وافق شنٌ طبقة :
جزء من بيت شعر أصبح مثلاً سيّاراً ومتداولاً بين الناس وبشكل يومي تقريباً ، من غير ان يعلمون لمن ولما وكيف واين ومتى حصل ذلك .
الحقيقة هذا المثل المشهور ، والذي كثير ما يستعمل للتندر اذا ما لوحظ شخصين شبيهين بالطبيعة والبيئة والثقافة ، أو حتى الشكل والقامة وما الى ذلك فقيل عنهم : ((وافق شنٌ طبقة)) من غير ما يسأل المرأ او يتسائل عن حقيقة هذا المثل ومصدره وقصته .

منه (شنٌ ومن هي طبقة)؟ ـ قيل في بعض المصادر وخصوصاً ما يعزى الى كتاب الاذكياء لابن الجوزي وأنا لم أطلع على كتابه أنه قال : هما رجل وامرأة ، وكذلك ورد مثل ذلك في لسان الرعب لابن منظور ، وكذلك ذكر اللسان حقيقة المثل وهو ما سوف نتكلم عنه ونؤكّده ولمن ينتمي وأين وقع ذلك المثل وعلى من ومتى وكيف .
القصة بحذافيرها هي جزء من تراث الشعب المعروف بشعب ربيعة الفرس ـ وهو ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ابن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .
وربيعة هذا هو شقيق مضر والذين منهم ((قريش)) قبيلة الرسول الهاشمي محمد ابن عبدالله بن عبد المطلب القرشي عليه السلام .
ربيعة الفرس هذه او الشعب الربعي ـ صدق فيه قول الرسول الكريم : ـ(( أول هلاك العرب قريش وربيعة) قيل : لما يا رسول الله؟ ، قال : ((فأما قريش فيهلكهم الحكم ، واما ربيعة فتهلكها الحمية)) يعني العصبية لبعضها البعض حتى ولو في غير صلاح النفس والدين ، فهذا ما حصل لشعب ربيعة الفرس ، فلا يعرف اليوم لهم بقية صريحة النسب لا خلاف عليها إلا ((قبيلة عنزة)) اليوم ، وتضم بين بطونها أحد تلك القبائل المتسببين في المثل ((وافق شنٌ طبقة)) ، من هؤلاء ؟ .
هم قبيلة عبد القيس بن أفصى وهم اهل أقليم البحرين الكبير قديماً من قبل الاسلام الى غاية القرن السابع الهجري فمن ثم تحولوا الى ما يسمى بقبائل عنزة اليوم وخصوصاً أحد الجذمين الكبيرين وهم جذم ((ضنا بشر)) ، وبشرٌ هنا نسبة للرمز الصحابي بشر بن المعلى والمعروف "بالجارود" أما اقليم البحرين اليوم فهو((يعني المنطقة الشرقية اليوم بالمملكة العربية السعودية)) وكانوا قد هاجروا من اليمن الى البحرين بسبب قتالٌ جرى بينهم وكانت هجرتهم قبل البعثة النبوية الشريفة بما يقارب المائتين الى الثلامائة سنة .
فعندما جاءوا الى البحربن واجهو ا معارضة شرسة من القبائل التي تنزل البحرين ومن أشدهم قبائل إياد بن نزار بن معد ومن تلك القبيلة ـ بطن ((طبقة)) الشهير شريك شنٌ بالمثل ، كانت إياد يطلق عليها ((الطبق)) لقوتهم وعرامهم اي شدتهم عندما يُطبقون على القبائل ـ فعندما وصلوا عبد القيس الى هجر وهي الاحساء اليوم ربطوا خيلهم بالنخل ، نخل إياد ، فشكوا إياد ذلك لكاهنهم فقال : ((عرف النخل أهله)) وهي كناية عن نبوءة أن النخل سوف يكون من نصيب عبد القيس ، ونصحهم بالارتحال والهجرة الى العراق بدون قتال ، ولكنهم عصوه وقاتلوا عبد القيس ـ وكان الفناء في بطن شنٌ من عبد القيس ، وفي وبطن طبقة الإيادية ـ فارتحلوا إياد وطبقة الى العراق ، فقال شاعر عبد القيس :

لحقت شنٌ طبقة ** طبقاً وافق شنٌ طبقة
ويقال :
وافق شنٌ طبقة ** وافقه فاعتنقه
سبحان رب خلقه
وقتل من عبد القيس أحد رؤسائهم والمشهور بـ ((سعد السعود)) وهو كذلك لا يزال يستخدم كمثل الى اليوم ـ نقلته من حفظي وبطريقتي ، ومن أرد الاستزادة فعليه بشرح ديوان ((ابن المقرب العيوني)) ، وهو أحد تلك القبيلة العبدية ، وهو من أهل القرن السابع الهجري .
الجزء الخامس ـ ص 2853 ، الطبعة الثانية (2012 م) .

سلمت اناااملك ...

تسلم يالروح .