منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-07-18, 11:56 PM   #1
نصف القمر

آخر زيارة »  يوم أمس (11:43 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي كيف عالج الاسلام الهم وضيق الصدر








لاحظتُ خلال وجودي في أوروبا أنَّ الحياةَ الماديةَ تَسيرُ بسُرعةٍ جنونيةٍ بشكلٍ عامٍّ؛ لدرجة أنَّها غطَّتْ على معظم الجوانبِ الأخرى، أو الوُجُوهِ الأخرى للحياة الاجتماعية والدينية وغيرها؛ فأصبح الإنسانُ يُسابِق البَرْقَ في السُّرعة بحثًا عن الرِّزْق، ويشتغلُ كالروبوت أو الإنسان الآلي طَلَبًا للدنيا، يعيشُ على نمَطٍ واحدٍ ووَتِيرةٍ مُعينةٍ، ربَّما لا تتغيَّرُ لعشرات السِّنين؛ ينام في الوقتِ المحددِ، ويستيقظ في الوقت المحدَّدِ، ويعتقد أنَّ العملَ أساسُ الحياة ولُبُّها وشُغْلُها الشَّاغل، بلْ يُعلِّق سَعادتَه على أشياءَ ماديَّةٍ محسوسةٍ فقط، دون أنْ يجِدَ متنفَّسًا يُجدِّد حياتَه، ويستعيد حيويَّتَه ونشاطَه من جديد، ويُضيفُ إليها نَكْهةً جديدةً، ونوعًا من السعادة القلبيَّة، والاستقرار الرُّوحي، وكَسْر الروتين من خلال الأعمال الصالحة؛ كالصوم، والصلاة، وقيام الليل، وأداء مناسك العمرة مثلًا، وبالتالي تنتشر المشاكلُ النفسيَّةُ والعُقَدُ الرُّوحيَّةُ والتوتُّر والقَلَق، واضطراب الشخصية، والملَلُ والإدمان عند الكثيرين إلَّا مَنْ رحِمَ الله، ومردُّها الأساسي الانفصالُ عنِ الله تعالى، والاغترار بالحياة المادية فقط؛ ممَّا يُؤثِّر سلبًا على صحَّة الإنسان وتفكيره وعقله، وحياته الشخصية والاجتماعية.

ولا يمرُّ يومٌ من الأيام إلَّا تَعرِض شركاتُ صناعة الدواء منتجاتِها الجديدةَ لعلاج القَلَق والاكتئاب المنتشر في مختلف فئات المجتمع في العالم؛ حيثُ لا يقف المرضُ عنْد شخصٍ دون آخَرَ، ولا يُصيبُ أحدًا دون غيره.

وقد علَّمَنا الإسلامُ كيف نُعالج القَلَق والتوتُّر وضِيْقَ الصَّدْر، وذلك بالرُّجُوع إلى الله تعالى، والإكثار من ذِكْره وتسبيحه سبحانه وتعالى، واستخدام التحصينات الإيمانية التي تَعصِمُ الإنسانَ من الأفكار السلبية ووساوسِ الشيطان ومداخله؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 - 99].

قال ابن كثير رَحِمَه الله: وإنا لنَعلَم يا محمد أنكَ يحصلُ لك منْ أذَاهُم لكَ انقِباضٌ وضِيْقُ صَدْرٍ، فلا يهيدنَّكَ ذلك، ولا يَثْنِينَّكَ عن إبلاغِكَ رسالةَ الله، وتوكَّل على الله؛ فإنه كافيكَ وناصِرُكَ عليهم، فاشتغِلْ بذكر الله وتحميده وتسبيحهِ، وعبادته التي هي الصلاة؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 98].

وكلَّما أكثرْتَ مِنْ ذِكْر الله تعالى وتسبيحهِ، أزال همَّكَ، ونفَّثَ كرْبَكَ، واستجابَ دُعاءكَ، وألْهَمَكَ قوَّةً ونُصْرةً من عِنْده، وقوَّاكَ بمدَدٍ من عِنْده، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31].

وقد اشتَملت السُنَّةُ النَّبويَّةُ على الأدعية الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لطَرْدِ الهمِّ والحزن، وتفريج الكَرْب، وإزالة الوَسْوسةِ؛ بحيثُ لو واظَبَ عليها الإنسانُ بالإخلاص والإنابة والتَّضرُّع والانكسار والخشوع إلى الله تعالى، لزالَ ما به مِن الهمِّ والحزن، ومِنْ هذه الأدعية:
1- ((اللهمَّ إني عبدُكَ، ابنُ عبدِكَ، وابنُ أَمَتِكَ، ناصيتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فيَّ قضاؤُكَ، أسألُكَ بكُلِّ اسمٍ هو لكَ، سمَّيْتَ به نفسَكَ، أو علَّمْتَهُ أحَدًا من خَلْقِكَ، أو أنزَلْتَه في كتابِكَ، أو استأثَرْتَ به في عِلْمِ الغَيبِ عِنْدَكَ، أنْ تجعَلَ القُرآنَ رَبِيعَ قلبي، ونُورَ صَدْري، وجلاءَ حُزني، وذَهابَ همِّي)).

فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الدعاء ما قاله أحد قَطُّ، إلَّا أذهبَ اللهُ همَّهُ وحزنَه، وأبدلَه مكانَه فَرَجًا، قال: فقيل: يا رسول الله، ألَا نتعلَّمُها؟ فقال: ((بلى، يَنبغي لمن سَمِعَها أن يتعلَّمَها))؛ السلسلة الصحيحة: 199.

2- ((لا إلهَ إلا الله العظيم الحليمُ، لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ السمواتِ والأرضِ، وربُّ العرشِ العظيمِ))، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعُو بها عند الكَرب؛ صحيح البخاري: 6345.

3- ((اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من الهمِّ والحزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبةِ الرجالِ))، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثِر من قولها؛ صحيح البخاري: 5425، وألفاظ الحديث صريحةٌ في الاستعاذة من الهمِّ والحزن.

4- ((اللهُمَّ رحمتَكَ أرجُو، فلا تَكِلْني إلى نفسِي طَرْفةَ عَيْنٍ، وأصلِحْ لِي شأني كُلَّهُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ))؛ حيث سمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم دعوات المكروب؛ صحيح الجامع: 3388.

5- ((اللَّهُ، اللَّهُ ربِّي لا أُشرِكُ بهِ شيئًا))؛ حيث تقولُ راويةُ الحديث أسماء بنت عميس: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم علَّمَها هذه الكلمات تقولها عِنْد الكرب؛ السلسلة الصحيحة: 6 /593.

6- ((اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّ لكَ الحمد، لا إلهَ إلَّا أنتَ وحدَك لا شريكَ لكَ، المنَّانُ بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ذو الجلالِ والإكرامِ))؛ فقد سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يدُعو بهذا الدعاء، فقال: ((لقد سألَ اللهَ باسمِه الأعظمِ الذي إذا سُئِلَ به أَعْطى، وإذا دُعِي به أَجابَ))؛ صحيح ابن ماجه، الألباني: 3126.

7- ((لَا إِلهَ إلَّا أَنتَ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الدعاء: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بشيءٍ إذا نزلَ برجلٍ منكم كَرْبٌ، أو بَلاءٌ مِنْ أمرِ الدنيا، دعا بِهِ فَفَرَّجَ عنه؟ دُعاءُ ذي النونِ))؛ صحيح الجامع، الألباني: 2605.

8- ((أعُوذُ بالله مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيم))؛ حيثُ ورَد في صحيح مسلم أنَّ عثمانَ بن أبي العاصِ أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنَّ الشيطانَ قد حال بيني وبين صلاتي وقراءَتي يُلَبِّسُها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذاك شَيطانٌ يُقالُ له: خَنْزَبٌ، فإذا أحْسَسْتَه، فتعوَّذْ بالله منه، واتفُل على يسارِكَ ثلاثًا))، فقال: ففعلْتُ ذلك، فأذْهَبَه اللهُ عني؛ صحيح مسلم: 2203.

هذا وغيرها من الأدعية الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لعلاج الهمِّ والقَلَق وضِيْق الصدر؛ حيث كان صلى الله عليه وسلم أرْحَمَ الناس بأُمَّتِه، وأحرصَهم على هُداهم، وما ينفعُهم في دينهم ودُنْياهم، فصلواتُ ربِّي وسلامُه عليه وعلى آله وصَحْبه، ومن اقتفى أثَرَه إلى يوم الدين.
د. سعد الله المحمدي


 


قديم 10-08-18, 12:50 AM   #2
نوفآ

آخر زيارة »  10-20-18 (09:19 AM)
المكان »  الاحساء
الهوايه »  سعوديه

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



موضوع رائع ومفيد


 


قديم 10-08-18, 08:53 AM   #3
ام أسعد
Diamond brightness

آخر زيارة »  11-04-18 (09:44 PM)
المكان »  في قلوب احبابي وابنائي
الهوايه »  الإطلاع والمعرفة
~»ماكلـُ مايتمناهـ المرءُ يدركهـُ._…-*™°™*-…_.تجريـ الرياحـ بما لاتشتهيـ السفنـُ«~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الله يعطيك العافية


((اللهمَّ إني عبدُكَ، ابنُ عبدِكَ، وابنُ أَمَتِكَ، ناصيتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فيَّ قضاؤُكَ، أسألُكَ بكُلِّ اسمٍ هو لكَ، سمَّيْتَ به نفسَكَ، أو علَّمْتَهُ أحَدًا من خَلْقِكَ، أو أنزَلْتَه في كتابِكَ، أو استأثَرْتَ به في عِلْمِ الغَيبِ عِنْدَكَ، أنْ تجعَلَ القُرآنَ رَبِيعَ قلبي، ونُورَ صَدْري، وجلاءَ حُزني، وذَهابَ همِّي)).



جزاك الله خيراً وجعلها في ميزان حسناتك


 


قديم 10-09-18, 02:30 AM   #4
قيثارة

آخر زيارة »  01-23-22 (02:39 PM)
المكان »  كوردستان

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



جزاك الله خيراً
وجعله في ميزان حسناتك


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 03:34 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا