*زهرة أوركيدآ
12-23-15, 09:06 AM
اقرأ لكي تعبد الله كأنك تراه
لتعلم أن من الأمور العظيمة المهمة لك معرفة
(*صفات وأسماء وأفعال الرب جل جلاله*)*
كما وردت في الكتاب والسنة ،
وبعد معرفتها عليك تذكرها باستمرار ، حتى تصير لقلبك بمنزلة المرئي ،*
فتحقق بذلك مرتبة الإحسان
"*فتعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك*" ،
وبهذا تحيى القلوب الميتة ، وتنقشع الغفلة ،
وتنشرح الصدور بنور التوحيد .
والرسل كلهم عرَّفوا بالله سبحانه من خلال التعريف :
"*بأسمائه وصفاته وأفعاله*" تعريفاً مفصلاً ،*
حتى كأن العباد يشاهدونه سبحانه وينظرون إليه :
وقد استوى على عرشه فوق سماواته ،
عالٍ على خلقه ، قاهراً لكل شيء ،*
يدبر أمر مملكته ، آمراً ناهياً ،
باعثاً لرسله ، منزلاً لكتبه ،*
فينزل الأمر من عنده بتدبير مملكته ،
فيكلم عبده جبريل ، ويرسل من يشاء بما شاء ،
ملائكته يخافونه من فوقهم ،*
وينفذون أوامره في أقطار ملكه ،
تصعد الأمور إليه وتعرض عليه ،*
له الأمر وليس لأحد معه من شيء ،*
بل الأمر كله له ،*
معبود مطاع ، لا شريك له ولا مثيل ولا عدل ،
موصوف بصفات الكمال ، منعوت بنعوت الجلال ،
منزه عن العيوب والنقائص ،
قائماً بالملك والتدبير ،
فلا حركة ولا سكون ،*
ولا نفع ولا ضر ، ولا عطاء ولا منع ،
ولا قبض ولا بسط إلا بقدرته وتدبيره ،
فقيام الكون كله به ، وقيامه سبحانه بنفسه ،
فهو القائم بنفسه ، المقيم لكل ما سواه :
{*وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ*
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ*
وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا*
وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ*
إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ*}*
( الأنعام : 59 ) ،
يقول صلى الله عليه وسلم :
"*مفاتح الغيب خمس :
إن الله عنده علم الساعة ،
وينزل الغيث ، ويعلم ما في الأرحام ،
وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ،
وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير*"
( البخاري ).
وهو يتكلم سبحانه وتعالى ، ويأمر وينهى ،*
ويتأذى ويفرح ، ويسمع ويبصر ،
ويرضى ويغضب ، ويحب ويسخط ،*
ويجيب دعوة المضطر من عباده ،
ويغيث ملهوفهم ، ويعين محتاجهم ،
ويجبر كسيرهم ، ويغني فقيرهم ،*
ويميت ويحيي ، ويمنع ويعطي ، ويثيب ويعاقب ،*
مالك الملك يؤتي الملك من يشاء ،*
وينزع الملك ممن يشاء ،*
ويعز من يشاء ، ويذل من يشاء ،
بيده الخير ،*
وهو على كل شيء قدير*
{*إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*}
( يس : 82 ).
كل يوم هو في شأن
يغفر ذنباً ، ويفرج كرباً ، ويفك عانياً ،
وينصر مظلوماً ، ويقصم ظالماً ،
ويرحم مسكيناً ، ويغيث ملهوفاً ،*
ويسوق الأقدار إلى مواقيتها ، ويجريها على نظامها ،
ويقدم ما يشاء تقديمه ، ويؤخر ما يشاء تأخيره ،
فأزمة الأمور كلها بيده ،
ومدار تدبير الممالك كلها إليه ،
فله الجلال والجمال والكمال
والعزة والسلطان .
يرحم إذا اُسترحم ، ويغفر إذا اُستغفر ،*
ويعطي إذا سُئل ، ويجيب إذا دُعي ، ويقيل إذا اُستقيل ،
قال صلى الله عليه وسلم :
"*ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا*
حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول :
أنا الملك ، أنا الملك ،*
من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ،
من يستغفرني فأغفر له*"
( البخاري ومسلم ) .
هو سبحانه وتعالى أكبر من كل شيء ،*
وأعظم من كل شيء ،*
وأعز من كل شيء ،*
وأقدر من كل شيء ،*
وأعلم من كل شيء ،*
وأحكم من كل شيء ،*
بصير بحركات العالم علويه وسفليه ، وأشخاصه وذواته ،
سميع لأصواتهم ، رقيب على ضمائرهم وأسرارهم ،
ويرى أفعالهم وحركاتهم ،*
ويشاهد بواطنهم كما يشاهد ظواهرهم ،
{*يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ*
مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ
وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ*
وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا*
ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ*}
( المجادلة : 7 ).
سميع يسمع ضجيج الأصوات ،*
باختلاف اللغات ، على تنوع الحاجات ،
فلا يشغله سمع عن سمع ، ولا تغلطه المسائل ،*
ولا يتبرم بإلحاح الملحين ،*
سواء عنده من أسر القول ومن جهر به ،*
فالسر عنده علانية ، والغيب عنده شهادة ،*
يرى ويسمع دبيب النملة السوداء ،*
على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء ،
ويرى ويسمع نبض عروقها ،
ومجاري الطعام في أعضائها .
{*وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ*
وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ*}
يمسك السماوات والأرض أن تزولا ،*
ويمسك البحار أن تغيض أو تفيض على العالم ،
ويمسك السماء أن تقع على الأرض ،
ويمسك الطير في الهواء صافات ويقبضن .
يضع سبحانه وتعالى السماوات يوم القيامة على إصبع ،*
والأرضين على إصبع ، والجبال والشجر على إصبع ،
والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ،
ثم يهزهن فيقول :*
أنا الملك أنا الملك*.
الكبرياء رداءه ، والعظمة إزاره ،*
يقول سبحانه وتعالى – في الحديث القدسي - :
(*فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار*)
( مسلم ).
ملكه عظيم عظيم ،
يقول سبحانه وتعالى :
(*يا عبادي :*
إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ،
ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ،
يا عبادي :*
لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ،
كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ،*
ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ،*
يا عبادي :*
لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ،*
كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم
ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ،
يا عبادي :*
لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ،
قاموا في صعيد واحد فسألوني
فأعطيت كل واحد مسألته*
ما نقص ذلك مما عندي*
إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر*)*
( مسلم ) .
يقول صلى الله عليه وسلم :*
"*إن الله عز وجل لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ،
يخفض القسط ويرفعه ،
يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ،
وعمل النهار قبل عمل الليل ،*
حجابه النور ،
لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه*
ما انتهى إليه بصره من خلقه*".*
( مسلم ) .
فهو حيٌ لا يموت ، قيوم لا ينام ،*
عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ،
ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ،
لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ،
والخلق مقهورون تحت قبضته ،*
وهو رب العالمين ،
وأرحم الراحمين ،
وأقدر القادرين ، وأحكم الحاكمين ،*
الذي له الخلق والأمر ،*
المعروف بالفطرة ، الذي أقرت به العقول ،*
ودلت عليه كل الموجودات ،
وشهدت بواحدينته وربوبيته جميع المخلوقات .
كيف تصل إلى ربك سبحانه وتعالى
وتكسب حبه ورضاه ؟
فإذا علمت أنه لا رب غيره ،
ولا يملك الضر والنفع والعطاء والمنع إلا هو ،
فعليك بالسعي في طلب الوصول إليه
بفعل الواجبات والنوافل ،*
وترك المحرمات والغفلة ،*
فإنك إن فعلت فتح لك أبواب الخير والإيمان والتقوى ،
( يقول تعالى :
ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه ،*
ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبهُ ،*
فإذا أحببتُهُ كنت سمعه الذي يسمع به ،*
وبصرهُ الذي يُبصر به ،*
ويده التي يبطشُ بها ،*
ورجلَهُ التي يمشي بها ،*
ولئن سألني لأعطينَّهُ*
ولئن استعاذني لأعيذَنَّهُ*)
( البخاري ).
وبتذكرك أسماء الله وصفاته وأفعاله دائماً وبالليل والنهار*
ينشأ نور الإيمان في قلبك ،
يريك ذلك النور أنك واقف بين يدي ربك عز وجل ،
فتستحي منه في خلواتك وجلواتك ،
وترزق عند ذلك دوام المراقبة للرقيب ،
ودوام التطلع إلى حضرة العلي العظيم ،
حتى كأنك تراه وتشاهده من فوق سماواته ،
مستوياً على عرشه ، ناظراً إلى خلقه ،*
سامعاً لأصواتهم ، مشاهداً لبواطنهم ،
فإذا استولى عليك هذا الشاهد
أزال عنك هموم الدنيا كلها ،
وتعلقت بربك واتخذته وحده وكيلا ،
ودخلت جنته في هذه الدنيا
قبل جنته التي في الآخرة .
فأنت بين يدي ربك ناظراً إليه بقلبك ،
والناس في حجاب الدنيا .
فتأمل وتفكر واقرأ !!
فتأمل وتفكر واقرأ هذا الكلام*
لتشاهد ربك في الدنيا بعيني قلبك ،
وسوف تراه يوم القيامة ببصرك ،
فإنه*
" إذا دخل أهل الجنة الجنة ،
يقول الله تبارك وتعالى :
تريدون شيئاً أزيدكم ؟
فيقولون :*ألم تبيض وجوهنا ؟
ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟*
فيكشف سبحانه وتعالى الحجاب ،*
فما أعطوا شيئاً أحب إليهم*
من النظر إلى ربهم عز وجل*"*
( مسلم )
وأما*
{*وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى*
فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا*} .*
{*فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ*
وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ*} .
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
تأليف : د . صالح بن عبد الله الصياح
سلسلة كن داعياً إلى التوحيد ( 3 )
لتعلم أن من الأمور العظيمة المهمة لك معرفة
(*صفات وأسماء وأفعال الرب جل جلاله*)*
كما وردت في الكتاب والسنة ،
وبعد معرفتها عليك تذكرها باستمرار ، حتى تصير لقلبك بمنزلة المرئي ،*
فتحقق بذلك مرتبة الإحسان
"*فتعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك*" ،
وبهذا تحيى القلوب الميتة ، وتنقشع الغفلة ،
وتنشرح الصدور بنور التوحيد .
والرسل كلهم عرَّفوا بالله سبحانه من خلال التعريف :
"*بأسمائه وصفاته وأفعاله*" تعريفاً مفصلاً ،*
حتى كأن العباد يشاهدونه سبحانه وينظرون إليه :
وقد استوى على عرشه فوق سماواته ،
عالٍ على خلقه ، قاهراً لكل شيء ،*
يدبر أمر مملكته ، آمراً ناهياً ،
باعثاً لرسله ، منزلاً لكتبه ،*
فينزل الأمر من عنده بتدبير مملكته ،
فيكلم عبده جبريل ، ويرسل من يشاء بما شاء ،
ملائكته يخافونه من فوقهم ،*
وينفذون أوامره في أقطار ملكه ،
تصعد الأمور إليه وتعرض عليه ،*
له الأمر وليس لأحد معه من شيء ،*
بل الأمر كله له ،*
معبود مطاع ، لا شريك له ولا مثيل ولا عدل ،
موصوف بصفات الكمال ، منعوت بنعوت الجلال ،
منزه عن العيوب والنقائص ،
قائماً بالملك والتدبير ،
فلا حركة ولا سكون ،*
ولا نفع ولا ضر ، ولا عطاء ولا منع ،
ولا قبض ولا بسط إلا بقدرته وتدبيره ،
فقيام الكون كله به ، وقيامه سبحانه بنفسه ،
فهو القائم بنفسه ، المقيم لكل ما سواه :
{*وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ*
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ*
وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا*
وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ*
إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ*}*
( الأنعام : 59 ) ،
يقول صلى الله عليه وسلم :
"*مفاتح الغيب خمس :
إن الله عنده علم الساعة ،
وينزل الغيث ، ويعلم ما في الأرحام ،
وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ،
وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير*"
( البخاري ).
وهو يتكلم سبحانه وتعالى ، ويأمر وينهى ،*
ويتأذى ويفرح ، ويسمع ويبصر ،
ويرضى ويغضب ، ويحب ويسخط ،*
ويجيب دعوة المضطر من عباده ،
ويغيث ملهوفهم ، ويعين محتاجهم ،
ويجبر كسيرهم ، ويغني فقيرهم ،*
ويميت ويحيي ، ويمنع ويعطي ، ويثيب ويعاقب ،*
مالك الملك يؤتي الملك من يشاء ،*
وينزع الملك ممن يشاء ،*
ويعز من يشاء ، ويذل من يشاء ،
بيده الخير ،*
وهو على كل شيء قدير*
{*إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*}
( يس : 82 ).
كل يوم هو في شأن
يغفر ذنباً ، ويفرج كرباً ، ويفك عانياً ،
وينصر مظلوماً ، ويقصم ظالماً ،
ويرحم مسكيناً ، ويغيث ملهوفاً ،*
ويسوق الأقدار إلى مواقيتها ، ويجريها على نظامها ،
ويقدم ما يشاء تقديمه ، ويؤخر ما يشاء تأخيره ،
فأزمة الأمور كلها بيده ،
ومدار تدبير الممالك كلها إليه ،
فله الجلال والجمال والكمال
والعزة والسلطان .
يرحم إذا اُسترحم ، ويغفر إذا اُستغفر ،*
ويعطي إذا سُئل ، ويجيب إذا دُعي ، ويقيل إذا اُستقيل ،
قال صلى الله عليه وسلم :
"*ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا*
حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول :
أنا الملك ، أنا الملك ،*
من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ،
من يستغفرني فأغفر له*"
( البخاري ومسلم ) .
هو سبحانه وتعالى أكبر من كل شيء ،*
وأعظم من كل شيء ،*
وأعز من كل شيء ،*
وأقدر من كل شيء ،*
وأعلم من كل شيء ،*
وأحكم من كل شيء ،*
بصير بحركات العالم علويه وسفليه ، وأشخاصه وذواته ،
سميع لأصواتهم ، رقيب على ضمائرهم وأسرارهم ،
ويرى أفعالهم وحركاتهم ،*
ويشاهد بواطنهم كما يشاهد ظواهرهم ،
{*يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ*
مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ
وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ*
وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا*
ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ*}
( المجادلة : 7 ).
سميع يسمع ضجيج الأصوات ،*
باختلاف اللغات ، على تنوع الحاجات ،
فلا يشغله سمع عن سمع ، ولا تغلطه المسائل ،*
ولا يتبرم بإلحاح الملحين ،*
سواء عنده من أسر القول ومن جهر به ،*
فالسر عنده علانية ، والغيب عنده شهادة ،*
يرى ويسمع دبيب النملة السوداء ،*
على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء ،
ويرى ويسمع نبض عروقها ،
ومجاري الطعام في أعضائها .
{*وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ*
وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ*}
يمسك السماوات والأرض أن تزولا ،*
ويمسك البحار أن تغيض أو تفيض على العالم ،
ويمسك السماء أن تقع على الأرض ،
ويمسك الطير في الهواء صافات ويقبضن .
يضع سبحانه وتعالى السماوات يوم القيامة على إصبع ،*
والأرضين على إصبع ، والجبال والشجر على إصبع ،
والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ،
ثم يهزهن فيقول :*
أنا الملك أنا الملك*.
الكبرياء رداءه ، والعظمة إزاره ،*
يقول سبحانه وتعالى – في الحديث القدسي - :
(*فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار*)
( مسلم ).
ملكه عظيم عظيم ،
يقول سبحانه وتعالى :
(*يا عبادي :*
إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ،
ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ،
يا عبادي :*
لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ،
كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ،*
ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ،*
يا عبادي :*
لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ،*
كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم
ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ،
يا عبادي :*
لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ،
قاموا في صعيد واحد فسألوني
فأعطيت كل واحد مسألته*
ما نقص ذلك مما عندي*
إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر*)*
( مسلم ) .
يقول صلى الله عليه وسلم :*
"*إن الله عز وجل لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ،
يخفض القسط ويرفعه ،
يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ،
وعمل النهار قبل عمل الليل ،*
حجابه النور ،
لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه*
ما انتهى إليه بصره من خلقه*".*
( مسلم ) .
فهو حيٌ لا يموت ، قيوم لا ينام ،*
عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ،
ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ،
لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ،
والخلق مقهورون تحت قبضته ،*
وهو رب العالمين ،
وأرحم الراحمين ،
وأقدر القادرين ، وأحكم الحاكمين ،*
الذي له الخلق والأمر ،*
المعروف بالفطرة ، الذي أقرت به العقول ،*
ودلت عليه كل الموجودات ،
وشهدت بواحدينته وربوبيته جميع المخلوقات .
كيف تصل إلى ربك سبحانه وتعالى
وتكسب حبه ورضاه ؟
فإذا علمت أنه لا رب غيره ،
ولا يملك الضر والنفع والعطاء والمنع إلا هو ،
فعليك بالسعي في طلب الوصول إليه
بفعل الواجبات والنوافل ،*
وترك المحرمات والغفلة ،*
فإنك إن فعلت فتح لك أبواب الخير والإيمان والتقوى ،
( يقول تعالى :
ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه ،*
ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبهُ ،*
فإذا أحببتُهُ كنت سمعه الذي يسمع به ،*
وبصرهُ الذي يُبصر به ،*
ويده التي يبطشُ بها ،*
ورجلَهُ التي يمشي بها ،*
ولئن سألني لأعطينَّهُ*
ولئن استعاذني لأعيذَنَّهُ*)
( البخاري ).
وبتذكرك أسماء الله وصفاته وأفعاله دائماً وبالليل والنهار*
ينشأ نور الإيمان في قلبك ،
يريك ذلك النور أنك واقف بين يدي ربك عز وجل ،
فتستحي منه في خلواتك وجلواتك ،
وترزق عند ذلك دوام المراقبة للرقيب ،
ودوام التطلع إلى حضرة العلي العظيم ،
حتى كأنك تراه وتشاهده من فوق سماواته ،
مستوياً على عرشه ، ناظراً إلى خلقه ،*
سامعاً لأصواتهم ، مشاهداً لبواطنهم ،
فإذا استولى عليك هذا الشاهد
أزال عنك هموم الدنيا كلها ،
وتعلقت بربك واتخذته وحده وكيلا ،
ودخلت جنته في هذه الدنيا
قبل جنته التي في الآخرة .
فأنت بين يدي ربك ناظراً إليه بقلبك ،
والناس في حجاب الدنيا .
فتأمل وتفكر واقرأ !!
فتأمل وتفكر واقرأ هذا الكلام*
لتشاهد ربك في الدنيا بعيني قلبك ،
وسوف تراه يوم القيامة ببصرك ،
فإنه*
" إذا دخل أهل الجنة الجنة ،
يقول الله تبارك وتعالى :
تريدون شيئاً أزيدكم ؟
فيقولون :*ألم تبيض وجوهنا ؟
ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟*
فيكشف سبحانه وتعالى الحجاب ،*
فما أعطوا شيئاً أحب إليهم*
من النظر إلى ربهم عز وجل*"*
( مسلم )
وأما*
{*وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى*
فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا*} .*
{*فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ*
وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ*} .
÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷÷
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
تأليف : د . صالح بن عبد الله الصياح
سلسلة كن داعياً إلى التوحيد ( 3 )