المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التواصل الاجتماعي .. بين الاجتماع والتفارق !


بيلسان
12-03-15, 10:54 PM
التواصل الاجتماعي .. بين الاجتماع والتفارق !


لا تكاد تصبح أو تمسي إلا وسيل الرسائل عبر شبكات التواصل الاجتماعي تأتيك من هنا وهناك، لا يسلم منها إلا من عزل نفسه، وأغلق هاتفه، واسترخى أيامه عنه، ومع ذلك فإنه بمجرد فتحه إذ بعداد الأرقام يجري بالرسائل كموج البحر يهدر بالمزيد، وصوت رنينه يرنّ في الوريد، هكذا أصبح وأمسى وفي كل لحظاته، وأضحى غريبا أن تمر دقائق من الوقت وليس ثمّة رنٌّ أو هنّ .

وبعضنا صار أسير تواصله وحبيس رسائله لا يقتات إلا معه، ولا ينام إلا على وقعه، ولا يستيقظ إلا ويكون مسكته الأولى، ولا يتحسّس ابتداء سواه.

أسلم له القياد، واستسلم له بالانقياد، فلا يسمع إلا به، ولا يبصر إلّاه، ولا يطلب غيره، أغرق نفسه ببحر عميق لا قاع له، إن تاركه اغتمّ، وإن باعده اهتمّ، وإن جالسه اعتزل، حتى لتكاد تبصره بين جلّاسه وحيدا، وعند أهله بجسده دون روحه وأحاسيسه وعقله، وإن أردته في جلسة حصلت على نظرة شاردة، أو التفاتة عابرة، أو ابتسامة حائرة ليست معك وإن كانت حيالك.

في جلساتنا الخاصّة والعامّة شرود قاتل، وصمت أشبه ما يكون بنائم يحلم، إلا كبير سنّ يتلفّت مندهشا، ويتملّى مستغربا ، ولا يوقف هذا الشرود إلا صرخته المدوّية : أين أنتم ؟! أغلقوا هواتفكم، اجلسوا معنا، أعطونا أخباركم، أخذتكم هواتكم عنا وبتنا مجتمعين بلا اجتماع .

ظاهرة مجتمعيّة أفرزها التقدّم الهائل في مجالات التواصل السمعي والمرئي والمقروء، ونحن بحاجة للاعتدال فيها وأن لا تكون هي حظّنا وحظوتنا من عمرنا مما يسبب أثرا في انجازاتنا العلمية والعملية، فوقتنا سنُسأل عنه يوم القيامة فيما أفنيناه، وماذا عملنا فيه.

فالجيل القادم إن لم نتدارك علاج أنفسنا والتوازن في استخداماتنا سيصبح وهذا الذي نراه أسيرا لها لا محالة مع تسارع تطويره وكثرة اغراءاته وتفجّر ابداعاته، وسنرى ترهلا أشدّ مما نعانيه الآن في أجسامنا وأمراضا جديدة تصيب أجيالنا القادمة من إدمانه وقضاء جل الأوقات به وله ومنه وحياله.

إننا بحاجة ملحّة أن نقف وقفة المشفق الناصح أن تكون مجالسنا والتقاءاتنا دونه وأن نخصص له وقتا لا نجاوزه وعلينا أن نكون أصحاب قرار نمتلك إرادتنا لا أن نكون أسارى جهاز واتصال وتواصل نذوب فيه كذائبة الملح ليس لنا أي قدرة على المقاومة وفك الأغلال.

ولست من هواة التعميم ففي الأمة خير كثير، كما قال عليه الصلاة والسلام ( أمتي كالسيل لا يدرى الخير في أوله أو في آخره ). وقد نفع الله بأناس من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أناسا في بلدان شتى، وأورق وأينع غرسهم وبذرهم، وعلموا كيف يديرون أوقاتهم، وأعطوا لكل شيء لبوسه، ووازنوا بين الأمور، ولم يكونوا يوما ما في أغلال وأوصاد هذه التقنية، واستثمروها من غير إفراط ولا تفريط .

اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما يا أرحم الراحمين، واجعل ما خلقته لنا من وسائل حديثة عونا لنا على تحقيق مرادك ومراد رسولك صلى الله عليه وسلم، ولا تكلنا إليها ولا إلى أنفسنا طرفة عين، واجعلنا ممن يعي دوره في الحياة، ويدرك أهمية الوقت، ويستثمر عمره في النافع المفيد له ولأهله ولمجتمعه وأمته والعالمين

آلنـور
12-03-15, 11:00 PM
من الحياة خذ ما ينفعك و اترك ما يضرك ..
و وسائل التواصل ، انت تتحكم فيها ما تتحكم فيك
شكراً بيلسان:m42:

ناشي الغيم
12-05-15, 11:26 AM
اللهم آمين
طرح قيم يصور لنا الحاال المؤسف
شاكر لك أختي بيلسان
مرور وتقييم للموضوع


SEO by vBSEO 3.6.1