منتديات مسك الغلا
 


موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-13-19, 07:02 PM   #1
جملة مفيده

آخر زيارة »  05-03-22 (10:10 PM)

 الأوسمة و جوائز

Icon N25 "لا تُظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك”



شاءت إرادة الله تعالى أن تكون البشرية في سعيها الدنيوي متقلبة بين العطاء والبلاء، ومحكومة بسُنة الموت التي تؤسس للحظة الانتقالية من الفناء إلى البقاء. وعندما يتأمل الإنسان تجليات الإرادة الإلهية فيما حوله، يوقن بأنه لن يشذ عن غيره في التعرض لسنن الابتلاء بمختلف أنواعها. هذا اليقين يفرض الولاء لمنظومة أخلاقية تعزز التماسك لا الفرقة، وتتيح للأفراد الشعور بقدر من العزاء والتحمل عند حدوث المكروه.

من هذا المنطلق يكون حِس الشماتة الذي يُبديه البعض تجاه بلاء الآخرين، صورة للعجز الذي يتطرق إلى الكيان الإنساني، فيوهمه أنه استثناء لا تنطبق عليه القاعدة. لذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنحى الذي يتخذه البلاء، فيجعل الجميع عرضة لسهامه. يقول في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه عن واثلة بن الأسقع:” لا تُظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك”.

يضج المشهد الإعلامي بألوان الشماتة بين المسلمين، وتغذية أسباب الفرقة والخصام. يتعلق الأمر بردود الأفعال المصاحبة لمباراة رياضية، أو منافسة فنية، أو تجربة سياسية، أو حتى صوابية طرح فكري من عدمه. ولأن المقاربة الإعلامية تميل اليوم إلى حيث مال المتصفحون، فإنها لا تجد حرجا في تحويل سوء الفهم البسيط إلى حدث يؤزم الوضع بين قُطرين شقيقين، وتبرير أشكال العدوان بخطاب شماتة يُهدر الدم والكرامة، ويُجرد الإنسان من معناه.

إن شماتة العدو بالمسلمين مفهومة بعد أن تبين الحد الفاصل بين الحق والضلال، لكن ما يحز في النفس حقا أن نعاين مظاهر جلية لشماتة المسلم في أخيه، لمجرد خلاف في الرأي، أو خصومة مذهبية، أو تعدد وجهات النظر لتدبير شأن عام. ويبلغ التشفي أسوأ تعبيراته، حين ينتقل العبد إلى جوار ربه، فيحسم الشامتون مآله قبل يوم الحساب !

من حق المسلم أن يفرح بالنصر على الأعداء، واستتباب الأمر بزوال الظالمين، شرط ألا تنقلب الفرحة شماتة؛ لأن المراد من التدافع الحاصل ليس هو الثأر وتصفية الحساب وإنما إخراج الناس من الظلمات إلى النور. لذا حين لعن الصحابة رضوان االله عليهم الرجل الذي أقيم عليه الحد لشربه الخمر، أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يغلق باب الشماتة ويعين صاحبهم على التوبة بالقول: لا تلعنوه، فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله، لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم، ولكن قولوا : اللهم اغفر له !

ويعرض صلى الله عليه وسلم لأسمى قيم الإنسانية التي تتجاوز حدود الملة، حين قام لجنازة يهودي مرت به، وأكد هديه الشريف لأصحابه بقوله: “إن الموت فزَع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا.” [رواه مسلم)

يلاحظ الدارس للتاريخ الإسلامي أن خطاب الشماتة، الذي نبذه الصحابة بفضل التهذيب النبوي، سرعان ما استرد عافيته في زمن الخلاف بين أنصار علي بن أبي طالب وأنصار معاوية. وهي المرحلة التي شهدت إحياء العصبية والحمية القبلية بين المسلمين. وكمُّ المرويات الذي حفظته بعض مصنفات السلف كتعبيرات للدهاء أو الأجوبة المسكتة، ليس في حقيقة الأمر سوى تكيف مع حس الشماتة الذي ساد الواقع اليومي.

دخل عقيل بن أبي طالب، وهو ضرير، على معاوية بن أبي سفيان زمن حكمه، فأجلسه معه على سريره ثم قال له: أنتم معشر بني هاشم تصابون في أبصاركم. فرد عليه عقيل: وأنتم معشر بني أمية تصابون في بصائركم !

ولما وفد شريك بن الأعور، أحد الفرسان الذين قاتلوا في صف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، على معاوية، وكان شريك دميما قصيرا، قال له معاوية : إنك لدميم والجميل خير من الدميم، وإنك لشريك وما لله من شريك، وإن أباك لأعور والصحيح خير من الأعور، فكيف صرت سيدا على قومك؟

فرد شريك قائلا: إنك معاوية وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت الكلاب، وإنك لابن صخر والسهل خير من الصخر، وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب، وإنك لابن أمية وما أمية إلا أمة صغرت، فكيف صرت أميرا للمؤمنين؟

وامتد حس الشماتة إلى القرآن الكريم لينتزع الآيات من سياقها، ويوظفها في حرب نفسية، وإذكاء مستمر لدواعي الخصومة والشقاق. خطب معاوية يوما فقال: إن الله تعالى يقول:﴿ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ﴾[الحجر.21]، فعلام تلوموني إذا قصرت في عطاياكم؟ فقال له الأحنف : وإنا والله لا نلومك على ما في خزائن الله، ولكن على ما أنزل الله لنا من خزائنه، فجعلته في خزائنك وحلت بيننا وبينه.

ودخل عليه رجل من اليمن فقال معاوية : ما كان أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة، فرد الرجل على الفور: أجهل من قومي قومك الذين قالوا حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم، ولم يقولوا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه. فسكت معاوية !

وامتد لاحقا خطاب الشماتة ليصبح لازمة لكل التقلبات السياسية، وشاهدا على انفصام العرى الاجتماعية لأمة التوحيد والوحدة. ولم تقف الشماتة عند حدود اللمز اللفظي، والعبارات التي ظاهرها الرحمة وباطنها النقمة، وإنما تطورت إلى صيغ شائنة من تمثيل بالجثث، وتشريد للأسر، وهتك للأعراض. وها نحن اليوم نعاين أسوأ مظاهر التشفي على **** الإنترنيت، ونوشك أن نتلقى العزاء في منظومة القيم التي أودعها النبي صلى الله عليه وسلم خيرَ أمة أخرجت للناس .


 


قديم 07-13-19, 08:52 PM   #2
هاجسي

آخر زيارة »  05-03-23 (11:39 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



السلام عليكم




صدقني عزيزي ما يدور داخل المجتمع غير ما ينقل على وسايل الإعلام أو النت المجتمعات مهما تعددت مذاهبها

أو ألوانها أو قبايلها تجد الحب والتفاهم والصداقه والعشره بين أفراد المجتمع ولكن المشكله تكمن في رجال السياسه ورجال الدين والمفكرين الذين يدرسون سمومهم بين الافراد


مجرد رأي


دمت بحفظ الكريم.


 


قديم 07-28-19, 06:40 PM   #3
جملة مفيده

آخر زيارة »  05-03-22 (10:10 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هاجسي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم




صدقني عزيزي ما يدور داخل المجتمع غير ما ينقل على وسايل الإعلام أو النت المجتمعات مهما تعددت مذاهبها

أو ألوانها أو قبايلها تجد الحب والتفاهم والصداقه والعشره بين أفراد المجتمع ولكن المشكله تكمن في رجال السياسه ورجال الدين والمفكرين الذين يدرسون سمومهم بين الافراد


مجرد رأي


دمت بحفظ الكريم.
رأي سديد أخي..
عالاقل بالنسبة لي..
جوزيت خيرا على المرور الطيب..
دمت بحفظ الله


 


قديم 07-28-19, 06:46 PM   #4
الجنرال خالد

آخر زيارة »  03-15-24 (12:43 AM)
المكان »  هناك حيث لا أحد
الهوايه »  قراءة الشعر والكتب والرياضه

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



موضوع جميل ورائع
جزاك ربي الجنه اخي الكريم على الطرح القيم
تحياتي لك


 


قديم 07-30-19, 10:25 PM   #5
جملة مفيده

آخر زيارة »  05-03-22 (10:10 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجنرال خالد مشاهدة المشاركة
موضوع جميل ورائع
جزاك ربي الجنه اخي الكريم على الطرح القيم
تحياتي لك
أجمعين إن شاء الله
شاكرا لك مرورك الكريم.


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 12:28 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا