حملة كبيرة وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين
وعلى رأسهم عمر المختار ولكن الرجل حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.
***
ولاحظ الإيطاليون أن الموقف يملي عليهم الإستيلاء
على منطقة فزان لقطع الإمدادات على المجاهدين،
فخرجت حملة في يناير 1928م،
ولم تحقق غرضها في احتلال فزان
بعد أن دفعت الثمن غاليا.
ورغم حصار المجاهدين وانقطاعهم عن مراكز تموينهم،
إلا أن الأحداث لم تنل منهم وتثبط من عزمهم،
والدليل على ذلك معركة يوم 22 أبريل
التي استمرت يومين كاملين!
انتصر فيها المجاهدون وغنموا عتادا كثيرا.
***
وتوالت الإنتصارات،
الأمر الذي دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها
فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية،
حيث عين بادوليو حاكماً على ليبيا في يناير 1929م،
ويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة
***
تظاهر الحاكم الجديد لليبيا في رغبته للسلام
لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ خططه وتغيير أسلوب القتال
وطلب مفاوضة عمر المختار،
***
تلك المفاوضات التي بدأت في 20 أبريل 1929م،
وعندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه
مغادرة البلاد إلى الحجاز ومصر أو حتى البقاء في برقة
والإستسلام مقابل الأموال والإغراءات،
رفض كل تلك العروض، وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الإختيار الثالث
وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.
***
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQaBPdvnKkNdx_QeC5OKJEtAPtsr-pWamg315slbbPIEmEdmFsm
***
تبين للمختار غدر الإيطاليين وخداعهم،
وصحت توقعات عمر المختار،
ففي 16 يناير 1930م ألقت الطائرات بقذائفها على المجاهدين،
***
وقد دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا
إلى دراسة الموقف من جديد وتوصلت إلى تعيين غرسياني
ليقوم بتنفيذ خطة إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ
في وحشيتها وفظاعتها وعنفها
وقد تمثلت في عدة إجراءات ذكرها في كتاب "برقة المهدأة":
* قفل الحدود الليبية المصرية بالأسلاك الشائكة لمنع وصول المؤن والذخائر.
* إنشاء المحكمة الطارئة في أبريل 1930م.
* فتح أبواب السجون في كل مدينة وقرية ونصب المشانق في كل جهة.
* تخصيص مواقع العقيلة والبريقة من صحراء غرب برقة البيضاء والمقرون وسلوق من أواسط برقة الحمراء لتكون مواقع الإعتقال والنفي والتشريد.
* العمل على حصار المجاهدين في الجبل الأخضر واحتلال الكفرة.
***
إنتهت العمليات في فزان بإحتلال مرزق وغات في يناير وفبراير 1930م
ثم عمدوا إلى الإشباك مع المجاهدين في معارك فاصلة،
وفي 26 أغسطس 1930م ألقت الطائرات الإيطالية
حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج،
وفي نوفمبر اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة
من اجدابيا إلى جالو إلى بئر زيغن إلى الجوف،
وفي 28 يناير 1931م سقطت الكفرة في أيدي الغزاة،
وكان لسقوطها آثار كبيرة على حركة الجهاد والمقاومة.
وأذكر لكم أن مدينة الزاوية الليبية كانت أول مدينة في العالم من الجو
وكذلك موقعة شهداء تاجوراء الذين قصفهم الطيران الإيطالي
وقد كانت إيطاليا أول من أدخل الدبابات إلى الصحراء
وإنما يدل الموقف على صلابة المقاومة.
***
في يوم 11 سبتمبر 1931م نشبت معركة عند بئر قندولة والوديان المجاورة استمرت يومين،
ووقع عمر المختار في الأسر
بعد أن سقط جريحاً من على فرسه المصابة وأحاط به عشرات الجنود،
نقل في ذات اليوم إلى ميناء سوسة ثم إلى سجن بنغازي العمومي،
وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر
قادماً من روما عن طريق طرابلس،
وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة"
يوم 15 سبتمبر 1931م،
وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة
رغب غرسياني في الحديث مع عمر المختار،
***
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTAfvOtvxnMiIelvsg87MJ14nsSwbr1D kaNYTri-cs-4l_u9V0v
***
يذكر كتاب (برقة المهدأة):
"وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل، رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة، وكان وجهه مضغوطا لأنه كان مغطيا رأسه (بالجرد) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر، وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر، ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح." وكان أول سؤال وجهه له غرسياني لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الإيطالية؟" فكان ردّ عمر المختار "من أجل ديني ووطني."
***
ويستطرد غرسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للإنصراف كان جبينه وضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد، فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء، وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يدين كانت مكبلة بالحديد."
***
انعقدت محاكمة عمر المختار الساعة 5:00 عصرا
وكانت المشنقة قد جهزت قبل انعقاد المحكمة،
وحكمت المحكمة عليه بالإعدام شنقا حتى الموت
فقال لهم "إن الحكم إلا لله لا حكمكم المزيف، إنـا لله وإنا إليه راجعون"
وفي صباح 16 من سبتمبر 1931 نفذ فيه جلاده،
في بلدة سلوق أمام حشد جماهيري حكم الإعدام.
ووقع هذا الخبر وقوع الصاعقة على أسماع الليبيين والعرب والمسلمين والعالم أجمع،
فخرجت الجماهير الغاضبة تندد بالجريمة النكراء ورثاه الشعراء والأدباء،
وإن مات عمر المختار، فإن سيرته تحيا كل يوم في قلوب المسلمين.
وظل رمزاً للحرية والشهادة والجهاد، في قلوب محبيه.
***
https://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRCgNVtor95sZeKD85qyD1zpTKh_LR60 b5Yz_QZBg0spGkyBFGrlg
***
ترك عمر المختار لأبناءه وأحفاده،
إرثاً أدبياً ونضالياً سامياً ومشرفاً،
من حكم وآثار وسيرة تلخص حياة مليئة بالجهاد والنضال والعلم.. فمن مقولاته :
..
(" إنني أؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح، وحينما يقاتل المرء لكي يغتصب وينهب، قد يتوقف عن القتال إذا امتلأت جعبته، أو أنهكت قواه، ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضي في حربه إلى النهاية.إن الظلم يجعل من المظلوم بطلاً، وأما الجريمة فلا بد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء ")
..
(" لئن كسر المدفع سيفي، فلن يكسر الباطل حقي ")
..
(" نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت ")
..
(" من كافأ الناس بالمكر كافأوه بالغدر ")
..
(" إن الضربات التي لا تقصم ظهرك تقويك ")
..
(" يمكنهم هزيمتنا إذا نجحوا باختراق معنوياتنا ")
..
(" نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الآخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح ")
..
(" سوف تأتي أجيال من بعدي تقاتلكم، أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي ")
..
(" إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، إنا لله وإنا إليه راجعون ")
..
(" لا تنحني مهما كان الأمر ضرورياً، فربما لا تأتيك الفرصة كي ترفع رأسك مرة أخرى")..
***
رثا المجاهد عمر المختار أعظم الشعراء في العصر الحديث،
ونعته قلوب المسلمين، لكن الأشهر بينهم،
كان رثاء أحمد شوقي له، وأنتقي منه :
يا أَيُّها الشَعبُ القَريبُ أَسامِعٌ *
فَأَصوغُ في عُمَرَ الشَهيدِ رِثاءَ
أَم أَلجَمَت فاكَ الخُطوبُ وَحَرَّمَت*
أُذنَيكَ حينَ تُخاطَبُ الإِصغاءَ
ذَهَبَ الزَعيمُ وَأَنتَ باقٍ خالِدٌ *
فَاِنقُد رِجالَكَ وَاِختَرِ الزُعَماءَ
وَأَرِح شُيوخَكَ مِن تَكاليفِ الوَغى *
وَاِحمِل عَلى فِتيانِكَ الأَعباءَ..
***
~~ أعد البحث، العبد الفقير لله سالم السنوسي ~~
~~ أتمنى ينال إعجابكــم لأني قضيت ساعات والله ~~
"إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، إنا لله وإنا إليه راجعون".
***
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRAX9VZ61iC49QLhSu431NIMAts50Ghs-wa68s3oHyuMfLUIRuA_A
***
ينسب عمر المختار إلى قبيلة المنفه إحدى كبريات قبائل المرابطين ببرقة،
ولد عام 1862م في قرية جنزور بمنطقة دفنة في برقة
وبرقة هو إقليم شرق ليبيا وهو أكبر أقاليم ليبيـا الثلاثة
وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة
بصحبة زوجته عائشة بنت محارب وعاش يتيماً في بيئة رعوية قاسية.
جاهد وله من العمر 53 عاماً، وحارب المحتل لأكثر من 20 سنة،
في أكثر من 1000 معركة، وذاق الشهادة وعمره 73 عام
***
تلقى عمر المختار تعليمه الأول في زاوية جنزور،
من علوم اللغة والشريعة وبعض الفنون القتالية
ثم سافر إلى واحة الجغبوب
ليمكث فيها 8 أعوام للدراسة والتحصيل
ثم اصطحبه السيد المهدي الجغبوب إلى الكفرة سنة 1895م،
***
أظهر المختار من الصفات الخلقية السامية
ما جعله محبوباً من الجميع، منها الصدق والكرم والشجاعة
وحفظ وتعليم القرآن الكريم والدعوة للإسلام
والتأثير فيمن حوله والفصاحة والإقناع
وغيرها من صفات القائد
ما جعله مقربا من شيوخ القبائل
وسفيرها في النزاعات
***
شارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين
في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية
(السودان الغربي أو تشاد كما تسمى) وحول واداي.
واستقر المختار مدة من الزمن في قرو مناضلاً ومقاتلاً،
ثم عين شيخاً لزاوية عين كلك
ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام
في تلك الأصقاع النائية.
وبعد وفاة السيد محمد المهدي السنوسي عام 1902م
تم استدعاؤه حيث عين شيخاً لزاوية القصور.
***
عاش عمر المختار حرب التحرير والجهاد
منذ بدايتها يوماً بيوم،
فعندما أعلنت إيطاليا الحرب
على تركيا في 29 سبتمبر 1911م،
وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها
على مدن الساحل الليبي، درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس
كان عمر المختار في تلك الأثناء
مقيما في واحة جالو بعد عودته من واحة الكفرة
حيث قابل السيد أحمد الشريف،
وعندما علم بالغزو الإيطالي
سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين
حيث ساهم في تأسيس دور بنينا
(من ضواحي بنغازي الآن وفيها مطار بنينا الدولي)
وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة إلى أن وصل السيد أحمد الشريف قادماً من الكفرة.
***
وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك
من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي ومنها :
معركة الشط إحدى المعارك الخمس الكبرى التي خاضتها إيطاليا
..
معركة يوم الجمعة في درنة حيث قتل فيها للإيطاليين 10 ضباط و60 جنديا و400 فرد بين جريح ومفقود وانسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم.
..
معارك عين ماره والمدوَّر وبو مليانة والهاني وسيدي عبد الجليل وعين زاره والمرقب وجندوبة وجليانة والسلماني وقاريونس والصابري ومحروقة واشكده والمواطين والسبت الأول والسبت الثاني
..
معركة قصر بو هادي التي أعد لها السيد صفي الدين السنوسي حملة من مجاهدي الشرق والغرب والجنوب في 29 من أبريل 1915 مُني الإيطاليون فيها بهزيمة نكراء، أدت إلى حصارهم وتحرير الكثير من المدن. وغيرها الكثير
***
وحينما عين أميليو حاكماً لبرقة، رأى أن يعمل على ثلاث محاور،
الأول : قطع الإمدادات القادمة من مصر والتصدي للمجاهدين في منطقة مرمريكا،
والثاني : قتال المجاهدين في العرقوب وسلنطه والمخيلي،
والثالث : قتال المجاهدين في مسوس واجدابيا.
ولكن القائد الإيطالي وجد نار المجاهدين في انتظاره
في معارك أم شخنب وشليظيمة والزويتينة في فبراير 1914م،
ولتتواصل حركة الجهاد بعد ذلك حتى وصلت إلى مرحلة جديدة
بقدوم الحرب العالمية الأولى.
***
بعد الإنقلاب الفاشي في إيطالي في أكتوبر 1922،
وبعد الإنتصار الذي تحقق في تلك الحرب
إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا.
تغيرت الأوضاع داخل ليبيا
واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي،
واضطر إلى ترك البلاد عاهداً
بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار
في الوقت الذي قام أخاه الرضا مقامه
في الإشراف على الشئون الدينية.
***
وفي 1923 برز كقائد للجهاد ضد المحتل الإيطالي،
واتخذ من الجبل الأخضر معقلاً لجهاده،
قاد منه أعنف المعارك عبر التاريخ الحديث،
اختار الجبل الأخضر لطبيعته الوعرة وغاباته الكثيفة،
فكان ملائماً لعمر المختار ورفاقه،
وعتادهم القليل في حرب مع تحالفٍ جرار بقطع عسكرية جوية وبرية وبحرية
والدُور هو وحدة عسكرية وقبلية تجاهد في منطقة معينة
وتلتحم مع الدور الأخرى
***
سعت إيطاليا إلى احتلال الجغبوب لإضعاف المقاومة
ووجهت إليها حملة كبيرة وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين
وعلى رأسهم عمر المختار ولكن الرجل حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.
***
ولاحظ الإيطاليون أن الموقف يملي عليهم الإستيلاء
على منطقة فزان لقطع الإمدادات على المجاهدين،
فخرجت حملة في يناير 1928م،
ولم تحقق غرضها في احتلال فزان
بعد أن دفعت الثمن غاليا.
ورغم حصار المجاهدين وانقطاعهم عن مراكز تموينهم،
إلا أن الأحداث لم تنل منهم وتثبط من عزمهم،
والدليل على ذلك معركة يوم 22 أبريل
التي استمرت يومين كاملين!
انتصر فيها المجاهدون وغنموا عتادا كثيرا.
***
وتوالت الإنتصارات،
الأمر الذي دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها
فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية،
حيث عين بادوليو حاكماً على ليبيا في يناير 1929م،
ويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة
***
تظاهر الحاكم الجديد لليبيا في رغبته للسلام
لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ خططه وتغيير أسلوب القتال
وطلب مفاوضة عمر المختار،
***
تلك المفاوضات التي بدأت في 20 أبريل 1929م،
وعندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه
مغادرة البلاد إلى الحجاز ومصر أو حتى البقاء في برقة
والإستسلام مقابل الأموال والإغراءات،
رفض كل تلك العروض، وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الإختيار الثالث
وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.
***
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQaBPdvnKkNdx_QeC5OKJEtAPtsr-pWamg315slbbPIEmEdmFsm
***
تبين للمختار غدر الإيطاليين وخداعهم،
وصحت توقعات عمر المختار،
ففي 16 يناير 1930م ألقت الطائرات بقذائفها على المجاهدين،
***
وقد دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا
إلى دراسة الموقف من جديد وتوصلت إلى تعيين غرسياني
ليقوم بتنفيذ خطة إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ
في وحشيتها وفظاعتها وعنفها
وقد تمثلت في عدة إجراءات ذكرها في كتاب "برقة المهدأة":
* قفل الحدود الليبية المصرية بالأسلاك الشائكة لمنع وصول المؤن والذخائر.
* إنشاء المحكمة الطارئة في أبريل 1930م.
* فتح أبواب السجون في كل مدينة وقرية ونصب المشانق في كل جهة.
* تخصيص مواقع العقيلة والبريقة من صحراء غرب برقة البيضاء والمقرون وسلوق من أواسط برقة الحمراء لتكون مواقع الإعتقال والنفي والتشريد.
* العمل على حصار المجاهدين في الجبل الأخضر واحتلال الكفرة.
***
إنتهت العمليات في فزان بإحتلال مرزق وغات في يناير وفبراير 1930م
ثم عمدوا إلى الإشباك مع المجاهدين في معارك فاصلة،
وفي 26 أغسطس 1930م ألقت الطائرات الإيطالية
حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج،
وفي نوفمبر اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة
من اجدابيا إلى جالو إلى بئر زيغن إلى الجوف،
وفي 28 يناير 1931م سقطت الكفرة في أيدي الغزاة،
وكان لسقوطها آثار كبيرة على حركة الجهاد والمقاومة.
وأذكر لكم أن مدينة الزاوية الليبية كانت أول مدينة في العالم من الجو
وكذلك موقعة شهداء تاجوراء الذين قصفهم الطيران الإيطالي
وقد كانت إيطاليا أول من أدخل الدبابات إلى الصحراء
وإنما يدل الموقف على صلابة المقاومة.
***
في يوم 11 سبتمبر 1931م نشبت معركة عند بئر قندولة والوديان المجاورة استمرت يومين،
ووقع عمر المختار في الأسر
بعد أن سقط جريحاً من على فرسه المصابة وأحاط به عشرات الجنود،
نقل في ذات اليوم إلى ميناء سوسة ثم إلى سجن بنغازي العمومي،
وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر
قادماً من روما عن طريق طرابلس،
وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة"
يوم 15 سبتمبر 1931م،
وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة
رغب غرسياني في الحديث مع عمر المختار،
***
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTAfvOtvxnMiIelvsg87MJ14nsSwbr1D kaNYTri-cs-4l_u9V0v
***
يذكر كتاب (برقة المهدأة):
"وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل، رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة، وكان وجهه مضغوطا لأنه كان مغطيا رأسه (بالجرد) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر، وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر، ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح." وكان أول سؤال وجهه له غرسياني لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الإيطالية؟" فكان ردّ عمر المختار "من أجل ديني ووطني."
***
ويستطرد غرسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للإنصراف كان جبينه وضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد، فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء، وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يدين كانت مكبلة بالحديد."
***
انعقدت محاكمة عمر المختار الساعة 5:00 عصرا
وكانت المشنقة قد جهزت قبل انعقاد المحكمة،
وحكمت المحكمة عليه بالإعدام شنقا حتى الموت
فقال لهم "إن الحكم إلا لله لا حكمكم المزيف، إنـا لله وإنا إليه راجعون"
وفي صباح 16 من سبتمبر 1931 نفذ فيه جلاده،
في بلدة سلوق أمام حشد جماهيري حكم الإعدام.
ووقع هذا الخبر وقوع الصاعقة على أسماع الليبيين والعرب والمسلمين والعالم أجمع،
فخرجت الجماهير الغاضبة تندد بالجريمة النكراء ورثاه الشعراء والأدباء،
وإن مات عمر المختار، فإن سيرته تحيا كل يوم في قلوب المسلمين.
وظل رمزاً للحرية والشهادة والجهاد، في قلوب محبيه.
***
https://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRCgNVtor95sZeKD85qyD1zpTKh_LR60 b5Yz_QZBg0spGkyBFGrlg
***
ترك عمر المختار لأبناءه وأحفاده،
إرثاً أدبياً ونضالياً سامياً ومشرفاً،
من حكم وآثار وسيرة تلخص حياة مليئة بالجهاد والنضال والعلم.. فمن مقولاته :
..
(" إنني أؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح، وحينما يقاتل المرء لكي يغتصب وينهب، قد يتوقف عن القتال إذا امتلأت جعبته، أو أنهكت قواه، ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضي في حربه إلى النهاية.إن الظلم يجعل من المظلوم بطلاً، وأما الجريمة فلا بد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء ")
..
(" لئن كسر المدفع سيفي، فلن يكسر الباطل حقي ")
..
(" نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت ")
..
(" من كافأ الناس بالمكر كافأوه بالغدر ")
..
(" إن الضربات التي لا تقصم ظهرك تقويك ")
..
(" يمكنهم هزيمتنا إذا نجحوا باختراق معنوياتنا ")
..
(" نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الآخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح ")
..
(" سوف تأتي أجيال من بعدي تقاتلكم، أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي ")
..
(" إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، إنا لله وإنا إليه راجعون ")
..
(" لا تنحني مهما كان الأمر ضرورياً، فربما لا تأتيك الفرصة كي ترفع رأسك مرة أخرى")..
***
رثا المجاهد عمر المختار أعظم الشعراء في العصر الحديث،
ونعته قلوب المسلمين، لكن الأشهر بينهم،
كان رثاء أحمد شوقي له، وأنتقي منه :
يا أَيُّها الشَعبُ القَريبُ أَسامِعٌ *
فَأَصوغُ في عُمَرَ الشَهيدِ رِثاءَ
أَم أَلجَمَت فاكَ الخُطوبُ وَحَرَّمَت*
أُذنَيكَ حينَ تُخاطَبُ الإِصغاءَ
ذَهَبَ الزَعيمُ وَأَنتَ باقٍ خالِدٌ *
فَاِنقُد رِجالَكَ وَاِختَرِ الزُعَماءَ
وَأَرِح شُيوخَكَ مِن تَكاليفِ الوَغى *
وَاِحمِل عَلى فِتيانِكَ الأَعباءَ..
***
~~ أعد البحث، العبد الفقير لله سالم السنوسي ~~
~~ أتمنى ينال إعجابكــم لأني قضيت ساعات والله ~~