•• الجزء الثامن عشر ••🌸
قبل الغروب .. كانت ( جودي ) قد أرسلت عنوان منزل ( بيتر ) لـ ( آرثر ) ، فانطلق ( آرثر ) بسرعةٍ إلى منزل ( بيتر ) ، هناك الكثير من التساؤلات التي تدور في عقله ، و إجاباتها كما يظن أنها ستكون عند ( بيتر ) .. يجب أن يتأكد من مدى عمق العلاقة بين ( روز ) و ( بيتر ) !
طرق باب المنزل ، و سرعان ما فتحَ ( بيتر ) الباب .
التقت عيناهما للحظاتٍ بصمت .. كان كلٌ منهما يرمق الآخر بوجومٍ و برود ، فقال ( آرثر ) ليقطعَ الصمت
- لا تندهش من رؤيتي ، جئت للحديث معك .. هناكَ ما أريد معرفته .
قال ( بيتر ) بعد أن أغلق الباب خلفه
- حسناً لا بأس ، لنتمشى و نتحدث .
فمشيا معاً بضع خطوات ، بعدها بدأ ( بيتر )
- مالذي تريد معرفته بعدما فسخت الخطبةَ يا ( آرثر ) ؟
توقف ( آرثر ) عن المشي مذهولاً و هو يحدق في وجه ( بيتر ) بعينينٍ واسعتين .
توقف ( بيتر ) هو الآخر ، و نظرَ إلى ( آرثر ) مبتسماً بخبث
- هل فاجأتك ؟!
قطب ( آرثر ) جبينه و قال بهدوء
- من أينَ جئتَ بذلك ؟!
صمت ( بيتر ) لثوانٍ و قد اتسعت ابتسامته ، ثم أجاب
- من ( روز ) ، لقد أخبرتني صبحَ هذا اليوم عما حدثَ بينكما .
صمت ( آرثر ) و عيناه لا تزالان تحدقان في ( بيتر ) بغيظٍ و قهر .. و فكر قائلاً في داخله
- هكذا يا ( روز ) ؟!.. هل تلتجئين لـ ( بيتر ) ؟
لاحظَ ( بيتر ) احمرار وجه ( آرثر ) ، فقال بمرح
- أعتقد أنكَ كنتَ عبءً عليها ، لقلد خلصتها من نفسك !.. و هي ممتنة .
همسَ ( آرثر ) و الحرقة تسعر جوفه
- لا أصدقك !.. ليسَ لتلك الدرجة !
- ربما !.. و ربما لا ، هي ما زالت تكن حباً لي حتى و إن كانت تحبك ، حتى و إن كانت مغرمةً بك .. في أعماقها ، نبضٌ يهتف بي .. لذلكَ سأكون بجانبها حتى أستطيع استعادتها من جديد .
صرخَ ( آرثر ) و هو يشد بـ ( بيتر ) من ياقةِ قميصه غاضباً
- اخرس !
فزع ( بيتر ) من غضب ( آرثر ) ، فصمت بخوفٍ و ارتباك .. بينما ظل ( آرثر ) ينظر في عيني ( بيتر ) بعينينٍ تشتطانِ غضباً و قهراً .
لكنه تمالك نفسه أخيراً ، و أرخى قبضته و همس و عيناه لا تزالان تحدقان في عيني ( بيتر )
- ستدفع ( روز ) ثمن ذلك غالياً .
عقد ( بيتر ) حاجبيه و قال بغضب
- إياكَ و إذاء ( روز ) !
أبعد ( آرثر ) يده عن ( بيتر ) ، و ابتعدَ عنه ليغادرَ عائداً إلى منزله .
كان الغضب في قلبه ناراً متقدة .. لا يصدق ما يحدث ، كل ما يحدث يجعله يغضب على ( روز ماري ) .. ما عاد يريدها ، بل بات ناقماً عليها و كارهاً لها .
ركب سيارته و انطلق إلى منزله ، بينما وقفَ ( بيتر ) ينظر إلى ( آرثر ) حتى غابَ بسيارته عن عينيه .
ثم ابتسم لنفسه و أخرجَ هاتفه من جيبه ، و طلبَ رقم ( جودي )
بعد ثوانٍ أجابته ( جودي ) بصوتٍ منخفض
- مرحباً ( بيتر ) ، أخبرني كيفَ سار الأمر معك ؟!
أجابها ( آرثر ) بسعادة
- كما تمنينا و أكثر !.. لقد صدقَ ( آرثر ) أن ( روز ماري ) هي من أخبرتني بأمر انفصالهما ، و قد اشتط غضباً و اعتصرَ قهراً و ألماً .
ابتسمت ( جودي ) و أجابت بسعادةٍ و ارتياح
- رائع !.. كنت قلقة كثيراً ، لكن أحسنتَ يا ( بيتر ) .
قال ( بيتر ) بقلق
- لكني خائفٌ على ( روز ماري ) يا ( جودي ) ، أخشى أن يؤذيها ( آرثر ) فلقد توعد بذلك !
قالت ( جودي ) دون اكتراث
- لن يؤذيها يا ( بيتر ) .. اطمئن .
عادت الابتسامة على وجه ( بيتر ) و قال
- حقاً عاجزٌ عن شكرك يا ( جودي ) ، لكن أخبريني لما تساعديني ؟.. لما تحاولين إبعاد ( آرثر ) عن ( روز ) ؟... أيضاً ... ماذا عن الرسالةِ التي وصلتني من ( روز ماري ) ؟!.. هل حقاً لم تكن هي من أرسلها ؟! ، أتراكِ أنتِ من أرسلها يا ( جودي ) ؟!
ضحكت ( جودي ) ثم قالت
- هل حقاً تعتقدُ أن ( روز ماري ) تفكر بكَ يا ( بيتر ) ؟!
صمتَ ( بيتر ) و قد علت وجهه الخيبة ، فأردفت ( جودي )
- لكني منحتكَ الفرصة ، اغتنمها جيداً إن كنتَ عاشقاً لـ ( روز ) ، و أنا سأستعيدُ ( آرثر ) الذي سرقته ( روز ماري ) مني !
صمت ( بيتر ) للحظة ، ثم قال شاكراً من جديد
- سأفعل ذلك ، شكراً ( جودي )
- على الرحب .
******
حل الغروب ، و في منزل السيدة ( كاثي ) و في غرفة المعيشة ، كانت تجلس ( روز ماري ) بصمتٍ مع شقيقتها ( صوفي ) و والدتهما .
كانت ( روز ماري ) سارحةً بما حدث صبح اليوم في المستشفى .. و هي تمسك بإصبعيها الخاتم الذي في يدها ، لم تقوى حتى الآن على نزعه
كان عليها أن تنزعه و ترميه عند ( آرثر ) ، لكنها لم تفعل .. ما زالت متعلقةً بـ ( آرثر ) ، و متعلقةٌ بخيط أملٍ في إمكانيةِ عودته إليها .
رن هاتفها هذه اللحظة ، فالتقطته من جانبها و نظرت إليه .. و قد تجمدت تقاسيمها حين رأت أن المتصل ( آرثر ) .
ظل الهاتف يرن .. فنظرت السيدة ( كاثي ) و ( صوفي ) إليها ، فقالت السيدة
- لما لا تجيبي على هاتفك يا ( روز ) ؟
رفعت عينيها من على الهاتف إلى والدتها .. و همست بارتباك
- إنه ( آرثر ) !
تكلمت ( صوفي ) على عجلٍ تحث ( روز )
- أجيبي إذاً ، هيا !
نظرت ( روز ) لـ ( صوفي ) .. ثم تشجعت و أجابت بقلبٍ ينتفض
- ألو ..
جاءها صوت ( آرثر ) آمراً
- أنا في الخارج أنتظركِ .. تعالي .
قال ذلك و أغلق الخط .
تفاجأت مما سمعته .. و شعرت بالإرتياب و القلق ، أنزلت الهاتف و أغلقته قائلة
- إنه بالخارج .. ينتظرني !
قالت السيدة ( كاثي )
- لستِ مضطرةً للقائه يا عزيزتي .
حدقت ( روز ماري ) في عيني والدتها الخضراوتين .. ثم قالت بعد تردد
- سأنظر ماذا يريد .
و وقفت و مشت بخطىً سريعة إلى الخارج .. يسابقها قلبها إليه ، كانت تتساءل مالذي يريده ( آرثر ) .. أ لعله استشعر خطأه و تسرعه ؟!.. و عاد إليها ليعتذرَ عما فعله هذا الصباح ؟
فتحت باب المنزل بسرعةٍ و قلبها يخفق بين ضلوعها .. و نظرت إليه
كان واقفاً أمامها ينظر نحوها بعينينٍ غاضبتين
فاعتراها الخوف .. و قالت بصعوبة
- ( آرثر ) ..
أقتربَ منها .. فتنحت له ليدخلَ إلى حديقة المنزل ، فدخلَ و وقف بجانبها ، فأغلقت هي الباب و نظرت إليه قائلة بقلبٍ مرتعد
- مالذي جاء بك ؟
لم يتكلم سريعاً ، كان صامتاً يحاول أن يستجمع هدوءه و يهون من غضبه .. و قال بهدوءٍ و هو ينظر في عينيها
- حينما غادرتي المستشفى صباح هذا اليوم ، ضميري قد أنبني كثيراً يا ( روز ) .. تساءلت إن كنتُ قد ظلمتكِ ، إن كنتُ قد تسرعت !.. فوددت التَّيقُّن ، أريد تصديقكِ و تكذيبَ ما حدثَ منذ يومينٍ أمامي .. أريد أن لا أصدق تلك الرسالة ، و أن أتأكدَ إن كنتِ حقاً لا تهتمي لـ ( بيتر ) .. لكن ..
و صمت وقد لاحت الدموع في عينيه ، و بانت الدموع في عيني ( روز ماري ) كذلك .. فهمست بصوتٍ خائب
- لكن ماذا يا ( آرثر ) ؟!
عض على شفته و تساقطت الدموع من عينيه .. و أحس بحرارةٍ في صدره تحرق قلبه حينما تذكر ما دار بينه و بين ( بيتر ) .. فاشتعل غضبه من جديد ، فمسحَ دموعه التي انحدرت على خديه و قال بنبرةٍ غاضبة
- لكني تيقنت ، و لم أعد نادماً أبداً لأني انتزعت خاتم الخطبةِ من إصبعي !
و أضاف بصوتٍ عالي و هو يشد على ذراع ( روز ماري ) بقوةٍ و يسحبها إليه و هو يعقد حاجبيه
- تهرعين لـ ( بيتر ) و تخبرينه بما يجري بيننا .. تذهبين له لتبشريهِ أنكِ قد تحررتي مني !.. هكذا يا ( روز ) ؟!.. تلتجئين إليه ؟!
شعرت ( روز ماري ) بالفزع و الهلع ، و انحدرت دموعها على وجنتيها و قالت صارخة
- أتركني .. لا أرغب بسماع المزيد يا ( آرثر ) !
تركَ ذراعها و هو يدفعها على الباب و قال بغضبٍ مستمر
- لستُ نادماً أبداً ، أنتِ فتاةٌ لا تستحق محبتي .. فتاةٌ أحببتها لكنها تستغفلني .. متعلقةٌ بالماضي ، تعشق جارحَ قلبها و تتمسك بهِ رغم خيانتهِ لها .. أنتِ أيضاً خائنة !.. فاذهبي إليه لأنكما تليقان ببعضكما .
نظرت إليه بغضب و قالت وهي تدفعه بكلتا يديها
- يكفي ، أبتعد عني !.. لما جئتَ الآن ؟!.. أ جئتَ لتمزقني ؟!.. لتسيء لي ؟!.. أغرب عني ، ما عدتُ متألمةً لأجلك .. ما عدتُ أطيقك ، أنا أكرهك !
ثم نزعت الخاتم من إصبعها و رمته على صدره ليسقط أرضاً ، و قالت
- غادر .. و لا أريد منكَ العودةَ يا ( آرثر ) ، فأنا لن أغفرَ لكَ أبداً قولك .
في هذه اللحظة خرجت السيدة ( كاثي ) و ( صوفي ) إلى الحديقةِ بعدما استمعا للصراخ ، جاءتا و الخوف بادٍ على وجهيهما ، قالت السيدة ( كاثي ) متسائلةً بقلق
- ما كل هذا الصراخ ؟!.. هل تنويان لنا الفضيحة ؟! ، ما بكما ؟
قالت ( صوفي ) و هي تنظر إلى وجه ( روز ماري ) المحمر و الذي اغتسل بدموع عينيها .. و قالت بقلق
- مالأمر ؟!.. مالذي يحدث الآن ؟
أنفجرت ( روز ماري ) بالبكاء .. و غطت وجهها بكفيها تجهش و تنحب .. بينما عبر ( آرثر ) من جانب ( روز ماري ) بصمتٍ و غادر المنزل .
أسرعت السيدة إلى ابنتها ( روز ماري ) و ضمتها إلى صدرها تحاول تهدأتها .. و ظلت ( صوفي ) واقفةً على العتبةِ تبكي في صمتٍ على شقيقتها ( روز ) .
بينما ( جودي ) كانت واقفةً عند النافذةِ في غرفتها و قد أصغت للحديثِ الذي دار بين شقيقتها و ( آرثر ) .. أرتعدت أطرافها و غالبها التوتر .. فابتعدت عن النافذة و جلست في سريرها بسكونٍ شديد .. لقد أحزنتها دموع ( روز ) ، لكن لا بأس .. هذا ما كان يجب أن يحدث لعلاقتهما برأيها .. و لقد حدث أخيراً .. و انفصلا .
*******
لم تمضي هذهِ الليلة بسهولةٍ على ( روز ) .. و لا على الجميع ، كانت السيدة ( كاثي ) تريد أن تعرف ما حدثَ بين ( آرثر ) و ( روز ) في الحديقة و سبب صراخهما .. لكن ( روز ) ابتلعت غصتها و لزمت الصمت .. و ( جودي ) ادعت أنها لم تصغي لشيءٍ و لا تعرف ما حدث ..
و حينما حان وقت النوم ، لجأ الجميع إلى فراشهِ في سباته ، إلا ( روز ) .. قد لجأت إلى فراشها لتعانق السهر ، لتذرف الدموع و تسترجع مرارةَ ما حدث ..
(( أنتِ خائنة )) !!
لا تعرف لما اتهمها ( آرثر ) بذلك و كيفَ تيقن منه !
لما لم يكتفي و يغرب عنها بعدَ نزعهِ الخاتم ؟.. عادَ إليها في المساء ليقطعَ الرجاء .. ليهد عليها الأماني .. و يقطع خيط الأمل في حل الأمر و العودة إليه .
في اليوم التالي و في المستشفى عند ( إميلي )
كان هناك ( جوان ) و ( آرثر ) .. كانت ( إميلي ) بصحةٍ جيدة عدى أنها تشعر بقليلٍ من الإعياء .. و بينما هم يتحدثون ، سألت ( إميلي )
- كيفَ حال السيدة ( كاثي ) و بناتها ؟.. هل هن بخير ؟
سكنت تقاسيم وجه السيدة ( جوان ) و ( آرثر ) .. و نظرت السيدة إلى ابنها لا تعرف بما تجيب .. فقال ( آرثر )
- إنهن بحالٍ جيد .. لكن ..
قالت ( إميلي ) و هي تقطب جبينها بقلق
- لكن ماذا يا أخي ؟
- ما عدت أريد الزواج من ( روز ) .. لقد انفصلنا .
اتسعت عينا ( إميلي ) دهشةً .. و قالت غير مصدقة
- مالذي تقوله يا ( آرثر ) ؟.. لما حدثَ ذلك ؟
صمت ( آرثر ) و هو ينكس رأسه بألم .. فأخذت السيدة ( جوان ) نفساً و قالت
- لا تهتمي يا عزيزتي ، حينما تغادرين المستشفى نخبركِ بكل شيء .
قالت ( إميلي ) بإصرار
- لا يا أمي ، أريد معرفةَ السبب الآن .
و عادت بنظرها إلى شقيقها و قالت و عينيها الزرقاوتين ترمقه بلوم
- أخبرني كيف استطعت ذلك ؟!.. ألستَ عاشقاً لـ ( روز ماري ) يا ( آرثر ) ؟!.. أين الحب الذي كنتَ تزعم به ؟!
ازدرد ( آرثر ) ريقه بصعوبة .. و نظر لشقيقته ( إميلي ) و قال
- نعم أحبها .. لكن قلبها ما زال يحن لخطيبها السابق يا ( إميلي ) ، إنها تواعده .. و تخبره بتفاصيل حياتها على ما أعتقد !
قالت ( إميلي ) غير مصدقة
- لا أصدق ذلك !.. ( روز ) تحبكَ كثيراً يا ( آرثر ) ، من أين جئتَ بذلكَ قل لي ؟
- لقد رأيتُ رسالةً واردةً في هاتف ( بيتر ) من ( روز ) ، رأيتها بأم عيني يا ( إميلي ) !.. كانت تريد اللقاء به .
قالت ( إميلي ) بانفعال
- ذلكَ لا يعني أنها على علاقةٍ به !.. كان عليك التأكد من الأمر .
- تأكدت من شيءٍ واحد .. ( روز ) ما زالت تحن لـ ( بيتر ) ، فلتتزوج به الآن إن كانت تريد ذلك .
قالت ( إميلي ) و هي لا تزال مصدومةً مما سمعته
- ذلكَ لا يعقل ، لا يعقل !