اعتذر
لكل التلويحات الفارغة.
لكل وجهات النظر الطائشة.
لكل خطوة فاشلة تداركتها بعد عمر من الخيبات.
لكل سؤالٍ مُلِح حبسته، خشية صفعةً تحملها الإجابة.
لكل شعورٍ قوي -حدس- تجاهلته خوفًا من الخسارة.
لنفسي عن خيانة قلبي.
للخيبة التي أمكنها أن لا تكون، وكانت.
للخذلان الذي أتى على غفلة مني.
للحزن كامل الدسم الذي صُبّ في أعماقي.
..
لنا نحن الذين - أنا و أنت - كُنا يومًا كل شيء.
للسماء، للنجوم ..
للطريق الذي قطعناها مُتماسكين.
لليد التي علمتني الأمان.
لليل الذي كان صُبحًا لنا.
للأغاني التي تُشبه عشقنا .. للرسائل ، للصدف، للضحكات والدموع.
للشجرة التي شهدت كل شيء.
وللزوايا التي شاركتنا الشعور.
للمسافات التي سرقتنا منا.
للجدب الذي أزهر وارتوى سريعًا، وبنفس الرقة والسرعة ذبل .
للغيوم التي تكاثفت في كلماتي، سكنت صدرك وقَبّلت قلبك بالمطر حتى ابتسم.
لسقف المنزل الذي حفظ كلماتنا ومواعيدنا.
لنا نحن حيث افترقنا واعتقدنا واجتمعنا وانزعجنا وابتهلنا للقاء، لنا نحن الذين تركنا أنفسنا
-واحدين لقيا المصير نفسه
الهزة ذاتها
قلبين تزعزعا في آنٍ واحد
جسدين سقطا في ذات اللحظة
جرحين أحدثهما السهم ذاته -.

..

اعتذر..
لكل ما نؤمن به داخلنا ولكل شكٍ جعلنا نتبرأ منا .
للصورة التي تعبث بالذاكرة.
للضوء الذي يختزل الظلمة.
للقُبل التي انتزعت الهواء.
للعناق الذي ضمد الجراح.
ولليل، الليل الذي كان قصيرًا . .
وللجمل المُبعثرة، والابتسامات العميقة، ولكل الأحاسيس التي زرعناها سويًا.
وللكلمات التي نطقناها معًا.
ولكل الذي عشناه و لكل ما حلُمنا به.
..

اعتذر..
ليس ليديّ التي تشعر بالفراغ ولكن لصدري الذي تعددت به الثقوب .. حتى خارت قواي، وما عادت لدي فرصة للوقوف .

ليس لخدي، ولا لوقتي، ولا لحاجتي، ولا حتى للحنين الذي يتكاثر في جوفي.. ولا لِعمري الذي صار صفرًا.

ولكن لقلبي ، لقلبي الذي ينظر إليك .. وكأنك كل شيء ، حتى الدقيقة التي تركته فيها وحيدًا، تنقصه نبضة وحياة .

اعتذر
عن كل شيء، ولكل شيء، حتى عن الذي كُناه وكأنه لم يكن شيئًا.