منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


Like Tree42Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-05-23, 07:51 AM   #43
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:56 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

4️⃣3️⃣

بعض مواقف الصحابة العملية
موقفهم في الجهاد

في قضية الجهاد في سبيل الله هناك موقف نعرفه كلنا، إنه موقف لـ حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه وأرضاه، غسيل الملائكة، أي: الرجل الذي غسلته الملائكة، فقد سمع حنظلة النداء يوم أحد وهو عريس، وكان قد تزوج في الليلة الماضية، وكان جنباً، فسمع داعي الجهاد يطلب الناس للخروج إلى الجهاد في سبيل الله في أُحد، فلم يصبر حنظلة حتى يغتسل، بل خرج مسرعاً إلى الجيش، وانظر إلى هذه الاستجابة الفورية، فهو ليس بمكره، بل مشتاق ومتلهف إلى تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة:285]، فذهب إلى أُحد واستشهد وهو جنب، فغسلته الملائكة، فأصبح حنظلة غسيل الملائكة.

ليس هناك معنى لكلمة (الظروف) عند الصحابة، بل كان عندهم معنى لقول الله تعالى، أو لقول الرسول ﷺ ، فيا تُرى هل خسر حنظلة؟

لا، فـ حنظلة لو كان في بيته كان سيموت في نفس الساعة التي مات فيها، لكن بدلاً من أن يموت على فراشه يموت في ميدان الجهاد شهيداً، وبدلاً من الموت معتذراً متخلفاً يموت مجاهداً مقبلاً غير مدبر، والموت لا يؤجل: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف:34].

إذاً: فـ حنظلة وإن لم يكن يعرف ميعاد الموت إلا أنه قد اختار طريقة الموت.
فهذا هو الذكاء، وهذه هي الفطنة، وهذا هو المطلوب من المؤمن العملي، فلو أنك تعيش لربنا فستموت له سبحانه وتعالى، ولو أنك تعيش حياة الجهاد ستموت مجاهداً، ولو أنك تعيش حياتك في سبيل الله، ولم يكن في يدك أن تختار وقت موتك، إلا أنه في يدك أن تختار طريقة موتك،

وتذكر: (يبعث المرء على ما مات عليه)، فمن مات على صلاة يبعث على صلاة، ومن مات على تلبية وهو في الحج يبعث ملبياً، ومن مات على جهاد يبعث على هيئته وقت الجهاد، اللون لون الدم والريح ريح المسك، ونحن الذين نختار الطريق.

... يتبـــــــــ؏....


 


رد مع اقتباس
قديم 01-05-23, 07:52 AM   #44
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:56 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

4️⃣4️⃣

بعض مواقف الصحابة العملية
موقفهم في الإنفاق على ذوي القربى مع إساءتهم

تعالوا لنرى رد فعل الصحابة مع بعض آيات القرآن الكريم التي تخاطب قلوبهم، هذا القلب الذي أحواله غريبة وعجيبة جداً، ففي بعض الأحيان قد يكون الإنسان متوجعاً من آخر ولا يقدر أن ينسى ذلك، لكن الصحابة قد ملكوا قلوبهم وأصبحت في أيديهم، فيقدرون على تنظيفه متى شاءوا، ويقدرون على الأخذ منه والوضع فيه متى شاءوا.

ولنسمع إلى هذه القصة اللطيفة، وهي قصة مشهورة والجميع يعلمها، لكن فيها دروساً عميقة جداً: لقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينفق على ابن خالته مسطح بن أثاثة رضي الله عنه وأرضاه، فإذا بـ مسطح يتكلم في عرض أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، لم يتكلم في مسألة يسيرة، ولم يقل عن عائشة: إنها بخيلة أو مخطئة، أو لم يكن الحق معها في رأي أو غيره، لا، بل يطعن في عرض وشرف السيدة عائشة رضي الله عنه، وكان ذلك كرد فعل طبيعي للأب المجروح الذي طعن في شرفه وشرف ابنته الطاهرة الصديقة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه وأرضاها،

فقال: والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد اليوم، وفي رواية: والله لا أنفعه بنافعة أبداً، فالمهم أنه قرر أن يقطع النفقة عليه.

وتأمل هنا فـ أبو بكر لم يمنع حقاً من حقوق مسطح، وإنما كان يتفضل عليه فقط، فيتصدق عليه، والصدقة كما نعلم ليست كالزكاة، وإنما هي اختيارية، يعني: تفعلها أو لا تفعلها لا شيء عليك، لكن مع كل هذا الأمر ينزل قول الله عز وجل: {وَلا يَأْتَلِ} [النور:22]، يعني: ولا يحلف؛ لأن أبا بكر حلف أنه لن ينفق على مسطح بعد ذلك شيئاً،

ثم قال تعالى: {أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور:22]، وهذه المنقبة كانت من أعظم مناقب الصديق، فالله سبحانه وتعالى يصفه بأنه من أولي الفضل والسعة، ثم قال: {أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور:22]، وهذا الأمر من ربنا سبحانه وتعالى على سبيل الاختيار: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]، ففي هذه الآيات ربنا سبحانه وتعالى لا يذكر أن مسطحاً له حقاً عند أبي بكر، وإنما يطلب من أبي بكر بمنتهى الرفق أن يعفو وأن يصفح، ثم يتودد إليه سبحانه وتعالى فيقول: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور:22]؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فإذا أنت غفرت للناس فالله سبحانه وتعالى سيغفر لك: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22].

قال أبو بكر في رد فعل عجيب واستجابة سريعة جداً دون تردد: بلى والله! إني لأحب أن يغفر الله تعالى لي.

سمع قول الله تعالى فانطلق لتنفيذه فوراً، وذلك دون أي تفكير في القضاء على ما في قلبه من حزن أو حقد أو ضيق على مسطح بن أثاثة أو غير ذلك، ولم يقل: أعطني وقتاً لأنسى ما حصل، لا، بل قال في لحظة واحدة: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي.

فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه من ماله، بل وأقسم ألا يقطعها بعد ذلك؛ لأنه عرف ماذا يريد منه المولى تعالى، وليس من الممكن أن الله تبارك وتعالى يطلب منه شيئاً ثم يرفض، فإنه الصديق رضي الله عنه.

إذاً: فـ الصديق لم يكن ملزماً بالإنفاق على مسطح، وموقفه في المنع مفهوم، ولا يلومه عليه أحد، لكن النداء واضح، إن كنت تحب مغفرة الله عز وجل فاغفر للعباد، فوصلت الرسالة إلى قلب الصديق ولم يتأخر عن الالتزام بها.

وهنا نتساءل فنقول: كم من شخص غاضب من جاره أو من صاحبه؟ حتى ربما من أبيه وأمه! فيقاطعهم بسبب ذلك اليوم والاثنين والثلاثة، والشهر والشهرين، ولا يريد أن ينسى سبب ذلك، ونسي قول الله تعالى: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]، وهذا خلاف المنافقين تماماً، فلو خاصم الإنسان على كل شيء دون صفح أو مسامحة لدخل تحت وصف المنافقين؛ فالمنافقون لا ينقادون لأحكام الدين إلا عند تحقق فوائد دنيوية ملموسة، وإن لم تكن هناك فائدة مباشرة فلا طاعة لكلام الله عز وجل.

واسمع إلى قول الله عز وجل فيهم: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا} [النور:47]، فهذا كلام باللسان، {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [النور:47]، فهم قالوا كلمة الإيمان وقالوا: أطعنا، لكن بلا عمل.
ثم قال تعالى: (وَإِذَا دُعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِیَحۡكُمَ بَیۡنَهُمۡ إِذَا فَرِیقࣱ مِّنۡهُم مُّعۡرِضُونَ)
[سورة النور 48]

... يتبـــــــــ؏...


 


رد مع اقتباس
قديم 01-06-23, 07:44 AM   #45
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:56 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

4️⃣5️⃣

أمثلة للصحابة في استجابتهم لأوامر الله

لنسمع إلى بعض الأمثلة في استجابة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لقضايا الدين وأحكامه.

استجابتهم عند تحويل القبلة

المثال الأول:
تحويل القبلة، فعندما أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وهذا الموضوع ليس سهلاً، فقد بقي المسلمون في المدينة المنورة متجهين إلى بيت المقدس سبعة عشر شهراً، وفجأة تغيرت القبلة إلى البيت الحرام، فقال اليهود والمنافقون للمسلمين: كأنكم لا تعرفون قبلتكم أين هي؟ فمرة تصلون إلى بيت المقدس، وأخرى ناحية البيت الحرام، فلم يفهموا الغرض والعبرة من التغيير، فقد كان الأمر اختباراً، والمسألة مسألة فتنة، والله سبحانه وتعالى قد قال: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة:143]،

وهذا الكلام ليس فقط في أمر القبلة، وإنما في كل أمر من أوامر الدين، فالمؤمنون قالوا بمنتهى البساطة: سمعنا وأطعنا، سواء قيل لهم: صلوا ناحية بيت المقدس، أو قيل لهم: صلوا ناحية الكعبة، فالقضية واضحة جداً عندهم، وربنا قد قال شيئاً فالمؤمن يسمع ويطيع، حتى الذين كانوا في صلاة حين وصلهم الخبر لم ينتظروا الانتهاء من صلاتهم حتى يجلسوا مع الرسول ﷺ ويقولون: لماذا هذا التغيير، أو غير ذلك من الأسئلة والمبررات؟ لا، لم يكن هذا الكلام شاغلاً لهم، بل بمجرد أن يتأكدوا أن الله سبحانه وتعالى قال كذا، أو رسوله ﷺ قال كذا، لا بد من القيام به، ففي نفس الصلاة غيروا اتجاههم، فصلوا ركعتين باتجاه بيت المقدس، وركعتين باتجاه الكعبة، فهذا هو معنى قول: سمعنا وأطعنا، وهذا هو الفهم الحقيقي لمعنى العبادة لله عز وجل.

أما رد فعل المنافقين واليهود: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة:142]، وتأمل الرد الإلهي على هؤلاء، فلم يقل لهم: لأجل كذا وكذا، مع أن هناك حِكَمٌ ظهرت لنا من ذلك، وحِكَمٌ لم نعرفها، لكن الله قال لهم: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:142]، فالذي يريده الله سبحانه وتعالى اعملوا به، فله سبحانه المشرق والمغرب.

... يتبـــــــــ؏..


 


رد مع اقتباس
قديم 01-06-23, 07:45 AM   #46
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:56 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

4️⃣6️⃣

أمثلة للصحابة في استجابتهم لأوامر الله

قصة رؤيا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وقيامه لليل مدة عمره

المثال الثاني:
قصة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما،
ففي البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان الرجل في حياة النبي ﷺ إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله ﷺ ، فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله ﷺ ، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم -يعني: أناس من المشركين والمنافقين- فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار! أعوذ بالله من النار! فلقينا ملك آخر، فقال لي: لن تراع -أي: لن تخاف، أراد أن يطمئنه- فاستيقظ عبد الله بن عمر، فأراد أن يذهب إلى الرسول ﷺ ، ولكنه استحى لصغر سنه، فذهب إلى أخته السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها وأرضاها، وحكى لها الرؤيا وقال لها: قوليها لرسول الله ﷺ ، فقصت السيدة حفصة رؤيا عبد الله على النبي ﷺ ، فقال رسول الله ﷺ كلمات قليلة جداً، كان لها أثر عظيم في حياة عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه قال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)،

فـ (لو) ليست للشرط، وإنما للتمني كما يقول ابن حجر في الفتح، يعني: أن الرسول ﷺ لم يُعلِّق خيرية عبد الله بن عمر على قيام الليل، بل قال: (نعم الرجل عبد الله)، فهو يثني ويمدح عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ثم قال: (لو كان يصلي من الليل)، أي: لو أكمل حسنه بقيام الليل، والتقدير: لو كان يصلي من الليل لارتفعت قيمته.

وفيه إشارة واضحة بأن قيام الليل يقي من عذاب النار الذي رآه عبد الله بن عمر في المنام.

يقول نافع مولى عبد الله بن عمر: فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً.
يعني: ظل بقية عمره يقيم ليله بالعبادة بسبب حديث واحد سمعه من النبي ﷺ ، مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام مدح عبد الله بن عمر، لكن لم يتكل عبد الله بن عمر على هذا المدح،

ولم يعتمد على هذا الثناء من رسول الله ﷺ ، لكنه استمر على القيام إلى أن توفي، وكان موته سنة (73) من الهجرة، وله من العمر (86) سنة، فبقي رضي الله عنه مواظباً على قيام الليل طويلاً، وكان لا ينام من الليل إلا قليلاً.
إنه منهج واضح جداً لفهم الإسلام، إنه منهج السماع للطاعة، سمعت حديثاً اشتغل به، سمعت آية اشتغل بها، وهكذا بما عندك من العلم.

.. يتبـــــــــ؏.....


 


رد مع اقتباس
قديم 01-07-23, 07:38 AM   #47
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:56 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

4⃣7⃣

أمثلة للصحابة في استجابتهم لأوامر الله


قصة المسيء صلاته ومدى استجابته لتعليم النبي ﷺ
المثال الثالث: المسيء في صلاته، ففي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: (دخل رسول الله ﷺ المسجد، فدخل رجل فصلى، فسلم على النبي ﷺ فرد عليه السلام وقال: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل)، فالرجل قد صلى، والرسول ﷺ يقول له: (ارجع فصل؛ فإنك لم تصل)، والرجل لم يقل للنبي ﷺ : أنا الآن قد صليت أمامك، واسأل فلاناً وعلاناً، لا، فهو لا يحتاج إلى كل هذا الكلام، فرجع في منتهى الأدب وصلى مرة أخرى،

ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فقال له: (ارجع فصل؛ فإنك لم تصل)، فرجع مرة ثانية بدون أي نقاش، وأعاده النبي ﷺ ثلاث مرات، وفي المرة الرابعة والرجل خائف بسبب ما يقال له، فأراد أن يعرف الخلل، فقال: (والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره)، أي: لو كنت أعرف غير هذا لصليت، (ما أحسن غيره فعلمني)، يعني: مشكلته ليست في الطاعة، إنما مشكلته أنه لا يعرف ويريد أن يعرف، وحين يعرف سيعمل بشكل جيد، ويريد أن يعرف لأجل أن يطيع ربه عز وجل.

فقال له ﷺ : (إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها)، فكانت مشكلة هذا الرجل: عدم الاطمئنان في الصلاة.

والشاهد أن الرجل ذهب في المرة الأولى والثانية والثالثة ليعيد الصلاة وهو في منتهى الصبر، فهو يسمع ليطيع، وما دام أن الرسول ﷺ قال ذلك، فلا بد من التنفيذ، ثم بعد ذلك كله يسأل بأدب جم: (والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره)، فلم ييأس ويضق من المسجد.

وقد يحذر الناس من الجانب السلبي الذي كان عند المسيء في صلاته، وهو عدم الاطمئنان في الصلاة، لكن تجدهم لا يهتمون بالجانب الإيجابي وهو الحرص على التعلم والعمل، والصبر على ذلك مرة ومرتين وثلاثاً، ولو قلت لشخص آخر: أنت لا تطمئن في ركوعك ولا في سجودك، ولا بد من أن تعيد الصلاة، سيقول لك: الله غفور رحيم، وإن شاء الله في الصلاة القادمة أهتم، ويمكن أن يتشاجر معك ويترك المسجد.

إذاً: هذا هو فهم الصحابة لقضية السمع للطاعة، {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة:285].

... يتبـــــــــ؏....[/color]


 


رد مع اقتباس
قديم 01-07-23, 07:40 AM   #48
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:56 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

4⃣8⃣

أمثلة للصحابة في استجابتهم لأوامر الله

قصة الثلاثة المخلفين في غزوة تبوك واستجابة الصحابة لأمر النبي ﷺ بمقاطعتهم

تعالوا لنختم هذه المحاضرة بقصة يعرفها الكثير منكم، لكن سنعلق على جانب صغير معين فيها، وتفاصيلها سنقوله في درس: الصحابة والتوبة، وقد قلنا تفاصيلها قبل هذا في دروس السيرة النبوية.

إنها قصة استجابة المسلمين لمقاطعة الثلاثة المخلفين في غزوة تبوك، وهي مثل رائع للجانب العملي عند الصحابة الكرام، فقد كان هذا التخلف نزغة من نزغات الشيطان، فقد تخلف كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم أجمعين، ونزل الوحي بعقابهم عن طريق المقاطعة، فكان عقاباً صعباً جداً، ولم يحصل في حياة الصحابة إلا في هذه المرة فقط.

يقول كعب بن مالك رضي الله عنه وأرضاه: ونهى رسول الله ﷺ المسلمين عن كلامنا.

فلا أحد يكلم هؤلاء الثلاثة، وهنا حدثت استجابة سريعة وكاملة وعجيبة جداً من أهل المدينة جميعاً، فلا جدال ولا نقاش ولا مبررات ولا تعليلات لا استثناءات ولا وساطة، بل ولا أحد قال للنبي ﷺ : هذا رجل من السابقين، هذا من المكافحين، من أهل العقبة، لم يقل أحد أي شيء من هذا الكلام، بل قالوا: سمعنا وأطعنا.
ولم يأت أيضاً أحد من عائلته أو أرسل له كرتاً وأعطاه إياه، ولا كان شيء من ذلك، فقطعت مصالح كثيرة، وكل واحد من هؤلاء له علاقات كثيرة، يتاجر مع هذا ويشتغل مع هذا، ومتزوج من بيت فلان، وقريب من هذا،

لكن ليس ذلك مشكلة، فلتهدم كل المصالح ولا تهدم الطاعة، والمهم الطاعة لله عز وجل، والطاعة لرسوله الكريم ﷺ ، فلم ينفع رحم، ولم تنفع صداقة، فنفذت المقاطعة بشكلها الواسع والعجيب في المدينة المنورة، وكل أهل المدينة قاطعوا الثلاثة، يقول كعب بن مالك رضي الله عنه وأرضاه: فاجتنبنا الناس.

أي: تجنبوا حتى طريقهم، ثم قال: وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض، فما هي بالتي أعرف.

أي: هل هذه هي المدينة المنورة أم أنها ليست هي؟
وكأن الأرض التي ولد فيها وعاش فيها سنين وسنين لم يأت إليها قبل الآن،
والشيء الغريب جداً أن كل الناس في المدينة قد سمعوا وأطاعوا، وهذا هو جيل الصحابة الكرام: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36]، فليس لهم أي اختيار أبداً، لكن هل ظل ذلك يوماً أو يومين؟

لا، بل بقي كثيراً جداً، يقول كعب بن مالك: فلبثنا على ذلك خمسين ليلة.
فترة طويلة جداً، وبالذات داخل مجتمع صغير مثل المدينة، وهو مجتمع اجتماعي، وليس كمجتمعاتنا في هذا الزمان، ففي أيامنا قد تجد أن بعض الجيران لا يعرف جاره، لكن في جيل الصحابة كان الجميع كأسرة واحدة، فالمقاطعة في هذه البيئة كانت صعبة جداً، فتفاقم الأمر مع كعب بن مالك رضي الله عنه الله عنه وأرضاه، يقول: حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي، وأحب الناس إلي، فسلمت عليه.

أي: أنه ذهب إلى أقرب شخص وأحب شخص إليه بعد النبي ﷺ ، وهو مطمئن إلى أنه لن يقاطعه، قال: فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام! ورد السلام فرض، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام ألغى هذا الأمر في هذه الحالة الاستثنائية فقط، فمنع الناس من الكلام حتى السلام، يقول: فقلت: يا أبا قتادة! أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله؟! وأبو قتادة لا يرد.
يعني: هل تظنني قد غلطت لأجل أنني منافق، في داخلي كراهية لله وللرسول، أم أن هذه غلطة عابرة وأنا أحب الله ورسوله؟

فهو يسأله سؤالاً واضحاً جداً، فيريد منه رأيه: نعم أم لا.
يقول كعب: فسكت.
أي: المرة الثانية، ثم قال: فعدت له فنشدته.
أي: في المرة الثالثة، ثم قال أبو قتادة: الله ورسوله أعلم.

أي: لا أدري، وهي كلمة رهيبة جداً، أي: أنه لا يعلم إيمان كعب، فهو يشك في إيمانه وليس واثقاً منه، وكان هذا أشد على كعب من السكوت، فتمنى أنه لم يتكلم وبقي ساكتاً، لكن أراد أبو قتادة أن يبعد كعباً عنه تماماً؛ وذلك حتى لا يصر على كلامه، فأقفل عليه الباب وقال له: الله ورسوله أعلم.

وفي هذا استجابة شديدة لأوامر الله تعالى، وأوامر الرسول ﷺ ، استجابة إلى درجة عظيمة وعالية، مع أنه أحب الناس في المدينة إلى كعب بن مالك بعد رسول الله ﷺ ، يقول كعب: ففاضت عيناي.

أي: أنه لم يقدر على التحمل، فقام والألم والحزن والاكتئاب يعتصر قلبه، وقد استمر هذا الوضع خمسين ليلة، ولاحظ كل هذه الاستجابة، وكل هذه الطاعة، وكل هذه المقاطعة إلا أنهم بعد خمسين ليلة من المقاطعة صدر الأمر الإلهي بالعفو عن الثلاثة الذين خلفوا،
وهنا رفع الحظر عنهم،
وسمح لأهل المدينة بالحديث معهم.

... يتبـــــــــ؏...


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 02:07 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا