منتديات مسك الغلا | al2la.com

منتديات مسك الغلا | al2la.com (/vb/)
-   قصص وروايات لا تحكمها أرض أو حدود ( رواياتُنا ) (https://www.al2la.com/vb/f90.html)
-   -   الحكاية الآولى // قصاصة ورق ~ بقلم عدي بلال (https://www.al2la.com/vb/t119900.html)

ŢαŢμαŊα 01-01-22 10:35 PM

الحكاية الآولى // قصاصة ورق ~ بقلم عدي بلال
 
الحكاية الآولى // قصاصة ورق ~ بقلم عدي بلال

قصاصة ورق
قصة قصيرة


مدخل:

( هناك أسئلة تبقى عالقة في الذاكرة، والإجابات تختبىء خلف ستار الحكمة الغيبية ..
ماذا يحدث؟ أين الخطأ ؟ وصولاَ إلى .. لماذا أنا ؟ )



( صيف 1985م )


يُدرِكُ بأن بغضهُ للمدرسة، والهروب منها، حتى تركها نهائياً؛ لن يقدمان له أكثر من هذه الوظيفة.
هو يُجيدُ السباحة منذ طفولتهِ، ولطالما كان يرى نفسه على منصات التتويج، وميدالية ذهبية تزين عنقه بفخر..
لكن إرهاق العمل جعله ينحسر رويداً رويدا عن ممارسة ما يحب.

لم يمقت يوماً عمله كعامل تنظيف لأحواض السباحة في هذا النادي الاجتماعي الراقي..

كان يرى علية القوم وعائلاتهم، يتخذون من أطراف المسبح متكآتٍ لهم، والنُدلُ يطوفون حولهم
بشرابٍ مُختَلِفٌ أصنافهُ، وأولادهم في المسبح يمرحون.

حتى إذا ما شارفت الساعة على الخامسة مساءً، بدأ بترتيب عدته في المخزن، والعائلات تغادر في مرحٍ إلى حديقة النادي، حتى يستقرون في عرباتهم الفارهة خارج أسوار النادي.

سَمِعَ جدالاً بين شخصين، فالتفت إليهما، وأحدهما يصيح ( ولدي يغرق )، والنادل بين يديه يُقسمُ بأنه لا يجيد السباحة..
ألقى ما بيده من عدة، وهرول إلى المسبح، وقفز في غير ترددٍ، إلى طفل يكاد يسلم روحه لخالقها..
سحبه بخبرةٍ إلى خارجه، وطفق ينفخ في فمه، كما تعلم من والده، رحمه الله.

نفث الله في روح الطفل فعادت إليه، وسعل لمراتٍ عديدة بين يدي والده، والنادل يحمد ربه.

هَمّ بمغادرة المكان وقد غرقت ملابسه، قافلاً إلى غرفته، على سطح بنايةٍ تكاد تهوي على رؤوس ساكنيها ..
لكن يد والد الطفل استوقفت كتفه..

- انتظر ... ما اسمك ؟
- جهاد.
- ساعدني لنحمل ولدي إلى السيارة، هيا أيها النادل، ساعدنا.

سارع إلى حمله حتى استقر في المقعد الخلفي، والنادل يحاول أن يخرج من خوفه الذي تملكه، ويتأكد من غلق الباب جيداً.

- ذكرني باسمك مجدداً...؟
- جهاد ، لا عليك.

- اعطني ورقة وقلم أيها النادل.
- تفضل

دون في عجالةٍ ،رقم هاتفٍ على قصاصة الورق، ثم قال:

- اسمع يا جهاد... هذا رقمي، واسمي، اتصل بي خلال ساعة، سأرسل لك مكافأة إلى باب شقتك، قبل سفري هذه الليلة.

انطلق السائق بعدها بسرعةٍ، ولم يكترث ( جهاد ) لعدم شكره .. ودس القصاصة في جيبه، وضغط عليها مرتين.
لم يكترث أيضاً إلى فقدانه آخر دينار لديه، وحث قدميه على المسير، حيث الهاتف الوحيد في حارته، عند الجزار..!

بين رغبةٍ بالفرح وخوف من خيبة الأمل، تغيرت ملامحه مرات عديدة، وفي عقله، تتكاثر الأحلام وتكبر، فيزفر.

فكر في دينه المتراكم، عند البقال الطيب فابتسم، وتذكر الجزار فتجهم.. لكنه يجهل طبيعة المكافأة.

وقف أمام واجهة ملابس، تعرض بدلاتٍ فاخرة، جرب نفسه أمامها، وللحظةٍ كاد أن ينسى ظله حين غادرها.

ولمّا أدرك مدخل الجانب الشرقي من حارته، توقف فجأةً، وشرعت يده تبحث في انهماكٍ عن قصاصتهِ.. وكاد أن يفقد عقله حين عادت إليه يده خاسئةً، حسيرة، فضرب جبهته بباطن كفه الأيمن، وأغمض عينيه، ثم زفر مرتين.
سم الله، وأعاد رحلة البحث في هدوءٍ هذه المرة، فتعثرت يسراه بما لم تظفر بهِ يمناه، فحمد وشكر.

شمر عن بنطاله، وبدأ بالقفز عن بقع الوحل المتناثرة في الحارة، وكان يقلقه بأن القفزة الأخيرة، ستجعله أمام جزارها مباشرةً، فإما أن يدفع ما عليه من دين، وإما أن يمارس رياضة الجري، التي تعلمها مجبراً منذ استوطن هذه الحارة.

في قفزته الأخيرة.. رأى قطاً يركض خلف فأرٍ يُمسِكُ بقطعة جبنٍ بشدة، تماماً كما يمسكُ به الجزار الآن..!

- أهلاً يا معلم ... كُنتُ أفكر بزيارتك للتو... سبحان الله.
- وسبحان من ساقك إليّ بغير ميعاد ... الحساب!

- طبعاً... طبعاً ... لهذا أتيت إليك، وسأرد لك الدّين كاملاً ، فقط ... اسمح لي أن أجري مكالمة واحدة من .. الهاتف.!
- ومع من ستتحدث يا عّفن... مع الوزير!

لطالما كان يمقت ضحكة المعلم، ويراها أشبه بخوار بقرة..

- اقعد يا معلم ، سأحكي لك ما حدث معي، ومع من سأتحدث، وبعدها افعل ما شئت.
- يا صبر أيوب ... قل وبسرعة ...

أخرج قصاصة الورقة من جيبه، وقال: أترى هذا الرقم يا معلم ..؟
- لا ... أعمى ... اختصر وإلاّ!

قال جملته في غضبٍ، ملوحاً بساطور يشبه ذراع حامله:

- سأخبرك ... سأخبرك ...


شرع يحكي ما جرى له في يومه، حتى انتهى ..

- اتصل بسرعة، وغداً أريد الحساب كاملاً وإلاّ!
- وزيادة يا معلم ... بكم كيلو اللحمة هذه الايام؟

قال جملته وهو يحرك قرص الهاتف القديم، والجزار يضرب بساطوره، فابتسم في خوفٍ وقال:

- صوت رنة، غداً سأشتري منك نصف كيلو ...
وأمام ضربات ساطوره، أدار وجهه للطرف الآخر ..


- الو ...
- ألو من معي ...؟

- أنا جهاد.
- من جهاد ...؟!

-الذي أنقذ ولدك من الغرق في المسبح اليوم.
- غرق ...! ، ولدي!

- نعم يا سيدي، وحملناه إلى السيارة مع النادل.
- أي نادل وأي سيارة ...؟ عن ماذا تتحدث ..؟!

- يا سيدي ... جهاد الذي أعطيته رقمك، وأخبرتني ان أتصل بك قبل سفرك.
- من تريد بالضبط ...؟

- يا سيدي، لماذا تفعل ذلك .... ؟ ألست السيد، لحظة لأقرأ الاسم، السيد ( ماهر الطيب ) ..؟
- يا أخي أفزعتني ...! لا .. الرقم خطأ .

ثم إن الاتصال قد قُطع..

ابتلع ريقه، وفكر بأن يعيد الاتصال مرةً ثانية، لعل عيناه قد خانته، والأرقام قد تتشابه ..
نظر إلى الساعة، يكاد عقربها أن يكمل دورته، أشار إلى الجزار وهمس:

- هل يمكن أن اعيد الاتصال ...؟ أرجوك

وأمام ساطوره قفز عن بقع الوحل، والقصاصة تحتضر في يده ..


حين قفز إلى عتبة البناية، خٌيل إليه، بأنه رأى قطاً يحمل بفمه فأراً، وقطعة جبن وقصاصته استقرتا في الوحل.

تمت

ملاحظة //
هذه الرواية الحصرية بقلم الكاتب / عدي بلال
وكانت مشاركة في (مسـابقــة 20 حكـايــة وحكـايــة )


ŢαŢμαŊα 01-01-22 11:09 PM

حكاية ( قصاصة ورق) // حكايه رائعه ومؤثره جدا وبأحساس عالي
بشكر (صاحب/ صاحبه) القصة ع المجهود الكبير وبراعته في الصياغة والسرد والوصف https://www.al2la.com/vb/images/al2l...MonTaseR_7.gif
(آبدعت/ آبدعتي) جدا وبتمنالك كل التوفيق في المسابقه

(يعطيك/ يعطيكي) الف عافيه (بتستاهل/ بتستاهلي) عــن جـــداره :cV803301:
تثبيت القصة + ختم موضوع حصري (طوال فتره المسابقه)

أميرة الغيم 01-02-22 01:07 AM

القصة جميله جدا
ماشاء الله
لي عودة للرد

عطاء دائم 01-02-22 07:55 AM

قصة جميلة
بالتوفيق ان شاء الله لصاحبها او صاحبتها

ŢαŢμαŊα 01-05-22 08:04 PM

نيابتآ عن صاحب/ صاحبه القصة
بدي آشكر الغاليتان (سماء ,,, وعطاء دائم)
لحضورهم الرائع وتمنياتهم الطيبه
ربي يعطيهم الف عافيه

طاغي النظرة 01-06-22 03:39 PM

!!

شوقتا القصه مع احداثها لم انتهت بفرح بس !!

خيبات الزمن في كل بيت //

احسن ياقاصنا الكبير قصه رائعه


الساعة الآن 11:01 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا