منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


Like Tree42Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-26-22, 08:09 AM   #25
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (05:01 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




سلسلة_كن_صحابياً

2️⃣5️⃣

مواقف من الإخلاص في حياة الصحابة

الموقف الأول:

روى النسائي عن شداد بن الهاد رضي الله عنه أنه قال: (جاء رجل إلى النبي ﷺ فآمن به واتبعه)، وهو رجل من الأعراب، (ثم قال: أُهاجر معك)، وهنا نتعلم الإخلاص من هذا الأعرابي البسيط الذي أسلم قريباً، من هذا الرجل الذي أصبح صحابياً وحقق شروط الصحابي كما ذكرناها، وقد قلنا: إن الصحابي هو الرجل الذي آمن برسول الله ﷺ في حياته ورآه أو اجتمع به ومات على هذا الإيمان، وهذا الصحابي رضي الله عنه عند إسلامه أوصى به الرسول ﷺ بعض أصحابه ليعلموه الدين فعلّموه،

ثم جاءت غزوة مباشرة بعد هذا التعليم البسيط لأمور الدين، وغنم النبي ﷺ سبياً -هو النساء- فقسمه بين أصحابه، وجعل لهذا الصحابي قسماً، وقال لأصحابه: عندما يأتي هذا الرجل أعطوا له قسمه، ثم جاء الرجل فدفعوه إليه، فقال: ما هذا؟

فقالوا: قسم قسمه لك النبي ﷺ .
والرسول ﷺ هو الذي يقسم، أي: أن هذا حلال خالص، وأيضاً هناك ميل فطري لهذا السبي، ومع ذلك لنتأمل ما كان رد هذا الصحابي الأعرابي البسيط الذي أسلم منذ أيام قليلة؟ فأخذه وجاء به إلى النبي ﷺ وقال: (ما هذا؟)،

قد يظن من يقرأ هذا الحديث أنه مستقل لهذا العطاء، (قال الرسول ﷺ : قسمته لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أُرمى إلى هاهنا)، وأشار إلى مكان في الحلق، وهو مكان مميت لو ضُرب فيه بسهم لقُتل لا محالة، (ولكني اتبعتك على أن أُرمى إلى هاهنا بسهم فأموت فأدخل الجنة)، وهنا نقف وقفة مع فعل هذا الصحابي الذي قد يستغربه البعض، بل وقد يعتقدون أن هذه مبالغة، وهي فعلاً مبالغة لكنها مبالغة في الخير، فالصحابي هذا مع أن عمره في الإسلام قليل جداً، لكن كان فهمه عميقاً جداً،

ورؤيته واضحة جداً، والجنة قد كبرت في عينيه، والجهاد عنده يساوي الدنيا كلها، فهو يخاف أن يأخذ شيئاً يشغله عن الجهاد، ومن ناحية أخرى هو يخاف أن تتغير نيته، وعند ذلك سوف يبتدئ عملاً جديداً بنية خالصة لله عز وجل، وبعد أن يكثر المال أو يجد منفعته من هذا العمل تتغير نيته، كالذي ينشئ مدرسة -مثلاً- بنية أن هذا مشروع تربوي إسلامي، وسيفيد به الأمة الإسلامية جميعها، وبعد أن يبدأ المال بالكثرة يغير في نيته، ويبدأ يجعل الدنيا هي همه، ويرفع من أسعار المدرسة، ويعمل رحلات بأسعار عالية ليكسب من ورائها،

ويغيّر لبس المدرسة كل سنة ليضطر أولياء الأمور لأن يشتروا الزي المدرسي كل سنة، ويكثِّر عدد الطلبة في كل فصل، أي: فبعد أن كان الفصل فيه عشرين أو خمسة وعشرين طالباً لدوافع تربوية، صار في الفصل خمسون طالباً وأكثر من أجل تكثير المال؛ لأنه يعرف أن الأبعاد التربوية التي كان يرجوها لا يستطيع أن يعملها في ظل هذا العدد الكبير من الطلاب، إذاً تغيرت النية هنا.

فالصحابي الأعرابي البسيط لم يكن يريد أن يدخل في هذه التجربة، لأنه يريد أن يعيش حياة مخلصة لله عز وجل وإن قصرت، ولهذا رفض المغنم الحلال، وقرر أن يعمل لله عز وجل بدون أجر، هذا وإن لم يكن فرضاً فهو من فضائل الأعمال، والرسول ﷺ لم يُنكر عليه ذلك، ولم يقل: إن هذا تشدد منك، بل قال: (إن تصدق الله يصدقك) أي: لو أنت صادق في نيتك فإن الله سيحقق لك كل الذي تريده، ولهذا يجب على كل واحد منا أن يكون له أعمالُ خيرٍ كثيرة لا يأخذ عليها أجراً من أحد، وذلك ليثبت إخلاص نيته لله عز وجل، كالمدرس يمكن أن يُدرس من غير فلوس للناس المحتاجين، وكذلك الطبيب يمكن أن يعالج من غير فلوس للناس المحتاجين،
وأيضاً المحامي يمكن أن يترافع عن مظلوم محتاج من غير فلوس؛ لأنه محامي يعمل لله عز وجل، وهذا ليس فرضاً ولكنها وسيلة لإثبات الإخلاص لله عز وجل.
هنا قد يأتي سائل ويسأل فيقول: ما هي الوسيلة التي من الممكن أن تعرف أنك مخلص تماماً لله عز وجل في عملك؟ كلنا نقول: إننا مخلصون، لكن أحياناً قد يكون هناك أجر على العمل، فيا ترى إذا كل واحد منا أخذ أجراً على العمل ليس مخلصاً؟ لا،

فالصحابة كانوا يأخذون أجراً على عملهم، فقد أخذوا في هذه الغزوة السبي، وهو من الأجر على عملهم، ومع ذلك فإخلاصهم عالي جداً، والمقياس الحقيقي لتعرف إخلاصك من عدمه هو: أنك تعمل العمل بغض النظر أخذت أو لم تأخذ، أما إذا ربطت عملك بالأجر فهذا يدل على ضعف الإخلاص أو غيابه أصلاً.

نرجع مرة أخرى لقصة الصحابي الأعرابي، قال الصحابي: أنا لا أريد أن آخذ من السبي شيئاً، فأنا لم أدخل في الإسلام إلا لأُقتل في سبيل الله، فقال له ﷺ : (إن تصدق الله يصدقك)، قال راوي الحديث شداد بن الهاد رضي الله عنه وأرضاه: ". فَلَبِثُوا قَلِيلًا، ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ يُحْمَلُ، قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ : " أَهُوَ هُوَ ؟ " قَالُوا : نَعَمْ. قَالَ : " صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ ".

ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ ﷺ ، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ : " اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ، فَقُتِلَ شَهِيدًا، أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ ".

... يتبـــــــــ؏.....


 


رد مع اقتباس
قديم 12-26-22, 08:11 AM   #26
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (05:01 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




سلسلة_كن_صحابياً

2️⃣6️⃣

مواقف من الإخلاص في حياة الصحابة

الموقف الثاني:

لـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو يعتق العبيد في بداية الدعوة، فقد كان يشتري العبيد بكثرة ويدفع أموالاً كبيرة لذلك، وكان رضي الله عنه يشتري العبيد الضعفاء والفقراء، من الرجال ومن النساء على السواء، فقال له أبوه أبو قحافة وكان لا يزال مشركاً: يا بني أراك تعتق رقاباً ضعافاً، فلو أنك أعتقت رجالاً أشداء يمنعونك، فقال الصديق رضي الله عنه وأرضاه: يا أبت إنما أبتغي وجه الله عز وجل، أي: أنا لا أريد غير رضا الله سبحانه وتعالى، وهذا هو الإخلاص، فأنزل الله عز وجل قوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى} [الليل:17]،

وهذه من أعظم مناقب الصديق رضي الله عنه وأرضاه بأن الله عز وجل يشهد له بأنه الأتقى، {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الليل:18 - 20] أي: لا يريد غير رضا الله سبحانه وتعالى فقط، {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل:21] وهذه هي نتيجة الإخلاص أن يرضى الله عنه.

... يتبـــــــــ؏.....


 


رد مع اقتباس
قديم 12-28-22, 07:46 AM   #27
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (05:01 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

2️⃣7️⃣

كيفية الإخلاص

وهنا من الممكن أن يقول أحدهم: والله إن هذا الكلام سهل، لكن التطبيق صعب بل عسير، فأقول له: صدقت، فهو شيء صعب فعلاً، وأحد التابعين كان يقول: ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي.
أي: أكثر شيء صعب عليَّ النية والإخلاص، لكن لا بد أن تكون هناك طريقة لزرع الإخلاص، فالله سبحانه وتعالى لم يطلب منا شيئاً إلا وهو يعلم أنا نقدر على فعله، فمن الممكن أن يقول شخص: قل لي طريقة عملية إذا فعلتها زرعت الإخلاص في قلبي،

سأقول له: أعط لله قدره تخلص له، فأبرز هذه العبارة واجعلها دائماً صورة في خيالك، لأننا إذا عرفنا قدر الله عز وجل فليس من الممكن أن نشتغل بغيره،
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر:67] فهذا المرض: أن الناس لم يعطوا لله عز وجل قدره، {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر:67]،

وهذه بعض علامات قدرة الله عز وجل، وهذا الذي يمكن أن نفعله: تعظيم وتقدير وإجلال لله عز وجل، {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67] فالذين لم يعطوا لله عز وجل قدره فقد أشركوا معه، لأن الشرك لا يأتي إلا عندما لا يعطي العبد لله عز وجل قدره،

لكن عندما عرف الصحابة هذا القدر لله عز وجل أخلصوا في أعمالهم، ولذلك علموا أن مَنْ يعطي لله قدره ويعمل لإرضاء غيره أنه نوع من السفه والحماقة.

... يتبـــــــــ؏....


 

رد مع اقتباس
قديم 12-28-22, 07:47 AM   #28
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (05:01 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

2️⃣8️⃣

كيفية إعطاء الله عز وجل قدره

هنا السؤال

كيف يمكن أن نعطي لله عز وجل قدره؟

الجواب
أكثر من النظر والتدبر في كتاب الله عز وجل المقروء والمنظور.

النظر في الكتاب المقروء
الكتاب المقروء هو القرآن الكريم، واقرأ أي سورة أو أي آية لا بد أنك ستعطي لله قدره، لكن مع التدبر والتأمل في كل آية، والرسول ﷺ كان أحياناً يقوم الليل كله بآية واحدة، فقد قام ليلة كاملة بقوله سبحانه وتعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] فلو فكرت في هذه الآية فليس من الممكن أن تعمل لغير الله سبحانه وتعالى، لأن كل شيء بيده، فكيف ستعمل لغيره؟

الرزق بيده سبحانه وتعالى، وقلوب العباد بيده سبحانه وتعالى، والمقادير كلها بيده سبحانه وتعالى، والحياة بيده، والموت بيده، والجنة بيده، والنار بيده، ولن تجد أحداً سوف يحاسبك يوم القيامة غير الله، فكيف تعمل لغيره سبحانه وتعالى؟!
فهو الأول وهو الآخر، وهو المحيي وهو المميت، وهو النافع وهو الضار، وهو المبدئ وهو المعيد، وهو الملك الذي يملك كل شيء، وأي ملك من ملوك الأرض فملكه نسبي غير مطلق، وإن كان يطلق عليه لقب: (ملك) لكن نهاية المطاف الآخر هو ملك نسبي،
فقد يملك أشياء ولا يملك أشياء أخرى، وقد يعتريه الفقر والمرض والضعف والحزن، وسيعتريه الموت لا محالة، فلا يستطيع أن يملك سعادة الناس ولا حب الناس ولا أعمار الناس ولا أرزاق الناس، فهو ملك بسيط حقير تافه، ولا بد أن يترك ملكه أو أن ملكه سيتركه، لكن الله سبحانه وتعالى ملكه مطلق، فكيف تعمل لغيره؟!
واقرأ مثلاً في كتاب الله عز وجل: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأنعام:13 - 14]
هذا هو الإخلاص،

وتسألني أأتخذ ولياً غير الله سبحانه وتعالى؟ كيف؟ {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} [الأنعام:14]

هذا هو سبب الإخلاص، فأي شيء غيره يُطعِم ولا يُطعَم، سواء رئيس المصلحة أو مدير المدرسة أو الملك أو السلطان أو الشرطي أو غير ذلك، فلا أحد يُطعِم ولا يُطعَم غير الله عز وجل، ثم قال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام:14]

فالذي يشرك بالله عز وجل هو الذي يتخذ ولياً غير الله عز وجل، {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام:15]

وهذا سبب ثاني للإخلاص، وكل الناس تملك أشياء بسيطة في الدنيا، لكن لا تملك شيئاً مطلقاً في الآخرة، فالله عز وجل يملك الآخرة بكاملها، ثم اسمع لكلام ربنا وهو يقول: {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام:16 - 17]

وهذا سبب ثالث للإخلاص، فلن ينفعك أحدٌ غيره، وما دام أنه يُطعِم ولا يُطعَم إذاً فالرزق كله أتى من عنده، وهو يملك يوم القيامة ولا أحد من البشر أو الخلق يملك هذا اليوم إلا هو سبحانه،

ورابعاً أنه هو الذي ينفع ويضر سبحانه وتعالى، وخامساً: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:18]، حتى وإن لم يكن بإرادتك فسوف يكون غصباً عنك، فهو القاهر فوق عباده، وأنت تريد أن تُخلص أو لا تُخلص فالذي يريده سبحانه وتعالى سوف يكون، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:18]،

ثم كيف من الممكن أن تقرأ مثل هذا الكلام في كتاب ربنا سبحانه وتعالى ولا تُخلص لله عز وجل؟! واقرأ أيضاً: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} [لقمان:26 - 27] فلو تقف لحظة وتتخيل جميع أشجار الأرض، بغاباتها وجبالها وسهولها التي سمعت عنها في أمريكا وفي أوروبا وفي مصر وفي غيرها من البقاع،

ثم تخيل أن كل هذه الأشجار أقلام {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لقمان:27] أي: أن البحر عبارة عن مداد ليكتب آيات الله عز وجل، فالشجر أقلام والبحر مداد، ومع ذلك: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان:27]، أي: ما نفدت آيات الله عز وجل في الأرض، ثم يقول الله عز وجل: {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان:28]،

فليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى، فخلق البشر جميعاً كخلق إنسان واحد، وليس هناك شيء سهل أو صعب عند الله عز وجل، وكل قوله إنما هو: كن، فيكون، ثم قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [لقمان:29]

... يتبـــــــــ؏.....


 

رد مع اقتباس
قديم 12-29-22, 08:13 AM   #29
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (05:01 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




سلسلة_كن_صحابياً

2️⃣9️⃣

كيفية إعطاء الله عز وجل قدره

هنا السؤال

كيف يمكن أن نعطي لله عز وجل قدره؟

الجواب

أكثر من النظر والتدبر في كتاب الله عز وجل المقروء والمنظور.
نتابع

النظر في الكتاب المنظور

الكتاب الثاني هو كتاب الله المنظور، أي: الكون والخلق، فتفكر في خلق السماوات والأرض، وتأمل قول الله عز وجل: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر:57]

فهذا الكون فسيح جداً لدرجة يتوه العقل فيه تماماً، وليس من الممكن أن تتخيله، فلو أن هناك طائرة خيالية تسير بسرعة ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة!! فكم من الوقت تحتاج للسير في أرجاء الكون؟ قد تحتاج إلى ألف مليون سنة، وفي الأخير أيضاً لا تستطيع، لماذا؟ لأن الكون يتمدد ويتوسع كما قال الله عز وجل: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47]،

ولو تأملنا في بعد الشمس عن الأرض، فإن البُعد بينهما يساوي مائة وخمسين مليون كيلو متر، والأرض تدور في محورها بسرعة ألف وستمائة كيلو متر في الساعة، والدائرة التي تدور فيها الأرض قطرها ثلاثمائة مليون كيلو متر، فتخيل الرقم ثلاثمائة مليون كيلو متر وتكمل الدورة في سنة كاملة، وكذلك إذا كانت الأرض مع ثمانية كواكب أخرى مع الشمس في المجموعة الشمسية، أي: أن المجموعة الشمسية كما تعلمون تسعة كواكب، وأبعدها هو كوكب بلوتو، فإنه يدور في دائرة قطرها اثنا عشر ألف مليون كيلو متر وكل هذه المجموعة الشمسية فقط، والشمس نفسها ليست ثابتة، فهي تدور في فلك ومعها كل الكواكب التي حولها ومن ضمنها الأرض،

وسرعة دوران الشمس تسعمائة وستون ألف كيلو متر في الساعة، والشمس هذه هي أحد الشموس في مجرة هائلة اسمها مجرة درب التبانة، وهناك شموس أخرى تحيط بها كواكب، وحجمها كالأرض وأكبر وأصغر، وعدد الشموس في مجرة درب التبانة أربعمائة ألف مليون شمس كشمسنا في مجرة درب التبانة، والكون كله ليس مجرة درب التبانة فقط! فهذه المجرة هي إحدى المجرات الهائلة في الكون،

والمجرات في الكون تبلغ مائتين ألف مليون مجرة كمجرة درب التبانة، وارجع وراجع هذه المعلومات، وانظر إلى هذه الأرقام، فإنها جزء من ملكوت ربنا سبحانه وتعالى، فهذا هو جزء الكون الذي نحن رأيناه بالتليسكوبات، وكلما نخترع تليسكوباً أكبر كلما نرى أكثر، وكل هذه المليارات من النجوم والكواكب تدور في الكون دون تصادم، والعجيب أن بعض المجرات تدخل في مجرات أخرى بكاملها دون أن تصطدم، فانظر إلى عظمة هذا الكون، صنع من هذا إنه صنع الله عز وجل،

{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [لقمان:11]،

إذاً: فكيف يعرف الواحد منا جميع هذه المعلومات والحقائق ولا يعبد ربه سبحانه وتعالى حق العبادة؟ وكيف من الممكن أن يعرف كل هذا ولا يعمل لله عز وجل! وكيف من الممكن أن يعرف كل هذا ويعمل لغيره، أو يشرك به أحداً أو شيئاً؟! مستحيل ذلك.

هذه كانت أكبر شيء في الكون: السماوات، ولنأت لنتدبر أشياء صغيرة جداً في الكون وهي الذرة، هذا الشيء الصغير الذي لا نستطيع بالمناظير الكبيرة جداً التي تكبر ملايين المرات أن نراه، هذه الذرة العجيبة تحتوي على نفس نظام الكواكب السيارة المحيطة بالشمس، ونفس نظام النجوم الدائرة في المجرة، وهذا يثبت أن خالق هذا الكون هو خالق واحد، لأن كل الكون فيه أشياء متشابهة جداً، وهذه الذرة الدقيقة جداً تحتوي على إلكترونات تدور حول البروتونات، كما تدور الأرض والكواكب حول الشمس،

فيا ترى ما هو حجم الإلكترون في الذرة؟

وما هي نسبة حجم الإلكترون إلى حجم الذرة؟ الإلكترون واحد على ألف مليون من حجم الذرة، والإلكترون يدور حول البروتون بلايين المرات في الثانية الواحدة، والإلكترون أكثر من الذرة بكثير جداً، ولهذا نستطيع أن نفهم كلام ربنا سبحانه وتعالى: {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ:3]، والعلماء السابقون كانوا يعتقدون أن هذه صيغة مبالغة، {وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ} [سبأ:3]،

لأنه في اعتقادهم أنه لا يوجد شيء أصغر من الذرة، لكن هذا العلم الذي منَّ الله به علينا أثبت أن الإلكترون أصغر من الذرة بألف مليون مرة، ولا نعرف ما الذي سيأتي غداً، وأنا متأكد أنا سنجد بعد هذا أن الإلكترون هذا الجسيم الصغير جداً أمام الذرة، داخله عالم كبير من الأحداث نحن لا نزال لم نعرفها، وغداً سنعرفها.
ولو أتينا للتفكر في أنفسنا وفي أجسامنا لرأينا العجب، قال تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:21]،

فالإنسان قد ينبهر بنظام الاتصالات في العصر الحديث، من تليفونات ونت وأقمار صناعية وأشياء كثيرة غيرها، لكن لو نظرت إلى داخلك وإلى نظامك العصبي -نظام الاتصالات بداخلك- لوجدت أن النظام العصبي في الإنسان يضم ألف مليون خلية عصبية، وهذا في الطفل والشاب والشيخ الكبير،

فهذا هو نظام الاتصالات الرهيب الذي خلقه الله تعالى فيك.

... يتبـــــــــ؏.....


 

رد مع اقتباس
قديم 12-29-22, 08:14 AM   #30
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (05:01 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

3️⃣0️⃣

الصحابة والعلم

العلم من أنبل الغايات وأشرفها، وله مكانة عظيمة في ديننا، به يعبد المسلم ربه على بصيرة، بل ويكون أشد خشية له، فكان تعلمه خشية، وطلبه عبادة، والبحث عنه جهاداً، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة، وقد ضرب لنا الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أروع الأمثلة في حرصهم على طلب العلم، فقد طلبوه ضمن ضوابط وشروط معينة، فحصلوا بذلك العلم النافع الصحيح.

مكانة العلم في الإسلام

ما زلنا نبحث عن إجابة السؤال المهم:

كيف سبق الصحابة وكيف نلحق بهم؟
ومع الدرس الخامس من دروس مجموعة: كن صحابياً، وسنتعرف في هذا الدرس على علامة جديدة من علامات الطريق الذي سار فيه الصحابة.
وقد تعرفنا فيما سبق على علامة مهمة جداً من علامات الطريق الذي سار فيه الصحابة،

ألا وهي: علامة الإخلاص،
وسيكون حديثنا عن نقطة مهمة جداً في بناء جيل الصحابة، ومهمة جداً في بناء أي جيل يريد أن يصل إلى ما وصلوا إليه،
هذه النقطة هي: العلم،

وكما قلنا: إنه لا يوجد عمل يمكن أن يُقبل بدون إخلاص، وكذلك لا يوجد عمل يمكن أن يُقبل إلا بعلم؛

لأن كثيراً من الناس يعبد الله عز وجل بنية صادقة، لكن بطريقة خاطئة جاهلة، وهذا يضر ولا ينفع، ففي أي مجال من مجالات الحياة وليس فقط في مجالات الدين، إذا عمل الإنسان بدون علم فإنه يضر ولا ينفع، فالطبيب الجاهل هل ينفع المرضى أم يضرهم؟ من المؤكد أنه يضرهم، والمهندس الجاهل، والنجار الجاهل، والسباك الجاهل كذلك، وكذلك العبادة، فالعابد الجاهل يضر ولا ينفع، فيضر نفسه وغيره ومجتمعه، ولذلك فإن قضية العلم قضية محورية في حياة الأمة المسلمة،
ومن المؤكد أن الصحابة قد أخذوا بالهم من أول آية نزلت من هذا الكتاب المعجز، الذي هو دستور حياتهم بكاملها،

فقد كانت كلمة: (اقرأ)، وهذا شيء غريب جداً،
لأن كلمة: (اقرأ) تنزل في هذا الزمن الذي انتشرت فيه الأمية، وليس فقط في جزيرة العرب، بل في جميع أطراف المعمورة، فمن كل كلمات القرآن الكثيرة تكون أول كلمة تنزل هي كلمة: (اقرأ) وليست أول كلمة فحسب، بل أول خمس آيات جميعها تتحدث عن قضية العلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1 - 5]، إذاً فالقضية الأساسية التي يبنى عليها هذا الدين بكامله هي قضية العلم، وهي مسألة العلم.

وقد كان هذا النزول لكلمة: (اقرأ) بياناً وإيضاحاً وتبييناً لطبيعة هذا الدين، هذا الدين الذي لا يقوم على الخرافات والضلالات، ولا يقوم على الجهل والتخبط، وإنما يقوم على أسس علمية ثابتة ومعروفة، هذا الدين الذي يشجع أبناءه على أن يكونوا علماء سبَّاقين، وليس فقط لمجرد العلم ولكن أيضاً السبق في العلم، والريادة في العلم، والتفوق في العلم.

وانظروا هنا إلى ألفاظ هذا الحديث الغريبة على آذاننا، ولكن هو معنى دقيق جداً يلفت إليه رسول الله ﷺ الأنظار.

فعند ابن ماجة، والترمذي وقال: حسن، وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (ألا إن الدنيا ملعونة)، وهذه كلمة شديدة جداً، (ملعون ما فيها)، أي: أي شيء في الدنيا فهو ملعون، وهذا على إطلاق الحديث، والذي يلعن هو الرسول ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى، فهو وحي من الله عز وجل، فكل شيء في الدنيا ملعون ليس له أي قيمة، وتافه وحقير، حتى وإن كان ملكاً أو سلطاناً أو سلاحاً أو قوة أو أي شيء، ثم استثنى الرسول ﷺ من هذه اللعنة أربعة أشياء: الأولى والثانية: (إلا ذكر الله تعالى وما والاه) وما والاه: أي ما قارب الذكر من أعمال الطاعة والبر وغيرها من الأعمال في الدنيا التي يحبها الله عز وجل، الثالثة والرابعة: (وعالماً، ومتعلماً)

فهذه أيضاً مستثناة من اللعنة، إذاً العملية التعليمية التي تدور بين العالم والمتعلم عملية عظيمة جداً في ميزان الله عز وجل، ويبقى الذي هو خارج نطاق هذه العملية، فهو ملعون بنص حديث رسول الله صلّ الله عليه وسلم .

... يتبـــــــــ؏....


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 06:07 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا