المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رواية أهازيج الحرية - التتمة -


أهازيج الحرية
12-30-16, 10:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم و رحمة الله أيها الرائعون

بداية أشكر كل من ساندني و دعمني عندما نزلت مقتطفا من الفصل الّأول على المنتدى


الآن أترككم مع تتمة الفصل الأول و كالعادة ما أحوجني إلى ملاحظاتكم و تقييماتكم


https://3.bp.blogspot.com/-XtBW1NOkxZo/WGZcIpGS_AI/AAAAAAAAALQ/s_Q8NswNmzw33ghW6Qb0qX9hqWLRxPi_ACLcB/s1600/ahazij.png






لقد كان ذلك الشيخ الهزيل في يوم من الأيام واحدا من الوطنيين البؤساء الذين لم يجنوا من المقاومة سوى بعض الجراح التي ما لها مع طول الدهر نسيان ، إضافة إلى شيء من الأمراض التي ستلازمهم بإخلاص حتى أخر رمق من حياتهم . لقد كان يكرر دائما عبارته الشهيرة المعتادة و المليئة بالكمد و الأسى : " ما لك يا وطني تعيس الحظ هكذا ، ما أن أخرجناك من حفرة الاستعمار و أوَدناك لتقف شامخا عزيزا ، حتى سقطت في حفرة ثانية أدهى و أخطر "
لقد كان سي العربي من الثلة الذين حملوا السلاح في وجه العدو ، في أيام لم يذكر منها التاريخ سوى سوى بعض الأحداث البطولية التي تمجد دور الطبقة الحاكمة و تضحياتها من أجل جمع شتات هذه الأمة و طرد المستعمر . و لا يخفى على أي واحد من الوطنين أمثال السي العربي أو حتى الساسة أنفسهم أنها مجرد حقائق مزيفة ابتدعها أصحابها للحفاظ على مناصبهم ، و جعلهم مفخرة لشعب لا تزال صرخات الاستعمار يدب صداها إلى آذانهم المثقلة بضجيج الحروب و المعارك ، و تلاحقهم أصوات البنادق و السيوف حتى في أعمق كوابيسهم و تؤرق نومهم . لقد تنكر الوطن لكل هؤلاء بمجرد رحيل الأجنبي .
قال سي العربي ذات يوم بابتسامة متصنعة "لقد قاومت الاستعمار .. فشردني وطني" ، و هو الذي لم يتبقى له أي شيء بعد الحرب ، حتى منزله الصغير قد تعرض للدمار و صار أشلاء على الأرض عقب أحداث الاجتياح العسكري التي شهدتها منطقته في ذلك اليوم المشؤوم حيث شردت عشرات الأسر ، و كانت النتيجة سقوط عامة أهل قريته في الأسر و العبودية ، و تم التسبب في دمار قرية بأكملها و تحولها إلى رماد . كان ذلك بمؤامرة خبيثة بين سلطات الاستعمار و أعوانهم من السلطات المحلية ممن خانوا عهدهم و نكثوا يمينهم و تنكروا لوطن لطالما احتضنهم و آواهم و رأف بهم . لقد كان ليلا حالكا يومها ، عندما أدخلوا الرعب في قلوب الناس الذين كانوا نياما في منازلهم منتظرين بزوغ نور فجر قريب ، إلا أن صهيل الأحصنة و شرارات النار الملتهبة العظيمة التي أخذت تلتهم في شراهة جل المحاصيل التي كد هؤلاء المساكين من أجلها قد أيقظتهم من نومهم العميق ، وفي طرفة عين بدأت منازلهم المهترئة و المتجاورة بالاحتراق و ما هي إلا لحظات حتى بدأ الناس بالصراخ فتراهم حيارى لا دليل لهم بهم من الهول و الفزع ما بهم ، هاربين من ألسنة النيران التي بدت كلوحة فنية شديدة الإضاءة رسمتها أياد غليظة لا تعرف معنى للرحمة ، إلا أن الأمل في النجاة و الفرار سرعان ما تقطع بهم أمام ذلك الجحفل العظيم من القوات المدججة بالسيوف و الأسلحة النارية ، لم يبد أهل القرية أية مقاومة و انصاعوا لرغبة القدر ، إلا أن النوايا الخبيثة للمستعمرين و الحقد الدفين في قلوبهم ما كان ليدع الأمور تمر هكذا دون أن يضع عليها بصمته و صبغته المعهودة من اللون الأحمر الذي أخذ يلمع تحت وطأة تلك النيران . لم يسلم أحد من دبيب رصاصاتهم و لا من وطأة سيوفهم المرهفة و المتلألئة، حتى النساء و الأطفال كانوا ضحايا لبطشهم ، فنُحر من نُحر، و أصيب من أصيب . و حيل بين أم و أبنائها ، كما تفرق ارواح و أجساد . كان منظرا شنيعا و مبكيا يوحي بالحزن و الألم و تقشعر له الأبدان ، فهذه فتاة صغيرة حسناء وسط تلك الحشود تصرخ بكل ما أوتيت من قوة و تتوسل إلى ذلك العلج الذي يسوق أمها نحو الأسر و الدمع يسبل فيضا من عينيها دون أن يهتز صدره و يرأف لحالها ، ظلت ترجوه بصوت متقطع ندي ، حتى اندفعت يد من بين كل هؤلاء فهزت بها من شعرها وأخذت تجرها على الأرض بلا شفقة ولا رحمة ، فبدأت السيوف تنهال على أعناق تلك المخلوقات الضعيفة بكل وحشية و دموية ، و تحولت الطرقات إلى أودية تسيل بالدماء جارفة معها الجثث المنتشرة في كل مكان، والتي تداس تحت الأقدام . و أخذت صرخات تلك الأرواح البئيسة بالتخافت شيئا فشيئا في ذلك الليل العصيب ثم شرقت الشمس الذهبية في الأفق لتضيء تلك الجثت المبعثرة هنا و هناك و الغارقة في وحل من الدماء . أما من بقي على قيد الحياة من أهل القرية فقد تم اعتقاله و أسره ، و كان سي العربي واحدا من هؤلاء المعتقلين ، الذين قبعوا في سجون الاحتلال لسنوات عدة قبل أن يروا نور الشمس مجددا ، هناك تعرضوا لكافة أنواع و أشكال التعذيب فمنهم من كسرت ساقه ، و من اقتلعت عينه ، و آخرون تم وشمهم بوشوم العبودية ليعيشوا حياة المهانة و الذل لدى أسيادهم ..
و قد قبع السي العربي هناك ما يقرب خمس سنوات ، حتى تم الإفراج عنه ليرى نور الحرية بعد ذلك . و نظرا لما حل بقريته صار دائم الترحال للبحث عن مأوى و بدء حياة جديدة ، فساقته الأقدار إلى قريتنا حيث تأتت لي فرصة التعرف على هذا الرجل الذي كان اسمه غير غريب عنا ، فقد كان ذائع الصيت بين المقاومين فبدأ معنا حياة جديدة من النضال و الكفاح الذي استمر لعشر سنين ، قبل انتهاء الحقبة الاستعمارية .
[/align]

أهازيج الحرية
12-31-16, 12:18 AM
ما رأيكم ؟؟ :/

كنان
12-31-16, 08:03 PM
حسن زفين

عليك السلام ورحمة الله

ليس لديّ خلفية عن الأحداث و الأشخاص الذين تحدثت عنهم في روايتك
خصوصا السي عربي ونضاله ضد المستعمر وخونة الداخل الذين خذلوه ولم ينصفوه !

أنت بارع في تصوير المشاهد والتعبير عنها , حتى أنني أحسست وأنا أقرأ تتمة هذا الفصل
برغبة في عقد صداقة مع ما اقرأ .

شدني أشياء كثيرة من ضمنها تتابع الأحداث
وانتقاء الألفاظ التي تخدم أفكارك التي رتبتها جيداً في ذهنك .

أحببت العاطفة القوية الصادقة التي شعرت بها وأنا أقرأ تتمة
الفصل الأول من روايتك التي تستند على وقائع وأحداث حقيقية ..


يبدو أنك أحببت مشاركتنا روايتك , وهذا شيء تشكر عليه
لكنني أقل من أقيّمك .. أنت رائع يا حسن .. تحياتي

وسن
12-31-16, 09:11 PM
اجـدني احاول ان اتحاشاء معرفة هويتك الحقيقيه !!

كـي لا ابكي معك فقـد انتحبت حتى سئمت

ياسيدي الكريم

روايتك رائعه وهي حقيقه اكثـر منها روايه

لكن من الذي قال ان المستعمر قد رحـل ؟!

اعتقـد انه انسحب ليتجهز بشكل افضل

وهاهو ذا عاد اقوى بكثير

تغلغل فينا وضربنا بنا حتى اصبحنا امه مصابه بالسرطان

ياكل فينا بلا علاج


طحننا باقل اقل الخسائر

وجلس واضع رجله على الاخرى

وهو ينكش اسنانه من بقايا الضحايا

ويتجهز للتاليه فحقده لايشبع ولا يتخم

من طعمنا الشهي


نحن شعب افتقد التكاتف واكتفى بالانا


وتعجرف بالنسب والقبليه وبقي يسرد الماضي وهو في مكانه

حتى تصدأت اذاننا

كل ما فضحنا في عرضنا راح يعزي نفسه بالتاريخ ؟!


نحن امه تجيـد اللوم والشجب والاستنكار

الكتابه عنه بشكل غيـر مسبوق

ما ابرعنا في تحليل وضعنا

وما اعجزنا عن حله

نفتقر لشيء واحد الا وهوا …

التطبيق

ياسدي

طريقتك بالسرد رائعه فعلا
وتنم عن احساس صادق
اكرر اعجابي بكتاباتك المدهشه رغم صغر سنك

شكرا لك

وكل التحايا لمجهودك

نيرڤانا
12-31-16, 11:27 PM
-




تلك المشاهد أصبحت متكررة ، وتعم ارجاء المكان
هذا البؤس والعبوس في وجوههم يكاد ينسخ نسخ متكررة ،
تصاويرك جداً جدًا جميلة ، أنت تكتب بفكر واعي رغم السوداوية
تقديري بحجم السماء وأكثر





أهازيج الحرية
01-01-17, 02:38 PM
العضو : كنان
شكرا لك أيها الغالي رغم أني لا أرقى إلى أن أكون مثل ما وصفتني
حفظك الله أيها الغالي
و شكرا على كلماتك التي زادتني طافة و عزما

أهازيج الحرية
01-01-17, 03:01 PM
إلى وسن :

لا أدري كيف أعبر عن مدى امتناني لكــ
أشكرك على دعمكـ المستمر و أعدك بالمزيد

أتمنى أن أكون عند حسن ظنكم
الرواية في اصلها ما هي إلا شتات أفكاري حاولت أن أصطادها واحدة واحدة و أصهرها في تلك الرواية بدل أن أدعها بين الخلائق حرة طالقة ..


أجل نحن مستعمرون بشكل أو بآخر و هذا ، و اتبعنا السبل ، فتفرقت بنا الطرق ، كل منا بضعفه و قلة حيلته في واده يهيم .. لست أعيب أحدا ، ولو كنت كذلك لبدأت بنفسي فما أكثر عيوبها ، لكن الحق يقال فليس بالإمكان لمجتمع حر الفكر (لا أقصد تحرير الفكر بالمعنى الذي صار يستعمله به بعض من يريدون وضع قطيعة مع الماضي) و جيد التنظيم أن يحكمه الطغاة ، و هذا الأمر واضح و جلي في تاريخنا ولا حاجة لاستدعاء أدلة أو أمثلة عليه ..
أذكر قول أحدهم أحد أشكال الديكتاتورية هو عندما تقبعون في زنزانة و ترون القضبان و تستطيعون لمسها ، و الشكل الآخر هو عندما تقبعون في زنزانة و لا ترون القضبان فتعتقدون أنكم أحرار ...
و لا ارى داعيا لأن نستثني أنفسنا من الجور و الوهن اللذان يدبان في الأمة ، فكل منا لا بد و أنه ينحمل قدرا من المسؤولية عما يحدث ... نسأل الله أن يرحم ضعفنا و يقوي صفوفنا

الكلام كثير .. و خيره المختصر

أشكرك على كلماتك الطيبة و العميقة يا وسن
و يشرفني أن تكوني ممن يعلق على كلماتي و يقرأ سطوري ..

أهازيج الحرية
01-01-17, 03:08 PM
خلود الخالد :

حفظك الله و رعاك
و شكرا جزيلا على كلماتك الراقية و ملاحظاتك الرائعة
سأعمل جاهدا على الاستمرار

مزيدا من التألق إن شاء الله


SEO by vBSEO 3.6.1