المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حجج واهية للمتبرّجات والرّد عليها


د/أسير الزمان
12-19-15, 01:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن التي سمت روحها ، وعلت همتها ، تبادر إلى الإستجابة لأوامر الله ،
وتنتهي عن نواهية قائلة : سمعنا وأطعنا... أما من استحوذت عليها الشياطين ، فانكفأت في هوّة المعاصي ، وأحاطت بها الظلمات ، فإنها تأبى الإمتثال لله ، والإنقياد لحكمه قائلة : سمعنا وعصينا... ولا تكتفي بذلك ، بل تورد الحجة تلو الحجة ؛ لتبرر معاصيها وخطاياها ، ولتضل غيرها من ضعيفات النفوس بتلك الحجج الشيطانية الخبيثة ، ولتسكت أصوات الآمرين لها بالمعروف والناهين لها عن المنكر... يقول الله تعالى : ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * ثاني عطفه لتضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيمة عذاب الحريق * ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد ) سورة الحج : 8 ـ 10 ومن كلام سيدة النساء ( رضى الله عنها ) ( خير للمرأة أن لا ترى الرجل ولا الرجل يراها ) . إن التبرج من كبائر المعاصي ، والتي تجادل عنه تكون أئمة ، فتكسب إلى جانب معصيتها الأصلية معصية أخرى هي الجدل الباطل في الله.
وقد رأيت أن أسوق غالبية ما تقبح به المتبرجات ، وهي حجج تختلف من متبرجة لأخرى ، عسى أن يكون في ردّي عليها شعاع من النور لتلك السادرة في الغيّ ، الغارقة في الظلمات ، كما أرجو أن يكون في ردّي عليها قبس من المعرفة لتلك التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، عندما تصطدم بإحدى هذه الحجج ؛ لكي تتمكن من الرّد عليها وابطالها.


الحجة الأولى :
من تدعي أن طهارة القلب ، وسلامة النية يغنيان عن الحجاب :
إن التي تخرج عن تعاليم الإسلام ، ثم تدّعي أن طهارة القلب وسلامة النية كافيان لرضاء الله عنها بغير حجاب ولا صوم ولا صلاة ، أو غير ذلك من الأمور الشرعية التي لا يصح الإسلام إلا بتطبيقها ؛ تعتبر جاهلة ، فكأنّ الله تعالى يوزع رحمته على الناس بمشيئتهم لا بمشيئته ، أو أن الله العدل الذي حرّم الظلم على نفسه ، وجعله محرّماً بين الناس ، قد تخلى عن صفاته ( حاش لله ) فأعطى المقصر والمسيء كالمحسن العامل !... معاذ الله ، ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا الذين يقولون إن الدار الآخرة خالصة لنا من دون الناس يوم القيامة !
إن الحق جل شأنه قد بين في سورة الفاتحة التي تقرأ وتكرر كل يوم في كل صلاة بأنه : ( ملك يوم الدين ) بعد قوله ( الرحمن الرحيم ).
إشارة إلى يوم الجزاء والحساب ، الذي يتهرّب منه المقصّرون بزعمهم أن الله غفور رحيم. حقاً إنه غفور رحيم ، ولكن للتائبين لا للمذنبين المعاندين ، وإلا فما فائدة الجزاء والحساب ؟ ولماذا خلقت الجنة والنار ؟! يقول الله عزوجل : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) سورة الزلزلة : 7 ـ 8 ويقول جل شأنه :
( قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكوة والذين هم بأيتنا يؤمنون ) سورة الأعراف : 156.
ويقول تعالى : ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) سورة الأعراف : 56 .
فالرحمة إنما تنال بالعمل الصالح والتقوى والإحسان ، وليس القلب قبراً يدفن فيه الإيمان ، ولا يظهر على صاحبه آثاره.
يقول محمد زكريا الكاندهلوى :
« يقول بعضهم : إن إصلاح القلب ، وتزكية الروح ، وتصفية الباطن هو الأصل في الدين ، فإذا صفا القلب وطهر الباطن لا حاجة إلى إعفاء اللّحية ( مثلاً ) والتقيد بزي من الأزياء. وقولهم هذا فاسد يناقض بعضه بعضاً ؛ لأن القلب إذا صلح والباطن إذا طهر والروح إذا تزكى ، لا محالة يكون السلوك وفق ما امر الله تعالى بشأنه ، ولا محالة أن تخضع جوارحه للإستسلام ، وتنقاد أعضاؤه لإمتثال أوامر الله والإجتناب عن نواهيه ، ولا يجتمع صفاء الباطن وطهارة القلب مع الإصرار على المعصية صغيرة كانت أو كبيرة.
فمن قال إني أصلحت قلبي ، وطهرت روحي ، وصفّيت باطني ، ومع ذلك يجتنب عما أمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو كاذب في قوله ، تسلّط عليه الشيطان في شؤونه.
وهل يعتقد هؤلاء أن الإثم شيء باطني فيرجعون الصلاح أو الفساد إلى القلب فقط ؟! لقد بيّن رب العزة أن هناك آثاماً ظاهرة ، وأثاماً باطنة ، ويتبين ذلك من قوله تعالى : ( وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون ) الأنعام : 120.
وإن الإنسان الذي يدّعي أن إيمانه القلبي يكفي لرضاء الله عنه بلا تنفيذ لأوامره ؛ هو كإبليس اللعين ، لأن إبليس كان مؤمناً بوجود الله ، متيقناً أنه هو الذي خلقه ، يقول تعالى : ( وقلد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) الأعراف : 11 ، 12.
وقد استقر في قلب إبليس أنه لا إله إلا الله ، وآمن بيوم البعث والنشور ( يوم القيامة ) ولذلك دعا ربه أن لا يحاسبه وقت بداية عصيانه ، بل يؤخره إلى يوم البعث كما أخبر الله تعالى عنه :
( قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فأخرج إنّك من الصاغرين * قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنّك من المنظرين ) سورة الاعراف 13 ـ 15 .
ولكن ما السبب أن الله تعالى كتب عليه اللعنة ، وحرّم عليه الجنة ، ودمغه بالكفر ؟ يبين الله تعالى السبب بقوله جلّ شأنه :
( قال يإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فأخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدّين ) سورة ص : 75 ـ 78.
السبب أنه أبى الإنقياد والإمتثال لأمر الله ! فكل من أبى الإنقياد والإمتثال لأمر الله فهو كإبليس ، وإن صدّق بوجود الله والبعث والنشور ، ومن لم يمارس الإيمان عملاً وتطبيقاً واستجابة لأمر الله فهو من أصحاب إبليس ! فكيف أيتها المتبرجة ! تدّعين أن إيمانك يكفي لرضاء الله بينما ترفضين الإنقياد لله الذي أمرك بعدم التبرج ؟ فقال جل شأنه :
( وقرن في بيوتكن ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى ) سورة الأحزاب : 33.


الحجة الثانية :
من تدعي أن الصوم والصلاة يغنيان عن الحجاب :
قد تدعي المتبرجة أنها تصوم ، وتصلي ، وتتصدق على الفقراء ، وذات خلق حسن ، وأن الحجاب مظهر من المظاهر الجوفاء ليست له أهمية ولا ضرورة.
كيف بالله تعتقد ذلك بينما يعتبر الحجاب ونبذ التبرج فريضة من أهم ما فرضه الله تعالى على المرأة ؟ إذ قرن النهي عن التبرج بالأمر بإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله ، وذلك في قوله تعالى :
( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهليّة الأولى وأقمن الصلواة وأتين الزكوة وأطعن الله ورسوله ) سورة الأحزاب : 33.
وكيف بالله يمكن تمييز المسلمة المؤمنة عن غيرها من الفاسقات والمتبرجات والكافرات إلا بالحجاب الإسلامي ؟ بل إن الإلتزام بأداء الصلاة ، والصيام ، وغير ذلك مما أمر به الشرع من عبادات ، وأركان يجب أن يلزمنا بفريضة الحجاب ، فالله تعالى يقول :
( إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ) العنكبوت : 45.
إن الصلاة تهذب الخلق ، وتستر العورة ، وتنهى صاحبها عن كل منكر وزور ، فيستحي أن يراه الله في موضع نهاه عنه ، تنهاه عن الفحشاء والمنكر ، وأي فحشاء ومنكر أكبر من خروج المرأة كاسية عارية مميلة مائلة ضالة مضلّة ؟ ولو كان الحجاب مظهراً أجوف ؛ لما توعّد الله المتبرجات بالحرمان من الجنة ، وعدم شم ريحها.
إن الحجاب هو الذي يميز بين العفيفة الطائعة ، والمتبرجة الفاسقة ، ولو كان مظهراً أجوف ؛ لما استحق كل هذا العقاب لتاركته ، بل والأحاديث والآيات القرآنية الحافلة بذكره ، بل ولما ترتب على تركه فسق الشباب وتركهم للجهاد ، وكيف يلتفت الشاب المسلم إلى واجبه المقدس وهو تائه الفكر ، منشغل الضمير ، مشتت الوجدان أقصى ما يطمح إليه نظرة من هذه ، ولمسة من تلك ؟!
وإن حال التي تستجيب لبعض أوامر الله ، وتترك بعضها هي حال من ذمهم الله تعالى بقوله :
( افتؤمنون ببعض الكتب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحيوة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشدّ العذاب وما الله بغافل عما تعملون ) سورة البقرة : 85.
ولتتذكر هذه قول الله تعالى :
( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضللاً مبيناً ) سورة الأحزاب : 36.


الحجة الثالثة :
من تدعي أن حبها لله ورسوله كفيلان برضاء الله عنها بدون عمل :
إن رضاء الله تعالى على المرء يكمن في إتباع أوامره ، واجتناب نواهيه ، وما هذه الحال التي وصلنا إليها بسبب أولئك الذين لا يعرفون من القرآن سوى رسمه ، ومن الإسلام سوى اسمه ، ويزعمون حب الله ورسوله فيقول قائلهم : « إن الله حبيبي ولن يعذبني بعمل أو بدون عمل ».
ومثل من يقول ذلك كمثل اليهود والنصارى الذين قال فيهم الله عزّوجل :
( وقالت اليهود والنصرى نحن أبناء الله وأحبّاؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير ) سورة المائدة : 18.
ويقول تعالى :
( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم * قل أطيعوا الله والرسول فإن تولّوا فإنّ الله لا يحبّ الكفرين ) آل عمران : 31 ، 32.
ولله در القائل :

تعصي إلالـه وأنت تزعم حبه * هذا لعمـري فـي القيـاس بديع
لو كان حبك صـادقاً لأطعمته * إن المحب لمـن يحـب مطيـع

*زهرة أوركيدآ
12-19-15, 09:17 AM
جزااك الله خير الجزاء

الله يرفع بقدرك ف الدنيا والاخره:81:

آلنـور
12-19-15, 09:35 AM
الله يسترنا دنيا و اخره
جزاك الله خير

باني
12-19-15, 10:23 AM
الحمدلله الذي أنعم علينا بالستر والحجاب

موضوع قيم جداً وردود أكثر من رائعة

بوركت أخي الكريم

جزاك الله خير الجزاء

د/أسير الزمان
12-19-15, 12:30 PM
اختي الفاضله زهرة أوركيدا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تشريفك طرحي بحد ذاته شرف عظيم لى وردك عليها شهادة تقدير اعلقها على شرف صفحتي
اشكرك كل الشكر اختي الغاليه على هذا التواصل الجميل وربى يحفظك ويرعاك ويسدد خطاك
وتقبلي تحيات اخيك المخلص الاسير

د/أسير الزمان
12-19-15, 12:31 PM
اختي الفاضله alnoor
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تشريفك خاطرتى بحد ذاته شرف عظيم لى وردك عليها شهادة تقدير اعلقها على شرف صفحتي
اشكرك كل الشكر اختي الغاليه على هذا التواصل الجميل وربى يحفظك ويرعاك ويسدد خطاك
وتقبلي تحيات اخيك المخلص الاسير

د/أسير الزمان
12-19-15, 12:33 PM
اختي الفاضله باني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تشريفك خاطرتى بحد ذاته شرف عظيم لى وردك عليها شهادة تقدير اعلقها على شرف صفحتي
اشكرك كل الشكر اختي الغاليه على هذا التواصل الجميل وربى يحفظك ويرعاك ويسدد خطاك
وتقبلي تحيات اخيك المخلص الاسير


SEO by vBSEO 3.6.1