منتديات مسك الغلا

 


موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-18, 02:18 PM   #1
عدي بلال

الصورة الرمزية عدي بلال

آخر زيارة »  03-19-24 (08:39 PM)
الهوايه »  الأدب بشكل عام، والقصص بشكل خاص

 الأوسمة و جوائز

افتراضي في المصعد ( قصة قصيرة )



في المصعد




وقف أمام البناية ، ذات الطوابق العشرة ، ورفع رأسه إلى الطابق الأخير ، وصرّ عينيه أمام قرص الشمس ، وتأكد من مظهره أمام الباب الزجاجي ، ثم إنه ارتقى السلالم في ثبات ٍ ، ووقف أمام المصعد ، وانتظر بجانب رجل ٍ ، حمل في يده حقيبةً سوداء ، وخبأ عينيه خلف نظارة ٍشمسية .

مستنداً إلى الحائط ، وممسكاً بسيرته الذاتية ، أعاد النظر إلى تفاصيلها بسرعة ٍ ، وأزعجه وجود بعض الأخطاء المطبعية في سطورها ، فلوىّ شفتيه في امتعاضٍ ، ومسح بباطن كفه على وجهه ، كأنه يعيد ترتيب وجهه من جديد .

مد يده صوب باب المصعد لحظة وصوله ، فخرج منه رجلٌ مسن ٌ يتكىءُ على عكازٍ ذو انحناءةٍ في أعلاها ، كإنحناء ظهره ، ثم إنه نظر في إيماءة ٍ لصاحب الحقيبة ، أن تفضل إلى المصعد ففعل ، دونما شكر .

حاول أن يتجاهل انعدام اللباقة عند صاحبه ، وأُقِفل باب المصعد عليهما ، وضغط الزر إلى حيث نظر ، ومد الآخر يده إلى الزر التاسع ، واتخذ من الجانب الأيمن ركناً له ، وأعاد النظر إلى سيرته للمرة الأخيرة .

الساعة تقترب من التاسعة صباحاً إلاّ دقائق عشر ، والتوتر عنده في تصاعد ٍ كتصاعد أرقام الطوابق المضيئة فوق الباب ، وهو يراقبها في وجل .

مسترقاً النظر إلى صاحب الحقيبة بين الفينة والأخرى ، خُيل إليه بأنه رأى ابتسامة ظفر ٍ على محياه ، لم يدرك سببها ، بيد أن توقف المصعد فجأة ً ، بترها .

حدثته نفسه بأن حظه العاثر قد افتقده من جديد ٍ ، وهمَ في كيل اللعنات على الظروف ، لكن

رباطة جأشه لم تخذله هذه المرة فصمت ، وشعر بأنفاس صاحبه تعلو رويداً رويدا ، فسأله في ترددٍ

عن حالته ، فارتدت إليه كلماته خاويةً من أي رد ، والخوف زحف إلى صدره حين ضغط على زر

الإنذار دون فائدة ، وتلبسته الظنون حول هذا الشخص ، فطرق على الباب ، وأرسل نداءات

استغاثة لعل أحداً في الخارج يسمعه .. دون جدوى .

عشر سنتيمترات تقريباً تفصله عن الطابق السادس ، وعيناه تحملق في سقف المصعد ، تكاد يده

تصله إلا قليلا ، ثم إنه قال لصاحبه ( إن لم تساعدني سنهلك ..! ، أعطني حقيبتك أرتقيها

وأستعن بها لبلوغ السقف ) ..

أماط صاحبه عن عينيه لثامها ، وبدت – خلفهما – عينان خضروان متقدتان ، وقال في توكيدٍ – أنت

هالك هنا لا محالة ، سواء ارتقيت أم لم ترتق ِ ..! لم يبقَ أمامنا إلا عشر دقائق ويأتي أمر الله ..!

الخيرة فيما اختاره الله .

تسمّر في مكانه لوهلةٍ ، وتلبسته الحيرة والهلع من كلمات صاحبه ، ونظراته تحمل في طياتها

أسئلةً كثيرة ، بيد أن مشاعر الغضب من سلبية صاحبه كانت أكبر من حيرته ، ورغبته في الخروج

من هذا المأزق ، جعلته يتسلق في صعوبةٍ إلى السقف ، وصاحبه يقرأ قرآنه بآيات الشهادة ..!


ولما أدرك السقف ضربه بمرفقه مراتٍ عديدة ، وكاد أن ينجح في فك حصاره المفاجىء هنا ، لولا

انزلاق قدمه ، فهوى على أرض المصعد بجانب صاحبه ، الذي ما انفك يطالع حقيبته في ترقب

لشيء سيحدث قريباً ..

- أسألك بربك ماذا يوجد في هذه الحقيبة ؟ لمَ لا تساعدني يا رجل ؟

- يوجد بها الخلاص والشهادة ..!

- ماذا تقصد بالله عليك ؟

قال جملته الأخيرة وهو عالقٌ بين ألم ساقه ، وغموض كلمات صاحبه ..

- حسناً .. بعد خمس دقائق ستنفجر هذه القنبلة .. وأشار إلى الحقيبة ، مقدرٌ لك أن ينتهي بك

المطاف هنا ، فاقرأ قرآنك واستغفر ..

كلمات صاحبه أنسته كل ألمٍ شعر به ، وبين الدهشة والخوف سأله في رجاء عن السبب ..

- الملحق الثقافي الأمريكي موجود في الدور التاسع ، وحان موعد إزالته تماماً من الوجود .. لا

تخشَ يا رجل ستكون شهيداً .. ! ابتسم .

عند خروجه من المنزل ، توقع أشياء كثيرة ، أن يتعثر عند عتبة الباب مثلاً ، أو أن تتأخر الحافلة

كعادتها ، لكنه أبداً لم يتوقع أن تكون نهايته هنا ، وبأن الناس سيصفونه بأنه إرهابي ، وبأن التاريخ

سيدون في دفتره ذلك .. وحمد الله بأن فقره كان محقاً في عدم زواجه حتى الآن ..!

هواجس ٌ عصفت بذهنه ، ولا زال صاحبه يقرأ قرآنه ، وينظر إلى حقيبته ، يرتقب الحدث .

لم يكن لديه شكٌ في أن جهازه النقال غير نافعٍ هنا ، لكن رغبته في الحياة أجبرته على المحاولة

لمراتٍ عديدة ، وثوانيه في الحياة تتضاءل ، وصور من أحبهم تتوالى سريعاً في ذاكرته ..

فكر لو أنه لم يُغضب والدته هذا الصباح ولم يتذمر من نصيحتها ، وفكر لو أنه أعطى تلك المتسولة

درهماً أو درهيمن عند باب بنايته ..

اتسعت عيناه فجأةً ، ووثب واقفاً رغم ألمه ، وتعثرت الكلمات على طرف لسانه ، وهو ينظر إلى

صاحبه لحظة عودة الحياة إلى المصعد ، حتى صمت الآخر عن تلاوة قرآنه ، وقال له وهو يغادر

المصعد إلى المركز الثقافي ( لا تجزع يا أخي إنك - بإذن الله - من الشهداء عند الله في جنة عدن ) .
استجمع ما تبقى من قوته ودفع باب المصعد ، وتدحرج على السلالم ، وقد تطايرت سيرته الذاتية

، وصاحبه يصيح عليه أن انتظر .. انتظر .. سأخبرك أمراً .. انتظر

ولمّا أدرك باب البناية ، دفع الحارس في خوفٍ ، وصاح البناية ستنفجر .. ستنفجر ..

الدور التاسع

عند دخوله باب الملحق الثقافي ، وضع حقيبته على طاولة الاستقبال ، ثم إنه نظر من خلال

النافذة إلى باب البناية ، فوجد صاحبه وقد ألقى بجسده على الأرض ودفن رأسه بين راحتيه

فابتسم ، وقال لموظف الاستقبال

- هل أخبرت شركة الصيانة عن عُطل المصعد المتكرر ..؟

- نعم .. وهم في الطريق إلى هنا ، الضيوف ينتظرونك في مكتبك سيدي .

- أترى هذا الرجل المغشي عليه عند باب البناية .. ؟ اذهب فأحضره إلى هنا ، وترفق به ، وجدوا

له وظيفة تناسب سيرته الذاتية ، ستجدها متناثرة على السلالم ..

- بأمرك يا سيدي .


 


قديم 11-05-18, 03:33 PM   #2
BlueCocktail

الصورة الرمزية BlueCocktail
غني بالله عن العالمين

آخر زيارة »  اليوم (01:04 AM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هههههههههههههههههه
:61::61::61:
سلالسه في القصه تشدك لاكمالها وسط دهشه وانبهار من صاحب الشنطه

يعطيك العافيه هارب


 


قديم 11-05-18, 03:48 PM   #3
جميلة الشرق

الصورة الرمزية جميلة الشرق

آخر زيارة »  01-22-24 (11:23 PM)
الهوايه »  الرسم وعزف الموسيقا وكتابة الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



قصة مشوقة .. أنا أحب القصص التى تكون أحداثها في المصعد الالكترونى
ولا أدري لماذا؟
ولكنها جميعا تنتهي بمفارقات جذابة نشعر معها بــ نصف ابتسامة ونصف دمعة
مثل رواية طويلة لـ منى سلامة بعنوان ثاني أكسيد الحب
جميع مفارقات الرواية في المصعد أيضا وحتى النهاية
هارب .. قصتك أثارتنى بالعديد من التساؤلات بينى وبين نفسي لماذا فعل هذه الخدعة؟
ولماذا قرر أن يوظفه في النهاية؟
والأهم لماذا لم يشعر بالرهبة عند تعطل المصعد قد يهوى خاصة مع التعطل المستمر؟
إبداع يثير العقل ياليتك تكثر من حروفك لنروي ظمأ العقل


 


قديم 11-05-18, 04:10 PM   #4
مرجانة

الصورة الرمزية مرجانة
~ رونق التوليب ~

آخر زيارة »  02-21-24 (11:36 PM)
المكان »  في ثنايا أحرفي
الهوايه »  قراءةُ النثرِ ، و كتابتُه .
اللهُمَّ برَحمَتِكَ .. أعِنّا .
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



جميلة جداً ، و قد أغاظني تصرف صاحب الحقيبة
لقد جعلَ صاحبه الفقير يعيش لحظاتٍ صعبة ، عاش الندم ، و تحطم الآمال و الأحلام .. و التحسر ..

هكذا للأسف بعض اللا مبالين و الأقوياء

لا أعرف لما نظرت إليها من هذه الزاوية و لكن .. ربما لتعاطفي مع ذاك الفقير ..
فلو أنه و للا هارباً لربما لن تسنح له الفرصة للتوظف ..


هارب ، حقاً يسعدني ميولك لكتابة القصص القصيرة .. قد وجدتُ أخيراً من يشاطرني ذات الاهتمام و أكثر !..
ممتنة لهذا الجمال ..

دمت


 


قديم 11-05-18, 08:00 PM   #5
أورانوس

الصورة الرمزية أورانوس

آخر زيارة »  03-25-24 (10:45 PM)
ــ ‌‏اللـهـُم دربــًا لا تـضـيـق بـه الـحـيــاة وقـــلــبًــا لا يــزول مـنـهُ الأمــل.


..┊̮ 🌿

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هههههههههههههههههه
قصة طريفة
شدتنا أحداثها منذ البداية وحتى إكمالها
يالدهاء المدير وشدة حيلته
ولكن تصرفه ألهمني منذ الوهلة الأولى أنه صاحب المنشأة
وإنما كان يجري اختبار مقابله لموظفه الجديد الذي بدا خالياً من الحلول حين يقع في المشاكل :eh_s(10):


الكاتب / هارب ،
شكراً على نثر حبرك هنا
وتدفق حكاياتك المشوقه ذات الأثر
لك تحيتي وتقديري


 


قديم 11-05-18, 11:54 PM   #6
عدي بلال

الصورة الرمزية عدي بلال

آخر زيارة »  03-19-24 (08:39 PM)
الهوايه »  الأدب بشكل عام، والقصص بشكل خاص

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة BlueCocktail مشاهدة المشاركة
هههههههههههههههههه
:61::61::61:
سلالسه في القصه تشدك لاكمالها وسط دهشه وانبهار من صاحب الشنطه

يعطيك العافيه هارب

القدير BlueCoctail

في المرة القادمة اسمح لي أن أكتب اسمك بالعربي ( بلو كوكتيل )، فأنا واللغة الإنجليزية في الطباعة على غير وفاق

أكثر ما يُسعد القاص هو أن يدخل البهجة إلى القارىء، سعدت كثيراً بأنك وجدت البهجة في قصة ( في المصعد )

تعلم أخي بأن الحبكة هي أهم عنصر في القص، وكلما استطعت أن تجذب القارىء إلى الخاتمة، فهذا يعني نجاح النص.

أتمنى أن أكون قد وفقت في هذا الأمر كما أشرت أخي.

الخاتمة كان لدي خيارين، فاخترت البسمة على الحزن .. ( هذه المرة )

امتناني لك



 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 01:27 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا