|
إضافة رد |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
05-31-23, 04:32 PM | #1 | |||||||||||
|
في الطريق إليك ... بقلمي
اطرق على الطاولة بأصابعي ، أشعر بنظراته تخترق ظهري ، أحاول الأ التفت ، لنصف عام ! أحاول الأ التفت ! تخونني صلابتي لثواني فيميل رأسي جانبا ، وتهرب مني نبضة متسارعة ، أغمضت عيناي ، انقذني صوت رقية اللاهث : - اسفة ، اسفة ، أخذت نسخة من محاضرة نور وتأخرت ، الإمتحانات على الأبواب ، اشعر أن قلبي ، الخ الخ الحقيقة أن ملامحي تبدو وكأنها مع رقية ، لكن اذناي مع صوت الكرسي ووقع الأقدام القريب منا ، يتجاوز طاولتنا ككل مرة ، لا ادري ما الذي دهاني لترتفع نظرتي وتخترق بؤبؤ عينيه مباشرة ، توقف الزمن للحظات قبل أن ارمش بخجل و شفتاه ترتفعان بشبه إبتسامة خطفت لبّي ! قرصة أحرقت يدي مع صوت همسات رقية ، كم انا غبية ! لملمت رقية الكراسات بخفة وهي تنتزعني بقوة ، ستأخذني للأستجواب أنا متأكدة ! عدلت عباءتي وغطاء وجهي و قبل أن اجلس حتى هاجمتني بأسئلتها ! - أنتِ وذاك ؟ منذ متى ؟ هل تحدث معك بشيء ؟ وقبل أن تكمل حتى ، أجبتها بصدق . - رقية لا شيء بيننا صدقيني ، تعرفين ماهي ظروفي ولماذا أنا هنا ؟ لن اتخلى عن حلمي من أجل أي مشاعر سخيفة ، سأتجاوز هذا ، فقط أحتاج الوقت الكافي لذلك . أكره نظرة الشفقة التي ترمقني بها رقية ، كالتي تعلو وجهها الان ، أحيانا أندم أني اخبرتها بقصتي ، بكفاحي الطويل ، في مجتمع يرى فيه المرأة آلة للخدمة والزواج لا أكثر ، لا حق لها بالعلم او ان تقرر اي قرار يخص حياتها ، لازلت أتذكر في كل ليلة ، همسات الأفواه حولي ، الشائعات عن تمردي وعنادي وسلاطة لساني ، خوف الأمهات على بناتهن مني ، نبذي في مجتمع يكره كل من يخالف قوانينه ، لم يكن لدي أي خيار ، كنت قد قررت ما أريد منذ زمن طويل ، كنت أعرف مشقة طريقي ومع ذلك كانت خطواتي ثابتة ، واثقة ، حين يأست وبعد أن تم قمعي لمئات المرات ، أقفلت باب غرفتي لأيام لا آكل لا اشرب لا اتكلم ، في أول يوم إنهارت أمي ، ثاني يوم إخوتي ، ثالث يوم كان والدي ! اشفقت على نفسي في ذلك الوقت ، لم يكن هناك طريقة لإقناعهم غير تلك الطريقة ، آمن بي والدي بعدها وارسلني إلى المدينة لأكون طبيبة كما تمنيت ! والدي تاجر اسلحة ومواشي ، عنيد وصعب المراس ، ربما أنا أكثر ابناءه شبهاً به صفات وملامح ، لذلك لم نتفق يوماً ، لم يجمعنا سوى حرب طاحنة ما بين إثبات الذات وما بين أن يجعلني تحت سيطرته ، أظن أن معاركنا تلك أثبتت له كم أن الزواج لا يناسبني ، على الأقل ليس بتلك الطريقة التقليدية ، ولا أظن أن كبرياءه وسمعته ستسمح لي أن اتزوج شخص أحبه ، هذه الحقيقة جعلتني اشد على قلبي بقيود واهية ، في طريقي هذا لا مكان للحب ، برضاي او رغماً عني . توقفت خواطري على صوت الأعيرة النارية ، هذه الأيام الشارع ليس آمنا ، المظاهرات في كل مكان ، وجامعتنا كمثل الجامعات الأخرى موقد مشتعل لها ، طاقة الشباب والأحلام الوردية للمستقبل تجعلنا أول المنزلقين إلى هذه الهاوية ، لا يعجبني هذا وفي اليوم الذي فيه شغب اتغيّب . الحقيقة لا اهتم بمن يحكمنا او ماهي دولتي وحدود ارضي ! لا يهمني ! فقط اتمنى أن يعمّ العدل والسلام ، ويأخذ كل شخص حقه بغض النظر عن عرقه وجنسه و لونه . - فلنذهب رقية ، قد يقفلون الطريق إذا تصاعد الوضع ! امسكت يد رقية بلطف ومشينا ، كانت باردة ، اشعر بخوفها كما في كل مرة ، أنا لم أكن خائفة ، تعودت غالبا ، أتعجب من أمرها ، في كل مرة يزداد خوفها أكثر ، على عكس توقعي كانت قوات الأمن تطوق الحرم الجامعي، عرفت من الهمسات أن هناك حملة إعتقالات ، يحصل هذا كل شهر او شهرين ، يأخذون المنظمين او من لهم شعبية وحضور لبضعة أيام ثم يعيدونه جثة هامدة ، او بعاهة ابدية ! لأول مرة كالشرارة اشتعل الخوف داخلي ، حين عدت خطوة للوراء بدأت بعيش أصعب وأبطء لحظات حياتي إلى الآن !!! سيطر الفزع على كل حواسي ، شعرت بيدي ثقيلة ، وجسد رقية يتشبث بي ، رأيت الدماء تتفجر منها ، سمعت صوت أنين يخرج من بين شفتاي ، زحفت بها خلف خرسانة على جانب الطريق . - رقية ، رقية ، انظري لي ، أين اصبتي ؟!!! اشعر برطوبة على جانب فكي ، لم اعد ادري هل هي دموع ام عرق ، أم اصابة ما بي انا الأخرى ! اتحسس ثياب رقية ، ابحث عن جرحها ، مزقت عباتها ، فخذها ينزف كالشلال ، شهقاتها تكاد تمزق حنجرتها ، بدأت بالنواح حين ربطت على جرحها بطرف عباءتها ، تفجرت الأصوات خلفنا ، حضنتها وأنا احشر جسدي خلف الخرسانة ، العودة للخلف أو الأمام الآن يعني الإنتحار ، الموت يحاصرنا من كل مكان ،سكنت حواسي وشعرت انها النهاية . - سارة ! سارة ! صوت النداء في أحد الأزقة على يساري ، أنه هو ! نبضة أخرى تسارعت في غير وقتها ، بصوت جاف كأنه صوتي أجبته ، توقفت انفاسي وهو يضع يداه على رأسه ويجري نحوي ، الرصاص يتساقط عليه كالمطر ، لا أصدق، يصل امامي ولم يصبه أي شيء . - سنحملها معا ، حين أعد للثلاثة سنتحرك سريعا . توقفت كلماته حين رأى عيناي ! لطالما أخبرني والدي بذلك في إحدى معاركنا " الحوارية " ، عيناك واضحتان ، كل ما تريدين قوله ، اراه من خلالهما . - ستكونين بخير ، ثقي بي ، نحن هنا ميتين علينا أن نحاول ، بضع خطوات فقط وسينتهي كل هذا ! هززت رأسي وكلماته الدافئة تطمئنني ، لأجل رقية ، ولأجل حلمي ، ثم لأجله هو ، لأجل حبي - واحد ، اثنان ، ثلاثة . كانت تلك أصعب ثلاث ثوانٍ في حياتي ، كل تلك المصاعب التي اتشدق بتجاوزها بيني وبين نفسي محتها هذه الثواني ، وكأننا ما بين الحلم والحقيقة ، ما بين الحياة والموت ! في الزقاق رميت نفسي واحتضنت رقية طويلا ، رقية التي يزداد حالها سوءا كلما مرت الدقائق ... وكما تأتي اللحظات الصعبة بدون سابق إنذار فإنها تنتهي كما بدأت ، لا أتذكر سوى صوت سيارة الإسعاف وصراخ هنا وهناك ، فقدت الوعي ، وحين فتحت عيناي ، سألت عن حال سارة ، جرحها ليس خطيرا لكنها نزفت كثيرا ، ستتحسن ، كان كل شيء كما يجب ، بخير أكثر من اللازم ، عدا داخلي الذي يكتوي يوم بعد آخر ، لقد اختفى دون أي أثر ! اغلب الظن أنه في السجن ، هذا ما اخبرتني إياه رقية بعد أن عادت حياتنا كما كانت ، من يختفي فجأة هكذا مؤكد امسكوا به ، ولن يخرج في الوقت الحالي وربما .... للأبد ! وكأني ولدت من جديد ، المواقف تغير فينا الكثير ، ومع توالي السنين أصبحت استمع لقلبي أكثر من قبل ، كأني أحاول مداراة ندمي على ما فعلته به ، كأني انتظر فرصة ما أعوض فيها ما انساب من بين يدي تلك اللحظة ، أحدث نفسي ، ربما لو التقيت به يوما ما لن اتركه ابدا . في يوم ما حين ظننت أني تناسيت ، أطرق على الطاولة بأصابعي ، اشعر بنظرات تخترقني ، التفتت بسرعة لتتقابل نظراتنا طويلاً ، ذكرتني بتلك اللحظة قبل سنين غير هذه المرة كنت انا من ابتسم ... | |||||||||||
|
05-31-23, 04:39 PM | #2 | |||||||||||
|
السلام عليكم... احم محاولة كتابة أول قصة عاطفية لي حصرية لمسك ^^ اتمنى نقد حقيقي جزيل الشكر لكل قارى سواء علقت ام لا | |||||||||||
|
05-31-23, 05:12 PM | #3 | |||||||||
|
لي عوده أخت نجمه لم أكمل بعد القراءه
| |||||||||
|
05-31-23, 06:16 PM | #4 | ||||||||||||||
|
قصة جميلة وبداية موفقة طريقة لطيفة في السرد تجعل القارئ يستمر حتى يعلم النهاية يعطيك العافية غاليتي ربي يحفظك يختم ل3ايام مع التقييم | ||||||||||||||
|
05-31-23, 06:18 PM | #5 | |||||||||||
| | |||||||||||
|
05-31-23, 08:56 PM | #6 | ||||||||||||
|
انسيابية رائعة .. وتدفق طبيعي وتلقائي للمشاعر ناقشت في العمق ما هو مقدر للإنسان ووجوب الاعتقاد والإيمان به ، مما يدفعنا للتأمل في الحياة ومصيره المقدر له في علم الله دون أن يستطيع معرفته أو تغيير مساره .. وبفنية أدبية متميزة بنت الساردة - نجمة - قصتها على عدة حالات تجتاح الذات الإنسانية تتأرجح بين التناقض والانسجام ، بين الرغبة والرفض ، بين الجرأة والتراجع .. بين قوة الذات وسلطة المجتمع ... جميل ما كتبت وأبدعت .. | ||||||||||||
|
إضافة رد |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
| أصدقاء منتدى مسك الغلا | | |||||