المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شتّان بين طفولةٍ وأُخرى


شَغَف
09-25-18, 01:35 PM
اشتقت لرؤية الطبيعة كثيراً ، أصابني الحنين لصوتها ، لرائحتها ، وللونها الخلاب ، فخرجت من منزلي أبحثُ عنها ، حيثُ لا طبيعة خلّابه كانت تقطن الشوارع ، مبانٍ مُتهالكة عن يميني وشمالي تحجُبُ عني أشعة الشمس ، كومةٌ من أكياس متناثرة هنا وهناك ، وطفلٌ في الحادية عشرَ من عمره يترجّل من سيارة والده بهدوء بعد أن رَكَنها بجانب المنزل ، ليَفتح الباب بهدوء أيضاً ويَهِم بالدخول .

لم يكن هناك طبيعة ! ! ، حتى تلك البيئة الخصبة التي تعج بأرواح الأطفال لم أَرَها ، لَم أَرَ تلك الروح وهي تنتفِض معلنةً عن وجودها ، عن حضورها ، فتلعب وتلهوا كما عهدناها دوماً ، كل ما رأيته فتاةٌ في الثانية عشرَ من عمرها ترتدي فستاناً أنيقاً قصيراً ، ترفع شعرها بطريقةِ شابة بالعشرين من عمرها ، كانت قد وَضَعَت على وجهها كل ما يمكن وضعه من مساحيق تجميلٍ اتسع لها وجهها الصغير ، تجلس بعتبة منزلها وبيدها طلاء أظافِر فتُسَخِّر جُلَّ تركيزها عليه حتى لا يحيد الطلاء عن منطقة الظفر الذي بدا لي أنه يفوق أظافر القطط طولاً .

وأُخرى هُناك تجلِسُ مُسلِّطَةً جُل تركيزها على شيءٍ ما كانت تحمله بيدها ، تضحك تارة ، وتعبُس تارةً أخرى ، وتتحدّث معه كثيراً ! ! ، علمتُ بأنه كانَ هاتفاً لا محالة عندما رفعته بيدها اليمنى ثم أخَذَت تميل برأسها تارةً ، وتبتسِم تارَةً ، وتَمُد شفتيها مع رفع الحاجب الأيسر تارةً أُخرى لتلتقط المزيد والمزيد من الصور لنفسها .

مضيتُ في ذات الطريق وذاكرتي تُعيدني لطفولتي تلك التي كنت أُحاول استثمارَها باللعبِ واللهو لساعاتٍ وساعات ، فتارةً بالكرة التي كان من المفترض أنها مخصصة لفئة الذكور ، وتارةً بالدراجة ، وتارةً بخلقِ رفيقة جديدة أُحادِثها عن طريق هاتف "فلة" الذي كنتُ أوهم نفسي بكونه هاتف حقيقي أتحدّث به لرفيقةٍ وهميّة قد اختلقها خيالي .

تذكّرت كم كنتُ أَسعَد بتلك الكاميرا التي ما أن أضغط على زر التصوير بها حتى تظهر لي صور من مكة المكرمة أراها واضحة أمامي ، تذكّرت مطبخي الذي كان أخي قد ساعدني بإنشاؤه بسطح منزلنا آن ذاك ، وخضرتي وبهاراتي المكونة من كومة الحجار والتراب وقشور البصل التي كانت هوايتي آن ذاك تجميعها لإفتتاح مطبخي الجديد الفريد من نوعه ! سيارتي الخشبية المكوّنة عجلاتها من عُلب الحليب ! ! ، ألعابي البسيطة التي كنتُ أرى نفسي أَسعَد من على وجه الأرض بها .

بعيداً عن انغماسي بهواتف تسلبني عقلي ، توقفهُ عن القدرة على التفكير ، وبعيداً عن تمرُّغي بعلبةِ مكياجٍ تسلبني طفولتي قبل أوان رحيلها ، بعيداً أيضاً عن مواراة براءتي خلف قناع فتاة عشرينيّةَ الهيئة تُجيد تصرُّفات الكِبار ببراعةِ مُحتَرِف وتعجَز عن ممارَسَة حياتها التي تُناسبها وعمرها الذي لم يتجاوز العاشرة بعد .

[عبق]

مرجانة
09-25-18, 02:27 PM
إنّ الدنيا مسرعة في كل شيء

في أيامها و لياليها
في تغييرها
في تطورها

ليسَ عجيباً ما رأيته
كل خمسِ سنواتٍ يظهرُ جيلٌ جديدٌ آخر
التطور قد سببَ الإنفتاح

و الإنفتاح قد سلبَ البراءةَ من فمِِ الطفولة


عبق

سلمتِ

شَغَف
09-25-18, 05:42 PM
إنّ الدنيا مسرعة في كل شيء

في أيامها و لياليها
في تغييرها
في تطورها

ليسَ عجيباً ما رأيته
كل خمسِ سنواتٍ يظهرُ جيلٌ جديدٌ آخر
التطور قد سببَ الإنفتاح

و الإنفتاح قد سلبَ البراءةَ من فمِِ الطفولة


عبق

سلمتِ

صدقتِ ،
أهلاً بوهجك مرجانة 🌹❤

الغروووب
09-25-18, 06:21 PM
كل شي تغير لم يعد كالماضي .. حتى براءة الاطفال تغيرت .. والحريات .. الاقارب ..والجيران .. الاصدقاء .... سلمتي عبق ..:MonTaseR_95:

ام سارونا
09-25-18, 08:42 PM
كل شي يُسلب منا الا روح الطفولة في داخلنا
لن يسلبه شئ منا ، متمسكين به مهما كبرنا
لانه هو المتنفس لنا في ضيق هذة الحياة .

مبدعة عبق
:MonTaseR_98:

شَغَف
09-26-18, 01:03 PM
كل شي تغير لم يعد كالماضي .. حتى براءة الاطفال تغيرت .. والحريات .. الاقارب ..والجيران .. الاصدقاء .... سلمتي عبق ..:montaser_95:

سلّمك الله من كل شر
أهلاً بنورك

شَغَف
09-26-18, 01:04 PM
كل شي يُسلب منا الا روح الطفولة في داخلنا
لن يسلبه شئ منا ، متمسكين به مهما كبرنا
لانه هو المتنفس لنا في ضيق هذة الحياة .

مبدعة عبق
:montaser_98:

صدقتِ يا جميلة ❤
أنرتِني

فراشة كريستالية
09-26-18, 05:41 PM
عبق
سلمت يداك :m42:

ام أسعد
09-27-18, 07:36 AM
ما أروع تلك الطفولة البريئة من كل ذنب

وانتي تصفيني طفولتك رايت طفولتي

القديمة وتلك الدمية المصنوعة من الخشب

التي كنتُ سعيدة بها حد الجنون

الله ما أجمل تصورك في الكتابة عن تلك

الطفولة الجميلة

لن اتكلم عن طفولة اليوم لا احبها في جيل

اليوم

ورده بريـــــه
10-09-18, 08:40 AM
بعيداً أيضاً عن مواراة براءتي خلف قناع فتاة عشرينيّةَ الهيئة تُجيد تصرُّفات الكِبار ببراعةِ مُحتَرِف وتعجَز عن ممارَسَة حياتها التي تُناسبها وعمرها الذي لم يتجاوز العاشرة بعد .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

اصبت كبد الحقيقة في كل ما ذكرت

يا ليت ذاك الجمال يبقى ولا يتركنا

رائعة عزيزتي

شَغَف
10-11-18, 05:55 PM
عبق
سلمت يداك :m42:

:31: :31:

شَغَف
10-11-18, 05:58 PM
ما أروع تلك الطفولة البريئة من كل ذنب

وانتي تصفيني طفولتك رايت طفولتي

القديمة وتلك الدمية المصنوعة من الخشب

التي كنتُ سعيدة بها حد الجنون

الله ما أجمل تصورك في الكتابة عن تلك

الطفولة الجميلة

لن اتكلم عن طفولة اليوم لا احبها في جيل

اليوم

وما أكثر الدمى التي ارتكبت بشعرها جُرماً عظيماً عندما قررت تمشيطه :nosweat:

سعيدة بمرورك ياجميلة ❤

شَغَف
10-11-18, 05:59 PM
بعيداً أيضاً عن مواراة براءتي خلف قناع فتاة عشرينيّةَ الهيئة تُجيد تصرُّفات الكِبار ببراعةِ مُحتَرِف وتعجَز عن ممارَسَة حياتها التي تُناسبها وعمرها الذي لم يتجاوز العاشرة بعد .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

اصبت كبد الحقيقة في كل ما ذكرت

يا ليت ذاك الجمال يبقى ولا يتركنا

رائعة عزيزتي

گ روعتك ❤
أنرتِ وأكثر


SEO by vBSEO 3.6.1