عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-17, 04:46 AM   #49
مجرد إنسان

آخر زيارة »  03-07-18 (05:44 AM)
المكان »  المدينة المنورة
الهوايه »  الرسم - كتابة الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي







أخر قصة داوود عليه السلام



وقال الأوزاعي: حدثني عبد الله بن عامر قال: أعطي داود من حسن الصوت ما لم
يعط أحد قط، حتى إن كان الطير والوحش ينعكف حوله حتى يموت عطشاً وجوعاً،
وحتى إن الأنهار لتقف!. وقال هب: كان لا يسمعه أحد إلا حجل كهيئته الرقص،
وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله، فيعكف الجن والإنس والطير
والدواب على صورته، حتى يهلك بعضها جوعاً.

وقال أبو عوانة الأسفراييني: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا محمد بن
منصور الطوسي، سمعت صبيحاً أبا تراب، ح، قال أبو عوانة: وحدثني أبو العباس
المدني، حدثنا محمد بن صالح العدوي، حدثنا سيار هو ابن حاتم، عن جعفر، عن
مالك، قال: كان داود عليه السلام إذا أخذ في قراءة الزبور تفتقت العذارى،
وهذا غريب. وقال عبد الرزاق عن ابن جريج: سألت عطاء عن القراءة على الغناء،
فقال: وما بأس بذلك؟ سمعت عبيد بن عمران يقول: كان داود عليه السلام يأخذ
المعرفة فيضرب بها فيقرأ عليها فترد عليه صوته يريد بذلك أن يبكي ويبكي.

وقال الإمام احمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن
عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت أبي موسى الأشعري وهو
يقرأ فقال: "لقد أوتى أبو موسى من مزامير آل داود"

وهذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه.

وقال احمد: حدثنا حسن، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقد أعطى أبو موسى من
مزامير داود" على شرط مسلم.

وقد روينا عن أبي عثمان النهدي أنه قال: لقد سمعت البربط والمزمار، فما
سمعت صوتا احسن من صوت أبي موسى الأشعري. وقد كان مع هذا الصوت الرخيم سريع
القراءة لكتابه الزبور،

كما قال الإمام احمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خفف على داود القراءة، فكان يأمر
بدابته فتسرج، فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته، وكان لا يأكل إلا
من عمل يديه"

وكذلك رواه البخاري منفرداً به عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرزاق به،
ولفظه: "خفف على داود القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج، فيقرأ القرآن قبل أن
تسرج دوابه ولا يأكل إلا من عمل يديه". ثم قال البخاري: ورواه موسى بن
عقبة، عن صفوان هو ابن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى
الله عليه وسلم. وقد أسنده ابن عساكر في ترجمة داود عليه السلام في
"تاريخه" من طرق عن إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، ومن طريق أبي عاصم
عن أبي بكر السبري، عن صفوان بن سليم به. والمراد بالقرآن هاهنا الزبور
الذي أنزله عليه وأوحاه إليه. وذكر رواية أشبه أن يكون محفوظاً فإنه كان
ملكاً له أتباع، فكان يقرأ الزبور بمقدار ما تسرج الدواب، وهذا أمر سريع مع
التدبر والترنم والتغني به على وجه التخشع، صلوات الله وسلامه عليه.

وقد قال الله تعالى:

{ وآتينا داود زبوراً } (سورة النساء:163)

والزبور كتاب مشهور وذكرنا في التفسير الحديث الذي رواه احمد وغيره أنه
أنزل في شهر رمضان، وفيه من المواعظ والحكم ما هو معروف لمن نظر فيه.
وقوله: (وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) أي: أعطيناه ملكاً عظيماً
وحكماً نافذاً. وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عباس: أن رجلين تداعيا
إلي داود عليه السلام في بقرة، ادعى أحدهما على الآخر أنه اغتصبها منه،
فأنكر المدعى عليه فأرجأ أمرهما إلي الليل، فلما كان الليل أوحى الله إليه
أن يقتل المدعى، فلما أصبح قال له داود: إن الله أوحى إلي أن أقتلك فأنا
قاتلك لا محالة، فما خبرك فيما ادعيته على هذا؟ قال: والله يا نبي الله إني
لمحق فيما ادعيت عليه، ولكني كنت اغتلت أباه قبل هذا، فأمر به داود فقتل.
فعظم أمر داود في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً، قال ابن عباس
وهو قوله تعالى: (وشددنا ملكه)، وقوله تعالى: (وآتيناه الحكمة) أي: النبوة
(وفصل الخطاب) قال شرح والشعبي وقتادة وأبو عبد الرحمن السلمى وغيرهم: فصل
الخطاب الشهود والإيمان، يعنون ذلك: "البينة على المدعي واليمين على من
أنكر". وقال مجاهد والسدي: هو إصابة القضاء وفهمه. وقال مجاهد: هو الفصل في
الكلام وفي الحكم، واختاره ابن جرير.

وهذا لا ينافي ما روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: أما بعد: وقال وهب بن
منبه: لما كثر الشر والشهادات الزور في بني إسرائيل أعطى داود سلسلة لفصل
القضاء، فكانت ممدودة من السماء إلي صخرة بيت المقدس، وكانت من ذهب، فإذا
تشاجر الرجلان في حق فأبهما كان محقاً نالها والآخر لا يصل إليها، فلم تزل
كذلك حتى أودع رجل رجلاً لؤلؤة، فجحدها منه، وأخذ عكازاً وأودعها فيه، فلما
حضرا عند الصخرة تناولها المدعي، فلما قيل للآخر خذها بيدك عمد إلي العكاز
فأعطاه المدعي وفيه تلك اللؤلؤة وقال: اللهم إنك تعلم أني دفعتها إليه، ثم
تناول السلسلة فنالها، فأشكل أمرها على بني إسرائيل، ثم رفعت سريعاً من
بينهم.

ذكره بمعناه غير واحد من المفسرين. وقد رواه إسحاق بن بشر عن إدريس بن سنان، عن وهب به بمعناه.

{ وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داود ففزع منهم،
قالوا لا تخف، خصمان بغى بعضنا على بعض، فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا
سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال
أكفلنيها وعزني في الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلي نعاجه، وإن
كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات،
وقليل ما هم، وظن داود إنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب * فغفر له
ذلك، وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب } (سورة ص:21ـ25)

وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف هاهنا قصصاً وأخباراً أكثرها
إسرائيليات ومنها ما هو مكذوب لا محالة. تركنا إيرادها في كتابنا قصداً
واكتفاءً واقتصاراً على مجرد تلاوة القصة من القرآن العظيم، والله يهدي من
يشاء إلي صراط مستقيم. وقد اختلف الأئمة في سجدة "ص" هل هي من عزائم
السجود، أو إنما هي سجدة شكر ليست من عزائم السجود؟ على قولين: قال
البخاري: حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، عن العوام
قال: سألت مجاهداً عن سجدة "ص" فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت؟ فقال: أو
ما تقرأ:

{ ومن ذريته داود وسليمان } (سورة الأنعام:84)

{ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } (سورة الأنعام:90)

فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به فسجدها داود عليه السلام، فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وقد قال الإمام احمد: حدثنا إسماعيل هو ابن علية، عن أيوب، عن عكرمة، عن
ابن عباس أنه قال في السجود في "ص": ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها. وكذا رواه البخاري وأبو داود والترمذي
والنسائي من حديث أيوب، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال النسائي: أخبرني
إبراهيم بن الحسن المقسمي، حدثنا حجاج بن محمد، عن عمرو بن ذر، عن أبيه، عن
سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في "ص"،
وقال: "سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً" تفرد به احمد، ورجاله ثقات.


وقال أبو داود: حدثنا احمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث،
عن سعيد بن أبي هلال، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عن أبي سعيد
الخدري، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر "ص"، فلما
بلغ السجدة نزل فسجد وسجد معه الناس، فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ
السجدة نزل فسجد وسجد معه الناس، فلما كان يوم آخ قرأها بلغ السجدة تشزن
الناس للسجود، فقال: "إنما هي توبة نبي ولكن رأيتكم تشزنتم" فنزل وسجد.
وتفرد به أبو داود وإسناده على شرط الصحيح