الهاشميه
04-21-15, 08:24 PM
http://1.bp.blogspot.com/_m1yNgYT4sVk/SsrsudPniAI/AAAAAAAAAyY/C5y9ZFaNHtU/s1600/web-writing.jpg
انتصف الليل ونهض ذلك الكاتب المعروف من على مكتبه ، ليأوي إلى النوم ، وأغلق باب حجرته وراءه وقد ترك جهاز "الكومبيوتر" مفتوحاً وعلى منضدته يقبع ذلك القلم القديم.
وما إن خرج الكاتب حتى تراقصت أزرار لوحة المفاتيح في جزل صبياني ، ثم اتجهت ناحية القلم وتحدَّثَت إليه بلهجة يعلوها التهكم والسخرية :
أما زلت تقبع هنا في ذلك المكان؟
فلم يجبها القلم ، فاستطردت :
لا أدري لِمَ يحتفظ بك الكاتب في حجرة مكتبه ، لقد عفا عليك الدهر ، ولم تعد لك فائدة تُذكر ، قد انتهى عصرك.
بدت حركة من القلم تنم عن غضبه ، إلا أنه لم يتكلم ، فتابَعَت بعد ضحكة مدوية :
أتعلم ؟ كان الواجب أن يضعوك في متحف للآثار ، تكون مجرد ذكرى من الماضي ، يتردد عليك الزائرون.
تحرك القلم حركة عنيفة ، إلا أنه لم يزل في نطاق الصمت ، فواصَلَت حديثها التهكمي المستفز ، وهي تطلق ضحكات هستيرية :
ما رأيك في فكرة الانتحار ؟ وبعدها يأتي الخبر على صفحات الجرائد والصحف الالكترونية يقول : انتحار قلم يئس من حياته ،
قالتها وقد انبعثت منها ضحكات متتالية
قطعها صرخة القلم : كفى.
أرادت الاستطراد في حديثها ، فكرر القلم في عنف :
كفى ، قلت كفى ، ما هذه الغطرسة التي تتحدثين بها ، لِمَ كل هذا القدر من التعالي ؟
بدأت تتكلم اللوحة بهدوء ترد على سؤاله :
هذا حقي ، العصر عصري ، وهذا أواني ، استخدامي هو الأسرع ، هو الأكثر اتقانًا ، هو الأقدر على التحكم في الشطب والتعديل ، وإمكانات عالية في اللون والتنسيق واختيار مختلف "الفونتات" ، هل تريد المزيد ؟
أجابها : كلا أعلم كل هذه الميزات جيدًا ، ولا أنكرها ، وأعترف وأقر بها ، فلماذا لا تعترفين بي ؟
أجابت بكلمات متقطعة ممطوطة تحمل قدرًا كبيرًا من السخرية : أعترف بماذا ؟ أنت مجرد ماضي.
القلم بحزم : قلت كفي عن السخرية ، وأصغي سمعك إليَّ إذاً ، حتى تعلمي أنك لم تحتكري العصر ،
فقالت باهتمام مصطنع : كلي آذان صاغية يا فيلسوف.
تجاهل هذه المرة وهو يقول : أعلمت أن القلم هو أول مخلوق خلقه الله ولا فخر؟
أعلمت كم من أحقاب وآلاف من السنين مضت علي وما زلت باقيًا ، مرت علي عهود وأمم شتى ، قد سجلت عبرها التاريخ الذي تستلهم منه خارطة الطريق لهذه للأمة ؟
بدأت تضطرب في حديثها ، وقالت على استحياء : نعم.
فاستطرد : أخبريني ، إذا ما وصفوا براعة الكاتب ، ألا ترين أنهم يقولون : صاحب القلم السيال ، صاحب القلم الرشيق .... أعلمت ذلك ؟
صمَتَتْ برهة ثم همَسَتْ بكلمة : نعم ، في خفوت
لكنه تابع حديثه :
لو أن الكاتب قفزت إلى ذهنه فكرة وهو على سريره أو في طريقه ، أكان ينتظر حتى يفتح الجهاز ويضرب أزرارك للكتابة ، أم أنه يمسك بي بين أصابعه ويدون فكرته في الحال ؟
فلم تنطق اللوحة ، فتابع القلم :
أرأيت لو أن التيار قد انقطع ، هل سيكون لك فائدة حينذاك ؟
أرأيت لو نضبت الطاقة من الأرض ، وفقدت مقومات حياتك ، هل سيكون لك وجود في عالم الكتابة ؟
هنا قالت اللوحة بصوت هزيل بعد فترة من الصمت :
الحق معك ، لقد أعماني بريق الشهرة عن رؤية هذه الحقائق ، أنا فعلا جد آسفة ، كنت مخطئة.
هنا ارتسمت معالم الهدوء على حركة القلم ، وقال :أتعلمين ؟ أنا وأنت يكمل أحدنا الآخر ، أنا أمثل الأصالة وأنت تمثلين المعاصرة ، وهما أساس نهضة هذه الأمة ، والتي لا يسوغ لها الوقوف عند ذكرى تراثها ، أو الاستغراق في المدنية دون خلفية تاريخية تكون مدادا لصنع حضارتها.
تحركت أزرار "الكيبورد" في هدوء تعبيرًا عن الرضى بهذه الحقيقة العادلة.
_
انتصف الليل ونهض ذلك الكاتب المعروف من على مكتبه ، ليأوي إلى النوم ، وأغلق باب حجرته وراءه وقد ترك جهاز "الكومبيوتر" مفتوحاً وعلى منضدته يقبع ذلك القلم القديم.
وما إن خرج الكاتب حتى تراقصت أزرار لوحة المفاتيح في جزل صبياني ، ثم اتجهت ناحية القلم وتحدَّثَت إليه بلهجة يعلوها التهكم والسخرية :
أما زلت تقبع هنا في ذلك المكان؟
فلم يجبها القلم ، فاستطردت :
لا أدري لِمَ يحتفظ بك الكاتب في حجرة مكتبه ، لقد عفا عليك الدهر ، ولم تعد لك فائدة تُذكر ، قد انتهى عصرك.
بدت حركة من القلم تنم عن غضبه ، إلا أنه لم يتكلم ، فتابَعَت بعد ضحكة مدوية :
أتعلم ؟ كان الواجب أن يضعوك في متحف للآثار ، تكون مجرد ذكرى من الماضي ، يتردد عليك الزائرون.
تحرك القلم حركة عنيفة ، إلا أنه لم يزل في نطاق الصمت ، فواصَلَت حديثها التهكمي المستفز ، وهي تطلق ضحكات هستيرية :
ما رأيك في فكرة الانتحار ؟ وبعدها يأتي الخبر على صفحات الجرائد والصحف الالكترونية يقول : انتحار قلم يئس من حياته ،
قالتها وقد انبعثت منها ضحكات متتالية
قطعها صرخة القلم : كفى.
أرادت الاستطراد في حديثها ، فكرر القلم في عنف :
كفى ، قلت كفى ، ما هذه الغطرسة التي تتحدثين بها ، لِمَ كل هذا القدر من التعالي ؟
بدأت تتكلم اللوحة بهدوء ترد على سؤاله :
هذا حقي ، العصر عصري ، وهذا أواني ، استخدامي هو الأسرع ، هو الأكثر اتقانًا ، هو الأقدر على التحكم في الشطب والتعديل ، وإمكانات عالية في اللون والتنسيق واختيار مختلف "الفونتات" ، هل تريد المزيد ؟
أجابها : كلا أعلم كل هذه الميزات جيدًا ، ولا أنكرها ، وأعترف وأقر بها ، فلماذا لا تعترفين بي ؟
أجابت بكلمات متقطعة ممطوطة تحمل قدرًا كبيرًا من السخرية : أعترف بماذا ؟ أنت مجرد ماضي.
القلم بحزم : قلت كفي عن السخرية ، وأصغي سمعك إليَّ إذاً ، حتى تعلمي أنك لم تحتكري العصر ،
فقالت باهتمام مصطنع : كلي آذان صاغية يا فيلسوف.
تجاهل هذه المرة وهو يقول : أعلمت أن القلم هو أول مخلوق خلقه الله ولا فخر؟
أعلمت كم من أحقاب وآلاف من السنين مضت علي وما زلت باقيًا ، مرت علي عهود وأمم شتى ، قد سجلت عبرها التاريخ الذي تستلهم منه خارطة الطريق لهذه للأمة ؟
بدأت تضطرب في حديثها ، وقالت على استحياء : نعم.
فاستطرد : أخبريني ، إذا ما وصفوا براعة الكاتب ، ألا ترين أنهم يقولون : صاحب القلم السيال ، صاحب القلم الرشيق .... أعلمت ذلك ؟
صمَتَتْ برهة ثم همَسَتْ بكلمة : نعم ، في خفوت
لكنه تابع حديثه :
لو أن الكاتب قفزت إلى ذهنه فكرة وهو على سريره أو في طريقه ، أكان ينتظر حتى يفتح الجهاز ويضرب أزرارك للكتابة ، أم أنه يمسك بي بين أصابعه ويدون فكرته في الحال ؟
فلم تنطق اللوحة ، فتابع القلم :
أرأيت لو أن التيار قد انقطع ، هل سيكون لك فائدة حينذاك ؟
أرأيت لو نضبت الطاقة من الأرض ، وفقدت مقومات حياتك ، هل سيكون لك وجود في عالم الكتابة ؟
هنا قالت اللوحة بصوت هزيل بعد فترة من الصمت :
الحق معك ، لقد أعماني بريق الشهرة عن رؤية هذه الحقائق ، أنا فعلا جد آسفة ، كنت مخطئة.
هنا ارتسمت معالم الهدوء على حركة القلم ، وقال :أتعلمين ؟ أنا وأنت يكمل أحدنا الآخر ، أنا أمثل الأصالة وأنت تمثلين المعاصرة ، وهما أساس نهضة هذه الأمة ، والتي لا يسوغ لها الوقوف عند ذكرى تراثها ، أو الاستغراق في المدنية دون خلفية تاريخية تكون مدادا لصنع حضارتها.
تحركت أزرار "الكيبورد" في هدوء تعبيرًا عن الرضى بهذه الحقيقة العادلة.
_