الصور والمحسنات والأساليب:

((حياة من الوَهْم تكبر)): استعارة ’’’ شبهت أن الوهم كالكائن الحي الذي يكبر وينمو ’’’ الغرض منها: بيان أن حبك لها كان كذبة لم تحقق واقعها ’’’

((وعشق مضحك ومزري)): استعارة ’’’ شبهت العشق كالإنسان يضحك ’’’ ويزدري الغرض البلاغي منها: السخرية ’’’

((مضحك ومزري)): كناية عن استحقار الوضع ’’’

((على طرق السفاهة)): استعارة ’’’ شبهت إن للسفاهة طرق ’’’ الغرض البلاغي منها: بيان مرور وانقضاء سنوات العمر الطويلة ’’’

((الخطوات سرية)): كناية عن الشهامة وحفظ وصون الأعراض ’’’

رائعة وعميقة هنا ’’’

((خيوط الوهم))

3

تمسكت بخيوط الوهم اخضبها بثمن عمري
وانتِ وهم ماله حد وقصة عشق وهمية

الآن نصل لعنوان القصيدة التي تلونت بها كافة القصيدة ’’’ ولكن خصصت للبيت الثالث بشطره الأول ذلك العنوان ’’’ هنا في هذا البيت روعة معنوية ولفظية كبيرة جدا وواسعة جدا ’’’ فقد تمسكت بتلك الخيوط ’’’ تمسكت بعشقها بحبها ’’’ كنت مصر على ذلك ’’’ كنت صابر لتنال مبتغاك ’’’ والمتطلع لبقايا الأمس سيدرك ذلك المعنى لا محالة ’’’ تلك الخيوط ’’’ وذلك العشق ’’’ لم تكن إلا خيوط نسجها خيالك فكانت كالوهم تماما ’’’ الآن سأبرز لماذا عنوانك جاء بقمة الروعة ’’’ فقد انتظرت هذا البيت بالذات لأقف على روعة وجمالية العنوان بحد ذاته ’’’ لنتأمل عنوانك ’’’ في سورة العنكبوت في الآية 41 منها قال تعالى : " إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت " ’’ من المعروف إن العنكبوت يفرز خيوطا جدا جدا ضعيفة ’’’ والوصف القرآني كان كفيلا بوصف مثل تلك الخيوط حيث وصف البيت الذي ينسجه العنكبوت بأضعف البيوت شأنا و قوة وطبيعي حيث لمسة بسيطة كفيلة بأن تزيل ذلك البيت ’’’ فعندما تصف حياتك و عشقك لها ومعها ’’’ (( بخيوط الوهم )) هنا يتوارد إلى الذهن عدم وجود تلك الخيوط من الأساس ’’’ حتى إنها لم تصل لدرجة قوة خيوط العنكبوت الضعيفة ’’’

هنا الروعة جدا كبيرة في اختيارك العنوان ’’’ وجدا دقيقة وذكية مرحلة الانتقاء هذه لتسبع على أبيات القصيد ’’’ فهي خيوط غير موجودة كما هو عشقها تماما ’’’ كمرحلة الكذبة الكبرى ’’’ روووعة بل قمة الروعة ’’’

والآن هنا الأروع في قصيدتك ’’’ أرها من ساخرة بكلماتها ’’’ إلى تعابير رائعة ظاهرها الفرح ’’’ وباطنها تعبير عن حزن ’’’ وخيبة أمل ’’’ وأسف ’’’ وخذلان ’’’ تلك الخيوط كانت كالخضاب – الحنة – ومن المعروف أن الخضاب للزينة وهي عادة تستخدم في الأفراح كالأعراس ’’’ والحفلات ’’’ أن تخضب المرأة يديها وقدميها ’’’ تلك الزينة ’’’ ذلك الخضاب قد اخترته من خيوط الوهم ’’’ مادته الوهم ’’’ فكأنك خضبت بها سنوات العمر التي كانت ثمنا غاليا ’’’ لحظة هنا بل لحظات حيث الروعة التي ليست بعدها روعة ’’’ عندما تسقط عنصر فرح كالخضاب على مظهر حزن ’’’ هنا التعبير الرائع كسخرية الشق الساخرة في اليت الماضي سلفا ’’’ هنا حيث الطائر يرقص مذبوحا من الأم ’’’ كان الخضاب غالي الثمن ’’’ ولا يوجد ثمن أغلى كالعمر ’’’ العمر إذا مضى لا يرد ’’’ وإن ذهب لا يرجع ’’’ كانت سنوات لا تعادلها أقوى العملات صرافة اليوم ’’’ فالمال يتضاعف ويزداد ’’’ عكس عمر الإنسان ينقص لا يزيد ’’’ وكأن تلك الفرحة سُرقت من عمرك ’’’ وكأن ذلك الوهم كان كفيلا لتدرك حقيقته أن تدفع ثمنا لا يعوضه ثمنا فمن يعوض العمر إذ مضى !!! عمر لا يحسب من العمر على الرغم إنه أخذ منه ’’’ فأين ما يحسب منه؟؟؟ كيف تحسب عمر قد سُرق ولم يحقق مراده!!! كم هذا الشطر قصة ورواية حزينة صيغت بإبداع شاعر واللهي لا استغربه عليك ’’’

ثم تخاطبها مباشرة بضمير المخاطبة (( أنتِ )) تخصها بالذكر فهي بطلة حكاية الوهم تلك ’’ وهي المتسببة بدفع عمرك ثمنا غاليا ’’’ تخاطبها مؤنبا ’’’ تخاطبها بكبرياء عاشق ’’’ تخاطبها للتقليل من الشأن بذلك الخطاب ’’’ أنها هي على الرغم من كونها حقيقة كإنسانة في الواقع ’’’ إلا أنها في حياتك كانت ذلك الوهم الغير حقيقي ’’’ فوجودها في حياتك كان بدافع العشق والهوى ’’’ وبما أنها غابت بعد ذلك العشق كانت هي تلك الكذبة الكبيرة برمتها ’’’ التي لم تتحقق العمر كثمن ’’’فكانت وهم ’’’ كانت خيال ’’’ كانت مرض أدركت الآن حقيقته و ماهيته ’’’ أصبحت مشخصا له ’’’ إنه الوهم ’’’ الذي أعياك ’’’ كل ما يتعلق بها وهمي ’’’ حتى قصة العشق تلك أدركت أنها كانت وقتيه ’’ لم يكن حب صادق لينمو وليترعرع ’’’ بل كان كذبة ’’’ كان مرض وجب الآن الشفاء منه ’’’ روعة جدا ’’’

الصور والمحسنات والأساليب:

((تمسكت بخيوط الوهم)): استعارة ’’’ شبهت للوهم خيوط ’’’ الغرض البلاغي منها: إن العشق لم يكن صادقا حقيقيا ’’’

((اخضبها بثمن عمري)): استعارة ’’’ شبهت الخيوط كأنامل قابلة للحناء والتخضيب ’’’ الغرض البلاغي منها: بيان مضي سنوات العمر سدى بعشقها ’’’

((ثمن عمري)): كناية عن مرور سنوات طويلة قبل إدراك الحقيقة ’’’

روعة وعمق ’’’

((خيوط القصايد))

4

أغني في زمان الطيف سوالف نوح للقمري
قصايد حرفها دمي قطعت عروقها حية

في هذه القصيدة شيء في قمة الروعة ’’’ مبدع أنت يا شاعرنا من الأول والأخير هنا ’’’ فكم سكبت معاني الفرح ساخرا من معانيه ’’’ قاصدا عكسها تماما ’’’ كم التوظيف جاء في منتهى الروعة ’’’ في هذا البيت معاني جدا عميقة وغزيرة ’’’ كما أن أبعادها تختلف عن ظاهرها اللفظي ’’’ هناك إبداع في توظيف الكائنات الحية ومحاكاتها هنا ’’’ وهناك الخيال ’’’
ولنقف بداية مع ((أغني)) الغناء يناسب أجواء الطرب ’’’ وهو تسلية للذات ’’’ وعادة يكون الغناء للفرح كترديد بين الذات والذات أو ما شابه ’’’ لكن هنا جاء كمواساة وسخرية من ما آلت إليه علاقتكما ’’’ فبعد عشق في منتهى العطاء كان التصور أن يكون المردود من جنس عمله ’’’ لكن كانت النتيجة عكسية تماما ’’’ هنا جاء الغناء كجر المواويل كجر للمعنى الذي آلمك ’’ ومتى كان وقت الغناء ’’’ في زمن تلاشى منه كل شيء عدا الطيف ’’’ (( الأطياف )) لمن كانت ذلك الطيف الخاطف ’’’ الذي يمر عليك ’’’ إنه لجميع الأحداث الماضية التي جمعتكما ’’’ والقرينة ما تقدم سابقا كدلالة على المعنى ’’’ هنا أيضا لأتوقف مع الخيال مع ذلك الطيف مع التصور ’’’ عادة الكل يلقي اللوم على الزمن ’’’ وحقيقة ينسب الحدث لقاطنيه ليس له ’’’ لكن العادة جرت على أساس لتغير في الزمن لا في النفوس ’’’ فألصقت بالزمن تهمة ساكنيه ’’’ فهذا الزمن لم يعد فيه وفاء ’’’ إلا لمرور أطياف لكن الحقيقة إن الزمن يصلح بصلاح أهله ’’’ هنا التغير طال علاقتك معها فلم تكلل بنجاح ’’’ رااائع جدا هنا التعبير في مجرد كلمات لها عمق وبعد جدا كبير ’’’

إنك تقص بغنائك قصة تلك الأحداث وما جرى بها عبر الزمن البعيد الذي كان جزء منه من بقايا الأمس ’’’ وتغني تلك الأغاني التي جاءت على شكل (( السالفة )) في جمعها للسوالف ’’’ فهي تراكم زمني شكل حصيلة أخبار ’’’ لقد اخترت من الطبيعية كائن حي جميل لتحاكيه ألا وهو طائر (( القمري )) لأدع القمري أو القميري قليلا ولأذهب لما سبقها وهي كلمة (( النوح )) فأنت كما قلت تغني لكن كمن يجر الموال الحزين ’’’ اختار السوالف والكلام بأحداثه ليصيغه مصحوبا بنوح ’’’ قمة الإبداع هنا لننظر جمعت بين (( الغناء و النوح )) الغناء لون يناسب أكثر للطرب والفرح وأردت به المعاكس تماما ’’’ والنوح للحزن الشديد الذي يعبر عنه بصوت باكي مصوب بلحن في الكلام كموال ’’’ وكلاهما أدى لمعنى الحزن ’’’ جمع التناقضات المختلفة مع دلالاتها لنفس المعنى تلك حرفية وتمرس حقيقة هنا ’’’’ لربما أنت كشاعر متمرس صغتها بشكل عفوي لكن التركيب بتلك الصورة لمن يأخذ القصيدة على غرار التحليل للنص يرى تلك الجمالية العميقة ’’’ أبدعت هنا بشدة ’’’

والآن لنأتي لكلمة ((القمري)) القمري طائر جميل ’’’ يشبه الحمام نوعا ما ’’ له ألوان جميلة ومتناسقة ’’’ لكن لندقق لماذا كان الاختيار للقمري بالذات دون سواه من الطيور؟؟؟ القمري معروف عنه إنه طائر مهاجر ’’’ يحب الأجواء الربيعية عادة ’’’ تنقله وترحاله ’’’ يشبه حالك تماما ’’’ مشاعرك مهاجرة كما هو ذلك القمري في تنقله وترحاله تماما ’’’ العاشق يميل أن ينال عشقه ومبتغاه فتصبح أجوائه ربيعية كما يفضلها القمري تماما ’’’ لكنك لم تنل ما فضلته ’’’ الانتقاء للقمري راق لي بشدة ’’’’

نأتي الآن للشطر الثاني من هذا البيت ما هي طبيعة السوالف ’’’ ما هو نوع غنائك ’’’ على ماذا ترنمت في نوحك؟؟؟ كل ذلك جميعا جاء من خلال قصائدك ’’’ وذلك الشيء الطبيعي لشاعر يعبر من خلال موهبته الفنية المتمثلة في فن الشعر بما يكونه من أبيات ’’’ تلك القصايد بحروفها ’’ بكلماتها التي تشابكت بها تلك الحروف كانت محبرتها دم يقطر ’’’ دم كأنما قطعت أوردتك الحية لتنزف حبرها ’’’ كم راق لي التعبير ’’’ كم هو رائع ’’’ كيف لا؟؟؟ ودمك هو عنصر الحياة الحيوي ’’’ ذلك الدم الذي يضخ الأذين والبطين ومغذيهما ’’’ ذلك الشاهد على عشقها كان يسير بك مجرى الدم بعروقه ’’’ يغذي ذلك القلب النابض بعشقها ’’ أصدق الحبر ’’’ منك ومن أيامك ومن عمرك الذي مضى ’’’ روعة جدا التعبير ’’’ بل في قمة الروعة ’’ ولندقق ((العروق الحية)) جدا رائع التعبير ’’’ كل ما بك ينطق بألمك ينبض به ’’’ وهل تقطيع تلك الأوردة جاء لأماتت الذكرى التي تنبض بها؟؟؟ أراه كذلك ’’’ علها تعبر بحروفها قطرات الدم تلك ’’’ وتخرج ذكراها ’’’ وتميت الذكرى الحية التي لا زالت تحيا بداخلك ’’’ واللهي هذا البيت كافي أن أستشهد به وأشير لك كأستاذ في مدرسة الشعر ’’’ بيت بكل تفصيله من تفاصيله جاء معبرا ناطق ’’’