((فضيلة التجّار)) الحقيقة الجاحظ الأديب المعتزلي الكبير : له رسائل أدبية ، وعلمية ، وسياسية ، فسوف نختار من رسائلة الأدبية ، ما تكلم به حول فضيلة التجّار ، فقال رحمه الله تعالة : ((فضيلة التجّار)) فصل منه : وهذا الكلامُ لا يزال ينجمُ من حاشية أتباع السُلطان . فأما عليتهم ومُاصُهم ، وذوو البصائر والتمييز منهم ، ومن فتقته الفطنة ، وأرهقه التأديب ، وأرهقه طول الفكر وجرى فيه الحياءُ وأحكمته التجارب ، فعرف العواقب وأحكم النفصيل وتبطّن غوامض التحصيل ، فإنهم يعترفون بفضيلة التُّجّار ويتمنّون حالهم ، ويحكمون لهم بالسّلامة في الدّين ، وطيب الطُّعمة ، ويعلمون أنّهم أودع النّاس بدناً وأوهنئهم عيشاً ، وآمنهم سرباً ، لأنهم في أفنيتهم كالملوك على أسرّتهم ، يرغب إليهم أهلُ الحاجات ، وينزع إليهم مُلتمسوا البياعات ، لا تلحقهم الذّلّةُ في مكاسبهم ، ولا يستعبدهم الضّرع لمعاملاتهم . ((شهرة قريش)) : فصل منه : وقد علم المسلمون أنّ خيرة الله تعالى من خلقه ، وصفيّه من عباده / والمُؤتمن على وحيه ، من أهل بيت التّجارة ، وهي معوّلهم وعليها مُعتمدهم ، وهي صناعةُ سلفهم ، وسيرةُ خلفهم . ولقد بلغتك بسالتُهم ، ووُصفت لك جلادتهم ، ونُعتت لك أحلامُهم ، وتقرّر لك سخاؤهم وضيافتهم ، وبذلُهم ومُواساتُهم ، وبالتجارة كانوا يُعرفون ، ولذلك قالت كاهنة اليمن ((لله درُّ الدّيار لقريش التُّجّار)) . وليس قولهم : قرشيّ كقولهم : هاشميّ ، وزهري وتيمي ، لأنه لم يكن لهم أبٌ يسمّى قُريشاً فينتسبون إليه ، ولكنّه اسمٌ اشّتُقّ لهم من التجارة و (التقريّش) ، فهو أفخمُ أسمائهم وأشرفُ أنسابهم ، وهو الأسمُ الذي نوّه الله تعالى به في كتابه ، وخصّهم به في محكم وحيه وتنزيله ، فجعله قرآناً عربياً يُتلى في المساجد ، ويكتبُ في المصاحف ، ويُجهرُ به في الفرائض ، وحُظوة على الحبيب والخالص . ولهم سوقُ عُكاظ ، وفيهم يقول أبو ذوؤيب : إذا ضربوا القباب على عكاظ ** وقام البيعُ واجتمع الأُلوفُ وقد غبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بُرهةً من دهره تاجراً ، وشخص فيه مسافراً ، وباع واشترى حاضراً ، والله أعلمُ حيثُ يجعل رسالته . ولم يقسم الله مذهباً رضياً ، ولا خُلقاً زكيّاً ولا عملاً مرضيّاً إلّا وحظُّه منه أوفر الحظوظ ، وقسمُه فيه أجزل الأقسام . ولشهرة أمره في البيع والشّراء قال المشركون : (ما لهذا الرّسُول يأكُلُ الطّعام ويمشي في الاسواق) ، فأوحى الله إليه : (وما أرسلنا قبلكمن المُرسلين إلّا أنّهم ليأكُلُون الطّعام ويمشون في الأسواق) ، فأخبر أنّ الأنبياء قبله كانت لهم صناعات وتجارات . ((التّجّار لا تعدوهم العلوم)) فصل منه : وإنّ الذي دعا صاحبك إلى ذمّ التجارة توهمُه بقلّة تحصيله ، انها تنقص من العلم والأدب وتقتطع دونهما وتمنع منهما ، فأيُّ صنف من العلم لم يبلغ التُّجّار فيه غايةً ، او يأخذوا منه بنصيب ، أو يكونا رؤساء اهله وعليتهم ؟! هل كان في التابعين أعلمُ من سعيد بن المسيّب أو أنبل ؟ وقد كان تاجراً يبيع ويشتري ، وهو الذي يقول : ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله ولا ابو بكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا عليٌّ ـ رضي الله عليهم ـ قضاءً إلّا وقد علمته ز وكان أعبر النّاس للرُّؤيا وأعلمهم بأنساب قريش ، وهو من كان يفتي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون ، وله بعدُ علمٌ بأخبار الجاهليّة والإسلام ، مع خشوعه وشدّة اجتهاده وعبادته ، وأمره بالمعروف ، وجلالته في أعين الخُلفاء ، وتقدمه على الجبّارين . ومحمد بن سيرين في فقهه وورعه وطهارته . ومسلم بن يسار في علمه وعبادته ، واشتغاله بطاعة ربّه . وأيُّوب السّختيانيّ ، ويونس بن عبيد ، في فضلهما وورعهما ، انتهى . |
يعطيك العافية على نقل الهادف |
الله يعافيك يا رب |
اشكرك لجهودك المميزه |
لا شكر على واجب ـ بل أنا أشكرك على مرورك العطر واجميل شرفتونا . |
الساعة الآن 09:32 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا