منتديات مسك الغلا
 


موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-05-20, 07:59 AM   #1
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:30 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي ثمّ جِئتَ على قَدَرٍ يا مُوسَى



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

{ ثُمَّ جِئْتَ على قَدرٍ يا مُوسَى } ..

القَدر .. التَّوقيت .. الحِّكمة .. هي أبجَديّات العِراك العَقلي طُوال تاريخ البشريّة !

لِماذا .. ومَتى .. وكَيف .. أسئِلة تَعثَّر بها الإنسانُ في محاولاتِه للفَهم .. في مُحاولاته لإدراكِ سرّ ما يَجري !

مَن يكتُب تواريخَنا .. من يخُطّ ذَهابنا وإيابنا .. و ما مَوقع الّلوح المَحفوظ في أفعالِنا ..!

هُنا .. يهَبك القرآن آية تفيضُ بالإجابات { ثمّ جئت على قَدر } .. كأنَّ القَدر هو سفينةَ موسى التي يتَهادى عليها ..!

كأنّ القدَر ؛ طريق خَبيء .. راسياً في عُمقه تحتَ قَدميك .. صامتاً لا تُبصره ولكنّه يُبصِرك ..!

و كل ّقدوم منك هوَ صعود إليه !

يعومُ موُسى في اضطراب المياه .. و منذ لحظة الميلاد ؛ تأتيهِ موجة مُسَخّرة .. ثُمَّ محبّة خفيّة .. ثمَّ انكسارة جبريّة لفِرعون .. ثمّ مَدين ؛ في انسيابيّة قدريّة ، تُمَهد لموسى مَشهد العبور و مشهد الخُروج ، و مشاهِد التَّكليم الجَليلة !

ما القَدر وما التَّوقيت ؟!
انْظُر إلينا ؛ ونحنُ نبحثُ في الأفقِ عن صدى دعائِنا .. عن السّفينة التي نبنيها كل سّحر ..
فلا نلمحُ كلّ غروب ؛ الا اليابسة تمتدّ .. وتَنفي لنا البَحر !

تّتسع الصَّحراء .. فيتّسع اليأسُ معها ، و يظنُّ العبد { بالله الظُّنونا } !

تظلّ المَطارق وحيدةً كلّ مَساء .. تودّ لو أن الّليل يُصبح قَطرة من ماءٍ ؛ كيْ تبدو السّفينة مَعقولة !

لو انّ مَوجة تأتِي ؛ فتَرفع انحناءتَك المَريرة .. ولا تُبق السّفينة في الجَفاف !

لا نسمعُ صوت التّنور ، و لا صوت أبواب السّماء مفتوحة { بماءٍ مُنهَمر } ..
لا نَلمح الا حِيرتنا !
نرتَجف .. ربّما خشية سُقوط أردِيتنا !
أو اهتزاز بقيّة إيماننا ..
نتأَرجح .. بين اليَقين وبين الإنتظار !
نكادُ نشتعل بنارِ الشّك المدفونة في عُمقنا !
ونودّ لو نبني برجاً ؛ فنطّلع فيه على الغَيب !

ما أبسَط الإنسان !
ينامُ على ضِفاف النَّحيب .. ولو أصْغَى ؛ لَسَمِع هدير الطُّوفان !

وَ قدْ قيلَ ( والغَيث يَحْصرُه الرّدى فَما يرى ) وإنّه لَفي السُّحُبِ .. ولكنّ ثِقَلها بِحملِها ؛ جعلَ سَيرَها بطيئًا !

فلا تتَعجَّل ..!
و انتَبه .. للحِكمَة إذا صَمتَ الطّوفانُ .. واستقَرَّت سَفينتُك على الجُودي !

انتبه .. أنّ الحكمةَ الإلهيةَ تَتجلى في الأقْدَار .. وللأقدارِ مِيعادٌ !
إذ حاشَا لله ؛ أنْ يَفتحَ عليكَ السّماءَ .. وأنتَ لا تَملكُ إلا خَشبةً تَطفو عليها .. فتُكابدُ المَوتَ ولا تَموت !

{ ثمَّ جِئتَ على قَدَر } .. هيَ الرّسالةُ لنا جميعًا ؛ " أنّ في تَصاريفِ الأَقدارِ استرَاحةَ صَهيلِ الأفكارِ " !

دوْمًا .. قبلَ الانتِهاءِ ، وبعدَ الابتِداءِ ، و ما بينَهُما ؛ تَتراءى الأحْداثُ لكَ .. مثلَ ضَجيجٍ غامِضٍ .. تَودُّ لو أنَّك تَفهمُ التَّوقيت !

تَرتابُ في دقّاتِ سَاعةِ الكَونِ .. وتَظنُّ أنكَ صِرتَ نَسيًا مَنْسِيًّا !
لكنّ اللهَ لا يَعجلُ لِعَجَلتِنا ؛ لأن الفعلَ الكونِيَ أوسعُ من دَبيبِ خَطَوتِنا المزروعَةِ في القَلَق !

دَومًا .. تَبدو لنا المَواقدُ بلا لَهيب .. ونَبتةُ الصَّبارِ في الصّحراء ؛ تَبدو أشواكُها ساكِنةً ..
لكنّ ظَمَأَ الرّمالِ يَختبيءُ فيها .. ويكادُ يُعلنُ ؛ أنّ مواعيدَ الجَفافِ قد انْتَهت !

ثِقْ بِرَبِّك .. أن ثَمَّةَ الكَثيرَ منَ الينَابيع في الصَّمت الواسِعِ تَنتظرُ قَدرَ انفجارِها .. ولَحظةَ { فالتَقى الماءَ على أمْرٍ قَد قُدّر } !

فلا تَتعَجّل .. ورَتِّل على نَفسِك تَرتيلًا { ثمَّ جِئتَ على قَدَرٍ يا مُوسَى } !

لكنّ ذلكَ كُلَّه ؛ لا يَكونُ إلا لأصْحابِ المَعيَّةِ الخاصّة ..
والمَعيَّةُ الخاصَّة مِنَ الله ؛ هي مُصاحبة مُوالاةٍ ونُصرَة !
والمَعيَّةُ العامَّة ؛ هي مُصاحبة اطّلاعٍ وإحاطَة !

وانظُر .. كمْ هوَ الفَارِق بينَ الصُّحبَتين !

الثانيةُ .. بَلغَت بِموسَى - عليه السلام - مقامَ { كَلا إنَّ مَعَي ربِّي .. سَيَهدِين } ؛ فَفلَقَت له البَحرَ طريقًا يَبسًا ..
إذ كانَ { مُخلِصًا } !

هي إذن .. مَنظومةٌ عَاليةٌ من الأحْداثِ ؛ تُشكِّلُ موسى - عليه السلام - كَي يَبلغَ مُقامَ { ولتَصنَع عَلى عَيني } !

تَشتدُّ الأحداثُ ؛ كي تُسلّمَه إلى المقام المَخصوص { واصطَنعتُكَ لِنفسي } !
وذلكَ كُلّه ؛ كي تُصبحَ كلُّ خَطَواتِه مَوسومةً مُعنونَةً بقوله { و جِئتَ عَلى قَدَرٍ يا موسَى } !

ما أيسرَ الثّمن إذن { فَلبثَت سِنينَ في أهْلِ مَديَن } .. حينَ يكونُ المآلُ ؛ { وكَلَّمَ اللهُ موسَى تَكليمًا } !

و لقد قيلَ : دلائلُ الإعدادِ يُشَمُّ مِنها روائِحُ الاصطِفاء !

فانأَى بنفسكَ عن الاختيارِ والتَدبيرِ ؛ وقُل دَبِّر لِي فإنّي لا أُحسنُ التَدْبير ) !

وقد قالَها ابنُ القيّم أشرَفُ الأحْوال ؛ِ أنْ لا تَختارَ لنفسكَ حالةً سِوى ما يختارَهُ لكَ اللهُ ، ويُقيمك فيه .. فَكُن معَ مُرادِه منك ؛ ولا تكنْ معَ مُرادِك منه ) !

ثم نَبَّه ابنُ القيّم قائلًا و مَن تَأمّلَ أقدارَ الرَّبِ تعالى وجريانَها في الخَلق ؛ عَلِمَ أنها واقعةٌ في أليقِ الأوقاتِ بها )..

وظلّ تسبيحُه من بعد في فلك ( أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ ) ..
وذاقَ معنى ( وَهوَ اللّطيفُ بِعبْدِه ولِعَبده ) !

يا أيها العَبدُ .. ( إنّ سَوابقَ الهِمَمِ ؛ لا تَخرقُ أسوارَ الأقدَار) ..!
إذ أسوارُ الأقدارِ ؛ منوطٌ بها حِمايةُ دعواتِك و أُمنياتِك !

تأَمَّل سُؤلكَ .. فقد كان ذاتَ يومٍ ؛ بذرةً لم تنضجْ في حُضنِ الشّمسِ .. سَيَّجَها اللهُ لك بالمَنعِ من البُروز !
و أحاطَها بسورٍ { باطِنهُ فيه الرّحمة } ؛ فكان مَنعُه لك عطاءً .. ولولا أسْوار الأقدارِ ؛ لكانَ حتفُك في ما تَمنيتَ و سَعَيت !

فردِّد ( ولا مُعطِيَ لما مَنَعْت ) .. إذ كلّ شيءٍ { عنده بِمقدار } !

و تَأهْب لِفَهم معنى { على قَدَر } .. و تَأدَّب إذ ( بِاحْتِمالِ الْمُؤَنِ ، يَجِبُ السُّؤْدَدُ ) ..!
واصْبِر على أسرارِ حِكمَة اللهِ في القَدَر !

وسَبِّح في عُبوديةٍ واستسلامٍ ؛ معَ حَركةِ المَوجِ التي تَغمرُ الوجودَ !
معَ طاقةِ الخيْر .. معَ تَسبيحِ الكونِ .. مع كلّ ذرةٍ تُنشدُ تَراتيلَ الصّلاةِ .. دونَ أنْ تُوقِفَ حُلمَك بمائدةٍ على النّجوم !

{ ثمّ جِئتَ على قَدَرٍ يا مُوسَى } .. هُنا .. يَبسطُ القَدرُ كفَّه ، ويحتضنُ لك النّهارَ ؛ لأنكَ في عُمقِك كنتَ شُعاعَ نورٍ .. تَليقُ بكَ مَعيَّةُ اللهِ !


 


قديم 09-05-20, 08:25 AM   #2
البـدر

آخر زيارة »  03-24-24 (04:50 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تبارك الله الكلمات اقل مايقال عنها مميزه و مريحة

اللهم إن أقدارنا بيدك ، وأنت كاتب الأقدار وقادر على كل شيء فاللهم برحمتك وكرمك اجعل أقدارنا أقدار خير واللهم اجعلها مليئة بالسعادة وراحة البال.

الله يجزاك خير.


 


قديم 09-05-20, 07:56 PM   #3
قيثارة

آخر زيارة »  01-23-22 (02:39 PM)
المكان »  كوردستان

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



يا أيها العَبدُ .. ( إنّ سَوابقَ الهِمَمِ ؛ لا تَخرقُ أسوارَ الأقدَار) ..!
إذ أسوارُ الأقدارِ ؛ منوطٌ بها حِمايةُ دعواتِك و أُمنياتِك !

اللهم اجعل اقدارنا للافضل وأكتب لنا الخير كله
جزاكِ الله خيراً ع الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتكِ
يختم لمدة 3 ايام + التقييم


 


قديم 09-06-20, 06:31 AM   #4
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:30 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البـدر مشاهدة المشاركة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تبارك الله الكلمات اقل مايقال عنها مميزه و مريحة

اللهم إن أقدارنا بيدك ، وأنت كاتب الأقدار وقادر على كل شيء فاللهم برحمتك وكرمك اجعل أقدارنا أقدار خير واللهم اجعلها مليئة بالسعادة وراحة البال.

الله يجزاك خير.
واياك يا رب خير الجزاء اخي
ربي يحفظك مشكور على مرورك


 


قديم 09-06-20, 06:32 AM   #5
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:30 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قيثارة مشاهدة المشاركة
يا أيها العَبدُ .. ( إنّ سَوابقَ الهِمَمِ ؛ لا تَخرقُ أسوارَ الأقدَار) ..!
إذ أسوارُ الأقدارِ ؛ منوطٌ بها حِمايةُ دعواتِك و أُمنياتِك !

اللهم اجعل اقدارنا للافضل وأكتب لنا الخير كله
جزاكِ الله خيراً ع الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتكِ
يختم لمدة 3 ايام + التقييم
آمين يا رب واياك خير الجزاء اختي الغالية
شكرا لكرم مرورك والختم والتقييم
ربي يحفظك


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 05:03 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا