•• الجزء التاسع عشر ••🌸
بعد أسبوعٍ مضى .. و في يومٍ بارد ، كانت ( روز ماري ) تقف عند النافذة و هي تضم ذراعيها إلى صدرها .. تنظر إلى منزل السيدة ( جوان ) بحزن ، و تجوب الأفكار في رأسها .. و تتكرر الأحداث الماضية في مخيلتها ، كل شيءٍ انتهى بسرعة ، كله حدث في لمحة البصر .. تركها ( آرثر ) و غادر إلى عمله ، و هي بقيت هنا تتأمل طيفه .. و تعاتبه بينها وبين نفسها على فعلته .
دخلت ( جودي ) إلى الغرفةِ هذه اللحظة ، و حينما وجدت ( روز ماري ) عند النافذة .. قالت لها
- لا تقفي عند النافذةِ بدون معطفٍ أو وشاح ، و إلا تمرضين .
حينما سمعت ( روز ماري ) صوت ( جودي ) ، تنهدت بضيق .. ثم سحبت الستارة و أغلقت النافذة .. و مشت إلى سريرها و جلست بصمت .
نظرت إليها ( جودي ) .. ثم مشت إليها و جلست قبالة ( روز ماري ) قائلة
- يجب أن تتخلصي من حزنك ، لا تجلسي كالعاجزة التي تندب حظها و تصمت .. فكري في كتابةِ مسرحيةٍ جديدة !.. أو امسكي بالهاتف و تابعي الموضة .
رمقتها ( روز ) بانزعاج و قالت
- كفي عني يا ( جودي ) .. فلستُ أطيق سماع صوتك .
قالت ( جودي ) بمسكنة
- كفي عن لومي ، و لا تغضبي مني .. يجب أن تنسي كل ما حدث لأنه مضى و انتهى .
قالت ( روز ماري ) و قد احتد صوتها
- لم يمضي و لم ينتهي بالنسبةِ لي !.. يا لبرودكِ يا ( جودي ) !!.. أي قلبٍ تحملين في جوفك ؟! ، ترتكبين ذنباً دون أن يصحى لكِ ضمير !.. قتلتي سعادتي ، و سحبتني من فرحتي إلى التعاسةِ و الألم .. طعنتني ، و تقفين أمامي بكل جرءةٍ و وقاحة و تقولين كفي عن لومي ؟!
أشاحت ( جودي ) بوجهها عن ( روز ) بضجر ، بينما تابعت ( روز )
- لا أريد منكِ اعتذاراً لكن ليتكِ تعترفين بأخطائك ، أن تُقرِّي بأفعالكِ الدنيئة ..
قاطعتها ( جودي ) بعد نفاذ صبر ، و هي تقف مبتعدة
- كفى يا ( روز ) !.. لا تكوني حاقدةً هكذا ، لقد سئمت حقاً .. سئمت من كل ما يحدث .
و وقفت لتستدير ناحية شقيقتها ( روز ) و هي تقول
- جميعكم تعظمون الأمر !.. تتوجعون أكثرَ مما يجب !.. أمي قطعت علاقتها بالسيدة ( جوان ) و تمنعنا من زيارتهم .. و أنتي تتجرعين الحزن يوماً بعد يومٍ لتشعلي من غضب أمي !
صمتت ( روز ) و عينيها بعيني ( جودي ) .. فتنهدت ( جودي ) و اقتربت من ( جديد ) ناحية ( روز ماري ) و قالت بهدوء
- أريد زيارة ( إميلي ) ، و أمي تمنعني من ذلك .. ( روز ) لا شأن لـ ( إميلي ) حتى ننهي صداقتنا معها .
انزلت ( روز ماري ) عينيها .. فقالت ( جودي ) متوسلة
- أرجوكِ ( روز ) !.. اذهبي لأمي و اطلبي لها أن تسمح لنا بزيارة ( إميلي ) .
قالت ( روز ) بهدوء
- سأنظر في الأمر .. لا تنزعجي .
ابتسمت ( جودي ) برضى و قالت
- حسناً سأعتبر ذلكَ وعداً .
- ليكن .
اتسعت ابتسامة ( جودي ) و اقتربت من ( روز ماري ) لتطبع قبلةً على وجنتها ثم قالت
- شكراً جزيلاً .
و أسرعت ناحية باب الغرفة لتغادر .
ظلت ( روز ) تحدق بالباب الذي خرجت منه ( جودي ) ، و همست
- كم أنتِ وقحة !
ثم استلقت على سريرها .. و نظرت إلى الخاتم على المنضدة ، و عادت تسترجع كلمات ( آرثر ) و غضبه منها تلك الليلة .
عاودها الألم من جديد .. فأغمضت عينيها المغرورقتين و همست في داخلها
- انسي ما حدث يا ( روز ) .. انسي .
*****
في العصر عند الرابعة دق جرس منزل السيدة ( كاثي ) ، فذهبت ( جودي ) لترى من خلف الباب
فتحت الباب ، فوجدت ( إميلي ) و السيدة ( جوان ) .. فقالت بسعادة
- سيدة ( جوان ) !.. ( إميلي ) !.. كم اشتقت إليكما ، كيف حالكما ؟
ابتسمت السيدة و قالت
- نحن بخير .. هل والدتكِ هنا ؟
- نعم ، تفضلا رجاءً .
و دخلت السيدة و هي تدفع بكرسي ابنتها إلى الداخل ..
قادتهما ( جودي ) إلى غرفة المعيشة حيث الجميع
السيدة ( كاثي ) و ( روز ماري ) و ( صوفي )
و قد فاجأهن حضور السيدة ( جوان ) و ( إميلي ) .
توقفت السيدة ( جوان ) عند باب غرفة المعيشة و هي تنظر إلى الجميع .. و كان الجميع ينظر إليها بصمت ، ثم قالت أخيراً
- مرحباً .
ردت السيدة ( كاثي )
- أهلاً ( جوان ) ، أهلاً ( إميلي ) .. تفضلا .
بينما ( روز ماري ) شعرت بالخجل و انكست رأسها في صمت .
أمسكت ( جودي ) بكرسي ( إميلي ) نيابةً عن ( جوان ) و قادتها بجانب ( صوفي ) ، أما ( جوان ) فقد جلست بجانب ( كاثي ) قائلة
- كيف حالكم جميعاً ؟
قالت السيدة ( كاثي ) ببرود
- بصحةٍ جيدة ، كيف ( إميلي ) ؟
- إنها بخير .. و تخضع لعلاجٍ طبيعي .. تتحسن بعض الشيء .
وقفت ( روز ماري ) من مقعدها و قالت
- سأحضر الشاي و الحلوى .
و انصرفت إلى المطبخ ، فقالت السيدة ( جوان ) بخجل
- أنا حزينةٌ جداً على ما حدث ، أعني انفصال ( آرثر ) عن ( روز ماري ) .
نظرت إليها السيدة ( كاثي ) بعينينٍ حادتين و قالت بانزعاج
- و هل تعتقدين في ابنتي كما يعتقد ( آرثر ) يا ترى ؟!
قالت ( جوان ) بعد تردد
- لا أعرف ، ( آرثر ) يجزم بما يراه و يعتقده .. لذا لم استطع منعه و الاعتراض ، ثم أنه تصرف دون إخباري و إلا كنت تدخلت .
قالت ( إميلي ) بحزن
- نثق بـ ( روز ماري ) ، و قد ضايقني ( آرثر ) كثيراً بفعلته .. أنا آسفةٌ حقاً .
قالت ( جودي )
- لا تهتمي يا ( إميلي ) ، و ( آرثر ) معه حق !.. لقد تزعزعت ثقته بـ ( روز ماري ) .. كيف يستطيع الزواج من فتاةٍ لا يثقُ بها ؟!
قالت السيدة ( كاثي ) بغضبٍ و انفعال لـ ( جودي )
- اخرسي !.. و لا تكوني ضد شقيقتكِ مع ( آرثر ) فلقد ظلمها كثيراً ، لقد اتهمها بخيانته !.. كيف يجروء ؟!
صمتت ( جودي ) و انكست رأسها ، فقالت ( جوان )
- معكِ كل الحق ، لكن كيف يستطيع أن ينكر ما يحصل ؟!.. و ( روز ) لم تفسر حتى اليوم سبب رسالتها لـ ( بيتر ) ؟!
عقدت السيدة ( كاثي ) حاجبيها متفاجئة ، و قالت
- عن أي رسالةٍ تتكلمين ؟!
- عن الرسالة التي بعثتها ( روز ) لـ ( بيتر ) تطلب فيها لقاءه ، كانا على موعدٍ معاً .
قالت ( صوفي ) بانفعالٍ و غضب
- ( روز ) لم ترسل تلكَ الرسالةَ لـ ( بيتر ) !
التفتت السيدة ( كاثي ) نحو ( صوفي ) و ( جودي ) و قالت متسائلة
- هل كنتما تعلمان بشأن الرسالة ؟!
قالت ( صوفي ) بقهر
- لا علاقة لـ ( روز ماري ) بتلك الرسالة يا أمي !
قالت السيدة ( جوان ) مستنكرة
- يبدو أن ( روز ماري ) قد أخفت أمرَ الرسالةَ عنكِ !
نظرت السيدة ( كاثي ) لعيني ( جوان ) بغضب .. و قالت
- وضحي ، ماذا تقصدين ؟!
أجابت السيدة ( جوان ) بنبرةٍ حادة
- يجب أن لا تلومي ( آرثر ) إذا دون علمٍ بما يحدث يا ( كاثي ) ، كيف يستطيع ابني التغاضي عن مواعدةِ ( روز ) لخطيبها السابق ؟!.. ( آرثر ) يحب ( روز ماري ) لذلك هو لا يستطيع تجاهل الأمر !.. لقد أخذته الغيرة و الصدمة .
قالت ( إميلي )
- لعل هناك ما تود ( روز ) توضيحه لنا !.. أنا واثقة أن ( آرثر ) تصرف بتسرعٍ و غضب و لم يحاول فهم ما حدث !
قالت ( جوان ) بغضب
- ليسَ صحيحاً ، ابني على حق .. و صمت ( روز ) و اخفاءها أمر الرسالةِ عن والدتها يؤكد ذلك !
قاطعتها السيدة ( كاثي ) بغضبٍ صارخة
- إياكِ يا ( جوان ) !.. إياكِ و الإساءة لابنتي !
- إذا كفي عن لوم ابني !..
- لقد اهان ابنكِ ابنتي في منزلي يا ( جوان ) .. لن اسامحه أبداً على فعلته !.. و ليتكِ لا تكررين فعلتَ ابنكِ الان !.. و إلا لن يكون َ مرحباً بكِ هنا ثانيةً .
صمتت السيدة ( جوان ) بقهر ، ثم نظرت لـ ( إميلي ) و قالت
- هيا لنعود يا ( إميلي ) .
قالت ( إميلي ) بحزن
- أمي ، أنتظري !
أمسكت السيدة ( جوان ) بكرسي ( إميلي ) و مضت مغادرة .. و عند خروجهم من غرفةِ المعيشة ، صادفا ( روز ماري ) واقفةً وهي تحمل الشاي و الحلوى .. و الدموع تنهمر من عينيها .. فلقد أصغت لبعض الكلام و ضايقها ذلك .
لزمت ( جوان ) الصمت ، بينما قالت ( إميلي )
- ( روز ) عزيزتي .. لا تحزني أرجوكِ !
استدارت ( روز ماري ) و عادت إلى المطبخِ باكية .. و ضعت الشاي على الطاولةِ و جلست على الكرسي و هي تلقي برأسها على الطاولة بين ذراعيها .. ليتها لم تسمع ما سمعت ، ليتَ ( جوان ) لم تقل ما قالته .. فقد مزقتها و هيجت الألم في قلبها الذي سكنَ بعض الشيء من جديد .
غادرت ( جوان ) و ( إميلي ) المنزل ، فأسرعت ( صوفي ) إلى المطبخ حيث ( روز ماري ) ، و وقفت عندها قائلةً بحزنٍ و ألمٍ و الدموع في عينيها
- آه ( روز ) ، اهدئي يا حبيبتي لقد قطعتي نياطَ قلبي !
و تبعتها السيدة ( كاثي ) و ( جودي ) .. نظرت السيدة لـ ( روز ماري ) قائلةً بعصبية
- أخبريني ( روز ) ، ما حكاية تلك الرسالة ؟!
رفعت ( روز ماري ) رأسها و نظرت لوالدتها قائلة
- الرسالة ؟!
- نعم ، تلك التي واعدتي فيها ( بيتر ) !
مسحت ( روز ماري ) دموعها و قالت
- لستُ من أرسلها إليه .. ثم أني لا أعرف شيئاً عن ( بيتر ) منذ انفصالي عنه .
- هل تكذب ( جوان ) إذاً ؟!.. لم يراود الشك ( آرثر ) الا بسبب تلك الرسالة على ما أعتقد !
تدخلت ( صوفي ) قائلة بغضب
- لم تكن تلك الرسالة من ( روز ) ، بل من ( جودي ) يا أمي ، هي من كتبها و أرسلها لـ ( بيتر ) من هاتف ( روز ماري ) .
نظرت السيدة ( كاثي ) بدهشة لـ ( جودي ) ، بينما انتاب ( جودي ) الهلع و الخوف .. و قالت تدافع عن نفسها
- ذلكَ ليسَ صحيحاً إنها تكذب !
قالت السيدة ( كاثي ) بانفعالٍ شديدٍ و هي تشد بذراع ( جودي )
- لماذا فعلتِ ذلك ؟!.. أجيبي و بلا كذب !
- لم أفعلها يا أمي !.. و لما عساي أفعل ذلك ؟
قالت ( صوفي ) بإصرارٍ و تأكيد
- بل فعلتِ و لم تكن تلكَ المرة الأولى .. كانت تحاول التفرقة بين ( آرثر ) و ( روز ماري ) منذ زمن .. قبل الخطبة ، كانت تشوش رأس ( آرثر ) بإقحام ( بيتر ) في حياة ( روز ) .
رفعت السيدة ( كاثي ) يدها و وجهت صفعةً لوجه ( جودي ) ، التي صرخت و بكت من شدةِ الألم .. و قالت السيدة بغضب
- وقحةٌ و حقيرة !.. هل تطعنين شقيقتكِ لأجل رجل ؟!.. لأجل ( آرثر ) ؟! ، ألا تخجلين من نفسكِ يا ( جودي ) ؟!
لم تقل ( جودي ) شيئاً بل استمرت في البكاء ، بينما تابعت السيدة ( كاثي ) قولها بحيرة
- ماذا أفعل الآن ؟!.. كيف أتصرف ؟!.. أ أخبرهم أنكِ مغرمةٌ بزوج شقيقتك و تريدين إفساد زواجها منه ؟!.. لا أستطيع تصديق ذلك !! ، كيف أبرر الأمر الآن !؟
نهضت ( روز ماري ) من مقعدها و غادرت إلى غرفتها بقهرٍ و حزن ، فتبعتها ( صوفي ) .. فقالت ( جودي ) معتذرة لوالدتها و هي لم تكف البكاء
- أعتذر يا أمي .
- أعطني هاتفكِ .
اتسعت عينا ( جودي ) و هي تنظر لوجه والدتها .. فقد فاجأتها بطلبها الهاتف .. و قالت
- لماذا ؟.. لماذا تريدين هاتفي ؟!
قالت السيدة بحدة
- افتحي هاتفكِ و أعطني إياه دون أيةِ أسئلة !
أخرجت هاتفها من جيبها و قلبها ينقبض في صدرها .. و أعطته لوالدتها بعد فتحه .
أخذته السيدة ( كاثي ) من يد ( جودي ) بعجلة .. و صارت تفتش في هاتف ( جودي ) ، و قد عثرت على مكالماتٍ من ( بيتر ) و أخرى واردة إليه ، و كذلك لـ ( آرثر ) .
فقالت و هي تغلق الهاتف و تمسك به
- هاتفكِ سيبقى معي ، و لن تتواصلي مع ( آرثر ) ثانيةً هل فهمتي ؟
هزت رأسها بالموافقة و قد عاودت عينيها ذرف الدموع بحرقةٍ و قهر .. فقالت السيدة بانفعال
- اغربي عن وجهي الآن .
ابتعدت ( جودي ) و غادرت المطبخ .. و جلست السيدة ( كاثي ) على الكرسي بحيرةٍ و ألم مما يحصل مع بناتها .
أغمضت عينيها و أخذت نفساً عميقاً .. ثم همست
- أعني يا إلهي !