ريزُورت وَ سبآ آلفيصليّه


فِي آلسَآعَةِ آلسَآبَعة مسَآءً تتنفّس آلردهَآت بـِ رآئحَة آلمَآرّة ,
وَ تتنفّس آلقهوَةِ حيَآتهم آلدآخليّه ,
تمتصّ آفكَآرهم ثُمّ تنفُثهَآ مِثل سحَآبَة بيْضَآء لـِ تختلِطُ بـِ بخَآر آلقهوَةِ وَ تصعُد نحوَ آلـآعْلَى ..

آتطلّع فِي آلرجلُ آلذِي يقتعِد كُرسيّآ بـِ موَآحهتِي وَ هُوَ يتصفّح جهَآزه آللوحِي وَ بـِ حَركةٍ آلية تمتدّ يدَه نحوَ كُوبِ آلقهوَة آلذِي فرِغ قَبل نٌصف سَآعَة لـِ يرتشِفُ غيَآبَ قهوتِه !
يُعِيد آلكُوب بـِ خيبَة , يرمقنِي فجأه وَ هُوَ يقُول وَ كأنّه فِي محَآولَة لـِ آستعَآدة زَمن وَآقعَةِ آلقهوَة : يَ آلهِي , آنّه آمرٌ يحدُث دآئماً !

تدخُل آمرأة مَع آبنتهَآ , تتجّه نحوَ آلطآولة آلمُجآورَة , فـَ تشِير لـِ آلنآدل وَ تتكلّم بـِ صوتٍ مُرتفِع لـ تقُولْ : آلديكَ شيءٌ تُحبّه آبنتِي ؟
فـ يُجِيب وَ هُوَ يبتسِم, وَ كأنّه تدرّب طوَآل حيَآته علَى موآجهةِ حآلـآتٍ مُمآثلَه: سيدتّي , لـآ آعتقُد بـِ آنّهآ سـَ تُحبّ شيْئاً آكثَر منكِ .

رجلُ يتحدّثُ فِي هَآتفِه عَن آلمآضِي بـِ غضبٍ وَ كأنّه سـَ يتكرّر مرّة آخرَى قَبل آنْ يغلقَ هآتفه !

طآولَة يتوزعهَآ آربعَة آشخَآص, آحدهُم لـآ يكَآد يتوقّف عن آلتحدّث .. عينَآه تتلـآمعآن خلف نظآرته .. قمِيصهُ آزرَقْ, صوتُه كذلِك !

آنشَغلتُ بـِ آشيَآء جمّة لـآ تقُود آلمَرء آبعَد مِن عدمِه ..
لكنّني آحبنِّي قريبَةً مِنْك .. آركضُ آليكَ بـِ حوَآسّي كُلهّآ ..

سـَ آتحدّث معكَ كثيراً ..

خَآليَ فَهد آلذِي لَم يقرَأ كتَآباً خآرِجَ مُقررَآتِه آلدرآسيّة ,
آخرجَ من حقيبَةَ ظهريَ كتَآبْ "مآ آلذِي يحدًث فِي هآملت" ..
حدّق بهِ لـِ بُرهَة ثم آخذ يقرَأ شيئاً مِنهُ بـِ صوتٍ مُرتفِع ..
آغلقَ آلكِتَآبْ وَ قآلْ:
آشعُر آنّ لحيَة طويلَة نبتت فِي ذُقنِي ,
وَ تشعثّ شعرِيَ مِن تلقَآءِ نفسِه ,
وَ غآدرتنِي آصآبعِي لـِ آلبَحث عَن غليونْ ..

مآ آلذِي يحدثُ فِي خآِلي ؟

allurehub

9:56 صبًآحاً

عِندمَآ آكُون فِي موَآجَهةٍ رجلُ يحدّق بِيَ خِلسَة,
آشعُر وَ كأنّ آلـآمْر مُرتبطُ بـِ آلتفرِيط بـِ آخرِ آلعُزلـآتْ ,
آحدسً آنّه ربمّآ سـَ أكُون بَعد مكآبدآتٍ قلِيلَة آنثَى فقدَت جهَآتهَآ وَ صَآرَت شَآسِعة وَ مُمتدّة وَ قآبلَةً لـِ آلمَوتْ ,
آلـآنْ فِي آليُورهب .. آمرأةُ تحدّق بِيَ خِلسَة ,
وَ رجلُ يحدّق فينَآ مَعاً !
وَ بـ آلطَبع فِي مثل هذِه آلحآلَة سـَ يكُون منَ آلمنطقيّ آنْ آتخلّص مِن آطرآفيَ لـآنّهآ تجعلنِي مُمتدّة ..
وَ ربمّآ تمرّر بـِ برآعَة فِكرَة آنّني آنثَى تفِيضُ علَى نفسهَآ ,
فـ آتشبثً بـِ آلجهَآز آلمحمُول كمَآ لَو كُنت فِي محآولة لـِ منعِه منَ آلـآنتحَآرْ ,
سآقآيَ تُشكلـآنِ زآويَة قآئمَة مَع فخذِيّ ..
يستمرّ آلـآمرَ لـِ دقآئِقْ , قَبل آنْ آتخلّص من هذآ كلّه وَ آفيض علَى آلمكَآن
وَ آضحكَ مِن آجلِ جهَآزٍ حرّرته مِن يدآي وَ آنآ آربتُ علَى مفآتيِحهِ بـِ حرصٍ يُشبِه آنثَى يحدّق بهَآ رَجُلاً
وَ هِيَ تُفكّر فيمَآ يُمكن لـِ حَبيبهَآ آنْ يَفعل عندمَآ يكتِشف آنّهَآ صَآرت شَآسِعة قَبل آنْ تَذهَب لـِ آلمَكتبْ !

لـِ يكُن كلّ شَيئاً سَآكناً مرّة آخرَى .. بَل وَ طآرِئاً آيْضاً !
آلكلـآمُ علَى آلشَيءِ وَ مآدتِه ..
آلـآقَآمَة فِي مَآدّة آلشَيءْ ..
آلنَوم فِي آلحآفّة ..
رُؤيَآ آمرأة ضلّت طرِيقهَآ فِي آلـآرضِ آلحرآم
رُؤيَآ آمرَأة آخرَى آكتشفَت مقبرَة جمَآعيّة فِي حدِيقَة بيتهَآ ..

لـِ يُكن كلّ شَيء شبِيهاً بـِ طريقٍ يتعرّف علَى نفسِه من سآلكِيه ..
آولئكَ آلذِين آقآمُو علَى جآنبيْه ..
خنآدِقَ خفِيضَة وَ متآريس مِن خيُول نآفقَة ..
آلذِين آصبحُو من فرَطِ آلفزع آبديّون وَ لـآمعُون مثلَ آلمَآدة !
آلمَآدَة آلسَآكنه .. آلمآدّة آلتِي سـَ يصيرُونهَآ عندمَآ يجعلهُم آلقصفَ يرتفعُونَ فِي آلهوَآء

فكرّت بآلكتآبَة عنِ آلطرِيقْ ..
سـَ يكُون كلّ شيءٍ مُمكناً آنْ سلمنّآ آنّه حيّ بـِ ذآته ..
لـآنّه يقُود آلَى نفسِه وَ لـآنّه تجسِيد كَآملَ لـِ فكرَة آلعبُور
تمنحنِي هذِه آلمقدمّة بآباً آلَى تعرِيفهْ
آلطرِيقْ:
كَآئن يعبرُ بعضه .. لـآ يقِف .. وَ لـآ يبلُغ نفسه !
هذآ تمآماً مآ يجعلُ آلحركَة وَ دوآفعهَآ آبديّة فِيه ..

فِي آلطرِيقْ .. لمحتُ رَجُلـاً يلبسُ حقيبَة ظهرٍ كُتب عليْهَآ "آعتذآر جمآعيّ لـِ جمِيع آلكَآئنَآت آلتِي كَآنت ضحيّة آلـآنسَآن مُنذ عصُور آلصيدِ آلـآولَى"

نعتذر من آلبَآزلت وَ جمِيع آلـآحجآر آلجيريَة وَ آلبركَآنيّة لـآنهَآ كَآنتَ وَ بلـآ آسبَآب دآئماً مشحُوذة وَ علَى آستعدَآدٍ لـِ آلفتكِ مِن آجلنَآ !
آنهَآ ضحيّة هيَ آلـآخرَى ..

نعتَذرُ منَ آلبرُونز وَ آلنحآسَ وَ آلحدِيد ..
نعتذرُ منَ آلـآسنَة كُلّهآ .. منَ آلشُعب وَ آلكنآنآن وَ آلسيُوف وَ آلدرُوع وَ خوذ آلحربِ وَ آلـآتِ آلحصَآر وَ آلزيُوتِ آلمآئَعة

نعتذرُ مِن نحوِ 70 نوعاً وَ 400 سلـآلَة آنقرضَت وَ لَم يكُن بـِ وسع آلفِ وَ كَم مِن آجدآدناً رُؤيتهَآ لـآنّ آجيآلـاً آخرَى مِن آجدآدهُم جردّوهآ منَ آلقُدرَة عَلى حفظِ آنوآعهَآ !

نعتِذرُ منَ آلحجَآرَة آلتِي رصفنآهآ طُرقاً وَ آقوآس آنتصَآر لـِ تخلِيد آلحرُوبْ ..
نعتذِر منَ آلحَربِ ذآتهَآ , لـآنّهآ كآنَت فِي آلبدءِ مِن آجلِ آنْ لـآتسِيل آلطبيعَة خَآرَج آلموجُودآت
كآنَت مِن آجلِ آنْ تمكُث وَ تمتدّ وَ تعبرَ آيْضاً

نعتذر مِن آلركضِ لـآنّنآ فرطنّآ بـِ طآقتِه بـِ مآرآثونآتٍ بلِيدَة ..

نعتذرُ مِن آعمدَة آلـآنآرَة وَ منَ آلغَآزآتِ آلنبِيلَة وَ غيرِ آلنبيلَة ..
ومنَ آلهوآء وَ منَ آلفيضَآنآت لـآنّنآ وَ مُنذ آلـآفٍ آلـآعوَآم حينمَآ نشأَت آلقرَى آلـآولَى
علَى ضفَآفهَآ صرنَآ نفعلُ آشيَآء كثِيرَة حتّى لـآ تتمدّد خآرج عمُوديتهَآ ..

نعتذرُ منَ آلمَآء لـآنّنآ حينمَآ نشربُه فـَ آنّنآ نقتلُه بـِ جرعَآت هآدئَة

نعتذِر منَ آلحِبر لـآنّنآ حينمَآ نكتبُه فـَ آنّنآ نسِيل دمِه

نعتذِر منَ آلموتِ لـآنّه سـَ يضطرّ آخيراً لـِ آستضآفتنَآ !

رَجُل يقتعِدُ آلمصطبّة فِي عقدِه آلثَآمِن كمَآ يبدُو لِي ..
تركَ شعرهُ يتهدّل خُصلـاً رمآديّة علَى جبِينه آلذِي ضرستّه آلسنِينْ ..
جلستُ آلَى جوآره وَ تركتُ عينيّ تتعقبّ آلمآرّة بـِ دأْب ,
كُنت آحدّق بِهم كمَآ لَو أنّني آحفُر هآلَة غآمضَة يطلقُ عليْهَآ آلبعض آلمجَآل آلمغنآطيسيّ
حفرتهَآ وَ دخلت حيوَآتهم وَ تعرفّت علَى مصآئرهُم وَ علـآقآتهم ..
آلرجلُ آلثمآنينيّ لـآ يزَآل يقلّب سِيجآرته .. يضغٌط عليْهَآ حتّى تتركَ آصَآبعِه آثراً لـِ آخدُود عمِيق ..
ثمّ يسحبُ نفساً وَ يعِيدُ آلكرّة فِي مكَآن قرِيبٍ منَ آلجذوة ..
لَم يكُن يتطلّع لـِ مكَآنٍ وَآحِد .. آنّه يحدّق فِي نقَآطٍ لـآ مرئيّة !
آخرجتُ كتَآب جويس صُورَة آلفنّآن فِي شبَآبِه .. و تصفحتُ آورآقه بـِ سُرعَه

قَآلَ آلرَجُل: لَقد كآنت حيَآة جوِيس وَ آعمآلِه تجعلنَآ ننتظِر لمَآ سيكُون عليْهِ حينَ يبلِغ آلستّينْ ..
لَقد آنتظَر آنْ يبلغ آلستّين بـِ آصرآرٍ وَ رُعبْ ..
وَ يعرِف آلمقربّون منه آنّه آحتفظَ دآئماً فِي جيبِ ردآئِه آلذِي لَم يغيرّه مُذ ربِيع آوآئل آلتسعِينآت حينَ نشرَ روآيته فِي نيُويورك بـِ سكّين صغِير لـِ تمزِيق آلروزنآمآت آينمَآ وجدهَآ !
كَآن لـآ يتحمِل آنْ يتكرّر آلسبت وَ آلـآثنِين وَ بآقيَ آيّآم آلـآسبٌوع آكثرَ من مرّة وآحدَة فِي آلشَهر
وَ هُوَ آلـآمرْ آلذِي لَن يحصُل آبداً ممآ جعلَ آلسكّين تفِيقُ فِي يده كلمَآ وجد روزنآمة آمَآمه ..
يُمكننَآ آلـآنْ تلخِيص دوآفعه تلكَ بـِ حَآجتِه آلَى تسرِيع آلزَمن بـِ آقصَى طآقة مُمكنة لـِ يبلغَ آلستّين !
وَقف آلرجُل بغتَة وَ صآرَت خصلـآته آلرمآديّة آكثَر سطُوعاً وَ توهجاً ثمّ قَآلْ :
لكنّه سقَط فِي آلتآسعةِ وَ آلخمسِينْ !