المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من بعيد رفع ذراعه لفتاً للأنظار ..


هـــدوء
11-04-17, 05:16 AM
من بعيد رفع ذراعه لفتاً للأنظار ..
وأشار بكفه ذات الثلاثمائة وخمس وستين أصبعاً ..
ملقياً تلويحة الوداع ..
ذاك هو رفيق عمرنا .. الذي تساقينا معه كوؤس الأيام ..
كؤوساً خالط العلقم شهدها ..
وطغى على لذتها ..
:
آلفنا.. ! وألفناه .. !
وامتزج كيانان معاًحتى صرنا بضعة واحدة..
وهكذا معاً مضينا ..
تقطعنا الأيام ونقطعها .. .!
***
وعند نقطة النهاية في محطة الحياة..
كان حضورنا الأخير..!!
لمحته يلملم أطراف ثيابه ويشمر ساعد الرحيل ..
هناك تحركت بين الجوانح لواعج الفراق ..
وجاشت فورات الشعور ..
فسالت دمعة الوداع منصهرة على مفرق الطريق ..
***
حتماً .. ! ولابد .. لذلك العزيز ان يرحل ..!
بعد أن قاسمنا شطراً من حياتنا بحلوه ومرّه ..
فتقويم وجوده معنا انتهت صلاحيته..
ولن ينبت في كفه أصبع آخر ..يطيل أيام عمره ..!!
تبادلنا نظرات وداع .. آسية ..
نظرات مشوبة بالحنين مستسلمة للقدر .. متشبثة بالصبر..
أمطرنا حزناً .. وأنبتنا حسرةً ..
وسلمنا اعتذاراً ..!!
اجل اعتذر كل منا لصاحبه عن ذنب الإساءة في حقه ..
ليترك في قلبه بصمة بيضاء هي آخر العهد بيننا .
***
ذلك المشهد الذي يشي بلحظات الوداع يتكرر في كلّ منا ..
لا يستثني ...ولا يتوقف ... ولا يتبدل
مشهد واحد .. ! لكل رفيق ....
ومودعون بلا عدد ..!!
***
نبض الثواني يتسارع ..
وعجلات المركبة بدأت تدور ..
وهاهو النفير متأهباً ... ليعلن ساعة الصفر ..!!
***
أحس رفيقي بمقدار مايتنازعني من المشاعر المختلطة ..
فرمقني بحنو وارتسمت على ثغره وفي ظل عينيه ابتسامة مشفقة ..
ثم مدّ أصابعه الرشيقة بين لواطف أضلعه ..
واستخرج منها زهرة..!
كانت غريبة .. فريدة من نوعها ..!
زهرة لن ينصفها وصف .. ولن تقاربها ألوان ..!
انتفضت بين أصابعه ..
فتقاطر منها عبير محيّر .. عجزت الأنفاس عن ترجمته ..
ثم رشقني بها .. ! فتلقفتها بلهفة وحب .. !!
وقلٌبتها بين أناملي بحيرة سائلةً :
من أنتِ ؟
فنطقت ألوانها :
أنا الذكرى ...!!
***
غمرتني دموع الامتنا ن .. !!
هتفت :
يالهذا المسافر العزيز ..!
لم يشأ أن يبتر أطراف وصالنا وإن غاب ..
لم يطاوعه قلبه أن يتركني وحيدة كالغصن المجرد في هيكل شجرة ..
بل أهداني عن غيابه ماهو أطول مقاماً وأصدق أحلاماً..!
أهداني ذكريات تفيئني ظله ..!
:
فهل أتركه أنا دون أن آهديه شيئا من ذاتي ..؟!!
محال ..!!!
أسرعت فجمعت شتات أيامي معه ..
تلك التي تبعثرت في ردهات قلبي ..ودهاليز أفكاري ..
وصنعت منها وردة بلون صفاء القلب ..
عبر بها اثير الضوء ؛ لتستقر على كفه الممدودة ..
نظر إليّ نظرة طويلة متأملة ..
وشت بكل معاني الفراق الحزين المحتوم ..
ثم اعتلى مركبة الزمن الراحل ..
مسافراً إلى الغيب..
......... ......... .........
الريح تصفر ..
والعجلات تزمجر ..
ونحيب الصفارة يضمحل ..
والأبخرة المتصاعدة منه تتلوى كجيد ذات حسن ودلال ..
ثم ابتلعها الفضاء المبهم .. !!
........ ........ ..... ..
و بقيت أنظار الوداع معلّقة به .. وهو ينأى .. ويذوب ..
حتى اختفى خلف أبخرة الضباب .
ولم يترك خلفه ...إلا خيال الريح ..!
***

أعزائي ..
أتدرون ..
من هو ذلك الزائر الذي أتى غريباً ..
وفارق حبيباً ..؟؟!
:
إنه عامنا الراحل ..
أهدانا ذكرى
وأهديناه عمرا ..
:
مبارك عليكم قدوم عامنا الهجري ..
جعله الله عام خير وبركة ..
وأنتم بخير ..

القلم الهائم
11-04-17, 02:15 PM
ابدعت وتميزت بما طرحت

يعطيك الف عافيه

تحياتي لك.......

الوسم
11-04-17, 02:27 PM
مشهد حزين و مؤثر
شكرا لك

منتظر المستحيل.
11-04-17, 02:58 PM
بين مواضيعكم نجد
المتعة دائما
احترامي


SEO by vBSEO 3.6.1