الموضوع: أشباه الظلال
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-17, 12:59 PM   #8
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء الرابع عشر







زبير




لم اتصل بصديقي آه لا بل بصديقتي منذ ذاك اليوم لم أتخيل للحظة أنها فتاة بل يبدوا أنني لم أكن أهتم لجنسه
مطلقا أو من يكون , لقد كانت تحمل كل تلك الهموم وتستمع لهمومي في صمت وصبر حتى أفرغ ما في قلبي
, هذا وهي فتاة تحملت كل ذلك وأنا الرجل أنهرت في لحظة فوالدي لم يضربني يوما ولم يأخذ مالي بل يعطيني
إياه ولم يحرمني دراستي, فقط حرمني الزواج بمن أردت يعني أنني حملت هم واحد من همومها المتعددة ولم
أحتمله , لقد تعلمت منك درسا مهما يا صديقتي
" .....الرجاء ربط الأحزمة ..... "
كانت هذه الجملة الوحيدة التي استطاعت أذني التقاطها فها قد نزلت أرض الوطن بعد أن انتهت مهمتي
هناك توجهت للقصر ودخلت للداخل وجدت أمي شاحبة الوجه وحزينة سلمت عليها ثم قلت باستغراب
" أمي ما بك مكفهرة الوجه هكذا هل من مكروه "
تنهدت وقالت " إنها حور "
قلت بجزع " ما بها حور يا أمي "
قالت بحزن " تسجن نفسها بغرفة من غرف جناحكما لقد وجدتها تبكي بالمطبخ صباح اليوم سنخسر هذه الفتاة
يا زبير أخشى أن يغمى عليها بالداخل "
نظرت من حولي وقلت " وأين هوا بحر "
قالت بحزن " غادر عند الصباح اتصلت به ليأتي ولكننا لم نفلح في شيء فخرج من جديد اذهب وحاول
معها أو افتح الباب بسرعة "
صرخت بضيق وأنا أصعد " ولما لم يكسر الباب قد يكون مكروها أصابها "
قالت " لقد أخبرها أنه سيكسر الباب فقالت أنا بخير أتركوني وحدي "
تنهدت بضيق وصعدت للأعلى توجهت لجناحنا وطرقت باب غرفتها وقلت
" حور افتحي الباب هل أنتي بخير "
فتحت الباب وكان وجهها شاحبا وعيناها حمراوان من شدة البكاء ارتمت في حضني باكية وكأنها تبحث
عن الحنان فيه طوقتها بذراعاي وحاولت تهدءتها ببعض الكلمات فقالت
" زبير أريد الذهاب لبيت عمي لبعض الوقت أرجوك "
قلت وأنا أمسح على شعرها بحنان " حسننا يا حور سوف آخذك الآن فقط توقفي عن البكاء "
ابتعدت عني دخلت الغرفة أخذت عباءتها وحجابها وحقيبة يدها وخرجت فقلت متبسما
" بهذه السرعة هل تكرهين وجودك معنا لهذا الحد "
أنزلت عينيها في خجل وقالت " لا ولكني أريد الذهاب أرجوك زبير "
قلت بهدوء " حسننا أرتدي عباءتك والحقي بي سيارتي بالأسفل "
أخذتها لبيت عمها كان عليها الابتعاد عن هنا قبل أن تذبل وتذبل حتى تموت وردني اتصال من بحر فأجبت
" نعم يا بحر "
قال بهدوء " هل عدت يا زبير "
قلت " نعم لقد عدت "
قال بقلق " زوجتك لا تبدوا بخير هل فتحت الباب "
قلت بهدوء " أجل لقد فتحت الباب إنها بخير شكرا لاهتمامك يا أخي "
أغلقت الخط ونظرت لحور فكانت تتكئ على النافدة وتنظر للطريق بحزن فقلت
" ما بك يا حور ألن تجيبي عن هذا السؤال أبدا "
قالت بعد صمت " لا أملك إجابة تريحني وتطمئنك "
قلت بهدوء " هل كنتي تحبين شخصا وحُرمتي منه بسبب الوصية "
قالت بهدوء مماثل " وهل كنت أنت كذلك "
قلت " نعم "
ابتسمت بحزن وقالت " أما أنا فلا أحب أحد وليس لدي أحد ولن يكون لدي "
إذا كما توقعت ثمة حديث ما دار بينهما ويبدوا أنهما تشاجرا أو ما شابه عدت للصمت حتى وصلنا
قلت لها وهي تنزل " متى أردتي العودة اتصلي بي وإن احتجت أي شيء فلا تترددي في طلبه حسننا "
ابتسمت لي وقالت " شكرا لك يا زبير "
ونزلت متوجهة للداخل كم أتمنى لو بيدي شيء أفعله لها ولكن فاقد الشيء لا يعطيه فأنا أكثر من يحتاج
للحلول لمشاكله














غيث










وضعت يدي عل مقبض باب جناحي ثم نظرت جهة جناح رنيم تنهدت بضيق عليا الذهاب لها الآن فلا
حل أمامي توجهت لجناحها فتحت الباب بهدوء ودخلت غرفتها ووقفت عند الباب أتأمل الواقفة أمام باب
الخزانة ترتدي شورت لنصف الفخذ شديد البياض رصاصي اللون وقميص أحمر قطني قصير ضيق ملتصق
بجسمها وبدون أكمام ترفع شعرها الحريري الأسود القصير للأعلى وتقف على رؤوس أصابعها تحاول جلب
شيء ما من أعلى رفوف الخزانة وقفت أتأملها في صمت من أعلى لأسفل ثم صعودا من الأسفل للأعلى دون
سيطرة على نظراتي كنت أرى فتيات في السابق ليس بهذا اللباس المظهر لأجسادهن هكذا ولكني ما كنت آبه
للنظر لهن ليس لأنهن لا يحللن لي وهذه زوجتي ولكني كنت أقرف من وجودهن أما الآن لا أعلم لما أريد النظر
لهذا الجسد المتناسق رشيق القوام اقتربت منها حتى أصبحت خلفها تماما وشعرت بوجودي فالتفتت مفزوعة مني
تنظر إليا في صمت وصدمة مددت يدي وأنزلت العلبة التي كانت تحاول إنزالها فصار جسدي ملاصقا لجسدها
ووجهها عند صدري مباشرة لا تستطيع الرجوع للخلف لأنها ستسقط داخل الخزانة تراجعت خطوة للوراء
وأعطيتها إياها في صمت فأخذتها في صمت أيضا وعيناها أرضا تحاول سحب ملابسها للأسفل لتستر جسدها
رفعت يدي مررتها على ذراعها بطوله حتى الأصابع ثم أمسكتهم بيدي وعيناي على وجهها ,لا يا غيث لا تضعف
ما بك سوف تكسر الحاجز الذي فرضته عليها لا تفسد ما تخطط له فهذه الفتاة ليست لك ولست لها ولست لأي واحدة
أخرى غيرها هي مثلهن تماما لا تضعف أمام سحرها لا تنسى أن كل غرضك استفزازها لتشعر بالغيظ الذي
تسببه لك , أبعدت يدي بسرعة وأوليها ظهري وقلت بجفاف
" لما ترتدي هذه الثياب في جو بارد كهذا لا تنقصني مشاكل وزيارات للمستشفيات "
قالت بضيق " إذا مرضت فاتركني هنا حتى أموت وترتاح مني "
غرييييب أين البرود في كلامها يبدوا أن شيئا ما جرحها بعنف هل هوا تأثير اللمسة أم الكلمات فرقعت
أصابعي وابتعد جهة الباب دون أن التفت إليها وقلت " كنت أود سؤالك عن أمر طالبي الثأر أولئك "
قالت ببرودها المعتاد " الخوف لن يتركهم يقتربوا مني أعرفهم جيدا هكذا كان يتصرف معهم والدك "
قلت مغادرا " ولكنه لم يكن حلا أبدا علينا أن نجد حلا لذلك "
وخرجت من ذاك المكان قبل أن أتهور في أحد شيئين النوم معها الليلة أو تحطيم وجهها بسبب هذا البرود












ميس










غادر حامد وبعد ساعات عاد وأخبرني أنه سيأخذني له الآن نظرت له بتشكك فقال
" لا تخافي مني يا ميس أقسم أنني لن أؤذيك وسوف أخذك له "
قلت بقلق " أنا خائفة منه أيضا فأنا لا أعرف كيف يكون "
قال مطمئنا " لا تقلقي لقد علمت من صديقي أنه شاب حسن السلوك "
تنهدت وقلت " أمري لله يبدوا أن مأساتي لن تنتهي "
رافقته لمكان مقطوع نزل شاب من السيارة تقدم ناحيتنا وقال " هل أنت حامد "
قال حامد " نعم "
قال الشاب " وهذه ميس "
قال حامد " نعم وهل لي أن أتأكد من اسمك "
رفع الشاب هاتفه وأجرى مكالمة سكت قليلا ثم قال " مرحبا صهيب الشاب يريد التأكد من هوية المستلم "
ثم ضحك وقال " أجل يبدوا ذلك "
آه أسمه صهيب إذا تشرفنا يا ابن العائلة الكريمة
ثم مد بالهاتف لحامد تكلم معه ثم قال لي " اذهبي معه يا ميس سيأخذك لابن عمك "
قلت بخوف " لا أريد لما لم يأتي بنفسه "
تنهد الشاب بضيق وقال " إنه مشغول يا آنسة تعالي معي سوف أخذك ولن أبقى معك لا تخافي "
نظرت لحامد وقلت " تعالى معنا إذا "
قال لي حامد " لا أستطيع أذهبي فلن يؤذيك "
ذهبت اتبع الشاب وانظر للخلف حيث حامد فابتسم وهز برأسه مشجعا لي أخذني ذاك الشاب بسيارته وكل
ما كنت أخشاه أن أصبح مختطفة للمرة الرابعة أوصلني لمنزل في مكان يبدوا لا ساكنين فيه فأغلب البيوت
هنا غير مكتملة أو على الطوب فقط , نزل وقال لي " هيا انزلي "
نظرت له بخوف ولم أتحرك من السيارة تأفف ثم أخرج هاتفه وأجرى مكالمة بعيدا عني ثم اقترب
ومد لي بالهاتف أخذته منه فتحدث الطرف الآخر مباشرة قائلا
" أنزلي معه يا ميس ولا تخافي ستكونين لوحدك في المنزل أنا قادم بعد قليل "
قلت باندفاع " ولما لم تأتي أنت لتأخذني ولما ستضعونني هنا "
قال بضيق " لأن قصر عائلتي ليس في هذه المدينة وأنا منشغل قليلا انزلي وانتظريني هناك يا ميس "
تنهدت بضيق وفتحت باب السيارة وقلت للشاب والهاتف بيدي
"سوف أدخل وتغلق خلفي الباب مباشرة ولن أعطيك هاتفك قبل ذلك ولن أغلق الخط أيضا "
قال بنفاذ صبر " حسننا ولكن كيف ستعطيه لي "
قلت بحدة " ولما تخاطبني هكذا أنا لم أطلب منك تحمل مسؤولية إحضاري "
تنهد وقال بهمس " أعانك الله عليها "
قلت بغضب " ماذا تقول "
قال " لا شيء كيف ستعطينني الهاتف "
قلت ببرود وأنا أدخل " من النافذة "
دخلت وأغلقت الباب من الداخل بالأريكة الموجودة بالصالة ثم أعطيته هاتفه كما اتفقنا بعد وقت سمعت صوت
سيارة وأحدهم فتح باب المنزل الذي وضعني فيه ذاك الشاب ويحاول سحب الأريكة ليفتحه فركضت جهة
الحمام وسجنت نفسي فيه أنتظر باقي المفاجأات التي لم ألتقي بها بعد











صهيب







كانت النار تأكل أحشائي والغضب يدمر ما تبقيه لقد كان عليا لقاء حامد ولكن لا صبر لدي لأتحدث معها
وافهم منها , اتصل بي صديقي للتو وقال أن حامد معه وينتظراني ضنا منه أني لست الشاب ذاك نفسه
الذي اختطفوا منه الفتاة لقد عمل صالحا بإعادتها ولكن عليا أن أفهم ما حدث هناك فكلمات جهاد وكلماتها
لازالت تتردد في أذني دون توقف
(لا تستاء لذلك فهي منتهية الصلاحية قبل أن تأتي إلينا , ولكنها ألذ مما تصورت )
(سوف أدخل وتغلق خلفي الباب مباشرة ولن أعطيك هاتفك قبل ذلك ولن أغلق الخط أيضا )
لو كانت كما قال جهاد فلما تخاف من سالم ولما لم تحاول استمالتي سابقا لأطلق سراحها ولكن كيف لي أن
اهدأ أكاد أجن , وصلت المنزل نزلت بخطوات سريعة فتحت الباب ويبدوا لي أنه كان شيء ما خلفه يعيق
فتحه دفعت بقوة فانفتح الباب وكانت أريكة كبيرة محشورة خلفه تعجبت كيف تمكنت من سحبها وهي بهذا
الوزن دخلت ولم أجدها توجهت للمطبخ ثم الغرف واحدة واحدة وصلت للحمام وكان مغلقا طرقت على الباب
فجاءني صوتها يردده الصدى " من أنت "
لما كل هذا الخوف هل قال لها سالم شيئا يا ترى ولكني أعرف سالم جيدا يبدوا أنني أصبت بالوسوسة بسبب
هذه الفتاة فقلت بهدوء " افتحي يا ميس "
قالت " من أنت "
قلت بنفاذ صبر " أبن عمك من سأكون برأيك "
قالت بضيق " ولما تتأفف هكذا يا هذا قل ما أسمك واسم والدك ووالدي ووالدتي لأتأكد فيكفيني اختطاف حتى الآن "
يبدوا أن هذه الفتاة صار الاختطاف لديها كابوسا مرعبا قلت بهدوء ممزوج ببعض الضيق
" أسمي صهيب شامخ وأنتي ميس نبيل ووالدتك لا أعرف اسمها لأني لم أعرفها أو أرها يوما فافتحي الباب أو
كسرته "
فتحت الباب ببطء وخرجت وما أن رأتني حتى شهقت شهقة قوية وعادت للداخل وأغلقت الباب وقالت بصراخ
" ماذا تريد مني وكيف علمت أنني هنا "
قلت بغضب " أفتحي يا ميس ولا تتعبي لي رأسي أكثر فكل شياطين الأرض تقفز أمام وجهي "
فتحت الباب وقفت أمامي وقالت بصدمة " أنت .. هل أنت إذا ... يعني أنك "
قلت " نعم أنا ابن عمك شامخ "
صرخت بغضب " ما أسعدني بك من ابن عم "
أمسكتها من ذراعها وسحبتها معي وقلت بغيض " توقفي عن ذلك وأخبريني الآن ما أريد قبل أن
أرتكب فيك جرما "
رميتها على الكرسي ووضعت يدي عليه واقتربت من وجهها وصرخت
" ما فعلاه بك ماذا حدث هناك يا ميس قولي الآن "
قالت بصراخ مماثل " هل جننت أنت وما يهمك في الأمر إن كنت أنت لم تهتم لسلامتي فهل ستنتظر
ذلك من الغرباء "
ضربت بيدي بقوة على ظهر الكرسي حتى ظننته سينكسر وهي نظرت ليدي بصدمة ثم قلت بغضب
" إذا ما قاله صحيح يا ميس صحيح يا ابنة عمي "
نظرت لي بصدمة وقالت " ما تعني بما تقول وعما تتحدث "
قلت بصراخ " أعني ما فهمته جيدا "
قالت بصراخ أكبر " لا لم أفهم عما تتحدث لما لا تكون صريحا فيما تقول "
أمسكتها من ذراعها مجددا وسحبتها لأحدى الغرف رميتها على السرير وقلت
" ما الذي حدث بينك وبين جهاد وحامد ما فعلاه "
قالت بصدمة " ماذا .... ما الذي أخبراك به "
قلت بصراخ " لا أريد ما أخبراني أريد أن أعرف منك "
صرخت قائلة " لا شيء لم يحدث شيء "
اقتربت منها ممسكا بكتفيها ووجهي قريب من وجهها وقلت
" إن كان ما قاله صحيح فلن ينقدك وينقدهم مني إلا الموت يا ميس سمعتي "
ابتسمت بسخرية وقالت " إن كان ثمة من يستحق الموت فهوا أنت فكل شيء كان قد يحدث
لي فبسببك ولكن الله كان أرحم بي منكم يا عائلة والدي "
ابتعدت عنها وقلت بحدة " إن لم أعلم الحقيقة منهما فسأتأكد من ذلك بنفسي سمعتي بنفسي "
جلست وقالت بغضب " ماذا تعني بذلك "
قلت مغادرا " ما فهمته "
وخرجت من ذاك المنزل أسوأ حالا من ذي قبل وتوجهت لحيت حامد وسالم وما أن دخلت الشقة
حتى وقف حامد بصدمة وقال " أهذا أنت ... هل هوا أنت ابن عمها "
اقتربت منه وأمسكته من قميصه سحبته لغرفة أخرى وقلت بغيض وأنا أهزه
" ما فعلتماه بالفتاة أو بالأحرى ما فعلتماه معها يا حامد "
صرخ قائلا " لم نفعل لها شيء وبإمكانك أخذها لطبيبة لتتأكد , تم ما كنت لأعيدها لك لو أني لمستها بسوء "
شددت على قميصه أكثر وقلت " ولكن ما يقوله شريكك أمر مختلف تماما "
قال بحدة " كاذب لقد كنا سويا طوال الوقت ولم يستفرد بها لحظة ثم نحن وضعناها مع زوجته التي هي
شقيقتي ثم سرقتها منه وأخذتها لوالدة صديقي أقسم أنها الحقيقة ويمكنك سؤالها عن ذلك "
سحبته معي وأركبته السيارة أخذني لشقيقته لأتأكد مما قال ثم لعجوز صماء صرخ كثيرا حتى
قالت " آه الفتاة لقد كانت هنا أين ذهبت لقد كانت تقوم بخدمتي "
مررت أصابع يدي في شعري ثم أمسكته من الخلف بقوة وكأنني أريد تقطيعه من منابته ثم قلت
" سنذهب الآن لجهاد فلن يهدأ لي بال حتى أسمع ذلك منه "
قال حامد بهدوء " إنها الحقيقة يا هذا فلا تجعل جهاد يلعب بعقلك أنت بقيت مع الفتاة لأسابيع وتعرف
جيدا من أي نوع هي وفي الأيام الماضية لم يقترب منها كن متأكدا "
صرخت به قائلا " اخرس "
ثم ركبنا السيارة وتوجهنا لبيت جهاد دخلت وبرفقتي حامد أخرجت مسدسي وقلت
" سأقتلكما الآن إن لم تخبراني بالحقيقة "
صرخ حامد بجهاد قائلا " لماذا كذبت عليه يا جهاد أنا أعلم جيدا كما تعلم أنت أن ذلك لم يحدث "
ابتسم جهاد بخبث وقال " أنا لم أكذب "
صرخ حامد " بلى تكذب فأنت لم تستفرد بها لحظة "
قال جهاد بذات الابتسامة " وما يدريك بذلك , أنا لم أخف من مسدسه مثلك يا حامد "
حينها تفجرت الدماء في راسي ولم أعد أرى شيئا أمامي رفعت المسدس موجها إياه لجهاد وقلت
" إذا سأقتلكما واقتلها "





















أُديم







لقد عادت هذه الفتاة للسخرية مني من جديد هوا يومها الأول بعد شبه طردها ولسانها لم يزدد إلا
طولا يبدوا أنها تحتاج لدرس آخر يعلمها احترامي
بعد مرور عدة أيام وبينما كان الصمت سائدا في المكتب كعادتهم أغلب الأحيان تنهدت شروق وقالت
" هذا الأمر لا يمكن الخروج منه بنتيجة أبدا "
نظرت لها ليان وقالت " أي أمر هل تواجهك مشكلة في الحسابات "
قالت بضيق " لو كانت كذلك لما كانت مشكلة لأنك سوف تحلينها بسهولة فلدينا عبقرية دفعتها هنا "
قالت ليان " وماذا هناك إذا "
قالت شروق بعبوس " إنه مصروف هذا الشهر منذ ساعة وأنا أحاول تقسيمه ودون جدوى مرض
ابني هذا خل بالميزانية كلها "
قالت ليان بصدمة " هل كنتي تحسبين ميزانية مصروفك وتتركين العمل "
رمت شروق بيدها أمامها وقالت " كلها بضع دقائق بماذا ستؤثر "
قالت لها بغيض " قلتي بنفسك أنك منذ ساعة تحاولي , يالك من مستهترة "
( توبخها وكأنها لا تضيع الكثير من الوقت إذا زارها مرض الثرثرة )
قالت شروق بلا مبالاة " هيا ليان ساعديني في حل لهذا الأمر "
قالت ليان بضيق " دعيني وشأني ولا تتسببي لي بمشكلة فأنا أنتظر واحدة في أي لحظة "
( انتظري قليلا إنها في طريقها إليك )
ضحكت شروق وقالت " ماذا حدث اليوم معك "
قالت ليان بغيض " ذاك الإمعة المدعو شاهد "
قالت شروق " ومن يكون هذا , هوا ليس من أخوتك أليس كذلك "
قالت بضيق " لا إنه حليفهم الجديد هوا يسكن ببداية الشارع طلب من أخي تزويجي له ذاك
الصعلوك الفاشل السكير "
قالت شروق بصدمة " ولما يوافقون عليه وهوا بهذه الصفات "
قالت ليان " هم لا يهمهم ما سيكون مصيري وما سوف أؤل إليه كل ما يهمهم هوا التخلص مني "
قالت شروق بحيرة " وما فعله شاهد ذاك لك اليوم "
قالت باشمئزاز وهي تقلد صوته وحركاته " صباح الخير يا آنسة ليان هلا تحدتنا قليلا عن أمر مهم "
ثم قالت بضيق " ما يضنني ذاك المغفل هل يراني ممن يقفون مع أي كان في الشارع كدت أضربه من
شدة غضبي والوقح جاء البارحة منتصف الليل يطرق باب بيتي وبكل وقاحة يريد الدخول "
قالت شروق بخوف " ليان عليك إيجاد حل لمشاكلك يبدوا الأمر خطيرا جدا "
تنهدت ليان وقالت " لا حل لدي ولن أتزوجه ولو قتلوني "
قالت شروق بهدوء " قد يفكر في أمر آخر غير الزواج "
نظرت لها ليان في صمت وقالت " وهذا ما أخشاه أيضا نظرات ذاك القذر لا تعجبني "
قالت شروق "هل ستستمر مشاكلك هكذا "
قالت ليان بحزن " منذ توفيت والدتي وأنا أعاني الأمرين أخوتي ومشاكلهم التي لا تنتهي حتى
يتسببوا بضياعي ورميي في الشارع , لقد كانت حياتي مختلفة بوجودها معي رغم أننا كنا نعاني
الفقر ونصنع الأشغال اليدوية لنبيعها ونأكل منها إلا أننا كنا مرتاحي البال "
نظرت لها شروق بصدمة وقالت " هل كنتم تعملون ذلك لتأكلوا "
قالت بذات حزنها " نعم وعملت بمحل لبيع الأقمشة أيضا لأتابع دراستي ولم نمد يدنا يوما
لأحد وكنت أرفض بشدة حد الموت مساعدة أي كان لنا "
( عجيب أمر هذه الفتاة أيعقل أن ترى كل ذلك الفقر والتقشف راحة بال وترفض العون من
أي أحد أيضا وأنا أرى الناس تأخذ النقود من أي كان وتخبأها لتقول أنها لا تملك شيئا )
في تلك الأثناء رن هاتف المكتب فأجابت شروق ثم أغلقته وقالت " ليان المدير يريدك "
قالت ليان بهدوء " لابد وأنه يريد الملف "
قالت شروق " ليس مدير القسم إنه مدير الشركة "
شهقت ليان بصدمة وقالت " مدير الشركة ماذا يريد , آآآآه ألم أقل لك ذلك ألم أقل أن ثمة مصيبة
أخرى في انتظاري "













الجزء الخامس عشر









صهيب





صعدت كل الشياطين لرأسي حين سمعت كلام جهاد وبدأت بضغط زناد مسدسي لأقتلهما وأقتلها بعدهم
وما أوقفني إلا صرخ حامد مبعدا له وقال بصراخ
" هل جننت أنت , يمكنك التأكد من ذلك كما أخبرتك إنه يستفزك فقط "
أغلقت عليهما الباب وخرجت وكأني بركان يقذف حممه في كل مكان عدت لميس دخلت كالمجنون
سحبتها من يدها وخرجت بها من فوري لمن يملك جوابا سيريحني وقفت أضرب بقدمي وأصابعي
وحتى برأسي على الجدار بتوتر وأنا أتمنى أن أخترق الباب وأعرف لما كل هذا التأخير ولم يهدأ لي
بال حتى خرجت الطبيبة بالنتيجة وبأوراق قد وقعت عليها بنفسها أيضا لتبرأ ذمتها
تنهدت براحة وشعرت أن جبلا أنزاح من على عاتقي خرجت بعدها ميس وهي تتجنب النظر إلي
وقالت بضيق موشحه بوجهها عني للجانب الآخر " أعدني لوالدتي والآن "
نظرت لها في صمت دون كلام فصرخت قائلة
" ألا تسمع أعدني لوالدتي فأنا لا أريدكم وأكرهكم جميعا فهمت "
أمسكتها من يدها وسحبتها معي للخارج وأركبتها السيارة وعدت بها للمنزل أغلقت الباب ودخلت خلفها
وقفت بالمنتصف ووضعت يديها بوسط جسدها وقالت بغضب
" أخبرتك أنني أريد العودة لوالدتي أم أنك استحليت سجني واختطافي "
تنهدت بضيق وجلست على الكرسي فصرخت وهي تضرب بقدمها على الأرض
" هل يعجبك هذا هل ارتحت بعد أن جعلتني فأر اختبارات "
قلت بحدة " يكفي يا ميس يكفي , ما كنت تتوقعين أن أفعل "
صرخت قائلة " كنت أتوقع أن تصدقني بدل أن تصدق صعلوكان كاذبان "
تنهدت ونظرت للجانب الآخر ثم لها وقلت " توقفي عن الصراخ أنا آسف وكفى "
ابتسمت بسخرية وقالت " آسف ... آسف على ماذا يا ابن العائلة المبجلة , على اختطافك لي أم على تركي
لأسابيع مع مجرمان لا يعرفان حتى الصلاة أم على اختطافهم لي منك أم على شكك بي وبأخلاقي وحتى
صدقي أم على أخذي لطبيبة نسائية ورؤيتي للممرضات وهن يتهامسن وينظرن إلي أم على .... "
صرخت بها قائلا " وما كنتي تريدي مني أن أفعل لم يكن أمامي سوى حلين إما أن أرغمك على الزواج
بي لأتأكد بنفسي أو آخذك لها ولم أشأ إرغامك على الزواج "
قالت بغضب " ليتك فعلت ذلك ولم تأخذني هناك "
نظرت لها بصدمة فتابعت بذات الغضب " أجل هوا أهون علي من أن يصبح أسمي مدونا عندهم وأوراق
دليل عفتي هناك ونظرة الجميع هنالك لي هل تعلم ما قالت لي الطبيبة قبل فحصي "
ابتسمت بألم وتابعت " قالت ما كان عليك الزواج به وأنتي تعلمي ما بك جيدا "
بقيت انظر لها بصدمة دون كلام فقالت بغضب " كان ثمة حل ثالث أمامك وهوا أن تصدقني فأنا لم أهرب
معهما وأنت تعلم جيدا ما حدث فكيف تتهمني هذا الاتهام أنتم لا تفلحون في شيء سوى خذلاني بكم يا عائلة
والدي , كيف تفعل كل ما فعلته بي وأنت ابن عمي وحامد الذي لا يعرفني ولا يقرب لي رأف بحالي وأراد
إرجاعي لوالدتي لرؤيته لما حل بي "
تابعت صمتي ونظري لها لتفرغ كل ما في قلبها ولو ضربتني ما كنت لأمنعها ثم صرخت قائلة
" لما تنظر إليا هكذا أعدني من حيث جئت بي أو أرحل واتركني لوحدي "
قلت بهدوء " هل تكرهينني لهذا الحد "
أشارت بأصبعها لي وقالت بغيض " وأكثر مما تتصور فما الذي تتوقعه مني أن أحبك مثلا "
وقفت وهممت بالخروج حين استوقفني صوتها قائلة
" أترك حامد وشأنه فقد طلب مني أن أتحدث معكم لأنه سيغادر المدينة وشقيقته "
ابتسمت بسخرية وقلت " يبدوا أنكم عقدتم صداقة متينة "
قالت بغيض " هل ستعيد الخطأ ذاته يا صهيب "
كانت هذه المرة الأولى التي تنطق فيها باسمي لقد شعرت بشيء غريب لم أشعر به من قبل ولا أعرف
معناه شيء يشبه الرغبة في الابتسامة ثم خرجت في صمت وحيرة بل هروب مما حل بي
رن هاتفي فكان بحر المتصل تجاهلت الأمر وركبت سيارتي بعد قليل وصلتني رسالة منه كتب فيها
( إن لم تجب علي الآن فسأرمي بنفسي في البحر )
صرخت قائلا " مجنون هل يفعل بكم الحب كل هذا سحقا لكم وله "
أجبت على اتصاله بصراخ " هل جننت يا بحر هل جننت "
قال بصوته الهادئ " لم أجد طريقة غيرها لتجيب على اتصالي "
تنهدت براحة وقلت " لقد أفزعتني يا رجل "
قال بحزن " وهل باعتقادك أنها لو كانت ستريحني ما كنت لأفعلها "
قلت بهدوء " بحر لا تتهور يا شقيقي لا تجعل اليأس والشيطان يتغلبان عليك "
ضحك ضحكة حزينة وقال " إنها تكرهني يا صهيب لم تعد تحبني لقد خسرتها للأبد "
قلت بحيرة " وما يدريك "
قال بهدوء " لا يهم كيف المهم أنني علمت "
سكتت فلا كلام لدي قد يواسيه , هي زوجة شقيقه وعليه أن يدرك ذلك عاجلا أم آجلا مع أني أجزم أنها
تحبه ولكن لا نفع من قولي له هذا الكلام
تكلم كثيرا وبث همومه وأحزانه وأنا أستمع في صمت فليس لدي سوى الاستماع ثم أغلق الهاتف دون أن
يودعني كعادته عندما يكون حزينا عليا العودة إلى هناك بسرعة قدر الإمكان لأكون بجانبه


















رنيم


















مرت أيام منذ عودتي وحور في منزل عمها ولا أحد يتحدث معي فخالتي إما عند إحدى صديقاتها أو لديها
ضيوف , أنا أحسد حور فبالرغم مما تعانيه إلا أن زبير يعاملها بلطف وتركها في بيت عمها لترجع متى
أرادت ذلك , أما أنا فقد حرمني ذلك المتوحش من البقاء مع والدتي ويرفض حتى جلب خادمات لنرتاح
من هذا العناء بدلا من تلك العجوز الوحيدة التي تأتي لساعات معينة فقط يبدوا أن زوجي العزيز هذا مليء
بالعقد والأمراض لقد سأمت السجن وسوء المعاملة فمنذ أن عدنا وأنا وغيث لا نتقابل إلا عند مائدة الطعام
عدا زيارته الرائعة تلك لجناحي حين طعنني في أنوثتي وسخر من ملابسي هل طلبت منه الدخول أم أن يتكفل
بي لو مرضت ثم الجناح به تكييف أم هوا تجريح لي كالعادة فقط فأنا منذ تزوجنا أتجنب الحديث معه رغم تعمده
إهانتي من حين لآخر بشكل غير مباشر , لو أفهم فقط لما يحب استفزازي رغم تجنبي له لما لا يترك كل منا
الآخر وشأنه حتى يقضي الله لنا أمرا أنهيت عملي وتوجهت للأعلى قاصدة جناحي لأنام دخلت لغرفتي وفجعت
مما رأيت بقيت واقفة لدقائق أحملق بصدمة
ماذا يفعل هذا هنا في غرفتي وعلى سريري ويغط في النوم أيضا ما يقصده بذلك هل يطردني من جناحه ليلحقني
لجناحي هل ضاق به المكان المتسع هناك ليزاحمني الغرفة الوحيدة هنا , خرجت بضيق توجهت لجناحه فوجدته
مقفلا ضربت الباب بقدمي وقلت " تبا له يغلق جناحه وينام عندي "
عدت لغرفتي أخذت ثيابي ولحافا من الخزانة وضربت بابها بقوة وخرجت من الغرفة بعدما تركت نورها
مفتوحا وأطفأت التدفئة أيضا وأغلقت الباب فليتجمد بردا توجهت للحمام استحممت وارتديت ثياب النوم
ونمت على الكنبة الغير مريحة بعد كل ذلك التعب نظرت جهة الغرفة فكان النور مطفأ ذلك المتوحش لقد
كان مستيقظا إذا , صحوت عند الفجر اشعر بعظامي متيبسة وكأني نمت على حجر نظرت للغرفة فكان
بابها مفتوحا دخلت فوجدته غير موجود هناك وثيابه مرمية على السرير وأحذيته وحاجياته والفوضى
تعم المكان جمعتها كلها ورميتها له أمام باب جناحه ونزلت للأسفل دخلت المطبخ ووجدته على غير العادة
يجلس مع زوجة والده التي كانت تعد القهوة نظرت لي مبتسمة وقالت
" صباح الخير يا ابنتي لقد استيقظت مبكرة هذا اليوم "
نظرت اتجاهه بغيض وقلت " هذا بسبب النومة المريحة بالأمس "
نظر لي بابتسامة ماكرة وقال " سبل الراحة والتعب متوفرة هنا ولكلن اختياره "
قلت بسخرية " ومن يختار التعب إلا إذا كان كارها لإزعاجات الراحة "
دخل حينها بحر بهدوء وصمته المعتاد هذا الشاب لولا أنني أنظر لكان يخرج ويدخل دون أن
اشعر به فحتى خطواته لا تكاد تُسمع جلس وقال
" صباح الخير أين هوا زبير علينا المغادرة مبكرا "
جلست خالتي وقالت " ومتى أتيت أنت لتغادر "
نظر غيث لوالدته وقال " هل عادت زوجته من منزل عمها "
قالت بهدوء " لا لم تعد بعد "
نظر لي ببرود وقال " عليه ألا يدعها على حل شعرها فالنساء لا يُعطى لهن وجه "
جاء الرد من بحر قائلا " دع شقيقك وشأنه يكفي سجنك لزوجتك "
هذا الشاب لو كان أصغر مني سننا لقبلت رأسه على الدرر التي يلقيها دائما , خرجت من المطبخ
وتركته له بما يحوي وعدت لغرفتي سمعت خطوات تقترب فالتفتت للخلف وكان غيث حاملا أغراضه
دخل ورماها على السرير وقال " من سمح لك برميها خارجا "
قلت ببرود " ومن سمح لك بجلبها إلى هنا "
قال بحدة " لي الحرية أفعل ما أشاء وحيث أشاء "
قلت بتحدي " وأنا لي ما لك وأرمي ما أشاء وحيث ما أشاء "
قال " ومن أعطاك هذا الحق "
قلت بذات النبرة " أنا أعطيته لنفسي ألستُ الآن جزئا من هذه العائلة "
ابتسم بسخرية وقال " سنرى "
قلت بأبرد ما لدي " يدك وما تطال "
امتقع لون وجهه غيضا وامسكني من خصري وشدني إليه ووجهي في وجهه قرب أنفه حتى التصق
بأنفي وقال بابتسامة " ما رأيك لو غيرنا مزاج هذا الصباح "
خلصت نفسي منه قائلة بضيق " لا بارك الله في صباح كهذا يالك من مزاجي متقلب "
أمسكني من ذقني بيده وابتسم بمكر فقلت بغيض
" إن فعلتها ثانيتا الآن كما في السابق حولت صباحك هذا لجحيم "
ويبدوا أن المسألة كانت كتحدي بالنسبة أليه أو هكذا أعتبرها ففعلها وقبلني بقوة ورمى بي على
السرير كما في المرة السابقة وخرج ضاحكا وهوا يقول " هذا ما طالته يدي هذه المرة "
قلت بصراخ غاضب ليصله كلامي " مقزز أتعلم ذلك وأكرهك أيضا "
ما به هذا يغضب ويتلون وجهه فجأة ثم يضحك فجأة ياله من متحجر قاسي ومزاجي أيضا
أمضيت ذلك النهار بمزاج سيء جدا لم أحتمل فيه حتى نفسي , وعند العشاء كنت أرفض تناوله
معهم لولا إصرار خالتي , كنا على طاولة العشاء أنا وخالتي وغيث فقط فقد سافر بحر وزبير
صباح اليوم والجد لدى أحد أبنائه ,جلست أتنهد بضيق كل فترة والأخرى ومزاج غيث في أحسن
ما يكون , جيد ضننت أنه لا يعرف شيء اسمه ابتسامة وأخيرا تصدق عليا برؤية أسنانه
" رنيم لما لا تأكلي هل تشعرين بشيء "
كان هذا صوت خالتي بالطبع فهي ذات قلب كبير يفكر في الجميع
قلت بابتسامة مغصوبة " لا أشعر بالجوع "
قال السيد غيث " يبدوا أنها تأكل في المطبخ هكذا هم النساء لا يصبرون على شيء "
كانت هذه الشعلة التي وضعت على الفتيل نظرت إليه وقلت بغيض
" النساء يأكلون في المطبخ والرجال يأكلونها وهم في السوق لذلك أجسادهم كالجبال "
ضحك بصوت عالي وقال " لقد اكتشفت شيئا جديدا في زوجتي اليوم يا أمي إنها تجيد المزاح "
وقفت خالتي قائلة " لا تثقلا من هذا كي لا تتشاجرا "
وتركتنا وغادرت , هي أكثر من يفهم ما يجري هنا وتعلم فيما يفكر هذا المتوحش , نظرت له
بحدة وقلت " وأنا اكتشفت اليوم أن لي زوجا مزاجيا مقرفا يجبر الناس على مالا يريدون "
ابتسم بمكر وقال " قولي أنها كانت رائعة لما الخجل "
وقفت ونظرت له باشمئزاز وقلت بغيض " يالك من واهم ما تظن نفسك "
قال بابتسامة " هل تعلمي أنك تبدين رائعة اليوم "
نظرت له بصدمة وعيناي مفتوحتان على اتساعهما وقلت
" تبدوا لي بحاجة لزيارة طبيب نفسي وفي أسرع وقت "
قال مبتسما بهدوء " بل اليوم بالذات لا أحتاجه "
تركته وجنونه هذا وصعدت لغرفتي وما هي إلا لحظات حتى لحق بي ووقف عند الباب
نظرت له بغيض وقلت " ماذا تريد ألم تطردني من جناحك في السابق "
دخل وقال " قلت لك سابقا لي الحرية هنا وافعل ما أشاء "
قلت بحدة " وأي حرية هذه التي تجعلك تمنعني من النوم بالغرفة الوحيدة هنا "
بدأ بفتح أزرار قميصه وخلعه قائلا " أنا لم أمنعك من ذلك أنتي من منعتي نفسك "
نظرت له بصدمة وقلت " وما هذا الذي تفعله "
قال ببرود " كما ترين أغير ثيابي لأنام "
ثم نظر لي بابتسامة جانبية وقال " ألن تنامي أنتي أيضا "
رميته بالمنشفة التي كانت في يدي على وجهه وخرجت مغتاظة على صوت ضحكاته ونزلت
للمطبخ لأنهي التنظيف مع خالتي
دخلت وبدأت مباشرة في ترتيب الأشياء معها بصمت فقالت " هل تشاجرتما "
تنهدت بضيق وقلت " لا أعلم لا يبدوا ذلك "
نظرت لي وقالت بهدوء " لما لا تحاولي كسبه يا رنيم بدلا من تكبير الفجوة بينكما "
قلت بضيق " أكسبه .. وهل يمكن لامرأة في العالم أن تكسب رجلا كغيث "
ابتسمت بحب وقالت " أنتي قلتها بنفسك رجل وكل الرجال متشابهون مهما اختلفت طباعهم فقط إن
أرادت المرأة ذلك فستنجح وبسهولة "
نظرت لها بتعجب وقلت " إلا غيث أعرفه جيدا "
قالت بهدوء " مهما عرفته فلن تعرفيه مثلي لاحظي اليوم تغير مزاجه رغم تعكر مزاجك أنتي على غير
العادة يعني أنه شيئا ما فيك كان يريد أن يتغير أو يظهر وأنتي أعلم مني يا رنيم "
تبا له هل يفكر هكذا يا لي من غبية هل كنت أحتاج لخالتي لتوضح لي ذلك هوا يحب أغاضتي إذا ويفعل
ما يفعل ليثير غضبي لذلك هوا مستمتع كثيرا بفعل ذلك سأريك يا غيث سأريك
قالت خالتي بعد صمت " فكري في كلامي جيدا يا رنيم "
قلت وأنا أفتح رف الخزانة " أعلم بما تشعري يا خالتي فأنتي أم وتريدين لأبنائك الحياة السعيدة رغم
أن غيث ليس ابنك ولكن ما بيني وبينه يصعب التفكير فيه "
تنهدت وقالت " أنا أحببتك يا رنيم ولا أريد زوجة غيرك له وأتمنى أن تغيرا من حياتكما معا "
قلت بهدوء " لا أعتقد ذلك فأنتي تعلمي جيدا كرهه للنساء "
قالت بحزن " أعلم وليتني أعلم السبب فقط فطفولة غيث أمر مبهم عن الجميع حتى عن والده "
نظرت لها بحيرة وقلت " طفولته "
قالت " نعم فقد قضى عشر سنين مع والدته خمس منها قبل أن يطلقها شامخ وخمس قبل وفاتها "
عدنا للصمت كلينا فلن يكون هناك أي جواب لأي سؤال قد أسأله فهي لا تعلم عنه شيئا
بعد أن انتهينا صعدت لغرفتي ووجدته نائما على السرير طبعا ولكني سأريه والصباح موعدنا
أخذت ثيابي ولحافي وخرجت لأنام نومتي القاسية الجديدة , لا بأس ستكون هي المرة الأخيرة


















جود











لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة تحدث فيها ذاك الشاب معي ترى ما حدث معه ومع شقيقه ماذا
عن الفتاة والغبية ابنة عمه تلك إنها تضيعه من بين يديها , غريب حقا ما يحدث معي أشعر وكأنني
أشاهد مسلسلا وأريد معرفة نهايته , ما كان عليا أن أتهور وأتحدث معه يومها لو بقيت على صمتي
لعلمت نهاية القصة ولكني كنت منهارة وغاضبة وهوا زاد من غضبي باتصاله رن حينها الهاتف
ويا لا العجب لقد كان الرجل الكئيب يتصل ولكن لن أجيب أبدا بعد أن علم بي أستمر في المحاولة
مرات ومرات ثم أرسل رسالة فيها
( أجيبي أرجوك يا آنسة وحدك من يستمع لي وأتحدث معه دون قيود لا تتكلمي معي فقط استمعي
إلي أعتبري أنني لم أعرف أنك فتاة حسننا )
ترددت كثيرا ثم فتحت الخط فقال بصوت هادئ " شكرا فأنا ممتن لك حقا " وبدأ ببث همومه كالسابق
الاختلاف فقط انه كان يخاطبني على أني رجل أما الآن فيخاطبني كفتاة ها قد علمت الآن أن الفتاة في
بيت عمها منذ أيام وشقيقه شبه تارك للمنزل الأحوال إذا لم تتغير وقريبته تلك لم يعد يحاول التحدث
معها جيد فهي لا تستحق حبه لها , بعد أن فرغ من بث همومه قال
" شكرا لك يا آنسة لقد تعلمت منك شيئا مهما لم أتعلمه من قبل "
فاجئني بما قال كنت أود أن أقول ’ما هوا ’ ولكني لا استطيع ولحسن الحظ تابع قائلا
" همي أنا واحد فقط من همومك الكثيرة وأنتي تستحملي وتستمعي لي أما أنا الرجل فقد انهارت قواي
لمشكلة واحدة ولو تشعبت , لقد تعلمت منك الوقوف بقوة لمواجهة قدري لذلك لم أعد أحاول التكلم مع
الفتاة التي كنت أحب قد يكون لديك أنتي من يستمع لهمومك أما أنا فلا يمكنني بثها لأحد سواك أشكرك
من كل قلبي وداعا الآن "
نظرت بصدمة للهاتف وأنا أرمش بعيناي وأفكر فيما قال , جيد فتهوري في الحديث تلك المرة أحدث مفعوله
فيه وجاء بفائدة رغم خطئي بفعلتي تلك , وقد قال الفتاة التي كنت أحب فلم تعد الفتاة التي أحب يبدوا لي ثمة
تطورات جديدة رميت بالهاتف وخرجت من غرفتي بحثا عن والدتي وأشعر بالراحة لأني اطمأننت على
أحواله لا اعلم لما قد تكون شفقه أو لا أعلم لماذا

















حور











لقد أمضيت بضع أيام في منزل عمي شعرت خلالها بالراحة وحتى صحتي تحسنت رغم شعور
الفقد الذي يجتاحني كل حين فهناك رغم عذابي إلا أنني أسمع اسمه دائما منهم وأخباره أراه من وقت
لوقت بعيد أتعذب نعم ولكنه بقربي على الأقل , ما أصعب أن تبتعد عمن تحب وما أصعب أن تتعذب
بقربه , عليا أن أنسى كل ذلك فأنا متزوجة الآن وزوجي يعاملني بلطف وإن كنت لست أحبه ولا يحبني
ترى هل رفض عمي بحر حقا لا أستغرب ذلك فعمي يرفض زواجنا قبل إتمام الدراسة وقد كنت صغيرة
حينها ولكن الحق عليه لما لم يتحدث معي عن ذلك قد يكون عمي أهانه وجرح كرامته بسبب والده
آه هل تبحثين عن الحجج له يا حور
" حور زوجك ينتظرك في الخارج "
تنهدت وقلت " حسننا قادمة "
لقد طلبت من زبير المجيء لإعادتي للقصر فليس بإمكاني البقاء أكثر من ذلك فتساؤلات عمي وزوجة
عمي عن بقائي كل هذه المدة واتصال خالتي الدائم للسؤال عني ومتى سأعود كلها تجبرني على العودة
هناك كي لا تكبر شكوكهم حول الأمر ولكن من الجيد أن زبير كان يتصل بي يوميا أمامهم ليطمأن على
صحتي وإن كنت أحتاج شيئا , زبير شاب رائع ولكن لست أنا الفتاة التي يستحق فمشاعري وقلبي أغبياء
لا يعرفان في أي اتجاه يتحركان
ودعت عائلة عمي وخرجت خارجا كان زبير يقف خارج السيارة فقلت له بابتسامة
" مرحبا زبير كيف حالك "
ابتسم وقال " بخير , تبدين لي أفضل من السابق بكثير "
قلت وأنا اقترب من باب السيارة " نعم أصبحت أفضل "
فتح لي الباب الأمامي ركبت وغادرنا ولا شيء غير الصمت وكأنه يتجنب سؤالي مثلما أخشى
أنا من السؤال ثم قلت بهدوء " لما يمانع غيث وجود الخادمات في القصر "
قال بذات الهدوء " هل يتعبك العمل هناك "
قلت نافية " لا لم أقصد ذلك ولكن الأمر متعب لنا جميعا "
نظر لي وقال " يبدوا أنك لا تريدي النزول من جناحنا يا حور إن أردتي ذلك فلا تنزلي "
نظرت له بصمت ثم قلت " لن أترك خالتي و رنيم يعملان وحدهما هذه تسمى أنانية لما لا تجلبوا
خادمات ليرتاح الجميع "
نظر لي بابتسامة وقال " سأتحدث مع غيث ونرى ما يجري "
ساد الصمت من جديد وكل منا سافر لعالمه قلت له ونحن نقترب من القصر
" زبير هل لي بسؤال "
قال بحيرة " نعم بالتأكيد "
نظرت للأسفل وقلت " أمازلت على علاقة بالفتاة التي تحب "
قال بعد صمت جاهلة لأثر السؤال عليه " ولما تسألي عن ذلك يا حور "
قلت بارتباك " لأني لا أريد أن تخسر علاقتك بها بسببي "
قال بتعجب " لماذا , هل تقول زوجة لزوجها هذا الكلام "
ابتسمت بسخرية وقلت " ذلك عندما تكون زوجة فعلا , أنا يا زبير مجرد جسد بلا روح فلا
تخسر شيء لأجله "
ابتسم وقال " وأنا جسد سيحميك من كل خطر وبلا روح تكون بقربك نحن متعادلان إذا "
نظرت له باستغراب وقلت " ألا يغضبك كلامي "
قال " لا لم يغضبني أعلم بمشاعرك اتجاهي يا حور "
عدت بنظري للأسفل وقلت " قد يتغير كل شيء يوما حتى مشاعرنا فلندعها للزمن "
قال بابتسامة حزينة " أجل فلندعها للزمن "
وصلنا القصر هممت بالنزول فقال زبير " مهلك فوالدتي تظن أنك حامل "
ضحكت وضحك معي على الكلمة بل على تعاستنا وواقعنا المرير وخرجنا من السيارة على
ذلك الحال ففوجئت ببحر يقف عند باب القصر وينظر لنا بنظرة غريبة لبس بعدها نظارة سوداء
وغادر من أمامنا في هدوء وصمت
ومنذ ذلك اليوم أو ذلك الموقف زاد غياب بحر عن القصر أكثر وتجنبه لي أكثر وأكثر حتى أنه
أصبح يخرج إن دخلت وكأنه يلومني على ما حدث وكأننا حبيبان وأنا خنته























الجزء السادس عشر











زبير








هل جربتم سؤال رجل عن شعوره وهوا تسأله زوجته التي تحب غيره وتصارحه أنها لا تحبه وأن عليه أن
يتمسك بحبيبته السابقة هل سألتموه, أنا لم اشعر بما شعر به ولا أتمنى أن تتغير مشاعر حور اتجاهي هي
تحترمني كرجل وأنا أعاملها بلطف كامرأة وهذا يكفي , رجل غيري ما كان ليقاوم حسنها ورقتها ولكن أنا
يستحيل ذلك قد يطول الأمر لسنين ولكن المهم أن يكون بالي وضميري مرتاحا وكما قالت حور قد تتغير
مشاعرنا يوما فلنتركها للزمن وهل برأيكم سيحدث ذلك وهل يجوز ذلك
وها قد عدت للاتصال بصديقتي حاملة همومي لقد قبلت أخيرا الاستماع لي واليوم سأبلغها عن كل الجديد
رفعت الهاتف واتصلت بها فتحت الخط بعد حين واستمعت بصمت أخبرتها أني أعدت حور للقصر وما
قالته لي وعن موقف بحر وكل شيء مهم وغير مهم ودون ذكر للأسماء طبعا , لقد أصبحت تنتابني دائما
رغبة في أن ترد على كلامي ولو بكلمة واحدة حتى إن كانت مرحبا أو وداعا أردت أن أعرف ما تفعله
اتجاه مشاكلها كيف تواجهها لقد أصبحت قدوتي في الصبر والصمود أمام الصعاب وتغيرت نفسيتي بعض
الشيء بفضلها وعدت زبير المرح شيئا فشيئا زمرد تزداد تجنبا لي فأصبحت أتجنبها أيضا رغم مشاعري
التي لم تمت نهائيا اتجاهها فكم مرة منعت نفسي من محاولة الاتصال بها وكم تمنيت أحيانا أن تتصل بي
من تلقاء نفسها تحدثت بعد أيام مع صديقتي وتكلمت نهاية الحديث عن مشاعري اتجاه زمرد وما يجتاحني
وما أصارع من أفكار وبعد أن أنهيت المكالمة فوجئت بها ترسل لي رسالة كتبت فيها
( علينا أن لا ننظر للماضي إن كنا نريد أن نصبح جزئا من المستقبل فالماضي ليس إلا مقبرة للأموات وكل من
تعلق به أصبح مجرد جثة وخسر المضي مع الماضين للمستقبل عليك أن تدفن الماضي الذي دفنك وتخلى عنك
يا صديقي حتى وإن كان على حساب مشاعرك )
ابتسمت وأنا اقرأ كلماتها وأحسست بوجودها أمامي تخاطبني , فعلا عليا أن ادفن الماضي الذي دفنني ولكن ترى
هل التطبيق سهلا كالكلام أرسلت لها
( هل تعرفي ما اسميك في هاتفي ’بلسم جروحي ’ وأنتي كذلك بالفعل )
أرسلت لي
( أنت فعلا رفيع دوق لتسميني هكذا أما أنا فلم أكن مثلك أعذرني فأسمك لدي ’ الرجل الكئيب ’ )
ابتسمت لما كتبت لا بل ضحكت وضحكت كثيرا أيضا دخلت القصر فقابلتني حور بابتسامة وقالت
" ما الذي يضحكك هكذا "
قلت بضحك " أحدهم يسميني في هاتفه بالرجل الكئيب هل تريني هكذا "
ضحكت لما قلت وقالت " على العكس هوا لم يوفيك حقك يفترض به أن يسميك الرجل العبوس "
ضحكنا كلينا نظرت للأعلى وكان بحر ينزل من السلالم نظر لنا نظرة حملت معاني كثيرة منها اللوم
ومنها الحزن ومنها الغضب أيضا وخرج مارا من بيننا وكأنه يخبرنا بأنه الحد الفاصل بيننا وأن علينا
أن لا ننسى ذلك نظرت لحور فوجدتها تنظر للأرض بحزن والدموع تكاد تتفجر من عينيها بحر يعاملها
بقسوة وجفاء رغم أني أرى اللهفة في عينيه كلما حضر بعد غياب إنها حقا مأساة ما نمر بها جميعنا


















ليان























هل علمتم الآن أن ما أقوله صحيح والمصيبة تجر لي بعدها واحدة أخرى خرجت من المكتب
متوجهة للأعلى صعدت بالمصعد وقلبي يهوي للأسفل , لما يطلبني المدير الأمر لن يكون خيرا أبدا
خرجت من المصعد وتوجهت لمكتب المدير طلب لي السكرتير إذنا ثم دخلت وقفت في صمت فقال
" أنتي ليان سعد عبد القادر "
قلت بتوجس " نعم إنها أنا "
توجه للنافدة وقال وهوا ينظر للخارج ويديه خلف ظهره
" هناك شكوى من البعض عن تحدتك بسوء وسخرية عن أحد مالكي الشركة "
قلت بصدمة " أنا من قال "
التفت إليا وقال صارخا " السيد أديم تكلم معي شخصيا عن الأمر فالموظفون يتنقلون في الشركة
ويسمعون كل شيء يا آنسة لقد تسببت لنا بمشكلة ونحن نحاول تحسين صورة عملنا "
بدأت دموعي بالنزول وقلت ببكاء " ولما أنا فقط من .... "
قاطعني قائلا بحدة " السيد يرسل لك تحذيرا وقال أنه ليس الأول كما أحذرك أنا من الاستهتار أكثر "
قلت بغضب وعبره " بل أنا من ستترك لكم المكان بما فيه ففقر مع عزة النفس ولا نقودكم والمدله وها ذي
أنا أطلب الاستقالة وأخذ مستحقاتي وشهادة نهاية الخدمة "
قال ببرود " الطلب مرفوض وليس الأمر بيدي ولو كان كذلك لقبلتها بكل سرور "
قلت بغيض " لن أبقى هنا يوما واحدا قبلتموها أم لم تقبلوا والمستحقات لا أريدها "
خرجت من عنده ولا كلام إلا بين عينيا وكف يدي هي تتحدث دمعا وهوا يستمع لها عن قرب
دخلت مكتبنا وبدأت بجمع أغراضي وقفت شروق وقالت " ما بك يا ليان ماذا حدث "
قلت ببكاء وأنا أجمع الأغراض في الحقيبة
" سأترك هذه الشركة ومن فيها فليهنأ الأستاذ أديم بحياته بعد خروجي من شركته يكفيه مننا عليا
بأفضاله , الشارع ارحم لي من مذلتي بسببه ولم يكتفي بذلك بل أعطى المدير الفرصة لإهانتي "
اقتربت مني وأمسكت بذراعي وقالت بحدة " هل طلبتي منه الاستقالة من العمل يا ليان هل جننتي "
قلت بألم " أجل وقال أنه طلب مرفوض ولو بيده لكان قبله هم لا يتصدقون علي حتى بمستحقاتي
وشهادة تساعدني للعمل بمكان آخر "
قالت شروق وهي تشد ذراعي " توقفي عن الجنون يا ليان ولا تنسي ما أنتي فيه "
قلت ببكاء " للجحيم هم وشركتهم لقد كنت على قيد الحياة قبل أن أدخلها ولم يقتلني الجوع الله وحده
من يرزق عباده بلا دل ولا مهانة ولا يمن حتى رغم أنه الأحق بذلك "
هممت بالخروج حين استوقفني جسد وسيم الذي ملأ الباب وفي يده دفتره ومكتوب فيه
( لماذا أنتي مغادرة ولما تبكي )
ابتسمت بحزن وقلت " أنت أحق منهم ومن ألسنتهم لأن تكون مالكا لهذه الشركة "
ثم تجاوزته وعبرت الباب خارجة من المكان برمته وتوجهت لمنزلي سيرا على الأقدام رغم بعد
المسافة ولا يخيم فوق راسي إلا الحزن والدموع لا تفارق أجفاني حتى وصلت دخلت المنزل استحممت
وغيرت ثيابي ونمت من شدة التعب والإنهاك


















ميس














بقيت سجينة الغرفة لأيام وأيام أسمع صوت الباب وخطواته يدخل لبعض الوقت ثم يغادر
وها هوا اليوم أطال البقاء على غير عادته يبدوا أنه نام , لما لا يتركني وشأني لا أفهم فلا يأخذني
لتلك العائلة المبجلة ولا يدعني أذهب في حال سبيلي يسجنني هنا ويتفقدني كل حين سمعت خطواته
تقترب من الحجرة شيئا فشيئا ثم طرق الباب فلم أجب طرق ثانيتا وبقوة أكبر وقال
" ميس أفتحي الباب لما تسجني نفسك "
قلت بغيض " لا أريد أن أفتحه أتركني وشأني "
تنهد وقال " لن تضري إلا نفسك يا ميس "
قلت بغضب " لا شأن لك بي ولن أفتح ولن أخرج وسأموت هنا جوعا "
قال بهدوء " ميس لما تفعلي كل هذا "
قلت بحزن " أتركني وشأني لا أريدكم أتفهم "
سكت قليلا ثم قال " ولكننا نريدك "
قلت بصراخ " كاااااذب "
قال بهدوء " لست كاذبا "
قلت بضيق " وإن يكن ذلك فلا يهمني ولا أريدكم "
قال بضيق " ميس "
قلت بأسى " لا تقل ميس لا تنادني باسمي أكرهك وأكرههم "
قال بحدة " ولماذا تكرهين الجميع هل تعرفت إليهم هل تعلمين إن كان يهمهم أمرك "
قلت بغضب " الأمر واضح جدا فأنتم لم تريدونا يوما ولم تسألوا عنا لا أعرف كم لي عم وعمة لي
جد وجدة أم لا , أي عائلة أنتم لم نعرفكم وقت الشدة وقت الحاجة ويوم أن أرسلوا في طلبي كانت
مجرد كذبة ومسرحية لتثبت لي أكثر أنكم بلا مشاعر ولا قلوب "
قال بحدة " ليس صحيحا لقد بحث والدي عنكم كثيرا لقد كان على اتصال دائم بعمي نبيل حتى دخل
الـ ..... "
بثر كلمته ثم تابع " ومنذ ذلك وهوا يبحث عنه ودون جدوى وبعد وفاته بحث عن عائلته ليعلم إن كان
له أبناء لقد أخبرني بذلك بنفسه ولم يمنعه عنكم إلا الموت فكلفني بالمهمة "
ضحكت بسخرية وقلت " هل كلفك باختطافي ورميي في مستودع مع شابان لا خلق ولا دين لهما
هل كلفك أن تتهمني في شرفي وتخترع الطرق لاكتشاف الحقيقة هل كلفك أن تأخذني رهينة و.... "
قاطعني باستياء " يكفي يا ميس يكفي فأنت لا تفهمين شيئا "
قلت بأسى " لا ليس يكفي فلما ترفض سماع الحقيقة لما تسجنني هنا أتركني وشأني "
سكت كلينا لبعض الوقت ثم قال بهدوء " ميس "
قلت بضيق " ماذا تريد "
تنهد وقال " افتحي الباب دعينا نتحدث "
قلت بهدوء " لقد تحدثنا وانتهى أعدني لوالدتي أرجوك عليا أن أكون بقربها "
قال بهدوء مماثل " والدتك بخير أنا أطمئن عليها يوميا وبنفسي "
قلت بأمر " أريد التكلم معها "
قال " موافق إن خرجتي وتناولتي الطعام تركتك تتكلمي معها كيف شئتي "
فتحت الباب بهدوء وخرجت
















صهيب








ما أعند هذه الفتاة إنها تسجن نفسها منذ أيام دون طعام وكلما دخلت المنزل تفقدت الحمام إن كانت
أرضيته مبللة أو جافة لأتأكد أنها تخرج من الغرفة وأنها لازالت على قيد الحياة قررت اليوم
التحدث معها وإقناعها بالخروج ولو كسرت الباب عليها ولم يزد الحديث الأمر إلا سوءا فما كان
أمامي إلا أن أستغل مسألة والدتها فهي الشخص الوحيد الذي تهتم لأمره ففتحت الباب أخيرا وخرجت
منه ببطء تلك العينين الزرقاء الواسعة والملامح الغربية الطفولية يبدوا أنني , آه لقد اكتشفت الآن السر
أنا كنت أفتقد وجودها الأيام الماضية
وقفت مستاءة وقالت " هيا أعطني الهاتف لأكلمها "
قلت بابتسامة " ليس قبل أن تأكلي "
تنهدت بضيق وقالت " لا رغبة لي بالطعام "
قلت بهدوء " إذا لن تتحدثي معها "
تأففت وقالت " حسننا لنرى نهاية هذا الأمر "
جلبت كيس الطعام وضعته على الطاولة وقلت " كليه كله "
وضعت يديها في وسط جسدها وقالت " ماذا كله ,هل تريدني أن أموت أم تضنني عملاقة مثلك "
ضحكت كثيرا ثم قلت " هل هذا رأيك بي هل تريني عملاقا "
قالت بحدة " نعم عملاق وشعرك ليس جميلا ولحيتك غريبة الشكل وثيابك لا تمد للأناقة بصلة "
ضحكت أكثر وقلت " حقا أنا ابدوا هكذا ظننت أنني وسيما وأعجب الفتيات "
ابتسمت بسخرية وقالت " إنهن يخدعنك ليأخذن نقودك فقط "
تم توجهت للطاولة أكلت القليل وقالت " ها قد أكلت اتصل لي بوالدتي فورا "
جلست مقابلا لها وقلت " قليلا بعد "
تأففت وعادت للأكل ببطء وعيناي كانت ترصد كل حركة من حركاتها رفعت عيناها ونظرت لي وقالت
" ألم ترى شخصا يأكل من قبل "
قلت بابتسامة " بلى "
قالت بضيق " إذا لما تنظر إلي "
قلت بهدوء " لا أعلم أخبريني أنتي لما "
قالت بضيق " لأنك ابن العائلة المبجلة التي لا أستغرب منها شيئا "
قلت " هل ترينا سيئين لهذه الدرجة "
قالت بحزن وعينها على الكيس " هذا لأنك لا تعرف ما أشعر به فأنت لم تجربه "
لذت بالصمت فالكلام في الأمر لن يجدي نفعا وعدت للنظر إليها بتمعن لا أعلم لما لا أستطيع
السيطرة على عيناي ولا منعهما من ذلك
نظرت لي بضيق وقالت " لقد انتهيت فهل انتهيت أنت "
قلت بحيرة " انتهيت مما "
قالت بحدة " من النظر لي بشفقة أو بسخرية أنت الأعلم "
ابتسمت وقلت " لما لا تظني بي ظننا حسنا أبدا "
نظرت لي بحيرة وكأنها تحاول تفسير كلماتي فأخرجت هاتفي واتصلت بوالدتها وشغلت مكبر الصوت
ووضعته على الطاولة فجاء صوت والدتها قائلة " مرحبا يا صهيب كيف حالك بني "
نظرت لي ميس بغضب ثم قالت مخاطبة والدتها " هذه أنا يا أمي "
أجابتها بحب " مرحبا بنيتي كيف حالك يا ميس لما تقاطعينني هكذا ما كل هذا الغياب الطويل "
نزلت دمعتان من عيني ميس وقالت بعبرة " لقد اشتقت لك أمي كل ما أريده هوا النوم في حضنك الآن "
وتتابع سيل الدموع التي أراها للمرة الأولى تنزل من عينيها رغم كل ما مرت به , لقد علمت الآن ما يعنيه
بحر حين كان يقول دموعها شيء لا يمكنني تحمله أعانك الله على ما أصابك يا أخي
آه توقف عن هذا يا صهيب هل جننت أتريد أن تنتهي لما انتهى له بحر وزبير وزد عليه أنها تكرهك بشدة
بعد أن أنهت مكالمتها أخذت الهاتف وأعدته لجيبي فنظرت لي وقالت " متى ستفرج عني "
قلت بهدوء " ليس بعد "
قالت بضيق " ومتى إذا ما الذي تريده مني يا صهيب "
أخيرا عادت لذكر اسمي من جديد نظرت لها بابتسامة فقالت بضيق
" هل قلت شيئا يدعوا للسعادة "
قلت بهدوء " نعم "
قالت بضيق أكبر " وما هوا هذا لعلي أسعد معك "
قلت بابتسامة " شيء لن تفهميه ولن يسعدك أبدا "
وقفت مستاءة ودخلت الغرفة وأغلقت الباب ثم فتحته وقالت بغضب " أين المفتاح هل أخذته "
وقفت وقلت مغادرا " نعم أخذتهم جميعا كي لا تعودي لفعلتك "
ثم خرجت من المنزل قاصدا السفر للعاصمة بعد أن تناولت ميس الطعام لا أريد تركها هنا لوحدها
ولكني مطر لذلك ولن أتأخر













رنيم






يبدوا أنه لا أسلوب للتعامل معك يا غيث سوى الند بالند إذا تتعمد إغاظتي ويسعدك ذلك سنرى
جلسنا على الغداء وكنت هادئة تماما كعادتي حين قالت خالتي موجهة حديثها لغيث
" متى قال لك صهيب أنه قادم "
أجاب بعد برهة " عند صباح الغد وسيغادر ذات اليوم "
تنهدت خالتي وقالت " هذا الفتى سيصيبني بالجنون "
ضحك زبير وقال " كم واحدا منا سيصيبك بالجنون ولم تُجني حتى الآن يا أمي "
نظرت له خالتي بضيق وقالت " يبدوا لي مزاجك قد تحسن كثيرا هذه الأيام "
قال بلا مبالاة " لأني اكتشفت أني أخسر نفسي من أجل شيء لن تغيره إلا قدرة الله "
ثم ابتسم وقال "عليا أن لا أدفن نفسي في مقبرة الماضي وأتفرج على المسافرين للمستقبل "
نظرنا جميعا له بحيرة من تبدل حاله فرغم مرحه الدائم إلا أن كلماته كانت لا تخلو من اليأس والإحباط
, ترى هل تحسنت الأمور بينه وبين حور نظرت لها بتساؤل فرفعت كتفيها علامة عدم الفهم فقال غيث
" قد يكون الماضي بمقابره أجمل من الحاضر أو حتى المستقبل الذي سيكون محرقة وليس مقبرة "
نظرت له ببرود قاتل وعدت لتناول الطعام وبعد أن انتهى الجميع من الأكل قامت خالتي وحور بتنظيف
طاولة الطعام وتوجهت أنا للمطبخ ولحق بي السيد غيث طبعا فهوا لم يبرد قلبه بإغاظتي اليوم وقف بجانبي
عند المغسل وقال " أسكبي لي فنجان قهوة "
فقلت ببرود " القهوة جاهزة بآلة تحضير القهوة وقهوتك لا تحتاج لسكر كنت وحدك تأخذها دائما فما الجديد "
قال بحدة " ولما تزوجتك هل لأتفرج عليك "
قلت بذات البرود " بل تنفيذا لوصية والدك "
تغيرت أنفاسه دليل الغضب ثم قال " لا أمر من قهوتي إلا حياتي التي دخلتها أنتي "
ثم خرج ولم أضف كلمة ولا نفس أعلم أنه سيحاول جعلي أدفع ثمن هذا ولكني لن أعطيه المجال
بعد أن انتهينا من أعمالنا جلست وحور نتبادل الأحاديث ونمضي الوقت فكلانا لا تنام بعد الظهيرة وكلانا
طبعا لا زوج لها يفتقدها عند هذا الوقت وأمضيت يومي كالعادة وعند المساء وبعد صراع طويل مع أعمال
المطبخ التي لا تنتهي صعدت لغرفتي وكما توقعتم زوجي العزيز هناك ولكن ما لم يكن هناك هي الأريكة
التي كنت أنام عليها أحسست بالأبخرة تتصاعد من رأسي , ما يريده هذا المتوحش مني ولكني تمالكت
نفسي فلن أعطيه الفرصة للعب بأعصابي توجهت للغرفة فوجدته مضجعا على السرير ومتكأ على
يده ومستيقظ طبعا ليشاهد نتائج انتصاره ابتسمت له ابتسامة باردة وقلت
" هل أصبحت الأرائك تهرب منك أيضا "
قال ببرود " يبدوا ذلك فما افعل في نفسي فالكل يكرهني ويهرب مني حتى زوجتي "
ابتسمت بسخرية وتوجهت للخزانة أخذت ثيابي وخرجت فاستوقفني صوته قائلا " إلى أين "
قلت ببرود " لجناح الضيوف "
قال بحدة " وماذا ستقولين لوالدتي "
قلت " سأطلب منها أن تسألك وقل لها ما يعجبك "
نهض من السرير وتوجه ناحيتي وأمسكني من ذراعي وقال بمكر
" بل ستنامين هنا شئتي أم أبيتي "
نظرت لعينيه وقلت ببرود " لا تفعل شيء لست نده يا غيث كي لا تندم وتلقي باللوم علي فلا تلعب
لعبة لا تعلم نتائجها "
أمسك بذقني وقال بابتسامة جانبية " لما لا نجرب لعبها فقد تعجبنا "
ابتسمت بسخرية وقلت " قد لا يعجبك اللعب مع الخائنات "
قرب وجهي من وجهه وقال " ما رأيك بواحدة رائعة كتلك "
قلت بسخرية " بل لما لا تكون أروع "
قبلني بقوة فلم أقاومه ولم أتفاعل معه في ذلك ثم أفلتني فقلت ببرود
" لم أكن أعلم أن القبلات الكريهة مثلي أصبحت رائعة لما لا تجرب مرة أخرى أم أنك لا تملك
الشجاعة أو ليس لديك الــ ........ "
نظر لي بغضب ويبدوا أن ردة فعلي قد فاجأته فأمسكني ورمى بي على السرير قبل أن انهي كلامي
وتبتني عليه وبدأ بخلع قميصه وهوا يردد بغيض "ستري من الخاسر يا رنيم "
صرخت به قائلة " ابتعد عني يا غيث ماذا ستفعل هل جننت "
أمسكني من كتفاي وقال بغيض " لن أكون غيث لو لم أدفعك ثمن ما قلتي "
حاولت الخلاص منه حاولت الصراخ فكتم صراخي أعماه غضبه واخسرني تحديا له وعنادي
ما تبقى لدي وانتهى كل شيء
















غيث










سحقا لها من فتاة ما الذي فعلته يا غيث كله بسببها وبسبب برودها لقد قمتَ بكسر الحاجز الذي كان بيننا
ودمرت كل شيء كنت جالسا على طرف السرير معطيا إياها ظهري ومطأطأ برأسي للأسفل وصوت
بكائها لا يتوقف عن الوصول فصرخت بغيض " توقفي عن البكاء "
قالت بألم " لا شأن لك بي ماذا تريد مني بعد , لديك جناحك ولن أضايقك فيه "
وقفت ونظرت إليها وهي جالسة على السرير تحضن ساقيها وقلت بغضب
" أنتي السبب فقد حذرتك مرارا من استفزازي يا رنيم "
قالت ببكاء " أخبرتك منذ البداية أن لا تلقي باللوم علي وأن نتائج لعبتك لن ترضيك ثم ما يزعجك
في الأمر وأنا وحدي الخاسرة "
قلت بحدة " ما هذا الذي تقولينه نحن متزوجان وأنا لم أغتصبك لتقولي ذلك "
قالت بغيض " وأي متزوجان نحن قل لي أي متزوجان هؤلاء المعلق زواجهما حتى وقت قد يكون قريبا "
ابتسمت بسخرية وقلت " لا تخافي فابن خالتك لن يرفضك لهذا "
قالت بصراخ " هل هذا كل ما تفكر فيه يالك من مريض يا غيث "
اقتربت منها أمسكتها من ذراعها وقلت " لا تتواقحي يا رنيم كي لا أكرر ما فعلته للتو "
قالت بألم " أفعل ما شئت فلم يعد هناك فرق "
فكنت هذه المرة عند تهديدي وكررت ما فعلته منذ قليل ولكن هذه المرة لم يكن الغضب الأعمى
هوا السبب بل شيء لا أفهم ما هوا ثم قلت مغادرا
" هذا ما سيحدث كلما حاولتي استفزازي "
غادرت الجناح ودخلت جناحي استحممت وارتميت على السرير بضيق فها قد ظهرت نتيجة عنادنا
كنت أود فقط إغاظتها وكانت تتعمد استفزازي وهذه هي النتيجة , يكفي هيا توقف يا غيث فأنتما
متزوجان ومن الطبيعي أن يحدث ذلك ومنذ شهور

























الجزء السابع عشر







ليان









ها قد عدت للصفر من جديد ولكن صفر هذه المرة يحمل في طياته العديد من المشكلات ما سأفعل
يا ترى , إن سلمتهم المنزل فسأبقى وعمي في الشارع خصوصا بعدما خسرت عملي , وما ادخرته من
مال لن يكفيني ولن أعود إلى هناك ولو أكلت العشب ونمت على الرصيف , لا حل لما أنا فيه فمشكلتي
مع أخوتي لا حل لها وشاهد ذاك الزواج منه أسوء من نومة الشارع ووحدي من سيدفع ثمنها لأني
سأصبح مطلقة مرمية بالشارع فبالتأكيد هوا على اتفاق معهما لأخذ المنزل يا إلهي لقد ضاقت ومنك الفرج
عليا أن أبدأ بالبحث عن عمل أي كان ومنذ الغد وسأعود لمهنتي الأساسية التي لن يمن علي أو يطردني
منها أحد وهي الأشغال اليدوية لتساعدني قليلا قبل أن أجد عملا , آه أتمنى أن تنام قرير العين مرتاح البال
الآن يا أديم باشا
وصلت المنزل مثقلة بالهموم وصفر اليدين ككل يوم فمنذ أيام وأنا ابحث عن عمل ودون جدوى والنقود
التي لدي بدأت بالنفاذ سيكون علينا العودة لحياة التقشف تلك من جديد وجدت عمي يقف في منتصف
البيت توجهت ناحيته وقلت بحنان
" عمي ما الذي يوقفك هنا الجو بارد وستمرض هيا تعالى معي للداخل "
قال بابتسامة " لقد جاء أحدهم وترك لك هذه الورقة كنت أود إعطائها لك عند عودتك "
قلت بحيرة " من هذا الذي جاء "
قال " لا أعلم من يكون يبدوا لي من الشركة ألم تكوني هناك "
تنهدت وأخذت منه الورقة وكانت بالفعل خطاب من الشركة لأعود لعملي ما بهم يتمسكون بي هكذا
ألم يشبعوا من إذلالي بعد , أمسكت يد عمي ودخلت به للداخل قائلة
" عمي لو جاء هذا مرة أخرى فلا تأخذ منه شيئا حسننا "
قال بعد صمت " ولما يا ابنتي هل من مكروه "
قلت بهدوء " لا تأخذ منهم شيئا أرجوك يا عمي وهيا ادخل لتدفأ وترتاح وسأعد لك الغداء حالا "
بعد أيام من البحث تحصلت ليس على عمل بل على وعد من زميلة لي أيام الدراسة للحصول على
عمل بمدرسة خاصة تقوم بالتدريس فيها وستتحدث مع مديرة المدرسة بشأن ذلك الأمر
الحمد لله يبدوا أنها قد تُفرج قريبا دخلت المنزل ككل مرة مثقلة بالتعب والهموم وتوجهت من فوري
لتفقد عمي ثم للمطبخ فتحت الخزانة الصغيرة الموجودة فيه وكانت شبه فارغة ارتديت معطفي وحجابي
وأخذت ما تبقى من نقود لأجلب شيئا يؤكل ولو من أجل عمي فأنا قد أتحمل الجوع لأيام خرجت أسير
ببطء وشعرت بحركة ما خلفي التفتت للوراء ولم أجد شيئا , منذ أيام وأنا اشعر بأحدهم يلاحقني لابد وأنه
شاهد وسينال مني ما يستحق عدت بخطوات سريعة للخلف ووقفت عند فتحة الشارع الفرعي فشهقت
بصدمة وقلت " وسيم ما الذي تفعله هنا "
حك مؤخرة شعره وهوا يبتسم بخجل نظرت له بحيرة فرفع يديه فارغتين أي أنه لا يملك دفترا ثم أمسك
بيدي وكتب بأصبعه في كفي كلمة لقد ثم كلمة أضعت ثم عنوان ثم منزلك
ابتسمت له وقلت " كم أنت شاب مهذب يا وسيم لو كنت غنيا ما كنت هكذا "
أمسكت بيده وكتبت له كلمة شكرا ثم كلمة لك , سحبت بعدها يداي بسرعة وشعرت بالخجل وقلت
" يا لي من حمقاء ما هذا الذي فعلته "
ثم نظرت له بابتسامة وأشرت له بيدي أن يأتي معي لمنزلنا ثم ضربت بيدي على جبهتي وقلت
" آه طعام عمي لقد نسيت كيف سأفهمه ذلك الآن "
أخرجت نقودا من جيبي وأشرت له بيدي جهة آخر الشارع حيث يوجد دكان صغير وأشرت
له بيدي ذهابا وعودة وقلت " أفهمني وسيم أرجوك "
ابتسم وهز برأسه موافقا ثم سحبني من يدي لأفهم أنه سيرافقني إلى هناك دخلنا الدكان فأخذ وسيم كيسا
وبدأ بجمع حاجيات متنوعة وكثيرة حتى كاد لا يبقي نوعا لم يأخذ منه ودفع الحساب من جيبه اعترضت
ولكنه لم يرضى إلا أن يدفع فقلت بهمس كي لا يسمعني صاحب الدكان
" أنا أساسا لا أملك ثمن كل هذا يالك من رحمة أرسلت إلي اليوم يا وسيم لو لم تكن أخرس ولا تعلم بحالي
ما كنت لآخذها منك "
التفت إلي ونظر بحيرة حتى أنني شككت أنه قد فهم ما قلت ثم ابتسم وأخذ الدفتر من صاحب الدكان
وكتب لي ( خدي أي شيء يلزمك يا ليان )
أشرت برأسي نفيا وقلت " يكفي هذا يا وسيم أنت لا تعلم أي خدمة أسديت إلي "
ثم غادرنا متوجهين للمنزل ولكن وسيم رفض الدخول وغادر بعد إيصالي حمدا لله الذي وضعك في
طريقي اليوم , دخلت المنزل أعددت غداء عمي ونمت مرتاحة البال ولو اليوم فقط






























أُديم











يبدوا أنني لن أتوقف عن التسبب بالمشاكل لهذه الفتاة أردت معاقبتها علي سلاطة لسانها فقط ولكي
تتوقف عن اهانتي ولم أتصور أنه سيتسبب لها بكل هذا , هل لعزة نفسها أن تخسرها عملها يا لها من
فتاة لقد مرت عدة أيام علي ترکها للعمل ولا يبدوا لي أنها تفكر في العودة طلبت من المدير إرسال
خطاب لها ولكن دون جدوى يبدوا أن کلامها ذاك لم يكن مجرد ساعة غضب
سألت شروق إن قامت ليان بزيارتها أو طلبت منها شيئا ولكن جوابها كان النفي كما توقعت
فتلك الفتاة عزيزة نفس ولن ترضي بذلك خطرت ببالي فكرة مجنونة ونفذتها علي الفور وبدأت
بمراقبتها وهي تجول الأماكن بحثا عن عمل وتأخذ مشغولاتها اليدوية للمحلات لعرضها
عليهم هل ترضي بكل هذا التعب علي أن تعود للشرکة غريب أمرها حقا , شعرت بخيبة أمل
حين اکتشفت أمري وأنني أراقبها أوقات خروجي من العمل ولكن يبدوا أن الأمر جاء بنتيجة
فقد کفرت عن البعض من ذنبي وساعدتها قليلا
ذهبت اليوم محاولا إقناعها بالعودة لعملها تقابلنا عند منتصف الشارع ويبدوا أنها كانت مغادرة
لمكان ما حاولت إقناعها أن تعود للشرکة ولكن دون نتيجة کتبت لها
( هل يعجبك أن تبقي هكذا )
كتبت لي ( هوا أشرف لي ألف مرة )
کتبت لها ( عودي وإن تم مضايقتك ثانيتا فارحلي )
أومأت برأسها رفضا يا لها من عنيدة هل تلتصق في الفقر هكذا , تنهدت بضيق ونظرت
لها فوجدتها تنظر بحدة لشخص ما يبدوا أنه خلفي التفتت فكان کما توقعت شاب علي ملامحه
الغضب هل هوا شقيقها الآخر يا تري
قالت ليان بحدة " ماذا تريد "
نظر لي من أعلي لأسفل ثم قال بابتسامة جانبية " أريد ما يريده هذا الشاب "
صرخت به ليان " لا شأن لك به و بي إنه يعمل معي بالشرکة کما أنه أخرس فهوا ليس من نوعك المتدني "
امسك ذراعها بغيظ وقال " أتدعين العفة وترفضي التحدث معي وتسمحي لهذا , أنا الأولي باللهو معي منه يا
رخيصة "
أمسكت بذراعها وسحبتها منه ونظرت له بغل وقبضت يدي الأخرى ولكمته بها حتى هوي أرضا وكنت سألقنه
درسا غير أن ليان منعتي فوقف وصرخ قائلا
" حسابي ليس معك يا ليان حسابي مع إخوتك "
صرخت به قائلة " لن أتزوج بك يا شاهد ولو قتلوني "
قال بابتسامة سخرية " ومن قال أني لازلت أريد زوجة من أمثالك رخيصة تصادق الرجال ولكن عليك دفع
ثمن کل مليم دفعته لأخوتك إرضاء لهم ليرضوا بي وأنا أعلم جيدا کيف آخذه منك فلينفعك أخرسك هذا "
ثم غادر غاضبا , وضعت ليان يدها على رأسها وقالت " وكأنه ينقصني مصائب ما الذي ينوي فعله بي "
تنهدت بضيق فأنا من يعلم جيدا ما ينوي كتبت لها ( أنا آسف كل مشاكلك بسببي )
ابتسمت بحزن وكتبت ( لا ليست بسببك فلست من حرض أخوتي ولست من طردني من عملي ولا
من تطاول بلسانه علي )
بل أنا السبب حتى هذه اللحظة أنا السبب , كتبت لها
( خذي حذرك منه يا ليان يبدوا لي رجلا سيئا ولا تفتحي باب بيتك لأي كان )
ابتسمت وقالت " ليث الجميع مثلك يا وسيم ما نفع ألسنتهم التي أنت أحق بها "
كتبت لي ( شكرا لاهتمامك وأعتذر عن كل ما سببته لك من مشكلات ) ثم غادرت بحزن
عليا إصلاح ما أفسدته , هي تراني نذير خير ولست سوى نذير شؤم حل بشؤمه عليها , عليا أن
أزور صديقي الوحيد هنا لمساعدتي يجب أن أحمي هذه الفتاة فلن يرتاح ضميري لو تسببت لها بأذى























بحر










وحدي بين الجميع من تحولت حياته لجحيم فلم أجد حلا لي سوى الهروب الدائم ومنذ أشهر وأنا
أتجنب البقاء رغم مرارة البعد فلم يعد بإمكاني احتمال رؤيتها وزبير يتبادلان الحديث والضحك ووحدي
من يبكي على مواجعه هناك , أبتعد وأبتعد لأعود متلهفا لرؤيتها رغما عني فيصفعانني بكف الواقع المرير
الذي أحاول تجاهله دائما , دخلت القصر بعد منتصف الليل كعادتي والكل نيام توجهت للمطبخ فاكتشفت
بأنه قد خانتني توقعاتي فوجدت حور هناك نظرت لي ونظرت لها في صمت موحش ونظراتنا تتحدث
بألم ولهفة وشوق لا بل بتعاسة وحرقة وخيبة أمل
بعد وقت طويل من لقاء العينين قلت بهدوء يشبه الهمس " خائنة "
امتلأت عينا حور بالدموع حينها وعلى الفور وكأنها كانت تنتظر الإشارة للخروج ثم ابتسمت بحزن وقالت
" نعم معك حق فأنا من رحلت وتركتك وأنا من لم تكلف نفسها عناء أخبارك أنها لن تعود لكي تتوقف عن
انتظاري بالسنين بل أنا من حكمت عليك بالموت حين علمتُ أنك ستكون لغيري ووقفت أتفرج "
ابتسمتُ بسخرية وقلت " لا داعي لأن تلقي بلومك علي لتبرئي نفسك قولي أنك سعيدة بحياتك مع غيري "
صرخت قائلة ببكاء " لا يلزمني أن أبرأ نفسي أمامك ولا لأشرح شيئا فلم تأتي أنت منذ سنين إلي لتشرح لي
سبب خذلانك لي , أرحمني من عذابي يا بحر يكفي معاملتك القاسية لي وكأنني السبب بكل شيء وهجرانك
للقصر لأنني فيه وكأني صرت وباء تخشى الاقتراب منه "
قلت بألم " لم أحتمل لا يمكنني احتمال رؤيتك تتبادلين الضحكات والأحاديث مع شقيقي , أنا بشر يا حور بشر
ولست جثة ميتة لا تشعر "
قالت ببكاء أكثر " وأنا ماذا حجر , أنا أيضا اشعر وأتعذب فلست وحدك من تعاني فتوقف عن لومي واتهامي
أعدك أنني لن أترك جناحي طوال فترة بقائك هنا ولكن توقف عن معاملتي بهذا الشكل "
ضغطت قبضة يداي بقوة وقلت بأسى " يكفي بكاء يا حور يكفي "
قالت بألم " لا ليس يكفي فليس لي إلا البكاء أبكي وحدي كل ليلة ولا أحد يمسح لي دموعي ويواسيني
لا أم لا أب ولا عائلة ولا أهل ولا حتى زوج , ليس لي إلا الجدران والأشباح والظلام وبعد كل هذا أكون
الخائنة , ما ذنبي إن تزوجني شقيقك إن زوجوني به الأموات ليرسلوا روحي معهم حيث ذهبوا وأعيش
بجسد وروح ميتة , يكفيني ما خسرت حتى الآن يا بحر أرجوك "
توجهت ناحيتها قربت ظهر أصابعي ومسحت دموعها ثم لففت يدي حول رأسها وشددتها لحظني بقوة
وشددت بقبضة يدي على ثيابها بكل قواي وكأني أعصر ألم السنين ووجع اليوم والأمس شددتها لصدري
بكل قوة وكأني أريد سجنها فيه لتموت شهقاتها هنا وتختفي ولا أسمعها , طوقتها بيدي الأخرى وقلت
بهمس متألم " أخبريني ما العمل يا حور ما العمل "
قالت بوجع " لماذا يحدث معي كل هذا لماذا أنا لست لك أنت ... لماذا "
قلت بحسرة " لأنني غبي ولا أستحقك ولأنني أبن جابر ولست ابن شامخ لأنه ليس لي إلا العذاب
والحرمان والألم "
ابتعدت عني وركضت مسرعة خارج المطبخ واختفت عن ناظري ككل مرة ولكنها تركت ما لم تتركه
في كل المرات تركت ألما في قلبي ونارا تشتعل وسط ضلوعي وعينان تسكب دموعا ليس لها غيرها
فخرجت من القصر أتعثر حتى بحبات الغبار ركبت سيارتي وغادرت إلى حيث قد لا أعود




















حور










خرجت مسرعة من ذاك المكان لا بل هربت من حضنه قبل أن أتهور وأطاوع رغبتي في أن ألف
يداي حول جسده وأشد من احتضانه أكثر من شده لي دخلت غرفتي وبكيت بصراخ وبألم بكيت ما ضاع
مني ولن يعود بكيت هروبي من حضنه وأنا أحوج البشر إليه سمعت طرقا على الباب وصوت زبير يناديني
فصرخت بألم " دعوني وحدي أتركوني وشأني "
وصلني صوته غاضبا " أفتحي الباب يا حور وإلا كسرته الآن "
وقفت وتوجهت جهة الباب وصرخت غاضبة
" أعيدوني من حيث جئتم بي أتركوني أعيش في سلام لماذا أحضرتموني إلى هنا لماذا "
ثم التصقت بالباب وقلت بأسى " أكرهك يا والدي أكرهك يا عمي شامخ أكرههم لقد دمروني "
قال زبير بهدوء " حور افتحي الباب أرجوك هيا "
فتحت الباب وشعرت بأنني أبتعد عن كل شيء أمسكت الباب بقوة ورأيت يده تمتد لي ثم ابتعد كل شيء
وأظلمت الصورة أمام عيني ولم أشعر بنفسي إلا على سريري ولم تكن تلك البداية فقد لازمت السرير من
جديد لعدة أيام ولم أعلم عن بحر إلا أنه تم إيقافه بمركز الشرطة ولم أستطع السؤال عن التفاصيل فلا
يحق لي ذلك ولا حجة لدي

























زبير







عادت أحوال حور الصحية للتدهور من جديد لقد أغمي عليها وهي طريحة الفراش من حينها بكائها
لم يكن طبيعيا قبلها , هذه الفتاة إما سوف تجن قريبا أو ستموت ليته بإمكاني خرق تلك الوصية
" مرحبا بالأخ العزيز "
وقفت ملتفتا للوراء حيث صاحب الصوت وصافحته بقوة قائلا
" مرحبا صهيب أين أنت يا رجل فلم نعد نراك "
قال مغادرا حيث مكتب والدي " جئت لبعض الوقت وسأغادر هل تأتي معي "
ضحكت وقلت وأنا أتبعة " وهل أفوت شيئا يعكر المزاج كهذا "
دخلنا الغرفة حيث كان جدي وأعمامي وغيث وها هي تكتمل بوجود صهيب والحرب ستكون
ضروسا بالتأكيد وما إن دخلنا حتى قال عمي عصام " ها قد شرفتنا برؤيتك أخيرا "
قال صهيب بابتسامة سخرية " حضوري من عدمه لن يغير في رأيي شيئا "
قال عمي عاصم " عليك إيقاف هذه المهزلة يا صهيب سندفع ثمن الفدية وينتهي الأمر "
جلس صهيب وقال ببرود " والشروط "
قال عمي جسار بغيض " أخبرنا أخوتك سابقا أنه لا حق لها لدينا فقد أخذ والدها حقه "
صرخ صهيب " والدها يسمى شقيقكم فالأولى بك أن تقول أخي والحق حقها أحببت أم كرهت وعمي
نبيل لم يأخذ شيئا وبراءته ستظهر وعليكم تدارك الأمر قبل فوات الأوان "
صرخ عمي جسار قائلا " أحترم أعمامك أو من هم أكبر منك إن كنت لا ترانا أعماما لو كان والدك
على قيد الحياة ما تركك تفعل هذا "
ضحك صهيب وقال " والدي , ومنذ متى أحببتموه وقدرتم قدره ليفعل ذلك "
قال حينها جدي بحدة " صهيب يكفي الآن هل ستدفع لهم الفدية أم لا "
قال صهيب ببرود " قبل الشروط ... لا "
وقف حينها جدي وقال " إذا ما من داعي لبقائي "
وخرج مغادرا ثم وقف عمي جسار قائلا
" ستندم يا صهيب وقت لن ينفعك الندم فأنت تلعب بسمعة الفتاة قبل سمعة العائلة "
ابتسم صهيب بسخرية وقال " لو مس سمعة الفتاة شيء فستكون زوجتي في اليوم التالي أي أنها لن
تخسر شيئا "
نظر له بصدمة كحال الجميع ثم قال " وبنات عمك وسمعة العائلة "
قال صهيب ببرود " فليفكر بهم والدهم لو كانوا يهمونه وفكروا بسمعتكم لو كانت تهمكم أما أنا فالفتاة
وحدها مسئوليتي "
صرخ عمي عاصم " هل ابنة الغرب والله وحده يعلم من تكون هي ابنة عمك ومسئوليتك وبناتي الشريفات
لا تهتم لأمرهم هل على هذا رباك والدك "
حينها ثار صهيب كالبركان وقال
" لو لم يهتم والدهم لأمرهم فللجحيم والفتاة أشرف وأنزه منك ومنهم "
رفع حينها يده فأمسكها صهيب وقال بغيض
" زمن الضرب والمهانة قد ولى يا عمي العزيز فلم نعد صغارا ولا تعتقد أن الأطفال ينسوا طفولتهم "
سحب عمي يده منه ثم قال
" إن كان شقيقك الأكبر يجلس كالجبل ولا يردعك فما من رادع لك ولكن لعلمك ستدفع الثمن غاليا يا صهيب "
ابتسم صهيب بسخرية وقال " ليس بيني وبينك مال لأختلسه وترميني في السجن "
خرج حينها كليهما فنظرت لغيث وقلت " غريب لما كل هذا الصمت "
قال غيث " وما الغريب فلو للفتاة حق فعليه أن يظهر فقد يكون عمي نبيل بريئا وسيكون لها حقها لدينا جميعا "
قلت بحدة " ولكن قد يؤذوا شقيقك ولن ينفع الندم حينها يا غيث "
خرج صهيب قائلا " هذه الزيارة قد انتهت فليس لها نفع على ما يبدوا ولوا غيروا رأيهم فليتصلوا بي "
تنهدت بضيق وقلت " كل ما أخشاه أن تتعقد الأمور أكثر "
نظر لي غيث وقال " هل ستتعقد أكثر من ذلك , أخبرني كيف هي زوجتك "
قلت ببرود " لازالت على حالها قد آخذها لبيت عمها لبعض الوقت ما أن تتحسن "
قال بحيرة " هل الأمور سيئة بينكما لهذا الحد "
قلت بهدوء " لا أعلم أنا لا أقسوا عليها كما ترى ولكن ثمة أمر يخصها هوا سبب ما هي فيه وأنت
تعلم كيف تزوجنا "
نظر لي مطولا بصمت ثم قال " هل تعني أنها كانت تريد شخصا "
قلت ببرود " لا أستبعد ذلك , أخبرني أنت ما هي أمورك مع رنيم "
قال ببرود " لا أعلم ما أقول "
نظرت له بحيرة وقلت " كنت دائما تعلم بما تجيب فما تغير الآن "
اكتفى بالصمت فلم أحب الضغط عليه أكثر فقلت مغادرا
" جرب أن تنظر للموضوع من جانب آخر فقد يكون مختلفا "
خرجت خارجا ورأيت ما لم تتمنى عيني رؤيته لا بل سمعت ما تمنيت أن أصم قبل سماعه
فقلت بصدمة " زمرد " فنظرت لي بضيق ثم غادرت
التفت لي صهيب وقال " جيد أنك جئت لإنقاذها مني لأني كنت سألكمها بعد قليل , يبدوا أن نظرة
والدتي لم تخب أبدا "
ثم انصرف وتركني واقفا كالتمثال











غيث















منذ تلك الليلة و رنيم تحول مزاجها لبراكين طوال الوقت , وكأن ما حدث كان ما فجر كل تلك البرودة
التي تسد فوهته وأصبحت متضايقة دائما ولكن الغريب أنني لم أكن مستمتعا بذلك وهذا ما لم أتوقعه
وصرت من يتعمد تجنب الاحتكاك بها كي لا نثير المشكلات بعد أن كان ما يجري هوا العكس وعدت
للنوم في جناحي بالطبع
لو فقط تتغير نظرتي للنساء لعل حياتي تتبدل ولكن كيف أنسى كل ذلك كيف إنه يعشش برأسي حتى
أنني كلما رأيت رنيم شاردة الذهن فكرت أنها تخونني بتفكيرها وكلما غابت قليلا أول ما أفكر فيه أنها
مع أحد ما
" غيث هل تأخذني للسوق "
كان هذا صوت أمي الذي عاد بي للواقع فقلت بهدوء " حسننا "
فأنا أعلم جيدا أن والدتي لا تذهب إلا لحاجة وليس للتسكع فقط ثم أضافت قائلة
" وأريد لرنيم أن تذهب معي "
نظرت لها باستغراب وقلت " هل طلبت هي ذلك "
قالت نافية " لا أنا من يريد ذلك "
قلت بضيق " لماذا إذا وأنتي تعلمي أني أمانع "
قالت بضيق " لأن الفتاة لم تخرج منذ شهور عديدة بل منذ تزوجتم هي بشر وتحتاج لأن تخرج
وتشتري ما يلزمها , لو أفهم فقط ما تنوي وشقيقك فعله باليتيمتين "
ثم تنهدت بحزن وقالت " ظن شامخ أنه يفعل خيرا بتزويجهما بكما ولكنه أخطئ خطأً كبيرا جدا "
قلت بضيق " هل ستكونين في صفهم علينا نحن أبناءك فحتى إن استثنيتني أنا فزبير ابنك "
قالت بحدة " لا فرق عندي بينك وبينه يا غيث أنت أبني وهوا أبني وزوجاتكم في مقام بناتي والظلم
لا يرضاه أحد "
قلت بنفاذ صبر " حسننا من أجلك هذه المرة فقط لكن لا تلوميني على ما قد يحدث "
تأففت ووقفت مغادرة فقلت " أنتظركما في السيارة فلا تتأخري "
جلست في السيارة أفكر بما قاله زبير( انظر للموضوع من جانب آخر فقد يكون مختلفا ) أعلم أنه
لا حل لذلك ولا أعرف لما ورطني والدي في هذا , بعد لحظات جاءت والدتي ركبت السيارة فقلت
" أين هي رنيم "
تنهدت وقالت " رفضت المجيء "
لقد فعلت خيرا وجنبتنا مشاكل نحن في غنى عنها انطلقت بالسيارة فنظرت لي والدتي وقالت
" غيث عليكما أن تجدا حلا لهذا يجب أن تغيرا من طريقة تفكيركم وإن كانت رنيم لا تزال صغيرة
فأنت شاب ناضج وتعلم أن ما يحدث بينكم لن يأتي بنتيجة "
قلت ببرود " أنا لم أطلب زوجة ولم أرد ذلك فلا يلمني أحد على هذا "
تنهدت وقالت " والنهاية "
قلت بهدوء " كلن في حال سبيله "
قالت بصدمة " تطلقها "
قلت بحدة " لكي أرتاح وترتاح هي , لأرحمها مني يا أمي فكلما استمرت معي كلما كانت
في جحيم أكبر "
قالت أمي بأسى " وما ذنبها هي يا غيث إنها ضحية مثلك "
قلت بغضب خرجت فيه عن السيطرة " إنهن خائنات كلهن هكذا ولا تستحق إلا هذا "
هزت رأسها بيأس وقالت " أخشى أن تندم وقت لن ينفع الندم "
ثم عدنا للصمت فلا حل لدي سواه حاليا
عند المساء صعدت رنيم فصعدت خلفها متوجهين لجناحينا وعندما وصلت جناحها ناديتها
" رنيم "
التفتت إليا في صمت فقلت ببرود " يمكنك النوم في جناحنا فما من داعي لتعيشي هناك "
أشاحت بوجهها عني وقالت " وما الذي تغير في الأمر "
قلت بهدوء " لم يتغير شيء ولكن قد يحدث ذلك مع الوقت "
نظرت لي وابتسمت بسخرية وقالت " ونظرتك لي كإحدى النساء "
قلت بعد صمت " قد تتغير أيضا ولكن ليس الآن "
قالت وهي تفتح باب جناحها وتدخل " إذا لا فائدة من شيء والخائنة ستبقى خائنة "
ثم أغلقت الباب بقوة تنهدت بضيق ودخلت جناحي , هي تعلم كما أعلم جيدا أن الأمر سيفشل وبعد الآن
عليها ألا تلقي باللوم علي





























الجزء الثامن عشر







ليان









بعد عدة أيام سمعت طرقا قويا على باب المنزل وقفت خلفه وقلت " من هناك "
فلم يجب أحد بل عاد للطرق من جديد ولكني بعد ما حدث لي مع شاهد لم أعد أفتح الباب فقلت
بصوت أعلى " أجب من أنت أو لن أفتح "
نظرت تحت الباب فكانت هناك أصابع تحشر ورقة من تحته فعرفت صاحبها أصابع بيضاء جدا ونظيفة
ومقصوصة الأظافر بعناية ونظيفة أيضا إنه وسيم بلا شك فتحت الورقة فكان فيها
( أنا وسيم إن كنتي في الداخل فافتحي لي )
فتحت الباب ونظرت له بابتسامة فقد أصبح هذا الشاب ندير خير بالنسبة لي أشار بأصبعه للبيت المجاور
للبيت المقابل لبيتنا ثم كتب لي في دفتره
( كنت ابحث عن منزل للإيجار منذ مدة وقد تحصلت على واحد هنا إن احتجت أي شيء فلا تترددي في طلبه )
ابتسمت وتنهدت براحة وقلت " هل أصبحت جارا لنا يا وسيم الحمد لله على الأقل سأشعر ببعض الأمان بقربك
وإن كنت لا تسمع ما قد يجري "
أخرج هاتفا محمولا صغيرا من جيبه ومده لي مع الدفتر المكتوب فيه
( خبئي هذا لديك فيه رقم هاتفي اتصلي عند الخطر سأرى الرقم وأحضر حالا عديني بذلك يا ليان )
ابتسمت وكتبت له ( أعدك يا وسيم أنت رحمة الله لي من السماء )
ثم مد لي بكيس كبير مليء بالخضار والفواكه فأومأت رافضة وقلت
" غير ممكن فأنا هيا ليان ولن أتغير ولن أقبل شيئا ولو مت جوعا "
كتب لي في الورقة ( سأغضب منك إن لم تأخذيها اعتبريها هدية من جار جديد لكم )
كتبت له ( ستكون هذه الأخيرة فهي ليست الأولى اتفقنا )
ابتسم وأومأ برأسه موافقا أخذت الكيس وشكرته دعوته للدخول ولكنه رفض
سأتصرف فيها ولكن لن آكلها لا أستطيع قبولها ولا أريد رده





















أديم











بعد يومين تحصلت على منزل هوا الأقرب لمنزلها واشتريت لها جهاز هاتف محمول متواضع لأكون
على دراية بما يجري معها , هذه الفتاة ترفض حتى أخذ الحاجيات مني رغم عوزها وقلة مالها فسترفض
أي مساعدة بالتأكيد كنت أتجول طوال الليل في أوقات متفرقة لأراقب منزلها كي لا ينفذ ذلك الحقير
تهديده فقد لاحظت وجوده هنا ليلة الأمس , لم أتوقع أن أصير لما صرت إليه وينتهي بي الأمر بالسكن
هنا رغم أني لا أكون هنا إلا عند المساء حتى الفجر ولكن لم أتخيل يوما هذا , ترى ما تحمله لي الأيام
القادمة من مفاجئات أخرى
عند المساء ذهبت للمنزل دخلت وما إن وصلت للداخل حتى طرق أحدهم الباب توجهت ناحيته
وفتحت وكانت ليان وعمها مدت لي يديها التي تحمل بهما طبقا من الطعام يبدوا أنها أعدته من الخضار
والأرز الذي أحضرتهم لها تلك المرة منذ أيام وأصرت على أن تكون الأخيرة دخلت وجلبت الدفتر وكتبت
( لن أقبلها ما لم تقبلي مساعدتي لك )
ناولتني الطبق وأخذت الدفتر وكتبت ( إنها منك على أي حال سأطهو لك العشاء دائما وسأغسل لك ثيابك
أيضا فقط أعطها لي لقد تحصلت على عمل بسيط فلا تقلق )
كتبت لها ( إن قبلتي حاجياتي أقبل طعامك لنعتبرها تبادل خدمات )
ابتسمت وأومأت برأسها دعوتهما للدخول فرفضت , معها حق فيكفيها ما جاءها مني فقد هجم عليها
شقيقها وضربها بسبب ما قاله له شاهد ولازالت أثار الضرب على وجهها حتى الآن
بعد عدة أيام رن هاتفي فنظرت بصدمة لاسم ليان الظاهر على الشاشة نظرت للساعة فكانت الثانية بعد
منتصف الليل قفزت من السرير واقفا فتحت الخط رغم أنني لن أتحدث ولن تكلمني وخرجت مسرعا
سمعت صوتها تسحب عمها قائلة
" بسرعة يا عمي هيا فقد يكون وسيم نائما ولا يرى اتصالي فهوا لن يسمعه , بسرعة قبل أن يقفز إلى هنا "
ركضت كالمجنون وكنت سأتهور وأصرخ بها سائلا عما يجري لولا أنني رأيت باب بيتها يفتح وما أن رأتني
حتى ابتسمت وركضت ناحيتي وأمسكت يدي قائلة " حمدا لله ظننتك لن تأتي "
لم يكن لدي وقت ولا ورقة لتكتب لي ولأفهم فقد علمت أنه ثمة من يحاول القفز لمنزلها دخلت راكضا
للداخل فوجدت ذلك الحقير شاهد يقفز من السور الخلفي للمنزل سحبته للأسفل وأوسعته ضربا حد الموت
ثم سحبته للخارج ورميت به تحت قدمي ليان المصدومة ثم توجهت لمنزلي جلبت الدفتر والقلم وكتبت لها
كلمتان وأريتها لها ففتحت فمها من شدة الصدمة لما قرأت















جود











( تسير الحياة وتدور عجلة الأيام ولا شيء يتغير سوى أعمارنا وأحياننا أقدارنا , أشياء قد تكون لغيرك
لتتحول إليك وأشياء تكون لك وتراها تهرب لغيرك أمام عينيك وأشياء لم تعد لك ولا تذهب لسواك هي
فقط تسافر مع أمنيات الذين ودعوها بالدموع لأنها لن تتحقق ولن تعود )
أغلقتُ الدفتر وتنهدت بحيرة رن هاتفي فنظرت إليه دون أن امسكه فكان أسم ’ الرجل الكئيب ’ ابتسمت
بعفوية هذا الرجل أصبح جزء من يومي تقريبا قلت بابتسامة " لننظر ما الجديد "
فتحت الخط ففاجئني صوته اليوم كئيبا على غير عادته منذ فترة , فقد بدأت نفسيته تتحسن كثيرا حتى أني
فكرت أن أغير اسمه تنهد بحزن وقال
" لم تعلمي ما حدث معي اليوم بالتأكيد "
كدت أضحك في الهاتف فكيف سأعلم لو لم يخبرني , ثم تنهد من جديد وقال بحزن
" إنها الفتاة التي كنت أحب "
هل تزوجت يا ترى ذلك أفضل إنها لا تستحقه , تابع بعد صمت بذات الحزن
" لقد رأيتها تقف مع أخي بل توقفه هل تعلمي ما تقول له أنا أفهم ما تعنيه بكلماتها جيدا إنها تحاول
استمالته لقد كانت تحاول إيقاعه بشباكها "
ثم تابع بضيق " كيف كنت أحبها طوال تلك السنين ومنذ طفولتي وهي تخدعني وتراني مجرد
فرصة , هي لم تحبني هي كانت تراني أحد أبناء هذه العائلة فقط لا غير هل رأيت كل هذه التعاسة
سمني الرجل التعيس منذ اليوم "
خرجت مني الكلمات مندفعة دون شعور " ولما ذلك كنت سأغير اسمك ولكن ليس لتعيس إنها لا
تستحقك يا هذا لا تستحق منك أن تهدر اتجاهها كل تلك المشاعر انظر إليها كيف تُغير أهدافها لما يتماشى
مع رغباتها فغير أنت من حياتك لما فيه تطوير رغباتك واطمح لها لتتغير حياتك "
ثم وضعت يدي على فمي بصدمة , هل جننت أنا أم ماذا ما إن ذكر تلك الحمقاء التي أضاع عمره من
أجلها حتى طارت الكلمات من جوفي , لاذ بالصمت ولم أعد استمع إلا لأنفاسه وأنا لازلت تحت تأثير
الصدمة وما هي إلا أجزاء من الثانية حتى سمعت صرخة أمي فصرخت بدوري والهاتف بيدي
" أميييييييييييي "
ورميت الهاتف وركضت كالمجنونة وجدتها مرمية على الأرض وكما توقعتم تماما والدي خارج
من المنزل ركضت للأسفل بسرعة فصرختها لم تكن طبيعية توجهت ناحيتها أمسكتها بين يداي فكانت
غائبة عن الوعي تماما هززتها مرارا ولم تستجب دخل حينها بحر وكان وجهه تعيسا ويبدوا عليه التعب
والضيق والحزن وحتى الإحباط كلها معا صرخت قائلة
" أمي يا بحر لقد قتلها إنها لا تتحرك "
خرج خلفه صارخا " سأريك يا جابر ستدفع ثمن كل تلك السنين "
ركضت اتجاهه لأمنعه فهوا على غير وعيه وعادته الهادئة ولكني لم أدركه عدت لوالدتي وقمت
بإسعافها واستفاقت أخيرا نقلتها لحجرتها وجلست بجانبها أبكي حياتي وحياتها وبحر الذي منذ خرج قبل
ساعتين لم يعد , صعدت لغرفتي لأتصل به فوجدت عدد خيالي من المكالمات وكلها من ’ الرجل الكئيب ’
ورسالة كتب فيها ( ماذا حدث معك يا صديقتي لقد شغلتني )
تجاهلته وحاولت الاتصال مرارا ببحر ولكنه لم يجب ثم عاود ذاك الشاب الاتصال من جديد ترددت كثيرا
ثم فتحت الخط فجاءني صوته مباشرة " أين أنتي لما لا تجيبي ما حدث لوالدتك هل أنتم بخير "
قلت ببكاء " لا لسنا بخير "
ثم أغلقت الخط ونزلت للأسفل مسرعة لسماعي جرس الباب فكان جارنا يخبرني أن أخي بحر موقوف بمركز
الشرطة لتشاجره مع أحد رفاق والدي بل أحد شلته الفاسدة


























ميس















بعد أيام عاد المسمى ابن عمي جالبا معه كيس من الطعام بل أكياس من الأطعمة
قلت بحدة " ما كل هذا الطعام هل ستقيم حفلا "
قال بابتسامة " هل هكذا تستقبلين الضيوف عادتا "
قلت بضيق " عندما يكون هذا منزلي تكون أنت ضيفي ولو كان كذلك ما كنت استقبلتك فيه "
تجاهل ما قلت وقال بهدوء وهوا يضع الأكياس على الطاولة " هذا الطعام لك ولي أنا جائع ولم آكل شيئا "
قلت ببرود " كله أنت فأنا لا أريد تم هوا يوشك أن يكفيك وحدك "
ضحك وقال " أجل فالعملاق عليه تناول الكثير "
نظرت له بضيق وقلت " هل لي أن أعلم لما أنت مبسوط بما تفعل كل هذا الانبساط , أخرجني من هنا هيا "
قال وهوا يضع الطعام في الأطباق " تعالي وتناولي الطعام "
قلت بغيض أكبر " هلا شرحت لي ما يجري الآن "
قال بهدوء " أضع الطعام في الأطباق وأدعوك لتناوله "
صرخت وأنا أضرب بقدمي على الأرض وقلت " صهيييييب "
نظر لي في صمت نظرة لم أفهم مغزاها ثم قال بهدوء " نعم يا ميس "
قلت بهدوء مماثل " لما فعلت كل ذلك لما أحضرتني إلى هنا "
شتت نظره على الأطباق أمامه ثم قال " أخبرتك أن والدي كلفني بالمهمة "
قلت بضجر " ومتى ستنتهي "
نظر لي وقال " ليس بعد "
تنهدت بضيق وقلت " ولما تفعل كل هذا لما كلفك باختطافي "
سكت قليلا ثم قال " هوا لم يكلفني باختطافك "
قلت بحدة " وبما إذا "
تنهد وقال " تعالي تناولي الطعام وسنتحدث "
قلت بغيض " هل تراني طفلة تتحايل علي في كل مرة لآكل , ثم أنا لست زوجتك تفرش
الطاولة وأجلس أمامك نتبادل الأحاديث "
قال مبتسما " لو كنتي زوجتي لكنت علمت كيف أجعلك تأكلي "
قلت بغيظ " ما تعنيه بما تقول "
قال بضيق " أعني تعالي لتأكلي ولا تتعبيني معك أكثر يا ميس "
قلت ببرود " أنت من جلب لنفسه التعب أتركني أرحل وسترتاح "
نظر لي بحدة وقال بغضب " ميس أنتي لم تري وجهي الحقيقي بعد أنا أحاول جاهدا التعامل معك بلين "
قلت بصراخ غاضب " لا تصرخ بي هكذا "
قال بحدة " تعالي وتناولي طعامك "
قلت ببرود " وتخبرني لما أتيت بي إلى هنا "
تأفف وقال " تعالي كلي وسأخبرك "
قلت بضيق " لا تتأفف مني يا صهيب "
نظر للأسفل ثم نظر لي وابتسم فقلت وأنا أتوجه نحو الطاولة
" لو أعرف فقط ما الذي يجعل مزاجك يتغير فجأة "
وتابعت دون توقف وأنا أجلس " تكون غاضبا تم تبتسم دون سبب وتغضب دون سابق إنذار أنتم الرجال
غريبين حقا يا لكم من معقدين حتى أنكم .... "
رفعت بصري إليه فكان ينظر لي بابتسامة فقلت بضيق " هل لي أن أعلم سبب سعادتك بإغاظتي "
اكتفى بالصمت فنظرت للجانب الأخر بضيق ثم قلت " هل لي أن أعلم لما تضحك علي "
قال بهدوء " ميس هل لي بسؤال "
نظرت له باستغراب وصمت فقال " هل تكرهينني لأني ابن عمك أم لأني اختطفتك وتسببت بكل ما حدث "
قلت بحزن " كرهي لما فعلته بي لا يساوي شيئا أمام كرهي لكم لأنكم عائلة والدي "
بدت على وجهه ملامح غريبة لم أستطع تفسيرها ثم قال " حتى بعد ما قلته لك عن والدي "
ابتسمت بحزن وقلت " لم يمسح ذلك يوما بائسا من حياتي وسبق وقلت لك أنت لم تعش ما عشت فلن
تشعر بما أشعر "
قال بهدوء " ولأجل هذا أحضرتك إلى هنا يا ميس "
نظرت له باستغراب وقلت " لم أفهم "
تنهد وقال " لأن لديك حق وعليك أن تأخذيه "
قلت بهدوء " حق ...... أنا لا أريد منكم شيئا "
قال بضيق " أنا لا أخيرك أنا ..... "
قاطعته بحدة " تجبرني أليس كذلك "
ثم قلت بغضب ودموعي بدأت بالنزول " أنا لا أريد شيئا قد حرمتم منه والدي , والدي الذي أفنى عمره
يعمل في سكك الحديد , أين كان مالكم آن ذاك بل أين كان وأنا ووالدتي لا نجد عشاء ليلة , بل أين كنتم وأنا
أعمل في تنظيف النوادي الرياضية لأكمل دراستي وأجلب دواء والدتي وجئت أنت لتزيد الأمر سوءا وتدعي
أنك ترجع لي حقي أي حق هذا بالله عليك , وتسألني الآن لما أكرهكم ولما لا أريد منكم شيئا بل تغضب وتستاء
لما قلت لك "
وقف مبتعدا وموليا ظهره لي ثم مرر أصابعه في شعره الكثيف الناعم وكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت لي
وأنا أمسح دموعي وقال " حسننا توقفي عن البكاء يا ميس لن نتحدث مزيدا في الأمر الآن "
وقفت وغادرت المكان دخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفي









صهيب





يبدوا لي أن الأمور تزداد تعقيدا فأعمامي على موقفهم , وميس وآه من ميس لا تتناول الطعام إلا بالحيلة وتنفث
نيران غضبها كلها بي , خرجت من المنزل في حيرة من أمري ومن مشاعري لما أجد نفسي هادئا أمامها
وانتظر بلهفة أن تناديني باسمي وكم يسعدني ذلك , دموعها كانت كالحريق في صدري
لا تقلها يا صهيب لا تقل ذلك .... رفعت هاتفي واتصلت ببحر أجاب من فوره قائلا
" ماذا هناك هل بك مكروه "
قلت بابتسامة " وهل اتصل إلا لمكروه "
ضحك ضحكته الهادئة وقال
" لا ولكنك لا ترد على اتصالاتنا فأن تتصل بي بنفسك يعني مكروها قد حدث "
تنهدت وقلت بهدوء " بحر هل لي بسؤال "
قال بحيرة " سؤال عن ماذا "
قلت بذات الهدوء " ما الذي تشعر به حين تناديك حور باسمك "
ضحك ضحكة خفيفة وقال " هل وقعت يا شقيقي "
قلت بضيق " بحر لا تجعلني أندم لسؤالي لك "
قال بحزن " تشعر أنك لأول مرة تسمعه وكأنه ليس أسمك الذي يناديك به الجمع يبدوا مختلفا ورائعا "
ثم قلت " وبكاءها "
تابع بذات النبرة " إنها نار تحرق أحشائك يا صهيب وفكرة واحدة مجنونة تسيطر عليك حينها وهي أن
تضمها لصدرك بقوة وتخفي دموعها هناك "
تنهدت بضيق وقلت " إذا هوا الشعور ذاته "
قال باستغراب " عن أي شعور تتحدث ما قصتك يا صهيب "
قلت بهدوء " سنتحدث فيما بعد يا بحر وداعا الآن "
ركبت سيارتي وانطلقت لا أدري إلى أين , أيعقل أن تحبها يا صهيب لا لا لا قد تكون مجرد شفقة لحالها
أو .. أو ماذا يا صهيب ماذا هيا ابحث عن مبرر أخر يقنعك إنها تكرهك تكرهك حد الموت عليك أن لا
تنسى ذلك
بعد مرور أيام وقفت على محل لبيع المجلات وصعقت من الخبر الذي غزا كل الصحف الجديدة
المعلقة هناك
( اختطاف الفتاة ميس ابنة عائلة آل يعقوب المعروفة )
( تُختطف في ظروف غامضة ابنة عائلة آل يعقوب )
( ميس نبيل آل يعقوب مختطفة منذ أشهر والخاطفون مجهولون الهوية )
أمسكت الجريدة ونظرت لها عن قرب وكأني أريد تكذيب عيني ثم رميتها أرضا وبدأت بسحبهم
جميعا واحدة بعد الأخرى ورميهم على الأرض وأنا أدوسهم بغضب
" سحقا من فعل ذلك ... تبا لكم تبا "
حاول صاحب المحل إيقافي فرميت له نقوده وأخذت واحدة وركبت سيارتي وقدت كالمجنون
من فعل ذلك من , جهاد في السجن وحامد غادر البلاد ويستحيل أن يفعلها أخوتي لن يضروا بسمعة
الفتاة أنا أعرفهم جيدا و أعمامي ليس من مصلحتهم فعل ذلك , ضربت على يد المقود بقوة وأنا اردد
بغضب " تبا لك يا صهيب أنت لم تجلب لها إلا المتاعب لقد أفلحت حقا فيما أوصاك والدك "
توجهت إلى حيث سجنتها دون منفعة أو نتيجة دخلت وضربت الباب بكل قوتي فوجدتها واقفة عند
باب الغرفة تنظر لي في حيرة من ملامحي ثم قالت بهدوء " ما بك ماذا حدث "
تنهدت بضيق ورميت بالجريدة على الطاولة اقتربت وأمسكت بها نظرت لها مطولا ثم لي وقالت
" ما هذا الذي هنا "
قلت بغيض وأنا اضرب بقدمي على الكرسي " من فعل ذلك سحقا لهم "
قالت بحدة " ولما تصرخ بي ما ذنبي أنا أم أنك ستأخذني للطبيبة من جديد فلا حل لديك سواه "
صرخت بها قائلا " ميس لا تزيديني هما فوق همي هل تسمعي "
قالت بغضب " هذا حصاد أفعالك هل رأيت ما آلت إليه الأمور أخبرتك منذ البداية أن تدعني وشأني "
توجهت ناحيتها أمسكتها من ذراعها وقلت بغيض " ميس توقفي عن ذلك فأنت لم تعرفي غضبي بعد "
ثم ابتعدت عنها موليا ظهري لها تنفست بقوة عدة مرات وقلت بكل ما استطعت جلبه من هدوء
" سنتزوج في الغد "
شهقت بقوة ثم قالت " ماذا !!! بما تهدي أنت , هل تحل كل مشاكلك بمشاكل أكبر منها "
نظرت لها وقلت " هذا آخر ما لدي ولا نقاش في الأمر "
ثم خرجت تاركا إياها في صدمة عجزت معها عن الكلام , أعلم أن هذا الأمر لن توافقني عليه ولو قتلتها
ولكن أنا من أفسد الأمور وأنا من يصلحها , رفعت هاتفي واتصلت أولا بأم ميس ثم بغيث الذي أجاب من
فوره قائلا " هل من جديد يا سبب المشكلات "
قلت بضيق " الخبر وصل للجرائد إنه في كل مكان من فعل ذلك "
قال بضيق أكبر " نعم علمت واسأل نفسك قبل أن تسألني عن الفاعل أجلب الفتاة يا صهيب فقد انتهى كل شيء "
صرخت بغضب " كيف انتهى وحق الفتاة وعمي "
تنهد بضيق ثم قال بهدوء " أجلبها يا صهيب ثم نرى ما سنفعل "
قلت بحدة " ليس قبل أن أعقد عليها "
قال بصراخ مجنون " هل أصاب عقلك شيء لا تتهور يا صهيب "
قلت " تهورت في كل شيء فلأكمل ما بدأت به "
قال بذات النبرة " فلنعلم أولا ما حدث للفتاة ثم .... "
قلت بغضب " لم يحدث معها شيء واترك الموضوع لي "
قال بهدوء " صهيب هل الفتاة لديك أنت "
قلت بعد صمت " نعم "
قال بحدة " مجنون "
ثم أضاف " وهل توافق هي على ذلك "
قلت بهدوء " هي تكرهنا كرها جنونيا وبدون استثناء "
قال بحدة " وكيف ستتزوجها إذا "
قلت ببرود " رغما عنها لن أسمح للألسن أن تتقاذفها بسببي "
قال بحدة " وهل تراه حلا مناسبا ستدمر حياتك وحياتها "
قلت بعد صمت " ولكني أريدها زوجة لي "
صرخ بغضب " ولكنها لا تريد أليس كذلك فما ستجنيه غير التعب , ثم أين وليها هناك "
سحقا فآتتني هذه تنهدت بضيق ثم قلت
" غيث نحن قادمان في الغد وما قلته سأنفذه ولن أترك من فعل ذلك يهنأ به "
ثم أغلقت الخط ولم أترك له أي مجال للرد وضربت على المقود للمرة العاشرة وعدت لميس من جديد

























بحر











لقد كرهت بث همومي حتى للبحر وما عاد وجودي عند شاطئه يواسيني فقد أصبح يذكرني بحزني
وبألم السنين , فكل تلك الأوجاع التي كنت أرمي بها في حضنه أصبح يرمي بها في وجهي مع زحف
أمواجه , ولكن من لي غيرك يا بحر من لي يسمع ولا يعاتب أو يذكرني بالواقع المرير
لما تحدث معها لما زدت ألمي وألمها وها هي صريعة المرض والتعب بسببي يا بحر , كم أحببتها يا بحر
وخسرت نفسي وخسرتها يا بحر , أخبرني ما العمل فحتى هروبي من هناك ما زادني إلا حنينا وحزنا وألما
وما زادني إسكانها تلك اللحظات في حضني إلا احتراقا ضننا مني أني سأواسي جراحي وجراحها وضننا مني
أني بذلك سأعتذر لها عن كل ما فعلت بحقي وحقها لأجد نفسي أرمي بنفسي للهلاك
تنهدت ثم وقفت وغادرت محرقة همومي تاركا خلفي شيء مثله أنا وهوا مثلي يسمونه البحر , ركبت
سيارتي هاربا من مشاكلي لمشاكلي ومن همومي لهمومي لأجد من أنفس فيه غضبي وهوا والدي ذهبت
لحيت يجتمع ورفاقه كالمجنون وقد هاج فيني البحر الذي لم يعرف يوما إلا السكون لأجد أمامي سبب
ضياعه وضياعهم جميعا سبب هلاك كل تلك البيوت التي تعاني كبيت عائلتي فضربته حد الموت حد
الهلاك ونفست فيه عن غضب تلك السنين وكل هموم الماضي و أوجاع الحاضر المؤلمة كنت اركله بقدمي
وقد شل الشرب حركته وأصرخ بألم
" لو لم تكن موجودا لما ضاع والدي لما كنت ابن جابر الذي سقط في أعين الجميع والذي بسببه خسرت أثمن
ما لدي وأغلى ما تمنيت أن أملك ولما عانت عائلتي وحُرمت شقيقتي من أن تكون زوجة وأم ومن أن تنهي
دراستها كمن هم دون ذكاءها لو لم تكن موجودا لما كنت الآن أحترق وما كنت الآن أتعذب ويعاني شقيقاي
ووالدتهم "
كنت أرفعه وأرميه على الأرض حتى تجمعت الناس حولنا ووجدت نفسي في قسم الشرطة
لم أندم لحظة على ما فعلت ولو أعطوني فرصة أخرى لأوسعته ضربا من جديد , وصل المحامي عارف
بعد ساعات فأخبره الضابط بمختصر الحديث
" وكيلك المدعو بحر جابر هذا لا ينطق سوى بجملة واحدة ’ أنا من تهجم عليه ولست مخطئا أو نادما ’ ولا
يريد الإفصاح عن السبب "
ورغم كل المحاولات لم أزد على ما قلت حرفا واحدا فتم إيقافي عدة أيام ثم قام المحامي وإخوتي بإخراجي
ولم أعد من يومها للقصر كي لا أزيد همي وهم من لم أكن يوما إلا سببا لهمومها





























رنيم















لقد أمضيت بضعة أيام هنا عند والدتي مؤكد أنكم استغربتم الأمر , لا لم يطردني غيث ولم نتشاجر وتركت
القصر لقد جلبني إلى هنا بنفسه مؤكد تريدون معرفة التفاصيل
في الآونة الأخيرة أصبح الجو مشحونا جدا والتوتر يزداد ونفسيتي ساءت جدا بعد تلك الليلة وما حدث
فيها وبعد ما خلفته من مشكلات , كنت جالسة منذ أيام عند الشرفة المطلة على الحديقة في هدوء
حزين وصمت فكما أخبرتكم مزاجي أصبح كالبارود كل من اقترب مني انفجر فيه فتجنبت الحديث
مع الجميع حتى مع خالتي , سمعت صوت باب الجناح يفتح ثم توجهت تلك الخطوات الثقيلة التي أعلم
جيدا لمن تكون ووقفت خلفي
قلت بنبرة هادئة دون أن التفت إليه " إن كنت تريد تعكير مزاجي فهوا سيء للغاية من دون عناء فارحمني
أرجوك يا غيث "
تنهد بضيق ثم قال " رنيم هل لنا أن نتحدث "
قلت بهدوء حذر " لا شيء نتحدث عنه فلا تفتح مجالا للشجار "
قال ببرود " هل لي أن أعلم لما كل هذا المزاج السيئ ومنذ ذاك اليوم , رنيم أنتي زوجتي فلا تشعريني
أن ما فعلته جريمة بحقك "
خبأت وجهي تحت ذراعي وأنا متكئة بها على حافة الشرفة وقلت بحزن
" وهل هكذا يأخذ الزوج حقه هل بهذه الطريقة , لو طلبت ذلك ما كنت لأعترض فأنا أعي جيدا أنني
زوجتك وأن علي واجبات سوف أحاسب عليها ولكن ما دفعك يومها لما فعلت لم يكن حقا تطالب به بل
غضبا نفست عنه وحقدا جسدته في الواقع وانتقاما أردت به أن أخسر وقد قلت ذلك بنفسك وفعلت أيضا "
قال بحدة " ولكني لم أرد يوما أن تخسري أو أن انتقم منك لقد كانت كلمات في ساعة غضب "
قلت ببرود " والغاضبون أكثر من يقولون الحقيقة ولا شيء أصدق من كلمات الغضب يا غيث "
قال بضيق " لماذا لا تريدين فهمي إلا كما تحبين أنا لم أرد ذلك اقسم لك فأنتي مثلي حاصرتك وصية
لا مخرج منها "
قلت ببكاء ودموعي وجدت لها مسلكا تعبر منه " لا لست مثلك فلو كان بإمكاني الخلاص دون أن أؤدي
أحدا لذهبت ولو كلفني ذلك أن أنام في الشارع فهوا أفضل مئة مرة من الذل والمهانة التي رايتها منك حاولت
دائما أن أتجنب الشجار معك لتمضي الأيام بيننا بسلام حتى يجد كل منا سبيله ولكنك لم يكن يهنئ لك بال
حتى تغيظني وتتعمد إثارة غضبي والآن لم يعد ما تريد يعجبك أخبرني ما الذي تريده لأفعله يا غيث "
وضع يده على كتفي وقال " توقفي عن البكاء يا رنيم فلن يجدي هذا نفعا ولنتحدث بروية ونتفاهم "
استويت جالسة ومسحت دموعي وقلت " وبما سنتفاهم "
جلس مقابلا لي وقال " نتفاهم على حل ولو لبعض مشاكلنا "
نظرت له بصمت فتابع قائلا " عليك ترك هذا الجناح والنوم في جناحنا أينما أحببتِ بغرفتنا أو بإحدى
الغرف رغم أنني أرى انه ما من داعي لتبتعدي فقد حدث ما حدث وانتهى , وعلى كل واحد منا احترام
الآخر في كل شيء في كلماته وتصرفاته وكل شيء "
قلت بهدوء " والخروج والهاتف والشكوك كلها ما سيحل بها "
نظر للأسفل وقال " اعذريني فذلك خارج عن إرادتي "
تنهدت وقلت " ووالدتي إني أموت شوقا لرؤيتها خدني إليها ولو ليوم واحد وكن معي هناك "
قال بعد صمت " إن كان ذلك فقط فسنجد له حلا "
قلت بصوت هامس " إذا هي هدنة حتى حين "
قال وهوا يقف " نعم حتى تفصل الوصية بيننا أو نجد لنا رأيا آخر "
نظرت له باستغراب فخرج من فوره دون أن يضيف كلمة أخرى وفي مساء ذلك اليوم أخذت حاجياتي
وانتقلت لجناحنا الأصلي بعد ما فكرت في الأمر من كل جوانبه فكانت الهدنة هي الحل الأنسب لكلينا
وقفت في ردهة الجناح في حيرة أين سأنام عليا أن أقرر الآن وبعد تردد توجهت لغرفة النوم فتحت الباب
بهدوء كانت مظلمة تماما سوى من ضوء الابجورة الصغيرة عند الجهة الفارغة من السرير يبدوا أن غيث
تركها متعمدا لأعلم أن هذه الجهة من السرير ستكون الشاغرة في حال قررت النوم هنا فأنا أعرفه جيدا
منذ نام بغرفتي في السابق يحب النوم في الظلام الدامس توجهت ببطء إلى السرير ونمت عليه بهدوء
أطفئت النور ونمت سريعا "
مرت الأيام القليلة التي تليها بسلام كما اتفقنا كل واحد منا يحاول تجنب الآخر قدر الإمكان إلا للضرورة
وبكلمات مختصرة جدا وهدوء تام وجاهدت نفسي أن لا أتحدث معه ببرود كي لا أتسبب بمشكلة جديدة
واستمر الوضع ليلا بتسللي لغرفة النوم لأنام هناك بصمت وهدوء سوى من بعض الكلمات الجانبية
( أوقظيني عند الثامنة , أعطني منديلا لقد انسكب الماء من القارورة , اخفض التدفئة قليلا )
وغيرها من الكلمات المبتورة والنادرة جدا حتى تلك الليلة التي نمت فيها بهدوء كالعادة فشعرت
بيد غيث تتسلل ناحيتي ثم أمسك بذراعي وسحبني نحوه ببطء وصمت كنت أعلم أن هذا سيحدث
وليس لرجل أن يقاوم امرأة تنام معه على سرير واحد مهما كان ما بينهما لم أقاوم سحبه لي فأنا
من قلت ذلك الكلام في الشرفة ولن استطيع فعل النقيض الآن
ولم يقل غيث شيئا سوى أنه همس في أذني قائلا " لا نريد أبناء الآن حتى نرى ما سوف يؤل له الأمر "
لم أتلفظ بأي كلمة وانتهى الأمر في برود وصمت كما في الليالي التي تليها وبعد عدة أيام أخبرني
أنه سيأخذني لوالدتي لم اصدق ما سمعت أذناي سيأخذني لها وسيتركني لأيام معها ووحدي أيضا
لكني لم أظهر تلك الفرحة لأني أعلم إلى أين سيسافر به خياله وقلت بتصنع
" يوما واحدا يكفي لذلك سأعود معك "
قال معترضا " لا لن يكفي لأنك ستحتاجين لمدة طويلة لتزوريها ثانيتا "
قلت بهدوء " لا بأس كما تريد "
ثم صعدت لغرفتنا كالبرق وجهزت ثيابي وسافرنا ذلك اليوم بالطائرة طبعا , النقود تنفع أحيانا كثيرة فما
أسهل السفر الآن عن السيارة لقد كنا عائلة ميسورة الحال نوعا ما فقد ترك لنا والدي بعض الأملاك وزد
عليه الراتب الذي كان يصرفه لنا والدي شامخ
ولكن السفر مجيئا وذهابا سيكون مكلفا جدا بسبب اعتماد الدولة على السياحة والحدود قريبة بعض الشيء فكنا
نستقل السيارة , كانت الرحلة هادئة والصمت سيد المكان طبعا كعادتنا مؤخرا بعد وصولنا ركبنا السيارة
متجهين لمنزل والدتي الذي يكون في المدينة المجاورة وبعد صمت طويل تكلم غيث قائلا
" رنيم ليس علي إعادة ما سأقوله الآن "
قاطعته قائلة بهدوء " أجل أعلم أقسم أنني لن أخرج ولن أتحدث بهاتف والدتي ويمكنك أخذه معك إن أحببت "
قال بحدة " وابن خالتك لن تقابليه أبدا "
تنهدت وقلت " لم أفكر في فعل ذلك من أساسه , غيث اسمعني جيدا اقسم لك برب السموات أنه ليس
بيني وبين ابن خالتي ما تضن ولم نتحدث يوما لوحدنا أو حتى نجلس ولم أفكر يوما بالارتباط به لولا
ظروفي وإلحاح والدتي علي حتى أن والدي شامخ كان يرفض الفكرة في حياته "
نظر لي باستغراب وقال " والدي كان على علم بالأمر "
قلت وأنا أنظر ليداي " نعم وقد ألزم علي أن لا أوافق إلا على من يوافق هوا عليه ورحبت بالفكرة فقد
كان كل همي هي دراستي ولم أكن أفكر في الزواج لا من أدهم ولا غيره كانت كل أحلامي أن أتخرج وأعمل
وأبني مستقبلي وأنضج وتنضج أفكاري قبل أن أفكر في الارتباط بأحد ولكن الله أراد غير ذلك "
قال بهدوء " وبعد وفاة والدي ما كان رأيك "
قلت بعد صمت " لقد كان ثمة اتفاق بيني وبين والدك أن لا أتزوج إلا بعلمه وبمن أراد ولو بعد موته لم
أفهم شيئا من ذلك ولكن حين علمت بالوصية فهمت لما كان يرمي بكلامه لكنني لم أتوقع أن يحدد بمن
أتزوج كنت أتوقع أن يحررني من اتفاقنا فقط ولم يخطر ذلك ببالي يوما فهوا يعلم جيدا رفضي للزواج
قبل مرور سنوات "
تنهد بضيق ثم قال " إذا لا علاقة بينك وبين ابن خالتك "
قلت بعد صمت " لا ولا من أي نوع "
قال ببرود " ولكن الأمر مختلف بالنسبة له فلا تقابليه أبدا "
قلت بابتسامة " لو لم أكن أعلم مشاعرك اتجاهي لقلت أنك تغار علي "
ابتسم بسخرية وقال " وماذا إن كان كذلك "
قلت بعد ضحكة خفيفة " لن ارجع معك حينها أبدا لأنك لن تكون طبيعيا وثمة جن ما قد سكنك "
ضحك كثيرا وأنا أنظر له بصدمة واستغراب فلأول مرة يضحك لكلماتي ونحن وحدنا أيضا يا لا العجب
نظر لي وقال " لما تنظري لي هكذا "
قلت بابتسامة " يبدوا أن الجن قد بدأ بالاقتراب منك "
ضحك من جديد , جيد يبدوا الوقت مناسبا لتفجير القنبلة انتظرت حتى سكت ثم نظر إلي فقلت
" غيث أنا حامل "
نظر لي مطولا دون استيعاب ثم قال " ماذا "
نظرت جهة النافذة وقلت " أنا حامل "
تجنبت النظر إليه خوفا من ردة فعله ولكن الصمت كان هوا رده الأول ثم قال
" الم نتفق على غير ذلك كيف حدث الأمر هذا مستحيل "
نظرت له بصدمة وقلت " ما تعني بذلك هل تتهمني يا غيث "
قال بضيق " ومن قال أنني أتهمك لا تفهمي ما أقول كما تريدي أنا أعلم أن الكثيرات يحملن رغم
حرص الرجل ولكنني نبهتك لذلك كان عليك أن تجدي لك وسيلة ما "
قلت بضيق أكبر " ما حدث تلك الليلة هوا كان السبب هل لي أن أحتاط يومها اعذرني فأنت لم تعطني
إنذارا قبلها "
نظر لي بصمت ثم قال " منذ متى حملتي "
قلت ونظري للأسفل " منذ شهرين "
ضغط بيديه على المقود بقوة ولم يتحدث فقلت بهدوء حزين
" أعلم أنك لا تريد ذلك ولكن لا دخل لي بما حدث ولم اعلم إلا بعد شهر "
قال بحدة " ولما لم تخبريني "
قلت بعد تردد " لم أجد وقتا مناسبا وخشيت أن تغضب مني لا أعلم لقد كنت محتارة ومترددة "
تنهد وقال " ومن يعلم بذلك "
قلت " لا أحد غيرك "
قال بعد صمت ومن بين أسنانه " وكأنه تنقصني مشاكل "
أمسكت نفسي بصعوبة عن قول أي كلمة كي لا تكبر المشكلة , سيتركني الآن هنا ويعود حتى يهدا
ويستوعب الأمر قليلا
وصلنا حينها للمنزل فقال لي " سأعود لأسلم على والدتك بلغيها أسفي فلدي أمر مهم هنا "
قلت بهدوء " حسننا "
ثم قال كلمة جعلتني أقف مكاني وأنا أوشك على النزول حين وصلني صوته قائلا
" اعتني بنفسك "
ولكن كرامتي كانت مجروحة منه حد الألم فقلت " أعلم فلا تنقصك مشكلات "
ثم نزلت متوجهة من فوري لباب المنزل ولم أره حتى عندما جاء ليرى والدتي وها قد مرت عدة أيام
على وجودي هنا وهوا يتصل بوالدتي مرتين يوميا أعلم لما يفعل ذلك يدعي السؤال عني خشية أن تشك
والدتي بالأمر , كان سيأتي في الغد لإرجاعي ولكنه اتصل ليقول أن صهيب قادم في الغد وثمة أمور
ستمنعه من المجيء هوا يحمل هموم العائلة كلها لقد لاحظت ذلك كثيرا فهوا أشدهم عند الصعاب وأقواهم
عند الشدة لذلك أختاره والدي شامخ زوجا لي ليحميني كما يعتقد ولكنه حماني وأذاني أيضا
لم أخبر والدتي عن حملي إلا الأمس وقد فرحت بذلك كثيرا حتى حور سرها الخبر عند اتصالها بي اليوم
رغم أنها تعلم ما بيني وبين غيث الكل يبدوا لي مسرورا بذلك إلا من يعنيه الأمر
دخلت والدتي بعد بقائي لساعات مع همي وأفكاري لتخبرني أن غيث ينتظرني في الأسفل ويريد رؤيتي
فقلت بفزع " قال أنه لن يأتي ماذا هناك هل حدث لهم مكروه يا ترى "
قالت بحيرة " لا اعلم ولا يبدوا لي بمزاج جيد يبدوا غاضبا جدا "
نزلت وكلي حيرة وخوف من ما ينتظرني منه فأنا أعرف غضبه جيدا