ولكي تختار هدفك لابد أن تجيب عن سؤال: لماذا خلقك الله؟
العلماء على مر التاريخ سألوا أنفسهم هذا السؤال، ولم يصل أي منهم إلى إجابة واضحة، وكانت الإجابة الدقيقة موجودة في الإسلام.
أفلاطون قال – معاذ الله – (إن الله سبحانه خلق الكون ثم نسيه).. فكانت الآية الكريمة: (وما كان ربك نسيًَّا). فالذي يُنْزِلُ قطرة المطر لتذهب إلى فَمِ كائن بعينه أو نبات بعينه، لا يمكن أن يكون نسياً.
ويجيب كارل مار** – معاذ الله - : (أراد الله أن يلهو ويلعب فخلق الناس لتتصارع).. تقول الآية: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون).. فتعالى الله الملك الحق.. لا يصدر عنه العبث أبداً.
إرضاء الله أولاً
و يجيء شاعر مثل إليا أبو ماضي فيقول في قصيدة "الطلاسم":
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرت قُدَّامي طريقاً فمشيت
وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيتُ
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري.
لو عرف الشباب لماذا خلقهم الله تبارك وتعالى.. فسيحددون أهدافهم بطريقة صحيحة. وسيكون أوضح وأجمل رد على هذا السؤال في القرآن: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ).
إنَّنا نمارس حياتنا بشكل طبيعي، ويكون هدفنا في النهاية إرضاء الله سبحانه وتعالى.
والإسلام استوعب كل مجالات الحياة: أن تتزوج، أن يكون لك أطفال، أن يكون لديك مال، أن تتعلم. حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالح".. وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله".. و "من بات كالاً من عمل يده بات مغفوراً له". فاحرص على أن يكون هدفك في النهاية هو إرضاء الله سبحانه وتعالى.
وعد الله لأصحاب الإرادة فقط
ما أهمية أن يكون للإنسان هدف؟
الإنسان الذي بلا هدف ساكن في مكانه. الدنيا تتحرك مِنْ حوله: الشمس تجري لمستقر لها، تعرف إلى أين تتجه بدقة. المجرَّات تتحرك. الكون كله يتحرك. وأنت ساكن مكانك. بل إنك في داخلك تتحرك. خلايا جسمك تتجدد وتتكاثر بآلاف كل يوم، فكيف تظل ثابتاً في مكانك رغم كل هذا؟ لهذا ستشعر بالغربة في الكون، تتطور إلى اكتئاب.
وهذا حال المسلمين الآن.
الدنيا كلها تتقدم، ونحن بلا أهداف. الأمم كلها تجاوزتنا، لأن الجميع يتقدم ونحن ساكنون في مكاننا، سواء على مستوى الأفكار أو المخترعات. لا أحد يحدد لنفسه هدفاً، ويسعى إلى تحقيقه ويُصرُّ عليه، إلا حققه. والآية الكريمة تقول: ( ومن يُرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يُرد ثواب الآخرة نؤته منها) ، قال سبحانه: (يُرد) من الإرادة، ولم يقل يتمنى.. مَنْ يُرد..نؤته..ذلك وعد من الله سبحانه.
هدف الإمام النووي
تذكر نماذج من أصحاب الإرادات الذين حققوا أهدافهم؟
الإمام النووي مثلاً، كان لديه هدف في الحياة، هو أن كل المسلمين على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الفكرية يستوعبون سُنّة النبي صلى الله عليه وسلم ويحبونها، ولذلك عمل منهجاً عاماً يصلح لكل المسلمين، فكتب كُتيِّباً صغيراً اسمه (الأربعون النووية) للمبتدئين. وكتب كتاباً آخر اسمه (رياض الصالحين) للمتوسطين في الثقافة والعلم. ثم كتب (شرح صحيح المسلم) للعلماء والمتفقهين في مجلدات كبيرة. كأنه منهج دراسي.. وعاش النووي 40 سنة فقط ولم يتزوج.
طموح عمر بن عبد العزيز
عمر بن عبد العزيز الذي حقق هذا النجاح العظيم، حتى أُطْلِقَ عليه خامس الخلفاء الراشدين، يقول عن نفسه: ( إن لي نفساً طوَّاقة). أي نفساً طموحة. ويقول: (اشتقت يوماً أن أتزوج فاطمة بنت عبد الملك لنبني بيتاً للإسلام فتزوجتها، فاشتقت بعد ذلك أن أكون والياً على المدينة لأحكم في مدينة رسول الله بالعدل فصرت والياً على المدينة. فاشتقت بعد ذلك أن أكون خليفة للمسلمين لأحكم كما حكم الخلفاء الراشدون، فصرت خليفة المسلمين. واليوم إلى ماذا نشتاق يا عمر؟.. (أشتاق إلى الجنة).
محمد الفاتح – 26 سنة – وضع هدفه: فَتْح القسطنطينية، وحقق الهدف المستحيل.
حلم حاكم الأندلس
في الأندلس كان هناك رجل اسمه "مروان الحمَّار" يقوم بنقل الناس من مكان إلى مكان على حماره. جلس يوماً ومعه اثنان من زملائه الحمَّارين، فقال لهما: هل يقول كل منكما أمنيته؟ قالا: وما أمنيتك؟ قال: أمنيتي أن أكون حاكم الأندلس، فتضاحكا عليه، قال صديقه الأول: لو نجحت في الوصول إلى هدفك اجعلني كبير الحمَّارين. وقال الثاني: لو نجحت ركِّبني الحمار بالمقلوب وخلي الناس تضحك علىَّ.
ومَرَّت الأيام والتحق (مروان الحمّار) بالشرطة وتدرب وتَرَقَّى حتى صار رئيس الشرطة ثم أصبح وزيراً ثم حاكماً اسمه"الحاجب المنصور" وقاد الأندلس كلها، ثم استدعى زميليه، الأول عيَّنه كبير الحمًّارين كما تمنى، والثاني أركبه حماراً بالمقلوب وقام بتجريسه.
إذن لابد أن تكتب على ورقة مواصفات هدفك:
1- أن يكون واضحاً ومحدداً وقابلاً للقياس.
2- أن يجمع بين الطموح والواقعية.
3- أن يكون الهدف مفيداً للمجتمع كله وليس للشخص فقط.
4- أن تكون مؤمناً بالهدف إيماناً لا ينقطع كإيمان النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لأبى طالب: " والله يا عَمُّ لو وضعوا الشمسَ في يميني والقمرَ في شمالي على أن أَتْرُكَ هذا الدين ما تَركْتُه حتى يُظْهِره الله أو أَمُوتَ في سبيله".
كيف تحقق هدفك
ما الصفات التي يجب توافرها في الإنسان حتى يحقق هدفه؟
1-التوكل على الله
2- الأمل والتفاؤل.
3-الصبر القوي.
اصبر ولا تيأس ولا تتعجل. يأتي (خَبَّاب بن الأرت) إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحبو ويقول له: يا رسول الله ألا تدعو لنا، ألا تستنصر لنا. لقد تعبنا. فيغضب النبي ويحمرَّ وجهه ويقول: " إن من كان قبلكم كان يُنشر بالمناشير لا يَرُدُّه ذلك عن دينه. والله ليُتمَّنَّ الله هذا الأمر ولكنكم تستعجلون". النبي صلى الله عليه وسلم ظل يحاول إقناع القبائل عشر سنوات في 26 محاولة حتى ذهب إلى المدينة.
4- بذل مجهوداً غير عادي.
فهدف بلا مجهود = أحلام.
ومجهود بلا أهداف = وقت ضائع.
وهدف + مجهود = تغيير الدنيا.
5- قدرة على تخيل تفاصيل الهدف.
أهداف مرحليةكيف نخطط بطريقة علمية صحيحة لتحقيق أهدافنا؟
لكي تحدد هدفك، اذهب إلى مكان هادئ، واكتب كل أحلامك التي تتمنى أن تحققها. في ورقة أخرى اكتب نقاط القوة فيك ونقاط الضعف بصراحة. ومن بين نقاط قوتك وضعفك، سوف تصل إلى هدفك. قم باستشارة من تراه أهلاً للثقة ودعه يساعدك ويناقشك في اختيارك لهدفك. قم بتحويل هدفك النهائي لأهداف مرحلية.. قم بتحقيقها واحداً بعد الآخر وعينك على الهدف النهائي.
حدد لنفسك خطة زمنية لتحقيق هذه الأهداف المرحلية. هذا هو التخطيط.