الصباح مشرق يبث التفاؤل في كل الذين ألقوا على نوره التحايا ،
وبين الساعين للرزق طفل فقير يرسم مشهد الوئام مع كرته التي صارت بلون ثيابه
وعلى رأسه تحوم لا أدري أهي فراشة أم ذبابه لضعف بصري وبصيرتي في الأمور
غطت نافذتي موجة من الغبار وكأنها تمهد لعواصف رملية متتالية
أخذ العجوز عصاه ونسى إغلاق التلفاز وكأنه يرى في صوته صخب الأبناء والأحفاد
إنجلت الموجة الرملية وإذا بالمكان موحش وكأن العجوز أضاع الطريق
إن كنت قد أضعت الطريق فهل شخت فجأة حتى عجزت عن معرفة بيتي؟
خطوات متعثرة في المكان وإذا بأحدهم يضع يده على كتفي
المكان خطر يا سيدي، لقد حدث إنفجار مجهول للتو .
ألقى العجوز عصاه ونظر يمنة ويسرة وقد علاه الذهول
صرخت أم من جانب الطريق ، صرخ جريح من الجانب الآخر
هرع المسعفون بينما تخبط سير العجوز وسط الحطام حتى استوقفه منظر حزين
طفل مضرج بالدم ممسك بكرته وقد خدش الحطام وجهه البريء
ما ذنبك أنت يا بني؟ أين الرحمة إن قتلتموها ؟
ما ذنبك أنت أيها المغترب الصغير؟
شجاعتهم كلها عليك أنت؟
حتى كرتك التي قتلوك فوقها لم تكن لتمنحها لقلوبهم القاسية
وجهك المضرج بالدم كأنه يقول
إغتربت فيك وعزمي ظل باق لأجلك لم ينحني
مهاجر أنا وقال المهاجر يا وطني الحبيب لا تنسني
جفف قلمك أيها السهم نحن قوم مكبلون بالعار
(إهداء لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)