بين القلم ولوحة المفاتيح http://1.bp.blogspot.com/_m1yNgYT4sV...eb-writing.jpg انتصف الليل ونهض ذلك الكاتب المعروف من على مكتبه ، ليأوي إلى النوم ، وأغلق باب حجرته وراءه وقد ترك جهاز "الكومبيوتر" مفتوحاً وعلى منضدته يقبع ذلك القلم القديم. وما إن خرج الكاتب حتى تراقصت أزرار لوحة المفاتيح في جزل صبياني ، ثم اتجهت ناحية القلم وتحدَّثَت إليه بلهجة يعلوها التهكم والسخرية : أما زلت تقبع هنا في ذلك المكان؟ فلم يجبها القلم ، فاستطردت : لا أدري لِمَ يحتفظ بك الكاتب في حجرة مكتبه ، لقد عفا عليك الدهر ، ولم تعد لك فائدة تُذكر ، قد انتهى عصرك. بدت حركة من القلم تنم عن غضبه ، إلا أنه لم يتكلم ، فتابَعَت بعد ضحكة مدوية : أتعلم ؟ كان الواجب أن يضعوك في متحف للآثار ، تكون مجرد ذكرى من الماضي ، يتردد عليك الزائرون. تحرك القلم حركة عنيفة ، إلا أنه لم يزل في نطاق الصمت ، فواصَلَت حديثها التهكمي المستفز ، وهي تطلق ضحكات هستيرية : ما رأيك في فكرة الانتحار ؟ وبعدها يأتي الخبر على صفحات الجرائد والصحف الالكترونية يقول : انتحار قلم يئس من حياته ، قالتها وقد انبعثت منها ضحكات متتالية قطعها صرخة القلم : كفى. أرادت الاستطراد في حديثها ، فكرر القلم في عنف : كفى ، قلت كفى ، ما هذه الغطرسة التي تتحدثين بها ، لِمَ كل هذا القدر من التعالي ؟ بدأت تتكلم اللوحة بهدوء ترد على سؤاله : هذا حقي ، العصر عصري ، وهذا أواني ، استخدامي هو الأسرع ، هو الأكثر اتقانًا ، هو الأقدر على التحكم في الشطب والتعديل ، وإمكانات عالية في اللون والتنسيق واختيار مختلف "الفونتات" ، هل تريد المزيد ؟ أجابها : كلا أعلم كل هذه الميزات جيدًا ، ولا أنكرها ، وأعترف وأقر بها ، فلماذا لا تعترفين بي ؟ أجابت بكلمات متقطعة ممطوطة تحمل قدرًا كبيرًا من السخرية : أعترف بماذا ؟ أنت مجرد ماضي. القلم بحزم : قلت كفي عن السخرية ، وأصغي سمعك إليَّ إذاً ، حتى تعلمي أنك لم تحتكري العصر ، فقالت باهتمام مصطنع : كلي آذان صاغية يا فيلسوف. تجاهل هذه المرة وهو يقول : أعلمت أن القلم هو أول مخلوق خلقه الله ولا فخر؟ أعلمت كم من أحقاب وآلاف من السنين مضت علي وما زلت باقيًا ، مرت علي عهود وأمم شتى ، قد سجلت عبرها التاريخ الذي تستلهم منه خارطة الطريق لهذه للأمة ؟ بدأت تضطرب في حديثها ، وقالت على استحياء : نعم. فاستطرد : أخبريني ، إذا ما وصفوا براعة الكاتب ، ألا ترين أنهم يقولون : صاحب القلم السيال ، صاحب القلم الرشيق .... أعلمت ذلك ؟ صمَتَتْ برهة ثم همَسَتْ بكلمة : نعم ، في خفوت لكنه تابع حديثه : لو أن الكاتب قفزت إلى ذهنه فكرة وهو على سريره أو في طريقه ، أكان ينتظر حتى يفتح الجهاز ويضرب أزرارك للكتابة ، أم أنه يمسك بي بين أصابعه ويدون فكرته في الحال ؟ فلم تنطق اللوحة ، فتابع القلم : أرأيت لو أن التيار قد انقطع ، هل سيكون لك فائدة حينذاك ؟ أرأيت لو نضبت الطاقة من الأرض ، وفقدت مقومات حياتك ، هل سيكون لك وجود في عالم الكتابة ؟ هنا قالت اللوحة بصوت هزيل بعد فترة من الصمت : الحق معك ، لقد أعماني بريق الشهرة عن رؤية هذه الحقائق ، أنا فعلا جد آسفة ، كنت مخطئة. هنا ارتسمت معالم الهدوء على حركة القلم ، وقال :أتعلمين ؟ أنا وأنت يكمل أحدنا الآخر ، أنا أمثل الأصالة وأنت تمثلين المعاصرة ، وهما أساس نهضة هذه الأمة ، والتي لا يسوغ لها الوقوف عند ذكرى تراثها ، أو الاستغراق في المدنية دون خلفية تاريخية تكون مدادا لصنع حضارتها. تحركت أزرار "الكيبورد" في هدوء تعبيرًا عن الرضى بهذه الحقيقة العادلة. _ |
الموضوع شدني اليه بالفعل موضوع بمنتهى الرشاقه في سرد الكلمات احسنت لاختيارك الرائع ( اقرا وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم ) |
سلمت يداك ع الطرررح الجميل ننتظر جديدك بكل شوووق |
الموضوع يستحق تميز وخمسه نجوم وتقييم عالي شكرا لك تقديري واحترامي |
طرح في غايه آلروعه وآلجمال سلمت آناملك على الانتقاء الاكثر من رائع ولاحرمنا جديدك القادم والشيق ونحن له بالإنتظار,,~ |
اقتباس:
تسلمين يالغلا نورتي هنا بمتصفحي المتواضع ورده لروحك ,,, |
الساعة الآن 12:16 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا