•• الجزء السابع ••🌸
بعدَ مضي أسبوع ، كانت السيدة ( جوان ) و ابنتها ( إميلي ) في زيارةٍ لمنزل السيدة ( كاثي ) .. كانت ( صوفي ) و ( جودي ) قد جلستا بجوارِ ( إميلي ) تحدثانها ..
بينما هن كذلك ، سألت ( إميلي )
- أين ( روز ماري ) ؟.. من الغريبِ أن لا تصاحبنا في الجلسة !
أجابت ( صوفي )
- لقد انتهت اليوم صباحاً من كتابةِ مسرحيتها ، و هي مغمورةٌ بالسعادةِ و الحماس .. تريد مراجعتها فقط و ترتيب الأوراق حتى تُعِدُّها للتقديم .
أشرقت السعادة بوجه ( إميلي ) و قالت بسرور
- أنا سعيدةٌ أيضاً !.. خبرٌ رائع كنا ننتظره .
قالت ( جودي ) دونَ اكتراث
- لا روعةَ في الأمر ، الروعةُ الحقيقية تكون حينما تعرض المسرحية و تقام على المسرح .. ما زال الوقت باكراً .
ضحكت ( إميلي ) و قالت
- و معَ ذلك أجده خبراً مفرح ، أعتقدُ أن ( آرثر ) سيسعدُ هو الآخر لو علم .
قالت جودي باهتمام
- ستخبرينه ؟!
فكرت ( إميلي ) قليلاً و البسمةُ على شفتيها ، ثم قالت
- لن أكونَ بحاجةٍ لإخباره .. ستخبرهُ ( روز ماري ) بنفسها !
رفعت التوأمتان حاجبيهما متفاجئتين ، و قالت ( صوفي )
- هل يتراسلان ؟!
- لا .. لكن ..
قالت ( جودي ) بنفاذِ صبر
- لكن ماذا ؟!
- أ لم يهاتف أخي ( روز ) مرةً ؟
اتسعت عينا ( جودي ) و قالت بدهشة
- يهاتفها !!
قالت ( إميلي ) و قد أفزعتها الدهشة التي حلت على وجهي الفتاتين ، و قالت بارتباك
- ما بكما ؟!.. أنا أتساءلُ فقط !
- لماذا تسألين ؟!.. هل أخبركِ أنه يهاتفها ؟
- لا !.. إنما طلبَ رقم هاتفها فقط ، لذلكَ ظننته هاتفها .
صمتت الفتاتان حينها .. و تبادلتا النظرات و هما تفكرانِ في فكرةٍ واحدة !
( روز ماري ) تهاتف ( آرثر ) و تخبيء الأمرَ عنهما !
بعدَ أن حلَّ الغروب ، قادرت السيدة ( جوان ) مع ابنتها ( إميلي ) .. فتحدثت ( صوفي ) مع ( جودي ) بعدَ أن تركتا و الدتيهما في المطبخ قائلة
- سمعتي ما قالت ( إميلي ) ؟!
نظرت إليها ( جودي ) بعينينٍ غاضبتين و قالت
- ( روز ) و ( آرثر ) يتخابران بالهاتف !
- لم تذكر ( روز ) لنا شيئاً عن ذلك .. لقد خبأت الأمرَ عنا !
صمتت ( جودي ) تحدق أمامها بقلبٍ محروق .. فسألت ( صوفي )
- فيما تفكرين ؟
رمقت ( جودي ) شقيقتها بعينينٍ حادتين ، و أصدرت تنهيدةً من صدرها المتقد و قالت بهمس
- سأحرِقُ قلبها كما حرقتني .. حذرتها مسبقاً ، لكنها لم تأبه لتحذيري !
شعرت ( صوفي ) بالخوف من كلماتِ ( جودي )
فقالت بصوتٍ ضئيلٍ قلقة
- ماذا ستفعلين ؟!.. لا ذنبَ لـِ ( روز ) في الواقع .. هو من بدأ يا ( جودي ) !
- و هي استمرت معه ! ، رغمَ التنبيه !
ازدردت ( صوفي ) ريقها بقلق .. بينما ابتعدت عنها ( جودي ) صاعدةً إلى غرفتها .. فتبعتها ( صوفي ) بقلبٍ وجل .
فتحت ( جودي ) بابَ الغرفة بهدوء .. و قبلَ تجاوز الباب .. وقفت ترمق ( روز ماري ) التي كانت تجلسُ على سريرها منهمكةً في مراجعةِ نص المسرحية .
وقفت ( صوفي ) خلف ( جودي ) و همست متسائلة
- ما بكِ ؟
لم تجبها ( جودي ) ، بل شرَّعت البابَ و دخلت بخطىً واثقة قائلة بنبرةٍ عالية لـِ ( روز ) و هي تمشي نحوها
- ما زلتِ تحنينَ رقبتكِ على هذه الأوراق ؟!
نظرتْ إليها ( روز ماري ) و أخذت نفساً ، ثم قالت مبتسمة
- ماذا عساني أفعل ؟.. يجب أن أرسلها غداً لذا أنا أحني رقبتي على الورقِ على حدِ قولك .
قالت هذا و ضحكت ، بينما جلست ( جودي ) بجانبها قائلة
- كانت ( إميلي ) هنا معَ والدتها ، سألت عنكِ و أخبرتها ( صوفي ) أنكِ تراجعينَ المسرحيةَ بعد انتهائكِ من كتابتها .
- حقاً ؟!.. و كيفَ هي ؟
- جيدة جداً .. و قد سعدتْ لأجلك .. قالت أنَّ ذلكَ خبرٌ مُفرِح .
اتسعت ابتسامةُ ( روز ماري ) و قالت
- كم هي لطيفة ، شكراً لها .
صمتت ( جودي ) للحظة ، ثمَّ قالت سائلة بمكر
- أتراه ( آرثر ) سُعِدَ بالخبرِ هوَ الآخر ؟
نظرتْ ( روز ماري ) لـ ( جودي ) بعينينٍ واسعتين ، تعجبت من قول شقيقتها المفاجئ .. و قالت مستغربة
- و ما أدراني ؟!.. و ما يدريهِ أصلاً !؟
عضت ( صوفي ) على إبهامها قلقاً و ارتباكاً ، كانت تنظرُ إليهما من حيثُ تقف .. عندَ باب الغرفة .. وهي تشعرُ أن مصيبةً قريبة ستحل !
قالت ( جودي ) مستنكرةً تفاجؤ ( روز ماري )
- تدعينَ أنكِ لا تهاتفيه ؟!
عقدت ( روز ماري ) حاجبيها باستنكارٍ هي الأخرى و قالت بدهشة
- أُهاتفه !؟..
قالت ( جودي ) بانفعال
- نعم تهاتفينه !.. أخبرتنا ( إميلي ) بكلِّ شيء !
صدت ( روز ) بوجهها عن ( جودي ) متجاهلةً قولها و عادت إلى ورقها دونَ اهتمام .
اغتنمت ( جودي ) هذهِ اللحظة المنتظرة ، فوقفت و سحبت بعضاً من الأوراقِ التي كانت بيدِ ( روز ) و همّت تمزقها !
وقفت ( روز ماري ) متفاجئةً و تركت الورقَ الذي بيدها صارخة و هي تحاول سحبَ الورق الذي صارت ( جودي ) تمزقه قائلة
- دعي أوراقي !.. هاتها لا تمزقيها يا ( جودي ) !
لكن ( جودي ) قد مزقتها ، و تركتها لِـ ( روز ) تلتقطها من يديها ممزقة و بالية !
و عادت هي للأوراق الأخرى التي تركتها ( روز ) على سريرها و هجمت عليها بيديها تعفسها و تمزقها .
دفعتها ( روز ماري ) صارخة بأعلى صوتها
- اتركيها !.. ابتعدي يا ( جودي ) ، ماذا حلَّ بكِ يا غبية ؟!
تقدمت ( صوفي ) بهلعٍ و ذعر ، أسرعت و شدت ( جودي ) قائلة
- كفى جنوناً ! ، توقفي يا ( جودي ) .
توقفت ( جودي ) لتلتقطَ أنفاسها ، بينما جلست ( روز ماري ) عندَ أوراقها خائبة .. فلقد مزقت ( جودي ) معظمَ الأوراق .. أخذت تُلملمُ الأوراقَ المبعثرة و الممزقة بقهرٍ شديد ، و الدموع قد تجمعت في حدقتيها .. و قالت بصوتٍ مرتعش
- لماذا فعلتِ ذلكَ بأوراقي يا ( جودي ) ؟!
قالت ( جودي ) بعصبية
- لأنكِ كاذبة !.. و لأنكِ لا تستحقينَ أن تنجحي يا ( روز ) ، تكسبينَ كلَّ شيءٍ لماذا ؟!.. ها لماذا ؟! ، حتى ( آرثر ) .. ادعيتي عدمَ اهتمامكِ به ، حتى أوقعتهِ في حبك !.. حتى تمكنتي منه ! ..
وقفت ( روز ماري ) قبالة ( جودي ) بغضبٍ شديد ، و صفعتها على وجهها بكل حرقتها قائلة
- اخرسي .
شهقت ( صوفي ) مذهولة ، بينما تأوهت ( جودي ) متألمة و وضعت يدها على خدها مذهولةً هي الأخرى ، بينما أردفت ( روز ) قائلة
- ما كنتُ أصدقُ هذا ! .. أنتِ شقيقتي لمَ تفعلينَ هذا بي !؟ ، لا شيء يستحق ما فعلتيه ، و لا مبررَ له سوى الحقدَ الذي تملكَ قلبكِ يا حقيرة !
و أضافت صارخة بغضب
- أغربي عني الآن .
كانت ( جودي ) تنظر إلى ( روز ) بعينينٍ دامعتين .. تبكي بصمتٍ و ألم .
سحبتها ( صوفي ) من ذراعها قائلة بصوتٍ خافت
- تعالي يا ( جودي ) ، اتركيها لتهدأ .
تراجعت ( جودي ) و ( صوفي ) .. و انسحبتا من الغرفة .. بينما ظلت ( روز ماري ) واقفةً تنظر إلى الأوراق المرمية و الممزقة على الأرض .. كانت انفاسها متسارعة .. و دموعها تنحدر على وجنتيها المحمرتين من شدة الغيظ .
جلست من جديد لتتابعَ جمعَ الأوراق ، مفكرة
ماذا عليها أن تفعلَ الآن ؟.. كانت تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر .. و بعدَ مجيىء هذا اليوم ، تقتلُ ( جودي ) كلَّ سعادتها ، تبدد كل تعبها .. قضت على جُهدها الذي كانت تريدُ رؤيته يثمر !
همست بقهر
- لماذا يا ( جودي ) ؟
و ضمت الأوراق إلى صدرها بحزنٍ و ألم .
أما ( جودي ) فقد هدأت حينما هدأتها ( صوفي ) بعدَ أن خرجتا إلى فناء المنزل .. و بعدَ ذلك قالت ( صوفي )
- كنتِ متهورة كثيراً !.. مهما كان ! ، لا حقّ لكِ بتمزيقِ الأوراقِ يا ( جودي ) .. تدركينَ مدى الوقت الذي استغرقتهُ ( روز ماري ) في كتابةِ المسرحية ! .. و تعرفينَ مدى رغبتها في أن تقامَ على المسرح ! .. كيفَ ستقدمها للإعلامِ الآن ؟
- أغاظتني !.. تكذبُ أيضاً و تدعي أنها لا تحادثهُ على الهاتف .
- ربما لم يتحدثا !.. ( إميلي ) كانت تتساءل و نحن لم نرها أو نسمعها تتحدث معه ، كلها تهيؤاتٍ فقط .
على الحزن تقاسيم وجه ( جودي ) ، و قالت متألمة
- و معَ ذلكَ أنا حزينة يا ( صوفي ) ، ( آرثر ) يهتم بها كثيراً .. رسالتهُ تلك .. و الآن ..
ثم التفتت لـِ ( صوفي ) قائلة بانفعال
- كنا نستطيع التصرف مع الرسالة ، لكن كيفَ سنتصرف مع الهاتف !؟
تأففت ( صوفي ) بغضبٍ من ( جودي ) ، و قالت بانفعال
- لن تكفي عن إحداث المشاكلِ يا ( جودي ) ، ( آرثر ) لن يلتفتَ لكِ حتى لو قتلتي ( روز ) !
اتسعت عينا ( جودي ) ، و قالت منزعجةً و هي تنظر في عيني ( صوفي )
- لما تقولين هذا ؟!.. ألا أستطيعُ كسبه بكل الأحوالِ باعتقادك ؟! ، لمَ ؟.. أنا جميلة و ذكية و رائعة بكلِّ ما فيّ !
قالت ( صوفي ) بعصبية
- نعم لكن لستِ النوعَ المفضلِ لـِ ( آرثر ) ، شيءٌ ما يعجبهُ في ( روز ماري ) ، ربما لا يكون مميزاً لكنه يعجبه .. ثم أنها أجملَ و ألطف .
رفعت ( جودي ) حاجبيها و هي تنظر باستهجانٍ لـِ ( صوفي ) و قالت
- أجمل ربما أوافقك ، لأنه من سوء الحظ أنا توأمكِ ! .. إنما ليست ألطف !
ضحكت ( صوفي ) و قالت تشد بذراعِ ( جودي )
- و حسرتاه عليكِ يا ( روز ) !.. هيا بنا إلى الداخل و دعنا منهما .
- هيا .
============
عندَ الساعةِ العاشرة .. كانت التوأمتان قد خلدتا إلى النوم ، أما ( روز ماري ) فلقد ظلت جالسةً تفكر بحزنٍ بما حل بأوراقها .. ستحاول إعادةَ ما كتبته في وقتٍ وجيز .. ستبدأ غداً بترتيب الأوراقِ الممزقة و المهترئة و إعادة كتابتهِ في ورقٍ آخر .
سيكون ذلكَ شاقاً .. لكن ماذا عليها أن تفعل ؟!
استلقت على سريرها أخيراً و غطت نفسها .. و ما إن اغمضت عينيها ، حتى رن هاتفها .
نهضت من سريرها و التقطت هاتفها الذي كان موضوعاً على مكتبها .. كانت تتساءل من هو المتصل ، فلا يرن هاتفها إلا في أوقاتٍ نادرة جداً .
ردت على الهاتفِ بصوتٍ هاديء و منخفض
- ألو ؟..
جاءها صوت ( آرثر ) هادئاً هو الآخر
- مرحباً ، ( روز ماري ) ؟
لم تتيقن من صاحب الصوت ، فقالت بعدَ تردد
- نعم ، من أنت ؟!
ابتسمَ ( آرثر ) بارتياح ، و قالَ بمرحٍ واضح
- أنا ( آرثر ) .. عذراً إن فاجأتك ، في الحقيقة حصلتُ على رقمِ هاتفكِ من أختي ( إميلي ) .
صمتت حينها ( روز ماري ) ، و تذكرت كلامَ ( جودي ) حينما قالت لها أنتِ تهاتفينَ ( آرثر ) و ( إميلي ) أخبرتها بكل شيء !
هكذا إذاً ..
سرحت ( روز ) في أفكارها قليلاً .. فعاودَ صوت ( آرثر ) مسامعها قائلاً
- ( روز ) .. أنتِ بخير ؟!
عادت من شرودها إليه .. عادت بحزنٍ و ألم حينما تذكرت ما حل بأوراقها بسبب ( آرثر ) ، و قالت
- عذراً ، لا أعرفُ أحداً يدعى ( آرثر ) .
تفاجأ ( آرثر ) من قولِ ( روز ماري ) ، و قال دونَ استيعاب
- ماذا ؟!
- لعلكَ أخطأت في طلبِ الرقم .. عن إذنك .
أوقفها قائلاً بسرعة
- انتظري ( روز ) !.. أنا لم أخطيء ، إنها أنتِ ( روز ماري ) حقاً ، أنا واثق !
- لعلكَ لم تخطيء ، لكن ذاكرتي لم تعد تسعفني ، فقدتُ جزءً منها .. لعلكَ كنتَ في الجزءِ المفقود .. أعتذر .
قالت ذلكَ و أغلقت الهاتف ، و وضعته حيثُ كانَ و عادت إلى فراشها تلتحفُ غطاءها و تغمضُ عينيها الدامعتين .
بينما ( آرثر ) تجمدَ في مكانه مذهولاً مما سمع ، و ظل يصغي لرنين الهاتف للحظات .. ثم أغلقه و رمى بالهاتف على الطاولةِ غيرَ مصدقاً ما حدث
- لما تقولينَ ذلكَ يا ( روز ) ؟!.. هل أصابها شيءٌ حقاً ؟!
تشتت أفكارهُ المتلخبطة ، مسحَ على شعرهِ بيديه محاولاً تبديدَ توتره ، و همس
- ما الأمر يا ( روز ) ؟!