المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السير إلى الله


أركان الرحيل
03-21-15, 09:18 PM
إن المؤمن في هذه الحياة سائر في طريق ، وطريقه هذا له مقصود وغاية ، وهو طاعة ذي الجلال ورضا الكبير المتعال ، متحققاً ومتيقناً بأنه عبدٌ لله تبارك وتعالى وأنَّ واجبَه في هذه الحياة تحقيق العبودية لله عز وجل ، فهو يسير في هذه الحياة ليعرف ربه ومولاه ، وليتعرف عليه جل وعلا بما تعرف به على عباده من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ودلائل جلاله وكماله وعظمته وكبريائه وأنه الرب العظيم الخالق الجليل الذي بيده أزمَّة الأمور ومقاليد السماوات والأرض ، ثم يُتبِع المؤمن السائر هذه المعرفة بتحقيق العبودية لله فيخلص دينه كله لله { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-172] .
وطريق المؤمن السائر هذا له مبدأ ونهاية ؛ أما مبدأه فهو هذه الحياة ، لا يزال المؤمن سائراً في حياته إلى الله عز وجل من منزلةٍ إلى منزلة ومن عبوديةٍ إلى عبودية ومن طاعةٍ إلى طاعة إلى أن يأتي الأجل وتحضر المنية { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] . أما منتهى السير فهو جنة
{عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }[آل عمران :133] ، ففي الجنة محط الرحال ومرتع الآمال، وفيها هناءة السائرين ولذتهم أجمعين في نعيمٍ مقيم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . وإذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله جل وعلا لهم - كما جاء في صحيح مسلم - : « تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ » نسأل الله الكريم لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة .
وهذا السير لابد فيه من محركات ليسير المؤمن وليقوى سَيْره إلى الله عز وجل ، وقد بيَّن العلماء رحمهم الله تعالى أن لهذا السير محركات ثلاث؛ وهي في قلب المؤمن الصادق ألا وهي :
المحبة ، والرجاء ، والخوف. فهذه الأمور الثلاث محركات للقلوب ؛
أما المحبة فهي التي تجعل المسلم يتجه إلى الصراط المستقيم ويعزم على السير فيه وتكون قوة سيره بحسب قوة هذه المحبة ، وأما الرجاء فهو القائد للمؤمن في سيره ، وأما الخوف فهو الزاجر . وقد جمع الله جل وعلا هذه الأمور الثلاث في قوله سبحانه:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}[الإسراء:57]
وللسير أعمال لابد منها ولابد من تحقيقها ولابد من عناية من السائرين بها وهي :
فرائض الإسلام وواجبات الدين والقيام بأنواع العبودية لله جل وعلا مع التجنب للآثام والبعد عن الحرام خوفاً من عقاب الملك العلام سبحانه .
ولم يتقرب متقرب إلى الله بشيء أحب إلى الله عز وجل من فرائض الدين وواجباته ، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ؛ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ »
وفي طريق السائرين عقبات لابد من تخطيها ، ومن لم يتخطَّ تلك العقبات أصبحت عائقاً له في سيره إلى الله جل وعلا ، ولهذا كان متأكداً على كل سائرٍ يرجو رحمة الله تبارك وتعالى ويخاف عقابه أن يحذر ويحاذر من عقبات الطريق ومعوقات الطريق التي تواجه الإنسان في سيره وطريقه ، وهي تتلخص في عقبات ثلاث ألا وهي :
- الشرك بالله ؛ ويكون التخلص من هذه العقبة بإخلاص الدين لله جل وعلا .
- والعقبة الثانية : البدعة ؛ ويكون التخلص منها بتجريد المتابعة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام .
- والعقبة الثالثة : المعاصي بأنواعها ؛ ويكون التخلص منها بالتوبة مما وقع فيه من الذنوب وبالعزم على البعد عنها والمحاذرة من الوقوع فيها .
وطريق السائرين إلى الله عز وجل فيه لصوص وقُطَّاع طريق يقطعون على السائر طريقه ويشوِّشون عليه في سيره فيجب عليه أن يكون على حذرٍ منهم ، وأعظم قُطَّاع الطريق الشيطان الرجيم – أعاذنا الله تبارك وتعالى جميعاً منه – ؛ ولهذا جاءت الآيات الكثيرات في كتاب الله جل وعلا بالتحذير من هذا العدو ووجوب اتخاذه عدوا ، وبيان أنه يأتي الإنسان من جهاته كلها ؛ من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، وأنه قاعد له بكل صراط لصدِّه عن دين الله ولإبعاده عن طاعة الله ، قال صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ » أي بكل طريق يسير فيه يبتغي رحمة الله ويرجو ثواب الله يقعد له الشيطان لصده وإبعاده وصرفه عن طاعة الله . وكذلكم من قطاع الطريق أعوان الشيطان وأحزابه من شياطين الإنس والجن وما أكثرهم ، لا كثَّرهم الله وأعاذنا والمسلمين من شرورهم أجمعين .
وهذا الطريق لا يصلح فيه التباطؤ والتماوت والكسل بل الواجب فيه المسارعة للخيرات واغتنام الأوقات والمنافسة في الطاعات ليفوز السائر فوزاً عظيما ويغتنم المواسم الفاضلة والأوقات الفاضلة ليجدَّ ويجتهد في طاعة الله وعبادة الله تبارك وتعالى لتكون له هذه الحياة مغنماً وإلى الخيرات مرتقىً وسلَّما .
ولكل عبد سائر في هذه الحياة أمدٌ لا يتعداه ووقت لا يتجاوزه ؛ فإذا جاء الأجل لا يتقدم عنه العبد ساعة ولا يتأخر ، والسعيد من عباد الله من يُعِدّ لذلك اليوم عدته ويهيئ له جهازه بالطاعة والعبودية لله تبارك وتعالى .
بلَّغنا الله جميعاً جزيل المواهب وخير الآمال ، ووفقنا جميعاً لنيل رضاه ، وهدانا إليه صراطاً مستقيما .
الشيخ عبدالرزاق بن عبد المحسن البدر

في صمتي شموخ
03-22-15, 12:18 AM
بارك الله تعالى فيك اخي الكريم...اركان الرحيل...وثقل ميزانك بما تفعله من
مجهود في الدعوة لدين الله تعالى
تقبل مني مرورا متواضعا
وأسأل الله تعالى أن يجازيك علي عملك هذا خير الجزاء..
لك جل تقديري واحترامي

أركان الرحيل
03-22-15, 10:03 PM
في صمتي شموخ

ولكم بمثل ما دعوتم

كل الشكر والاحترام والتقدير لمروركم العظر

دروب الحب
03-22-15, 10:07 PM
جزاك الله خيروجعله بميزان حسناتك

آح ــمــد
03-23-15, 11:39 AM
الله يـرزقنا الجنـه بغـير حسـاب وعقـاب ويـا سعـد مـنهـو عـرف ربـه واتـجه لـه بعقـيده سليمـه ..

الله يجـزاك الخـير وطـولت العـمر وقـواك ربي ..

آتم بعيد .!
03-23-15, 08:45 PM
طرح قيم ومهم جدآ نفع الله به
وبارك الله بك وجمعنا واياك ووالديك بالفردوس الاعلى .
احترامي ..

khalidsa
03-23-15, 10:30 PM
جزاك الله خيراً أخي الكريم
وجعل ماتقدمه لنا في ميزان حسناتك
دمتي بسعادة ورضى من الله

شهوده المزيونه
03-24-15, 11:53 AM
جزَآكُ آلله عنَآ خيٌر آلجزآءَ .~
و آلبسكُ لبآسً آلتقوىَ و آلغفرآنَ ..
و جعلك مِمُنَ يظلٌهمَ آلله فيَ يوم لآ ظلُ إلآ ظلهَ .,~
علىَ روعةً مآ أبدعت .. وجمآلً مآ نثرت
آدآمَ آلله عطآئك

روميسآء
04-06-15, 08:45 PM
موضوع مفيد يستحق التقدير
جزيت خيرا
سلمت

أركان الرحيل
08-19-15, 01:17 AM
دروب المحبة

ولكم بمثل ما دعوتم

كل الشكر والاحترام والتقدير لمروركم العظر

أركان الرحيل
08-19-15, 01:18 AM
أحمد

ولكم بمثل ما دعوتم

كل الشكر والاحترام والتقدير لمروركم العظر

أركان الرحيل
08-19-15, 01:18 AM
أتـم بعيد
ولكم بمثل ما دعوتم

كل الشكر والاحترام والتقدير لمروركم العظر

أركان الرحيل
08-19-15, 01:19 AM
شهودة

ولكم بمثل ما دعوتم

كل الشكر والاحترام والتقدير لمروركم العظر

أركان الرحيل
08-19-15, 01:19 AM
روميساء

ولكم بمثل ما دعوتم

كل الشكر والاحترام والتقدير لمروركم العظر

أركان الرحيل
08-19-15, 01:21 AM
khalidsa

ولكم بمثل ما دعوتم

كل الشكر والاحترام والتقدير لمروركم العظر

إحساس طفله
08-19-15, 01:23 AM
موضوع جدا رآآئع وقييمم ..
تسلمم ي الغالي ..
لاخلا ولا عدمم


حَسُوسَــآآآ، :m42:

♡المـاســه♡
08-19-15, 01:57 AM
جزاك الله كل الخير:31:

تأبط حرفا
08-19-15, 03:57 AM
جزاك الله خيرآ على الطرح القيم

بارك الله بك


SEO by vBSEO 3.6.1