مشهد من صورة " أين أنت ؟ .. "
سألته ..
من أنت ؟ ..
فــ لاح لمسامعها ضحكته ..
نعم إنها تتذكر تلك الضحكة .. الضحكة التي رسمت السعادة بحياتها
تتذكره فلا يمكن أن تنساه ..
أخذ نبضات قلبها تتسارع .. وابتسامتها تعلو شفتيها شيئاً فــ شيئاً ..
ويديها ترتفعان لتلامس يداه وهو محاط على عينيها ..
تحسسته .. فشعرت بــ قشعريرة سرت بجسدها ..
قشعريرة اشتياق لموطنها الذي هجرته منذ فترة ..
قالت له والشوق واضح على معالم وجهها وببحة صوتها ..
ألا تعلم أني أخشى الليل ؟ .. إظهر أمامي .. لتعيد النور لليلي وتعيد الأمل لقلبي .. وتنير حياتي كما أنرتها عند زواجك بي ..
لم يرد جواب منه ..
زاد قلقها ..
أيمكن أن يكون قد رحل مرة آخرى .. لا لا لابد أنه لم يسمعني جيداً .. لما لا يتحدث .. أود سماع صوته ..
طال انتظارها .. نفذ صبرها ..
أزاحت يديه والتفتت لتراه .. لكن ..
لا يوجد أحد .. لم يكن هناك أحد ..
أين ذهب .. لقد كان هنا للتو .. سمعت ضحكته تطرب أذني ..
أخذت تلوح بيديها يمنى ويسرى وتلتفت من حولها كـالمجنونة ..
لعلها تجده بأحد أركان هذه الغرفة .. يختبئ .. لكن لا أثر له ..
أين أنت ؟ .. أين ذهبت ؟ .. كيف تتركني للمرة الثانية ؟ .. أقسمت أنك لن تترك يدي مهما حدث .. أنك ستبقى بجانبي دائماً .. طلبت منك شيئاً واحداً أن أسمع صوتك .. صوتك الذي اشتاقت له روحي .. وأذابت قلبي حباً بك .. صوتك الذي كنت أصبح وأمسي به .. كم اشتقت للإرتماء بأحضانك .. كم اشتقت لعينيك الناعستين .. أين أنت ؟ .. أين ؟ ..
أخذ صوتها يتعالى .. ضجيج عما أرجاء المكان ..
فُتح الباب وإذ بــ إمراتين ترتديان ثوب أبيض .. ناصع البياض ..
أمسكتاها وأخذتا تهدئانها ..
سيدتي .. أرجوكِ إهدئي .. لا يوجد أحداً هنا .. أرجوكِ إهدئي .. لا لا أنتي كاذبة .. كان هنا قبل قليل .. سمعت ضحكته.. كان يغطي عيني هكذا .. تضع يديها على عينيها ..
أقسم لكن لقد كان هنا .. لم لا تصدقانني ؟ .. حسناً سيدتي .. انه هنا نعم لقد رأيناه .. لكن أنتي اهدئي الآن .. حقاً ؟ .. إذن لما لم تقولا له أن يبقى .. أود منه أن يبقى بجانبي .. فقد اشتقت له كثيراً .. لما لم تقولا له ذلك ؟ .. سيدتي أرجوكِ .. لا لا أنتما لا تسمعانني .. اتركاني سأذهب لأبحث عنه بنفسي وأخبره بذلك .. هيا اتركاني ..
شدتاها الممرضتان بقوة وأخذتا تسحبانها للسرير وهي تتألم وتتأوه وتناجيه
.. انه ينتظرني دعوني أذهب إليه .. أرجوكما ..انه ينتظرني .. دعوني .. دعو .. دعو .. ني ..
...
هكذا تنام كل ليلة .. مهدئات .. ونوم لا تستلذ به ..
تنام والدمعة تنساب على خديها .. وصوتها يكاد أن يتقطع لكثرة مناجتها له ..
تنتظره كل ليلة .. تنرسم بمخيلتها صورته .. لكن دون أن ترى ملامحه أو تسمع صوته ..
كل ليلة وهي تنتظر .. كل ليلة تزداد شوقها له ..
كل ليلة تجلس عند نافذتها تنتظر قدومه .. كل ليلة تطلب منه صوته ..
كل ليلة ..وكل ليلة .. وكل ليلة ..
دون أن تدرك أن ..
من أصبح تحت الثرى لا يمكن أن يعود ! ..
...
من خربشتي .. 
...