منتديات مسك الغلا
 


موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-28-18, 11:58 AM   #1
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي معنا ماءٌ وخبزٌ وهواء.. فأين أصواتنا؟*



أشعر بالاشمئزاز من نفسي وممن حولي في مطلع كل شهر عندما أجد نفسي في ذات الموقف أنتظر دوري لأستلم الأوراق النقدية التي رغم كونها حقي الطبيعي كموظفة عند الدولة إلا أني لم أعتد حتى بعد سنتين على استلامها من موظف آخر ينحصر عمله في التدقيق بأسماء ورواتب العاملين وتسليمهم مبلغهم المسجل بدقة في دفتره.
أقف بين آخرين يحدقون ببعضهم وينتظرون دورهم وأعينهم تتفحص من يتقدمهم وتتساءل هل سيقبض أكثر مني؟ ماذا سيفعل براتبه؟ هل لديه ديون مثلي؟ هل لديه أولاد ومسؤوليات كما لدي..؟
أشعر بالغثيان عندما يصل دوري وأقف أمام المحاسب وأراقبه يعد الأوراق النقدية ببطء مستفز ويفردها أمامي واحدة تلو الأخرى ليؤكد لي نزاهته ويؤكد لنفسه أني لن أعود لأخدعه وأدعي أنها ناقصة.. أوقع على استلامها في دفتره وأجمعها بسرعة لأدسها في حقيبتي دون التأكد منها وكأنها تهمة أحاول إخفاءها ولم يحدث حتى الآن أن عرفت كم يبلغ راتبي بالضبط ولا حدث أن استفسرت عن أي حسومات أو زيادات أو نقص من أي نوع كان..

أتمتم بكلمات الشكر وأخرج مسرعة رغم أني لا أشعر بالامتنان لذلك المحاسب الذي يستغرب عجلتي وعدم احتجاجي على المبلغ الزهيد الذي اقتطعه لنفسه بنفسه "كإكرامية" أصبحت حقاً من حقوقه، فيحتج على ذلك أصحاب المبادئ الذين لا يسمحون لأحد بخداعهم أو إنقاص قرش واحد من حقهم ..

أخرج من هناك وأنا أفكر بصديقتي التي عرض عليها زوجها أن تترك العمل وتبقى في منزلها مقابل أن تستلم منه هو راتبها كل مطلع شهر..وعندما حاولت أن أقنعها بعدم الموافقة على ذلك العرض وأنه أمر مهين لكرامتها كامرأة مثقفة ومستقلة أجابتني قائلة:
- شهرزاد نفسها كانت تتقاضى من زوجها مطلع كل فجر أربع وعشرون ساعة من الحياة لقاء إمتاعه ومؤانسته.. فلم لا أتقاضى ثمن ساعات انتظاره إلى حين عودته.. ألأنني متعلمة ومثقفة؟؟ حتى شهرزاد كانت مثقفة وواعية ولكنها تختلف عنا بأنها مارست خبثها الأنثوي لتحافظ على حياتها وبيتها وزوجها أما نحن فمشكلتنا أننا نرفض أن نمارس خبثنا الأنثوي المشروع ونعتقد أنه يتعارض مع مبادئنا التي حلمنا بتطبيقها دون أن نعي أن الرجل لن يقبل التعامل مع أنثى بعقلية رجل..
- ألهذا تعلمنا وتخرجنا لتكوني قطعة أثاث تنتظر عودة صاحب المنزل.. لتكوني مجرد شهرزاد أخرى تحتال لتكسب ساعات إضافية من عمرها بدل أن تصنع مصيرها بنفسها وبقرار منها..
- سأقضي الوقت في العناية ببيتي وزوجي وأولادي..
- العمل لن يمنعك عن ذلك.. وستقضين الوقت الذي وفرته من ساعات العمل في قراءة فناجين القهوة عند جارتك..
- بل سأقرأ الكتب التي لم نكن نجد الوقت لقراءتها وأتابع برامج ثقافية ..
- سيتمدد الوقت وستشعرين أن كل نشاطاتك الثقافية في غرفة منعزلة عن العالم مجرد موت بطيء..
- أليس أفضل من موت يأتي سريعاً وأنت تضطرين كل يوم للخروج باكراً والجري مسرعة من العمل للبيت والعمل فوق طاقتك فقط لكي لا تشعري أحداً بتقصيرك في حقه.. واضطرارك فوقها لمجاملة ومراعاة كل من يرتبط بعملك بدءاً بالسائق وانتهاء بالمدير حتى وإن كانوا لا يطاقون..
- ........

لم تقنعني يومها ولم أستطع إقناعها ولكني الآن أتساءل ترى هل تشعر بنفس هذا الحرج عندما تستلم من زوجها راتبها الذي أستلمه الآن من رجل غريب.. ألن تشعر بذل "فتح اليد" لزوجها وكنا نخجل أن نفعل ذلك مع والدنا أو إخوتنا ونحلم باليوم الذي سنحصل فيه على استقلالنا الاقتصادي رغم أني لم أتخيل أبداً أن الاحساس بذلك الضيق عند استلام المصروف من الأب سيتحول إلى قرف وضيق أكبر عند استلامه من موظف حكومي..

أتابع طريقي وأنا أحاول تذكر نظريات ماركس الاقتصادية وفيما إن كان فيها ما يخلصني من هذا المأزق الشهري.. فماذا لو غيرت الحكومة سياستها الاقتصادية واستغنت نهائياً عن التعامل بالأوراق النقدية وبدلا من أن يتجه الموظف ليقبض راتبه الذي سيجهد عقله وأصابعه وهو يحاول أن يحسب نفقاته ويجد أنسب طريقة لتحويل هذه الأوراق لمشتريات وفواتير.. لم لا يريحونا من كل هذا الجهد فيقبض الموظف كل أول شهر حصته من الخبز والسكر والشاي والقهوة والجرائد والكتب.. أعتقد أني سأكون أكثر سعادة وأنا أستلم حصتي من أرغفة الخبز فلا أحد يرفض أن تعطيه رغيف خبز وحتى وإن كان بلا مقابل فالخبز هو الشيء الوحيد الذي تشعر أنه يبتسم للجميع دون تمييز أو تفريق بينهم.. تماما كما كان الشيء الوحيد الذي تعلمنا أن نبوسه ونضعه على رأسنا إذا وقع على الأرض بينما لم يطلب منا أحد يوماً أن نبوس اللحم مثلا أو الجبن أو السمن ولا أن نضعها على رأسنا إن وقعت أرضاً مع أنها نعمة أيضا!

على أية حال لن أتعب رأسي بالتفكير بماركس ولا بمحاولة فهم نظرياته التي لم أتمكن من استيعابها حتى الآن فهذا يوم يجب أن يكون مميزاً وعلي أن أشعر بالزهو وباستقلالي الاقتصادي وبحساب مصاريفي رغم أنها لا تتجاوز قيمة المواصلات وفاتورة الجوال الذي أستخدمه كمنبه أكثر من استخدامه كهاتف..لهذا أفكر بالطرق التي سأصرف بها هذا المبلغ والذي أشعر بأن وجوده معي عبء ثقيل علي التخلص منه بأي وسيلة.. فلا أسرة لدي لأنظم مصروفها ولا البيت الذي أنتمي إليه يسمح لي بالمشاركة في نفقاته نظراً لكوني فتاة والقوامة والانفاق من مهام الرجل فقط.. فإخوتي مثلا يقبلون أن أقوم بكي ملابسهم ولكنهم يرفضون أن أرسلها "للمكوجي" على حسابي الخاص فهم ليسوا بحاجة لأن تنفق عليهم فتاة!

ولهذا أشعر بعبء هذا المبلغ في حقيبتي وبأنه شيء بلا قيمة ولا هدف طالما أن لا أقساط ولا ديون ولا فواتير تنتظره .. عندما أسمع زملائي يتحدثون بحسرة عن رواتبهم التي تنفق قبل استلامها أحسدهم على هذه المتعة التي لا يدركون قيمتها..

أتجه أولاً إلى بائع الكتب الرصيفية الذي اعتاد حضوري كل أول شهر أكثر من اعتياد المحاسب على رؤيتي أمام مكتبه.. وقد حفظ نوعية الكتب التي تستهويني فكان يخرجها لي دون أن أبذل جهداً في البحث بين أكوام الكتب المكسوة بالغبار.. ويؤكد لي ككل مرة أني لن أحصل على مثل هذه الكتب الأصلية وبنفس السعر الزهيد من أشهر المكتبات وفقط لأنه يعتبرني أخته في الله فسيقبل بهذا السعر الزهيد.. ولهذا بت أعتقد أن الأخ في الله هو الشخص الذي يقوم بخداعنا ونتقبل خداعه عن طيب خاطر وأعتبر المرور على بسطته كل شهر فاتورة مستحقة الدفع..

أعطيه ما طلبه دون جدل رغم أني أعلم أنه حصل على تلك الكتب المصفرة التي لا تصلح لبيع ولا لشراء مجاناً ليبيعها بأسعار يحددها هو حسب هيئة الزبون وقدرته على الجدل، ونظراً لمتطلبات أسرته التي تبلغ تسعة أخوة وزوجة وأم يعيشون جميعاً من بسطة الكتب هذه..
يعبئ لي الكتب في كيس أسود يشبه الأكياس التي يحضر فيها والدي الخضار للمنزل فأشعر بغبطة كوني تسوقت زوادة هذا الشهر حتى وإن لم أقرأ كتاباً واحداً منها فهذا أول الشهر ولا بأس بقليل من البذخ!

أتجه بعدها إلى بائع المكسرات لأبتاع كيساً منها يشعرني وأنا أدخل به المنزل أني كائن منتج وفرد فعال في المجتمع وأشارك في مستلزمات المنزل الأساسية .. وقبل العودة أمر بمصرف التوفير لألقي فيه ما تبقى في حوزتي من مبلغ هذا الشهر الذي لن يكون له أي عمل آخر لبقية الشهر فهو أقل بكثير مما أحتاجه لتحقيق أحلامي وأكثر بكثير من احتياجاتي لأعيش كأي كائن حي على سطح الأرض..

كانوا يقولون "من انتظر المعاش ما عاش" أما الآن فقد أصبح الحصول على وظيفة وراتب هي حلم كل من يريد أن يعيش.. ورغم أن شيئاً لم يتغير ليحدث هذا الانقلاب في النظرة للوظيفة الحكومية.. ولكن يبدو أن مفهوم الموت والحياة هو فقط ما تغير فرغم أن المعاش هو نفسه كما كان قديماً ليس سبباً كافيا للعيش، إلا أننا مع الوقت نتعلم كيف نضبط قامتنا لتتناسب مع طول "لحافنا" فلا نمد أرجلنا أكثر مما يجب.. وربما لهذا لم يعد بيننا من هم في قامة أبينا آدم.. فلا أدري كيف كان يجد لحافاً يتناسب مع طول قامته على عكس ما نفعله نحن الآن..

ورغم عدم إقتناعي بفكرة التوفير إلا أني كنت أقوم بذلك أولاً لأتخلص من عبء المبلغ وثانياً مسايرة لأمي التي تصر على توفير نقودي لبيتي وأولادي ومستقبلي الذي يبدو أنها ترى معالمه واضحة أكثر مني.. فكما كانت الفتاة قديماً تقضي وقتها بالتطريز والخياطة وإعداد جهازها بيدها إلى أن تصبح عروساً وتتزوج وتبدأ بالخياطة والتطريز لزوجها وأولادها.. الأمر لم يختلف كثيراً الآن وكل ما تفعله الفتاة هو أن تعمل وتجمع أوراقاً نقدية لتحولها عندما تتزوج لأقمشة وحرائر ومطرزات جاهزة.. لم يختلف شيء.. كل ما في الأمر أننا نسير للوراء...









* السؤال موجه لدرويش الذي يقول في إحدى قصائده:
"معنا ماءٌ، وخبزٌ، وهواءٌ. معنا أصواتنا،"


 


قديم 06-28-18, 12:29 PM   #2
مرجانة

الصورة الرمزية مرجانة
~ رونق التوليب ~

آخر زيارة »  02-21-24 (11:36 PM)
المكان »  في ثنايا أحرفي
الهوايه »  قراءةُ النثرِ ، و كتابتُه .
اللهُمَّ برَحمَتِكَ .. أعِنّا .
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



السؤال .. لمَ تم طرح هذا النص في قسم النقاش ؟
و ما هي نقطة النقاش التي تبغي معرفةَ أرائنا فيها يا أخي ؟

الصورة التي وجدتها هنا .. صورة أمرأة جعلت من النعيم غماً
لا حمداً و لا شكوراً ..


 


قديم 06-28-18, 12:45 PM   #3
أورانوس

الصورة الرمزية أورانوس

آخر زيارة »  03-25-24 (10:45 PM)
ــ ‌‏اللـهـُم دربــًا لا تـضـيـق بـه الـحـيــاة وقـــلــبًــا لا يــزول مـنـهُ الأمــل.


..┊̮ 🌿

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



لم افهم بعد كل هذه الحكاية التي كان يجب أن تكون في قسم القصص والروايات
أين أسئلة النقاش ؟؟


 


قديم 06-28-18, 06:31 PM   #4
رجل ع سطح القمر

الصورة الرمزية رجل ع سطح القمر

آخر زيارة »  01-16-24 (10:06 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي سلام .. وتمسية





اهلا اخ/ حسين


.. قرات الفصل الاول - ان جاز التعبير،
وما وجدت ما يحفزني للاستمرار

قد تكون مشكلتي، .. لا تجتذبني هالقصص


قرات السطرين الاخيرة
.. ، فيها شئ من الغموض
.. كانها دعوة لثورة







اعتذر .. ما وصلتني الفكرة
.. ، تحياتي لك






 


قديم 06-30-18, 12:08 AM   #5
شطرنج

الصورة الرمزية شطرنج
العراب الأخير

آخر زيارة »  08-30-22 (07:04 PM)
المكان »  بين دفتي الحياة
الهوايه »  انا الذي يهوى لعب الشطرنج مع ملوك تتكلم

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



انها ضريبة التخلي تفكريا عن زوجك
ومشاهدة حركه فانتازيا الغير
اذا هذه السيده لم تستوعب جدوله الطبقات الماركسيه
فلما تضيع وقتها في شراء الكتب
ورغم صعوبة الحياه من نظره سطحيه
الا انها ترى بكل سهوله من زوايا عميقه
هذه السيدة اضاعت 30دقيقه من وقتها
لتكتب مقاله لا فائدة منها
لو صنعت قهوه واعلنت الهدنه مع نفسها
خلال 5دقائق سترى العالم بشكل افضل

تحياتي لك


 


قديم 08-17-18, 03:12 AM   #6
الجآدل

الصورة الرمزية الجآدل

آخر زيارة »  01-06-24 (07:16 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



..








قـرأتـهـا ولـم يـسـعـفـنـي الــوقــت
لــرد لــذلــك قــرأتــهــا لـ لــمـره الـثـانـيـة
بـــرغـم مـن شـعوري بـ الـملـل مـن ثــرثـرة
هــذي الـمـرأه الــمــتعــجــرفــة لـكـن أجـبـرت
نـفسـي ان اقــرأ حـتـى افـهـم الـمـغزى
ولـلأســف لـم اجــد الا امــرأه تــحمـل
مــن الــحمــاقة مــا الله بــه عــليـم ؛
تـريـد ان تكـون شـخـص فـعّـال
ولـكـن تـشمـئـز مـن اسـتـلام راتـبـها
ولا تُــريـده ان يبـقـى بـ حـقبتـها وقـت اطـول ..!
وتـحشـر انـفـهـا بـ شـؤون صـديـقتـهـا
وتـحـاول جـاهـده ان تـقنـع الـجمـيـع بـ فـكـرتهـا
الــســاذجــة , الـتـي لا يـقـتنـع بـهـا
الا ســاذج مـثلـهـا ..!
ومــن خــلل سطــورهــا الـبـائـسـة
حــاولــت ان تقــلل
مــن شــأن ربّــات الــمنــزل , طـبـعـاً
لــحــاجــة فــي نــفســهــا ..!

مــلاحــظـه ؛ ان بـقـت بـ عـقـلـيتـها هـذي فـلن
تــســتطيع ان تـكون
امــرأه نــاجــحـة بـ عــملــها وبــذات الــوقـت
لـن تـسـتـطـيـع ان تـكـون ربــت مــنـزل


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 01:56 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا