المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السّابقون بالخيْرات


إحساس طفله
10-20-15, 11:44 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الحقّ سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا، فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}. قال سيّد قطب في ظلاله: وهي كلمات جديرة بأن توحي لهذه الأمّة بكرامتها على اللّه، كما توحي إليها بضخامة التّبعة النّاشئة عن هذا الاصطفاء وعن تلك الوراثة، وهي تبعة ضخمة ذات تكاليف، فهل تسمع الأمّة المصطفاة وتستجيب؟
فمنهم ظالم لنفسه: بارتكاب بعض المخالفات والمحرّمات، وارتكاب المعاصي والخطيئات والسّيِّئات، لكنّه بين الحين والحين يرجع إلى ربّ العالمين، يتوب ويستغفر، ويؤوب ويرجع فيقبله اللّه عزّ وجلّ: "يا ابن آدم إنّك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عَنان السّماء ثمّ استغفرتني غفرتُ لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنّك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثمّ لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقُرابها مغفرة”. ومنهم مقتصد: وهو الّذي يؤدّي الفرائض والواجبات، وبعض النّوافل، فهو يأتي بالواجب فلم يقصِّر في حقّ اللّه، لكنّه قد يقصّر في أمور أخرى من المنهيات والمخالفات. ومنهم سابق بالخيرات: وهم الّذين سارعوا في طاعة اللّه سبحانه والتوجّه إلى اللّه، فمَن أسرع إلى اللّه، أسرع اللّه إليه، ومن تقرّب إلى اللّه تقرّب اللّه إليه”.
يقول اللّه تعالى: "أنا عند ظنّ عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرّب إليّ بشبر تقرّبتُ إليه ذراعًا، وإن تقرّب إليّ ذراعًا تقرّبتُ إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة”.
ولذلك فإنّ هذا المسابق والمسارع في الخيرات هو المؤمن المؤدّي للفرائض، المكثر للنّوافل والطّاعات، وأفعال البِرّ والخيرات، ومع ذلك يخاف ألاّ يُقبَل، فعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: سألتُ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتُوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}، قالت عائشة: أهُم الّذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا، يا بنت الصّدّيق، ولكنّهم الّذين يصومون ويصلّون ويتصدّقون وهم يخافون أن لا يُقبَل منهم، أولئك الّذين يسارعون في الخيرات”.
إنّ السّابقين بالخيرات قوم كثيرو ذِكْر للّه، يذكرونَه ويتذكّرونه، وينتظرون لقاءه بين الحين والحين، وبين الفينة والأخرى، فإذا أصبحوا ذَكَرُوا اللّه، وإذا أمسوا ذكروا اللّه، لا تفوتهم لحظة دون أن يذكروا فيها ربَّهم سبحانه: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّه قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
السّابق بالخيرات حتّى وهو يقبل على فراشه لينام يستغل تلك اللّحظات، فيذكُر ويَستغفر، فيُسبِّح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبِّر أربعًا وثلاثين، فعن عليّ رضي اللّه عنه أن فاطمة رضي اللّه عنها اشتكت ما تلقى من الرّحى ممّا تطحن، فبلغها أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتي بسبي فأتته تسأله خادمًا فلم توافقه، فذكرت لعائشة، فلمّا جاء النّبيّ ذكرت ذلك له، فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم فقال: على مكانكما حتّى وجدت بَرْدَ قدميه على صدري، فقال: ألا أدلّكما على خير ممّا سألتماه، إذا أخذتما مضاجعكما فكبِّرَا اللّه أربعًا وثلاثين، واحمدَا ثلاثًا وثلاثين، وسبِّحَا ثلاثًا وثلاثين، فإنّ ذلك خير لكما ممّا سألتماه”.
السّابق بالخيرات أمره عجيب، تعرفه بأنّه ينفع غيره، وينشر خيره، ويكفّ شرّه، ينفع غيره من مسكين وأرملة ومحتاج، ويحمل الكَلَّ والضّعيف، ويكف شرَّ عينه، وشرّ لسانه، وشرّ قلبه من الضّغائن، وشرّ يديه، وشرّ رجليه، وشرّ أذنيه، يحفظ ذلك كلّه، فيحفظ عينه عن الحرام، فأعراض المسلمين ووجوه المؤمنات مصونة عنده، ويحفظ أذنه عن التّنصّت على الجيران، ويحفظ يده عن السّرقة والغش والظّلم والبطش، ويحفظ رجله أن تسوقه إلى أماكن اللّهو الحرام والفسق والفجور، ويحفظ لسانه عن الطّعن والسّب واللّعن والشّتم واللّغو والكذب والغيبة والنّميمة، ويحفظ قلبه عن الوساوس الشّيطانية والشّبهات والشّهوات.
السّابق بالخيرات أينما وقع نفع، فهو كالنّحلة إذا وقعت على زهرة لا تكسّر العود ولا تفسده: "إنّ مثل المؤمن كمثل القطعة من الذّهب، نفخ عليها صاحبها فلم تتغيّر ولم تنقص، والّذي نفس محمّد بيده إنّ مثل المؤمن كمثل النّحلة أكلت طيّبًا، ووضعت طيّبًا، ووقعت فلم تكسّر ولم تفسد”.
السّابق بالخيرات ليس بصخّاب في الأسواق، ولا عُتُلٍّ، ولا غليظ على النّاس، سَمْحٌ إذا باع، سَمْحٌ إذا اشترى، سَمْحٌ إذا قضى، سَمْحٌ إذا اقتضى، رفيق ليِّن، لا يرفع عصاه على زوجة ولا ولد، ولا إنسان ولا حيوان إلاّ تأديبًا وعتابًا وتأنيبًا، لا انتقامًا وحشيًا ولا تعذيبًا. فهذه بعض من خصال السّابقين بالخيرات. واللّه وليّ التّوفيق

ابو باسم *
10-20-15, 12:07 PM
جزاك الله خير ورفع الله قدرك

ســـارا
10-20-15, 12:38 PM
جزاك الله الجنة
وجعلها في ميزان حسناتك

إحساس طفله
10-22-15, 10:56 AM
حَبآيب قلبـي ...
آسعدنــي مُروركـمم آلعطِــر ..
لآ عَدمم وَلآ خَلآآ


حَسُوسَـآآ :m42:


SEO by vBSEO 3.6.1