مرجانة
03-08-16, 07:16 PM
السلامُ عليكم جميعاً
هذه مشاركتي في مسابقة القصةِ القصيرة أضعها بين أيديكم
لأنها برأيي لم تستوفي حقها
أتمنى أن تنال إعجابكم
•••••••••••••••••••
لقاءٌ مُر ..
ارتجلَ من سيارته .. و سارَ بهدوءٍ قاصداً محلاً صغيراً ليبتاع بعضِ الحاجيات , و لكنه توقفَ فجأةً حينما وقعتْ عيناهُ على فتاةٍ جالسة على الرصيف , حدقَ فيها ملياً .. إنها فتاةٌ يعرفها جيداً .. فتاةٌ كانت في يومٍ من الأيامِ له حبيبه!
انتفضَ قلبهُ في صدره , و عاد به الحنين إليها بسيلٍ من الذكرياتِ التي جمعت بينهما , لطالما أحبها و لطالما أحبته .. و لكن حدثَ أن افترقا منذُ أكثرِ من سنة , فما عاد يعرفُ خبراً عنها و لم يلتقي بها ثانيةً .
ظلّ يحدقُ بها بصمتٍ و تردد .. اجتاحتهُ رغبةٌ شديدة للإقترابِ منها و تبادل الحديثِ معها , و لكنَّ ترددهُ انجلى حينما لاحظَ الشحوبَ البادي في وجهها اللطيف .. تقدمَ خطوتينِ و هو يتفحصُ تقاسيمَ و جهها , كان الإرهاقُ واضحاً عليها .. و عينيها تشكيان الذبول و الإعياء .. تألمَ لأجلها .. و فكرَ في نفسه
- أهي مريضة؟ .. لا تبدو بخير!
أخذَ نفساً و تقدمَ إليها بخطىً ثابتة , توقفَ قبالتها .. فنظرتْ إليهِ و قد بدت أنها أفاقت من شرودها لتوها .. و علتْ ملامحها الدهشة حينما رأته , بينما تكلم بلطفٍ و ابتسامة
- مرحباً حنين .. كيفَ حالكِ؟
ما زالت تنظر إليه بعينيها الواسعتين دهشة .. ثم تكلمت بعد استيعابٍ قائلة
- بخير , ماذا عنكَ يا وليد ؟
- جيد .
ابعدت عينيها عنه , رؤيتها لوليد عادت بها للوراء .. قبل سنةٍ و أكثر .. حركت بداخلها مشاعر حاولت جاهدةً إخمادها ..
بينما هو تكلمَ ليكسر الصمت
- مررتُ من هنا , و رأيتكِ .. استغربتُ رؤيتكِ في الواقع .
عادت بنظرها إليهِ و قالت موضحةً في هدوء
- كنتُ في مكانٍ قريبٍ من هنا .
قال وهو يحدقُ في عينيها
- تبدينَ متعبة .. و لستِ بخيرٍ كما تدعين .
أنكستْ رأسها .. وعضت على شفتها السفلى متألمة , ثم هزت رأسها بالإيجاب و قالت بصوتٍ مخنوق و الدموع أغرقتْ عينيها
- ذلكَ صحيح , في الواقع .. كنتُ منذُ قليلٍ في المقبرة , واريتُ والديَّ الثرى .. لقد فقدتهما .
اتسعت عيناه وظل يحدق إليها في صمتٍ للحظات , ثم همسَ أخيراً
- ذلكَ مؤسف .. متى كان ذلك؟
- البارحة .
اقتربَ منها و جلسَ بجانبها على الرصيف بحزن , و بعد دقيقة .. التفتَ إليها , فنظرتْ إليه هي الأخرى .. و التقت عيناهما , وبدا أن كلاً منهما يقرأ أفكار الآخر
منذُ أكثرِ من سنة , كان وليد يرغب بالإرتباط بحنين .. لكن والديها لم يقبلا به لتواضع مهنته .. فعاد وليد حاملاً خيبته , وحنين خضعت مرغمةً لرغبةِ والديها الصارمين في أمرِ ارتباطها بوليد .. و انقطعا منذ ذلكَ الحين حتى اليوم .
أما الآن , وبعدَ أن رحل والديها رحيلاً أبدي .. فلعل القدر جمعهما اليوم ليمنحهما الفرصة , و يخبرهما أنه عاد بالإمكان أن يرتبطا من جديد .
هذا ما تبادر في رأس حنين , و لقد استطاعَ وليد أن يقرأ ما دار برأسها .. فوقفَ على قدميه و نظرَ إليها محاولاً استجماع رباطةِ جأشهِ و قال
- كوني بخيرٍ يا حنين , عليَّ أن أذهبَ الآن .
و مد يدهُ إليها لمصافحتها , فنظرت إلى يدهِ الممدودةِ أمامها .. و أصابتها الدهشة و الخيبة حينما وجدت خاتماً في أحدِ أصابعِ يده!
وجهت بصرها إليه و قالت بصوتٍ مخذول
- تزوجتْ ؟!
ازدرد ريقه بصعوبةٍ شديدة .. ولم يستطع الجواب
بل اكتفى بهز رأسهِ بالإيجاب .. و عيناه لم تبرحا النظر في عينيها المصدومتين
خاب ظنها .. و تبددتْ أحلامها التي لم ترتسم بعد , و آمالها التي تبرعمت للتو سحقت سريعاً! .. لم يهبها القدرُ فرصةً لتفرح .. لقد خطفَ الأماني منها بلمحة .
أخذت نفساً و همست بشفتينٍ مرتجفتينٍ و قلبٍ معتصر ..
- آه .. ذلكَ جيد , أرجو لكَ حياةً سعيدة .
و مدت يدها إلى يده تصافحه في ألم , فشد على كفها بقوة .. ينظر إليها بعينينٍ ترجيانِ العفو و المغفرة .. و همس
- إلى اللقاء .
- إلى اللقاء .
و تركَ يدها ليغادر المكان .. و يبتعد عن حنين و يتجاهل ما حدث , هذهِ الصدفة جمعتهما عبثاً .. لتزيدَ بؤسهما بؤساً .. لتجدد حزناً قل وقعه في قلبيهما .. تأجج اليوم مستعراً بعد هذا اللقاء .
ركبَ سيارته و أطلقَ نفسه الذي حبسه لفترة , و قبل أن يديرَ المحرك
نظر إلى حنين من وراءِ الزجاج .. التي كانت تمسحُ دموع الخيبةِ بكم قميصها , مما زاد من ألمه و اعتصار قلبه , وضعَ قبضتهُ عند َ شفتيه .. و انحدرت دموعٌ ساخنة على وجنتيه .. و همسَ في داخلهِ المحترق
- عذراً حنين , ما كان بوسعي الإنتظار حتى هذهِ اللحظة , فبعدَ أن قُوبلت بالرفض من والديكِ .. اشتطت أمي غضباً و لم يهدأ لها بالٌ إلا بتزويجي , حنين .. رؤيتك اليوم هيجت القلب و الحب الدفين .. لو أن القدرَ منحني إياكِ و أتاح الفرصةَ قبلَ اليوم! .. لكن , ما عاد بالوسع شيء .. بكل أسف .
انتهت .
بقلم • مَرجانة •
هذه مشاركتي في مسابقة القصةِ القصيرة أضعها بين أيديكم
لأنها برأيي لم تستوفي حقها
أتمنى أن تنال إعجابكم
•••••••••••••••••••
لقاءٌ مُر ..
ارتجلَ من سيارته .. و سارَ بهدوءٍ قاصداً محلاً صغيراً ليبتاع بعضِ الحاجيات , و لكنه توقفَ فجأةً حينما وقعتْ عيناهُ على فتاةٍ جالسة على الرصيف , حدقَ فيها ملياً .. إنها فتاةٌ يعرفها جيداً .. فتاةٌ كانت في يومٍ من الأيامِ له حبيبه!
انتفضَ قلبهُ في صدره , و عاد به الحنين إليها بسيلٍ من الذكرياتِ التي جمعت بينهما , لطالما أحبها و لطالما أحبته .. و لكن حدثَ أن افترقا منذُ أكثرِ من سنة , فما عاد يعرفُ خبراً عنها و لم يلتقي بها ثانيةً .
ظلّ يحدقُ بها بصمتٍ و تردد .. اجتاحتهُ رغبةٌ شديدة للإقترابِ منها و تبادل الحديثِ معها , و لكنَّ ترددهُ انجلى حينما لاحظَ الشحوبَ البادي في وجهها اللطيف .. تقدمَ خطوتينِ و هو يتفحصُ تقاسيمَ و جهها , كان الإرهاقُ واضحاً عليها .. و عينيها تشكيان الذبول و الإعياء .. تألمَ لأجلها .. و فكرَ في نفسه
- أهي مريضة؟ .. لا تبدو بخير!
أخذَ نفساً و تقدمَ إليها بخطىً ثابتة , توقفَ قبالتها .. فنظرتْ إليهِ و قد بدت أنها أفاقت من شرودها لتوها .. و علتْ ملامحها الدهشة حينما رأته , بينما تكلم بلطفٍ و ابتسامة
- مرحباً حنين .. كيفَ حالكِ؟
ما زالت تنظر إليه بعينيها الواسعتين دهشة .. ثم تكلمت بعد استيعابٍ قائلة
- بخير , ماذا عنكَ يا وليد ؟
- جيد .
ابعدت عينيها عنه , رؤيتها لوليد عادت بها للوراء .. قبل سنةٍ و أكثر .. حركت بداخلها مشاعر حاولت جاهدةً إخمادها ..
بينما هو تكلمَ ليكسر الصمت
- مررتُ من هنا , و رأيتكِ .. استغربتُ رؤيتكِ في الواقع .
عادت بنظرها إليهِ و قالت موضحةً في هدوء
- كنتُ في مكانٍ قريبٍ من هنا .
قال وهو يحدقُ في عينيها
- تبدينَ متعبة .. و لستِ بخيرٍ كما تدعين .
أنكستْ رأسها .. وعضت على شفتها السفلى متألمة , ثم هزت رأسها بالإيجاب و قالت بصوتٍ مخنوق و الدموع أغرقتْ عينيها
- ذلكَ صحيح , في الواقع .. كنتُ منذُ قليلٍ في المقبرة , واريتُ والديَّ الثرى .. لقد فقدتهما .
اتسعت عيناه وظل يحدق إليها في صمتٍ للحظات , ثم همسَ أخيراً
- ذلكَ مؤسف .. متى كان ذلك؟
- البارحة .
اقتربَ منها و جلسَ بجانبها على الرصيف بحزن , و بعد دقيقة .. التفتَ إليها , فنظرتْ إليه هي الأخرى .. و التقت عيناهما , وبدا أن كلاً منهما يقرأ أفكار الآخر
منذُ أكثرِ من سنة , كان وليد يرغب بالإرتباط بحنين .. لكن والديها لم يقبلا به لتواضع مهنته .. فعاد وليد حاملاً خيبته , وحنين خضعت مرغمةً لرغبةِ والديها الصارمين في أمرِ ارتباطها بوليد .. و انقطعا منذ ذلكَ الحين حتى اليوم .
أما الآن , وبعدَ أن رحل والديها رحيلاً أبدي .. فلعل القدر جمعهما اليوم ليمنحهما الفرصة , و يخبرهما أنه عاد بالإمكان أن يرتبطا من جديد .
هذا ما تبادر في رأس حنين , و لقد استطاعَ وليد أن يقرأ ما دار برأسها .. فوقفَ على قدميه و نظرَ إليها محاولاً استجماع رباطةِ جأشهِ و قال
- كوني بخيرٍ يا حنين , عليَّ أن أذهبَ الآن .
و مد يدهُ إليها لمصافحتها , فنظرت إلى يدهِ الممدودةِ أمامها .. و أصابتها الدهشة و الخيبة حينما وجدت خاتماً في أحدِ أصابعِ يده!
وجهت بصرها إليه و قالت بصوتٍ مخذول
- تزوجتْ ؟!
ازدرد ريقه بصعوبةٍ شديدة .. ولم يستطع الجواب
بل اكتفى بهز رأسهِ بالإيجاب .. و عيناه لم تبرحا النظر في عينيها المصدومتين
خاب ظنها .. و تبددتْ أحلامها التي لم ترتسم بعد , و آمالها التي تبرعمت للتو سحقت سريعاً! .. لم يهبها القدرُ فرصةً لتفرح .. لقد خطفَ الأماني منها بلمحة .
أخذت نفساً و همست بشفتينٍ مرتجفتينٍ و قلبٍ معتصر ..
- آه .. ذلكَ جيد , أرجو لكَ حياةً سعيدة .
و مدت يدها إلى يده تصافحه في ألم , فشد على كفها بقوة .. ينظر إليها بعينينٍ ترجيانِ العفو و المغفرة .. و همس
- إلى اللقاء .
- إلى اللقاء .
و تركَ يدها ليغادر المكان .. و يبتعد عن حنين و يتجاهل ما حدث , هذهِ الصدفة جمعتهما عبثاً .. لتزيدَ بؤسهما بؤساً .. لتجدد حزناً قل وقعه في قلبيهما .. تأجج اليوم مستعراً بعد هذا اللقاء .
ركبَ سيارته و أطلقَ نفسه الذي حبسه لفترة , و قبل أن يديرَ المحرك
نظر إلى حنين من وراءِ الزجاج .. التي كانت تمسحُ دموع الخيبةِ بكم قميصها , مما زاد من ألمه و اعتصار قلبه , وضعَ قبضتهُ عند َ شفتيه .. و انحدرت دموعٌ ساخنة على وجنتيه .. و همسَ في داخلهِ المحترق
- عذراً حنين , ما كان بوسعي الإنتظار حتى هذهِ اللحظة , فبعدَ أن قُوبلت بالرفض من والديكِ .. اشتطت أمي غضباً و لم يهدأ لها بالٌ إلا بتزويجي , حنين .. رؤيتك اليوم هيجت القلب و الحب الدفين .. لو أن القدرَ منحني إياكِ و أتاح الفرصةَ قبلَ اليوم! .. لكن , ما عاد بالوسع شيء .. بكل أسف .
انتهت .
بقلم • مَرجانة •