منتديات مسك الغلا | al2la.com

صناعة الابطال
في هذا الزمان كثر الهوان،
وسادت الهزيمة في قلوب واجساد الكثير منا ،
حتى التفائل بالنصر والحديث عن تغير الحال أصبح وكأنه محض خيال ،
اصبحنا ننظر على التغير بإنه يأتي بغتة أو يأتي من غير جد ولا مشقة ،
نسعى جاهدين لنبني المنازل ونقتني السيارات ، وننسى بإن أعظم بناء هو بناء جيل يشابه أولئك الابطال ،
الابطال الذين نقشوا التاريخ بأيديهم حتى أصبحوا اعلام ، اولئك الابطال مهد لهم أهلهم طريق البطولة والنصر ،
وكان ذلك بالجد والعزيمة ، والأمثلة على هذه كثيرة ، فانظروا وصايا لقمان لإبنه وهو يحثه على الجد والمثابرة ويوصيه وصايا عظيمة وكبيرة المقصد من تلك الوصايا إنشاء جيل مؤمن يسعى لأقامة الأرض كما يريدها ربنا قائمة على الإيمان والعدل ،
بل إن نبي الله سليمان عليه السلام كان مقصده من النكاح إنشاء جيل يبني للأمة أمجادها ،
كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( قالَ سُلَيْمانُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ علَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأْتي بفارِسٍ يُجاهِدُ في سَبيلِ اللَّهِ....) صحيح البخاري.
فانظروا لمقصد نبي الله سليمان من الزواج ،
وهذا الذي يجب أن ينتبه له المقبلين على الزواج بإن للزواج مقاصد عظيمة منها انشاء جيل مؤمن مجاهد يسعى لرفعة الحق وأقامة الدين والعدل.
ومن عجيب قصص التربية لانشاء العلماء والدعاة ما سمعناه عن بيع البعض منازلهم لجعله على أبنائهم من أجل أن يصبحوا علماء ومحدثين والأمثلة على ذلك كثيرة
ومن هذه القصص المضحكة المبكية قصة المحدث هشام بن عمّار يقول :
دخلتُ على الإمام مالكٍ، فقلتُ له حدِّثني، فقال : اقرأ .
فقلتُ : لا بل حدِّثني . فقال : اقرأ . فلما أكثرتُ عليه قال : ياغُلام، تعال اذهب بهذا، فاضربه خمسَ عشرة . فذهب بي فضربني خمس عشرة دِرَّةً ، ثمّ جاء بي إليه، فقال : ضربته . فقلتُ له : لِمَ ضربتني خمسَ عشرة دِرَّةً بغير جُرمٍ ؟، لا أجعلك في حِلٍّ . فقال : فما كفَّارتُهُ ؟ قلتُ : أن تحدثني بخمسة عشر حديثًا . قال : فحدَّثني بخمسة عشر حديثًا . فقلتُ له : زِد في الضرب، وزِد في الحديث . فضَحِكَ مالك، وقال : اذهب ".

بل وجاء بالحديث الصحيح المعروف عن ابن عباس رضي الله عنه قوله :
كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ :
احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ،
إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ،
واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ،
وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ،
( رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ ) ،
رواه الترمذي وصححه وهو في صحيح الجامع.
وهذا الحديث يكفي للتنبيه لضرورة تعليم الأبناء والغلمان ، وهذا الحديث رغم قصره فهو يصنع رجلا بمعنى الكلمة
رجلا لا يرى ولا يعظم أحد سوى الله ، فمن غرس هذه المفاهيم في قلب الأبناء أخرج رجالا لا تعرف الهزيمة
رجال يصنعون التاريخ ويعيدوا للأمة امجادها،
ولو بحثنا من القصص والأمثال والوقائع لوجدنا بإننا قادرون على إنتاج أمة قادرة على التغير لكننا بحاجة لإستعانة بالله وصبر ويقين .