كل شي في مدينتي يذكرني بك ، انت لا تقطن بها و لكنك مررت بكل شي و انت داخلي ، نظرت لكل شيء من خلال عيناي ، و احببت كل شيء بقلبي ، ها انا الآن اعود لها ..

و علمت الآن بعد تلك السنين الماضية بأن لا أحد يحبني أكثر من نفسي ، حتى امي التي افنت عمرها لأجلي ممكن ان تتركني من دون سابق إنذار .
أنا الآن أقف وحيدة ممسكة بكل تلك الاحلام التي اهدتني السعادة لأيام ، لساعات ، للدقائق و حتى الثواني ، و اطلقها للريح و إن كانت لي ستعود .

كانت صغيرة عندما داهمها مرض البهاق ، فتاة في مرحلة مراهقتها لم تعلم لما تلونت بشرتها بهذا الشكل ، لم تعد تخالط من هم بعمرها ، كانت احاديثها تسردها على دفترها ذو الاوراق الصفراء تدون كلماتها بالازرق الداكن ، كلما سال حبرها على الورق تذكرت كيف بدأت بشرتها بالتلون و تأخذ اشكال غريبة كجزيرة مهجورة ، كبرت و كبرت البقع معها و ازادت توسعاً حتى استوطنت كامل جسدها ، لم تترك علاجاً طبياً و لا بديلاً إلا و سلكت الطريق إليه ، كان الأمل أن يتوحد لون بشرتها ، في تلك الفترة لم تكن تعرف المساحيق لتخفي بشاعة بقعها ، لكنها فضلت الانزواء و الانفراد بمحبرتها ، بعد الحياة المريرة التي عاشتها و تمتمات صديقاتها بالخفاء ، قررت اخيراً مواجهة واقعها بعدما بلغت من العمر عتياً ، واجهت و عاشت و تمنت لو أن هذه القوة هي من اخرجتها للحياة قبل عشرين سنة ..
هي قوة الحب من انارت صدرها و رسمتها لوحة فنية تسرق الألباب ، الحب فقط من يجعلنا في اعيننا كقطعة من الجنة ، هي الحياة ألم و أمل ،

مسالمة جداً ، لا أحب مخالطة الغرباء ، اسير في طرق ثابتة و معروفة ، إلى ان بزغ نجمه امامها .. انار الطريق رسم لها خارطة طريق جديدة لم تعهدها من قبل ، هذا الطريق مرسوم بدم قلبه ، كان له رائحة الياسمين و كانت تتبعه و كلما سارت خطوة نبت الورد من تحت قدميها ، كانت تلمس الجدران بيديها و تتحول جدران قلبه الى بلور سماوي و كل لمسه يتمتم قلبها بأمنيات خبئتها سنين طوال بإستحياء .

حُلم اصبح على بعد خطوات قليلة منها ، تمد يديها إليه تنبت الاغصان من بين اصابعها و تزهر ، لتلفه بالورد و تعطره بعبقها ، و يعيش هو بين احضانها ، و ينعمان بالجنة .

كأوراق الخريف اتساقط انا كلما هبت رياحك ، و اطير في دوامة عشقك حتى اضيع ، و انت بكل برود تتباهي بقدرتك الساحقة على تشتيتي ، و انا هنا انازع بعد ان سقطت ..!
هل تتذكر كيف كنت يانعه على غصن غض ..! هل تتذكر لوني و لمعاني ..! هل كنت كذلك حين سقطت ؟!
و انا برغم شحوبي إلا اني اشكل لوحة غاية في الجمال ، لكن انتبه ان تهشمني بلحظة فتور ..

كأوراق الخريف اتساقط انا كلما هبت رياحك ، اطير في دوامة عشقك حتى اضيع ، و انت بكل برود تتباهي بقدرتك الساحقة على تشتيتي ، و انا هنا انازع بعد ان سقطت ..!
هل تتذكر كيف كنت يانعه على غصن غض ..! هل تتذكر لوني و لماعني ، هل تتذكر حينما هبت رياحك كيف تمايلت ، تغنجت إلى ان سقطت ! و بعدها بكل جبروت هشمت ما تبقى مني! الى ان اصبحت بدون روح ، لكن بجمال مختلف ، جمال اغراهم لإلتقاطي مرة آخرى .. وضعني بين يديه يتحسس تعرجاتي و نتؤاتي .. رآني بشكل مختلف ، و ابرز جمالي ..
احتفظ بي ، دعني آرى جمال الحياة كجمال روحك ،