الموضوع: أشباه الظلال
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-17, 12:57 PM   #7
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء التاسع












زبير






كيف لي أن أتخلص من كل همومي ومشاكلي , بدأت أرى الصدع الذي أحدثه والدي يكبر شيئا فشيئا , حور
طريحة الفراش منذ أيام وقد حكم علينا قدرها وقدري أن تكون بهذا المكان وزمرد ازدادت أموري معها سوءً
ولا تسمح لي بالتحدث معها
كنت جالسا بتململ أتنهد بضيق ولا أتوقف عن تغيير جلستي بين الحين والآخر متضايقا وبحر يجلس مقابلا
لي لا تفارقني عيناه أبدا ويرصد كل تحركاتي
نظرت ليديه وقلت " ما حل بأصابعك لما كل هذا الشاش هل جرحت "
نظر لهما وقال " لاشيء , بعض ما خبأه لي الزمن "
ثم نظر لي وقال " يبدوا أنك لن تتمكن من السفر للشركة الاستثمارية الجديدة سأذهب أنا مكانك ماذا قلت "
نظرت له مطولا ثم قلت " لا بل سأذهب أنا أنت آخر من تفقد العمل هناك علينا الأشراف على بعض
المشاريع إننا في تقدم ولا نريد التأخر عنها , شكرا لاهتمامك يا أخي "
نظر للأرض مطولا ثم قال " ولكن زوجـ.... "
ثم سكت لبرهة وعاد قائلا " ولكن ظروفك لا تسمح بذلك قد يحتاجونك هنا "
قلت بلا مبالاة " سأذهب فلا حاجة لهم بي الأمور ستكون على ما يرام "
حينها اقتربت منا والدتي وقالت " هل ستسافر يا زبير "
قلت وعينيا أرضا " نعم فعليا السفر الأمر ضروري "
قالت بضيق " ولكن زوجتك ما تزال مريضة ماذا لو تعبت أكثر وأنت غير موجود فلا سائقين
لدينا وأديم وصهيب خارج المدينة وقد يكون باقي أخوتك بعيدين كيف سنتصرف حينها "
قلت بتململ " وهل سأبقى ملاصقا لها طوال الوقت , بحر هنا فليبقى حتى عودتي "
قال بحر بهدوء " أنا سأسافر الليلة لأخوتي لا تعتمدوا علي "
قالت أمي بضيق " هي زوجتك وليست زوجة بحر ليبقى بقربها "
وقف حينها بحر وغادر دون أي حرف ووقفت مغادرا بعده ركبت سيارتي وغادرت كل ذلك المكان
الذي لم يصبح إلا محرقة للمشاعر والأحلام تجولت كثيرا وأنا أحاول التفكير في كل ما حل بي وبالجميع
جربت الاتصال مرارا بزمرد ولكن دون جدوى , مرت الساعات وأنا أتنقل من مكان لآخر حتى حل الظلام
أرسلت رسالة لزمرد وكتبت فيها ( إن كنت أعني لك شيئا ولو بسيطا فأجيبي على اتصالي يا زمرد )
بعد وقت طويل أرسلت لي رسالة فيها ( لو كنت أعني لك شيئا ولو بسيطا ما كنت تزوجت بغيري وتركتني )
جربت الاتصال بها مرارا ولكن لا أمل فأرسلت لها ( كنت مجبرا )
فأرسلت لي ( تزوجني إذا )
آه يالا كبر حجم مصيبتي ليتك تعلمي بذلك , أرسلت لها
( ليتني أستطيع فالأمر ليس بيدي أصبري معي قليلا , قليلا فقط يا زمرد )
أرسلت ( كم من الوقت أو من العمر , يكفي ما ضيعته حتى الآن وأنا أنتظر سرابك يا زبير )
ثم وصلت رسالة أخرى كتبت فيها ( لا ترسل رسائل أخرى لأنني لن أجيب )
رميت بالهاتف وأوقفت سيارتي أسندت رأسي للخلف وأغمضت عيني , كنت أشعر بالضيق والحاجة لأن
أتحدث مع أحدهم مع شخص يفهمني ويمكنني قول ما أريد له أمسكت بهاتفي ضغطت الأرقام الأولى
الرئيسية ثم ضغطت أرقام اخترتها بعشوائية وضغطت على زر الاتصال رن الهاتف مطولا ثم فتح الطرف
الآخر الخط في صمت تحدث دون توقف وقمت ببث كل همومي له ثم أغلقت الهاتف دون أن يتحدث معي
ولا أن أعرف من يكون ولم يكن يهمني ذلك المهم أنني أحسست ببعض الراحة فشغلت سيارتي وعدت للقصر
وهذا أنا لم أسافر حتى لوجهتي التي كنت أريد















حور






مرت أيام كنت فيها طريحة الفراش وكم تمنيت أن لا أنهض منه إلا لقبري ولكن الحياة لازالت تتمسك بي رغم
رفضي لها , لقد اعتنى بي زبير كما عمتي و رنيم فلم تفارقاني لحضه حتى تحسنت حالتي علمت أن بحر غادر
منذ أيام لزيارة أخوته فقررت العودة للتحرك في القصر فلست أخشى من شيء أكثر من مواجهته فليس لي قلب
يتحمل ذلك هل علمتم الآن ما كنت أعنيه سابقا بمعادلة الحظ والجمال فها أنتم رئيتم ذلك بأم أعينكم ولازال هناك
المزيد , نزلت للأسفل فوجدت خالتي تجلس مع ... لا , لا تقولوها , كان بحر نظرت لي والدته بابتسامة وقالت
" حمدا لله ها أنتي صرتي أحسن تعالي يا حور ما بك يا ابنتي "
جلت بعيناي في صمت حتى وفقعتا على العينان الخضراء اللتان تنظران لي ثم سرعان ما أنزل نظره للأرض
في حزن شعرت بالعبرة ستخرج مني فقلت بصوت مبحوح يكاد يختنق
" لا شيء يا خالتي بعض التعب فقط "
تنهدت وقالت " يبدوا أنهم فاجئوك بزواجك بزبير أو أجبروك عليه "
قلت بحزن " لقد اعتدت ذلك , كل حياتي كانت مفاجأات لم أتوقعها يوما "
وقف حينها بحر ليغادر فقالت والدته " أين يا بحر أنا لم أرك منذ مدة وأنت لم تصل إلا الآن "
قال مغادرا ومارا بجانبي " عليا السفر من أجل العمل عليك أن تعتادي غيابي يا أمي فما أحد منا يختار واقعه "
أغمضت عيناي بألم محاولة إمساك دموعي كي لا تنزل فآخر ما كنت أتوقع بل أكثر ما كنت أتمنى كل حياتي
أن أقترب منه أن أعلم واقعه وعالمه وأعيشه , كيف يأكل كيف ينام عن ماذا يتحدث ماذا يحب وماذا يكره كان
كاللغز بالنسبة لي وها قد حدث ذلك ولكن بالطريقة التي لا أتوقعها و لم أتمناها يوما












رنيم





ها هي الأيام تمضي بي هنا ولا شيء سوى أعمال المطبخ والإشراف على عاملات شركة النظافة حور
المسكينة ورفيقة وحدتي الوحيدة انهارت أعصابها حتى كادت تجن وكل أفراد هذه العائلة يبدون كالتائهين
لا أعلم هل هذه العائلة مشتتة وضائعة منذ البداية أم أن اللعنة المسماة وصية هي السبب فمن يرى القصر من
الخارج ويرى أملاك هذه العائلة وأسمها الذي يصل لنا نحن في الدول المجاورة لا يتخيل أنه لا خدم في هذا
المكان لا أعلم كم يحمل هذا الرجل من عقد لم أكتشفها بعد , دخل حينها غيث يزمجر غاضبا في هاتفه أنا لا
أحسد من يتحدث إليه الآن
قال بحدة " وما الذي سأفعله له هل أقتله مثلا تعالوا لنتفاهم ونجد حلا للأمر "
أخذ كأسا وقال لمن يخاطبه مغادرا " شقيقي أجل اعلم ولكن من له سلطة عليه هوا ليس طفل لأضربه وآمره
, وكأنه ليس لدي مصيبة تكفيني ليأتيني بأخرى , لا اعلم من أين تتقاذف علينا كل هذه المشاكل "
لا مصيبة على وجه الأرض أكبر من وجودك فيها هل أصبحت أنا مصيبة حلت عليك فما الذي سأقوله أنا عنك
حمدا لله الذي خلق لي أعصابا باردة حيال الكلمات المتطايرة كالقذائف وإلا ما كنت لأبقى هنا يوما واحدا فإما
سأكون قتله أو قتلني












غيث








جلست في المكتب مع جدي وأعمامي الذين حظروا للتو بعدما اتصلوا بي , كنت أضرب بقدمي على
الأرض بضيق وعمي عاصم يصرخ بغضب
" علينا إيقاف ذلك المجنون صهيب ماذا لو أنتشر الخبر وعلمت الصحف والناس فلن نتدارك الفضيحة
ابنة آل يعقوب مختطفة منذ فترة ستكون كارثة فلدينا سمعتنا ومكانتنا بين الجميع وأنا لدي بنات لم يفكر
بهم أحد غيري ولن يفكر أحد بالزواج منهم بعد تلك الفضيحة "
قال عمي جسار غاضبا " ليس بإمكاننا حتى أن نشتكي للشرطة لست أعلم كيف وجدها الخاطفون ومن أين
علموا بمكانها وكيف لذاك المعتوه صهيب أن يضع تلك الشروط الغبية ليتفاوض مع الخاطفين "
قلت مقاطعا " هل لكم أن تشرحوا لي ما حدث في الماضي لكي أفهم على الأقل "
سكت كليهما ونظرا لجدي الصامت منذ بداية الحديث ثم غادر عمي عاصم وقال عمي جسار مغادراً خلفه
" عليكم أن تجدوا حلا لجنون شقيكم ذاك يا غيث قبل أن يفوت الأوان كنت أعلم أنه لن يجلب لنا إلا المشاكل "
وخرج غاضبا , نظرت لجدي وقلت " هم لم يحبونا يوما على كل حال , فما تقول أنت "
قال بعد صمت " ليس لدي ما أقول "
قلت بضيق " ومن يقول إذا ومن لديه الجواب , كيف تكون لنا ابنة عم لا نعرف عنها شيئا فكل ما أعرفه أن
عمي نبيل مات وليس لديه أبناء "
وقف جدي مغادرا أيضا يستند على عكازه فقلت بيأس " يبدوا أنكم تخفون أمرا لن نعلمه أبدا "
وقفت غاضبا مغتاظا وتوجهت باحثا عن والدتي ولكني لم أجدها في غرفتها ولا في المطبخ بل وجدت من
سيكون متنفسا لغضبي فيه ( رنيم )
نظرت لها بحدة وقلت " أين هي أمي "
قالت ببرود " لا أعلم "
صرخت بها غاضبا " أليس لديك شيء غير لا أعلم , أليس لديك مشاعر غير الجليد والبرود "
صرخت غاضبة " وما الذي قلته أنا لتصرخ بي أنا لا أعلم أين تكون حقا "
توجهت ناحيتها والغضب يسري في عروقي كالنار أمسكت بذقنها بيدي بقوة حتى كاد يتهشم بين أصابعي
وقلت بغضب ومن بين أسناني " أقسم إن استفززتني بكلماتك الباردة مجددا فسأحطم لك وجهك هذا "
نزلت من عينيها دمعتان عبرتا طريقهما للأسفل أرخيت من قبضتي ثم تركتها وخرجت وجدت أمي تدخل
من باب القصر فقلت مخاطبا لها بضيق " أمي أريد التحدث إليك قليلا "
ثم توجهت لمكتبي ولحقت هي بي جلست على الأريكة وجلست مقابلة لي فقلت بهدوء
" أمي هلا حكيت لي ما تعرفيه عن عمي نبيل رحمه الله وعن زوجته "
نظرت لي بصمت فقلت " أمي أرجوك قولي لي أي شيء تعرفينه لا تسكتي كالجميع "
قالت " بسبب هذا الموضوع إذا خرج أعمامك غاضبون من هنا "
قلت متسائلا " يبدوا أن هناك شيء ما وعليا معرفته منك "
هزت والدتي رأسها وقالت " لا أعتقد أنني سأفيدك بشيء "
قلت " قولي كل ما تعرفيه مهما كان غير مهما "
قالت بهدوء " ألن تقول لي ما الذي يجري أولا "
قلت بنفاذ صبر " سأقول لك كل شيء فقط أريحي لي عقلي "
تنهدت وقالت " عندما تزوجت والدك شامخ كان عمك نبيل ما يزال أعزبا وفي عمر العشرين
تقريبا وفي عمر الخامسة والعشرين سافر خارج البلاد ولم يكن متزوجا أيضا بعدها بخمسة عشر
سنة سمعنا خبر وفاته ولم نره منذ سفره "
نظرت لها بصدمة وقلت " إذا كنت أنا في نهاية العشرين من العمر عندما توفي كيف لم نعلم بذلك لما قالوا
أنه ميت "
قالت والدتي بحيرة " لا أعلم فثمة مشكلة كبيرة حدثت بينه وبين أعمامك وجدك عندما كانوا يعملون مع
جدك في شركته بعدها سافر وكان والدك على اتصال دائم به وبعد عام من سفره دخل السجن بأيرلندا وبعد
أربع سنوات خرج منه ولم يجده والدك رغم بحثه الطويل عنه حتى يئس من وجوده
بعد ذلك بسنين جاءنا خبر وفاته مع أوراق تثبت هويته ويوم وفاته وبدأ والدك بالبحت عن زوجة له , قال
والدك أنه تزوجها هناك بعد خروجه من السجن لعله يكون لديه أبناء منها ولم يتوصل لنتيجة هذا
كل ما أعلمه يا غيث "
تنهدت وقلت " إذا ما قاله صهيب صحيح مثلما أكده أعمامي ولكن كيف علموا بوجودها "
نظرت لي بحيرة وقالت " وما الذي قاله صهيب وقالوه أعمامك "
قلت بهدوء " عمي نبيل لديه ابنة وهي هنا ومختطفة أيضا والخاطفون يطالبون بالفدية وصهيب
وحده من يعلم طريق التفاوض معهم "
شهقت أمي بدهشة وقالت " معقول ... ابنة وخاطفين وفدية هل نحن في فيلم أم في واقع "
قلت " بل في واقع وأعمامي سيجن جنونهم مخافة الفضيحة "
قالت بهدوء " ولما لا تدفعوا الفدية وتحرروها "
قلت بضيق " وهنا المشكلة فمنذ أن علم صهيب وهوا رافض للتفاوض معهم حتى نحقق شروطه وأنتي
تعرفي صهيب جيدا وشراسته وعناده "
قالت بصدمة " شروط , عن أي شروط تتحدث يا بني "
قلت بضيق " يشترط أن نقتسم عليها ثروة جدي من جديد وبما حققته من أرباح لأنها من حقها وثمنا لسنين
فقرها واحتياجها ووالدتها وأن نثبت براءة عمي من التهم الموجهة إليه هنا وفي ايرلندا ولا أفهم ما عنى بهذه "
كانت عينا أمي ستخرج من مكانها من الصدمة لما سمعت ثم قالت " وماذا قررتم "
قلت بضيق " لا شيء حتى الآن , أعمامي غاضبون ورافضين وبشدة وجدي يكتفي بالصمت لا أبرد منه إلا
الجبل الجليدي الذي لدي "
قالت بتساؤل " وماذا عنكم أنتم أبناء شامخ "
قلت بحيرة " لا اعلم فأخوتي لا يعلمون بالأمر حتى الآن والتركة لا يمكننا التصرف فيها قبل التقسيم ولو
كان لها حق لدينا فستأخذه كاملا دون نقصان "
ابتسمت وقالت لي " بارك الله فيك وفي من رباك يا غيث , إذا تحدثت مع صهيب عليه إحضارها ووالدتها
إلى هنا "
قلت بقلة حيلة " أخبرتك أنه يضع شروطا نعجز عن تحقيقها وحدنا , وتعرفي أعمامي جيدا "
ثم وقفت مغادرا فقالت لي " وما الحل يا غيث هل ستبقون الفتاة لديهم الله وحده يعلم ما فعلوا بها إنها فتاة
وأنت تفهم ما أعني جيدا "
قلت مغادرا " لا اعلم ما سنفعل حتى يقرر أعمامي وجدي أولا لقد ورطنا ابنك في مصيبة جديدة وكأنه
ينقصنا مصائب "
عند وصولي للباب التفتت إليها وقلت " أين هوا بحر قد يتمكن من إقناعه فهوا المقرب إليه "
قالت " قال أنه سيسافر اليوم لزيارة أخوته تحدث معه عبر الهاتف أو انتظره حتى يعود "
قلت بضيق " وزبير لم يسافر اليوم للشركة الجديدة ولم يخبرني إلا بعد ذهاب بحر لا أعلم متى سينتهي
كل هذا "
خرجت وتوجهت لجناحي بالأعلى وقفت أمام الباب ثم تقدمت جهة الجناح المجاور لي وهوا جناح رنيم
عليا أن أراها فقد تتهور وتفعل شيئا بنفسها فلا ينقصني مصائب أخرى وأعلم كيف تفكر النساء عند الحزن
واليأس الخائنات عديمات المشاعر , لقد فجرت بها كل غضبي هي تستحق ذلك بسبب برودها القاتل فكيف
للنار والجليد أن يجتمعا كيف
دخلت الجناح دون أن أطرق الباب وتوجهت للغرفة التي تنام فيها كانت تجلس باكية وأثار أصابعي لا تزال
على ذقنها











رنيم








ذلك القاسي المتحجر عديم الإحساس ما الذي فعلته له ليفعل بي هذا
كنت أنظر للمرآة ودموعي على خدي أتلمس أثار أصابعه على ذقني فلم يتجرأ أحد قبله على لمسي بأذى
سامحك الله يا والدي شامخ , آه كم سأقولها مرة لقد تجاوزت الألف بكثير
توجهت للسرير جلست هناك وتابعت مسيرة بكائي حين سمعت صوت الباب يفتح تساءلت في نفسي
من هذا فلا أحد يصعد إلى هنا أتمنى أن لا تكون خالتي فتكتشف أمرنا ولكن للمفاجأة لم تكن هي بل كان
أبن زوجها المتحجر جاء ليكمل ما بدءه منذ قليل ولكني لك يا غيث فأنت لم تعرف عنادي بعد
وقف أمام الباب ينظر إلى مكان جريمته بصمت وقفت ووضعت ظهر كفي عل ذقني وقلت
" ماذا تريد هل جئت لتنهي ما فعلته بي "
قال ببرود " أنتي من استفزني "
ابتسمت بسخرية وقلت " حقا لقد صدقتك , لا تكذب على نفسك يا غيث أنت تعتبرني أداة لتفجر بها غضبك
وكرهك للنساء , أتمنى فقط بعد أن تقضي عليا نهائيا أن ترتاح ويموت كرهك لبنات جنسي "
أستند بيده على الباب وقال بذات السخرية " بعد أن أقضي عليك نهائيا كما قلتي فسأرى ما سأفعل بعد ذلك "
قلت ببرود " وماذا تريد مني الآن هل جئت تبرد على قلبك برؤيتي هكذا "
اقترب مني وامسك بذقني من جديد وأصبح وجهي أمام وجهه مباشرة فقلت بألم
" يكفي يا غيث هل تريد تحطيمه لقد حطمته بالفعل "
قال بغيض " حذرتك من استفزازي ببرودك يا رنيم"
قلت بحدة " هذه أنا ولن أتغير فهل لك أن تغير قسوتك وتحجرك وكرهك لي "
قال بغيض " وإن كنتي هكذا فعليك أن تتغيري "
قلت ببرود " لا أريد ولن تجبرني على ذلك "
ضغط على ذقني أكثر وقال " إذاً أنا من سيغيرك "
قلت بابتسامة سخرية " جرب ولن تخسر شيئا "
قرب وجهي له أكثر ثم قبلني على شفتاي بقوة وهوا يضغط على ذقني حتى شعرت به سيتحطم بين
أصابعه وبشفتي ستتمزق حاولت الفكاك منه فلم أقدر ثم رمى بي على السرير وقال مغادرا
" كريهة كبنات جنسك الخائنات "
مسحت فمي بظهر يدي بتقزز فالتفت إلي ورأى ما فعلت فابتسم بسخرية وقال
" هذا هوا عقابك هذه المرة "
ثم خرج ذلك الكريه القاسي المقزز مسحت شفتاي بيدي بقوة حتى نزفتا محاولة إزالة أثر قبلته الكريهة من
نفسي , كيف لي أن أعيش مع رجل يكره كل النساء وهوا لا يتوقف عن نعتي بالخائنة
يمنعني من الخروج ومن التحدث عبر الهاتف أيضا وحتى من التنفس لو بيده , رغم معاملته الحسنة للجميع
فما ذنبي أنا إن خانته إحداهن لما لا يكون لطيفا معي كزبير مع حور واضح أن العلاقة بينهما تعاني فتورا
كبيرا ولكنه على الأقل يحترمها ويعاملها بلطف أمام الجميع حتى يقضي الله أمره , ليس كهذا القاسي
كم أكرهه ... أكرهك يا غيث ومنايا الفكاك منك في أقرب وقت














جود






كنت أجلس مع أخي مازن بغرفته لأساعده في حل مسائل الرياضيات عندما سمعت صراخ والدتي الغاضب
نزلت ركضا من السلالم فرأيت والدي يقف في منتصف البيت يضع يديه بوسط جسده وأمي تصرخ به
قائلة " يكفيك ما أخذت يا جابر لن اسمح لك بأخذ هذه إنها تخصني هي ذكرى من والدتي ولن أعطيها لك
ولو قتلتني "
هجم عليها كالغول وبدأ يضربها بقسوة ركضت وخلفي مازن محاولان أبعاده عنها ونلنا من الضرب نصيبنا
حينها انفتح الباب ودخل أخي بحر منه راكضا باتجاهنا وكان كالحلم الذي تحول لحقيقة , كالمعجزة التي جاءت
في وقتها , أمسك بيدا والدي ولفهما خلف ظهره وهوا يصرخ بغضب
" يكفيك إجرام يا أبي يكفي ذلك "
ثم تبته على الأرض ملقيا إياه على بطنه وخده على السجادة وبحر جالس فوق ظهره مثبتا له بقوة
قال والدي بغضب " أبتعد عني يا قذر أبتعد عني يا أبن شامخ وسماح وأخرج من هنا وأترك عائلتي "
صرخ بحر " عن أي عائلة تتحدث يا جابر عن أي عائلة , أنت لا تستحق أن يكون لك لا زوجة ولا أبناء "
ثم نظر إلينا بحر بغضب وقال " ألم أقل لكم ألا تمنعوه كي لا يضربها "
قالت والدتي بصراخ مؤلم " أراد السوار الذهبي الذي تركته لي والدتي ولن أفرط فيه ما حييت هوا الذكرى
الوحيدة منها فليقتلني أولا قبل أن يأخذها "
صرخ بنا بحر " اذهبوا للأعلى جميعا هيا "
صعدنا ثلاثتنا وكنت أراقبهم من هناك , ابتعد بحر من فوق والدي ثم أخرج محفظته وأخرج منها نقودا
كثيرة ورماها على والدي وقال " هذه أكثر من ثمن السوار فخدها وأرحل هيا "
جمع والدي المال بكل برود وخرج ثم وقف عند الباب وقال
" ابن والدتك حقا يا بحر , إن لم أبعدك عن أبنائي فلن أكون أنا "
ثم خرج فأغلق بحر الباب خلفه بقوة وغادرت راكضة جهة غرفتي التي كان فيها أمي ومازن بعد قليل دخل
علينا بحر فارتميت ومازن في حضنه ببكاء مسح على رأسينا وقال
" يكفي يا مدللان ألم تعتادا على ذلك بعد "
ثم نظر لأمي وقال " خالتي عليك أعطائي السوار لأخفيه عنه فسيأتي مجددا للبحث عنه بالتأكيد "
ثم أبعدنا عنه وقال " عليا الخروج قليلا وسأعود "
أمسكت به وقلت " إلى أين ستذهب يا بحر "
قال وهوا يخلص نفسه مني مبتعدا " سأذهب قليلا وأعود أطمئنوا "
صرخت به قائلة " لا تذهب خلف والدي يا بحر قد يكونوا مجموعة ويؤذونك "
قال بهدوء وهوا يقف عند الباب " لا تخافي سأعلم شيئا ضروريا وأعود قريبا "
ثم خرج وخرجت اركض خلفه فسبقني وخرج من المنزل , بقيت أنتظره وحدي في الأسفل لساعات
وانتصف الليل ولم يأتي كنت منشغلة عليه حد الجنون ثم رن هاتفي فركضت مسرعة ناحيته فكان رقما
غريبا يتصل بي نظرت له بحيرة كنت سأتركه دون الرد عليه ولكني خفت أن يكون شقيق بحر أو أنه حدث
مع بحر شيء شعرت بالخوف الشديد والتوتر ثم فتحت الخط ووضعت الهاتف على أذني بصمت تام أنتظر
لأعرف من على الطرف الآخر فجاءني صوت رجولي غريب ليس صوت بحر ولا شقيقه صهيب كان صوتا
رجوليا حزينا قال " لا تغلق الخط في وجهي أرجوك فأنا أريد أن أتحدث مع أحد أريد أن يسمعني شخص ما
لا تتحدث فلستَ مجبرا على الحديث معي فقط استمع إلى "
ثم سكت عن الكلام ومن صدمتي لم أتحرك من مكاني حتى أنني لم أرمش بعيني بعد صمتي الطويل قال
" حسننا أنت موافق على الاستماع إلي إذاً , شكرا لك يا صديقي , سأبث لك همي وحزني هل أنت مستعد
أن تحمله معي , آه أكاد أتحطم وأنا اكتمه في صدري هل جربت يوما ذلك
هل جربت أن تموت أمانيك وأن تقتل أماني غيرك في وقت واحد , أن يموت الحلم ليعيش الواقع أن تحترق
مشاعرك وتحرق مشاعر غيرك , لقد حرموني الفتاة التي أحب يا صديقي وأجبروني على أن أكون زوجا
للفتاة التي يحبها أخي أرى ذلك في عينيه في حزنه في صمته وحتى في كلماته وما بيدي حيلة غير أن أزيد
ناره نارا وألمه ألما وأنا لست بأقل منه توجعا بعد أن فقدت كل شيء حتى حبيبة طفولتي لأسأل بحيرة لما
يحدث معي ومعه هذا وما من مجيب ليثني لم أعرف بذلك , ليثني لم ألمح والحظ ذلك في عينيه تبا لي ولوصايا
الأموات التي تقتل الأحياء "
ثم تنهد بألم وقال " شكرا لك يا صديقي أنا فعلا ممتن لك على استماعك لي , وداعا "
ثم أغلق الخط وتركني واقفة كالتمثال والهاتف لازال على أذني أبعدته ونظرت له بحيرة مستغربة من حال
هذا الرجل يحكي لي همه وأنا تكاد همومي تكسر ظهري حمدا لله فلسنا وحدنا نعاني
سمعت صوت الباب يفتح فرميت الهاتف من يدي وكل ما حدث من راسي وتوجهت راكضة جهته قائلة
" بحر ... هل عدت يا أخي لماذا تأخرت لقد شغلتني عليك "
أقترب مني وقال " لما أنتي مستيقظة حتى هذا الوقت يا جود ألم أقل لك أنني سأكون بخير هيا اصعدي لتنامي "
قلت بابتسامة " هل أعد لك الطعام فأنت لم تأكل شيئا "
قال بابتسامة مماثلة " لا رغبة لي في الأكل يا جود سأصعد لأنام قليلا "
ثم تركني وصعد للأعلى حملت هاتفي وصعدت لغرفتي غيرت ثيابي ونمت بعد أن اطمأننت على أخي الغالي








صهيب




وصلت المستودع برفقة حامد عند الغروب ليأخذ معه جهاد وأبقى أنا هنا وما أن وصلنا خرج جهاد لنا
خارج المستودع فقلت متسائلا
" لما خرجت "
قال " ولما لا أخرج ها أنتم وصلتم وسأغادر "
قلت بحدة " وإن لم نكون نحن من وصل هل تريد إعلام المارة أن هناك أناسا هنا , بكل بساطة هيا تعالوا وخذونا "
قال بضيق " من يمر من هنا لم أرى أحدا طوال فترة بقائنا ثم لما يأخذونا وما يصنعوا بنا "
قلت بغضب " بك أنت لن يصنعوا طبعا ولن يأخذوك ولو وضعنا معك مالا لأخذك أما الفتاة لا يا غبي "
تأفف وأشاح بوجهه عني فقلت بغيض " إن كررتها ثانيتا قطعت رأسك غادرا هيا "
غادرا المكان ودخلت أنا المستودع ووجدت ميس تضرب بقدمها الأرض بغضب وتنظر لمكان قدمها
نظرت لها بحيرة وقلت بتساؤل " ما بك "
نظرت لي بحدة وقالت " الصراصير إنها تخرج لي دائما "
قلت بهدوء متوجها لمكان جلوسي " هذا لأنك لا تأكلين كل الطعام الذي احضره لك وهي تخرج له "
نظرت باتجاهي وقالت بغضب " ولما لا ترحمني من سجني ما فعلت لك لتفعل بي كل هذا "
قلت باستياء " ميس كنتي هادئة طوال الأيام الماضية ما بك اليوم "
قالت بصراخ " هادئة ..... ما رأيك أن تقول مبسوطة بوجودي معكم هنا "
نظرت للأعلى متكأ على العمود في صمت فقالت بأسى
" لما لا تطلق سراحي ما الذي ستستفيد به مني "
لم أجب فقالت بهدوء " لو اختطف أحدهم شقيقتك أو زوجتك هل كنت ترضى بذلك "
قلت بهدوء مماثل " لا طبعا "
قالت بحدة " لما تفعلها معي إذا هل لأنه ليس لي أب ولا شقيق تختطفني بدم بارد "
تأففت بضيق ولم أتحدث فقالت بغضب " أنا من يحق له التأفف والتذمر وليس أنت "
ثم قالت بحزن " والدتي مريضة وستموت إن أهملوها هناك وأهملوا أدويتها لا تخسروني آخر ما تبقى
لدي في هذه الحياة "
نظرت لها وقلت بهدوء " لن أتركك تذهبي يا ميس فلا تتعبيني معك "
قالت بغيض " لما ومن تكون أنت وهل أنت من أرسل لي تلك الرسالة لما لا تجيبني عن كل هذه الأسئلة
وما الذي تريده بالمال لتطالب بالفدية فثيابك ورائحة عطرك لا تدل على أنك ممن يحتاجون المال فلما اختطفتني "
يبدوا أنها ترغب في السهر الليلة أغمضت عينيا متظاهرا بالنوم فجاء صوتها غاضبا
" هل تدعي النوم أقسم لو خرج لي صرصور آخر سأحمله وأرميه عليك وارني أي نوم تنام حينها "
لم أستطع تمالك نفسي فضحكت وعيناي مغمضتان ثم قلت
" ميس يبدوا أنك تريدين النوم صباح الغد أو أنك نمت في الصباح لهذا لم تنامي فور وصولي كعادتك "
قالت بسخرية " حقا ياله من استنتاج رائع ويا لك من ذكي "
توقفت بعدها عن الكلام فتحت عيناي ونظرت جهتها فكانت نائمة على الفراش ووجهها مغطى بالبطانية
آه أتمنى أن أنجح في هذا ولا تجني هذه الفتاة بسببي متاعب جديدة على ما رأته في حياتها









الجزء العاشر






زمرد




أنا يا زبير , أنا تتلاعب بي وتخدعني كل تلك السنوات وتتحجج الآن بالحجج الواهية وتريد مني تصديقك
ككل مرة , ذاك الغبي يتأمل أن أستمر معه كالسابق يضنني لعبة بين يديه يتزوج بغيري ويلهوا معي
"زمرد ما بك هلا أخبرتني "
قلت بضيق " لا شيء أمي لا شيء , أين هي علياء سأذهب أنا وهي لزيارة جدي "
بدا الضيق واضحا على وجهها وقالت " جدك كان معنا منذ أيام , زمرد أحفظي كرامتك فالرجل قد تزوج "
نظرت لها بصدمة مما قالت ثم قلت " ومن قال أنني سأذهب لأهدر كرامتي هناك , لم تلده أمه من أذل نفسي له "
وقفت وقالت مغادرة " إذا ما من داعي لذهابك لمنزل تلك العائلة "
صرخت قائلة لتسمعني " بلى سأذهب لرؤية جدي وليس لهم "
ثم وقفت وصعدت للبحث عن علياء ووجدتها أخيرا , نظرت إليا وقالت بتذمر
" خيرا إن شاء الله ما الذي جعلك تشرفينني بزيارتك "
قلت بغيض " يا لك من متعجرفة هيا لنذهب ونزور جدي "
ضحكت وقالت " تلك قوليها لأمي وليس لي "
قلت بلا مبالاة " افهميها كما تريدي المهم هيا بنا "
نظرت لي بضيق وقالت " من أجل زبير "
قلت بغضب " يخسأ ذاك الخائن الكذاب أن أنظر إليه حتى "
قالت وهي توليني ظهرها " لا أريد الذهاب أذهبي لوحدك "
نظرت لها بضيق وقلت " ولا من أجل أديم "
قالت ببرود " ولا من أجل أي أحد لست مستعدة لأن أتلقى صفعة موجعة منه إن كان زبير الذي أرادك
دائما وبعلم الجميع تصرف هكذا فكيف بمن لم أعني له شيئا لقد صرفت النظر عن الموضوع برمته "
نظرت لها بنصف عين وقلت " هل هذا هوا السبب حقا أم لأنه غادر المدينة "
قالت بحدة " بل السبب الذي ذكرته "
قلت بغيض " ومن قال لك أني حزنت لفراق زبير ذاك فالحياة لم تتوقف عليه وحده وليس هوا الوحيد من
تلك العائلة "
نظرت لي بدهشة وقالت " ماذا تعني بذلك "
قلت بلا مبالاة " ما فهمتي "
تنهدت بضيق وقالت " غيث متزوج وبحر ليس ابن عمي وأديم ليس هنا كما قلتي وصهيب والدي يكرهه
ضعف كرهه للجميع كما إسياف كذلك , فأريحي نفسك يا زمرد وغيري هذا التفكير الذي شوه لك عقلك "
قلت بإصرار " بلى سأفعل ذلك فلازال أمامي صهيب فإن لم يجدي الأمر فهناك أديم ما دمتي قد أعلنتي
انهزامك وخسرت الحرب "
نظرت للجانب الآخر وقالت " أنا لم ادخل الحرب كي أنهزم فيها أخبرتك مرارا أني لا أفكر مثلك فقد
أحببت أديم باختياري وأزحت الفكرة الآن باختياري ولا أفكر بغيره من أبناء عمي شامخ "
شددتها من يدها وقلت " إذا ستأتي معي شئتي أم أبيتي "
تأففت كثيرا ثم وقفت لتأخذ عباءتها وحجابها
ذهبت وإياها لقصر عمي شامخ فهوا لا يبعد كثيرا عنا كما منزل عمي جسار دخلنا القصر فوجدنا زوجة
عمي استقبلتنا وأدخلتنا حيث يوجد جدي ولكنه لحسن الحظ كان نائما فاقترحت عليهم أن ننتظره قليلا ونتعرف
على زوجات أبنائها لأكسب الوقت
جاءتنا أولا فتاة شديدة البياض وكأنها قطعة من الجبن وشديدة سواد العينين تبدو كالحوريات صافحتنا بابتسامة
وجلست قالت عمتي سماح " هذه رنيم زوجة غيث وهاتان هما زمرد وعلياء بنات عاصم عم أبنائي "
قالت بابتسامة " تشرفت بالتعرف إليكما "
قالت علياء " ونحن كذلك "
أما أنا فاكتفيت بالصمت والتفكير في ضالتي الآن وهوا صهيب طبعا مضى بعض الوقت وعلياء التافهة
تتحدث بثرثرة توجع الرأس مع المدعوة رنيم وتشاركهم العمة أحياننا أما أنا فكنت أكتفي بالابتسامات الباردة
وبعض التعليقات الجانبية , بعد ذلك دخلت فتاة باهرة الجمال وذات حسن خرافي توجهت ناحيتنا مبتسمة وكان
يبدوا على وجهها أثار بعض التعب سلمت علينا وجلست قالت عمتي طبعا
" هذه حور زوجة ابني زبير وهاتان بنات عم زوجك يا حور "
كم هي فاتنة هل كل هذا الحسن في زوجته ويراسلني ويصر على مكالمتي يا لكم من جشعين معشر الرجال
ضننت أنه لا أجمل من زوجة غيث حين رأيتها لكن هذه كسرت القاعدة , تحدثنا بعض الوقت ثم قالت
علياء بابتسامة " تبدين شاحبة يا حور هل أنتي متعبة "
ابتسمت بسخرية وقلت " قد تكون تشاجرت مع زبير "
تغير وجهها من الصدمة ولم أفكر في خطورة ما قلت إلا حينها , سحقا لي سأفسد الأمور على
نفسي فقلت متداركة للأمر
" عفوا منك يا حور أنا لم أقصد ذلك فاعذريني "
قالت ببرود وهي تقف " لا بأس عليك سأذهب لجلب العصير عن أذنكم "
ثم خرجت فوجدت عمتي تنظر لي بضيق بسبب ما قلت لكني لم أعر الأمر اهتماما
قلت بعد قليل " كيف هم أديم وصهيب لم نرهم من مدة "
قالت عمتي بعد صمت " بخير وهما خارج البلاد "
قلت مدعية السذاجة " هل صهيب أيضا نقل عمله من هنا "
قالت بنفاذ صبر " لا هوا في مهمة وسيعود "
( أصنعي ما شئتي ما أن أرمي بشباكي عليه فلن أعيرك أي اهتمام ) بعد وقت قصير عادت حور تلك
تحمل العصير والكعك وكان وجهها مكفهرا وعيناها تكادا تتفجران دموعا ثم استأذنت وغادرت من فورها
شربت القليل من العصير ثم وقفت فوقفت علياء أيضا فقالت رنيم مبتسمة وهي تقف معنا
" ما بكما لا زال الوقت مبكرا "
غبية ما حاجتي بك لقد جئت لشيء لم أجده فلن يعنيني رأيك قلت بابتسامة مصطنعة
" علينا الذهاب فوالدتي تنتظرنا "
نظرت لعلياء بحب وقالت " عودي لزيارتنا قريبا يا علياء "
حقيرة وهل تضنيني أموت لهفة عليك , خرجت وعلياء فقابلنا زبير خارجا من جهة المطبخ نظر لي
بابتسامة وكأنه يريد قول شيئا أو يلقي التحية فأشحت بوجهي عنه بضيق وخرجت مسرعة
ياله من عديم دوق أتكون لديه كل تلك الملاك ويبتسم لي يالك من خائن تافه وعدت أدراجي لمنزلنا أجر
ذيول الخيبة ولكن ليس اليأس



















حور







ليته بإمكاني سجن نفسي في هذه الغرفة ولا أخرج منها أبدا لكي أرتاح سمعت طرقا على باب الجناح ففتحت
الباب وكانت خالتي وقالت أن بنات عم زبير هنا ويريدون رؤيتنا كنت أريد الرفض خشية أن يكون بحر قد
عاد فلا يمكنني السؤال عنه , ولكن ما باليد حيلة فكان عليا النزول لهم ولو قليلا ثم عليا مساعدة خالتي
و رنيم ولن أسجن نفسي طوال الوقت واتركهما خصوصا أن خالتي سعيدة كثيرا بتخفيفنا للحمل عنها
نزلت وتوجهت لمجلس الضيوف وجلست معهم , علياء كانت تبدوا لي لطيفة وبشوشة الوجه أما زمرد تلك
فلم ارتح لها ولا لبرودها وجفاف معاملتها للجميع وقد زادت الطين بله بجملتها التي ألقتها كالقذيفة على وجهي
يا لها من وقحة ما الذي تعنيه بذلك ولكن ما خفف الأمر نبرة الاعتذار الواضحة التي بدرت منها فقررت
بعدها أن أخرج متعذرة بجلب العصير والكعك للضيوف لأبتعد بعض الوقت , توجهت للمطبخ وبدأت بإعداد
الضيافة للفتاتين بعد دقائق قليلة سمعت أصوات لشخصين يقتربا من المطبخ ويتحدثان مع بعضهما
كنت منشغلة بأعداد الكعك عندما سمعت سحبا لكراسي الطاولة وصوت أحدهم يقول لي
" هلا أعطيتني بعض العصير يا حور "
كان ذلك الصوت ... نعم أعرفه جيدا ومنغرسا في قلبي منذ سنين وهل تخطئ الشجرة أوراقها اليابسة
على الأرض مهما كثرت الأوراق , التفتت لمصدره وشعرت بأحشائي تسقط أرضا عندما رأيت بحر
يجلس مع زبير وينظر إلي
قلت بتوتر " حسننا "
كنت أشعر بأن قدماي تيبستا وأنا أقترب منه وعيناه تأكلان ملامحي أكلا ,وضعت العصير أمامه وأنا أنظر
لأصابعه المليئة بآثار الجروح التي لم تشفى بعد بل كانت أثار ذلك اليوم المدمر الذي لم ولن تشفى أثار صدمته
من قلبي ما حييت , ياله من شعور لا يصفه أي وصف وأنت تُحرم من شيء هوا النور والهواء بالنسبة إليك ,
تراه أمامك وليس لك ومعك ولست له , كنت أتمنى أن تأتي أي قوة لتعيد الزمن للوراء بضع دقائق كي لا أخرج من
عند الضيوف أو لا أخرج من غرفتي بتاتا كنت أموت من الحنين إليه ومن الحسرة والألم بسبب خذلانه لي ونقضه
لعهده , عدت لترتيب أطباق الكعك برجفة وتوتر حتى أنها كانت تكاد تقع من يدي
فأتاني صوت زبير قائلا " هل لي بواحد أيضا يا حور "
نظرت إليه وقلت بعد صمت " هل تريده بالثلج أو بدونه "
لأني علمت من خالتي خلال أعدادنا لمائدة الطعام أن زبير يفضل الثلج مع العصير طوال العام
قال متبسما " لا بدون ثلج "
وضعت أمامه كوبا فوقف حينها بحر وقال بضيق واضح وهوا يغادر
" أنا لم أعد أريد العصير ليشربه غيري "
تسمرت في مكاني غير واعية لما يجري ثم نظرت لزبير الذي كان ينظر لي فأشحت بنظري للأرض لماذا
يفعل ذلك وفيما أنا أخطأت هل كان عليا سؤاله أيضا لكن الجو بارد فما الداعي للسؤال
وإن يكن كذلك ما كان عليه أن يتضايق هكذا وبشكل ملحوظ , حملت الصينية وتوجهت بها لحيت يجلس
الجميع وضعتها في صمت وأنا أسير على شيء لا يشبه الأرض يبدوا لي قطعة قماش تطير في الريح أو موج
بحر هائج وآه من هذه الكلمة ومنك يا بحر
كانت عيناي ستسكبان كل ما فيهما من دموع لو لم أستأذن وأخرج مسرعة , صعدت السلالم بخطوات
سريعة وأنا أمسح دموعي التي وجدت لها طريقا تعبر خلاله وبغزارة حينها أوقفني جسد يقف أمامي مباشرة
عرفته من ثيابه لا بل من رائحة عطره التي لم تتغير منذ سنين لا بل عرفه قلبي قبل أن ترى جسده عيناي
ابتعدت من أمامه ونظري في الأرض لأعبر من جانبه فوضع يده على حافة السلالم موصدا بها الطريق
أمامي وقال بصوته الهادئ كما كان دائما " لما تبكي يا حور "
عادت بي حينها السنين إلى الوراء بل عادت بي هذه الجملة إلى ما وراء السنين ( لما تبكي يا حور ) ولكن
المكان كان غير المكان والزمان غير الزمان وحتى الظروف كانت أجمل من الآن بكثير
لم أجبه بل لم أتحرك ولم أتنفس حتى التنفس فرفع يده من أمامي وقال
" لا تغضبي مني فلقد خانني لساني " ثم نزل
ركضت مسرعة للأعلى دخلت غرفتي وارتميت على السرير ابكي بحرقة وألم ولم أنزل ولم افتح الباب لأحد
بحجة أنني اشعر ببعض التعب وأريد النوم .. لا لم تكن حجة فقد كنت أشعر فعلا بكل تعب الدنيا وكل وجع
العالم يطبق على قلبي حتى كاد يتفجر

















غيث





قررت اليوم الاجتماع بأعمامي من جديد لنناقش القضية الجديدة التي ظهرت لنا ولكن لم أكن وحدي هذه المرة
فزبير معي والكل لازال عند رأيه أعمامي يرفضون الأمر برمته وجدي على صمته المعتاد من المفترض بوالدي
أن زوج في وصيته رنيم بجدي وليس أنا إنهما يليقان ببعض تماما غير أن رنيم تغضب أحيانا
تكلم زبير محاولا تليين رأس أعمامي فقال
" للفتاة حقان لدينا أن نحميها ونخلصها منهم وأن تأخذ حقها كالبقية "
صرخ عمي عاصم كعادته " ليس لديها شيئا عندنا "
فصرخ الزبير الذي وصل حده منهم " بل لديها هي ابنة شقيقكم أم نسيتم لو كانت أحدى بناتك هل رضيت
لها هذا "
صرخ عمي عاصم أكثر وقال بعصبية " ليس لنبيل شيء من هذا "
قال زبير " ولما "
قال عمي جسار بحدة " لأنه أختلس أموالنا "
صُدمنا كلينا مما قال وسكتنا إلا عن التنفس هنا نطق الحجر وقال جدي بحدة " جساااااار "
صرخ عمي جسار قائلا " دعهما يعلمان لكي يريحانا وشقيقهم المجنون ذاك من هذه القضية "
قلت بصدمة " أختلس أموالا ... متى "
أجاب عمي عاصم " قبل رحيله وفي أيرلندا أيضا لذلك سجنوه هناك "
وقفت من صدمتي بالخبر وقلت " ماذا "
قال جدي بحدة " أنهوا هذا الموضوع هيا "
قلت " كيف ننهي الموضوع ولم نفهم شيئا "
وقف جدي وغادر كعادته وتبعه عمي جسار فقلت لعمي عاصم " أريد أن افهم ما حدث "
وقف وقال مغادرا " اسأل شقيقك البطل الهمام وسبب مشاكلنا "
ثم خرج من فوره فنظرت لزبير وقلت " ما رأيك فيما سمعت "
هز رأسه وقال " وكأني في حلم , أتصل بصهيب وأسأله كما قال فيبدوا أنه يعلم شيئا "
قلت بضيق " هوا لا يجيب على اتصالاتي ولا أعلم لما يتهرب منا "
تنهد وقال " سأجرب أنا معه "
اتصل به فلم يجب قلت بيأس " لا نتيجة "
قال بضيق " لم يجب ولكن تذكر ما اشترطه صهيب بأن نبرئ عمي من التهمتين يعني أنه يعلم شيئا
وأن التهمة الأولى مرتبطة بالثانية "
تنهدت بضيق وغادرت المكتب خارجا وتمنيت من قلبي ألا ألتقي برنيم لأني سأقتلها هذه المرة لو
استفزتني كالعادة ولكن من قابلته لم يكن هي بل بحر هذا الشاب يجعلك تشعر بالهدوء وأنت في غمرة
ثورانك بسبب هدوءه , نظر لي مطولا ثم قال بصوته الهادئ
" ما بكم تصرخون مع أعمامكم هل من مشكلة "
قلت بضيق " نعم مشكلة وستجر مشاكل عديدة سنتحدث على طاولة العشاء أمام الجميع "
توجهت لجناحي وجلست أفكر في حل لهذه المصيبة بعد قليل سمعت طرقات خفيفة على الباب وبعدها
بدقائق فتحت رنيم الباب ودخلت , آه هذا ما كان ينقصني الآن , هي لم تزرني من قبل هل استحلت ذلك
اليوم بالذات وقفت وقالت ببرودها القاتل " هل لي أن أتحدث معك قليلا "
قلت بضيق " ليس الآن في وقت آخر "
بدا على وجهها الاستياء ولكنها لم تتكلم كتمت ما بداخلها خلف صمتها الدائم وخرجت , بعد ساعتين
نزلت لتناول العشاء مع البقية كان الجميع حاضرا اليوم فيما عدا حور وصهيب فأديم وقت إجازته وبحر
الذي عاد من سفره اليوم فقد أصبحت أحرك أخوتي في ممتلكاتنا أكثر من السابق
جلست بجانب جدي الذي لا يتناول الطعام معنا إلا نادرا كان الجميع يأكل بصمت كسرت الصمت قائلا
" هناك ما عليكم معرفته جميعا "
نظر الجميع لي فقلت " لعمي نبيل ابنة وتواجه مشكلة ما أن تُحل المشكلة قد تأتي للعيش هنا معنا "
نظر لي أديم بصدمة وقال " ابنة عم لنا نحن "
قلت بهدوء " نعم عمي نبيل رحمه الله لقد كان متزوجا بأيرلندية ولديه منها ابنة "
قال بحر " متى , لقد توفي وأنا في السادسة أذكره جيدا ولم يكن لديه زوجة "
ابتسمت بسخرية وقلت " هذا ما كنا نظنه جميعا ولكنه توفي وأنت في منتصف العشرين من عمرك يا بحر "
قال " وما المشكلة التي تعانيها "
صمتت مطولا ثم قلت " مشكلة معقدة ولا تزداد إلا تعقيدا وكأنه تنقصني مشاكل "
قالت رنيم ببرود " المشكلة دائما تجلب خلفها مشكلات اسألني أنا "
كان الجميع ينظر للمشاحنة التي بدأت للتو فاكتفيت بالصمت فحسابي معها فيما بعد
وقف جدي مغادرا وقال أديم " أنا لم أفهم شيئا مما قلت "
قلت بهدوء " سنتحدث فيما بعد "
وقف قائلا " إذا أنا أنتظرك في غرفة المكتب حسننا "
قلت " حسننا "
ووقف بحر وزبير مغادران لغرفة الجلوس فوقفت أمي وغادرت فلم يبقى سوانا أنا و رنيم , نظرت لها
ونظرت إلي ثم أنزلت عينيها وقالت " متى يمكننا التحدث "
وقفت وقلت ببرود " عندما أرى الوقت مناسبا سأسألك بنفسي "
قالت " ولكن .... "
فقلت بحدة " انتهى "
وغادرت غرفة الطعام متوجها للمكتب ولم أرها بعد ذلك ولم أكن أعلم أنها كانت تخبأ لي مفاجئة حتى فاجأتني
بها لاحقا






















أُديم






أكذب لو قلت أنني اعتدت الوضع هنا فغيابي عن أهلي زاد الأمر سوءا ويومي الإجازة لا يبردان على
الخاطر شيئا أحاول فقط أن أقنع نفسي لعلي أتأقلم مع الوضع الجديد لأنه مصيري حتى متى لا أعلم
, هذه الثرثارة توقفت عن الكلام يبدوا أنها تلقت درسا جيدا فلا تتحدثان إلا نادرا وبشبه همس , أحيانا
يشعرانني بالملل وأحيان كثيرة يطردانه عني , مواضيع النساء سخيفة جدا ثياب بيت أولاد موضى
قصص وأحداث لنساء أخريات , ولكن ليس غيرهما يسليني في ساعاتي الطويلة هنا حتى أنهما يتحدثان
عن أمور لو علما أنني اسمع لما تحدثا عنها وكأني لست بموجود فلولا إلقاء ليان التحية علي عند دخولها
ومغادرتها ( صباح الخير أيها الوسيم , وداعا أيها الوسيم ) لظننت أنني تحولت لقطعة أثاث هنا وبالرغم
من ذلك لم أسلم منها ومن لسانها أذكر جيدا يوم استلمتني وبدأت باستجوابي ( ما هوا اسمي أين أعيش من
عائلتي من أنا ) فلم أجد خيارا أمامي سوى تضليلها عن الإجابة وأخبرتها أن أسمي وسيم كما كانت تناديني
ولكم أن تتصوروا ردة فعلها عندما علمت فقالت أسم على مسمى هههههه لو تعلم أنني أسمعها لانتحرت من
فورها بالتأكيد , هذه الفتاة تجعلني أنظر للمرآة مطولا عند عودتي للشقة كل يوم وأنا أحاول رؤية نفسي من
خلال عينيها ستتسبب لي بالتخمة من الغرور
عالم الفقراء غريب حقا لم احتك بهم يوما ولكن لم أتصورهم هكذا ينظرون للفقر ببساطة ويكرهون الغنى
والأغنياء كهذه الفتاة مثلا , لم أتخيل يوما أن ادخل عالمهم ولو عن بعد وأتمنى أن لا أغرق فيه أكثر
" هيه ليان " كان هذا صوت شروق الهامس
قالت ليان بتذمر " نعم ما بك يا شروق "
قالت بابتسامة " الفتى وسيم ينظر إليك مجددا "
قالت لها بضيق دون أن تنظر إليا ولا إليها " تابعي عملك واتركي الشاب في حاله تذكرين المرة الماضية
ما ألت إليه عندما سخرنا منه يبدوا لي أن الله يحميه ويأخذ له بحقه "
ابتسمت شروق وقالت " صحيح ليان أخبريني َمن من مالكي الشركة الذي تغزل بك يومها "
نظرت لها بنصف عين وقالت " هل أعتبر ما قلتي مراعاة لمشاعري أم هي سخرية مني "
ضحكت وقالت " أنا أسخر منك حاشا لله "
قالت لها بضيق " اتركيني وشأني يا شروق وإلا حولتك لغروب الآن "
ضحكت الأخرى وقالت " وكيف ستعودين لبيتك في الظلام "
أوقعت قلمي وادعيت أنني أجلبه من تحت الطاولة لأني لم أستطع إمساك نفسي عن الضحك وهذه الخطة
التي أتبعها دائما
تأففت ليان بضيق فقالت شروق "هيا أخبريني يا ليان "
قالت بحدة " شروق بالله عليك تتركيني وشأني كم أكره الأغنياء وسيرتهم "
قالت شروق بهدوء " قالوا أن أولاد السيد شامخ رحمه الله خمسة وبعضهم يقول أربعة آه رحمك الله يا سيد
شامخ لقد كان الجميع يحبه حتى أن هذه الشركة أسسها هنا في الجنوب من أجل أهل المدينة ومجاوراتها بعد
أن دمرتها الحرب منذ سنوات "
تنهدت ليان وقالت " صدق من قال أن الخير يلد شرا دائما "
( ها قد عادت لإهانتي وفي وجهي أيضا )
قالت شروق " كانوا يتحدثون كثيرا عن ابنه الأكبر الذي كان يأتي هنا من حين لآخر اسمه أعتقد غيث هل
هوا من تحدث معك "
قالت بضيق " لا هوا أسمعه أديم هكذا قال المدير أتمنى أن لا أسمع صوته ثانية ولا أراه في حياتي "
ضحكت شروق وقالت "ليس كل ما يتمناه المرء يدركه يا ليان "
قالت ليان بنفاد صبر " شروق أنهي هذا الموضوع فلقد أنكسر كعب حدائي اليوم في طريقي إلى هنا
ولازلت أنتظر المصيبة الثانية فلا تتسببي أنتي بها لي "
وما هي إلا لحظات حتى دخل شاب مكفهر الوجه قاسي الملامح يقدح من عينيه الكره والغضب وما أن
رأته ليان حتى وقفت على طولها وقالت " قيس ماذا تريد مني وما جاء بك إلى هنا "
صرخ بها قائلا " أخرجي أمامي الآن أو ضيعتك "
صرخت به " لن أخرج هذا عملي ولن أسمح لك أن تتسبب بخسارتي له "
أقترب منها وأمسكها من ذراعها وقال بغيض " ستخرجين أو تعطينا المنزل حالا "
قالت بحدة " أبتعد عني يا قيس ولنتفاهم خارج هذا المكان ولا تتسبب لي بالمشكلات "
قال بذات الحدة " بل الآن ستعيدين لنا منزل والدتي أيتها الحقيرة يا ابنة الخائن "
قالت بغيض " لا أسمح لك بإهانة والدي أنت هوا الحقير الخائن أيها الفاشل "
صفعها على وجهها حتى سقطت أرضا ممسكة بطاولة مكتبها حينها خرجت أنا عن السيطرة على نفسي فلم
أرد التدخل بدايتا في مشاكل عائلية لا دخل لي بها ثم أني ارفض الاحتكاك بأي من الموجودين هنا ولكن
شهامتي وما تربيت عليه لا يسمح لي بذلك ركضت ناحيته وأوسعته ضربا لأن الفارق في أجسادنا كبير
حتى تجمع حولنا الموظفين وفكوا العراك وأخذوا شقيقها خارج الشركة وجلست هي تبكي طوال الوقت ثم
استدعاها مدير القسم ولم يستدعني طبعا لأني خارج حدود كل الشركة هنا
بعدها جاءت وجلست بمكانها ترفض التحدث حتى مع شروق مكتفية بالصمت والبكاء وفي نهاية الدوام
غادرت بصمت وحزن حتى أنها لم تلقي عليا التحية كعادتها ولا حتى على شروق يبدوا أنها تلقت توبيخا
من المدير أو خصموا لها من راتبها , يبدوا أنه ما كان عليا التدخل فقد تسببت لها بمشكلة
في اليوم التالي لم تأتي ليان ولا الذي بعده ولا بعده لم أكترث للأمر فهذا قدرها تواجهه وحدها وفي اليوم
الرابع أنبني ضميري لأني جزء مما حدث هنا فكتبت لشروق أسألها عنها فكتبت أنهم قرروا فصلها أو
ممكن نقلها أو فصلت لمدة معينة أو أشقائها منعوها أو قتلوها فهي لا تعلم شيئا عنها
سألتها عن رقم هاتفها فكتبت أنها لا تملك واحدا بسبب مشاكل أخوتها سألتها إن كانت زارتها في بيتها
فقالت أن زوجها يمنعها من الخروج فتهورت وطلبت عنوان بيتها فأنا السبب لما حل بها وعليا إصلاح
الأمر









ميس







لابد وأنكم نسيتم أنني لازلت سجينة ذلك المستودع إنهم يتبادلون حراستي وكأنه بإمكاني الهروب من هذا
المكان المقطوع الموحش فلو تركوني لوحدي ما فكرت بالهرب منه , جاء وقت المغيب فحظر جهاد والشاب
بني الشعر الذي لم يذكروا أسمه أمامي حتى الآن قال وهوا ينظر لجهاد
" ستبقى أنت والفتاة هنا الليلة "
وكانت المرة الأولى التي لا يكون هوا فيها هنا ليلا يعني لا نوم الليلة حيث أنني كنت أنام طيلة بقائه هنا
حتى مغادرته فجرا نظر جهاد لي ثم له وقال بهمس ولكني كنت اسمعه جيدا
" لا تتركاني معها ولا ليلة فلن أضمن لكم نفسي "
نظر له بنظرة حارقة كالنار وقال بحدة " هل هي حجة أم حقيقة ما سمعته الآن "
توتر جهاد فيبدوا أنه كان سيلقى عقابا منه عليها لو كان صادقا فقال بخوف
" بل حجة يا رجل فأنا كنت هنا بالأمس ولا يجوز أن أبقى اليوم أيضا "
نظر له نظرة تشكك ثم قال " إذا ليبقى حامد "
صرخ حامد قائلا " لا لن يحدث ذلك فقد كنت هنا طوال اليوم هذا ليس عدلا "
نظر لهما ثم لي وتقدم ناحيتي وقال " انتقلي هناك عند نهاية المستودع "
قلت بذعر " لا تتركني معه لا أريد "
قال بحزم " لا يمكنني البقاء الليلة الأمر خارج عن إرادتي "
قلت بابتسامة سخرية " لن يضر الأمر لو لم تنم مع زوجتك الليلة "
قال بغيض مكتوم " لقد حذرتك من استفزازي يا ميس لا تجعليني أخطأ معك "
قلت بغضب " وما الذي لم تخطئه معي حتى الآن اتركوني هنا وحدي فلن أهرب "
نظر جهاد وحامد لبعضهما فيبدوا أنهما فهما كلامي على مزاجهما
أشار بأصبعه للزاوية وقال بغيض " أجلسي هناك في الزاوية يا ميس قلت لك "
أخذت الفراش والبطانية ورميتهما حيث قال ووقفت بغيض , وقف بالمقربة مني وأشار بأصبعه لخط
في أرضية المستودع الإسمنتية وقال موجها كلامه لجهاد
" إن تجاوزت هذا الخط فلن ينقدك مني إلا الموت فهمت "
ثم وجه حديثه لي وقال " إن تجاوز هذا فأخبريني في الغد "
نظرت للجانب الآخر بضيق وقلت " هذا إن كان ثمة غد "
نظر لي مطولا ثم أخد معه حامد وغادر , جلست بالزاوية حيث أشار مبتعدة عن جهاد أبعد حد وبدأ
يغني كعادته لا أعلم من هذا الذي أخبره أن صوته جميل لابد وأنها زوجته
فكرت أن أفضل طريقة للتخلص من هذه العصابة هوا الإيقاع بينهم وهذا البدين يبدوا أحد طباعا من الآخر
فسيكون هوا ضحيتي بعد ساعات طويلة عاد للغناء من جديد فصرخت به قائلة
" لما لا توقف هذا النشاز المقرف لقد أقرفتني "
وضع يده بوسطه وقال " هل تعجبك مرافقة ذاك لك في الليل حتى أصبح الآن فقط صوتي نشازا "
سحقا لك من حقير علمت أنهم فكروا بذلك منذ حديثي معه عندما كان هنا بداية المساء
قلت بغضب " تعلم كيف تنتقي كلماتك أيها الصعلوك المغفل فأنا أشرف منك ومن أمثالك "
ضحك بسخرية وقال " لم أكن أعلم أن فراقه لك ليلة واحدة سيصيبك بالجنون هكذا , أسمعي سيرميك
فيما بعد وأنا من سيحتفظ بك وسأتزوجك ما قلتي "
صرخت به غضبا " يالك من منحط ووضيع أيضا "
ضحك وقال " الحق علي سأتستر عليك "
قلت بغيض " سأخبره بكل ما قلته الآن وسترى "
وقف مغتاظا وقال " هل تضني أني أخاف منه أو أن تهديده ذاك يخيفني "
قلت بسخرية " بلى تخاف منه "
اقترب مني بضع خطوات وقال " إن أعدتي ما قلته للتو فستندمين على ذلك "
قلت ببرود " تخاف منه اعترفت أم لم تعترف "
أقترب مني وأمسكني من ذراعي وشدها بقوة حتى شعرت بأظافره تنغرس فيها من فوق القماش وأن
عظامها ستتكسر بين أصابعه وقال " هل تعي ما تقولينه يا رخيصة "
نظرت له بصدمة لما قال وقلت بغيض " أقسم أن أخبره بكل هذا وبأنك تجاوزت الخط الذي حدده أيضا "
نظر للأسفل بدهشة وكأنه استيقظ من موجة غضبه وقال بغيض
" إن أخبرته أريتك ما لم تريه من قبل وأعلمي أنه لن يصدقك وأعرف كيف أتبت عكس ما قلتي "
ثم رماني على الأرض وعاد حيث كان بعد سعتين كان وقت الفجر قد حان دخلت الحمام توضأت وصليت
وما أن أشرقت الشمس حتى جاء الآخران وما إن دخل وأقترب مني حتى ركضت مخبئتا خلفه وأنظر جهة
جهاد أمسكني من ذراعي وقابلني لوجهه وهوا يؤشر بأصبعه جهة ذاك الإمعة وعينيه تقدح شررا وقال بغيض
" هل فعل لك شيئا ماذا حدث تكلمي "
نظرت جهة جهاد ثم إليه ولم أتحدث فقال بصراخ غاضب " قولي يا ميس ماذا حدث "
قلت وأنا أهز رأسي نفيا بصراخ " لا أستطيع لقد هددني "
أكفهر وجهه وتحول من البياض للون الأحمر القاتم ومرر أصابعه في شعره الكثيف الناعم المتدرج ثم
توجه جهة جهاد أمسكه من ياقة قميصه وقال بغضب " ما فعلت يا أحمق "
قال بصوت مخنوق " لم أفعل شيئا إنها تكذب كي توقع بي لقد طلبت مني التأمر معها وإخراجها ولكني
رفضت فلفقت لي هذه الكذبة "
صرخت به بعنف " كااااااذب لقد قال أنك سترمي بي بعد أن تشبع مني وهوا من سيأخذني بعدك ونعتني
بالرخيصة كما أنه تجاوز الخط الذي حددته له "
زاد من شده على رقبته حتى ضننت أنه سيموت على يديه لولا أن حامد هدئه قليلا ليتركه سعل جهاد كثيرا
ثم قال " هل تصدقها وتكذبني لا دليل لديها على كل ما تقول "
اقتربت منهم وكشفت عن ذراعي فظهرت آثار أصابعه التي كانت لا تزال فيها ومكان أظافرة قد انسلخ الجلد
عنها وقلت " هذا هوا الدليل أم أنك ستقول أنني من قام بهذا لأنه يستحيل أن تكون آثار أصابعي متوجهة للداخل
هكذا ولا حجم أصابعي كأصابعك "
سحبه الشاب حينها حتى ألصقه بالحائط وانهال عليه بالضرب ولم يستطع حتى حامد إيقافه بسبب بنيته الجسدية
وقوة غضبه فضربه حتى تعب ثم صرخ به قائلا
" ستندم على ما فعلت يا جهاد وحسابك معي ليس هنا بل في السجن وتعلم جيدا ما أعني أغرب عن وجهي الآن "
نهض بعدها جهاد وخرج خارجا وسمعت صوت سيارة تغادر نظر لي وأمسكني من كتفاي وقال بحدة
" ماذا فعل لك ماذا حدث أيضا "
قلت مشيحة بوجهي عنه " لاشيء غير ذلك "
نظر لحامد وقال
" ابق هنا وسأعود بعد ساعة أو ساعتين لو كررت ما فعله ذاك فحسابك سيكون أشد منه تفهم "
كان الصمت جواب حامد فخرج وركب سيارته وغادر وبعد نصف ساعة سمعت صوت سيارة ولكنها لم
تكن لذاك الشاب بل لجهاد دخل ونظر لي بحدة ثم لحامد فقال له بغيض
" لما عدت يا جهاد سيسجنك ويسجنني يا مغفل اذهب هيا "
قال بعصبية " أنا لم اذهب لأعود "
ثم نظر باتجاهي وقال " جئت لأتحدث معك يا حامد ولكن في الخارج "
خرجا كليهما وبعد وقت طويل عادا وأخداني معهما مرغمة لا أعلم ما حشا به جهاد رأس حامد ليوافقه وما
سيفعلانه بي ولكنه بالتأكيد سينتقم مني لما فعلت , سحباني سحبا وأنا أقاومهم كم تمنيت حينها أن يأتي ذاك
الشاب لينقدني منهم وإن كان مجرد مختطِف مثلهم ولكنه ارحم منهما
ولكن الأماني لا يمكن أن تتحقق ويبدوا أنه كالشرطة في الأفلام لا يأتي إلا متأخرا , اركباني السيارة وغادرا
بي في طريق غير الذي جئنا منه وإلى أين لا أعلم كل ما أعلمه أنني أصبحت مختطفة للمرة الثانية















الجزء الحادي عشر









صهيب




ما كان عليا أن أتق بذلك الصعلوك ولا بالذي معه ما كان عليا تركها معه بعد الذي قاله ماذا لو مسها بأذى
ركبت سيارتي ومضيت لأنظر ما فعل صديقي سالم في أمر المنزل الذي سأنقلها إليه فلا تكون إلا تحت
رعايتي وحدي فساعدني في استئجار منزل مناسب لذلك , ثم عدت لأخذها من هناك وعندما وصلت فوجئت
بباب المستودع مفتوحا فقفزت قفزا من السيارة ودخلت للداخل فلم أجد أحدا لا ميس ولا حامد ولا أي شيء
أمسكت رأسي بيداي من الصدمة وأنا أصرخ مناديا باسمها ثم خرجت كالمجنون أركض حول المكان مناديا
لها وكأنها ستخرج لي من هناك صرخت وصرخت وناديت وناديت ولكن دون فائدة
ركبت السيارة وانطلقت بسرعة جنونية وأنا أصرخ قائلا
" ما كان عليك أن تتق بأحد يا صهيب ولو كان مصيره بيدك لقد أضعتها وأضعت وصية والدك لك "
ضربت على المقود بيدي وقلت بغيض " لقد خذلت والدك الذي وتق بك وحملك هذه الأمانة دون الجميع خذلته
يا صهيب وسيحاسبك عليها يوم يلقاك عند الله "
كنت لا أرى أمامي إلا السواد اتصلت بهما مرارا ولم يجيبا أرسلت لهم رسائل أتوعدهم فيها وبدون فائدة
جلت كل الأماكن لأسأل عن مكان يعيشان فيه ولكن دون جدوى وبقيت على ذاك الحال حتى حل الظلام
في صباح اليوم التالي اتصل بي جهاد صرخت به مباشرة ما إن فتحت الخط قائلا
" أعد الفتاة أيها القذر أو رأيت ما لم تره "
ضحك وقال " مهلك قليلا ولا تخف على معشوقتك "
قلت بغضب " هي أشرف منك يا ندل , إن لم ترجعها سليمة كما أخذتها وأنت تفهم ما أقول فستكون
اليوم في السجن لا بل من الأموات "
قال بسخرية " إن صرت في السجن فستنسى أن هذه الفتاة موجودة "
ثم أغلق الخط في وجهي اتصلت به فأجاب بتذمر " نعم ماذا تريد "
قلت بغيض " الفتاة "
قال ببرود " والمقابل "
قلت " لا شيء ستحضرها رغما عنك "
أغلق الخط مجددا في وجهي مرت عدة أيام وأنا أبحث بكل الطرق ودون جدوى ثم تمكنت من معرفة
عنوان بيته ذهبت له مباشرة فوجدته فارغا ولكن من ملاحظتي له كان يبدوا أن ثمة من كان هنا اليوم
جلست أنتظر وبعد ساعات دخلت ضالتي التي كانت جهاد
أمسكته بكل قوتي وضربته حتى الموت وأنا أصرخ به " أين هي وإلا قتلتك تكلم الآن"
قال بصوت متألم " ليست معي "
صرخت به بحدة " كاذب أين هي يا جهاد "
صرخ متألما " ليست معي لقد أخذها حامد من هنا وغادر , بحثت عنه ولم أجده لقد أخدها اليوم أثناء
غيابي وذهب "
ضربته أشد من ضربي السابق له ثم رفعت وجهه المغطى بالدماء وقلت
" إن كنت كاذبا قتلتك يا جهاد سمعت قتلتك "
ثم رميت به بإحدى الغرف وأغلقتها عليه بالمفتاح كما أغلقت البيت وغادرت جاءني حينها اتصال من
غيث فتحت الخط وقلت بضيق " نعم "
جاء صوته حادا " أين أنت يا صهيب ولما لا تجيب على اتصالاتي "
قلت بنفاذ صبر " ماذا تريد "
صرخ قائلا " ماذا أريد برأيك , هل تسأل سؤالا كهذا "
دخل على المكالمة حينها رقم حامد فقلت بعجل " وداعا الآن يا غيث سنتحدث فيما بعد "
أنهيت الاتصال منه وهوا لا زال يتحدث وفتحت الخط لحامد وقلت بغضب
" كن عاقلا يا حامد وأعد الفتاة وإلا "
قال بجدية " الفتاة هي من لا تريد العودة وإنسا أمرها نهائيا "
صرخت قائلا " ما الذي تهدي به الآن "
أغلق الخط في وجهي وتركني ضائعا في طريقي وتائها في تفكيري , ما الذي حدث وأين أخذها
ورحل سحقا لي ولحلولي الفاشلة بعد كل ما فعلته مع جدي وأعمامي ها أنا أعود من حيث بدأت وها
هي رحلة بحثي عنها لم تنتهي بل تطول أكثر













حور





سجنت نفسي في غرفتي لا أخرج ولا أتوقف عن البكاء سمعت طرقات على الباب ثم جاءني صوت
زبير قائلا " حور هل لي بالدخول "
قلت بهدوء " أنا متعبة يا زبير ولا رغبة لي في الحديث أرجوك "
قال بذات الهدوء " حسننا أنزلي لتناول الطعام فالعشاء جاهز وأمي لن ترحمني إن لم تنزلي معي أفعلي
ذلك من أجلي حسننا "
تنهدت وقلت بقلة حيلة " حسننا من أجلك فقط فلا رغبة لي بالأكل "
لبست حجابي وخرجت ولم أجد زبير في جناحنا نزلت للأسفل وكان الجميع هناك عدا صهيب وأديم طبعا
هممت بالجلوس بجوار خالتي فقالت مبتسمة " ما تفعليه بهذه العجوز أجلسي بجانب زوجك هناك "
نظرت لزبير ثم للطاولة ياله من موقف سيء ومحرج , سمعت حينها صوت ملعقة تضرب الصحن بقوة
وكأن أحدهم رماها فيه رميا , نظرت باتجاه الصوت وكان بحر من قام بذلك , لم أرى تعبيرا على وجهه
فقد كان مطأطأ برأسه للأسفل
جاءني صوت خالتي من جديد " اجلسي هناك يا حور ما بك يا ابنتي "
توجهت بخطوات ثقيلة كالجبال سحبت الكرسي المجاور لزبير والذي كان يجلس بجواره غيث ويفصله
عن بحر فوقف بحر وغادر من فوره بصمت وبخطوات ثقيلة غاضبة وسريعة
قالت خالتي منادية " بحر ما بك أنت لم تأكل شيئا "
ولكنه لم يجب ولم يتوقف حتى وخرج خارج غرفة الطعام بل وخارج القصر كله لأن صوت بابه الضخم
كاد يزلزل الجدران من شدة ضربته له وهوا يغلقه خلفه , كنت أنظر جهة الباب كالمخدرة دون حراك
" أجلسي يا حور "
كان هذا صوت زبير الذي أوقظ عقلي من توقفه جلست بهدوء وبدأت أقلب الطعام ولم آكل إلا اليسير
ثم نظرت لصحن بحر الذي لم يأكل منه شيء رغم بدئهم الطعام قبل وصولي بوقت وحتى زبير لم يأكل
إلا بعض اللقيمات على ما يبدوا و رنيم وغيث كذلك يبدوا لي أن الجميع ليسوا بخير هنا , وقفت واعتذرت
عن الطعام وتوجهت للمطبخ أنتظر أن تلحق بي رنيم لنغسل الأطباق والأواني فالخادمة غادرت منذ وقت
وما هي إلا لحظات حتى دخل زبير وقف بجواري وقال " ما بك يا حور لا تبدين بخير "
تنهدت وقلت " متعبة قليلا وسأكون أفضل عند الغد "
غادر بصمت ولم يضف حرفا واحدا , أجل حالي لا يسر أحداً فماذا أقول عن حالي لما لا تساعدني يا بحر
لما تزيد من همومي , لماذا يفعل بي ذلك ما ذنبي أنا ما ذنبي إن رحل وتركني منذ سنين ما ذنبي إن زوجني
والدي وعمي دون رأيي ما ذنبي إن كان زوجي شقيقه من بين كل البشر لقد أحرقوني وحكموا عليا بأن
أموت كل دقيقة , جاءت رنيم بعد وقت لتخبرني أنهم أنهوا الطعام طلبت مني أن أترك لها العمل وحدها
ولكني رفضت فما ذنبها هي فيما يحصل لي وهل ستبقى تعمل هنا وحدها دائما
تعاونا على تنظيف الأطباق وغسلها والصمت يغلف المكان فيما عدا صوت الماء
قلت بهدوء " رنيم لا يبدوا لي أن أحوالك وغيث جيدة "
سكتت لوقت ثم قالت " ولا أنتي وزبير أليس كذلك "
كانت الإجابة أصعب من أن أخرجها ومما تخيلت فعلمت حينها أن سؤالي كان غبيا فقلت
" أنا آسفة حقا يا رنيم إن كان سؤالي غبيا ومحرجا "
ابتسمت وقالت " ولما الأسف هذا هوا الواقع فكلنا هنا ضحايا وصية حكمت على الجميع بالموت "
قلت مستغربة " هل حكمت على البقية أيضا أنا لا أفهم "
تنهدت وقالت " بلى فكلن له نصيبه منها "
قلت بحيرة " هل سيزوجهم جميعا هكذا "
هزت رأسها وقالت " لا بل إنه حكم على بحر أن لا يترك العائلة حتى اقتسام الميراث وأن لا
يقرر قرارا يخصه وعلى أديم العمل في الجنوب صهيب وحده من نجا منها "
قلت بأسى " هذه ليست وصية إنها مذبحة "
ضحكت وقالت " هوا أفضل وصف سمعته لها حتى الآن "
قلت " ولما يريدون أمرها سريا "
قالت بهدوء " بسبب الألسن أنتي تعلمي ألسن الناس لا ترحم "
قلت بعد صمت " ولما يمنع بحر من الرحيل "
قالت بحيرة " أنا لا أعلم ولا أفهمه حقا ما فهمته من خالتي أن بحر كان يتمنى دائما أن يكون مستقلا ويبني
نفسه بنفسه فكما تعلمي هوا ليس ابن هذه العائلة قد يكون يعتبر نفسه مجرد منسوب لها فهوا لا يريده أن
ينفصل عن العائلة "
قلت بهدوء " ونحن لا يمكننا الانفصال عنهم حتى الله وحده يعلم متى , هذا إن كان هناك انفصال "
قالت بضيق " أحمدي الله أن زبير يعاملك معاملة حسنة على الأقل "
قلت بحزن " نعم ولكنه ليس سعيدا معي هوا لا يعاملني كزوجة وكل منا ينام في غرفة لوحده نحن كالأشقاء
منذ تزوجنا "
سمعت حينها صوت مفاتيح تقع أرضا التفتت للخلف فكان بحر منحني للأسفل يرفع مفاتيحه عن الأرض نظرت
له فنظر إلي بصمت ثم غادر فنظرت لرنيم ويبدوا أنها كانت منشغلة ولم تنتبه للصوت حيث أنها ضحكت قائلة
" إن كان كل منكما في غرفة فكل منا في جناح ونحن كالأعداء من قبل أن نتزوج "
وأنهينا باقي أعمالنا في صمت وقد غادرت رنيم في اليوم التالي لدولتها من أجل والدتها يبدوا أنها تواجه مشاكل
هناك وكأنه ينقصها هموم

















غيث






كانت رنيم تلح بالتحدث معي في أمر ما ولكني ما كنت بمزاج يسمح حتى برؤيتها أمامي , في صباح
اليوم التالي سألت عنها أمي فأخبرتني أن زوج خالتها جاء لاصطحابها فصرخت قائلا بغضب
" تغادر دون أذني من تراني هنا قطعة أثاث "
قالت أمي " ضننت أنها أخبرتك لقد قالت لي بالأمس أنها ستتحدث معك لتأخذها "
قلت بغضب " ولما تصر على اليوم ألم يكن بإمكانها تأجيل ذلك "
قالت بهدوء " أتصل بهما وأعلم ما الأمر قد يكون ظرفا طارئا "
تركتها وخرجت غاضبا اتصلت بزوج خالتها فأجاب من فوره وأخبرني أنهم خرجوا من البلاد
وهم الآن في الطريق طلبت منه أن يعطيني رنيم لأتحدث معها فقال أنها نائمة , أعلم أنها تتعمد فعل
ذلك وتعلم مدى فداحة خطئها شديدة العناد باردة المشاعر تلك
" مرحبا غيث "
رفعت نظري عن هاتفي للداخل حينها وقلت " مرحبا أديم جيد أنه لديك أيام إجازة لكنا نسينا رؤيتك تماما "
قال بضيق وعبوس " لا يزيد همي إلا أيام الإجازات لو أبقى طوال عمري هناك سيكون أفضل فقد أعتاد على
وضعي الجديد "
قلت " هيا تعال للداخل وأخبرني ما صنعت هناك "
جلس وقال " لا أصنع شيئا سوى الجلوس والخروج وقد تشاجرت مع أحدهم أيضا وكنت سأتسبب بطرد غيره "
ضحكت وقلت " هل فعلت كل هذا يبدوا أنك بدأت تستكشف مساوئ موظفينا هناك "
تنهد وقال " هي ليست مساوئ أكثر من كونها مشاكل ذلك العالم يجعلك تشعر بالانفصام "
قلت بتساؤل " عالم الفقراء تقصد "
قال بهدوء " نعم فالغوص فيه أمر يتعب الروح والبدن ولا تجد نفسك إلا منغمسا في مشاكلهم لما فعل بي
والدي هذا "
قلت بضيق " والدي ظلم الجميع دون رحمة ولا استثناء حتى أنه سحب بنات أصدقائه معنا "
وردني حينها اتصال من شخص استغربت أن يفعلها الآن فأجبت على الفور














بحر






كنت وزبير نتناقش في موضوع صهيب وأن علي التحدث معه دخلنا للمطبخ فكانت حور هناك طلب منها
زبير سكب القهوة لنا فبدأت بذلك على الفور وفي صمت ثم التفتت نحوي نظرت لعيناي ثم أخفضت بصرها
وقالت " كيف تريد السكر "
قلت بعد صمت وأنا أتأملها " معتدلة لو سمحتي "
ثم نظرت لزبير وقالت " وماذا عنك "
ابتسم وقال " ألا تعرفي قهوتي إنها حلوة "
قالت بتوتر " نعم ... لا ... يبدوا أنني نسيت "
والتفتت لتنهي تحضيرها ووضعتها أمامنا وعادت لعملها , كنت أعلم لما سألت زبير عن ذلك فهي
خشيت أن يتكرر موقف العصير , هي تعلم جيدا قهوة زبير فهي من تعدها له , آه لو أني فقط أستطيع
التحكم في أفكاري وتصرفاتي لو أني أسيطر على نفسي عندما أرى اهتماما منها لشيء يخص زبير
ولو أني أوقف رغبتي الجامحة لتأملها كلما كانت أمامي
لما لا أقتنع أنها أصبحت ملكا لغيري وانتهى الأمر , حتى لو أنه ليس سعيدا معها ولم يلمسها حتى الآن
فهي زوجته ملكه وستئول له أجلا , آه ما أقسى الواقع وما أقسى هذه الجمل التي تكوي قلبي بنارها كلما
رأيتهما معا في مكان واحد , ولكن ما يضع عقلي في كفي هوا كيف لزبير أن لا يقربها حتى الآن , فتاة بكل
هذا القدر من الجمال كيف يمنع نفسه عنها هل يعقل أنه يحب زمرد كل هذا الحب ولكن حور كفيلة بأن
تنسيه عشرة من أمثالها
" قهوتك بردت يا بحر ألن تشربها "
كان هذا صوت زبير الذي أعادني من بحر الواقع إلى ساحل اليقين ابتسمت وقلت " بالتأكيد "
قال بهدوء " ما فعلت بشأن والدك "
قلت بالهدوء ذاته " لاشيء حتى الآن عليا محاولة أبعاده عن شلة الفاسدين تلك لأنه سيدمر حياة أخوتي ووالدتهم
فأنا من يمسك شره عنهم ويعيلهم الآن فماذا لو مت من سيكون لهم "
سمعنا حينها صوت تكسر الزجاج على الأرض وحور واقفة تنظر له بصدمة ويدها على قلبها وقف زبير
وتوجه ناحيتها وقال " ما بك يا حور هل أنتي بخير "
نزلت تجمع الزجاج المتكسر في صمت ثم وقفت وقالت
" زبير أريد زيارة منزل عمي اليوم هلا اصطحبتني إليهم "
عاد للجلوس بجواري وقال " أنا مشغول اليوم في وقت آخر "
قالت بحزن " ولكني لم أخرج منذ أكثر من شهرين لقد اشتقت لهم فهم عائلتي "
تنهد بضيق وقال " بحر الست من سيصطحب والدتي لزيارة ابنة عمها , خذ حور في طريقك "
قالت بضيق " أأنت زوجي أم بحر "
ثم خرجت مستاءة تلك الكلمة ضربتني كالرصاصة وشقت قلبي لنصفين ( زوجتك وليست زوجة بحر )
ما أبغضها من كلمة فهي من تذكرني بالواقع المرير , لما هم متفقون علي لما يحبون تكرارها أمامي
قلت لزبير بهدوء يشابه الهمس " لا تضايقها يا زبير فلن تعرف قيمة ما لديك حتى تخسره "
ووقفت مغادرا حين استوقفني صوته قائلا " أنت تقولها يا بحر غريب حقا "
نظرت له وقلت " وما الغريب في الأمر "
قال وهوا ينظر لفنجان قهوته " طوال حياتك تستهتر بقيمة الأشياء وتكره أن نقول لك تلك العبارة "
ابتسمت بحزن وقلت " بعض الضربات تكون أقسى من الموت يا زبير وبعض الأشياء فقدانها ليس بالهين "
نظر لي نظرة غريبة لم أفهمها وقال " لا تقلق يا بحر فأنا لن أعاملها إلا بالحسنى فهي وصية والدي لي "
خرجت بحثا عن والدتي وطلبت منها أن تلح على حور لتأتي معنا لنأخذها لمنزل عمها وبعد جهد وافقت
على أن تأتي بصحبتنا أردت بذلك أن أفعل شيئا يريحها ولكني لا أجلب إلا التعب دائما لكلينا













زبير






خرج بحر وتركني كصخرة تضربني أمواجه العاتية التي تعلو وتسقط بعنف رغم هدوءه
سامحني يا بحر سامحني يا شقيقي فلو تعلم ما فعلت بك وما أنا فاعل فستكرهني بالتأكيد فالأمر خارج
عن إرادتي
خرجت لخارج القصر جلست بالحديقة واتصلت بصديقي الذي يستمع لكل أنواع همومي فتح لي الخط بعد
طول انتظار فقلت بحزن
" مرحبا يا صديقي هل تعلم ما كنت أفعل منذ قليل كنت أشاهد شقيقي يحترق أمامي وأنا أحاول أن لا أسكب
الوقود على ناره , لما يحصل معي ذلك لما أنا وليس غيري لما أنا من حكم عليا والدي بهذا الجرم منذ أثنين
وعشرون عاما , تصور أن يتحول حلمك لسراب ثم أنت تحول حلم غيرك للشيء الذي أنت تعانيه , لم أعد
أرغب في الحياة لم أعد أريدها "
ثم أغلقت الخط دون أن أشكره أو أودعه كما في السابق وما هي إلا لحظات حتى وصلتني رسالة من رقمه
مكتوب فيها
( قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كان برجل جراح فقتل نفسه , فقال الله بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة )
استغفرت الله كثيرا لما قلت وما فكرت , ثم ابتسمت لأني أحسست أن من أتحدث معه دائما هوا مخلوق حي و
موجود يستمع إلي وخاف على مصيري وأراد ردعي عن التهور , خرجت وصادفت غيث يتبعه أديم خارجا
فاليوم إجازته و كان على ما يبدوا لي مستعجلان نظر غيث باتجاهي وقال
" زبير ألحق بنا فورا "
وركبا سيارة غيث وغادرا وأنا خلفهما ولا أفهم شيئا















رنيم







كان عليا الذهاب اليوم لوالدتي فأولئك الأنذال يهددونها ويطالبون بمقابلتي والتفاهم معي لأني أنا ابنة
غريمهم كما يقولون لذلك كان عليا الذهاب لأرى ما لديهم من جديد , فكرت فكرة غبية أن لي زوجا أختاره
والدي شامخ ليكون معينا لي ولكن يا لا سخافة أفكاري وسذاجتي فهوا لم يكلف نفسه حتى عناء الاستماع لي
وصرخ بي وكأني متسول يتسول أمام بابه , يبدوا أنه لا حل لما بيننا لا حل
وصلنا بعد ساعات من السفر نزلت ركضا أبحث عن والدتي وما أن وجدتها ارتميت في حضنها وبكيت بكاء
مرا طويلا بطول عذابي كل تلك الأسابيع مسحت والدتي على رأسي محاولة مواساتي ثم جلسنا سويا فأمسكت
بيدي وقالت " ما بك يا ابنتي لما كل هذا البكاء "
قلت بحزن " لاشيء يا أمي هوا الاشتياق لك والخوف عليك فقط "
ربتت على يدي وقالت " لا تخافي عليا يا رنيم المهم أنك بخير "
قلت بابتسامة ميتة مثلي " بخير أمي لا تقلقي "
تناولنا الغداء جلسنا نتحدث ونقلب المواضيع وكأنني لم أرها منذ أعوام وبعد العصر حظر زوج خالتي
وابنه أدهم قال زوج خالتي
" هم قادمون بعد قليل كانوا يصرون على ذهابنا نحن هناك ولكننا تحججنا بمرض والدتك فلن آمن مكرهم "
نظرت لوالدتي وقلت " إن فتحوا موضوع زواجي فلن نخبرهم زوجي من يكون حسننا "
قالت أمي باستغراب " ولما "
قلت بضيق " لأني لن أعتمد عليه في ذلك "
قال أدهم بغضب " ولما زوجوك له إذا "
صرخ والده قائلا " أدهم لقد انتهى الكلام في ذلك الأمر "
صمت أدهم بضيق ونظر للجانب الآخر مغتاظا وقال زوج خالتي
" هل أخبرتي زوجك عن قدومك "
قلت بضيق " لا لم أخبره "
قال بصدمة " لماذا "
نظرت لوالدتي ثم لأدهم ثم له و أخفضت بصري في صمت ففهم أنني لا أريد ذكر السبب فتأفف أدهم مانعا نفسه
من الحديث بعد قليل وصل الضيوف الغير مرغوب بهم طبعا توجهت ووالدتي وزوج خالتي وابنه جميعنا لغرفة
الضيوف حيث استقبلهم أدهم ووالده كانوا أثنين وهما أكثر أفراد عائلتهم شرا وهي عائلة كبيرة ومعروفة هنا
تكلم الأول قائلا ما أن رآني " أين هربت من دفع الحساب يا ابنة حيان "
قلت ببرود " لا حساب بيننا بعد حكم القانون "
صرخ الآخر " بلى بيننا حساب ولم نصفه بعد "
قلت بذات البرود " ها هي ذي أنا أمامكم فاقتلوني "
قال الأول بسخرية " نعم ولن يردعنا عنك أحد "
" بل هناك من يردعكم ويكسر رؤؤسكم أيضا "
التفتنا جميعنا لمصدر الصوت الغاضب فكان غيث واقفا أمام الباب خلفه زبير وأديم
نظرت لهم بصدمة كيف وصلوا بهذه السرعة بل منذ متى وهم هنا






















الجزء الثاني عشر







بحر






بعدما ألححت على والدتي أن تصر على حور لتأتي معنا لأخذها لبيت عمها في طريقنا ووافقت حور
بصعوبة ركبتُ السيارة في انتظارهم ثم جاءت هي وأمي ركبت في المقعد الخلفي خلف والدتي مباشرة
فانطلقت جهة منزل عمها أولا فهوا لا يبعد كثيرا
تصوروا أنها كانت هنا بقربي طوال الوقت ولم أعلم , لولا استهتاري لكنت سألت وعلمت لكنت انتشلتها
منذ أربع سنوات من منزل عمها انتشالا لتصير لي , لكنت نمت تحت نوافذ منزلهم وأضربت عن الطعام
والشراب وفعلت كل ما فعله العشاق لأفوز بها أو أموت بدلا من الوقوف والنظر لها من بعيد .
عند منتصف الطريق وجدنا ازدحاما بسبب حادث مروري فسلكت طريقا آخر ساحلي بعيد قليلا فاتكأت
حور برأسها على النافذة تشاهد البحر في صمت خففت السرعة لأني أعلم أنها تحتاج للخروج بعد كل ذلك
السجن حتى أنها ممنوعة من حضور كل الاجتماعات النسائية التي تأتي لوالدتي
كانت لا تحرك نظرها عن عرض البحر وعيناي لا تتوقف عن رصدها في كل لحظة خرجت حينها أمي
من صمتها وقالت " ما بك يا بحر لما خففت السرعة لن نصل على هذا الحال "
انتظرت حور أن تعترض أو توافق لأعمل بما ستقول ولكنها اختارت الصمت فتابعت على ذات السرعة
غير مكترث بكلامها وصلنا بعد وقت فقلت لها وهي تهم بالنزول
" متى تريدي العودة يا حور "
سقطت من عينها دمعة لم تغفلها عيناي فهي قد سقطت في قلبي ومزقت أحشائي كالحجر الذي يهوي في
عمق البئر ويخبره من الأعلى عن هول وصوله للقاع
قالت بحزن " متى ما عدت بوالدتك "
ثم اختفت عني خلف باب منزل عمها كما تختفي عني كل حين خلف الأبواب الموصدة





















حور






لا مهرب ولا منجى لي من ذاك الكابوس والمكان برمته إلا منزل عمي أشعر بالاختناق وأحتاج للتنفس ولو
قليلا أحتاج للهروب من أي مكان بحر يوجد فيه أو حتى كان فيه رغم أنه غير موجود أغلب الوقت إلا أنني
أشعر بالمرارة إن كان بقربي أو بعيدا عني وحتى لبيت عمي كان قدري أن يوصلني هوا إلى هناك أن أركب
سيارته أن اشتم عطره واستمع لأنفاسه , لما حُكم عليا بالعذاب لما أنت شقيق زبير يا بحر لما التقيت بك في حياتي
" ما بك يا بحر لما خففت السرعة لن نصل على هذا الحال "
كان صوت خالتي الذي كسر الصمت الموحش تمنيت أن لا يستمع لكلامها تمنيت أن يشعر بقلبي
وهوا يخبره أنني أريد بث همومي للبحر ولو في صمت , للمكان الوحيد الذي كان يذكرني به طوال
تلك السنين وحمدت الله كثيرا أن قلبي أوصل له رسالتي
عند وصولي وأنا أهم بالنزول استوقفتني كلماته لا بل صوته وهوا يسألني متى أريد العودة بل قل متى
تنتهي مأساتنا متى نستفيق من هذا العذاب لنجده مجرد كابوس ليثني كنت أنا من استطاع أن يسأله ولكن
ليس بكلمة متى بل بكلمة لما , لما فعلت ذلك لما تركتني ورحلت
ولكن ما نفع السؤال لو كانت الإجابة لن تغير شيئا نزلت دمعة أحسست بحرارتها وهي تعبر من قلبي ثم
عروقي ثم أحرقت جفوني لتنهي مسيرتها متكسرة على صفحات كف يدي , دخلت منزل عمي وأنا أريد
الهروب من كل شيء قد تركته خلفي بل كل ما تركته من ذكريات ورائي , طرقت الباب فكانت ولحسن
حظي مرام هي من فتح لي وليس الخادمة فارتميت في حضنها أبكي مرارتي بل أواصل بكائي الذي بدأ
منذ دخلت من الباب الخارجي للمنزل فقالت وهي تمسح على ظهري
" حور حبيبتي ما بك ستموتين من شدة البكاء توقفي أرجوك "
" ما بكما ما بها حور "
كان هذا صوت زوجة عمي شادية وهي تتوجه مسرعة نحونا ارتميت بحضنها وتابعت مسيرة بكائي أبعدتني
عنها وقالت بخوف " ماذا حصل يا حور هل زوجك به مكروه أم هم أهله "
آه أنا التي بي كل مكروه مسحت دموعي وقلت " لا هم بخير ولكني اشتقت لكم فأنا لم أفارقكم منذ سنين "
سحبتني مرام من يدي وهي تقول " أفزعتنا عليك أيتها الطفلة كل هذا شوق لنا فقط "
دخلنا جميعنا لغرفة الجلوس وحضرت شادن بعد قليل وحضنتني بحب لأول مرة أعرفه منها لم تكن
علاقتي بشادن سيئة أبدا ولكنها كانت علاقة سطحية جدا بسبب اختلاف أفكارنا وطبائعنا وأعمارنا جلسنا
نتحدث لوقت طويل ولم يتوقفن بنات عمي عن استجوابي عن حياتي في قصر العائلة حتى قالت مرام
" متى سيأتي زوجك لأخذك هل ستقضي اليوم معنا "
تيبس لساني عن الجواب فما سأقول هوا لم يحظرني بل ولن يأتي لاصطحابي
وكزتني بمرفقها وقالت " هيه حور أين ذهبتي كنت أسألك "
قلت بتردد " لا أعلم , عندما سيقوم شقيقه بإرجاع خالتي من عند قريبتها سيمران بي ولم أسأل متى "
قالت شادن بصدمة " ولما لا يأتي زوجك لأخذك "
قلت بهدوء " هوا مشغول كثيرا اليوم وشقيقه سيعود بوالدته على كل حال "
قفزت شادن بجواري وقالت بلهفة " من هوا شقيقه هذا وما أسمه وهل يفكرون في عروس له "
عاد لساني للتيبس من جديد , من يكون ما اسمه كيف أقولها ويتزوج وعروس يستحيل ذلك فسأموت من
حينها , ولكني تزوجت أيضا
" هيا حور أجيبي ما بك "
تنهدت وقلت " بحر ... اسمه بحر "
شهقت مرام شهقة قوية خرجت رغما عنها كما يبدوا ثم نظرت لشادن بصدمة والتي كانت تبادلها ذات
النظرة ثم قالت بتوتر " أأأ هل هل يسمون مثل هذا الاسم غريب "
ثم نظرت لي نظرة تسأل فيها عينيها عيناي إن كان ما تظن صحيحا وكأنها تتمنى أن يكون الجواب مغايرا
لتوقعاتها فابتسمت ابتسامة حزينة وأنزلت نظري للأسفل ولم اشعر حينها إلا بيدها تسحبني من يدي وتخرج
بي من الغرفة وتصعد بي السلالم للأعلى وصوت شادن الغاضب يتبعنا وهي تقول
" غبيتان لما تذهبان وتتركاني "
ولكن مرام لم تتوقف بل أدخلتني غرفتها وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح وقالت
" بحر يا حور هل هوا بحر ذاته "
ارتميت في حضنها أبكي بحرقة وقلت " ما أتعسني من فتاة يا مرام لما تلاحقني تعاستي منذ صغري لما
يحدث معي هذا أخبريني أرجوك "
قالت مرام بصوت مصدوم " كيف يكون شقيقه وليس لهما نفس الاسم "
ابتعدت عنها وتوجهت جهة السرير جلست على طرفه وعينيا في الأرض وقلت بحزن
" هوا شقيقه من والدته ويعيش معهم أيضا "
ثم نظرت لها وقلت ببكاء " هل رأيت ما ألت إليه , أنظري لحجم تعاستي يا مرام "
جلست بجواري وقالت بضيق " ولكنه تخلى عنك يا حور تركك ورحل لما تبكي عليه الآن لما "
قلت بحزن وأنا أهز رأسي نفيا " لا أستطيع يا مرام كيف أقتل قلبي كيف , كيف اجبره على مالا يريد أنا
أتعذب فلا تزيدي من عذابي "
صرخت بي قائلة" غبية .. غبية يا حور هوا لم يهتم لأمرك كل تلك السنين "
غطيت وجهي بيدي وقلت ببكاء " لم استطع , ما أن رأيته أمامي حتى تحولت لأشلاء لا بل لهباء تذروه
الرياح , ما إن رأيته أمامي حتى عاد الماضي وعادت الأشياء التي لم تمت يوما "
حضنتني وقالت بدموع " أفهمك يا حور وأشعر بك ولكن عليك أن تستفيقي للواقع فأنت زوجة شقيقه الآن "
تنهدت تنهيدة طويلة بألم وقلت " لما شقيقه , لما هوا تحديدا لما أنا لا أفهم "
ربتت على كتفي وقالت " هوني عليك يا حور هذا قدرك وقدر الإنسان لا مفر له منه "
ابتعدت عن حضنها وقلت بألم " ما أقساه يا مرام , ما أقسى ذلك إنه أشبه بالموت "
رفعت وجهي إليها وقالت " هل تحدثما يا حور هل سألته لما فعل ذلك "
أخفضت رأسي للأسفل وقلت " لا لم نتحدث , وما نفع الحديث الآن فما من داعي لذلك "
قالت بصوت هادئ يشبه الهمس " وماذا عنه هوا "
هززت رأسي وقلت بأسى " لا أعلم ولم أعد أفهم شيئا نظراته التي لا تفارقني كلما كنا في ذات المكان
تضايقه من أي شيء أفعله لزبير رغم أنه شيء عادي وتافه , ولكني لا اعلم ولا أفهمه "
قالت بإصرار " عليك أن تسأليه لما فعل ذلك يا حور "
ابتسمت بحزن وقلت " وما نفع السؤال الآن وما سيغير الجواب من الواقع "
تنهدت بحزن وقالت " معك حق فما كان قد انتهى ولا فرصة للرجوع مهما كانت مشاعركما اتجاه بعض "
سكتت قليلا ثم سألتني قائلة " وماذا عن زوجك كيف هي علاقتك به "
قلت بهدوء حزين " جيدة وسيئة في آن واحد "
نظرت لي باستغراب وقالت " لم أفهم "
قلت بحزن " هوا يعاملني معاملة حسنة جدا ولكن ليس كزوجة إنه لا يتحدث معي إلا للضرورة حتى أننا
لا ننام في ذات الغرفة "
انفتحت عيناها من شدة الصدمة وقالت " ولكن لماذا , هل يعلم بما كان بينك وبين شقيقه "
نظرت لها بجزع وقلت " لا لا تقولي ذلك "
قالت مطمئنة " ما بك يا حور أنا سألتك عن ذلك ولم أخبرك للعلم بالشيء "
تنهدت وقلت " يبدوا أنه كان يحب فتاة أخرى ويريد الزواج بها هذا ما فهمته "
قالت بأسى " إذا القلوب المحطمة كثيرة هناك "
هززت رأسي بنعم وقلت " يبدوا ذلك "
استوت في جلستها وقالت " احكي لي كل ما حدث معك يا حور "
حكيت لها ما مررت به وأنا أبكي ثارة وأشهق بألم ثارة أخرى حتى أفرغت كل ما كان في
قلبي وأكبته منذ أسابيع
تنهدت وقالت بحزن " كم قاسيتي يا حور "
طرق أحمد أبن عمي الباب ليخبرني أن بحر في انتظاري خارجا
فقفزت مرام لجهة النافذة وقالت " أريد أن أراه , أن أرى من سلب عقل وقلب ابنة عمي الجميلة "
توجهت خلفها ناحية النافدة كان بحر يقف خارج السيارة مستندا بطوله عليها يكتف يديه لصدره وينظر
جهة باب منزلنا وكزتني مرام وقالت " يبدوا وسيما وهادئا كاسمه "
ابتسمت بحزن ثم توجهت لعباءتي وحجابي لبستهما وودعت عائلة عمي بالدموع كما قابلتهم
وخرجت , ما أن عبرت البوابة الخارجية وكان رأسي أرضا حتى ركب بحر السيارة ركبت بالمقعد
الخلفي لمقعده وعيناي على يداي المتشابكتان مع بعضهما وكلي توتر فخالتي لم تكن معنا انطلق بالسيارة
فقلت بعد صمت " هل عادت خالتي للقصر "
رفع نظره للمرآة فالتقت عينانا فأنزلت رأسي للأسفل فقال بهدوء " سنمر بها الآن فمنزل عمك هوا الأقرب "
عدنا للصمت من جديد ثم قال " لما كنتي تبكي يا حور "
وآه من هذا السؤال ومن السائل أيضا فما سأقول لك , كنت أبكي بسببك كنت أبكي لأجلك أم ابكي لأنني
لم أتوقف عن حبك رغم ما فعلت بي , فلم أجد إجابة أفضل من الصمت لأن الحقيقة لا تقبل إلا الكتمان
ساد الصمت من جديد حتى وصلنا ثلاثتنا للقصر


















رنيم
















التفتنا جميعا لمصدر الصوت الغاضب فكان غيث واقفا أمام الباب خلفه زبير وأديم
نظرت لهم بصدمة كيف وصلوا بهذه السرعة بل منذ متى وهم هنا
قال أحد الشابين " ومن أنت لتردعنا "
نظر له غيث نظرة حادة وقال " زوجها والمسئول عنها وعن والدتها ولن يلمس أحد شعرة من
رأسها مادمت على قيد الحياة "
نظر لي الأخر وقال بغضب " هل صحيح ما يقول "
قلت ببرود " ولما عليا أن أصحح لك فلا علاقة لك بالأمر "
صرخ قائلا " اسمعي يا كثلة البرود لديك حساب عليك دفعه لنا وزواجك منه يعني نهايتك ونهايته "
اقترب منه غيث امسكه من قميصه وقال بغيض " إن رفعت صوتك عليها ثانيتا حطمت لك وجهك فحديثك
معي وليس معها وأقسم وأنا أبن شامخ آل يعقوب أنني سأجرجركم في المحاكم حتى تعلموا أن الله حق
وسأرميكم للفقر والشارع إن لم تكفوا أذاكم عنهما "
ثم تقدم أديم من الأخر وأمسكه من قميصه أيضا وقال " أحمدا الله أن شقيقنا صهيب ليس معنا الآن لأنكما
حينها لن تناما الليلة إلا في المستشفى وها أنا أعاود تحذيركم بعد أخي أن مصير من يقترب منهما سيكون
السجن أو الموت "
قال زبير حينها " هل أتدخل أم لا حاجة لذلك الآن "
نظر لي أديم وقال " ما نفعل بهما يا رنيم قرري وسننفذ على الفور "
لقد شعرت حينها بالنشوة الغامرة بل شعرت أنني سأرقص فرحا من كلماته وأحسست حينها أن والدي شامخ
عاد للحياة من جديد فقلت بابتسامة نصر وأنا أنظر لهما
" إن عاهداكم على عدم تهديدي ووالدتي اخلوا سبيلهما حاليا "
نظر له أديم بحدة وزاد من شده على قميصه وقال بغيض " ها ما قلت "
قال الشاب " حسننا اتركونا نذهب "
تركه من يده كما فعل غيث كذلك ثم قال غيث " لا تفكرا أنكما ما أن تخرجا من هنا ستفعلان ما يحلوا لكما
فنحن ما تركناكم الآن إلا لأننا نستطيع اللحاق بكم ولو في آخر الأرض "
نظرا له بغيض وخرجا في صمت أعرفهما جيدا فهما لن يعودا لتهديدنا بعد اليوم لأنهما جبانان ولا يستقويان
إلا على الضعفاء
تنهدت براحة وقلت " الحمد لله تخلصنا منهم أخيرا "
نظر لي غيث وقال " رنيم هل لنا أن نتحدث قليلا "
نظرت له وللجميع ثم قلت " حسننا "
صرخ أدهم قائلا " لا تؤذيها يا هذا لأنك ستندم "
ابتسم غيث بسخرية وقال " ومن أنت لتتدخل في شئوني "
قال زوج خالتي بحدة " أدهم هل جننت "
صرخ ادهم " لا لم أجن ولكن عليه أن يعلم أنها ليست وحيدة فلا يتطاول عليها يكفي أنه تركها تأتي
معك عوضا عن الوقوف بجانبها "
قال غيث بغيض " ولما لم تبرز كل هذه العضلات أمام من كانا هنا للتو بدلا من ترك الفتاة تتحدث معهم "
قال أدهم بغضب " لا تمن علينا بما فعلت يا هذا "
صرخت بهم قائلة " يكفي الآن "
قال ادهم " لا لم نكتفي بعد وعلى زوجك أن يعلم أنه ليس الحامي المنقذ الذي انتشلك وحده من مشاكلك فأنا
كنت سأتزوجك وأسافر بك لأحميك منهم فليس لأننا لا نملك النفوذ والمال مثلهم يعني أننا نقف مكتوفي الأيدي
عن حمايتك "
بدأ الشرر يتطاير من عيني غيث كالقذائف وهوا ينظر لي وقال بصراخ غاضب
" ما يفعله هذا هنا الآن "
أحسست برجفة الخوف تسري في كل أنحاء جسمي ولدت بالصمت فنظر لزوج خالتي وقال بغيض
" أخرج ابنك من هنا قبل أن اخطأ بحقك وحقه "
أخذ زوج خالتي ادهم الغاضب وغادرا , بعدها أمسكني غيث من يدي وسحبني للخارج ثم صعد بي لأحد
الغرف أدخلني وأغلق الباب رفع يدي التي يمسكها من جهة الرسغ وقال بصراخ غاضب
" هل لي أن أعرف لما أتيتي بدون أذني "
صرخت بحرقة " حاولت أخبارك مرارا ولكنك لم تكن تكترث لأمري ولا أهمك في شيء "
صرخ بقوة أكبر قائلا " وإن يكن فلا تخرجي بغير إذني هل تريني طفلا أمامك أم نسيتي أني زوجك "
قلت وأنا أسحب يدي من يده " ولما تنسى أنت أنني زوجتك , أمي كانت تواجه الخطر هنا وهم هددوها
إن لم أحضر اليوم فسيؤذونها , هل كنت تتوقع مني أن أنتظر حتى ترأف لحالي وتتحرك إنسانيتك لتسمع
ما سأقول "
تنهد بضيق ثم بدأ يتنفس بقوة وكأنه يحاول تهدئة نفسه ثم قال بغيض
" مادام لديك من يترجل ويحميك فما حاجتك بي "
قلت والدموع تسقط من عيناي " لو كان لي به حاجة لما طلبت منك مرتين أن أتحدث معك رغم معرفتي
لكرهك لي ولسماع حديثي "
نظر لي مطولا بصدمة ثم قال بهدوء " أنا لا أكرهك يا رنيم "
قلت ببكاء " بلى تكرهني وتحملني أثم ذنوب أنا لم أرتكبها أصابع يديك ليست متساوية يا غيث "
قال بحدة " كرهي للنساء شيء وأن أكرهك كزوجة شيء آخر "
ابتسمت بسخرية وقلت " لو اخترت قدري ما كنت اخترتك يوما "
عبارتي كانت جارحة له ولكنه أراد أن يرى شيئا غير البرود فليجرب إذا
قال بتحدي " ولو اخترت قدري ما اخترت أي امرأة على وجه الأرض كانت من تكون "
قلت بهدوء " غيث لا نفع مما نقول دعنا ننهي هذا أرجوك "
قال بحدة " وخروجك دون إذني "
قلت بضيق " لن يتكرر "
قال بذات الحدة " وابن خالتك "
قلت باستياء " وما به ابن خالتي "
قال بغضب " لا يتدخل بشؤوننا ولا بك فأنا لا تنقصني مشاكل "
قلت " هذا شيء تطلبه منه وليس مني "
قال بحدة " بل عليه أن يسمعه منك لكي يقتنع بأن لا شيء له عندي "
ابتسمت بسخرية وقلت " ألم تقل سابقا أنه إن كان لدي شخص أحبه فعلي أخباره أن ينتظرني "
نظر لي بصدمة وقال " وهل تنتظري الفكاك مني لتتزوجي به "
قلت بألم " لن أتزوج به ولا بغيره طوال حياتي لقد أصبحت مثلك يا غيث لقد أكرهتني في الرجال "
ثم قلت بحزن " غيث أرجوك أن ترحمني أنا متعبة ولا رغبة لي في الشجار أكثر "
قال بضيق " لم تجيبي وابن خالتك "
قلت بنفاد صبر " سأتحدث معه "























أديم





لا تقلقوا سأحكي لكم باقي ما حدث ذاك اليوم
بعد خروجي من الشركة توجهت لمنزلها قبل حتى أن أتحدث مع المدير لأتأكد أولا إن كان هوا من فصلها
كي لا يشك بسؤالي المفاجئ عنها وصلت إلى شوارع ضيقة جدا ومنازل متراصة وقديمة عبرت الشوارع
وعيناي تجولان بكل مكان كيف لهم أن يعيشوا هنا وصلت لبيت بباب حديدي أسود اللون وكان البيت مطلي
بالأبيض فوق الطوب مباشرة وعلى الباب رقم كالرقم المدون لدي في العنوان كحال باقي البيوت فكلها مرقمة
نظرت للبيت بتفحص واستغربت أن يطمعوا فيه فهوا لا يساوي شيئا طرقت الباب وبعد مدة فتحت ليان الباب
قليلا تنظر من فتحة ضيقة من يكون الطارق ويبدوا أنها تخاف قدوم أخوتها عندما رأتني ابتسمت وفتحت الباب
قليلا بعد وقالت " وسيم هل هذا أنت "
ثم دخلت قليلا وعادت فتحت لي الباب وأشارت أن أتفضل كتبت لها في الدفتر الذي كنت أحمله معي
( هل يوجد أحد معك )
ابتسمت وأخذت مني الدفتر وكتبت ( نعم فعمي بالداخل هيا ادخل لتتعرف إليه )
دخلت خلفها كان منزلا ضيقا مفتوح من الأعلى تفتح على المكان مجموعة من الأبواب أدخلتني إحدى
الغرف وكان بها صالونا متواضعا ونظيفا جلست هناك وبعد لحظات جاءت تقود شيخا كبيرا وضريرا
أدخلته معها وقالت " عمي هذا وسيم هنا إنه زميلي بالشركة "
ابتسم العم وقال " مرحبا بك يا بني "
قالت ليان بحزن " عمي هوا أخرس إنه لا يسمعك "
ضحك عمها وقال " وكيف لأعمى أن يتفاهم مع أخرس "
ابتسمت وقالت "وما افعله أنا هنا هات مد يدك لتسلم عليه "
مد العجوز يده فصافحته وجلسنا قال عمها " ليان ما به جاء لزيارتك فلم يزرك زملاء لك من قبل "
ابتسمت وقالت " لابد أنه يريد شيئا بخصوص العمل "
يبدوا أنها لم تخبره عما حدث هناك وعن فصلها أو طردها كتبت لها
( لما لم تعودي تحضري للشركة أنا أسف يبدوا أنني تسببت لك بمشكلة )
أخذت الدفتر وكتبت ( لا عليك يا وسيم كان ذلك الأمر سيحدث إن عاجل أم آجل )
كتبت لها ( هل فصلوك من العمل )
كتبت ( لا أعلم المدير طلب مني أن لا أحضر حتى أنهي مشاكلي مع أخوتي ولم يتحدث عن قرار
فصلي قال أن الشركة لها سمعتها ويرفضون الشوشرة أنا أستغرب أنهم لم يفصلوني )
كتبت لها ( ولما لا تعطيهم المنزل هوا لا يساوي شيئا على أية حال )
كتبت ( وأين أذهب )
كتبت أنا ( إن كان ثمة من يريدك تزوجي وأريحي رأسك )
كتبت ( ومن يقبل بعمي فأنا لن أتخلى عنه ما حييت والمعدومين أمثالي لن يتزوجوا بي إلا من
أجل البيت ليعشوا فيه معي )
كتبت لها ( أنا آسف يا ليان لي قريب صديق لأبن مالك الشركة الأكبر وهوا من توسط لي لأعمل هناك
سأتحدث معه بشأنك )
كتبت لي ( لا تجلب المشاكل لنفسك بسببي يا وسيم فقد يفصلونك يكفي أنا )
كتبت لها ( ولكني تسببت لك بمشكلة وأنتي الآن بلا مُعيل فمن أين ستأتي بالمال )
ابتسمت وكتبت ( لا يأس من رحمة الله معي القليل الآن وسأبحث عن عمل )
ثم غادرت وعادت وقد جلبت لي القهوة نظرت للكوب مطولا فوضعته أمامي وتناولت الدفتر وكتبت لي
( إنه كوب نظيف والماء مقطر لاحظتك لا تشرب من قهوة الشركة يبدوا أنك موسوس نظافة )
ابتسمت لها ثم رفعت الكوب وشربت القهوة كلها ثم وقفت مغادرا وكتبت لها
( آسف على إزعاجي لك ولكني أردت الاطمئنان عليك خشية أن يكونوا أخوتك قد ضروك بسببي )
ثم غادرت بعدما شكرتني وأوصلتني حتى الباب وما إن خرجت اتصلت بمدير الشركة وطلبت منه أن
يتحدث معهم بشأنها وطلبت أن يعيدوها بعد يومين كي لا تشك بالأمر
وها أنا وزبير الآن سنغادر دولة رنيم بعدما حللنا مشكلتها مع أولئك وعليا مباشرة عملي عند الغد والسفر
للجنوب من اليوم





















ميس













لابد وأنكم تساءلتم عن مصيري سأحكي لكم كل ما حدث
لقد أخذني ذاك الصعلوكان معهما سألت كثيرا وحاولت فهم شيء ودون جدوى كانا شبه يتشاجران ولكل منهما
رأي جهاد يريد أخذي كرهينة حتى يسلم لهما ذاك الشاب الشيكات الموجودة لديه , حامد كان يعارضه ويقول أني
لا أعني له شيئا ليفعل ذلك من أجل استعادتي وكنت أنا أستمع إليهما ككيس الخضار الذي يتناقشون أيبيعونه
أم يقايضوا به أم يأكلوه فقلت في محاولة أخيرة يائسة
" يا غبيان أنا لا أعني لذاك شيئا ليخسر من أجلي كل تلك النقود لما لا تطلقا سراحي وتخبراه أنني هربت منكما
ولم تجداني ولم ترياني منذ كنا في المستودع "
قال جهاد بغضب " وهل تضنينه غبيا ليصدق هذه القصة الغبية "
أحمق ما يعنيه بذلك هل أنا غبية ,لذت بالصمت وتركتهما يقرران مصيري الذي لم يعد بيدي منذ أيام كثيرة
لقد كان يتصل بهما ذاك الشاب طوال الوقت وهما لا يجيبان , ماذا يريده بي هذا هل أنا أساوي كل هذه الثروة
لديه وحتى إن كنت كذلك فعند تلك العائلة أنا لا أساوي شيئا وهوا الأكيد
وصلنا بعد وقت لمنزل صغير أدخلاني هناك توقعته فارغا ولكنه كان غير ذلك ما إن دخلنا قابلتنا سيدة
صغيرة في السن تحمل طفلة في يديها نظرت لهما وقالت
" هل هذه هي نتيجة عملكما المستمر طوال الأسابيع الماضية يا لها من ثروة هل اختطفتماها "
صرخ بها جهاد " أخرسي وإلا قطعت لسانك "
صرخ به حامد " هل تصرخ بها في حضوري يا جهاد أنا لم أوافق تزويجك بشقيقتي لتهينها "
دفع بي جهاد للداخل وقال " أبقي هنا حتى نعود "
وخرجا وأغلقا الباب خلفهما بالمفتاح بعد أن أخد هاتف زوجته طبعا , وقف كلينا تنظر للأخرى مطولا
ثم قالت " من أنتي وما علاقتك بزوجي وشقيقي "
تنهدت وقلت " قولي ما علاقتهما بي , أنا لا أريد من أحد شيئا ليتركوني أرحل بسلام "
قالت " كيف وجداك إذا "
تأففت وقلت " لقد اختطفوني من أجل الفدية ثم قاما هما باختطافي من زعيمهم لأجل ماذا
لا افهم وهذا كل شيء "
نظرت لي قليلا ثم قالت " يبدوا شكلك غريبا عن أهل هذه البلاد "
قلت بضيق " نعم أمي أيرلندية "
تذكرت حينها والدتي وأني لم أعد أعلم عنها شيئا منذ اتصلت بها أول مرة , آه ومدرستي التي لم أذهب
لها منذ وقت طويل نظرت لها وقلت " أريد الحمام "
أشارت لي عن مكانه فذهبتُ إليه وعندما خرجت وجدتها تقف عند الباب فقالت لي
" يمكنك النوم في غرفة حامد إنها هناك "
توجهت لحيت قالت ونمت من التعب رغم صغر مساحة السرير والحجرة أيضا استيقظت بعد
ساعات وخرجت من الغرفة وجدت الطفلة وحدها في سريرها هناك جلست بجوارها وبدأت ألاعبها
كانت ناعمة وجميلة ليست كوالدها إطلاقا خرجت والدتها فنظرت لها وقلت بابتسامة
" ما اسمها "
قالت متبسمة " شذى "
قلت " هل لي بحملها "
قالت مرحبة " بالتأكيد "
أمسكتها ولاعبتها كثيرا , الأطفال رائعون وليسوا أشرارا كريهين كالكبار لا أتصور كيف لهؤلاء
الناس أنهم كانوا يوما ببراءة الأطفال , مر باقي اليوم تعرفت فيه على زوجة جهاد تبدوا لي محبطة
وحزينة ولكن معها حق إن كان زوجها وشقيقها هما هذان الاثنان
في صباح اليوم التالي عاد جهاد وما أن دخل حتى قالت له بحدة
" أين كنتما ولما تختطفان هذه الفتاة عليكم أعادتها من حيث جاءت "
صرخ بها جهاد قائلا " لا شأن لك بها واعلمي أنني لو أعدتها فسأسجن لسنوات هي وسيلتي لاسترجاع
الشيكات الموقعة بدون رصيد "
استمر الشجار بينهما فبدءا بالحديث عن أمور أخرى وكأنهما وجدا الفرصة للتنفيس عن أنفسهما وكل
منهما يفرغ ما في قلبه تركتهما وعدت للغرفة ولم أخرج منها إلا للحمام حتى حل الليل ومر بي يوم آخر
يتبعه آخر والكثير ولا شيء هنا سوى الشجار والنقاش وبلا فائدة في صباح أحد الأيام جاء حامد في وقت
مبكر جدا طلب مني ومن شقيقته أن نجهز أنفسنا للذهاب , لم أفهم شيئا مما قال ولكن لا شيء أمامي سوى
الانصياع له فمصيري بيده الآن خرجنا الأربعة أنا وحامد وشقيقته وابنتها وصلنا لمكان ما أنزل فيه شقيقته
والطفلة وتركني أنا معه فصرخت به قائلة " إلى أين تأخذني "
قال بغيض " اصمتي يا فتاة ولا تتعبي رأسي "
لذت بالصمت ولعنت اليوم الذي طاوعت فيه أمي للمجيء إلى هنا وها هي أنا ذي قد تم اختطافي للمرة الثالثة
سحقا لكم آل يعقوب حتى بعض النقود استخسرتموها لتحريري منهم وسحقا لذاك الشاب الذي جاء بي إلى هنا
ورماني كالكرة بين أقدام الصعاليك































الجزء الثالث عشر


















غيث













لو أني أجد حلا لمشكلة واحدة من مشاكلنا فقط , صهيب وأعمامي ابنة عمي الجديدة زبير وزوجته
أنا و رنيم وكل المشاكل في كفة ومشكلتي و رنيم في كفة أخرى
وها هي ترفض العودة معي وتريد البقاء مع والدتها لأيام إنها تهدي بالتأكيد هل تتخيل أنني سأبقيها
هنا وحدها لتتسلى مع ابن خالتها , النساء لا يؤتمن لهن جانب لابد أنها تفكر في الاحتفاظ به لوقت
الضرورة فهي تعلم جيدا أننا لن نستمر مع بعضنا
" نعم ماذا تريد "
كان هذا صوتها البارد الجليدي الذي أكرهه علمت الآن بما كانت تحارب طالبي الثأر أولئك إنه
سلاحها الفتاك البرود القاتل ولكني علمت ما يشعله وسأريك يا رنيم
قلت بذات البرود " سنغادر الآن طائرتنا تنتظرنا لقد أجلت رحلتي بعد إخوتي يوما كاملا ألم يكفيك "
قالت بنبرة رجاء " أرجوك يا غيث أتركني هنا بضعة أيام لترتاح أعصابي وأعصابك "
قلت بضيق " لن ترتاح أعصابي لو بقيتي هنا "
قالت ببرود " ولما , فلا أعتقد أن قربي يهمك "
قلت بذات البرود " ولكن ابتعادك لا يريحني "
نظرت لي باستغراب وقالت " لابد وأنني في حلم أو أن شيئا ما أصاب عقلك "
وقفت واتجهت ناحيتها وقلت " بل كابوس أسمه الخيانة "
تنهدت وهزت رأسها بيأس وقالت " لا أمل يرجى منك أبدا وسأبقى في عينك خائنة مهما كنت "
مسحت بأصبعي على خدها وقلت بهمس" وهل ستنكرين ذلك "
رمت بيدي بعيدا وقالت بضيق " لا تتوهم أشياء وتلصقها بي "
جيد هذه اللمسة الأولى أظهرت مفعولها لقد وقعتي يا رنيم وسأكسر برودك القاتل
أمسكتها من خصرها وشددتها إلي وغمرت وجهي بعنقها وشعرها وقلت بهمس
" أعرف نوع عطرك هذا وأميزه في كل مكان إنها رائحة الخائنات "
قالت بغضب وهي تحاول تخليص نفسها " ولما تقترب من رائحة الخائنات لتستنشقها ابتعد عني الآن "
شددت على خصرها أكثر وأنا أنظر لها بابتسامة سخرية فازدادت غيضا وبدأت بضربي بقبضة يدها
وهي تردد " ابتعد هل جننت أم نسيت أين نحن ابتعد عني يا غيث "
قلت ببرود " وما المشكلة زوجتي وأفعل ما أريد وحيثما أريد , قرري هل سترافقيننا أم افعل المزيد "
طرق أحدهم الباب فأفلتها ثم فتحته والدتها ودخلت بابتسامة رقيقة
نظرتُ لرنيم فوجدت وجهها يتلون غضبا وضيقا , رائع دوقي معنى ثوران الأعصاب الذي تفتقدينه بشدة
اقتربت والدتها مبتسمة وقالت وهي تنظر إلي " هل قررت المغادرة "
قلت مبادلا لها الابتسامة " نعم و رنيم كذلك "
نظرت لرنيم وقالت باستغراب " حقا هل غيرتي رأيك "
نظرت لي بحدة فاقتربت من أذنها وهمست " وإلا أكملت بعضا مما بدأته منذ قليل هنا والآن والبقية
بغرفتك الليلة "
خرجت بخطوات سريعة تدل على الغضب والاستياء , كم يشعرني هذا بنشوة الانتصار انصهر
هيا انصهر يا جبل الجليد
بعد عدة دقائق عادت بحقيبتها وقالت " لا يحق لك منعي من البقاء مع والدتي "
قلت بابتسامة جافة " أنا لم أمنعك أنا خيرتك "
قالت بضيق " ألست من اشترط أن يكون زواجنا شكليا فقط ما يعجبك في الخائنة الآن "
قلت ببرود " غيرت رأيي هل لديك مانع "
قالت بحدة " نعم ولا تقترب مني ثانيتا "
قلت وأنا احمل حقيبتها لإخراجها " ذلك حسب مزاجي "
وخرجت وهي تتبعني وتتمتم بغيض " خائنة خائنة ثم تحلوا في عينه فجأة , يا لا سخافة الرجال "
كنت استمع لها بسرور فغضبها موسيقى هادئة بالنسبة لي , ثم ركبنا السيارة وغادرنا للمطار














جود












" أمي انسي الكلام في الأمر لا أريده يعني لا أريده ولن أوافق عليه أبدا "
قالت بضيق " أعرف علاجك جيدا "
قلت بلهجة تحذير " حاذري أن تخبري بحر بالأمر فأنا أعلم فيما تفكري جيدا "
تجاهلتني وسكتت عن الموضوع وما هي إلا دقائق وسمعنا صوت جرس الباب نظرت لأمي وقلت
"سأرى من يكون "
نظرت من عين الباب ثم التفتت ناحية والدتي التي جاءت خلفي وقلت بهمس
" إنه والدي "
نظرنا لبعضنا مطولا ثم قلت " لن نفتح له "
قالت " سيفضحنا مع الجيران بصراخه يا جود يكفينا ما لدينا "
قلت بضيق " وهل الباب سيمسك صراخه عنهم هم يستمعون لنا حتى بالداخل "
قالت بضيق أكبر " يسمعنا واحد ولا عشرة ثم بحر سيغضب لو حدثت شوشرة في الحي "
تنهدت وقلت " ولكنه لن يأخذ مليما ولو على جثثي "
فتحت الباب فأندفع للداخل كالصاروخ وقف بمنتصف المكان وبدأ يصرخ مطالبا بالمال أغلقت الباب
وتوجهت ناحيته وقلت " لقد نفد المال ولم يتبقى لنا شيء وبحر لم يأتي منذ مدة "
صرخ بغضب " تكذبين علي أيتها الوضيعة أعلم أن لديكم الكثير هاتي المال هيا "
صرخت بغضب أفجر به كل ما أكتم بداخلي " لن تأخذ شيئا ولن نأخذ شيئا من بحر بعد اليوم وسنعيش
عالة على الناس مثلك "
هجم عليا وبدأ بضربي فتدخلت والدتي محاولة أبعاده وبعد أن أخذ كفايته مني توجه ناحيتها وصرخ بها
" أحظري المال أو لقيت نفس مصيرها "
ذهبت أمي كعادتها وجلبت له النقود ثم بصق علي وخرج فصرخت بأمي " لما أعطيته إياه "
صرخت بغضب " كان سيأخذه على أية حال ولن نستفيد شيئا إلا الضرب "
وقفت متألمة وصعدت لغرفتي أبكي بحرقة وألم ووجعي ليس في جسدي بل في روحي وقلبي جلست
على سريري أبكي ضياع حياتي رن حينها هاتفي نظرت للمتصل فوجدت أسم ( الرجل الكئيب )
رميت الهاتف بضيق وقلت " لما لا يتركني وشأني هل يرى أنه الوحيد الذي يحمل هموما يصدع
راسي بها ويحكي لي أمور لا تخصني ولا أفهمها وصية وزوجة وأخ أنا حقا إنسانة ساذجة "
عاد الرقم للاتصال مرات ومرات ودون توقف ففتحت الخط بغضب وقلت
" ماذا تريد مني يا هذا هل تعتقد أنك وحدك من يحمل هما لقد ضربني والدي للتو حد الموت ومنعني من
دراستي ويضرب والدتي وأخوتي ويأخذ مالنا وحرمني من الزواج كل هذا وأكثر فهل تريد معرفة
المزيد أم تكتفي بهذا , دعني وشأني ولا تتصل بي فهمت "
وأغلقت الخط دون أن أسمع منه ردا مضى الوقت ولم يعاود الاتصال , بعد ساعات شعرت بالذنب فأنا
كنت متنفسه الوحيد ليحكي لي ما لا يتحدث به مع غيري ولم يطالبني يوما أن أرد عليه أو أتصل به
ويستأذنني كل مرة ليتكلم معي ويشكرني دائما لاستماعي , لقد أفرغت غضبي فيه وهوا لا ذنب له لابد
وأنه كان يشعر بالضيق ويريد التحدث
أووووف ولكنه أوجع رأسي بهموم لا حل لها ولا أستطيع فعل شيء حيالها ولا ينقصني هم مع همي
أمسكت هاتفي بعد صراع طويل مع نفسي وأرسلت له رسالة كتبت فيها
( أنا آسفة لم يكن قصدي قول ذلك , أرجوك لا تتصل بي ثانيتا أتمنى من الله أن يفرج كل همومك )
عاد للاتصال من جديد ولكني لم أجب فلن اكلمه بعد اليوم بعدما علم أنني فتاة وما هي إلا لحظات
ووصلت منه رسالة كتب فيها ( لا داعي للاعتذار يا آنسة فأنا لم أغضب منك فكلنا له هموم يتمنى دائما
تفجيرها في أي كان , لقد استمعتِي لي كثيرا فلن يضرني أن تتحدثي لي عن همومك مرة واحدة فقط )
وبعدها لم يعاود الاتصال بي
















ميس






هل سبق ورأيتم هذا اختطفني ثلاثة ثم قام اثنين باختطافي من الثالث ثم واحد من الثاني ثم الله اعلم
ما سيكون , وقفنا عند منزل قديم جدا نزلنا هناك طرق حامد على الباب فشعرت بالذعر ترى هل جلبني
لرجل أو لرجال لا أعلم حقا , بعد وقت فتحت الباب عجوز كبيرة في السن لا تكاد ترى أو تسمع فصرخ
حامد قائلا " مرحبا يا خالة أنا حامد صديق عزام "
قالت بعد وقت " حامد مرحبا بك هيا تفضل "
دخلنا المنزل فصرخ حامد كثيرا لتفهم منه العجوز أنه يريد إبقائي لديها حتى حين وفهمت أن ابنها غير
موجود هنا ثم قال لي " أبقي هنا ولا تخرجي يا ميس إن كنتي تريدين العودة لمنزلك "
ثم خرج وتركني دون أن اسأل ولا يجيب كيف أبقى هنا لأعود لمنزلي آه يا رب رحمتك بي نظرت للعجوز
مطولا ترى هل سأصبح يوما ما مثلها هكذا آه ميس يالك من سخيفة كم عمرك الآن آخ اشعر أنني كبرت أربعين
سنة عن الأربعين التي بعد وفاة والدي على عمري الأصلي والناتج سأكون أكبر من هذه العجوز قالت بعد صمت
وهي ترمش بعينيها المجعدتان محاولة رؤيتي " من أنتي "
آه يبدوا أن ذاكرتها ضعيفة أيضا قلت بضيق " ميس "
قالت بصراخ " ماذا ارفعي صوتك "
قلت بصراخ أشد " ميس ميس يا جدة ألم يخبرك حامد من أكون "
قالت " حامل ..... من هي الحامل أي مصيبة جئتي بها "
آآآآه ربي رحمتك أرجوا , قلت بصراخ " حامد حامد "
قالت " زوجة حامد من أين وجد واحدة مثلك أحضري لي الماء هيا "
تأففت وجلبت لها الماء وجلست أنتظر المجهول
بعد يومين آخرين جاء حامد وجلب لنا الطعام وقال
" اسمعي يا ميس أنا أريد إطلاق سراحك علمت أن قريبا لك في هذه المنطقة وسأوصلك له ومن ثم
هوا من يعيدك من حيث آتيتي فأنا لا أملك المال كما تعلمي "
شعرت بالسرور ومن سعادتي قلت " حقا هل صحيح ما تقول "
قال بجدية " نعم صحيح ولقد أخبرت ذاك الشاب أنك لا تريدي العودة إليه وأنك ستعودين لعائلتك
لكي يدعني وشأني ولا يبحث عني "
قلت بسرور " كما تريد فقط أخلي سبيلي "
قال بهدوء " في الغد سأتحدث لابن عمك ليأخذك فقط أنا أريد منك خدمة "
قلت باستغراب " خدمة مني أنا "
قال " نعم إنها الشيكات أريد أن تخلصيني من أمرها لكي أغادر المدينة أنا وشقيقتي "
قالت بحيرة " وكيف سأساعدك "
قال " ابن عمك من عائلة معروفة جدا هوا من قد يساعدني "
قلت بضيق " أنا لا أريد أن أطلب منهم شيئا ولكن من أجلك سأفعل أعدك فأعطني اسمك كاملا "
قال بابتسامة " كيف وجدتي العجوز "
قلت بضيق " رقبتي تكاد تتمزق من الصراخ وحتى الآن لم تفهم ما أقول "
ضحك كثيرا ثم غادر وفي صباح اليوم التالي جاء حامد واتصل بذاك الشاب المدعو ابن عمي واتفق
معه على تسليمي له , وأخيرا يبدوا أنه آن الأوان لكيس الخضار أن يستقر عند مشتري معين





















صهيب














بعد بضعة أيام أخرى من البحث متجنبا أبلاغ الشرطة كي لا أضرها بذلك أتصل حامد والغريب أنه
أتصل على رقمي الأساسي وليس الذي أكلمهم منه وهوا لا يعرفه
قلت بصوت هادئ لكي لا يكتشف صوتي " نعم من معي "
قال بهدوء مماثل " هل أنت صهيب شامخ آل يعقوب "
قلت ببرود " نعم هل من شيء "
قال " وابنة عمك اسمها ميس نبيل آل يعقوب "
قلت " نعم وهل تعرف عنها شيئا "
قال " إنها معي الآن وأريد أن التقي بك لتأخذها "
قلت ببرود مصطنع وأنا أغلي كالبركان في الداخل " وما تفعله لديك "
قال بصوت مصدوم " ألا تعلم أنها مختطفة منذ مدة "
قلت " نعم ونحن نبحث عنها هل لي أن أتحدث معها "
قال "بالتأكيد "
جاءني صوتها قائلا بضيق " نعم "
قلت بضيق " يبدوا انك مستمتعة بوجودك هناك "
قالت بغيض أكبر " ما تقصد بما تقول "
قلت بغيض مماثل " ولما تحدثيني بضيق نفس إن كنتي تنتظري من يأتي لإنقاذك "
صرخت قائلة " تعالى لترجعني لوالدتي ولا أريد منك شيئا "
شعرت بالبركان تحول لزلزال وفجر كل صبري على الصمت ما أقوى هذه الفتاة رغم كل ما تمر به
ورغم صغر سنها فلسانها يلتف حول عنقها عشرين مرة
تمالكت نفسي كي لا افسد كل شيء وقلت " حسننا سأفعل ما تريدين أعطني الشاب "
اتفقت معه على مكان ألتقي به فيه لآخذها منه بعد أن تحركت فيه النخوة والشهامة ليعيدها ولكن حسابي معه
ومع الآخر عسير
أغلقت منه الخط وتوجهت لمنزل جهاد وضربته من جديد حد الموت لأفرغ ما بداخلي من غضب ثم أمسكته
وصرخت " ما فعلتماه بالفتاة تكلم الآن "
ابتسم بسخرية وقال " وما رأيك أنت "
عدت لضربه أقوى من السابق بيداي وقدماي حتى انهارت قواي ثم عدت لمكاني فجلس بصعوبة وقال
" لا تستاء لذلك فهي منتهية الصلاحية قبل أن تأتي إلينا "
نظرت له نظرة قادحة كالنار وسؤال واحد يجول في خاطري هل يقول ذلك لإغاظتي أم هوا صحيح ما يقول
ولكن لو كان يكذب فما أدراه أنني لم أقترب إليها أو ألمسها وما مصلحته ليكذب وهوا لا يعلم أنها ابنة عمي
توجهت ناحيته وأمسكته من جديد وقلت " ما تعني بذلك "
قال بابتسامته الكريهة " أعني لا تخدعك بألاعيبها لتفهمك أننا من قام بذلك "
ثم ابتسم بمكر وقال " ولكنها ألذ مما تصورت "
صرخت حينها صرخة أعتقد أنها حطمت كل شيء وخرجت من عنده كالمجنون يبحث عمن يفرغ جنونه
فيه فاتصلت بحامد وأصررت عليه أن يحضرها الآن واتصلت بصديقي سالم واتفقت معه على أن يستلمها
منه ويأخذها للمنزل الذي استأجرته الأيام الماضية
سماح
حال أبنائي لا يعجبني أبدا رنيم وغيث أعلم أنهما لن يتفقا منذ البداية لكن زبير وحور لم أتوقع أن يؤولان
لذات المصير رغم انعدام المشاكل بينهما إلا أن الفتور واضح في علاقتهما والفتاة تنهار شيئا فشيئا, لقد
أغمي عليها بالأمس من جديد فجأة والطبيب يقول أنها تعاني فقر الدم وهبوطا في السكر وحتى في ضغط
الدم لقد خسرت الكثير من وزنها منذ جاءت إلى هنا ويزيدها سجن زبير لها بغرفتها هماً على همها وبحر
الكتوم الصامت الهادئ دائما لا يمكن لأحد أن يفهمه أديم لا نعلم عن حاله هناك ولا يتحدث عن شيء وصهيب
وآه من صهيب فلم يرجع حتى الآن ولا يرد على اتصالاتنا
نظرت لبحر الجالس معي حينها في صمت يقلب هاتفه المحمول وقد ازداد صمته وشروده في الآونة الأخيرة
وحتى غيابه عن القصر أصبح كثيرا وملحوظا ولولا أنه اليوم لا يوجد أحد سواه في المدينة لما بقي معنا فأنا
كنت أخشى أن تمرض حور من جديد أو يغمى عليها ولا أجد من يكون معي منهم , مرت حينها حور بالقرب
منا متجهة للمطبخ فناديتها قائلة " حور هلا أتيت قليلا أود التحدث معك "
نظرت لي ثم لبحر الذي لم يرفع رأسه عن هاتفه ثم أقترب وجلست بجواري فقلت لها بهدوء
" حور يا ابنتي هل تريدي أن أتحدث مع زبير بشأن استقبال الضيوف وحضور الحفلات معهم لا يجوز أن
تبقي سجينة غرفتك هكذا "
قالت بذات الهدوء " لا داعي لذلك خالتي شكرا لك "
قلت بجدية " لن أخبره أنني تحدثت معك عن الأمر "
ابتسمت ابتسامتها الجميلة مثلها وقالت " أنا حقا لا أرغب في ذلك وليس من أجل زبير فقط "
نظرت لها باستغراب وقلت " ولما لا ترغبي بذلك هذا غريب عنا نحن النساء وشابة بجمالك وروعتك من
المفترض أنها تعشق ذلك "
صمتت قليلا وكأنها تتمنى الهرب من الإجابة ثم قالت
" لأنني ومنذ طفولتي لا أحب الاجتماعات وكثرة الضيوف "
ثم سكتت قليلا وقالت " هي حالة يسمونها الانطوائية وسببها نفسي "
رفع عندها بحر رأسه ونظر لي بصدمة لا تقل عن صدمتي ثم قال " ولما فهذا لا يكون بغير سبب "
لاحظت ارتباك حور الواضح من سؤال بحر تبدوا لي هذه الفتاة خجولة جدا سكتت طويلا وكلانا ينظر
لها منتظرا الجواب ثم قالت بحزن " لأني كنت اسجن لساعات في الظلام عند طفولتي "
وقف حينها بحر على طوله مفجوعا وتوقفت الكلمات على لساني من الصدمة فقال بحدة على غير العادة
" هل هم عائلة عمك راجي "
وقفت وقالت بانفعال وعيناها في الأرض " لا ليسوا هم إنه أمر حدث عند طفولتي وانتهى فلا تسألوني المزيد
عن الأمر أرجوكم " وتركتنا وغادرت باتجاه المطبخ
نظر بحر لي وقال " هل لاحظتم شيئا آخر عليها "
قلت نافية " لا إنها طبيعية جدا "
عاد وجلس ينظر للأرض في شرود من جديد فوقفت وتوجهت لغرفتي ففي كل يوم يزداد حالنا تقهقرا
للوراء لقد أصبحت أكره الحديث مع الجميع فالمشاكل تتوالى علينا كلما جلسنا نتحدث













حور













لقد أصبحت اكره هذا المكان , نفسيتي تسوء جدا وحتى حالتي الصحية وها أنا الآن سأصبح بنظرهم
مجنونة, بحر أصبح يتعمد الغياب عن القصر دائما وحتى في وجوده يتجنبني كثيرا قربه يتعبني وبعده
أيضا ينخر صحتي ويوهن روحي فلم أعد أفهم حتى نفسي , زبير رغم مرحه الدائم يبدوا لي حزينا وتائها
كم أتمنى أن يتغير كل هذا وأن يعود بي الزمن للوراء وأعود لمنزل عمي وأنسى كل شيء لا بل تعود بي
السنين وارجع طفلة سأتحمل كل الضرب والسب والسجن ولا أذهب مع عمي راجي ولا أتعرف ببحر
"ماذا بك يا حور "
وقع الصحن الذي أمسكه من وقت تحت صنبور الماء دون حراك من يدي في المغسلة عندما أخرجني
الصوت الهادئ الحزين من شرودي فرفعت الطبق من جديد وعينيا لازالت عليه وقلت
" لاشيء أنا لست مجنونة "
ساد الصمت للحظات ثم قال " ومن قال بأنك مجنونة "
قلت بضيق " أعلم بما فكرتم "
اقترب بضع خطوات وقال بصوت هادئ " حور لا.... "
قاطعته بألم ودموعي بدأت بالسقوط من عيناي مباشرة في حوض الغسيل
" يكفي يا بحر فأنا لم أعد احتمل "
تنهد تنهيدة طويلة ومتألمة وقال " توقفي عن البكاء يا حور , أنا لا احتمل ذلك "
نظرت له وقلت بحسرة " كيف لا تحتمل بكائي وأنت السبب فيه يا بحر كيف , لماذا رحلت وتركتني
لماذا أخلفت بوعدك لي "
ابتسم بحزن وقال " لأنني كنت غبيا "
ابتسمت بسخرية وقلت " وهل اكتشفت ذلك الآن فقط هل كان يلزمك كل هذا لتكتشف "
أشاح بوجهه عني وقال بألم " لقد رفضني عمك "
قلت بأسى وبكاء " ولما لم تخبرني لما لم تتحدث معي عن ذلك , كل ما فعلته أنك اختفيت "
خرجت مني شهقة متألمة ثم تابعت " لماذا ظهرت في حياتي من جديد وأنت لا تريدني لماذا "
نظر لي بصدمة وقال " أنا لا أريدك !!! "
قلت بألم " أجل لا تريدني اختفيت لأربع سنوات وكنت ستختفي لعشرة أو عشرين أو لكل العمر لولا
قدري الذي لم يبتسم لي يوما هوا من وضعني في طريقك "
أقترب مني وقال " حور أنا .... "
أغلقت أذناي بيداي وأنا أتراجع للوراء ورأسي للأسفل وقلت
" يكفي , لا أريد أن أسمع المزيد يكفي يا بحر "
التفت للخلف وقال بصوت حزين " كنت أعلم أنني خسرتك ولكن لم أتوقع أني خسرتك لهذا الحد "
ثم غادر حاملا معه كل شيء أحلامي التي ماتت من سنين ذكرياتي المتوجعة وحتى أحرف كلماتنا المتناثرة
على الأرض غادرت خلفه وتركتني , جلست على الطاولة متكئة على ذراعي أخفي وجهي وابكي بألم
شعرت بيد تمسح على ظهري وصوت دافئ حنون يقول لي " توقفي يا حور سوف تمرضي "
ولم يزدني صوتها إلا ألما وبكاءً فقلت
" أريد أمي لماذا ليس لي أم لماذا رحلت وتركتني لقد احتجتها في كل وقت أنا أريدها الآن "
استمرت في المسح على ظهري وهي ترتل آيات من القرآن حتى هدأت شهقاتي وتوقفت عن البكاء























ليان
















وأخيرا جاء دوري لأحكي لكم حكاياتي الجميلة
لقد أرسلوا لي من الشركة رسولا لإخباري أنه بإمكاني مباشرة العمل منذ الغد وأن راتبي بالنسبة للأيام
التي لم أعمل فيها هناك لن يتم خصمه يبدوا أن ذاك الوسيم الأخرس قد قام بشيء لم أتوقعه فلم أتصور أنه
سيتمكن من فعل ذلك فلأول مرة يبتسم لي الحظ هكذا وتنتهي مشكلة في حياتي على خير
لقد توفيت والدتي منذ عامين ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني الأمرين من أشقائي من والدتي لأن المنزل كان
ملكا لها وهم يطالبون به ويقولون أنه لا حق لي فيه كيف يكون ذلك فهي والدتي أنا أيضا ثم هم لديهم منازل
وعائلات وأنا ليس لي ولعمي الضرير سوى هذا المنزل وحتى لو قمنا ببيعه وأعطوني حصتي فلن تكفي
لشراء منزل لقد توفي والدي وأنا في الثالثة وعشت طفولتي وشبابي معها , آه كم كنت سعيدة بوجودها
في هذه الحياة فلم أشعر في قربها يوما بالبؤس واليتم رغم فقرنا الشديد ولم يكونوا أبناءها يزورونها أبدا
ولم أرهم يوما إلا بعد وفاتها
ارتديت ملابسي بعد أن أعددت إفطار عمي وغادرت المنزل للشركة ما إن دخلت المكتب حتى استقبلتني
شروق بالأحضان نظرت لوسيم بسرور وقلت
" آه شكرا لك أيها الوسيم "
ثم كتبت له ( شكرا لفعلك ذلك من أجلي )
فكتب لي ( ولكني لم أتحدث مع صديقي بعد فهوا غير موجود في المدينة الآن )
نظرت له بصدمة ثم قلت دون كتابة " لا بأس فأنت فكرت في فعل ذلك لأجلي وإن لم يحدث "
وكتبت له ( شكرا على أي حال )
ثم جلست بمكتبي فسألتني شروق مباشرة " من قام بإرجاعك يا ليان "
قلت بحيرة " لا أعلم وحتى أنهم لم يخصموا من راتبي "
قالت شروق بدهشة " حقا ... لابد وأنك تمزحي "
قلت بابتسامة " بلى لقــ .... "
وقطع كلامي رنين هاتف المكتب فنظرت شروق لي وقالت
" أجيبي يا ليان قد يكون مدير القسم يريد التحدث معك عن الأمر "
أمسكت يداي عند صدري وقلت " لا أريد لقد أصبحت أتشاءم من هذا الهاتف "
قالت شروق ببرود " وأنا لن أجيب فالأمر لا يخصني "
بلعت ريقي ورفعت سماعة الهاتف ببطء ثم أجبت واطمأن قلبي عندما أتاني صوت مدير قسمنا قائلا
" مرحبا هل الآنسة ليان معي "
قلت براحة " نعم أنا هي ليان "
قال " هلا زرتني في مكتبي يا آنسة "
قلت بتوجس " حسننا في الحال "
ثم أقفلت السماعة وقلت بتوتر " المدير يريدني إن كانت مصيبة فسيكون عليا انتظار الأخرى لباقي اليوم "
ضحكت شروق وقالت " لم أرى شخصا يقوم بعد المصائب وانتظارها غيرك قد يكون شيء روتيني ونحن
معتادون على ذلك فلما كل هذا الخوف "
قلت بضيق وأنا أشير بأصبعي للهاتف " منذ سمعت صوت ذاك الرجل على هذا الهاتف وأنا اشعر أنه
لن يجلب لي إلا المصائب منه , علينا تغييره من اللون الأبيض للأسود فالأسود يليق به "
ضحكت شروق وقالت "ولما نغير لونه "
قلت بضيق " ليصبح الصندوق الأسود "
ثم غادرت باتجاه مكتب المدير دخلت وألقيت التحية ووقفت نظر لي مطولا ثم قال
" السيد أديم طلب إعادتك إلى هنا وألزم عليا تحذيرك من تكرار ما حدث في السابق أو سيتم فصلك نهائيا
هل وصلت الرسالة "
قلت بضيق " وصلت الرسالة , هل يمكنني المغادرة "
قال وهوا ينظر للأوراق أمامه " أجل فهذا كل شيء "
هوا كل شيء حقا فلم يترك سيدك شيء لك لتقوله تنهدت بضيق وغادرت عائدة لمكتبنا دخلت وجلست في
صمت فقالت شروق مباشره
" ما بك عابسة هكذا ما الذي قاله لك "
قلت بضيق " لم يقل شيئا لقد أوصل رسالة لي فقط "
نظرت لي بصدمة وقالت " رسالة مِمَن "
قلت باستياء وحروف ممطوطة " من السيد أدييييييييييييم "
ضحكت بصوت عالي وقالت " لو يسمعك الآن لكسر لك أسنانك "
قلت بلا مبالاة " لقد كسر كرامتي التي هي أهم من أسناني فلن يضرني ذلك "
قالت بابتسامة " وما في الرسالة "
نظرت لها وقلت بحدة " رسالة حب وغرام وأشواق ماذا فيها برأيك "
قالت بذات الابتسامة " وأي غرام هذا الذي يجعلك بكل هذا السوء "
قلت بضيق " يبدوا أنك تسخرين مني أو تتسلي بي كعادتك "
ضحكت وقالت " تخيلي فقط أن السيد مغرم بك "
قلت بغضب " سأقتل نفسي حينها , قال يغرم بي قال وهوا يكرهني دون أن يراني "
قالت بذات الضحكة " وما من حب إلا بعد عداوة "
قلت بتهديد " شروق إن لم تغلقي هذا الموضوع الآن فقأت لك عينك "
وضعت يدها على عينها وقالت " حسننا حسننا أتركي لي عيني لأرى بها وجه السيد عندما
سيأتي لطردك هههههه "
نظرت للأوراق أمامي وقلت " ذاك المغرور يأتي هنا إنه يترفع حتى عن التحدث معي بلطف قاسي
ومتحجر وبلا إحساس "