المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشدة والسكون


حسين سلطان
07-15-18, 01:29 PM
السكون هو الهدوء والصمت ،اما الشدة فهي الأمر الذي يصعب تحمله ، وفي عالم مليء بالمتغيرات والملهيات يلقي الرحالة والكاتب “بيكو لاير “الضوء على اهم مكان تذهب اليه وهو” اللامكان ” انه الهدوء والسكون ، وفي تامل عميق وشاعري ينظر هذا الرحالة الذي طاف الارض طولا وعرض الى الرؤية التي تتكون لديك حيت تأخذ وقتك لتلتزم السكون .

يقول الرحالة (بيكو) :” ان اولى الأشياء التي تتعلمها حين تسافر انه لا مكان يبدو سحريا إلا اذا رأيته رؤية صحيحة ولقد توصلت الى افضل طريقة يمكن بها ان أطور رؤية أكثر يقظة وتقديرا ، كانت هي ألا أذهب الى أي مكان ، وان اظل ساكناً ، وبالتأكيد السكون هو ما يتوق اليه معظمنا و ما نحتاجه في حياتنا المتسارعة ، ألا وهو العطلة .î

ويضيف ان الطريقة الوحيدة التي وجدتها كي أستطيع التدقيق من خلال شريط أحداث تجريبي و إيجاد معنى لمستقبلي و ماضيِّ ، وبالتالي ، وهنا كانت المفاجأة الكبرى ، وجدت ان عدم الذهاب لإي مكان كان بقدر الحماسة لو ذهبت الى اماكن سياحية بعيدة “

لقد عنى الكاتب بعدم الذهاب لاي مكان هو أخذ بضع دقائق من كل يوم او بضع أيام من كل فصل. او حتى سنين من العمر لكي تلتزم ” السكون” بما يكفي لكي يحركك اكثر ، ولتتذكر أين تكمن سعادتك الحقيقية ، و لتتذكر أنه أحياناً العيش والحياة يتجهان في اتجاهين متعاكسين .

أماعن تجربته الشخصية عن السكون فيقول الرحالة ( لاير ) :” انه منذ 24 سنة ذهبت في اكثر رحلاتي إثارة للدهشة ودامت رحلتي بضع أيام و ما قمت به حينها ملتزماً السكون انني عدت الى هناك بذاكرتي ، محاولاً ان أفههمها و ان اجد مكاناً لها في تفكيري الذي دام 24 سنة و الذي يدوم ربما طول حياتي ،اذاً السفر يعطي مناظر رائعة لكن السكون هو الذي يجلعني اُحولها إلى رؤى خالدة”

أما بالنسبة للفرق بين العمل في الماضي والحاضر فيقول ” ان علماء الاجتماع وجدوا ان الناس في السنوات الأخيرة يعملون ساعات أقل عما كان عليه الامر منذ خمسين سنة ، لكنهم بالحقيقة يشعرون وكأنهم يعملون اكثر ” ، لقد فقدنا السكون الداخلي والتأمل بأنفسنا وبالعمل .”

ويضيف “ان العلم اثبت ان السكون والتأمل يمكن أن يوصلك ليس فقط لصحة أفضل و لتفكير أوضح ، بل للذكاء العاطفي وهو القدرة على فرز العواطف وحسن استعمالها و أدارة العاطفة بشكل سليم في العلاقة مع الآخرين .”

ويقول ” يمكنكم أخذ مسكن ثانوي عبر الزمن ، اذا لم يكن في المكان ، عن طريق أخذ عطلة من يوم واحد”

وفي عصر السرعة ما من شيء أكثر متعة من التحرك ببطء ، وفي عصر الذهول ما من شيء أكثر فخامة من الإنتباه ، وفي عصر الحركة المستمرة ما من شيء أكثر استعجالاً من السكون .

يروي الرحالة ( بيكو) الحادثة والبأس الذي مر فيه عند احتراق منزله فيقول” قبل بضع سنوات حينما احترق منزلنا في كاليفورنيا ، وكنا مطوقين بلهيب من النار وبعد بضع ساعات حولت النار منزلنا الى رماد ، وعندما استيقظت في صباح اليوم التالي كان الشيء الوحيد المتبقي هو فرشاة في جيبي ، وطبعا لو سئلت عنئذ اين منزلك ، انا حرفياً لا استطيع الاشارة الى أي بناء مادي ، بيتي كان ما احمله في جعبتي ، وبالعديد من الطرق ، اعتقد ان ذلك كان تحريراً رائعا. وبعد عدة اشهر قال لي صديق انه وجد لي مكانا مثاليا في اعلى قمة الجبل ، وكان مكان هادئا وقضيت فيه اياما في صمت وهناك بردَ شيء ٌ ما في داخلي ، و وجدت ذاتي حيث المكان كان صامتاً تماماً ، وكان حقيقةً حضوراً لنوع من الطاقة والنشاط . نزلت الى غرفتي الصغيرة وبدأت أكتب وأكتب ، و ساعات قد مرت وهبط الليل وخرجت تحت النجوم وبدا لي ان مخاوفي من يوم امس قد بدات تتلاشى ، وفي اليوم التالي بدت الايام تمتد وتتمدد ،وكانت حقاً كل التجربة التي عرفتها في حياتي و شعرت كأنني عدت الى بيتي . لقد انجزت اهم اعمالي واتخذت اهم قراراتي بطريقة لم تكن ممكنة عندما كنت اركض واتراكض ، وشيئاً في داخلي كان بحاجة للسكينة ، ولم اكن اركض مثل رجل مجنون ومعصب العينين ثم يشكو انه لا يرى . واعتقد ان التوقف عن الحركة فقط يمكنك ان ترى الى أين تذهب ، وفقط عندما تخطو خارج حياتك و خارج العالم يمكنك ان تبصر و يمكنك ان تجد بيتا ومسكناً.”

ويضيف :”ان التنقل ميزة رائعة لكنه في نهاية المطاف له معنى فقط ان كان لديك منزل ترجع اليه والمنزل في النهاية هو ليس فقط المكان الذي تنام فيه ولكن فيه يكمن ‘التفكر والسكينة ‘. “

لقد صورت لنا الآيات (12) و (13) من سورة (ألأنبياء ) ذلك المشهد من الاحساس بالبأس والشدة و عملية الركض و الهروب ولكن كان التوقف و عدم الركض من البأس والشدائد لاعادة التفكير بما حدث يعيد صياغة الامور في داخلنا من جديد ، بل والرجوع الى المساكن والتفكر بهدوء والتي من خلالها يمكننا ان نجيب عن المعنى الحقيقي لحياتنا عندما نُسال عن ذلك . ، من الملاحظ ان كلمة مساكن ذكرت في عدة آيات في القرآن الكريم ،وغالبا ماكانت مرتبطة بالرضا والطيب ، وكذلك لها علاقة بالمشي والترف ، وكل ذلك له علاقة بالسكون والطمأنينة ، و من ناحية اخرى فأن بقايا المساكن كانت هي مثال للعبرة كما في مساكن الذين ظلموا مثل اقوام عاد وثمود و سبأ.

إذاً نحتاج الى الهدوء والتأمل بعد كل شدة او كارثة في الحياة لنعيد لانفسنا الثقة ونجد في انفسنا ما فقدناه من معنى الحياة المعنوى وليس ما فقدنا من أشياء مادية .

آمتنان
07-18-18, 08:31 AM
..

موضوع جميـل ومفيـد
شكرآ لك :x117:

الفيفي2017
07-18-18, 10:21 PM
يعطيك الله العافية اخي على الموضوع الجميل

عذب القصيد
07-21-18, 10:12 AM
يعطيك العافيه

أورانوس
07-21-18, 03:27 PM
اختيار هادف ويحمل معاني قيمة
شكراً لك ودمت كما تحب

رآقـيے بطبعيے
07-28-18, 01:25 PM
سلمُ لناهذُآ الذوُوُق..
الذُي يقطفُ لنا..
وسلم لنا هذا القلم المميز
آجمًل العبارات وٌآروعهـــاآ..
ما ننحرُم منُ ذآئقتُك الجميلهُ والمميزهُ..
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء
ل روحك الجووري
بانتظار جديدكِ بشوق
https://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/1f54a.pnghttps://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/2615.pnghttps://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/1f339.pnghttps://abs.twimg.com/emoji/v2/72x72/1f1f0-1f1fc.png


SEO by vBSEO 3.6.1