المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اياكم والحسد داء الحسد وخطره على الفرد والمجتمع


شريان قلب
05-01-17, 01:21 PM
https://upload.3dlat.net/uploads/12871109649.gif




الحمد لله المان المتفضل والله ذو الفضل العظيم
أحمده سبحانه على نعمه الكثيرة وعطاياه العديدة وعلى فضله العميم،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
إن ربي على صراط مستقيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
المتحلي بكل أدب رفيع وخلق كريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الغر الميامين.

أما بعد: عباد الله:
اتقوا الله تعالى واشكروه على نعمه فإن الله جل وعلا تأذَّن بالزيادة لمن شكر
وبالعذاب الأليم لمن كفر، عباد الله إن ديننا الإسلامي دين إصلاح وصلاح،
دين تربية وأدب، دين خلق وسمو ورفعة جاء بتزكية القلوب وتطهيرها وتنقية
النفوس وتصفيتها وإصلاح الظاهر والباطن، دين جاء بالصلاح والإصلاح
والزكاء والرفعة يطهر القلوب من أدرانها والنفوس من أدغالها ويطهر الظاهر
والباطن وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :
"اللهم آت نفوسنا تقواها
وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها"
وفي القرآن الكريم يقول الله
جل وعلا:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
[الشمس:
9- 10] عباد الله إن العبد المؤمن في هذه الحياة مطالب بإصلاح باطنه
كما هو مطالب بإصلاح ظاهره، وكما أن الظاهر يحصل له أنواع من الأمراض
والأسقام فكذلك باطن الإنسان يتعرض لأنواع من الأضرار والأسقام،
والعبد مطالب بأن يجاهد نفسه على إصلاح ظاهره وباطنه، وعندما يتأثر
الباطن عباد الله فإن الظاهر تبع له في صلاحه وفساده كما قال نبينا عليه
الصلاة والسلام:
" ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله
وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "
ولهذا عباد الله كان متأكدا
على كل مسلم أن يفتش عن قلبه وأن يتأمل في نفسه وأن يتدبر في أخلاقه
الباطنة هل هي أخلاق زاكية وأعمال فاضلة؟ أم هي بخلاف ذلك فيصلح
ما فسد ويحافظ على ما صلح، عباد الله خصلة ذميمة وخلة مشينة
من خصال القلوب وخلالها جاء ديننا الإسلامي بالتحذير عنها والنهي
عنها وبيان خطورتها على الأفراد والمجتمعات
ألا وهي خصلة الحسد عباد الله، والحسد شر ووباء
وداء فتّاك إذا سرى في الإنسان أفسده وأضر به أيما ضرر،
الحسد عباد الله
شر يتعوذ بالله منه ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾
[الفلق: 5]
الحسد عباد الله جاء في النهي عنه والتحذير منه نصوص متكاثرة
وأحاديث متضافرة يقول عليه الصلاة والسلام: " لا تحاسدوا "
ويقول صلى الله عليه وسلم : "إياكم والحسد "
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والحسد عباد الله صفة الأشرار
من الخلق ولهذا حسد إبليس قديما أبانا آدم حسده على ما أتاه الله
من النعمة والفضل منَّ الله على آدم بما منَّ عليه من الفضائل
حيث خلقه بيده وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته وعلمه أسماء
كل شيء فحسده إبليس ولا زال به في الجنة حتى خرج منها.

الحسد عباد الله هو الذي أفضى بأحد ابني آدم أفضى به إلى قتل أخيه
حسدا وعدوانا. الحسد عباد الله صفة اليهود الأشرار حسدوا نبينا الكريم
صلى الله عليه وسلم على ما اصطفاه الله به وعلى ما اجتباه الله به
وعلى ما منَّ الله عليه به من النبوَّة والرسالة فحسدوه على ذلك
وامتنعوا من قبول دعوته لا لشيء إلا للحسد، حسدوا أمته حسدوا
أمة محمد عليه الصلاة والسلام فأضمروا لهم كل عداوة وأكنُّوا لهم
كل بغضاء
﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا
مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾
[البقرة: 109]
ويقول الله جل وعلا:
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾
[النساء: 54]
الحاسد عباد الله الحاسد عدو لنعمة الله لا يقر له قرار ولا يهدأ له بال
ولا يطمئن له خاطر ولا يزول عنه هم وغم
إلا إذا رأى النعمة زالت وارتحلت ولم تبق بيت يدي من أمامه.
الحاسد عباد الله مثله كما قال أحد أهل العلم:
"كمثل أفعى مليئة بالسم لا يرتاح بالها ولا يهدأ خاطرها
حتى تفرغ سمها وحينئذ يهدأ البال ويرتاح الخاطر".

الحاسد عباد الله عدو لنعمة الله على عباده لا يرضى قسمة الله
ولا يرضى بحكمة الله ولا يرضى بتدبيره جل وعلا فإذا رأى الله أنعم
على عبده بنعمة ومنَّ عليه بمنَّة وميَّزه بميزة امتلأ قلبه حسدا وكراهية
وبغضاء لذلك ولهذا فإن أعظم أوصاف الحاسد أنه عدو لنعمة الله على عباده.
الحاسد عباد الله لا يرضى بأقدار الله ولا يرضى بتدبيره سبحانه.
والحاسد عباد الله لا يقنع بحكمة الله فإذا أنعم الله على عبد بنعمة
عن حكمة بالغة وتدبير سابغ كره ذلك وأبغضه وشنأ ذلك وامتلأ قلبه
غيضا وحنقا.
الحاسد عباد الله من حسده أن قلبه يمتلأ بغضاء للمحسود
وربما حمله حسدُه على البغي والعدوان والظلم والقتل وأنواع ذلك
كما مرّ معنا في قصة قتل أحد ابني آدم أخاه حسدا وبغيا.
الحاسد عباد الله يبغض المحسود فتحمله البغضاء على البغي والظلم
والعدوان وغير ذلك من أنواع الآثام وتأمّلوا ذلك في الحديث
يقول عليه الصلاة والسلام:
" لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم
على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا "
فالتناجش عباد الله والبغضاء والبيع على بيع الأخ وغير ذلك
من الأعمال كلها في الغالب أثر من آثار الحسد ونتيجة من نتائجه المشينة.
الحاسد عباد الله يمتلأ قلبه بغِلٍّ مشين وحقد دفين
فلا يزال يأكل بعضه بعضا ولهذا قيل في الحسد إنه كالنار يأكل بعضها بعضا
إن لم تجد ما تأكله. ومن آثاره عباد الله أنه يأكل الحسنات
كما تأكل النار الحطب كما صح بذلك الحديث
عن النبي صلى الله عليه وسلم نعم عباد الله إن الحاسد شغله حسده
عن شكر الله على نعمائه والاعتراف لله بقدره وقضائه
ولا يزال بهمه وحسده مغموما وبغِله وحنقه وغيظه متماديا لا يزال
على هذه الحال ماضيا فهو عن الطاعات بعيد ومن المعاصي قريب
ومن العدوان والإثم ونحو ذلك من الآثام قريب منها وقريب من فعلها
بسبب حسده.
الحسد عباد الله يترتب عليه أضرار كثيرة وأخطار عظيمة وأضرار
جسيمة على الحاسد نفسه وعلى أمة الإسلام والمجتمع المسلم.
فالحسد عباد الله ينشر في المجتمع غلا وبغضاء وتفككا وعدم ترابط
ينشر بغيا وعدوانا يفكّك بين الأسر المترابطة والبيوت المجتمعة
ويفرق بين الناس، وله من الآثار الجسيمة والأخطار العظيمة
ما لا حد له ولا عد وعندما يتأمل الحاسد عباد الله في النتائج
التي يحصّلها والآثار التي ينالها من حسده لا يجد شيئا لا يجد ثمارا نافعة
ولا يجد فوائد حميدة وإنما يجد عباد الله آثارا سيئة
وحصادا مرا في الدنيا والآخرة، إن حسد إنسان غيره ليتأمل
في من حسده إما أن يكون عبد اجتباه الله وفضله بنعمة تكرما وإنعاما
فكيف يحسد عبدا على نعمة الله عليه؟ وإما أن يكون الله أعطاه النعمة
استدراجا وامتحانا وربما يكون مصيره إلى عاقبة وخيمة فعلى ما يحسده؟
ولما يطلب ما عنده؟ وهذه نهايته وأثره.
فالواجب عباد الله على كل مؤمن أن يقنع بما أتاه الله
وأن يحمد الله عز وجل على فضله وأن يسأله سبحانه من فضله العظيم
وخيره العميم يقول الله تعالى:
﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمًا ﴾
[النساء: 32]
نسأل الله عز وجل الكريم من فضله نسأل الله الكريم من فضله
ونعوذ به جل وعلا من الحسد والبغضاء ومن كل خلق مشين
وكل عمل ذميم ونسأله جل وعلا أن يعيذنا من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا إنه تبارك وتعالى سميع الدعاء
وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الفاقد
05-01-17, 02:06 PM
جزاك الله كل الخير ع هذا الطرح
الموعض راق لي
لاهنت
وبارك الله فيك

ساجر القوافي
08-03-17, 08:57 AM
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك


SEO by vBSEO 3.6.1