•• الجزء الأول •• 🌸
في الصباح ، و عندَ الساعةَِ السابعة .. و في منزل السيدة ( كاثي ) ، كانت الفتاة ( روز ماري ) منتصبةً أمام المرآة في غرفتها ، منهمكةً في تزيين نفسها و تسريح شعرها .. و الفوضى تملأ سطحَ الطاولة من أدوات الزينة و الإكسسوارات .. و بينما هي كذلك ، دخلت شقيقتيها التوأمتين إلى غرفتهما اللتين تتشاركانها مع ( روز ماري ) .. وقفتا تنظران إليها بصمتٍ و هما تضمان ذراعيهما إلى صدريهما .
التفتت لهما و هي ترتدي قرطيها و قالت
- ماذا عندكما ؟!
قالت ( جودي ) بتذمر
- نراقبكِ فقط! ، أنتِ مستعجلة أكثرَ من اللازم .. انظري ما أحدثتي من فوضى .
- لا عليكِ ، أنتهي الآن و أرتب ما أحدثته .. لا تقلقي .
قالت ( صوفي ) التوأم الأصغر
- لا تنسي الهدية ، و إلا لن يكون للقاءكِ بـ ( بيتر ) معنى .
انتهت ( روز ماري ) و قالت لـ ( صوفي ) مبتسمة
- شكراً يا عزيزتي ، لن أنسى .. هل أبدو جميلة ؟
ابتسمت التوأمان و قالت ( جودي )
- أنتِ جميلةٌ دائماً .
و قالت ( صوفي )
- فاتنة يا ( روز ماري )
ابتسمت ( روز ) لهما بخجلٍ و عادت بنظرها للمرآة ، ثم نظرت إليهما و قالت
- شكراً لكما ، آه يجب أن أوضّب هذه الفوضى !
و بسرعةٍ و عجلة بدأت تلمُّ الأدوات و تعيد ترتيبها .. ثم أسرعت لخزانةِ ثيابها و أخذت منه كيساً أحمرَ يحوي علبةَ الهدية .. و قالت و هي تهم للمغادرة
- عن إذنكما يا عزيزتي ، إلى اللقاء .
قالت ( جودي )
- وقتاً ممتعاً .
و قالت ( صوفي )
- أبلغي سلامي لـ ( بيتر )
غادرتهما ( روز ) على عجل .. و نزلت إلى الطابق السفلي و هي تحث الخطى ، و بينما كانت تسير للخارج استوقفتها والدتها منادية
- ( روز ) إلى أينَ يا بنتي ؟! .. لم تتناولي طعام الإفطار و ستغادرين هكذا ؟
استدارت ( روز ماري ) لوالدتها قائلة
- سأتناول طعام الفطور معَ ( بيتر ) يا أمي ، يجب أن أذهبَ سريعاً إليه .
- حسناً .. أبلغي ( بيتر ) سلامي .
ابتسمت ( روز ) و قالت
- حسناً ، إلى اللقاء .
قالت ذلك و غادرت مسرعةً بفرحٍ و سعادة ، اليوم هو يوم ميلادِ ( بيتر ) .. و هي تريد مفاجأته باحتفالها بعيد ميلاده .. ستذهبُ له حيثُ يعمل و تفاجئه .
( بيتر ) هو خطيب ( روز ماري ) منذ ستةِ اشهر ، والده صديقُ السيدة ( كاثي ) والدة ( روز ماري ) ، و من خلال تلكَ المعرفة تمت الخطبة .
استقلت ( روز ) سيارة أجرة و قصدت عملَ ( بيتر ) .. و عندَ الوصول ، مشت بهدوءٍ و أنفاسٍ لهثى .. تتأمل كيفَ سيكون وقعَ المفاجأة على ( بيتر ) حينما يجدها أمام عينيهِ ليحتفلان بعيد ميلاده ، كما أنها المرة الأولى التي تزورهُ في مكتبِ عمله .
اقتربت من غرفةِ مكتبه ، و البسمة اتسعت على وجهها .. و مشت بهدوءٍ أكثرَ حينما اقتربت من عندِ الباب .. و لكنها توقفت حينما سمعت صوتاً قادماً من مكتبهِ يقول
- تذوقها يا ( بيتر ) ، صنعتها بيدي مع الشروق .. صنعتها خصيصاً لأجلك فلا تخذلني .
و سمعت بعدها صوت ( بيتر )
- لا أحب الكعكَ يا حبيبتي ، لكن طالما أنكِ صنعتيها من أجلي فسأتذوقها رغماً عن أنفي .
و جاء بعد ذلكَ صوت ضحكاتهما .. شعرت ( روز ماري ) بالخيبةِ و الألم ، من سبقها إليه ؟!
و اقتربت أكثرَ من البابِ المفتوح و اختلست النظر ..
وقعت عينيها على كعكةٍ على الطاولة زُينت بالشموع و الحلوى ، و عاودها صوتُ الفتاة
- ما رأيك ؟.. لذيذة أليسَ كذلك ؟
- بلى ، لذيذة جداً !.. شكراً عزيزتي .
أحست ( روز ) بقلبها ينقبض ، صوتُ الفتاةِ غيرَ مألوف ! .. من تراها تكون ؟!
اطلت برأسها لداخلِ غرفةِ المكتب .. فرأت ( بيتر ) جالساً و بجانبهِ تجلسُ الفتاة و هي تمسكُ بالملعقةِ و تطعمهُ الكعك بكلِ استمتاع .
هالها المنظر ! ، من هذهِ الفتاة ؟! ..
اعتدلتْ في وقفتها و استندت على البابِ بقلبٍ معتصر .. و الدموع تجمعت في حدقتيها
تكبحُ شهقاتِ البكاء المتزاحمةِ في حنجرتها ، هل هذهِ الفتاةُ حبيبة ؟! ، أم مجرد صديقة ؟!.. لا لقد ناداها حبيبتي منذُ قليل !
من دون أن تشعر ، سقطَ كيس الهديةِ على الأرض من يدها ، لم تكترث .. كان الألم يقتلها هذهِ اللحظة .
بينما تناهى صوتُ ارتطام الهديةِ بالأرض إلى مسامعِ ( بيتر ) و فتاته !
فتوقفا عن الكلام و تبادلا نظرات التساؤل ، بعدها وقفَ ( بيتر ) و اقتربَ من الباب .. و نظر ..
و علت الدهشةُ وجههُ حينما وجدَ ( روز ) مستندةً على الباب باكية ، همسَ مدهوشاً
- ( روز ) !
نظرت إليهِ بعينينٍ دامعتينٍ و غاضبتين .. و لم تقل شيئاً ، كانت دموعها تحكي عن ألمها ، و عينيها عن غضبها ، كان كل ما فيها يصرخ بالقهر و الخيبة !
ازدردَ ( بيتر ) ريقه و قال بصعوبة
- ( روز ) ، أنا ..
و تلعثم و تعثرَتِ الكلمات ، لم يعرف ماذا عليهِ أن يقول .
فقالت ( روز ماري ) بصوتٍ مكسور
- لا يجب أن تقولَ شيئاً ، لأن كل شيءٍ واضحٌ كوضوحِ الشمس!
قالت هذا و استدارت مغادرةً المكان ، ناداها ( بيتر ) و لكنها لم تستجب لندائه .. بل تابعت سيرها متجاهلةً صوته ، فلحِقَ بها مسرعاً حتى أمسكَ بذراعها قائلاً
- توقفي ( روز ) ..
التفتت إليهِ و سحبت ذراعها من قبضته و صرخت فيه بانفعال
- اتركني ، لا تتبعني! .. عُد إليها .. إذهب لحبيبتكَ فلم تعد تهمني أبداً .
قالت ذلكَ و نزعت خاتم الخطبةِ من إصبعها و رمتهُ على صدرهِ ليسقطَ على الأرض .. و قالت و هي تجهش بالبكاء
- لا أريدك ، و إياكَ أن تتبعني !
- ( روز ) تمهلي ، لا تدعي الغيرةَ و الغضبَ يفقدانكِ عقلكِ ! ، تلكَ الفتاة مجرد زميلةٍ لا أكثر .
- لا تضحكني !.. هي أكثرُ من ذلكَ بكثير ، رأيتُ كل شيء فلا تحاول خداعي .. ما بيننا انتهى .. انتهى !
قالت ذلكَ و استدارت لتكملَ سيرها حاملةً خيبتها ، تلملم حطامَ سعادتها و قلبها الذي لم يحتفل بعد ، سعادتها انقلبت حزناً و دموعاً و ألماً ، كانت تريدُ أن تفاجئهُ لكنهُ هوَ من فاجأها !
أسرعت إلى منزلها و دخلت مندفعة باكية راكضةً إلى غرفتها ، لمحتها السيدة ( كاثي ) و نادت عليها ، لكنها لم تجبها .. فنظرت السيدة إلى ( جودي ) و ( صوفي ) اللتينِ كانتا منهمكتين في دراستهما وقالت
- ما بها أختكما ؟!
رفعتا رأسيهما لوالدتهما ، قالت ( جودي )
- هل عادت ( روز ) ؟
- نعم ، و ذهبت مسرعة إلى الأعلى و لم تجبني !
قالت ( صوفي )
- ربما نسيت شيئاً !
قالت السيدة ( كاثي ) و هي تقف من مقعدها
- لستُ مطمئنة ، سأذهبُ و أراها .
و ذهبت لتصعدَ إلى الطابق الأعلى حيثُ غرفةِ الفتيات ، فلحقت الفتاتان بأمهما .
فتحت السيدة باب الغرفةِ و دخلت ، و دخلت معها الفتاتين .. و علت وجوههن الدهشة حينما وجدن ( روز ) تبكي و تنحب .
اقتربت السيدة من ابنتها ( روز ) قلقة ، و جلست بجانبها بارتباكٍ و ذعر .. و سألتها
- عزيزتي ( روز ) علامَ البكاءُ يا حبيبتي ؟! ، هل حصلَ أمرٌ بينكِ و بين ( بيتر ) ؟!
رفعت ( روز ماري ) رأسها و مسحت دموعها و قالت بعصبية
- نعم لقد حصل ، ذلكَ الدنيء ( بيتر ) يحتفل معَ حبيبتهِ في مكتبه ، يجلسها بجانبهِ و تطعمهُ الكعك بيديها ، بدا لي أنهما على معرفةٍ جيدة .. يخاطبها بحبيبتي يا أمي !
قالت ذلكَ بقهرٍ و اجهشت بالبكاء من جديد ، أخذتها والدتها إلى صدرها تضمها و تمسح على رأسها قائلة
- هوني عليكِ يا ابنتي ، لا تزعجي نفسكِ .
قالت ( صوفي ) بغضب
- تباً له ! ، هذا آخر ما نتوقعه من ( بيتر ) !
قالت ( جودي ) بغضبٍ هي الأخرى
- إن كان يريد مجالسةَ حبيبتهِ لما يتقدم لخطبةِ ( روز ) ؟!
نظرت لهما الأم بعينٍ غاضبة و مؤنبة ، تطلب منهما أن تلزما الصمت ، فقالت ( جودي )
- أنا محقة ! ، لما يفعلُ ذلكَ بقلبِ أختي ؟!.. ( روز ) ، الويلُ لكِ إن عدتِ إليه ، أخرجي ( بيتر ) من حياتكِ بشكلٍ نهائي !
نهرتها السيدة ( كاثي ) قائلة بغضب
- ( جودي ) فلتصمتِ .
قالت ( روز ماري ) و قد كفت البكاء
- ( جودي ) محقة يا أمي ، أنا لم أعد أريده .. لن أتزوجه أبداً ، لقد كرهته !
- آه ابنتي !
و مضى النهار بكآبةٍ و حزن ، أمضته التوأمتان في دراستهما ، و ( روز ماري ) في غرفتها تبكي و تفكر بقهر .. لا تستطيعُ أن تغفرَ لـ ( بيتر ) ، إن كانت هذهِ البداية فلتنجو بنفسها و تفضَ الخطبة .. هذا ما يجب عليها أن تفعله بكل إصرار .
============
في المساء ، و في مجلسِ منزل السيدة ( كاثي ) .. كان ( بيتر ) و والده قد جاءا لرؤيةِ ( روز ماري ) و التكلم مع السيدة ( كاثي ) .
( روز ماري ) رفضت النزول من غرفتها إليهم ، و لزمت مكانها بكلِّ عناد .. و قد شجعتها على ذلكَ شقيقتها ( جودي ) ، أما ( صوفي ) فقد وقفت ضدهما قائلة
- ( روز ) ، لقد جاء ( بيتر ) و والدهُ إليكِ و هما يتمسكانِ بكِ و لا يستطيعان التفريط فيكِ ، برأيي سامحيهِ هذه المرة لأجل والده .. منظر والده يمزقُ القلب ! ، كما أنه معترفٌ بغلطةِ ابنه .
قالت ( جودي ) بانفعال
- من الغباء أن تغفرَ له لأجل ابيه ، والدهُ لن يكون مسؤولاً عن طيشهِ ، لا هذهِ المرة و لا المراتِ القادمة ، أجزم أن ( بيتر ) سيكرر غلطته و لن يكفَ عن حبيبته ، بل سيهرعُ إليها غداً !
- لا تجزمي يا ( جودي ) ! .. بدا ( بيتر ) نادماً .
قالت ( جودي ) بسخرية
- يمثل يا عزيزتي ، يمثل عليكم جميعاً !
في هذه اللحظة ، فتحَ باب الغرفة و دخلت منه السيدة ( كاثي ) ، نظرت لهن و نظرن إليها .. ثم قالت السيدة توجه الكلام لـ ( روز )
- ألم يلين رأسكِ العنيد ؟! .. لا تخجليني مع السيد ( جيمي ) ، جاء بنفسهِ ليعتذر عن غلطةِ ابنه ، أنا حقاً خجلة من عنادكِ و دلالكِ يا ( روز ) !
رفعت ( روز ) بصرها نحو والدتها دون أن تقول شيئاً ، بينما قالت ( جودي )
- هل هما قليلا الفهم ؟!.. الفتاة ترفض ( بيتر ) بعدما علمت بحقيقته ، لها كل الحق .. لو أن الأدوار قلبت لما التفتَ هو لـ ( روز ) و تخللا عنها دونَ أسف ! .. لذا فلينصرفا دونَ إلحاح .
قالت السيدة بانفعال
- ( جودي ) كفي عن الهراء !.. أنا أتكلمُ مع ( روز ) فلا تتدخلي .
وقفت ( روز ماري ) فجأةً و قالت و هي تنظر لوالدتها بهدوء
- سآتي معكِ ، سأرى ما عندهما .
ابتسمت السيدة برضى و قالت بارتياح
- هيا يا عزيزتي هيا .
و مضت الإثنتانِ خارج الغرفة و أغلقت السيدة الباب خلفهما .
اقتربت ( صوفي ) من توأمها و قالت بفضول
- أتعتقدينَ أنها ستغير رأيها و تغفرُ لـِ ( بيتر ) ؟!
أصدرت ( جودي ) ضحكةً ساخرة و قالت
- بالطبع لا ، ستطردهم فقط و تعود !