•• الجزء العشرين ••🌸
مضى أسبوعان ، و ( جودي ) حزينةٌ لأنها لا تستطيع حتى الآن مكالمةَ ( آرثر ) فالعقاب لا يزال سارياً ، و ( روز ماري ) لم تتخلص من صدمتها بعد .. فهي حتى الآن لا تستطيع استيعاب كل ما حدث ، و لا تقدر على نسيان تصرفات ( آرثر ) الأخيرة اتجاهها .
في غرفةِ المعيشة في منزل السيدة ( كاثي ) ، و بينما كان الجميع جالساً .. رن هاتف ( روز ماري ) ، نظرت إلى هاتفها .. و عقدت حاجبيها حينما لم تتعرف على رقم المتصل ، فأجابت متسائلة
- ألو ؟
- أجابها صوت امرأةٍ غريب لم تتعرف عليه
- الآنسة ( روز ماري ) ؟!
- نعم .. من أنتِ ؟!
تحدثت المرأة بسرورٍ قائلة
- السيدة ( سارة ) من المدرسةِ الداخلية ، القائمة و المهتمة بالنشاطات و الفنون للمدرسة .
أثارها سماع ذلك ، فقالت بدهشة
- آه !.. تشرفنا .. مرحباً بكِ .
- في الحقيقة آنسة ( روز ) ، أعجبتُ كثيراً بمسرحيتكِ الجديدة التي عرضت مؤخراً .. و أحببت لو يقيمها طلاب المسرح في المدرسة ليتم تمثيلها للطلاب الصغار من الصفوف الأولى ، ففي كل سنةٍ نقيم مسرحاً لهم .. و قد فكرت في مسرحيتك .
ظهرت ابتسامة صغيرة على ثغر ( روز ) و قالت
- يسعدني ذلك كثيراً .
- لذا آنسة ( روز ماري ) ، نتمنى الحصول على نص المسرحيةِ منكِ .. كما نتمنى تواجدكِ معنا و مشاركتنا في تدريب الطلاب على المسرحية ، فسيفرح الطلاب كثيراً بالعمل معكِ .
صمتت و سكنت تقاسيم وجه ( روز ) فجأةً ، و فكرت قليلاً ثم قالت
- أستطيع إرسال المسرحيةِ إليك ، إنما أن أتواجد .. سيكون ذلك صعباً .
تكلمت السيدة ( سارة ) بحزن
- أرجوكِ آنسة ( روز ) لا ترفضي ، حقاً سيسعدنا استضافتكِ لدينا .. كما أني أرقب بمقابلتكِ شخصياً ، سيتقن الطلاب التمثيل بشكلٍ أفضل في حضوركِ .. متابعتكِ لهم ستحفزهم لبذل جهدٍ أكبر ، و ستظهر المسرحية بشكلٍ مثاليٍ أكثر بفضل ملاحظاتك .
ترددت ( روز ماري ) ، فقالت
- سأفكر في الأمر .. و أرد إليكِ جواباً غداً .
قالت السيدة بامتنان
- شكراً جزيلاً لكِ ، و أرجو أن لا تخيبي رجاءنا آنسة ( روز ) .. فستسعدنا مشاركتكِ ، إلى اللقاء الآن .
- إلى اللقاء .
قالت ذلك و أغلقت الهاتف ، و نظرت للوجوه التي كانت تصغي و تحدق إليها منذ بداية المكالمة .. فسألت السيدة ( كاثي )
- مالأمر ؟.. من المتصل ؟
أجابت ( روز ماري )
- المسؤولة عن النشاطات في المدرسةِ الداخلية ، ترغب بأن يمثل طلاب المسرح مسرحيتي الأخيرة .. و تريد المدرسةَ استضافتي اثناء التدرب على المسرحية و الإشراف عليها .
قالت ( صوفي ) بوجهٍ فرح
- ذلكَ جميل !..
قالت السيدة ( كاثي )
- و ماذا ستفعلين ؟!.. و كأنكِ رفضتي الاستضافةَ في بادئ الأمر .
قالت ( روز ) بهدوءٍ و ارتباك
- نعم ، أنا مترددة .. لكن ما رأيكِ يا أمي ؟
- سيفيدكِ ذلك .. أنتِ بحاجةٍ للإنخراط في العمل ، قد تكون فرصة جيدة لكِ .
قالت ( جودي ) مُذَكّرة
- قد تلتقي بـ ( آرثر ) !.. أم أنكِ نسيتي أنه يعمل هناكَ يا أمي ؟
سكن وجه ( روز ماري ) ، بينما نظرت السيدة ( كاثي ) لـ ( جودي ) قائلة
- ما شأنها بـ ( آرثر ) ؟!.. يجب أن لا يكون ذلكَ الشاب حجر عثرة في طريق ( روز ) ، لن تعطيه اهمية .. و ستمارس عملها كما تحب دون الإلتفات إليه .
قالت ( جودي ) مبتسمة بسخرية
- إن كانت تستطيع !
نظرت ( روز ماري ) لشقيقتها بعينينٍ غاضبتين ، فقد استفزتها ( جودي ) .. وقالت بانفعال
- لا يهمني ( آرثر ) .
قالت ( جودي ) و هي لا تزال مستمرةً بأسلوبها الساخر
- ذلكَ واضح !
قالت السيدة ( كاثي ) بانزعاج
- كفاكما ، و كفى استفزازاً يا ( جودي ) .
صمتت ( جودي ) و اشاحت بوجهها عنهم و الضيق بادٍ عليها .. بينما نظرت السيدة ( كاثي ) لـ ( روز ماري ) قائلة بلطف
- لم أقل ما قلته من قليل لأجبركِ على العمل .. إنما راق لي أن تنشغلي قليلاً ، إن لم تكوني بحالٍ جيدٍ حتى الآن و لستِ قادرةً على تحمل رؤية ( آرثر ) ، فلا تقبلي .. القرارُ لكِ .
قالت ( روز ماري )
- سأفكر في الأمر حتى الغد .. في الحقيقة ، قد اشتقت للعمل في المسرح .
قالت ( صوفي )
- ذلكَ جيد ، قد يفيد ذلك و يزيد من حماسك ، و تكتبي مسرحيةً جديدة يا ( روز ) .
ابتسمت ( روز ) و لم تقل شيئاً .. فهي لم تستطع الإعتراف أن مجرد التفكير في رؤيةِ ( آرثر ) بعدَ ما حدث يربكها .. يجعل من دقات قلبها تضطرب و ترتعد ، ستفكر في الأمر حتى الغد .. و بعدها ستقرر .
******
في صباح اليوم التالي و في الساعةِ التاسعة .. كانت ( روز ماري ) جالسةً عندَ المرآة تمشط شعرها الأشقر الطويل .
عيناها على المرآة و يديها تتحركان ببطءٍ شديد ، حتى هذه اللحظة لم تقرر .. هل تذهب إلى المدرسةِ الداخلية ؟!
تنهدت و نهضت لتتركَ شعرها مسدولاً على ظهرها ، و مشت نحو مكتبها لتلتقط هاتفها .. و حدقت ملياً في رقم السيدة التي هاتفتها بالأمس ، و بعد لحظات .. جلست على الكرسي و طلبت السيدة على الهاتف .
رنَّ لثوانٍ ، ثم جاءها صوت السيدة ( سارة ) قائلاً
- مرحباً ؟
تكلمت ( روز )
- السيدة ( سارة ) ؟!
- نعم أنا هي .
- أنا ( روز ماري ) .. كيف حالكِ اليوم ؟
بدت السعادة على صوت السيدة ( سارة ) .. فقالت مجيبة
- مرحباً آنسة ( روز ) ، إني بخير .. ماذا عنكِ ؟.. أتمنى أن تسعديني بقراركِ .
ابتسمت ( روز ماري ) و قالت بعدَ أن أصدرت ضحكةً صغيرة
- لن أحزنكِ أبداً ، و سأسعدُ نفسي بهذه الفرصة .. سأحضر اليوم إلى المدرسةِ مع نص المسرحيةِ إن كان ذلكَ مناسباً .
- بالطبع يا عزيزتي !.. مناسبٌ جداً ، آه آنسة ( روز ) حقاً فرحت كثيراً .. ممتنة لحضورك ، و أنا أجزم أنكِ ستقضين وقتاً ممتعاً مع الطلاب و بصحبتنا .
- و أنا أظن ذلك .. شكراً سيدة ( سارة ) .
- أنا بانتظارك ، فور حضوركِ أطلبي مقابلتي .. سأقوم الآن ببعض الترتيبات اللازمة لأجلك .
- شكراً ، شكراً جزيلاً .
- على الرحب يا عزيزتي .
قالت ذلكَ و أغلقت الخط ، فأغلقت ( روز ماري ) هاتفها و قد شعرت ببعض الراحة .
تركت هاتفها و ذهبت مغادرةً الغرفة إلى حيث والدتها و شقيقتيها .. كنّ جالساتٍ في غرفةِ المعيشة .. دخلت عليهن ( روز ) بوجهٍ مشرق قائلة بمرح
- لقد هاتفت السيدة ( سارة ) من المدرسةِ ، و يجب علي الذهاب الآن .. سأعمل مع طلاب المسرح .
ابتسمت السيدة ( كاثي ) و قالت
- ذلكَ جيد .. هل سيطول مكوثكِ هناك ؟
رفعت ( روز ماري ) حاجبيها قائلة
- ذلكَ يعتمد على متى تُمَثل المسرحية !
قالت ( صوفي )
- جيد ، استمتعي بعملك و وقتك .
نظرت إليها ( روز ) بابتسامةٍ واسعة
- سأفعل .. سأوضب حاجياتي الآن .
قالت ( جودي ) ببرود
- بالتوفيق .
نظرت إليها ( روز ) و أجابتها ببرودٍ هي الأخرى
- شكراً .
قالت ذلكَ و صعدت مجدداً إلى غرفتها ، و بدأت توضب أغراضها في حقيبةٍ بسعادة .. ثم اتجهت نحو خزانةِ ثيابها لتنتقي ما يناسب .
بينما كانت كذلك ، دخلت ( صوفي ) الغرفة و اغلقت الباب خلفها .
نظرت إليها ( روز ) نظرةً خاطفة و عادت إلى حقيبتها .
أقتربت ( صوفي ) و جلست بجانب الحقيبةِ قائلة
- ظننتكِ لن توافقي في الحقيقة ، فَفرصةُ لقاءكِ بـ ( آرثر ) كبيرة !.. قد تلتقينه كل يوم !
قالت ( روز ماري ) و هي تغلق خزانة ثيابها
- إن فكرت بـ ( آرثر ) فستتوقف حياتي عندَ ذلك اليوم .
و استدارت لـ ( صوفي ) قائلة
- سأكون رهينةَ الخاتمِ الذي انتزعه من إصبعه ، و كسيرةً دائمة لا تستطيع المضي قدماً .. لن تتوقف حياتي و لن ينتزعها ( آرثر ) مني ، يكفي ما فعله بي .. سأواجهه ، و ستلتقي عيني بعينيه بكل ثقة .. لن يهمني ( آرثر ) أبداً بل تهمني حياتي يا ( صوفي ) .
تساءلت ( صوفي ) بهدوء
- و هو ، هل لن يبالي بكِ ؟
اتسعت عيني ( روز ) و هي تقول
- ذلكَ شأنه !
و مشت نحو الحقيبة لتغلقها .. ثم اقتربت من ( صوفي ) و عانقتها قائلة
- يجب أن أذهب الآن ، اهتمي بنفسكِ يا عزيزتي .
- و أنتِ اهتمي بنفسكِ يا ( روز ) ، كوني بخير .
ثم حملت ( روز ماري ) حقيبتها و نزلت إلى الأسفل لتودع والدتها و ( جودي ) .. ثم غادرت المنزل .
كانت ( جودي ) تشتط غضباً ، ستذهب ( روز ماري ) و ستلتقي بـ ( آرثر ) ! .. بينما هي لا تستطيع الوصول إليه ، مالذي يمكن أن يحدث بينهما ؟
*****
عند الظهر ، نزلت ( روز ماري ) من سيارة الأجرةِ التي توقفت عند بوابةِ المدرسةِ الداخلية .. أخذت نفساً و هي تتأمل المبنى .. ثم تقدمت بخطى سريعة و دلفت إلى الداخل .
توقفت عند الحارس و أخبرته أنها على موعدٍ للقاء السيدة ( سارة ) ، فطلب منها الدخول إلى الداخل و تكفل هو بإبلاغ السيدة عن طريق الهاتف .
عبرت على الفناء ، كان مزدحماً بالطلاب .. فهذا وقتُ الغداء و الاستراحة .
تابعت سيرها .. و بينما هي تسير ظهرت أمامها السيدة ( سارة ) مرحبة .. و توقفت أمامها لتصافحها قائلة و السعادة باديةً على وجهها اللطيف
- سعدتُ حقاً بحضوركِ آنسة ( روز ) ، أهلاً بكِ .
ابتسمت ( روز ماري ) قائلة
- شكراً لكِ .. كما أنني سعيدةٌ بمشاركتي تدريب طلاب المسرح .
قالت السيدة و هي ترمق ( روز ماري ) بإعجاب
- أنتِ جميلةٌ دائماً يا عزيزتي .. كلما رأيتكُ ازددتُ إعجاباً بكِ .
ضحكت ( روز ماري ) بخجلٍ و قالت متسائلة
- و هل رأيتني قبلاً ؟!
- نعم !.. كنت حاضرةً في عرض المسرحية ، و لقد رأيتكِ من بعيد .. كنت قد تمنيت أن أتعرفَ عليكِ و لكنكِ قد غادرتِ مسرعةً فلم تسنح الفرصة .
- نعم ، كان هنالك ظرفٌ اضطرني للمغادرة .
- حسناً ، لنتابع الحديث في مكتبي .. تفضلي .
- حسناً .
و مضت ( روز ماري ) بصحبة السيدة ( سارة ) .. تحدثتا عن المسرحية و عن قسم المسرح في المدرسة و عن كل ما هو متعلق في المسرح المدرسي .. أخيراً اصطحبت السيدة ( سارة ) ( روز ) للمسرح الذي سيتدرب فيه الطلاب على مسرحيتها .. و عرفتها على اساتذة المسرح و استاذ الصف الذي ستكون برفقته طول فترة التدريب .
و بعد إمضاء وقتٍ طويل .. حين حل العصر ، استاطعت ( روز ماري ) الحصول على غرفةٍ لها .. ألقت بحقيبتها عند الخزانة و استلقت على السرير طالبةً الراحة .. كان يوماً مزدحماً و شاقاً بعض الشيء .. غداً سيبدأ العمل و ستبدأ المتعة .
تذكرت فجأةً ( آرثر ) ، لم تلتقي به .. لم تراه و لم تلمحه رغم عبورها على قاعاتِ الموسيقى .
أغمضت عينيها و قالت في خلدها
- لا تشغلي نفسكِ بالتفكير في ( آرثر ) يا ( روز ) .. ينتظركِ غداً ما هو أهم .