منتديات مسك الغلا | al2la.com - هكذا ذلتني المعارك

خرجت غاضبا و الغاضب تخونه المفردات و العقل والفؤاد ينظران ماذا دهاه هذا الخارج في يوم شديد الحر؟
حتى الحصان مذهولا من هذا الذي يلملم عدته وعتاده سريعا ويعتلي صهوته ويدفعه لينطلق نحو المجهول وسط صحراء قاحلة لا تجد فيها إلا عواصف رملية تشبه رقصات الجن .
نزلت عن جوادي والعطش قد بلغ مني وأمام خيمة العشق رأيت في وجهه علامات الزمن القاسي و العمر الفاني في حل النزاعات ورد الشبهات فبادرني قائلا: وأنت أيضا؟ ونحن الذي نظنك عاقلا! وتحمل السيف وتغزونا بخيلك وسط النهار؟ ألن تكبروا أيها السهم حتى نميتكم صغارا وندك عقولكم الخاوية كبارا؟ ماذا جئت تفعل هنا؟
أشربة ماء تطلب وأنت تحمل الشر في عينيك؟ أجئت بمثل ما جاء به من سبقوك؟
تغزون الحب في عقر داره وترمونه بألسنتكم وكأنه سبى نساؤكم وأذل رجالكم؟

لسنا نحن من فعل بل ابحثوا في وديان الذل والهوان عن غريمكم فلم ولن نلطخ سيوفنا بدماءكم التي باتت تشبه الماء لضعف بصيرتها وخوار عزمها .
ما الذي تفعله هنا ؟ أتريد أن تقول بأن أحد من أهلك أو صحبك قد رميناه بسهام العشق فهو يصارع للخلاص من شباكنا ؟ أنتم تكذبون ولا تخجلون وترون ولا تبصرون وفيكم من التعجرف ما يقودكم إلى مضاربنا غزاة وأنتم معتدون لا ترون الحق إلا حيث تجدون أنفسكم المليئة بالملذات.

ولكنني لن أدعك أيها السهم تخرج من هذه المجازفة كما تريد أن تكون بل إني سأجز ناصيتك وأعفو عنك . هذه ستحفظها لي لأنني لم أرميك بسهمي فأرديك قتيلا.
اخبر قومك أيها السهم الأخير أن الحب بريء من مغامراتكم الهزيلة . أخبرهم بذلك فما تركتك ترحل إلا لتخبرهم وإلا فما كنت أبالي بهجوم أمثالك ليعرفوا حقيقة هم نسجوها بزيفهم على هواهم.

ارحل عنا فقد دفعك الطيش لأن تغزونا في عقر دارنا وتجرد علينا سيفك وتغزونا بخيلك بجريرة غيرنا . ابحث عن من رمى بكم وبأحلامكم في هذا الوادي السحيق ولا تعد إلى مضارب الحب فنحن لا شأن لنا بكم وبألاعيبكم .
قلت وأنا أحاول الهجوم : أتسمونها ألاعيب وقد ذهب الكثير من شبابنا وبناتنا وضاع من ضاع باسم الحب والعشق؟ أتتجردون من جرائمكم ونحن شهود عليكم ؟
دفع الحب جواده نحوي وأسقطني بضربة من درعه فوقعت على وجهي وعفر وجهي بالرمال الحارقة وهو يقول : قد ألزمتك الحجة فارحل عنا أيها السائر إلى حتفه فلا يفيدنا قتلك في شيء ونحن لا شأن لنا بما تسمونه عشق وحب وهو لا يتعدى ملذات عابرة . ارحل واخبر قومك بذلك ولا تجبرنا على قتلك وأنت عطشان في مضاربنا فلا قبل لك بنا ولا نجد لك عزما ولا قوة لتواجه بها نفسك وقومك .
رجعت إلى قومي ممسكا بسرج جوادي وقلبي وفؤادي ينظران إلي ويقولان : لقد كان بوسعهم قتلك ولكنهم أرادوا تأديب غيرك بجز ناصيتك وقد كنت قادرا على أن تجنبنا هذا الذل.
نظرت إليهما والدم والرمال يغطيان وجهي وشعر رأسي وقلت: هذا ديدن العملاء . أنتم من اتهم القوم ظلما وما خرجت إلا من أجلكم وتخفون عني ما تفضحه سيرتكم فسحقا لعز تتغنون به يا أكذب المخاليق. انصرفا عني قبحتما من رعاع لا يشد بهم ظهر ولا يؤخذ منهم قول جزل.
وأنا أمسح وجهي رأيت الحب ممتطيا جواده يراقبني من بعيد ويرفع يده ويرحل وكأنه يقول لي : سيخذلك كل الذين لا هم لهم إلا إشباع رغباتهم .
ورحلت أنا أيضا فلا مقام لي بين قوم جُزت ناصيتي وعُفر أنفي في التراب من أجل التستر على عبثم ولهوهم .

اهداء لكل الذين يسلبون الحرائر شرفهن باسم الحب والعشق