المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جهادُ النّفس وطلبُ العلم


أغصان الجنان
05-15-15, 02:54 PM
*بســــــم الله الرحــمن الرحيـــــم*


الحمدلله رب العالمين، باعثِ الهادي الأمين، بالنّورِ والذكرِ المُبين، هُدىً وبشرى للمؤمنين. والصلاةُ والسلامُ على سيّدِ العالمين وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين


لا شكّ أن أسمى وأرقى هدفٍ يضعه المؤمن نصب عينيه؛ أن يرغّب نفسه بأعمال الخير ويسعى لها جاهداً ويوطّن نفسه على العقبات فلا بد أن تنزلَ به ولكن عليه أن يدرّب نفسه على تخطيها وألا يجعلها تستوقفه وتقطع مسيرته. فطريقُ المؤمن على هذه الأرض طويلة، ومليئة بالأشواك ويعتريها الكدر والوصب، إلا أنها أيضاً من جهةٍ أخرى مكللةٌ بالانشراح وعبق الفلاح وثمارِ التقوى. ولن يتمكّن المرء من العبور بسلامٍ واطمئنان واثق الخطى يسيرُ باتزان إلا إذا اتّخذ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة ونهج السلف الصالح شعاراً له وضياءً وهّاجاً ينير له الطريق في الظلمات ولا نورَ يعلو على النور المستقى من وحي الإله {اللهُ ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} سورة البقرة-٢٥٧


وحتى نرقى بأرواحنا لتكون في معيّةِ الله سبحانه وتحت ولايته الخاصة، إلى جانبِ توليه لعامة خلقه، كان لزاماً علينا أن نجتهد، ونعمل، ونُقدم، ونُجاهد! في سبيل الله -عز وجل- ومن أجل خدمة دينه.

قال صلى الله عليه وسلم:"الْمُجَاهِدُ من جَاهَدَ نَفْسَهُ في طَاعَةِ اللَّهِ عزًّ وجلّ". رواه الإمام أحمد في المسند (٦٢٢) من حديث فُضالة بن عبيد -رضي الله عنه- ، وصححه الشيخُ الألبانيّ -رحمه الله- في السلسلةِ الصحيحة (٥٤٩).


وجهادُ النفسِ يكون بإبعادها عن شتى أنواعِ المعاصي، وكبحِ شهَواتها، وإغفالِ أهوائِها. وحثّها على عملِ الطاعات، وقصدِ سُبل الخير، وخدمةِ الله -عز وجل- ودينه، ومعاونةِ خلقه على الصلاح.



قال الشيخُ السعديّ -رحمهُ الله- : " فإن النفسَ ميالةٌ إلى الكسلِ عن الخيرات، أمّارةٌ بالسوء، سريعةُ التأثر عند المصائب، وتحتاجُ إلى صبرٍ وجهادٍ في إلزامها طاعة الله، وثباتها عليها، ومجاهدتها عن معاصي الله، وردعها عنها، وجهادها على الصبرِ عند المصائب، وهذه هي الطاعات: امتثالُ المأمور، واجتنابُ المحظور، والصبرُ على المقدور، فالمجاهد حقيقةً: من جاهدها على هذه الأمور لتقوم بواجبها ووظيفتها".بهجة قلوب الأبرار(ص٢١)

ولا تأتي الرفعةُ والسمو في الروح والعقل إلا مع جهادِ النفس، وقهرِ خبائثها، وتحفيزها المستمر نحو الالتحاقِ بمجالسِ العلم وحلقات الذكر ومطالعةِ الكتب القيمة واتّخاذ التقنيات الحديثة المختلفة وسيلةً معينة لاستلهامِ النافع ونشره بين الناس. وهذا العمل يتطلب جهداً كبيراً وتفرّغاً حتى يتم تحقيقه على الوجه المطلوب، كما يحب ربنا ويرضى.



كلي يقينٌ بأننا جميعاً نطمح ونتطلّع ونرجو أن نحقق الكثير على صعيد ديننا قبل دنيانا، ونأملُ ونخطط ولكن ... قد نصابُ بالتكاسل أحياناً، وقد يطرأ علينا طارئٌ لم يكن في الحسبان، وقد وقد ... احتمالاتٌ كثيرة لما قد يعرقل خطةَ سيرنا. ولكنّ الرحلة لن تتوقفَ بإذن الله. ألسنا عابري سبيلٍ في هذهِ الدنيا؟ ألسنا مسافرينَ إلى مكانٍ أجملَ وأعلى؟ فلمَ لا تعلو الهممْ، ونخطو بجدٍ واجتهادٍ نحو القممْ؟


منذ أن كنّا صغاراً ونحنُ نسمعُ هذه الأبيات للإمام الشافعيّ -رحمه الله- ونرددها:


بقدرِ الكدِّ تكتسبُ المعالي *** ومن طلبَ العُلا سهر الليالي
ومن رامَ العُـــلا من غيرِ كدٍ *** أضاعَ العمرَ في طلبِ المُحالِ


ولكن هل نستحضرها في لحظاتِ التعب ونطبقها فعلاً؟
هل نذكّر أنفسنا بأن العلو في الشأن في الآخرة قد يكون على حساب راحتنا وصحتنا وأنسنا؟ هل نسترجع ما قام به نبينا -صلواتُ اللهِ وسلامه عليه- وأصحابه وأسلافنا من أعمالٍ جليلة وعظيمة لخدمةِ ديننا ونشره؟ هل استكانوا وتوانوا؟ لا والله !


كان السلف الصالح -رحمهم الله- يسهرون الليالي ويقضون أيامهم في منازلهم يخطّون المؤلفات ويتشرّبون الكتب ويجدون أنسهم في خدمة هذا الدين العظيم ويعملون من أجله، وها هي كتبهم بين أيدينا انتهلنا منها المنافع والقصص والعبر، هل تفكّرنا يوماً بمقدار تعبهم ليقدموا لنا هذا الإرث العظيم؟ فلمَ لا نقتدي بهم جميعا، ونجاهدَ أنفسنا ونتحمل الأعباء ونصبر على التعب في سبيل ربنا جل في علاه ومن أجل نجاتنا ونجاة أمّتنا؟


أكادُ أجزم أننا جميعاً نتمنى ونريد أن نتدبّر آيات الله ونحفظ كتابه وندرس العلم الشرعي ونبدأ وننطلق بمجالاتِ الخير ولكن التأجيل والتواني سرعان ما يفتك بنا ويغرّنا طول الأمل بل ونعتقد أننا سنعيش حتى الغد لنحقق ما نرغب به. ولكن هل تساءلنا يوماً: هل نملكُ ضماناً بأننا سندركُ الغد؟ هل سيُكتب لنا عمراً لنعمل الخير الذي أجلناه؟ والله لا ندري متى سينقطعُ النفس فكيف نقطعُ الخير متأمّلينَ إتمامه فيما بعد؟



لا بد لنا إخوتي في الله أن نجددَ الهمة بأن نلجأ إلى الله -عز وجل- بصدقٍ وإخلاص ونستعين به ليقوّينا على التفقهِ في دينه وعملِ الخير، وأن لا نتواكل بل نتوكل ونأخذ بالأسباب، وأن نذكّر أنفسنا بأننا في [جهادٍ دائم لن يتوقف حتى تطأ أقدامُنا الجنة، عندها سننعم بالراحة الأبدية -إن شاء الله-].



أخيراً، مررتُ بهذه الآية الكريمة اليوم وخطر على ذهني معنىً يختلف عن سياقها الذي ذُكرت به وتأمّلته كثيراً وكان من السلفِ الصالح من يُنزلُ الآيات على المواقف ويشتشهد بها ولا ضيرَ في ذلك .. يقول الحق تباركَ وتعالى : {لنْ تنالوا البِرّ حتى تُنفقوا مما تحبون وما تُنفقوا من شيءٍ فإنَّ اللهَ بهِ عليِم} سورة آل عمران-٩٢
استشعرته في نفسي ينطبقُ على جهادِ النفس أيضاً؛ فلن ننالَ الجنة والرفعة ودرجة البر والتقوى إلا إذا أنفقنا الأشياءَ المحببة إلينا في سبيلِ الله ولا شك أن النفس محببةٌ إلينا، وهي من النعم العظيمة التي وهبنا اللهُ إيَّاها. فمن سخّرها للهِ قد نالَ جنته وحظيَ برضاه، ومن سخّرها لغيرِ الله واستعملها فيما لا يُرضي الله فقد ضلّ ضلالاً بعيدا -نسألُ اللهَ السّلامة-.


فلنكنْ ممن يحرص على الجدّ والاجتهاد في طلبِ العلم النافع، والاستفادةِ من مجالس الخير والصحبة الصالحة فهي المعينة -بعدَ الله سبحانه- على جهادِ النفس والسموّ بها نحو جنانِ الرحمَن

ريم الغلاا
05-16-15, 12:05 AM
جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
حَمآك آلرحمَن ,,~

مغرم بالهلال ❤
05-17-15, 04:10 AM
جزاك الله خير ~
وجعله في موازين حسناتك ~

أغصان الجنان
05-27-15, 06:59 PM
جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
حَمآك آلرحمَن ,,~


اللهم آمييين ..
سُعدت بمروركِ لآحرمني الله طيبك ..
دمتِ ..:MonTaseR_11:

أغصان الجنان
05-27-15, 07:00 PM
جزاك الله خير ~
وجعله في موازين حسناتك ~




اللهم آمييين ..
سُعدت بمرورك لآحرمني الله طيبك ..
دمت..:MonTaseR_11:

صمتي حكاية
06-01-15, 04:01 AM
طرح في غاية الروعة بارك الله فيك
جزآآك الله خيـــر على الطرح القيم
وجعله الله في ميزآآن حسنآآتك
وان يرزقك الفردووس الاعلى من الجنه
الله لايحرمنآآآ من جديــدك
تحيــآآتي
دمت بود

أمبرالذوق
06-14-15, 01:43 PM
جزاك الله خيرا على هذا الطرح الرائع
وجعله في ميزان حسناتك

رويدا محمد
06-14-15, 02:49 PM
يعطيك العافيةة على الإدراج المفيد
موضوع قيم جزاك المولى خير الجزاء
اسعدني التواجد لألتمس بعضاً من الفوائد
تحياتي

قيس
06-14-15, 05:28 PM
الموضوع في غاية الجمال والابداع وجزاك الله خير الجزاء عن كل قاريء إلا انني ارا بعض الاخطاء اللتي لايمكن تجاوزها مثل ،
فلن ننالَ الجنة والرفعة ودرجة البر والتقوى إلا إذا أنفقنا الأشياءَ المحببة إلينا في سبيلِ الله

لا بل سننال الجنه بعد اركان الاسلام والايمان برحمة الله عز وجل حتى لو كنت مذنبا لاتخلد في النار مالم تشرك بالله عز وجل ومالم تكفر بالدين بل ستدخل الجنه برحمة الغفار الرحيم لانه وعد الله عز وجل


والاصح ان تكتب
فلن ننالَ الدرجات العُلا او العاليه في الجنات.... ودرجة البر والتقوى إلا إذا أنفقنا الأشياءَ المحببة إلينا في سبيلِ الله


الاصح ان تجعل المنال او عدمه في الدرجات وليس في اصل الجنه بذاتها فارجو التعديل إما على رأيي او على الموضوع فرأيي ربما يكون خاطيئا وربما صحيحا والله اعلم



شكر وتقدير واحترام لك فنادرون هم اللذين يذكرون بالدين اللهم اغفر ذنبه وحقق مراده واعلي شأنه وأطل في عمره اللذي كتب هذا الموضوع المفيد لديننا ودنيانا اللهم اجعله شاهدا له يوم القيامةِ ولا تجعله شاهدا عليه


SEO by vBSEO 3.6.1